http://www.alriyadh.com/940714
قصة رفض الخويطر تخفيض رواتب المعلمين
د. سعيد بن محمد المليص
رحل عن دنيا الأفذاذ علم من أعلامنا، وغاب الدكتور عبدالعزيز الخويطر يرحمه الله الذي مثَل في حياته أنشودة وطنية فريدة، وستبقى ذكرياته تتردد في عالم الوطنية والوفاء، وأولئك الأفذاذ العظماء مثل الدكتور الخويطر، ومثل الدكتور غازي القصيبي وغيرهما يرحمهم الله جميعا، مهما اختلف الناس حول أعمالهم، لكنهم لم يختلفوا حول وطنيتهم وإخلاصهم وصدقهم. فقد نالوا في ذلك النصيب الأوفى الذي يعرفه الجميع، ويقدرونه لهم حقَ قدره.
رحم الله من سعدت بالعمل معه، وجلست على ذات الكرسي في مكتبه حينما كنت أطالب بابتعاثي لاستكمال رسالة الدكتوراه، ثم عندما عدت من الابتعاث لأحظى بمقابلته يرحمه الله، وحينما أصبحت أحد العاملين في الوزارة تحت ظل تلك الثلة من المخلصين لهذا الوطن في تلك الحقبة مثل سمو الأمير خالد بن فهد وسمو الأمير محمد عبدالله الفيصل عليه رحمة الله والدكتور سعود الجماز، والأستاذ سعد أبو معطي والأستاذ ابراهيم الحجي رحمهم الله وغيرهم ممن عاش تلك الفترة من العمل المتواصل والذي ازدحم وامتلأ أيضا بالمتغيرات التطويرية في البنية التعليمية.
ففي عهد الدكتور عبدالعزيز ومن معه من المخلصين أخذت أناشيد الوطنية في تطوير التعليم تعزف في مختلف الميادين، فدخلت الرياضيات الحديثة في التعليم العام، وامتدت يد التطوير إلى المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، وكان ثاني مؤتمر كبير لتطوير التعليم في المملكة، بعد أن شهدت المملكة أول مؤتمر لذلك في عهد الراحل العظيم فهد بن عبدالعزيز يوم أن كان أول وزير للمعارف، كما شهد التعليم الثانوي تجارب ومراحل تطويرية متعددة.
وقد كانت فترة قيادة الدكتور الخويطر للوزارة هي الزمن الذهبي للمعلم تأهيلا وإعدادا وابتعاثا، كما تشهد بذلك لائحة الوظائف التعليمية، وتخفيض حصص المعلم في المرحلة الابتدائية من ٢٨ الى ٢٤ حصة تشهد بمدى حرصه يرحمه الله على أن ينال المعلم ما يستحقه من تقدير، وما هو أولى به من اهتمام. وقد كان ذلك في وقت كان فيه معظم المعلمين في ذلك الزمن ممن يحمل مؤهلا أدنى من الجامعي، وكذلك ارتفعت فيه نسبة الإخوة العرب في قطاع التعليم فاستحدث من البرامج ما يجعل المعلم الوطني في موقع العطاء المتميز للوطن، ومن البرامج التي استحدثت برامج المراكز التكميلية لخريجي معاهد المعلمين الابتدائية والكليات المتوسطة، والتي ارتقت لتصبح أربع سنوات كليات للمعلمين.
وكثيرة هي المآثر التي يذكرها تاريخ التعليم للوزير الخويطر يرحمه الله ودفاعه عن المعلمين، ولعلي هنا أذكر شيئا لإخوتي المعلمين الذين عاشوا فترة انخفاض واردات البترول في بداية هذا القرن، فقد اقترح بعض الزملاء محاولة خفض رواتب المعلمين الجدد المتقدمين للوظيفة، بمعنى تخفيض المستحقين للخامس بأن يُعطوا الرابع، والمستحقين للرابع يُعطون الثالث وهكذا وذلك من أجل مواجهة العجز، فكانت إجابته صارمة بأن ما حصل عليه المعلم من تقدير لا يجوز الأخذ منه أبدا وعليكم تدبير أموركم بأي طريقة أخرى غير مكتسبات المعلم.
إنني أرى - وقد رحل هذا الرجل الفذّ عن عالمنا - أنه ليس من العدل والإنصاف الاقتصار على هذه الجهود في هذه العجالة، فقد كان أنشودة وطنية، ستجد متسعا كبيرا لها في ميادين الحكمة والعدل والإنصاف، والجدّ والعمل والإخلاص، وسيحكيها الآباء لأبنائهم، وكأنها فصل يضاف إلى كتاب الراحل الكبير "أي بني" ندعو لفقيد الأمة بالرحمة والغفران جزاء ما قدّم لوطنه حتى آخر رمق في حياته.
رحم الله عبدالعزيز الخويطر، "إنا لله وإنا إليه راجعون".
قصة رفض الخويطر تخفيض رواتب المعلمين
د. سعيد بن محمد المليص
رحل عن دنيا الأفذاذ علم من أعلامنا، وغاب الدكتور عبدالعزيز الخويطر يرحمه الله الذي مثَل في حياته أنشودة وطنية فريدة، وستبقى ذكرياته تتردد في عالم الوطنية والوفاء، وأولئك الأفذاذ العظماء مثل الدكتور الخويطر، ومثل الدكتور غازي القصيبي وغيرهما يرحمهم الله جميعا، مهما اختلف الناس حول أعمالهم، لكنهم لم يختلفوا حول وطنيتهم وإخلاصهم وصدقهم. فقد نالوا في ذلك النصيب الأوفى الذي يعرفه الجميع، ويقدرونه لهم حقَ قدره.
رحم الله من سعدت بالعمل معه، وجلست على ذات الكرسي في مكتبه حينما كنت أطالب بابتعاثي لاستكمال رسالة الدكتوراه، ثم عندما عدت من الابتعاث لأحظى بمقابلته يرحمه الله، وحينما أصبحت أحد العاملين في الوزارة تحت ظل تلك الثلة من المخلصين لهذا الوطن في تلك الحقبة مثل سمو الأمير خالد بن فهد وسمو الأمير محمد عبدالله الفيصل عليه رحمة الله والدكتور سعود الجماز، والأستاذ سعد أبو معطي والأستاذ ابراهيم الحجي رحمهم الله وغيرهم ممن عاش تلك الفترة من العمل المتواصل والذي ازدحم وامتلأ أيضا بالمتغيرات التطويرية في البنية التعليمية.
ففي عهد الدكتور عبدالعزيز ومن معه من المخلصين أخذت أناشيد الوطنية في تطوير التعليم تعزف في مختلف الميادين، فدخلت الرياضيات الحديثة في التعليم العام، وامتدت يد التطوير إلى المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، وكان ثاني مؤتمر كبير لتطوير التعليم في المملكة، بعد أن شهدت المملكة أول مؤتمر لذلك في عهد الراحل العظيم فهد بن عبدالعزيز يوم أن كان أول وزير للمعارف، كما شهد التعليم الثانوي تجارب ومراحل تطويرية متعددة.
وقد كانت فترة قيادة الدكتور الخويطر للوزارة هي الزمن الذهبي للمعلم تأهيلا وإعدادا وابتعاثا، كما تشهد بذلك لائحة الوظائف التعليمية، وتخفيض حصص المعلم في المرحلة الابتدائية من ٢٨ الى ٢٤ حصة تشهد بمدى حرصه يرحمه الله على أن ينال المعلم ما يستحقه من تقدير، وما هو أولى به من اهتمام. وقد كان ذلك في وقت كان فيه معظم المعلمين في ذلك الزمن ممن يحمل مؤهلا أدنى من الجامعي، وكذلك ارتفعت فيه نسبة الإخوة العرب في قطاع التعليم فاستحدث من البرامج ما يجعل المعلم الوطني في موقع العطاء المتميز للوطن، ومن البرامج التي استحدثت برامج المراكز التكميلية لخريجي معاهد المعلمين الابتدائية والكليات المتوسطة، والتي ارتقت لتصبح أربع سنوات كليات للمعلمين.
وكثيرة هي المآثر التي يذكرها تاريخ التعليم للوزير الخويطر يرحمه الله ودفاعه عن المعلمين، ولعلي هنا أذكر شيئا لإخوتي المعلمين الذين عاشوا فترة انخفاض واردات البترول في بداية هذا القرن، فقد اقترح بعض الزملاء محاولة خفض رواتب المعلمين الجدد المتقدمين للوظيفة، بمعنى تخفيض المستحقين للخامس بأن يُعطوا الرابع، والمستحقين للرابع يُعطون الثالث وهكذا وذلك من أجل مواجهة العجز، فكانت إجابته صارمة بأن ما حصل عليه المعلم من تقدير لا يجوز الأخذ منه أبدا وعليكم تدبير أموركم بأي طريقة أخرى غير مكتسبات المعلم.
إنني أرى - وقد رحل هذا الرجل الفذّ عن عالمنا - أنه ليس من العدل والإنصاف الاقتصار على هذه الجهود في هذه العجالة، فقد كان أنشودة وطنية، ستجد متسعا كبيرا لها في ميادين الحكمة والعدل والإنصاف، والجدّ والعمل والإخلاص، وسيحكيها الآباء لأبنائهم، وكأنها فصل يضاف إلى كتاب الراحل الكبير "أي بني" ندعو لفقيد الأمة بالرحمة والغفران جزاء ما قدّم لوطنه حتى آخر رمق في حياته.
رحم الله عبدالعزيز الخويطر، "إنا لله وإنا إليه راجعون".