Maroom

Maroom

قاطرة التعليم تمضي بلا هدف! دعونا نواجه الحقيقة (1)

الخشرمي

تربوي
عضو ملتقى المعلمين
بعد نحو مئتي عام من دخول التعليم الحديث إلى وطننا العربي، أعتقد أن قاطرة التعليم أصبحت تمضي بلا هدف!
ربما كان رأيا مزعجا للبعض، وربما اعتبره البعض مبالغة، لكنها الحقيقة برأيي، ومواجهتها أولى بنا؛ فإننا نخدع أنفسنا حين نتحدث عن جودة التعليم، أو أن نقول إن لدينا تعليما متطورا أو مدارس نموذجية.
نحتاج أن نقف مع أنفسنا وقفة صدق لنراجع أهدافنا التي وجد التعليم من أجلها؛ فهل ماكينة التعليم بما تعانيه من أعطاب قادرة على تحقيق تلك الأهداف؟ وهل نحن راضون عن مخرجات التعليم، أم أنها ضعيفة لا تتطابق والمواصفات المطلوبة لمعترك الحياة وسوق العمل؟
للأسف إنني أعتبر أن التعليم بصورته الحالية هو المسؤول الأول عن وأد بذرة الإبداع في مهدها، وقتل روح المبادرة والابتكار عند أبنائنا؟
إن صغارنا يدخلون من بوابة المرحلة الأولية، لديهم رغبة فطرية جامحة للمعرفة والتعلم، وأغلبهم أذكياء متوقدون، لكن نظامنا التعليمي العقيم يطبع كثيرا منهم على الغباء، ويسد شهيتهم عن التعلم والمعرفة، حتى يشعر الصغير مع الوقت أن حلمه الجميل تحول إلى كابوس مؤرق، وأنه أشبه حالا بمن وقع في الأسر! ولابد أن يكيف أموره في ذلك السجن الطويل؛ لتمضي به تلك السنوات العجاف محبوسا احتياطيا على ذمة ما يسمى بالتعليم.
هل تعتقدون أن طالب اليوم أصبح يرتبط وجدانيا بمدرسته، أو ينظر إليها على أنها محضن التربية والتعليم، التي تشكل وجدانه وقيمه واتجاهاته، وتنمي معارفه وميوله ومهاراته، أم أنه أصبح ينظر إلى المدرسة على أنها مجرد مؤسسة لاستخراج شهادته الدراسية، التي تؤهله لوظيفة في المستقبل، تماما كالأحوال المدنية التي يستخرج منها شهادة الميلاد؟!
الإجابة على هذا السؤال تجدها في الممارسة اليومية للطالب تجاه المدرسة، حينما يأتي يجر رجليه من الكسل، متأففا من الاستيقاظ من نومه، مرهقا من كثرة السهر، متأخرا عن موعد الطابور، نائما أثناء الشرح في بعض الأحيان، وسرحان في أغلب الحصص، وفاقدا تماما للرغبة والدافعية، إلا من رحم الله، وقليل ماهم! ولك ياسيدي أن تتجول في بعض المدارس هنا أو هناك، وتدخل بنفسك في الفصول الدراسية لتطالع سجلات الغياب، والتأخر الصباحي، والنوم في الفصول، والمشكلات المدرسية والهروب من المدرسة، والتسرب الدراسي، وغيرها من المعضلات التي تتفاقم يوما بعد يوم، لتعلم أين نقف الآن بين سكان الأرض!
وبمناسبة الحديث عن سكان الأرض، تذكر مجلة المعرفة بعددها الصادر رقم (212) لشهر ذي الحجة 1433 هـ (أن اليوم الأول من الدراسة في اليابان هو أحب الأيام عند طلابهم وأكثرها فرحا، وأن اليوم الأخير من الدراسة هو أشد الأيام ألما وحزنا، وأن الطالب عندهم إذا تغيب لعذر قاهر فإن الأب أو الأم أو الجد أو الجدة يحضر بنفسه إلى المدرسة؛ ليقوم بتحصيل ما فات ابنهم من دروس، ليتولى نقلها إلى الابن حتى لا يؤثر غيابه على مستواه الدراسي، وأن أشد العقوبات التي قد ينزلها المعلم بالطالب، هو حرمانه من الحضور للمدرسة في اليوم التالي) .. ولا تعليق!
وفي اعتراف ضمني بأن التعليم لدينا، لا مصداقية له في قناعتنا، ولا يسمن ولا يغني من جوع؛ وليس أدل على ذلك من انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية، التي تصادق عليها المجتمع، وأصبحت جزءا أساسيا في حياتنا، فلم تعد الدروس الخصوصية جريمة مهنية كما كان في الماضي! بل بلغ بأحد وزراء التعليم العرب أن يصرح على الهواء مباشرة في برنامج تلفزيوني شهير بأن ابنه يأخذ دروسا خصوصية!
أستطيع أن أقول: إن التعليم العربي قد فقد مبرر وجوده، وأصبح عاجزا غاية العجز عن الاستمرار، رغم ما أجري عليه من عمليات تجميل باهتة شملت الوسائل والشكليات، لكنها كالعجوز التي لن تستطيع كل أدوات التجميل أن تعيد لها شبابها، فكل ما حصل هو أن تغيرت الطباشيرة بقلم إلكتروني، واستبدلت السبورة الخشبية القديمة بسبورة إلكترونية حديثة! لكن نمط التعلم السائد لم يتغير بعد، نمط التعلم الاستقبالي الآلي، الذي يعتمد بشكل أساسي ورئيسي على الإلقاء والتلقين والحفظ والتطبيق، وهو النمط الذي تجاوزه العالم المتطور علميا منذ أكثر من مئة عام، مع الأخذ في الاعتبار بعض التفاوت النسبي بين مدرسة وأخرى، أو دولة عربية وأخرى، لكن الجميع بلا استثناء لا يزال إلى اليوم يدور في فلك هذا النمط القديم بشكل أو بآخر.

في الحلقة القادمة سنكشف بشيء من التفصيل عن هذا النمط الذي يسيطر على التعليم العربي، وحتمية الخروج من دائرته.
وشكرا للمتابعة.

http://www.lahaonline.com/articles/view/42622.htm
 

هشام العابر

تربوي
عضو ملتقى المعلمين
ياخي اذا شفت مدارس اليابان ودي اصير مدرس واذا شفت مدارسنا ودي اصير عسكري وافارقها

تعالينا على الواقع هو سر الفشل . قفزنا واقعنا وأطلنا النظر إلى واقع مجتمعات أخرى ، دون أن نلقي النظرة الواقعية الفاحصة على واقعنا الذي نعيشه للبحث عن سر الإخفاق وسبل النجاح هذا الذي أوصلنا إلى هذا الواقع الأليم .

التوقف عند النظر إلى تجربة اليابان كتجربة رائدة ، توقف المنبهر لاتفيد طالما أننا نتعالى على واقعنا بهذه الرؤى المثالية التي لاتنسجم مع معطيات واقعنا . سنظل نفشل إلى الأبد طالما أننا لانعيش الواقع ونتعايش معه ونراه بعين الحقيقة ، ولن يتوقف الفشل طالما أننا ننظر لهذا الواقع من علو شاهق وبرؤى زاخرة بالمثالية .
 
أعلى