أرجو فضلا التثبيت إذا بالإمكان ..
بتروجيا ..
بقلم أخيكم / معلم رايق
ينهض أبو سليمان باكرا ليذهب إلى مقر عمله، مصطحبا معه أولاده إلى مدرسة الحي، يأخذ الممرات يمينا ويسارا، ليصل هدفه الأول، أحد هذه الممرات الذي لا يتعدى 10 أمتار تستقر فيه المدرسة ذات المبنى المستأجر .. تقف السيارة هنا لبرهة، تسير على هذا الممر أكثر من 200 سيارة خلال ربع ساعة فقط، هذا مستعجل يكاد أن يضرب أبو سليمان بسيارته، ولكن الله ستر هذه المرة.
ينزل الأولاد لتنتهي مرحلة وتبدأ أخرى، وهي الذهاب للعمل، ينطلق صاحبنا إلى الطريق العام، يأخذ الإشارة الأولى فالثانية ثم يأخذ يمينا مع الثالثة، الآن أبو سليمان يستقر فوق طريق الملك فهد في الرياض، السيارات تمشي الهوينى، بل تكاد تزحف، السابعة وخمس دقائق الوقت الآن، طابور طويل من السيارات، مذيع المحطة يخبرنا أنه يمشي على طريق الملك فهد الآن نحو خمسة ملايين سيارة، يا لله عدد كبير بالفعل!!
أخذت الأفكار تتدافع في مخيلة صاحبنا، لماذا هذا الزحام؟! ألم يجدوا له حلا حتى الآن!! لماذا ليس عندنا مترو للأنفاق، ولماذا لا تكون هناك قطارات؟! ولماذا .. ولماذا ؟!
إلى جانب أبو سليمان حافلة كبيرة كتب عليه خاص بطالبات جامعة الملك سعود، ذهبت الأفكار به بعيدا، ماذا لو كل واحدة من هؤلاء الطالبات ـ أو الموظفات عموما ـ سارت إلى جامعتها أو مقر عملها أو مدرستها أو مستشفاها أو أو أو .. بسيارة خاصة، كيف لو قادت كل منهن سيارة كيف سيكون شكل الطرق ؟! الزحام مع الرجال فقط لا يطاق، فكيف لو سمحوا للنساء بقيادة السيارات؟!
الثامنة وعشر دقائق، يصل أبو سليمان مقر عمله في، لتبدأ معاناة أخرى، البحث عن موقف للسيارة، فوسط الرياض بعمومه من النادر أن تجد لك موقفا قريبا فيه، أتى الفرج، موقف على بعد 20 مترا عن مدخل البوابة، لا شك أنه أفضل من موقف الأمس الذي لم أستطع الوصول للبوابة بعده إلا بعد جهد جهيد .. هكذا حدث نفسه صاحبنا.
الساعة الثامنة والنصف، يوقع أبو سليمان في دفتر الدوام ..
المدير : الزحام !! الزحام !! .. إلى متى يا أبو سليمان ؟ إلى متى ؟!
صاحبنا : لا أدري .. لا أدري !!
الزحام وما أدراك ما الزحام، مسلسل لم تنته فصوله بعد، أصبحت الرياض والزحمة اسمين متقارنين، لا تذكر الرياض إلا وتذكر الزحمة أو الزحام (بالفصحى)..
لن نتكلم عن خطط وقتية، أو ندعي حلولا سحرية، ولن نكرر الإمكانات موجودة، والخطط مرسومة، والخمسية الجاية فيها وفيها..
لن نلوم ولن نندد ولن نشجب أو نستنكر، مع أننا نحن العرب لدينا علامات مسجلة في الشجب والاستنكار والاستهجان، بل وشهادات نذكر بها عند القاصي والداني ..
لنعد إلى موضوعنا، في دولة كماليزيا كانت لا تعتمد على دخل سوى صناعة المطاط، ولا شيء غير هذه الصناعة، قيض الله لها رجلا كانت لديه الإرادة والرغبة في أن ينقل بلاده من صف الدول الثالث إلى مصاف الدول المتقدمة، ونجح بذلك خلال 22عاما مرت هي مدة بقائه في الحكم، إنه مهاتير محمد ومن لا يعرفه !!
في أوج وبداية هذا التقدم رأى مهندسوه ومستشاروه أن العاصمة كوالالمبور لا تحتمل ما سيقومون به من ثروة صناعية وإنشائية، فالشوارع ستكون ضيقة ومزدحمة، المباني تلفها من كل جانب .. التجربة اليابانية حاضرة، فالزحام شديد الآن في طوكيو، ويتعذب الناس كل يوم حتى يصلوا إلى أماكن أعمالهم!! .. إذن .. ما الحل؟!
رأى أحد المهندسين بناء مدينة قريبة من العاصمة، تنقل إليها جميع الدوائر الحكومية والجامعات والمصالح الحكومية وشركات القطاع الخاص.
وهذا ما حصل بالفعل، فقد بنوا مدينة جديدة قرب العاصمة، تبعد نحو 40 كيلومترا يربطها بالعاصمة طريق كبير ذو مسارات واسعة ومخارج قليلة، يوصلك إلى الهدف المنشود بأقل وقت وبأيسر الطرق، ثلث إلى نصف ساعة يوميا .. وإن يكن .. فأبو سليمان وغيره يقضون حوالي الساعة ونصف حتى يستقروا في مكاتبهم ..
ليس هذا فحسب، بل انتهوا من خط قطار يربط المدينتين يوصلك إلى عملك خلال 10 إلى 15 دقيقة، ونقلوا إليها جميع الدوائر الحكومية والجامعات وشركات القطاع الخاص، بل حتى القصر الرئاسي ومجلس الوزراء، إضافة إلى بنائهم الإسكان للموظفين كل حسب قطاعه وجهة عمله.
بتروجيا .. هذا هو اسم هذه المدينة واقعهم الذي يعيشونه والمدينة الحلم بالنسبة لنا، وهناك أمر آخر لقد جعل الماليزيون بتروجيا مدينة العمل نهارا، ومدينة السياحة ليلا، فوفروا فيها جميع المقومات السياحية وكل ما يخص السياحة.
هذه تجربة فريدة من بلد لم يملك في بداياته خمس ما نملكه الآن، فهل سنرى بتروجيا السعودية .. أو (الرياض 2).. ربما من يدري! ربما يتحقق الحلم .. وحتى نعلم أترككم في رعاية الله.
بتروجيا ..
بقلم أخيكم / معلم رايق
ينهض أبو سليمان باكرا ليذهب إلى مقر عمله، مصطحبا معه أولاده إلى مدرسة الحي، يأخذ الممرات يمينا ويسارا، ليصل هدفه الأول، أحد هذه الممرات الذي لا يتعدى 10 أمتار تستقر فيه المدرسة ذات المبنى المستأجر .. تقف السيارة هنا لبرهة، تسير على هذا الممر أكثر من 200 سيارة خلال ربع ساعة فقط، هذا مستعجل يكاد أن يضرب أبو سليمان بسيارته، ولكن الله ستر هذه المرة.
ينزل الأولاد لتنتهي مرحلة وتبدأ أخرى، وهي الذهاب للعمل، ينطلق صاحبنا إلى الطريق العام، يأخذ الإشارة الأولى فالثانية ثم يأخذ يمينا مع الثالثة، الآن أبو سليمان يستقر فوق طريق الملك فهد في الرياض، السيارات تمشي الهوينى، بل تكاد تزحف، السابعة وخمس دقائق الوقت الآن، طابور طويل من السيارات، مذيع المحطة يخبرنا أنه يمشي على طريق الملك فهد الآن نحو خمسة ملايين سيارة، يا لله عدد كبير بالفعل!!
أخذت الأفكار تتدافع في مخيلة صاحبنا، لماذا هذا الزحام؟! ألم يجدوا له حلا حتى الآن!! لماذا ليس عندنا مترو للأنفاق، ولماذا لا تكون هناك قطارات؟! ولماذا .. ولماذا ؟!
إلى جانب أبو سليمان حافلة كبيرة كتب عليه خاص بطالبات جامعة الملك سعود، ذهبت الأفكار به بعيدا، ماذا لو كل واحدة من هؤلاء الطالبات ـ أو الموظفات عموما ـ سارت إلى جامعتها أو مقر عملها أو مدرستها أو مستشفاها أو أو أو .. بسيارة خاصة، كيف لو قادت كل منهن سيارة كيف سيكون شكل الطرق ؟! الزحام مع الرجال فقط لا يطاق، فكيف لو سمحوا للنساء بقيادة السيارات؟!
الثامنة وعشر دقائق، يصل أبو سليمان مقر عمله في، لتبدأ معاناة أخرى، البحث عن موقف للسيارة، فوسط الرياض بعمومه من النادر أن تجد لك موقفا قريبا فيه، أتى الفرج، موقف على بعد 20 مترا عن مدخل البوابة، لا شك أنه أفضل من موقف الأمس الذي لم أستطع الوصول للبوابة بعده إلا بعد جهد جهيد .. هكذا حدث نفسه صاحبنا.
الساعة الثامنة والنصف، يوقع أبو سليمان في دفتر الدوام ..
المدير : الزحام !! الزحام !! .. إلى متى يا أبو سليمان ؟ إلى متى ؟!
صاحبنا : لا أدري .. لا أدري !!
الزحام وما أدراك ما الزحام، مسلسل لم تنته فصوله بعد، أصبحت الرياض والزحمة اسمين متقارنين، لا تذكر الرياض إلا وتذكر الزحمة أو الزحام (بالفصحى)..
لن نتكلم عن خطط وقتية، أو ندعي حلولا سحرية، ولن نكرر الإمكانات موجودة، والخطط مرسومة، والخمسية الجاية فيها وفيها..
لن نلوم ولن نندد ولن نشجب أو نستنكر، مع أننا نحن العرب لدينا علامات مسجلة في الشجب والاستنكار والاستهجان، بل وشهادات نذكر بها عند القاصي والداني ..
لنعد إلى موضوعنا، في دولة كماليزيا كانت لا تعتمد على دخل سوى صناعة المطاط، ولا شيء غير هذه الصناعة، قيض الله لها رجلا كانت لديه الإرادة والرغبة في أن ينقل بلاده من صف الدول الثالث إلى مصاف الدول المتقدمة، ونجح بذلك خلال 22عاما مرت هي مدة بقائه في الحكم، إنه مهاتير محمد ومن لا يعرفه !!
في أوج وبداية هذا التقدم رأى مهندسوه ومستشاروه أن العاصمة كوالالمبور لا تحتمل ما سيقومون به من ثروة صناعية وإنشائية، فالشوارع ستكون ضيقة ومزدحمة، المباني تلفها من كل جانب .. التجربة اليابانية حاضرة، فالزحام شديد الآن في طوكيو، ويتعذب الناس كل يوم حتى يصلوا إلى أماكن أعمالهم!! .. إذن .. ما الحل؟!
رأى أحد المهندسين بناء مدينة قريبة من العاصمة، تنقل إليها جميع الدوائر الحكومية والجامعات والمصالح الحكومية وشركات القطاع الخاص.
وهذا ما حصل بالفعل، فقد بنوا مدينة جديدة قرب العاصمة، تبعد نحو 40 كيلومترا يربطها بالعاصمة طريق كبير ذو مسارات واسعة ومخارج قليلة، يوصلك إلى الهدف المنشود بأقل وقت وبأيسر الطرق، ثلث إلى نصف ساعة يوميا .. وإن يكن .. فأبو سليمان وغيره يقضون حوالي الساعة ونصف حتى يستقروا في مكاتبهم ..
ليس هذا فحسب، بل انتهوا من خط قطار يربط المدينتين يوصلك إلى عملك خلال 10 إلى 15 دقيقة، ونقلوا إليها جميع الدوائر الحكومية والجامعات وشركات القطاع الخاص، بل حتى القصر الرئاسي ومجلس الوزراء، إضافة إلى بنائهم الإسكان للموظفين كل حسب قطاعه وجهة عمله.
بتروجيا .. هذا هو اسم هذه المدينة واقعهم الذي يعيشونه والمدينة الحلم بالنسبة لنا، وهناك أمر آخر لقد جعل الماليزيون بتروجيا مدينة العمل نهارا، ومدينة السياحة ليلا، فوفروا فيها جميع المقومات السياحية وكل ما يخص السياحة.
هذه تجربة فريدة من بلد لم يملك في بداياته خمس ما نملكه الآن، فهل سنرى بتروجيا السعودية .. أو (الرياض 2).. ربما من يدري! ربما يتحقق الحلم .. وحتى نعلم أترككم في رعاية الله.