شتيوى الغيثى - الوطن
المعلمون والمعلمات: الحقوق المنقوصة دائما ما نكرر أهمية التربية في فاعلية التطور البشري، أو إيجاد المواطن الصالح، ودائما ما نضع المعلم أحد الأركان التربوية، والذي نعول عليه الكثير في دفع المسيرة التعليمية والتربوية إلى الأمام؛ لكننا ومع ذلك لا نجد حقيقة أي اعتبار للمعلم.. اعتبار بمعنى إحساسه بهذه الأهمية من قبل مجتمعه أو جهة العمل المسؤولة عن تعيينه.. يتساوى في ذلك المرأة مع الرجل في السلك التعليمي، وإن كانت المرأة أكثر ظلما من ناحية إعطائها حقوقها كاملة.
كافة المعلمين والمعلمات صار ليهم إحباط عام من العملية التعليمية؛ خاصة مع بداية عملهم لأن حقوقهم المادية والمعنوية صارت تعطى بـ"المنّة" وكأنه نوع من التفضل عليهم، وبسبب الإجراءات البيروقراطية فإنه وحتى حينما تقرر جهات العمل إعطاء الحقوق فإن التأخر من الأمور الثابت عليها في العملية البيروقراطية والمعروفة عنها، هذا في حال تم العمل حقيقة على إعطاء الحقوق كاملة من غير أي نقص.
قضية تحسين المستويات التعليمية أخذت بعداً حقوقياً، وأصبحت الشغل الشاغل لوزارة التربية والتعليم، وكان هذا متوقعاً منذ البداية، فلماذا كل هذا التسويف من قبل القائمين على تحسين المستويات في الوزارة؟!. جاء تحسن المستويات لكنه كان منقوصاً، فما زال المعلمون يطالبون بتحسينهم على الدرجة المستحقة أيضا، ويبدو أن بوادر هذه المسألة سوف تتم معالجتها قريبا كما قرأنا في الصحف.. لكن أستغرب لماذا منذ البداية لم يعمل حسبان لهذه المسألة ما دام أن القرار الملكي كان نافذا من غير تحديد أو تخصيص..؟! أمن المعقول أن المسؤولين في الوزارة لم يتوقعوا ردة الفعل هذه أيضا..؟! إذا كان ذلك حقيقة في مسألة بسيطة التوقع كهذه، فكيف على المستويات الأكبر.. أي على مستوى الخطط التربوية والتعليمية والتنموية المستقبلية.؟!
أيضا أخذت هذه القضية بعداً وطنياً إذ اتفقت كافة الأطراف وتوحدت على المطالبة بالحقوق المادية، ويبدو أن الإنسان مهما كانت توجهاته أو أفكاره؛ فإن الحقوق المشتركة هي التي تحرك مصيره البشري، لذلك جاءت قضية المعلمين والمعلمات لتحقق قيمة المواطنة قبل أي قيمة أخرى، ولتحرك وعياً عاماً جديداً بالمسألة الحقوقية، مما يمكن أن يخلق وعيا حقوقيا شعبيا على كافة المستويات، لا يقتصر فقط على المعلمين؛ بل يشمل كافة القطاعات الأخرى لتصعد بعدئذ إلى قضية المواطنة ككل.
على القائمين في الوزارة أن يعوا أن المجتمع السعودي أصبح أكثر انفتاحا، وأكثر معرفة بحقوقه العامة، ومن هنا كان لابد من أن تضع نصب عينيها في أي عملية إصلاح قادمة أنه لايمكن أن تعود الأمور إلى سابق عهدها. سابقاً كان الكثير من القضايا الحقوقية غائبة عن وعي المعلمين والمعلمات، وكل ما يملكونه هو التنفيذ لاغير. الآن أصبح المعلم مشاركاً حتى في صياغة القرار التربوي، إذ يمكنه أن ينتقد، وأن يشارك في الرأي التربوي، فما بالك بحقوقه العامة والمادية؟.
برأيي أن حقوق المعلمين ما تزال منقوصة حتى بعد الكثير من التعديل، هناك بدلات ما تزال من حق المعلمين، بدل السكن، التأمين الصحي، التنقلات الوظيفية، تخفيض النصاب، تدريس التخصص.. وغيرها وغيرها.
بالنسبة للمعلمات فإن حقوقهن لابد من أن تكون مضاعفة أكثر بكثير من حقوق المعلمين كون الصعوبات الوظيفية تتضاعف لدى الجانب النسائي، إذ مر على الكثير منهن سنوات كن على التعاقد لا غير، فأين تذهب تلك السنوات من التعويض المادي؟ كما أن النقل من الصعوبة بمكان لدى المعلمات من غير أي بدل يذكر أو يمكن له أن يعوض أيام الخطر الذي يتعرض له الكثير من المعلمات.
في الفترة الأخيرة جاء قرار تعسفي حول عدم أحقية المعلمة المستجدة بطلب النقل إلا بعد سنة كاملة من العمل، وهذا طبعا يؤثر على نفسية المعلمة، هذا إذا افترضنا أن النقل من السهولة بمكان وأنه بعد سنة سوف يتحقق لها النقل، أما أن تمنع من أمر هو أحد حقوقها الوظيفية، ويقنن ذلك بشكل رسمي بحيث تحاصر المعلمة في مدرستها حتى لو كانت بعيدة آلاف الكيلومترات عن أهلها وعائلتها. لا أدري حقيقة من المستفيد من قرار مثل هذا القرار؟ ولا أدري كيف يمكن أن يفسر هذا القرار لصالح العملية التعليمية، أو كيف يبرر؟!. وبدلا من أن توضع التسهيلات أمام المعلمين والمعلمات لتحقيق أفضل السبل التعليمية يتم إقرار وضع يعيق من أي تحرك لراحة المعلم التي هي في الأساس راحة الطالب الذي هو المحور الأهم في العملية التعليمية.
وضع المعلمين والمعلمات ككل منذ سنوات طويلة لا يسر، فالإحباط الذي يتغلغل في نفوس المعلمين ناتج حقيقة عن الكثير من الإجراءات والتخطيط التربوي الذي لم يتحسن وضعه حتى الآن مما ينسحب ذلك على العملية التربوية ككل. أصبح المعلم ومع بداية الطابور الصباحي محاصراً بالكثير من القرارات التي تعيق عمله التربوي، حتى أصبحت العملية التربوية مجرد أوراق ونماذج مسبقة الإعداد من غير تمثل حقيقي لمفهوم التربية.
وإذا أردنا أن نتكلم بشكل تربوي ونفسي فإن الإنسان يخضع لحاجات عديدة كان منها الحاجة إلى الأمن، وكان الأمن الوظيفي أحد أهم الحاجات المصيرية لدى الفرد، وحينما يصبح القلق من الأمن الوظيفي أو عدم الراحة النفسية في عمل الإنسان؛ فإنه من الصعوبة بمكان أن يتحقق الكثير من التطورات، فما بالك بعمل هو من أهم القضايا التي تعتمد عليها البشرية في تفعيل حياتها، كالعملية التعليمية والتربوية. لم يعد المعلمون يشعرون بالأمن الوظيفي، إلا بعد قرار خادم الحرمين الشريفين الذي أعاد الأمل وأعاد البسمة على وجوه أبنائه المعلمين وبناته المعلمات.
لا ينتظر أحد من المسؤولين الشكر في إحقاق الحقوق، لأنها حقوق وواجب على الجميع أن يعملوا على تحقيقها بأقصى جهد، وعلى المعلمين والمعلمات ألا يتوقفوا عن المطالبة بحقوقهم كاملة حتى بعد تحسين المستويات لأن الحقوق لا تتوقف عند الحقوق المادية فقط، بل تتعداها إلى كافة الحقوق المعنوية والتربوية حتى على المستوى البسيط كتخفيض النصاب.
* كاتب سعودي
المعلمون والمعلمات: الحقوق المنقوصة دائما ما نكرر أهمية التربية في فاعلية التطور البشري، أو إيجاد المواطن الصالح، ودائما ما نضع المعلم أحد الأركان التربوية، والذي نعول عليه الكثير في دفع المسيرة التعليمية والتربوية إلى الأمام؛ لكننا ومع ذلك لا نجد حقيقة أي اعتبار للمعلم.. اعتبار بمعنى إحساسه بهذه الأهمية من قبل مجتمعه أو جهة العمل المسؤولة عن تعيينه.. يتساوى في ذلك المرأة مع الرجل في السلك التعليمي، وإن كانت المرأة أكثر ظلما من ناحية إعطائها حقوقها كاملة.
كافة المعلمين والمعلمات صار ليهم إحباط عام من العملية التعليمية؛ خاصة مع بداية عملهم لأن حقوقهم المادية والمعنوية صارت تعطى بـ"المنّة" وكأنه نوع من التفضل عليهم، وبسبب الإجراءات البيروقراطية فإنه وحتى حينما تقرر جهات العمل إعطاء الحقوق فإن التأخر من الأمور الثابت عليها في العملية البيروقراطية والمعروفة عنها، هذا في حال تم العمل حقيقة على إعطاء الحقوق كاملة من غير أي نقص.
قضية تحسين المستويات التعليمية أخذت بعداً حقوقياً، وأصبحت الشغل الشاغل لوزارة التربية والتعليم، وكان هذا متوقعاً منذ البداية، فلماذا كل هذا التسويف من قبل القائمين على تحسين المستويات في الوزارة؟!. جاء تحسن المستويات لكنه كان منقوصاً، فما زال المعلمون يطالبون بتحسينهم على الدرجة المستحقة أيضا، ويبدو أن بوادر هذه المسألة سوف تتم معالجتها قريبا كما قرأنا في الصحف.. لكن أستغرب لماذا منذ البداية لم يعمل حسبان لهذه المسألة ما دام أن القرار الملكي كان نافذا من غير تحديد أو تخصيص..؟! أمن المعقول أن المسؤولين في الوزارة لم يتوقعوا ردة الفعل هذه أيضا..؟! إذا كان ذلك حقيقة في مسألة بسيطة التوقع كهذه، فكيف على المستويات الأكبر.. أي على مستوى الخطط التربوية والتعليمية والتنموية المستقبلية.؟!
أيضا أخذت هذه القضية بعداً وطنياً إذ اتفقت كافة الأطراف وتوحدت على المطالبة بالحقوق المادية، ويبدو أن الإنسان مهما كانت توجهاته أو أفكاره؛ فإن الحقوق المشتركة هي التي تحرك مصيره البشري، لذلك جاءت قضية المعلمين والمعلمات لتحقق قيمة المواطنة قبل أي قيمة أخرى، ولتحرك وعياً عاماً جديداً بالمسألة الحقوقية، مما يمكن أن يخلق وعيا حقوقيا شعبيا على كافة المستويات، لا يقتصر فقط على المعلمين؛ بل يشمل كافة القطاعات الأخرى لتصعد بعدئذ إلى قضية المواطنة ككل.
على القائمين في الوزارة أن يعوا أن المجتمع السعودي أصبح أكثر انفتاحا، وأكثر معرفة بحقوقه العامة، ومن هنا كان لابد من أن تضع نصب عينيها في أي عملية إصلاح قادمة أنه لايمكن أن تعود الأمور إلى سابق عهدها. سابقاً كان الكثير من القضايا الحقوقية غائبة عن وعي المعلمين والمعلمات، وكل ما يملكونه هو التنفيذ لاغير. الآن أصبح المعلم مشاركاً حتى في صياغة القرار التربوي، إذ يمكنه أن ينتقد، وأن يشارك في الرأي التربوي، فما بالك بحقوقه العامة والمادية؟.
برأيي أن حقوق المعلمين ما تزال منقوصة حتى بعد الكثير من التعديل، هناك بدلات ما تزال من حق المعلمين، بدل السكن، التأمين الصحي، التنقلات الوظيفية، تخفيض النصاب، تدريس التخصص.. وغيرها وغيرها.
بالنسبة للمعلمات فإن حقوقهن لابد من أن تكون مضاعفة أكثر بكثير من حقوق المعلمين كون الصعوبات الوظيفية تتضاعف لدى الجانب النسائي، إذ مر على الكثير منهن سنوات كن على التعاقد لا غير، فأين تذهب تلك السنوات من التعويض المادي؟ كما أن النقل من الصعوبة بمكان لدى المعلمات من غير أي بدل يذكر أو يمكن له أن يعوض أيام الخطر الذي يتعرض له الكثير من المعلمات.
في الفترة الأخيرة جاء قرار تعسفي حول عدم أحقية المعلمة المستجدة بطلب النقل إلا بعد سنة كاملة من العمل، وهذا طبعا يؤثر على نفسية المعلمة، هذا إذا افترضنا أن النقل من السهولة بمكان وأنه بعد سنة سوف يتحقق لها النقل، أما أن تمنع من أمر هو أحد حقوقها الوظيفية، ويقنن ذلك بشكل رسمي بحيث تحاصر المعلمة في مدرستها حتى لو كانت بعيدة آلاف الكيلومترات عن أهلها وعائلتها. لا أدري حقيقة من المستفيد من قرار مثل هذا القرار؟ ولا أدري كيف يمكن أن يفسر هذا القرار لصالح العملية التعليمية، أو كيف يبرر؟!. وبدلا من أن توضع التسهيلات أمام المعلمين والمعلمات لتحقيق أفضل السبل التعليمية يتم إقرار وضع يعيق من أي تحرك لراحة المعلم التي هي في الأساس راحة الطالب الذي هو المحور الأهم في العملية التعليمية.
وضع المعلمين والمعلمات ككل منذ سنوات طويلة لا يسر، فالإحباط الذي يتغلغل في نفوس المعلمين ناتج حقيقة عن الكثير من الإجراءات والتخطيط التربوي الذي لم يتحسن وضعه حتى الآن مما ينسحب ذلك على العملية التربوية ككل. أصبح المعلم ومع بداية الطابور الصباحي محاصراً بالكثير من القرارات التي تعيق عمله التربوي، حتى أصبحت العملية التربوية مجرد أوراق ونماذج مسبقة الإعداد من غير تمثل حقيقي لمفهوم التربية.
وإذا أردنا أن نتكلم بشكل تربوي ونفسي فإن الإنسان يخضع لحاجات عديدة كان منها الحاجة إلى الأمن، وكان الأمن الوظيفي أحد أهم الحاجات المصيرية لدى الفرد، وحينما يصبح القلق من الأمن الوظيفي أو عدم الراحة النفسية في عمل الإنسان؛ فإنه من الصعوبة بمكان أن يتحقق الكثير من التطورات، فما بالك بعمل هو من أهم القضايا التي تعتمد عليها البشرية في تفعيل حياتها، كالعملية التعليمية والتربوية. لم يعد المعلمون يشعرون بالأمن الوظيفي، إلا بعد قرار خادم الحرمين الشريفين الذي أعاد الأمل وأعاد البسمة على وجوه أبنائه المعلمين وبناته المعلمات.
لا ينتظر أحد من المسؤولين الشكر في إحقاق الحقوق، لأنها حقوق وواجب على الجميع أن يعملوا على تحقيقها بأقصى جهد، وعلى المعلمين والمعلمات ألا يتوقفوا عن المطالبة بحقوقهم كاملة حتى بعد تحسين المستويات لأن الحقوق لا تتوقف عند الحقوق المادية فقط، بل تتعداها إلى كافة الحقوق المعنوية والتربوية حتى على المستوى البسيط كتخفيض النصاب.
* كاتب سعودي