Maroom

Maroom

جريمة بتوقيع السيد المسؤول!!

بدر البلوي

تربوي - دعم فني سابق
على قدر ما نستحدث من أجهزة رقابية تلاحق الفساد في صوره الظاهرة، يكون تطور منظومة الفساد في ابتكار ألوان أخرى كامنة, وتسير بصورة أشبه ما تكون بالنظامية؛ ولكنها في حقيقتها وجوهرها فساد أشد خطراً من الفساد الظاهر الذي يسهل مواجهته وملاحقته.

من بين هذه الاختراعات والابتكارات في منظومة الفساد التي تئن منها أروقة بعض الوزارات والهيئات؛ إحالة بعض كبار المسؤولين إلى التعاقد المبكر, ثم إعادة التعاقد معهم بعد تقاعدهم بأيام معدودات, بدعوى أن الوزارة أو المؤسسة أو الهيئة في حاجة إلى خبراتهم الواسعة!

ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ بل يبلغ الفساد مداه حين يتم رصد راتب ومكافآت تفوق ما كان يتقاضاه المتقاعد المزيف بمرتين أو ثلاثة, تحت بنود ومسميات شتى, تستنزف ميزانية الدولة دون أي مبرر!

وكل ذلك يتم دون أن توضح تلك الجهات أو الهيئات، المبررات والدواعي التي دعتها أولاً لإحالة مسؤولها إلى التقاعد المبكر، مع وجود إمكانية التمديد له، وثانياً: مبررات إعادة الاستعانة بخدماته مرة أخرى, وثالثاً: مبررات الزيادة المضاعفة في راتبه!

والأمثلة على ذلك متعددة؛ منها قرار وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى الذي أثار عاصفة من الجدل، بعد تسريب خطابين يحملان توقيع الوزير؛ الأول يتعلق بالتعاقد مع الدكتور سعد آل فهيد بناء على مقتضيات العمل، وتعيينه وكيلاً للوزارة للتعليم الأهلي؛ أما الخطاب الثاني المؤرخ قبل أسبوع واحد؛ فيتعلق بصدور قرار الموافقة على إحالته على التقاعد.

يُذكر أن الدكتور "آل فهيد" كان يشغل المنصب نفسه قبل التقاعد "وكيل وزارة التعليم للتعليم الأهلي"!

والمثال الثاني, قبول طلب وكيل مؤسسة التعليم الفني والتدريب التقني الدكتور صالح العمرو بالتقاعد، ومن ثم إعادة التعاقد معه مرة أخرى خلال أيام معدودة، وتعيينه مديراً لشركات التميز، وصدور قرار وزير التخطيط في حينه المهندس عادل فقيه بتعيينه وكيلاً لوزارة الاقتصاد والتخطيط لشؤون التنمية البشرية والمجتمعية. (الوطن 11 شعبان 1437).

وبطبيعة الحال لا يوجد ما يمنع من الاستعانة بالخبرات إذا كانت هناك حاجة ملحّة لها؛ ولكننا نتحدث هنا عن صورة أخرى مختلفة تماماً, نرى أنها جريمة مكتملة الأركان بتوقيع وزير أو مسؤول؛ إذ لو كانت هناك حاجة ملحة لهذه الخبرات فلماذا سمحت الوزارات لهذا المسؤول أو غيره بالتعاقد؟ ولماذا لا تعلن عن حاجتها عبر القنوات المتاحة وتترك باب المنافسة مفتوحاً, ولماذا لا تصعّد جيلاً جديداً وتُفسح المجال لتجديد الدماء في تلك المؤسسات أو الوزارات؟!

إنها جريمة مالية في جانب منها, وجريمة في حق الوطن حينما نعطي من لا يستحق أكثر مما يستحق مجاملة, وجريمة في حق الشباب الذي تسحقه ضغوط الحاجة، ولا يكاد يجد وظيفة تكفل له عائداً مالياً يُعينه على تلبية رغباته الحياتية والمعيشية..

إنها جريمة بتوقيع السيد المسؤول!

https://sabq.org/jCtdBm

إن ثبت الخطأ،فعدم إنهاء عقد د.الفهيد، وإقرارعقوبات تأديبية"معلنة"للمخالف ،مؤشرخطير وتطوّرنوعي في تحوّل قضاياالفسادمن الممارسةبالخفاءللمجاهرة!
 
أعلى