فالضاد تخرج من إحدى حافتي اللسان مع أطراف الثنايا العليا وخروجها مع الجهة اليسرى أسهل وأكثر استعمالاً ومن اليمنى أصعب وأقل استعمالاً ومن الجانبين معاً أعز وأعسر,فهو أصعب الحروف وأشدُّها على اللسان, ولا يوجد في لغة غير العربية ولذلك تَسمى لغة الضاد. صفات الضاد (الجهر,الرخاوة,الاستعلاء,الإطباق,الإصمات,الاستطالة)
أما الظاء فتخرج من ظهر طرف اللسان مع أصول الثنايا العليا. صفات الظاء/ (الجهر,الرخاوة,الاستعلاء,الإطباق,الإصمات ولكي تعرفَ معنى كل صفةٍ انظر هذا الجدول
الصفةتعريفهاحروفهاالرخاوةجريان الصوت مع الحرف لضعف الاعتماد على المخرج
16 ماعدا حروف الشدة
(أجد قط بكت)
والتوسط (لن عمر)
الاستعلاءارتفاع اللسان إلى الحنك الأعلى عند النطق بالحرفخص ضغط قظالإصماتثقل الحرف وعدم سرعة النطق به
23 حرفاً ماعدا حروف الإذلاق
(فر من لب)
الجهرانحباس النفس عند النطق بالحرف لقوة الاعتماد على المخرج
19 حرفاً ماعدا حروف الهمس
(فحثه شخص سكت)
الإطباقإطباق اللسان على الحنك الأعلى عند النطق بالحرف
أربع حروف
ص,ض,ط,ظ
الاستطالةامتداد الصوت عند النطق من أول إحدى حافتي اللسان إلى آخرها
له حرف واحد وهو
(الضاد)
قال فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين –رحمه الله- في ذلك وجهان لفقهاء الحنابلة: الوجه الأول: لا تصح؛لأنه أبدل حرفاً بحرف. الوجه الثاني: تصح وهو المشهور من المذهب. وعللوا ذلك بتقارب المخرجين وصعوبة التفريق بينهما, وهذا هو الوجه الصحيح,وعلى هذا فمن قالغير المغضوب عليهم ولا الظالين) فصلاته صحيحة ولا يكادُ أحد من العامة يُفرق بين الضاد والظاء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- (وأما من لايقيم قراءة الفاتحة فلا يصلى خلفه إلا من هو مثله فلا يُصلى خلف الألثغ الذي يبدل حرفاً يحرف إلا حرف الضاد إذا أخرجه من طرف اللسان كما هو عادة كثير من الناس فهذا فيه وجهان: الوجه الأول: منهم من قال لا يصلى خلفه ولا تصح صلاته في نفسه لأنه أبدل حرفاً بحرف لأن مخرج الضاد الشدق و مخرج الظاء طرف الأسنان فإذا قال: (ولاالظالين) كان معناه ظل يفعل كذا. الوجه الثاني : تصح وهذا أقرب لأن الحرفين في السمع شيء واحد وحس أحدهما كحس من جنس الآخر لتشابه المخرجين...)
لقد ظنوا قديمًا وكثيرًا أن حرف الضاد حرف خاص بالعربية ( 1) ، لا تشاركها فيه لغة أخرى . يقول صاحب " القاموس المحيــط " إن " الضاد حرف هجاء للعرب خاصة ، ولا توجد في كلام العجم إلا في القليل " .
ونحن اليوم نلفظ الضاد دالاً مفخمة ، وتشاركنا في هذا الصوت لغات أخرى ، فمن شك في ذلك فلينطق مثلاً : don’t ) ) هناك طريقتان للفظ الضاد : قديمة ومعاصرة . وقد وصف سيبويهِ ( ت . 796 م ) اللفظ القديم فقال :
" أول حافــَة اللسان وما يليه من الأضراس مخرج الضاد " – ( الكتاب ، ج2 ، ص 489 ) . وهذا الحرف كما نفهم أو نتخيل كان احتكاكيـــًا رخوًا ، بينما هو اليوم في لفظنا انفجاري شديد ومخرجه اللسان واللثة – إنه اليوم دال مفخمة . ويعلل تمام حسان في كتابه " اللغة العربية - معناها ومبناها ذلك ، فيقول :
"الضاد الفصيحة كانت تُنطق بواسطة احتكاك هواء الزفير المجهور بجانب اللسان والأضراس المقابلة لهذا الجانب ، ومن ثم يكون صوت الضاد الفصيحة من بين أصوات الرخاوة مثله في ذلك مثل الثاء "( ص 55 ).
وقد وصلت إلينا بعض المعلومات التي تشير إلى الطريقة في ذلك اللفظ ، فكان ثمة خلط بين الضاد والظاء ( شأن كثير من العراقيين والمغاربة في لهجاتهم اليوم ) ، ومن ذلك ما أورده الجاحظ ( 868ت . م ) في ( البيان والتبيين ) – ج 2 ، ص 211 ، وأسوق ذلك على سبيل الطرفة :
" كان رجل بالبصرة له جارية تسمى ظمــياء ، فكان إذا دعاها قال : يا ضميـــاء ! ، فقال له ابن المقفع : " قل يا ظمياء ! " ، فناداها : " يا ضميـــاء ! " فلما غيّرعليه ابن المقفع مرتين أو ثلاثًا قال له : " هي جاريتي أو جاريتك ؟!!! " .
أعود إلى القول إن الضاد القديمة هي التي ميّزت أو تميزت في لغتنا ، وكان د . إبراهيم أنيس قد ذكر ذلك على سبيل التقدير : " ويظهر أن الضاد القديمة مقصورة على اللغة العربية " – الأصوات اللغوية ، ص 49 . فأنيس إذن يُقدّر أنه قد طرأ على لفظ الضاد أو صوتها تطور(2) ، ولكن البحث المستفيض الذي أجراه د . رمضان عبد التواب ( المدخل إلى علم اللغة ، ص 62 ) يؤكد هذا التباين بما لا يدعو إلى الشك ( 3 ) . كما يعلل محمد المبارك أسباب التبدلات الصوتية عامة . ( فقه اللغة وخصائص العربية ، ص 54 ) . ويبدو أن الضاد قد وردت في حديث شريف - في إحدى رواياته : "أنا أفْصَحُ من نَطق بالضَّاد بَيْدَ أني من قُريش" ( انظر ي تاج العروس للزبيدي ، مادة الضاد ) .
أما تعريف العربية بأنها لغة " الضاد " فقد سبق أن وردت بعد عصر الاحتجاج والرواية ، ولعل المتنبي - ت . 965 . م - ( إن لم يكن أول ) من استعملها في المعنى في شعرنا القديم :
لا بقومي شرفت بل شرفوا بي وبنفسي فخرت لا بجـــــدودي
وبهم فخر كل من نطق الضــادَ وعوذ الجاني وغوث الطريد
ثم ذكر البوصيري ( ت . 1296 م ) بعده :
فارضَه أفصح امرئ نطق الضا د، فقامت تغار منها الظـــاء
ومع ذلك فلم يذكر الثعالبي ( ت . 1038 م ) هذا التركيب " لغة الضاد " في كتابه " ثمار القلوب في المضاف والمنسوب " – مع أنه أدرك المتنبي صغيرًا . بمعنى آخر : لم يكن التعبير شائعًا وذائعًا في اللغة . ثم ورد بعد ذلك على لسان الفيروز أبادي ( ت . 1415 ) في صورة النسبة ، وذلك في قوله :
يا باعث النبي الهادي مُفــحمــًا باللسان الضادي
وفي شعرنا المعاصر يقول شوقي ( ن . 1932 ) مفاخرًا :
إن الذي ملأ اللغات محاسنًا جعل الجمال وسره في الضاد
وخليل مطران ( ت . 1949 ) يسمي العرب " بني الضاد " :
وفود بني الضاد جاءت إليك وأثنت عليك بما وجبْ
ويقول إسماعيل صبري ( ت . 1923 ) : أيها الناطقون بالضاد هذا منهل صفــا لأهل الضاد
ويقول حليم دموس ( شاعر لبناني ت . 1957 ) :
لغة إذا وقعت على أكبـادنا كانت لنا بردًا على الأكباد وتظل رابطـــة تؤلف بيننا فهي الرجاء لناطق بالضاد
أما التعبير الحرفي أو الكناية " لغة الضاد " فقد وجدته أولاً لدى علي الجارم ( 1949 ) :
وارث الأصمعي في لغة الضاد وفي الشعر وارث البحتري
1 – نلاحظ أيضًا أن الأمر ليس مقصورًا على الضاد فقد ورد " قالوا مما اختصت به لغة العرب من الحروف وليس هو في غيرها، حرف الظاء، وقال آخرون حرف الظاء والضاد. ولذلك قال أبو الطيب المتنبي: وبهم فخر كل من نطق الضاد - يريد وبهم فخر جميع العرب. وقد ذهب قوم إلى أن الحاء من جملة ما تفردت به لغة العرب، وليس الأمر كذلك، لأني وجدتها في اللغة السريانية كثيراً.( ابن سنان الخفاجي : سر الفصاحة ، ص 20 ) .
2 – يقول الدكتور عبد الرحمن السليمان الباحث في اللغات السامية في حديث له معي : " حرف الضاد كان موجوداً في كل اللغات السامية ، إلا أنها كلها أهملته بل دمجته بالدال تارة والظاء تارة أخرى، إلا العربية الشمالية والعربية الجنوبية (الحميرية والحضرمية والقتبانية والسبئية) والعربية الوسطى (اللحيانية والثمودية)، بالإضافة إلى الأوغاريتية والحبشية.
وأما في العبرية فاندمج هو والظاء مع حرف الصاد (قارن: צבי<ظبي وצחק<ضحك). وأصوات العربية هي الأصل في الدراسات السامية وهنالك إجماع تام بشأن ذلك بين المشتغلين باللغات السامية كما تعلم. "
3 – أشار الفقيه التونسي ابن عزوز ( 1854 – 1916 ) في مقطوعة له يصف لفظ الضاد :
الضاد مخرجه بحافـــة مِقول يُمنى أو اليسرى بغير عناء
الضاد مضبوط متين ما رأت فيه التفشّي دقــــة البصراء
ثم امتياز الضاد سهل عند مــن عاناه بالتلقـــن والإلـــــــقاء
ومن الخطا في الضاد يُلفظ حرفه دالاً مفخـــــمةً مع استعلاء
( الأبيات في موسوعة الشعر العربي – أبو ظبي )
أرجو أن أكون قد وفقت في طلبك أختي الكريمـة