[colo
لا شك أن تربية الطفل الصغير والقيام على تدبير أموره ومصالحه، وكل ما يدخل ضمن المفهوم هو من عمل الأبوين. ولعل أكثر ما يقوم بأموره هي الأم، لأن الطفل في سنواته الأولى غالبًا يكون مع أمه في البيت، بخلاف الرجل الذي غالبًا ما يكون عمله هو التكسب، والحصول على المعيشة، لكن لو حصل بين الزوجين فرقة فهنا تأتي مسألة الحضانة، وحينئذٍ نحتاج إلى بيان هذا الحق، ونجد أن هناك خلافًا بين العلماء في حالة لو تخلت الأم عن هذا الحق؛ لأنه حق لها بإجماع الفقهاء الأربعة أصحاب المذاهب، فنجد أن الأم لو تخلت عن هذا الحق، وهو حق الحضانة، نجد أن الفقهاء -رحمهم الله تعالى- اختلفوا، وبعد عرض الأقوال، وما ذهب إليه كل مذهب، نجد أن الحضانة حق لكل من الحاضن والمحضون فتكون حقًا للحاضن؛ لأن الشارع جعل له ذلك بنظام خاص، ومصلحة المحضون في ذلك، ومصلحة الحاضن في أن يشب المحضون على الجادة، ويبتعد عما هو شائن،وأن يسير في الطريق السوي المستقيم، فالمحضون حينئذٍ لا يضيع حقه لوجود من يحضنه، وتكون حقًا للمحضون إذا تيقنت الحضانة بأن لم يوجد من يحضنه سواها؛ لأن القول في هذه الحالة بأن الحضانة حق للحاضن، يؤدي إلى هلاك هذا الطفل المحضون، فالمحضون صاحب حق في أن يكون عند أمه، أو في حضانة، النساء عمومًا على الترتيب الذي أورده الفقهاء، إذ أن النساء أقدر على أمور الحضانة من الرجال في هذه الفترة، وفي أن يكون عند الأب.
الفصل الأول
وتحته تسعة مباحث:
المبحث الأول: الأحق بزيارة المحضون.
الواقع أن المحضون إذا كان ذكرًا أو أنثى، وكان تحت حضانة النساء أو الرجال، فإن لكل من الأبوين الحق في زيارة ابنه أو ابنته أثناء حضانة الآخر له، وذلك تبعًا لما يقتضيه العقل، ويقبله المنطق، ونجد أن فقهاء المذاهب حول هذه المسألة يرون أن لكل من الأب والأم رؤية، وزيارة الطفل المحضون، وليس لأي أحد منهما الحق في المنع منها، وهناك توجد آداب لهذه الزيارة، وهي على النحول التالي:
1- ألا تكون الزيارة متكررة في كل يوم؛ بل يلزم أن تكون متباعدة في حدود المعقول، ولا تكون متكررة إلا في حالة الضرورة.
2- عدم إطالة المكث مدة تزيد على الحاجة.
3- تجنب الخلوة المحرمة.
4- إن الزائر يجب أن يكون متحليًا بما شرع الله ورسوله من الآداب المتعلقة بدخول بيوت الآخرين؛ من حيث وجوب الاستئذان.
المبحث الثاني: وقت الزيارة للمحضون.
إن وقت الزيارة للمحضون يقصد به اليوم أو الساعة التي تحدد الزيارة لهذا الطفل المحضون، وبالنظر حول ما تحدث عنه العلماء من أصحاب المذاهب الأربعة، نجد البعض يطلق في وقت الزيارة دون تحديد بيوم أو ساعة، بينما البعض لم يتحدثوا عن وقت الزيارة صراحة، وإنما يمكن الاستنباط لذلك من خلال نصوصهم، أما البعض فيذهب إلى تحديد وقت الزيارة بيومين في الأسبوع، أو يوم في الأسبوع.
المبحث الثالث: مكان زيارة المحضون.
مكان زيارة المحضون، هو المقر الذي يقيم فيه الطفل، وهذا يمر على حالات ثلاثة:
الحالة الأولى: مرحلة ما قبل سن التمييز – سن السابعة – فإن الطفل المحضون يكون عند أمه؛ لأنها هي الأحق بحضانته، فيكون مكان زيارته هو محل إقامة الأم، وهذا باتفاق العلماء من أصحاب المذاهب الأربعة.
الحالة الثانية: بعد سن التمييز ، فإن الطفل المحضون سواء كان ذكرًا أو أنثى، فإن مكان إقامته يختلف حيث إنه يخيّر بين والديه، وبناء عليه، فإن مكان الزيارة يختلف تبعًا لهذا التخيير.
الحالة الثالثة: إذا مرض الطفل المحضون، سواء كان ذكرًا أو أنثى، فإن كان قبل سن السابعة فيكون مكان زيارته هو منزل الأم، لأنها الأحق به،وإن كان بعد سن السابعة فإن كان عند أبيه فإن الأحق في تمريضه هي الأم، لأنها أقدر على رعايته،والصبر عليه في حال المرض، فإن رضي الأب أن يكون ذلك في بيته، فلا بأس، مع تجنب الخلوة، إلا أن يكون التمريض في بيت الأم، ويكون مقر زيارة الأب لولده؛ سواء كان الذكر أو الأنثى ، هو منزل الأم أيضًا مع تجنب الخلوة.
المبحث الرابع: تحديد مدة الزيارة للمحضون.
إن الفقهاء -رحمهم الله - نظروا إلى أن تحديد مدة الزيارة للطفل المحضون أمر مطلوب لابد منه، إذًا لابد أن تكون مدة الزيارة محدودة غير طويلة، وذلك تجنبًا للخلوة، ومواطن الريبة والشك؛ إذ أن كلاً من الأب والأم صار كل واحد أجنبيًا عن الآخر. وممن تحدث عن مدة الزيارة وعدم الإطالة فيها هم الشافعية والحنابلة.
فإذا قام أحدهما بزيارة الطفل المحضون، فإنه لا يطيل ولا ينبسط أثناء زيارته.
المبحث الخامس: أثر المسافة في زيارة المحضون.
إن المسافة لها تأثير حول زيارة المحضون من قبل أبويه، وهو ما تحدث عنه الفقهاء، حيث نظر الفقهاء إلى مصلحة المحضون، إذ إن المسافة البعيدة تجعل كلاً من الأبوين غير قادر على زيارة ومشاهدة ابنه أو ابنته أثناء حضانته عند أي واحد منهما، لذا فإنني تناولت بالحديث ما ذكره أصحاب المذاهب الأربعة؛ حيث اتفقوا على أن تكون المسافة قريبة لا بعيدة، بحيث يمكن للأب زيارة ابنه أو ابنته، واطلاعه عليها، والقيام بشئونها على أكمل وجه. أيضًا نظر الفقهاء إلى المصلحة لكل من الطرفين: الأب والأم، وأيضًا إلى مصلحة الطفل المحضون؛ حيث إن المسافة البعيدة تؤثر في زيارة الطفل، مما يجعل في ذلك ضررًا يلحق بكل من الأطراف الثلاثة؛ سواء الأب، أو الأم، أو الطفل.
المبحث السادس: نفقة زيارة المحضون.
إن الطفل المحضون قبل سن التمييز يكون في حضانة أمه؛ حيث إنها الأحق بذلك كما تقرر ذكره آنفًا، وفي هذه المرحلة فإن الأب يقوم بزيارة ابنه عندها، أما بعد سن السابعة فإن الطفل المحضون قد يكون عند الأب أو عند الأم، ففي هذه المرحلة إذا كان الطفل في حضانة أحدهما فإنه يريد زيارة والده أو والدته، وهذه الزيارة تتطلب نفقة تسهل عليه القيام بهذه الزيارة؛ سواء كانت أجرة المركبة التي تنقله إلى المكان الذي يريد الذهاب إليه، من سيارة، أو طائرة، ونحوهما أيضًا أجرة مصاريف يصرف بها على نفسه أثناء زيارته، وغير ذلك مما يحتاج إلى نفقة، والولد الصغير سواء كان ذكرًا أو أنثى، إما أن يكون لديه مال حاضرٌ، ففي هذه الحالة فإن نفقة الأب عليه لا تلزمه، لأنه يعتبر بماله غنيًا، فتكون نفقته في ماله، أما إذا كان ليس لديه مال فحينئذٍ يلزم الأب أن ينفق على ولده، فإن كان والده فقيرًا ولكنه قادر على الكسب، وتحصيل الرزق، فيجب عليه السعي من أجل القيام بهذه النفقة، لأن نفقة الأب على ولده واجبة بالإجماع، وهذا ما ذهب إليه الفقهاء.
المبحث السابع: المسؤولية عن المحضون أثناء الزيارة. وفيه مطلبان:
المطلب الأول: ضمان المحضون وقت الزيارة.
إن الطفل المحضون يعد أمانة في يد من يقوم على حضانته؛ سواء كان القائم عليه الأم أو الأب، أو أي جهة أخرى، لذا فإن الطفل المحضون يستلزم من الحاضن له حفظه عما يضره، سواء كان في وقت الزيارة أو في غيرها، لأنه في وقت الزيارة يكون عرضة للاعتداء عليه بخطفه، أو ضربه، أو تعليمه أمورًا لا تكون في صالحه، لذا نجد أن الفقهاء -رحمهم الله تعالى- قد ألزموا الحاضن بحفظ المحضون، ومتابعته والقيام على شؤونه كلها، فلو قصّر الحاضن في حفظ المحضون الذي تحت يده وقت الزيارة، فإنه يكون بذلك ضامنًا له، وذلك بسبب إهماله وتفريطه،وعدم متابعته له.
المطلب الثاني: تربية المحضون وتعليمه وقت الزيارة:
إن مرحلة الطفولة تعد مرتعًا خصبًا لتربية الطفل وتعليمه لكي يقوم بالدور المطلوب منه في الحياة، لذا قرر الفقهاء في كتبهم أن تعليم الطفل المحضون وقت الزيارة لا بأس به إذا كان في صالح هذا الطفل، وأنه لا يملك أحدٌ من الأبوين منع الآخر من تعليمه وتربيته.
المبحث الثامن: جناية المحضون وقت الزيارة:
إن الطفل المحضون لوجني جناية وقت الزيارة بأن فقع عين طفل آخر، أو طعنه بمحدد، أو غير ذلك من صورة الجناية، فإن رأي الفقهاء حول جناية الطفل أنها تعد خطأ، وأن العاقلة تتحمل دية الخطأ عنه، لأنه ليس له قصد، وإن عمده يعد خطأ، وهذا ما توصلت إليه في هذه المسألة.
المبحث التاسع: الضرر الناشئ عن زيارة المحضون.
إن الشريعة الإسلامية تدعو إلى تجنب الضرر بجميع صوره وأشكاله، ومن ذلك الضرر الناشئ عن زيارة المحضون، فلقد توصلت في هذا المبحث إلى أن الضرر إما أن يكون ضررًا ماديًا يصيب الإنسان في حقوقه المالية، أو ضررًا معنويًا يصيب الإنسان في مشاعره وعواطفه، لذا فإن الفقهاء -رحمهم الله - أرشدو إلى اجتناب الضرر الناشئ عن زيارة المحضون، سواء كان ضررًا ماديًا أو معنويًا، وذلك مراعاة لمصلحة المحضون أولاً وأخيرًا.
الفصل الثاني
النظم والاجراءات والتعليمات المتعلقة بزيارة المحضون
وتحته ثلاثة مباحث
المبحث الأول: الأنظمة القضائية [نظام المرافعات – الأحكام العاجلة].
إنه بالنظر في الأنظمة القضائية – نظام المرافعات. نجد أن النظام ينص بأن الأحكام الصادرة من القاضي حيال تقرير زيارة للطفل المحضون أو نفقة أو غير ذلك، فإن القاضي إذا كان حكمه نهائيًا أو غير ذلك، فإن الحكم لابد أن يذيل بالصيغة النهائية، ويجب تنفيذه على وجه السرعة. وإذا كان القاضي يرى إيجاد كفيل، فيجب حينئذ توفير هذا الكفيل كما ورد في المادة 197-198 كما أنه بالنظر في هذا النظام نجده سندًا لما ذهب إليه الفقهاء - يرحمهم الله - من أن الأب أو الأم ليس له الحق في المنع من الزيارة.
المبحث الثاني: الإجراءات القضائية في المحاكم المتعلقة بزيارة المحضون.
نقصد بالإجراءات هو العمل في المحاكم الشرعية حيال مسائل الحضانة،وزيارة المحضون، فإنه بعد عمل استبيان مكون من عدد من الأسئلة،ـ وعرضه على أصحاب الفضيلة القضاة، تبين أن الإجراء في الخطوط العامة موّحد، وأن القضاة غالبًا ما يحكمون في مسائل زيارة المحضون عن طريق اجتهاداتهم، والتي رأيت أنها توافق ما ذهب إليه الفقهاء، وأيضًا أجدهم في تحديد الزيارة بالوقت، والمكان، واستلام المحضون، وتسليمه، وتقدير نفقته، أنهم يحيلون الأمر إلى هيئة النظر، أما عن الضمانات التي تضمن عودة المحضون، فإنهم يلجأون إلى تحميل الجهات الأمنية مسألة عودة المحضون بعد الزيارة إلى أمه، أو أبيه، إذا كان في حضانة أحدهما، أيضًا يمكن إعادة نظر الدعوى في الزيارة إذا حصل تغير، أو جرى ظرف ما،وذلك نظرًا لمصلحة المحضون.
المبحث الثالث: التعليمات المتعلقة بزيارة المحضون في المؤسسات.
فإن بعد النظر في التعليمات الواردة في زيارة المحضون، سواء كان ذلك في نظام السجون، أو دور الحضانة التابعة لوكالة الشؤون الاجتماعية في وزارة العمل، نجد أن التعليمات تنص على زيارة المحضون، ومتابعته من قبل المسؤول عنه، وأنه يمكن كل من الأب والأم من زيارة الطفل المحضون، ورؤيته، ومشاهدته[/font].[/color]
r="black"]الأحق بالحضانة:
لا شك أن تربية الطفل الصغير والقيام على تدبير أموره ومصالحه، وكل ما يدخل ضمن المفهوم هو من عمل الأبوين. ولعل أكثر ما يقوم بأموره هي الأم، لأن الطفل في سنواته الأولى غالبًا يكون مع أمه في البيت، بخلاف الرجل الذي غالبًا ما يكون عمله هو التكسب، والحصول على المعيشة، لكن لو حصل بين الزوجين فرقة فهنا تأتي مسألة الحضانة، وحينئذٍ نحتاج إلى بيان هذا الحق، ونجد أن هناك خلافًا بين العلماء في حالة لو تخلت الأم عن هذا الحق؛ لأنه حق لها بإجماع الفقهاء الأربعة أصحاب المذاهب، فنجد أن الأم لو تخلت عن هذا الحق، وهو حق الحضانة، نجد أن الفقهاء -رحمهم الله تعالى- اختلفوا، وبعد عرض الأقوال، وما ذهب إليه كل مذهب، نجد أن الحضانة حق لكل من الحاضن والمحضون فتكون حقًا للحاضن؛ لأن الشارع جعل له ذلك بنظام خاص، ومصلحة المحضون في ذلك، ومصلحة الحاضن في أن يشب المحضون على الجادة، ويبتعد عما هو شائن،وأن يسير في الطريق السوي المستقيم، فالمحضون حينئذٍ لا يضيع حقه لوجود من يحضنه، وتكون حقًا للمحضون إذا تيقنت الحضانة بأن لم يوجد من يحضنه سواها؛ لأن القول في هذه الحالة بأن الحضانة حق للحاضن، يؤدي إلى هلاك هذا الطفل المحضون، فالمحضون صاحب حق في أن يكون عند أمه، أو في حضانة، النساء عمومًا على الترتيب الذي أورده الفقهاء، إذ أن النساء أقدر على أمور الحضانة من الرجال في هذه الفترة، وفي أن يكون عند الأب.
الفصل الأول
وتحته تسعة مباحث:
المبحث الأول: الأحق بزيارة المحضون.
الواقع أن المحضون إذا كان ذكرًا أو أنثى، وكان تحت حضانة النساء أو الرجال، فإن لكل من الأبوين الحق في زيارة ابنه أو ابنته أثناء حضانة الآخر له، وذلك تبعًا لما يقتضيه العقل، ويقبله المنطق، ونجد أن فقهاء المذاهب حول هذه المسألة يرون أن لكل من الأب والأم رؤية، وزيارة الطفل المحضون، وليس لأي أحد منهما الحق في المنع منها، وهناك توجد آداب لهذه الزيارة، وهي على النحول التالي:
1- ألا تكون الزيارة متكررة في كل يوم؛ بل يلزم أن تكون متباعدة في حدود المعقول، ولا تكون متكررة إلا في حالة الضرورة.
2- عدم إطالة المكث مدة تزيد على الحاجة.
3- تجنب الخلوة المحرمة.
4- إن الزائر يجب أن يكون متحليًا بما شرع الله ورسوله من الآداب المتعلقة بدخول بيوت الآخرين؛ من حيث وجوب الاستئذان.
المبحث الثاني: وقت الزيارة للمحضون.
إن وقت الزيارة للمحضون يقصد به اليوم أو الساعة التي تحدد الزيارة لهذا الطفل المحضون، وبالنظر حول ما تحدث عنه العلماء من أصحاب المذاهب الأربعة، نجد البعض يطلق في وقت الزيارة دون تحديد بيوم أو ساعة، بينما البعض لم يتحدثوا عن وقت الزيارة صراحة، وإنما يمكن الاستنباط لذلك من خلال نصوصهم، أما البعض فيذهب إلى تحديد وقت الزيارة بيومين في الأسبوع، أو يوم في الأسبوع.
المبحث الثالث: مكان زيارة المحضون.
مكان زيارة المحضون، هو المقر الذي يقيم فيه الطفل، وهذا يمر على حالات ثلاثة:
الحالة الأولى: مرحلة ما قبل سن التمييز – سن السابعة – فإن الطفل المحضون يكون عند أمه؛ لأنها هي الأحق بحضانته، فيكون مكان زيارته هو محل إقامة الأم، وهذا باتفاق العلماء من أصحاب المذاهب الأربعة.
الحالة الثانية: بعد سن التمييز ، فإن الطفل المحضون سواء كان ذكرًا أو أنثى، فإن مكان إقامته يختلف حيث إنه يخيّر بين والديه، وبناء عليه، فإن مكان الزيارة يختلف تبعًا لهذا التخيير.
الحالة الثالثة: إذا مرض الطفل المحضون، سواء كان ذكرًا أو أنثى، فإن كان قبل سن السابعة فيكون مكان زيارته هو منزل الأم، لأنها الأحق به،وإن كان بعد سن السابعة فإن كان عند أبيه فإن الأحق في تمريضه هي الأم، لأنها أقدر على رعايته،والصبر عليه في حال المرض، فإن رضي الأب أن يكون ذلك في بيته، فلا بأس، مع تجنب الخلوة، إلا أن يكون التمريض في بيت الأم، ويكون مقر زيارة الأب لولده؛ سواء كان الذكر أو الأنثى ، هو منزل الأم أيضًا مع تجنب الخلوة.
المبحث الرابع: تحديد مدة الزيارة للمحضون.
إن الفقهاء -رحمهم الله - نظروا إلى أن تحديد مدة الزيارة للطفل المحضون أمر مطلوب لابد منه، إذًا لابد أن تكون مدة الزيارة محدودة غير طويلة، وذلك تجنبًا للخلوة، ومواطن الريبة والشك؛ إذ أن كلاً من الأب والأم صار كل واحد أجنبيًا عن الآخر. وممن تحدث عن مدة الزيارة وعدم الإطالة فيها هم الشافعية والحنابلة.
فإذا قام أحدهما بزيارة الطفل المحضون، فإنه لا يطيل ولا ينبسط أثناء زيارته.
المبحث الخامس: أثر المسافة في زيارة المحضون.
إن المسافة لها تأثير حول زيارة المحضون من قبل أبويه، وهو ما تحدث عنه الفقهاء، حيث نظر الفقهاء إلى مصلحة المحضون، إذ إن المسافة البعيدة تجعل كلاً من الأبوين غير قادر على زيارة ومشاهدة ابنه أو ابنته أثناء حضانته عند أي واحد منهما، لذا فإنني تناولت بالحديث ما ذكره أصحاب المذاهب الأربعة؛ حيث اتفقوا على أن تكون المسافة قريبة لا بعيدة، بحيث يمكن للأب زيارة ابنه أو ابنته، واطلاعه عليها، والقيام بشئونها على أكمل وجه. أيضًا نظر الفقهاء إلى المصلحة لكل من الطرفين: الأب والأم، وأيضًا إلى مصلحة الطفل المحضون؛ حيث إن المسافة البعيدة تؤثر في زيارة الطفل، مما يجعل في ذلك ضررًا يلحق بكل من الأطراف الثلاثة؛ سواء الأب، أو الأم، أو الطفل.
المبحث السادس: نفقة زيارة المحضون.
إن الطفل المحضون قبل سن التمييز يكون في حضانة أمه؛ حيث إنها الأحق بذلك كما تقرر ذكره آنفًا، وفي هذه المرحلة فإن الأب يقوم بزيارة ابنه عندها، أما بعد سن السابعة فإن الطفل المحضون قد يكون عند الأب أو عند الأم، ففي هذه المرحلة إذا كان الطفل في حضانة أحدهما فإنه يريد زيارة والده أو والدته، وهذه الزيارة تتطلب نفقة تسهل عليه القيام بهذه الزيارة؛ سواء كانت أجرة المركبة التي تنقله إلى المكان الذي يريد الذهاب إليه، من سيارة، أو طائرة، ونحوهما أيضًا أجرة مصاريف يصرف بها على نفسه أثناء زيارته، وغير ذلك مما يحتاج إلى نفقة، والولد الصغير سواء كان ذكرًا أو أنثى، إما أن يكون لديه مال حاضرٌ، ففي هذه الحالة فإن نفقة الأب عليه لا تلزمه، لأنه يعتبر بماله غنيًا، فتكون نفقته في ماله، أما إذا كان ليس لديه مال فحينئذٍ يلزم الأب أن ينفق على ولده، فإن كان والده فقيرًا ولكنه قادر على الكسب، وتحصيل الرزق، فيجب عليه السعي من أجل القيام بهذه النفقة، لأن نفقة الأب على ولده واجبة بالإجماع، وهذا ما ذهب إليه الفقهاء.
المبحث السابع: المسؤولية عن المحضون أثناء الزيارة. وفيه مطلبان:
المطلب الأول: ضمان المحضون وقت الزيارة.
إن الطفل المحضون يعد أمانة في يد من يقوم على حضانته؛ سواء كان القائم عليه الأم أو الأب، أو أي جهة أخرى، لذا فإن الطفل المحضون يستلزم من الحاضن له حفظه عما يضره، سواء كان في وقت الزيارة أو في غيرها، لأنه في وقت الزيارة يكون عرضة للاعتداء عليه بخطفه، أو ضربه، أو تعليمه أمورًا لا تكون في صالحه، لذا نجد أن الفقهاء -رحمهم الله تعالى- قد ألزموا الحاضن بحفظ المحضون، ومتابعته والقيام على شؤونه كلها، فلو قصّر الحاضن في حفظ المحضون الذي تحت يده وقت الزيارة، فإنه يكون بذلك ضامنًا له، وذلك بسبب إهماله وتفريطه،وعدم متابعته له.
المطلب الثاني: تربية المحضون وتعليمه وقت الزيارة:
إن مرحلة الطفولة تعد مرتعًا خصبًا لتربية الطفل وتعليمه لكي يقوم بالدور المطلوب منه في الحياة، لذا قرر الفقهاء في كتبهم أن تعليم الطفل المحضون وقت الزيارة لا بأس به إذا كان في صالح هذا الطفل، وأنه لا يملك أحدٌ من الأبوين منع الآخر من تعليمه وتربيته.
المبحث الثامن: جناية المحضون وقت الزيارة:
إن الطفل المحضون لوجني جناية وقت الزيارة بأن فقع عين طفل آخر، أو طعنه بمحدد، أو غير ذلك من صورة الجناية، فإن رأي الفقهاء حول جناية الطفل أنها تعد خطأ، وأن العاقلة تتحمل دية الخطأ عنه، لأنه ليس له قصد، وإن عمده يعد خطأ، وهذا ما توصلت إليه في هذه المسألة.
المبحث التاسع: الضرر الناشئ عن زيارة المحضون.
إن الشريعة الإسلامية تدعو إلى تجنب الضرر بجميع صوره وأشكاله، ومن ذلك الضرر الناشئ عن زيارة المحضون، فلقد توصلت في هذا المبحث إلى أن الضرر إما أن يكون ضررًا ماديًا يصيب الإنسان في حقوقه المالية، أو ضررًا معنويًا يصيب الإنسان في مشاعره وعواطفه، لذا فإن الفقهاء -رحمهم الله - أرشدو إلى اجتناب الضرر الناشئ عن زيارة المحضون، سواء كان ضررًا ماديًا أو معنويًا، وذلك مراعاة لمصلحة المحضون أولاً وأخيرًا.
الفصل الثاني
النظم والاجراءات والتعليمات المتعلقة بزيارة المحضون
وتحته ثلاثة مباحث
المبحث الأول: الأنظمة القضائية [نظام المرافعات – الأحكام العاجلة].
إنه بالنظر في الأنظمة القضائية – نظام المرافعات. نجد أن النظام ينص بأن الأحكام الصادرة من القاضي حيال تقرير زيارة للطفل المحضون أو نفقة أو غير ذلك، فإن القاضي إذا كان حكمه نهائيًا أو غير ذلك، فإن الحكم لابد أن يذيل بالصيغة النهائية، ويجب تنفيذه على وجه السرعة. وإذا كان القاضي يرى إيجاد كفيل، فيجب حينئذ توفير هذا الكفيل كما ورد في المادة 197-198 كما أنه بالنظر في هذا النظام نجده سندًا لما ذهب إليه الفقهاء - يرحمهم الله - من أن الأب أو الأم ليس له الحق في المنع من الزيارة.
المبحث الثاني: الإجراءات القضائية في المحاكم المتعلقة بزيارة المحضون.
نقصد بالإجراءات هو العمل في المحاكم الشرعية حيال مسائل الحضانة،وزيارة المحضون، فإنه بعد عمل استبيان مكون من عدد من الأسئلة،ـ وعرضه على أصحاب الفضيلة القضاة، تبين أن الإجراء في الخطوط العامة موّحد، وأن القضاة غالبًا ما يحكمون في مسائل زيارة المحضون عن طريق اجتهاداتهم، والتي رأيت أنها توافق ما ذهب إليه الفقهاء، وأيضًا أجدهم في تحديد الزيارة بالوقت، والمكان، واستلام المحضون، وتسليمه، وتقدير نفقته، أنهم يحيلون الأمر إلى هيئة النظر، أما عن الضمانات التي تضمن عودة المحضون، فإنهم يلجأون إلى تحميل الجهات الأمنية مسألة عودة المحضون بعد الزيارة إلى أمه، أو أبيه، إذا كان في حضانة أحدهما، أيضًا يمكن إعادة نظر الدعوى في الزيارة إذا حصل تغير، أو جرى ظرف ما،وذلك نظرًا لمصلحة المحضون.
المبحث الثالث: التعليمات المتعلقة بزيارة المحضون في المؤسسات.
فإن بعد النظر في التعليمات الواردة في زيارة المحضون، سواء كان ذلك في نظام السجون، أو دور الحضانة التابعة لوكالة الشؤون الاجتماعية في وزارة العمل، نجد أن التعليمات تنص على زيارة المحضون، ومتابعته من قبل المسؤول عنه، وأنه يمكن كل من الأب والأم من زيارة الطفل المحضون، ورؤيته، ومشاهدته[