Maroom

Maroom

alesllah

مقال تربوي دور المعلم في توجيه تعلم الطلاب الذاتي داخل الصف

توجه العالم مؤخرا توجها قويا إلى تنمية و تطوير الفرد مهنيا و معرفيا لضمان تطور المجتمعات و نمائها، فأثر هذا التوجه على مفهوم التعليم و التعلم و أساليبهما. و لضمان مواكبة التطورات و الانتقالات النوعية التي تمر بها المجتمعات، ظهرت المطالبة بضرورة تنمية مهارة التعلم الذاتي و تعميق مفهومه لدى الأفراد. و جاءت هذه المطالبات للاصلاح بعدما أثبت إتقان التعلم الذاتي مدى فاعليته في تحفيز و مساعدة الأفراد على مواكبة هذه التطورات و تلبية احتياج المجتمع. فالتعلم الذاتي يمكّن الفرد من الاعتماد على نفسه في اكتساب المعارف وتنمية المهارات اللازمة للتعلم و الحصول على المعرفة وتنمية شخصية الطالب و تربيته لذاته وتقديرها باستمرار بما يمكنه من المواكبة الإيجابية لمتطلبات الحياة المتغيرة في مجتمعه (الأمير، 2016). و هذا المقال يناقش دور المعلم في توجيه تعلم الطلاب الذاتي داخل الصف.

1- إكساب الطلبة مهارات التفكير المنطقي و اكتشاف المعارف و المفاهيم

لم يعد المعلم في التعليم الحديث محور العملية التعليمية، بل أصبح الطالب هو المحور و نقطة الارتكاز التي يضع المعلم على أساسها خطته التعليمية، و لإنجاح عملية التعليم و التعلم أصبح إشراك الطلبة في هذه العملية إلزاميًا، حيث أصبح من الضروري تنمية مهاراتهم العقلية المعتمدة على التفكير المنطقي و الناقد و اكتشاف االمعارف والمفاهيم (القاسم، 2018).

و المعلم المبادر يثير لدى طلابه الاهتمام و حب الاستطلاع و الاستقصاء و البحث و كيفية التعلم و فنون النقد، فعليه أن يطرح الأسئلة التي تثير تفكيرهم ليختبروا فرضياتهم و يستنتجوا الحلول الصحيحة، و في تلك الأثناء يلعب المعلم دور المعزز و المبرر لأفكار الطلاب، و بالتالي يشجع طلابه على طرح الأسئلة بأنفسهم و البحث عن إجاباتها، فالمعلم الباحث الذي يتمتع بمهارات بحثية عالية يعي مدى أهمية البحث، فيعلم طلابه مهارات البحث بحسب إمكاناتهم ( اللحام و الحولي، 2019).

2- تقديم التغذية الراجعة للطلاب

تعرف التغذية الراجعة على أنها عملية تقدم من خلالها معلومات إلى الطالب بعد استجابته لذات العملية (الخليفة، 2009)، و هي عملية تمد الطالب بمعلومات عن سير أدائه التعليمي قبل و أثناء وبعد أداء المتعلم، لإبلاغه بنتائج سير أدائه مما يساعده في تقويم السلبي و تثبيت الإيجابي منه ( الدليمي، 2008). فالتغذية الراجعة المقدمة من المعلم لطلابه ثلاثة أنماط، النمط الأول تكون فيها التغذية الراجعة تفسيرية يزود فيها المعلم طلابه بمعلومات و شروحات و تفسيرات توضح صحة إجاباتهم و خطأها و أسباب هذا الخطأ ( المطيري، 2019 )، والنمط الثاني هي تغذية راجعة تعزيزية يدعم فيها المعلم إجابات طلابه الصحيحة بعبارات الثناء و الإشارة إلى الخاطئة و مناقشة سبب الخطأ و تسليط الضوء على الإجابات الصحيحة في المقابل ( عاشور و الحراحشة، 2015 )، و النمط الأخير هي التغذية الراجعة الفورية المرتبطة بالسلوك الملاحظ و يقدم فيها المعلم معلومات للطالب عن أدائه بعد الأنشطة و الاختبارات مباشرةً (كنعان، 2014).

و بحسب كنعان ( 2014)، فإن للتغذية الراجعة بين الأقران – الطلاب أنفسهم – نمطان يتمثلان في التغذية الراجعة الفورية التي يقدمها الطلاب لبعضهم خلال النشاط و في زمنه مباشرةً، و التغذية الراجعة المؤجلة حيث يقيم الطلاب أداء أقرانهم بأسلوب غير مباشر بعد الانتهاء من العملية التعليمية. و أشارت دراسة المطيري (2019) أن التغذية الراجعة من المعلم أفضل من التغذية الراجعة من الأقران، و يرجع ذلك لكون المعلم أكثر كفاءةً و خبرةً و موضوعيةً في توصيل المعلومة المطلوبة من الطالب و كذلك لفهمه و معرفته الأشمل للدروس و متطلباتها، كما أن المعلم محل ثقة للطلاب فيثقون في تغذيته الراجعة أكثر من التغذية الراجعة من أقرانهم.

و أكدت دراسة القاسم ( 2018) أن تقديم التغذية الراجعة للطلاب يجعل من العملية التعليمية التعلمية عملية ممتعة و محققة للأهداف بصفة مستدامة. و يمكن للمعلم أن يدير التغذية الراجعة بين طلابه عن طريق عرض إجاباتهم بينهم، الأمر الذي يعين المعلم في معرفة نقاط الضعف لدى طلابه فيتمكن من تنمية معارفهم و رفع تحصيلهم الدراسي ( المطيري، 2019)، كما تساهم هذه الطريقة في التعرف على عملية التعلم من خلال التفكير في أعمال الطلاب الآخرين. فالتغذية الراجعة توفر للطلاب الشعور بالمسؤولية و المشاركة و التنافس بسبب مقارنة الطلاب لنقاط قوتهم و ضعفهم مقارنةً بأقرانهم ( اسماعيل، 2013).

3- توجيه و إرشاد الطلبة أثناء عملية التعلم

و قد أسهمت تكنولوجيا التعليم كثيرًا في تطوير أساليب التعليم بما يضمن التنويع في أساليب تقديم الدروس التعليمية و دعمها بالوسائط الملائمة مثل الصور و الفيديو و غيرها، و هو الأمر الذي أثبت فاعليته في تنمية مهارات التوجيه و التحكم لدى الطلبة بما يضمن تركيزهم على عملية التعلم (الرشيدي، 2018). فبرز دور المعلم كميسر و موجه و مرشد لطلابه، فلم يعد ناقلاً للمعلومات و المعارف بل موجهًا و مرشدًا لهم يعلمهم كيفية التعلم والوصول إلى مصادر المعرفة المختلفة (جمهورية مصر العربية، وزارة الرتبية والتعليم، 2003 ). فلا شك أن التعلم الذاتي يربي الطلاب تربية فعالة، و يحرر المعلم من الأساليب التقليدية في بناء مهارات طلابه، و يعمل على دراية و وعي أكبر باحتياجاتهم مما يتيح له فرصة مساعدتهم بشكل فعال لمعرفته بأحوالهم و طرق تعلمهم بشكل أفضل، فيتحول المعلم من ملقن إلى مرشد و موجه (الرشيدي، 2018)

4- تحفيز الطلاب و إثارة دافعيتهم عن طريق التنويع في الأنشطة المقدمة لهم

لم يعد تحفيز الطلاب و إثارة دافعيتهم حكراً على المعلم، بل أصبح لأهداف الإدارة المدرسية توجهاً جديداً يتمركز حول الطالب، و توفير البيئة و الإمكانات التي من شأنها تطوير العملية التربوية لضمان التوجيه السليم لنمو الطالب عقلياً ونفسياً واجتماعياً، فكل طالب يتعلم حسب قدرته و نمطه التعليمي في المدرسة بمفهومها الحديث، كما عنيت الإدارة المدرسية مؤخراً بتهيئة المناخ المدرسي الذي من شأنه تحقيق الأهداف التربوية و التعليمية، و تنوع الأنشطة المدرسية و التي تسهم في تنمية شخصية المتعلم. و لتحقيق تعليم ناجح، كان لابد من اهتمام إدارة المدرسة بتوفير مناخ تعليمي مريح للطالب و المعلم، و الاهتمام أيضاً برفع معنويات المعلمين ليتمكنوا من أداء أدوارهم بفاعلية ( اللحام و الحولي، 2019 ).

أما بالنسبة للمعلم فيقع على عاتقه الدور الأكبر في تحفيز الطلاب و إثارة دافعيتهم نحو التعلم، و لتحقيق ذلك يجب أن تشمل خطته التعليمية أهدافاً واضحة و إجراءات تعليمية منظمة و مرنة و جاذبة، و أنشطة و أدوات تعليمية متنوعة، كما يتوجب عليه أن يشرك الطلبة في عملية التخطيط للأنشطة ثم تنفيذها، و يشجعهم على تطبيق التقويم الذاتي، و بذلك يثير اهتمام الطلاب و بالتالي يؤثر إيجاباً على تحفيز دافعيتهم للتعلم، و المعلم يحفز ويشوق تلاميذه للتعلم من خلال آمالهم و دوافعهم النفسية و المادية على حد سواء، و بحسن اختياره للأنشطة و الأدوات التي تعزز تعلمهم ( اللحام و الحولي، 2019 ). و قد لعبت تكنولوجيا التعليم دوراً كبيرًا في تغيير طرائق التعليم من تنوع واسع للأنشطة و المصادر التي يمكن للمعلم الاستفادة منها و إفادة طلابه بها ( القاسم، 2018). و لا يخفى الأثر التحفيزي الذي يتركه تقديم تقارير التقييم للطلاب أولاً بأول ( اللحام و الحولي، 2019).
الكاتب
alesllah
المشاهدات
720
الإصدار الأول
آخر تحديث
تقييم
0.00 نجوم 0 تقييمات
أعلى