كما وصلني
رسالة إلى الأمير الوزير خالد الفيصل ..
بعد التحية والسلام أيها الرجل الهمام ..
فإن التعليم يقود الأمم إلى الأمام .. إلا تعليمنا فلم يقدنا إلا إلى الخلف .. وإلى الكهف .. قادنا إلى القبور وأفكار الموتى .. فاجتررناها ومازلنا .. في حين أن الأمم تتسابق من حولنا على الحضارة وتنقب عن التجديد والإبداع .. ونحن ننقب في التراث عن الرأي الأشد والمقولة المهملة .. فانطلقوا وقعدنا .. وساروا وعثرنا .. وتحضروا وتخلفنا .. واي حضارة ستنتجها الببغاوات يا سمو الأمير ..
نعم حفظنا لكننا جهلنا ما نحفظ .. نعم تغنينا بالمبادئ والقيم لكننا أول من تمرد عليها وسخر منها.. نعم درسنا القرآن والحديث والفقه والتوحيد ..لكن أكثر المستفتين في المسائل البديهية والتافهة هم السعوديون .. ومن يشتري البصاق هم السعوديون .. ومن يتألى على الله هم السعوديون .. ومن يصنف الناس هم السعوديون ..فيدخلون هذا الجنة ويدخلون ذلك النار .. بل ويمنحون الدرجات ويجمعون ويضربون ويقسمون ويعطونك نتيجة الحسنات التي حصلت عليها عدا ونقدا .. نعم لقد لقّنا بأن الجميع في النار .. وأن الجميع أعداء .. وأن الجميع كارهون لنا فناصبنا الدنيا بأسرها العداء .. وأن الجنة لنا وحدنا .. بل وليست لأي أحد منا .. وإنما من يتم منحه صك الغفران فقط ..
أيها الوزير الأمير .. تعلمنا الرياضيات والفيزياء والكيمياء والأحياء بحذر تام .. تعلمناها وكأنها رجس من عمل الشيطان فاجتنبناها .. وبرزت المقولة المشهورة ذات يوم ( العلم ما قاله الله وقاله الرسول فقط ) وكأن الله سبحانه لم يدع إلى التفكر والتدبر وإعمال العقل واستغلال ما سخره الله لنا من نبات وحيوان وفضاء وبحار وسماء وهواء .. وكأن الله لم يقل ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون ) ( وإلى السماء كيف رفعت ) ( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ) ( وإلى الأرض كيف سطحت ) وغير ذلك وغيره من الآيات .. أو كأن رسولنا الكريم لم يقل ( أنتم أعلم بأمور دنياكم ) .. نعم كانوا يدعوننا للتفكر والتأمل .. صحيح .. لكنهم جردونا من أدواته وحذرونا منها .. وأهمها العقل والمنطق .. والبحث العلمي .. وأرادوا لنا أن نبحلق بأعيننا المجردة فقط لنكتشف الذرة والإلكترون وسطح القمر .. وندرك بقية آيات الله في الآفاق .. وكلما وصل الغرب لاكتشاف جديد في هذا الكون أنكرناه .. وربما رفضناه .. وبعد أن يصبح واقعا لا مجال لإنكاره أو الاستغناء عنه نبدأ في تقليب كتابنا المقدس وصحائفنا لنستقي الدليل وربما نعسفه عسفا ليتوافق مع الواقع .. ثم نصيح بأعلى صوتنا : أن ليس لمن اكتشف الكنز أي فضل وإنما الفضل لنا.. فنحن نمتلك الخارطة منذ ألف وأربعمائة سنة حتى وإن كنا نائمين..
أيها الأمير الوزير ..
في كل بلاد الدنيا يعشق الأطفال مدارسهم .. وينتظرون الغد ليذهبوا إليها .. إلا هنا .. بعد أن أصبحت مدارسنا أشبه بالمعتقلات الشيوعية الباردة في أصقاع سيبيريا .. رغم حرارة أجوائنا .. معتقلات مملة كئيبة .. بمبانيها المهترئة بأسوارها العالية .. بإمكاناتها المحدودة .. وخياراتها الوحيدة المفروضة فرضا .. كل شيء فيها باهت ومكرر وممجوج .. وكل شيء فيها يدعو إلى الاكتئاب والانقطاع عن الدنيا .. وكل شيء فيها محرم إلا ما يحله المسيطرون المتغلغلون في مفاصل كل شيء .. فالبهجة والفرحة مستنكرة .. وبعض الأنشطة محرمة.. وحاجة الإنسان إلى تذوق الجمال وإبداعه .. وممارسة الفنون الإنسانية المختلفة .. والترفيه والترويح عن النفس واللعب - خاصة للأطفال - كلها أمور مستقذرة شنيعة فضيعة سواء من باب العيب أو الحرام ..
يخرج الطفل من منزله وكأنه ذاهب إلى ساحة القصاص أو إلى طبيب الأسنان في أفضل حال .. محملا بعشرة كيلوات من كتب الحفظ المجرد .. ليستقبله التجهم .. وعصا الواقفين على الأبواب في انتظاره وكأنه قادم إلى معسكر .. وطابور الصباح المجرد من معناه .. وإذاعته المملة المكررة منذ خمسين عاما .. بعدها يتم حشره في غرفة ضيقة رطبة مكتظة بالأنفاس البشرية تسمى مجازا بالفصل .. وحين يخرج لتناول الطعام لا يجد إلا طعام السجناء المعلب البارد الخالي من أية نكهة .. يتناوله على بساط من الرمل الملتهب والقاذورات المتراكمة .. لا حدائق ولا شجر يقيه .. ولا صالات تأويه .. ولا ألعاب تلهيه .. وحين يهم بقضاء حاجته لا يجد دورات المياه الصالحة للاستخدام الآدمي .. وأحيانا لا يجد حتى الماء .. وحين يخرج لممارسة الرياضة فإنه لن يجد سوى كرة القدم .. على ملاعب التراب أو الإسمنت في أجواء ملتهبة .. ليعود إلى غرفة التوقيف المسماة مجازا بالفصل .. والعرق يتصبب منه ومن خمسين من مثله .. أما الأنشطة فلعل أهم نشاط يلقى رواجا في مدارسنا هو صلاة الجنازة وكيفية غسيل الموتى .. ومن معلم إلى معلم يتم تقاذف بصيلات الحفظ في دماغه كالكرة .. فتتضخم هي وتضمر سواها حتى تعود كالعرجون القديم .. ويعود هو إلى منزله كالذي يحمل أسفارا .. ولن أتحدث عن الطالبة ( أكرمك الله ) لأن الحديث عن المرأة ( أكرمك الله ) قد يصل بنا - لا سمح الله - إلى الفسوق .. فالبنت ( أكرمك الله ) يكفيها اللمم من كل شيء في هذه الحياة .. بما أنها ( أكرمك الله ) خلق ناقص وعديم الأهلية ..
أيها الأمير الوزير ..
في نفس هذه المعتقلات يعيش المعلم .. لا فرق بينه وبين الطالب إلا في سني العمر .. تفرض عليه المناهج وأساليب التدريس والحصىص والأنشطة .. والأنظمة والتعاميم الهادرة كسيل العرم.. فيحير ماذا يفعل ومن يرضي .. تراه مجردا من الحقوق والمميزات .. لا يستشار حتى في مصيره فضلا عن عمله .. ولا أحد يسمع صوته ومناجاته .. يتنمر عليه الطالب .. ويستأسد عليه ولي أمر الطالب.. ويزأر عليه مدير المدرسة .. ويخنقه المشرف التربوي .. لا فرق بينه وبين زميله المعلم الخامل.. وبين المستجد ومن أفنى عمره معلما .. لا محفزات ولا مميزات .. لا تأمين طبي ينقذه من الضغط والسكر .. المرضين الملازمين للمعلم .. ولا سكن يحميه من المؤجر ويجعله مستقلا ذا أهمية في مجتمعه .. ولا راتب يكفيه ويغنيه عن ذل الحاجة وأقساط البنوك .. لا قيمة له في مجتمعه بعد أن أفقدته وزارته هيبته وحقوقه .. وساوته بالموظف في كل شيء .. في راتبه وإجازاته ومكافأته عند نهاية خدمته .. وحينئذ لا غرابة أن يعمل بالحد الأدنى .. ويكتفي بإكساب طلابه المهارات الدنيا والحالة هذه .. أما المعلمة ( أكرمك الله ) فالحديث عنها قد يوقعنا في الفجور وعظائم الأمور بما أنها أنثى ( أكرمك الله ) ..
أيها الأمير الوزير ..
هل تعلم بأن من يعمل في تطوير التعليم اليوم هم نفس العاجزين عن التطوير في الوزارة الذين فاتهم قطاره منذ الغابرين .. وأن من يقوم على هيئة تقويم التعليم هم أنفسهم من تسبب في انحدار التعليم .. وأن مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم تذهب مبالغ طائلة من ميزانياته لرواتبهم العالية .. وأنهم لم يقدموا شيئا مذكورا حتى تاريخه .. وأن تطويرهم للمناهج مقتصر على الغلاف والشكل دون المحتوى .. وأن الخصخصة تتعرض لثقافة (جحا أولى بلحم ثوره ) وأن شركات يتم إنشاؤها دون خبرة تذكر من أجل لحم ثور جحا. وأن ثقافة أمسك لي واقطع لك منتشرة في كل مكان..
هل تعلم أن الانتدابات لبعض العاملين في الوزارة وخارج الدوام والترقيات والدورات والسفرات الخارجية هي أشبه بالحق المكتسب لهم دون غيرهم من بقية الإدارات .. وأشبه بالمال السائب المشاع بينهم دون حسيب .. وأنهم يبتلعون الجمل لمن حولهم ويغصون بالإبرة لمن كان بعيدا ..
أعلم يا سمو الأمير أنهم قلة .. لكنهم مؤثرون .. وطاغون على المخلصين رغم كثرتهم .. إنهم حولك .. بل سيلتفون غدا حولك ليقدموا فروض الطاعة والولاء .. وليتسابقوا على المناصب .. وليفوزوا بالحضوة والقرب منك .. وليستعرضوا إنجازاتهم الوهمية .. وخططهم الورقية .. ومشاريعهم البدائية .. وبعضهم - ربما - غير راض عنك .. بل ولا يطيقك .. بل وقع عليه خبر تعيينك كالصاعقة .. يبتسم لك هنا .. ويتأفف منك هناك .. ويسعى بكل ما أوتي لإفشال توجهاتك ومشاريعك ..
أيها الأمير الوزير ..
أعلم بأنك سياسي محنك .. وحاكم إداري خبير .. ومسلم وسطي معتدل .. ومثقف واع .. وشاعر بارع .. وأب .. وأمير .. وأعلم أنك تدرك كل ذلك .. وأكثر من ذلك .. ولكنه من باب التذكير .. فإن الذكرى تنفع المؤمنين ..
كما أذكرك يا سمو الوزير ببعض أمنياتك .. ومنها : الانطلاق نحو العالم الأول .. وقد أتتك الفرصة الآن لتعيد تشكيل التوجهات والاهتمامات .. ولا أفضل من التعليم لقيادة التغيير .. وأذكرك أيضا بأمنيتك بأن يكون راتب المعلم أعلى راتب في الدولة .. وها أنت قاب قوسين أو أدنى من تحقيق ذلك .. كما أذكرك بأن تحطيم أسوار المدارس بل وزلزلتها وبناءها من جديد لتكون مدارس جاذبة نموذجية تليق بالوطن وسمعة الوطن ويستحقها المواطن الطالب والمواطن المعلم والمواطن ولي الأمر سيكون أهم وأكبر وأنفع عمل يمكن ان يقدمه وزير في الفترة الحالية لأبناء وطنه ..
كما أعلم أنني قرعت الجرس عاليا وسوّدت الصورة وغلّبت التشاؤم .. رغم وجود الخير والخيرين في هذه الوزارة .. لكنه حماس مواطن يهمه أمر وطنه ..
سدد الله خطاك ونفع بك وطننا العزيز وأمتنا العظيمة ..
منقول ...
رسالة إلى الأمير الوزير خالد الفيصل ..
بعد التحية والسلام أيها الرجل الهمام ..
فإن التعليم يقود الأمم إلى الأمام .. إلا تعليمنا فلم يقدنا إلا إلى الخلف .. وإلى الكهف .. قادنا إلى القبور وأفكار الموتى .. فاجتررناها ومازلنا .. في حين أن الأمم تتسابق من حولنا على الحضارة وتنقب عن التجديد والإبداع .. ونحن ننقب في التراث عن الرأي الأشد والمقولة المهملة .. فانطلقوا وقعدنا .. وساروا وعثرنا .. وتحضروا وتخلفنا .. واي حضارة ستنتجها الببغاوات يا سمو الأمير ..
نعم حفظنا لكننا جهلنا ما نحفظ .. نعم تغنينا بالمبادئ والقيم لكننا أول من تمرد عليها وسخر منها.. نعم درسنا القرآن والحديث والفقه والتوحيد ..لكن أكثر المستفتين في المسائل البديهية والتافهة هم السعوديون .. ومن يشتري البصاق هم السعوديون .. ومن يتألى على الله هم السعوديون .. ومن يصنف الناس هم السعوديون ..فيدخلون هذا الجنة ويدخلون ذلك النار .. بل ويمنحون الدرجات ويجمعون ويضربون ويقسمون ويعطونك نتيجة الحسنات التي حصلت عليها عدا ونقدا .. نعم لقد لقّنا بأن الجميع في النار .. وأن الجميع أعداء .. وأن الجميع كارهون لنا فناصبنا الدنيا بأسرها العداء .. وأن الجنة لنا وحدنا .. بل وليست لأي أحد منا .. وإنما من يتم منحه صك الغفران فقط ..
أيها الوزير الأمير .. تعلمنا الرياضيات والفيزياء والكيمياء والأحياء بحذر تام .. تعلمناها وكأنها رجس من عمل الشيطان فاجتنبناها .. وبرزت المقولة المشهورة ذات يوم ( العلم ما قاله الله وقاله الرسول فقط ) وكأن الله سبحانه لم يدع إلى التفكر والتدبر وإعمال العقل واستغلال ما سخره الله لنا من نبات وحيوان وفضاء وبحار وسماء وهواء .. وكأن الله لم يقل ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون ) ( وإلى السماء كيف رفعت ) ( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ) ( وإلى الأرض كيف سطحت ) وغير ذلك وغيره من الآيات .. أو كأن رسولنا الكريم لم يقل ( أنتم أعلم بأمور دنياكم ) .. نعم كانوا يدعوننا للتفكر والتأمل .. صحيح .. لكنهم جردونا من أدواته وحذرونا منها .. وأهمها العقل والمنطق .. والبحث العلمي .. وأرادوا لنا أن نبحلق بأعيننا المجردة فقط لنكتشف الذرة والإلكترون وسطح القمر .. وندرك بقية آيات الله في الآفاق .. وكلما وصل الغرب لاكتشاف جديد في هذا الكون أنكرناه .. وربما رفضناه .. وبعد أن يصبح واقعا لا مجال لإنكاره أو الاستغناء عنه نبدأ في تقليب كتابنا المقدس وصحائفنا لنستقي الدليل وربما نعسفه عسفا ليتوافق مع الواقع .. ثم نصيح بأعلى صوتنا : أن ليس لمن اكتشف الكنز أي فضل وإنما الفضل لنا.. فنحن نمتلك الخارطة منذ ألف وأربعمائة سنة حتى وإن كنا نائمين..
أيها الأمير الوزير ..
في كل بلاد الدنيا يعشق الأطفال مدارسهم .. وينتظرون الغد ليذهبوا إليها .. إلا هنا .. بعد أن أصبحت مدارسنا أشبه بالمعتقلات الشيوعية الباردة في أصقاع سيبيريا .. رغم حرارة أجوائنا .. معتقلات مملة كئيبة .. بمبانيها المهترئة بأسوارها العالية .. بإمكاناتها المحدودة .. وخياراتها الوحيدة المفروضة فرضا .. كل شيء فيها باهت ومكرر وممجوج .. وكل شيء فيها يدعو إلى الاكتئاب والانقطاع عن الدنيا .. وكل شيء فيها محرم إلا ما يحله المسيطرون المتغلغلون في مفاصل كل شيء .. فالبهجة والفرحة مستنكرة .. وبعض الأنشطة محرمة.. وحاجة الإنسان إلى تذوق الجمال وإبداعه .. وممارسة الفنون الإنسانية المختلفة .. والترفيه والترويح عن النفس واللعب - خاصة للأطفال - كلها أمور مستقذرة شنيعة فضيعة سواء من باب العيب أو الحرام ..
يخرج الطفل من منزله وكأنه ذاهب إلى ساحة القصاص أو إلى طبيب الأسنان في أفضل حال .. محملا بعشرة كيلوات من كتب الحفظ المجرد .. ليستقبله التجهم .. وعصا الواقفين على الأبواب في انتظاره وكأنه قادم إلى معسكر .. وطابور الصباح المجرد من معناه .. وإذاعته المملة المكررة منذ خمسين عاما .. بعدها يتم حشره في غرفة ضيقة رطبة مكتظة بالأنفاس البشرية تسمى مجازا بالفصل .. وحين يخرج لتناول الطعام لا يجد إلا طعام السجناء المعلب البارد الخالي من أية نكهة .. يتناوله على بساط من الرمل الملتهب والقاذورات المتراكمة .. لا حدائق ولا شجر يقيه .. ولا صالات تأويه .. ولا ألعاب تلهيه .. وحين يهم بقضاء حاجته لا يجد دورات المياه الصالحة للاستخدام الآدمي .. وأحيانا لا يجد حتى الماء .. وحين يخرج لممارسة الرياضة فإنه لن يجد سوى كرة القدم .. على ملاعب التراب أو الإسمنت في أجواء ملتهبة .. ليعود إلى غرفة التوقيف المسماة مجازا بالفصل .. والعرق يتصبب منه ومن خمسين من مثله .. أما الأنشطة فلعل أهم نشاط يلقى رواجا في مدارسنا هو صلاة الجنازة وكيفية غسيل الموتى .. ومن معلم إلى معلم يتم تقاذف بصيلات الحفظ في دماغه كالكرة .. فتتضخم هي وتضمر سواها حتى تعود كالعرجون القديم .. ويعود هو إلى منزله كالذي يحمل أسفارا .. ولن أتحدث عن الطالبة ( أكرمك الله ) لأن الحديث عن المرأة ( أكرمك الله ) قد يصل بنا - لا سمح الله - إلى الفسوق .. فالبنت ( أكرمك الله ) يكفيها اللمم من كل شيء في هذه الحياة .. بما أنها ( أكرمك الله ) خلق ناقص وعديم الأهلية ..
أيها الأمير الوزير ..
في نفس هذه المعتقلات يعيش المعلم .. لا فرق بينه وبين الطالب إلا في سني العمر .. تفرض عليه المناهج وأساليب التدريس والحصىص والأنشطة .. والأنظمة والتعاميم الهادرة كسيل العرم.. فيحير ماذا يفعل ومن يرضي .. تراه مجردا من الحقوق والمميزات .. لا يستشار حتى في مصيره فضلا عن عمله .. ولا أحد يسمع صوته ومناجاته .. يتنمر عليه الطالب .. ويستأسد عليه ولي أمر الطالب.. ويزأر عليه مدير المدرسة .. ويخنقه المشرف التربوي .. لا فرق بينه وبين زميله المعلم الخامل.. وبين المستجد ومن أفنى عمره معلما .. لا محفزات ولا مميزات .. لا تأمين طبي ينقذه من الضغط والسكر .. المرضين الملازمين للمعلم .. ولا سكن يحميه من المؤجر ويجعله مستقلا ذا أهمية في مجتمعه .. ولا راتب يكفيه ويغنيه عن ذل الحاجة وأقساط البنوك .. لا قيمة له في مجتمعه بعد أن أفقدته وزارته هيبته وحقوقه .. وساوته بالموظف في كل شيء .. في راتبه وإجازاته ومكافأته عند نهاية خدمته .. وحينئذ لا غرابة أن يعمل بالحد الأدنى .. ويكتفي بإكساب طلابه المهارات الدنيا والحالة هذه .. أما المعلمة ( أكرمك الله ) فالحديث عنها قد يوقعنا في الفجور وعظائم الأمور بما أنها أنثى ( أكرمك الله ) ..
أيها الأمير الوزير ..
هل تعلم بأن من يعمل في تطوير التعليم اليوم هم نفس العاجزين عن التطوير في الوزارة الذين فاتهم قطاره منذ الغابرين .. وأن من يقوم على هيئة تقويم التعليم هم أنفسهم من تسبب في انحدار التعليم .. وأن مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم تذهب مبالغ طائلة من ميزانياته لرواتبهم العالية .. وأنهم لم يقدموا شيئا مذكورا حتى تاريخه .. وأن تطويرهم للمناهج مقتصر على الغلاف والشكل دون المحتوى .. وأن الخصخصة تتعرض لثقافة (جحا أولى بلحم ثوره ) وأن شركات يتم إنشاؤها دون خبرة تذكر من أجل لحم ثور جحا. وأن ثقافة أمسك لي واقطع لك منتشرة في كل مكان..
هل تعلم أن الانتدابات لبعض العاملين في الوزارة وخارج الدوام والترقيات والدورات والسفرات الخارجية هي أشبه بالحق المكتسب لهم دون غيرهم من بقية الإدارات .. وأشبه بالمال السائب المشاع بينهم دون حسيب .. وأنهم يبتلعون الجمل لمن حولهم ويغصون بالإبرة لمن كان بعيدا ..
أعلم يا سمو الأمير أنهم قلة .. لكنهم مؤثرون .. وطاغون على المخلصين رغم كثرتهم .. إنهم حولك .. بل سيلتفون غدا حولك ليقدموا فروض الطاعة والولاء .. وليتسابقوا على المناصب .. وليفوزوا بالحضوة والقرب منك .. وليستعرضوا إنجازاتهم الوهمية .. وخططهم الورقية .. ومشاريعهم البدائية .. وبعضهم - ربما - غير راض عنك .. بل ولا يطيقك .. بل وقع عليه خبر تعيينك كالصاعقة .. يبتسم لك هنا .. ويتأفف منك هناك .. ويسعى بكل ما أوتي لإفشال توجهاتك ومشاريعك ..
أيها الأمير الوزير ..
أعلم بأنك سياسي محنك .. وحاكم إداري خبير .. ومسلم وسطي معتدل .. ومثقف واع .. وشاعر بارع .. وأب .. وأمير .. وأعلم أنك تدرك كل ذلك .. وأكثر من ذلك .. ولكنه من باب التذكير .. فإن الذكرى تنفع المؤمنين ..
كما أذكرك يا سمو الوزير ببعض أمنياتك .. ومنها : الانطلاق نحو العالم الأول .. وقد أتتك الفرصة الآن لتعيد تشكيل التوجهات والاهتمامات .. ولا أفضل من التعليم لقيادة التغيير .. وأذكرك أيضا بأمنيتك بأن يكون راتب المعلم أعلى راتب في الدولة .. وها أنت قاب قوسين أو أدنى من تحقيق ذلك .. كما أذكرك بأن تحطيم أسوار المدارس بل وزلزلتها وبناءها من جديد لتكون مدارس جاذبة نموذجية تليق بالوطن وسمعة الوطن ويستحقها المواطن الطالب والمواطن المعلم والمواطن ولي الأمر سيكون أهم وأكبر وأنفع عمل يمكن ان يقدمه وزير في الفترة الحالية لأبناء وطنه ..
كما أعلم أنني قرعت الجرس عاليا وسوّدت الصورة وغلّبت التشاؤم .. رغم وجود الخير والخيرين في هذه الوزارة .. لكنه حماس مواطن يهمه أمر وطنه ..
سدد الله خطاك ونفع بك وطننا العزيز وأمتنا العظيمة ..
منقول ...