Maroom

Maroom

" محماس " يحاضر في جامعة العلوج

سلطان الشريف

إدارة الملتقى
عضو مميز


" محماس " يحاضر في جامعة العلوج



عبد الرحمن بن عبدالعزيز الحويل




بادية التربية

في الصحراء القاحلة وتحت درجة حرارة عالية يمكن أن يغلي من جرائها الماء دوت صرخة الحياة من بين أرجاء خيمة قابعة بين الجبال المحاطة بالهضاب والتلال الرملية. ودوت فرحة عارمة بين أبناء بادية " التربية " بقدوم المولود الأول الذي طال انتظاره لأكثر من سبع سنوات. لقد عمت الفرحة جميع أبناء البادية لأن شيخها " فليحان " محبوب من رعيته إلى درجة أن كثير منهم أصر على المشاركة في تسميته. وقد أجمع جماعة بادية التربية على كرم الشيخ فليحان مما دعاهم للإجماع على تسمية ابنه "محماس".
ترعرع " محماس " في كنف والديه وتولت والدته " رثعا " زرع أهم صفاتها الشخصية المتمثلة في الصدق و وقول الحق والعدل و الحكمة والجرأة وحب المغامرة في حديقة فكر ابنها ونجحت الى حد كبير في هذه الجوانب لكنها لم تكن متحمسة كثيراً للتغيير من عزلته التي ولدت معه وصارت عاملاً مهماً في البحث عن صديق يؤنس وحشته ........

وعبثاً حاول محماس التعايش فكرياً مع أبناء باديته . فــ ( صنيتان ) مولّع دائماً بحلب النياق و ( سداح) يعشق أكل التمر المكسو بطبقة من الدبس بشكل نهم وله من اسمه نصيب, فبمجرد أن تتعلق نفسه بشئ ما فانه يسدحه سدحة قاتلة !! أما ( شليويح ) فمغرم بمطاردة " القعدان " بين الهضاب والكثبان الرملية و ( نهاّش ) يهيم على وجهه في البراري ويعرف بــ " نهاش فتى الجبل والبراري "

أما " شليويح " الذي تقبع خيمة جماعته في أقرب المرابع فلا يعرف من الجماعة سوى صديق العمر
" حنـــش " حيث يتسامران على أنغام الربابة وكلمات القصائد المسلحة في جو مشبع بالرومانسيات ومع أن تقاطيع وملامح " شليويح " تماثل إلى حدٍ ما تجاعيد" بتهوفن " فإنه لا يوجد علاقة بين سيمفونيات الرجلين !!

لقد سئم " محماس " كل المحاولات التي بذلتها والدته للتقريب بينه وبين أبناء البادية فالفارق الفكري آخذ في الإتساع مع تسارع السنين.
حينما شارف عُمر " محماس " على السابعة عشر عزم على الرحيل إلى المدينة بصحبة عمه المشرف على مدرسة الكتاتيب ولم يكن عمه ليرحل معه لولا توسمه النجابة بكل معانيها في شخص الشاب اليافع محماس الذي حفظ وتدبر القرآن الكريم وهو في الثانية عشرة من عمره.
وفي المدينة وجد " محماس " نفسه وأبحر مع خير الجلساء , مع الكتاب ومع المبرزين في ميدان الفكر وأكمل دراسته وتفوق على أقرانه . لم يعد يشعر بالغربة لأنه عقد صداقات صادقة مع مختلف مشارب المعارف في أمهات الكتب. لقد صار علماً يشار إليه بالبنان في مدينة التربية بل أنه وصل إلى درجة التفوق في أحياناً كثيرة على المعلمين أنفسهم، وعندما وقع عليه الإختيار من قبل لجنة البعثات الخارجية لغرض إكمال الدراسة، تردد للوهلة الأولى في إتخاذ القرار الصعب. هل ينام له جفن في غربته وهو يعرف أن البحار والمحيطات ستفصل بينه وبين " فليحان " و " رثعا " والمقربين منه ؟ هل يغامر بفك طلاسم مجتمع " العلوج " ؟

في الطائرة

وبعد تساؤلات كثيرة واجتماعات متنوعة مع الذات تم اتخاذ القرار الصعب عن قناعة تامة.
في اليوم التالي حزم " محماس " حقائبه استعداداً للسفر على طائرة Douglas DS_3
والتي تتسع لــ 26 راكباً فقط حيث تهبط في محطات عده قبل الوصول إلى المحطة الأخيرة. كانت سجادة الصلاة تتصدر قائمة ما يحتاجه في رحلته الطويلة. قبل صعوده سلم الطائرة ذرفت دمعة ساخنة زادت من حرارة الوداع بينه وبين أبناء جلدته، الكل متأثر.... الكل يقاوم العبرات..... الكل لا يكاد يصدق أن كتلة الخلق الحسن المتمثلة في شخص " محماس " سوف تعانق عنان السماء في رحلة المجهول. لقد أحبه كل من عرفه، وهذا ما جعل قاعة المغادرة تكتظ بالمودعين رغم رحابة مساحتها.

وفي كبينة الطائرة همس من كان يجلس بالقرب من " محماس " في إذنه مشيراً إلى رجل ضخم الجثة كان يجلس في الجانب الأخر من الطائرة (( أبك الدب هذاك يبا يمرجح الطيارة ! وش السوءة يأبن أخي ؟ ))، أبتسم محماس الذي تذكر في الحال أقرانه في بادية التربية ورد بتلقائية (( أبك اطلب منه يتوسط المقاعد لأجل توازن المأخوذة " الطائرة ")).
ومع هدير المحركات وفي لحظة كان يهم ذلك الرجل الأمي بالترجل من مقعده خارت قواه وتسمر في مقعده واخذ يحملق بحسرة تجاه الجانب الآخر من الطائرة حيث يجلس أجثل شخص فيها واخذ يتمتم بكلمات لم يستطيع محماس فك شفرتها، ولكن بعض الآثار المحسوسة والملموسة في وحول مقعد ذلك الرجل كانت تدل على أنه يرغب التوجه إلى دورة المياه !!


وفي موقف آخر,وبينما "محماس" يهم بالجلوس في مقعد مريح في مؤخرة الطائرة , التفت إليه رجل مستشرق أشقر في عقده السادس مرحبا به وقال بلغة عربية فصحى " دعنا نقطع الوقت في شئ مفيد ومسلي, . لدي لغز إذا أجبته أمنحك خمسة5جنيهات وإذا فشلت في إجابته تمنحني مثلها من الجنيهات. ثم يأتي دورك فتسألني وهكذا ! تظاهر محماس" بالنوم" كناية عن عدم رغبته بذلك الأمر. كرر المستشرق طلبه وأضاف " أمنحك خمسون في حالة معرفتك وأنت تمنحني خمسة في حالة معرفتي بحل الغز. موافق ؟ "

لم يكترث " محماس" لهذا العرض ولكن المستشرق كان واثق إلى درجة كبيرة بقدراته في حل الأحاجي والألغاز مما جعله يرفع درجة التحدي بقوله, " أعطيك خمس مائة جنيه إذا تمكنت من حل الغز الذي سوف اطرحه عليك بلهجتك المحلية ولا اخذ منك سوى خمسة في حالة عجزك عن ذلك. موافق ؟ "
كان العرض مغر إلى درجة أن محماس اعتدل في جلسته و نظر نظرة فاحصة إلى وجه الرجل وقال على الفور , " موافق "
كان اللغز :
" وش المدخن اللي نصفه الثاني ما يسبق (القربة) لكنه يسبق الـــــ (الزير) . بالبخل معروف وبا لخبث موصوف "
لم يكد ذلك المستشرق ينهي لغزه حتى بادره " محماس " بالجواب التالي ( أوووه.. النصف الثاني من مدخن { خن } وهذا النصف يسبق { زير} ..نعم ..خبيث وبخيل هما صفتان لـــ *شروان* الذي يتزعم الحكومة الخفية في الرواية الانجليزية" Don't be such a pig" إذا الجواب هو الخنزير !

استحق " محماس " الخمس مائة جنيه لأنه تمكن من حل" الغز الصعب " في نظر المستشرق. فكر " محماس " جيدا عندما حان دوره في طرح لغز يحتمل الكسب أو الخسارة وبادئه قائلا , " ما هو الكائن الحي الذي لا لون له ولا طعم ولا رائحة وجوابه يتكون من عشرة حروف في كلمة واحدة ؟ "
وبعد أن نفذت جميع محاولات المستشرق في الإجابة كان الوقت قد حان للهبوط فتسلم " محماس" قيمة مكتسبات الرهان البالغة ألف جنيه ! وعند سلم الطائرة, سأل المستشرق " محماس" عن حل الغز الغامض. فقال انه لا يعرف الجواب واخرج من جيبه ورقة مالية من فئة الخمسة جنيهات وسلمها على عجل لذلك المستشرق وانصرف !!!








في مدينة توغ العلجية

حطت الطائرة في محطتها الأخيرة عند الساعة السابعة والنصف في يوم شديد البرودة حيث بلغت درجة الحرارة 18 درجة تحت الصفر وكان يوم عاصف ،فالأرصفة والطرقات مكسوة ببساط ثلجي ناصع البياض وكان رذاذ الثلج يتساقط بكثافة على كافة أرجاء مقاطعة " توغ العلجية " كان منظراً غاية في الجمال بالنسبة لمحماس الذي توشح فروه كان قد أهداها له عمه معلم مدرسة الكتاتيب ، كان منظرها ملفت للنظر عند العلوج . والذي زاد منظرها غرابة ذلك الحذاء بالكعب الطويل الذي لا يمكن تصنيعه إلا في بلاد الشرق الأوسط ، فلا توافق بين شكل ولون هذا وذاك !
ونظراً لتبلل معطف _ عفوا !! فروت " محماس " برذاذ المطر، فقد انبعث منها رائحة تماثل رائحة مربط أم القعدان !!
ولحماية نفسه من مزيد من البلل لاذ لأقرب محطة انتظار في مكان يعج بأصناف البشر وجلس يلتقط أنفاسه ويتأمل هذه الكتل البشرية التي تتحرك بانتظام في مسارات تماثل نسيج بيت العنكبوت.

كان يصغي بكل حواسه إلى المحادثات "أي الدردشات الجانبية" آملاً في معرفة مقدار حصيلته اللغوية التي نهلها من كتاب " تعلم اللغة العلجية في خمسة أيام "! ، وبعد إنصات على فترات متقطعة لما يدور من مختلف أصناف الحوارات والمناداة إرتابه الشك في أن تكون لغة الحوار هي العلجية. وكونه فطن وذا حنكة، فقد أدرك في الحال أن إتقان مهارات اللغة لا يمكن اكتسابها بمجرد القراءة لمفردات وتراكيب جمل جافة تفتقر إلى المنهجية في الطرح ، تحسس محماس على إثر ذلك جيوب فروته في بلد الأناقة والجمال وأخرج من إحداها ذلك الكتاب المتهالك وأخذ يتمتم:" خمسة أيام ؟!"
قام " محماس " من مقعده بتثاقل وكانت الأفكار تتلاطم في مخيلته : ترى .... إلى أين المصير ؟ ما هي الطرق المؤدية إلى وسط المدينة ؟ أين سأمكث الليلة ؟ ما لذي جنيته بحق نفسي ؟ وفي غمرة التفكير هذه لاح في الأفق بريق أمل ، لقد لمح يافطة كتب عليها " Downtown " تتوسط مجموعة من وسائل النقل الكبيرة . بحث في كتاب الخمسة أيام عن المعنى فلم يجد ترجمة مناسبة لها سوى " بلدة تحت" فتمتم مرة أخرى " خمسة أيام ! " فرمى الكتاب على قارعة الطريق, وامتلكته الدهشة في الحال عندما شاهد أحد المارة يأخذ الكتاب ويمشي بضع خطوات ثم يضعه في اقرب حاوية للمخلفات !

بعد تردد, وفي خطوة تشبه المغامرة تمتم في نفسه " توكلت على الله " ودلف إلى مقدمة إحدى الحافلات، وما هي إلا دقائق معدودة حتى بدأت الحافلة تشق طريقها متوجهة صوب قلب المدينة النابض. كانت مقدمة الحافلة مخصصة للعجزة أو المرضى ولم يكن " محماس " يدرك أنظمة وقوانين دولة العلوج .
كانت تلك السيدة ( في أوائل العقد السادس من عمرها ) التي تم مساعدتها بالجلوس في المقعد المجاور له ترمقه بين الفينة والأخرى بنظرات فيها تساؤلات عن وضعه الصحي !! وكانت الفرصة سانحة عندما سقطت الحقيبة اليدوية للسيدة تحت المقعد فما كان من محماس إلا المبادرة بتحسسها أسفل المقعد وتسليمها للسيدة بابتسامة فيها رأفة وتسامح .
بادلته السيدة التحية بمثلها وشكرته بلغتها، وأردفت بسؤال عن صحته اعتقاداً منها بأنه يجيد التحدث بتلك اللغة. عندئذٍ تجلت لغة الإشارة . ومع أن النظر إلى الغير في دولة العلوج يعتبر اعتداء على الخصوصيات الشخصية ، فإن من يسرق النظر إليهما يعتقد أنهما أطرشان في زفة !! فقد تفاعلت السيدة المتعلمة مع ما يريد قوله وتفاعل هو الآخر بشكل كبير مع تعابير وجهها المتجعد ويديها شبه المترهلتين ، واستمر هذا التفاعل دون انقطاع طوال فترة الانتقال من المطار إلى وسط المدينة التي بدأت معالمها تظهر للعيان .


كانت المساحات الشاسعة من البساط الأخضر على جانبي الطريق لوحة جمالية تكاد أن تنطق برائحة النسيم العليل الذي يتسلل إلى الحافلة عبر منافذ التهوية فيمتزج على الفور مع رائحة مقصورة الحافلة التي تماثل نسبيا الرائحة التي تنبعث من حمض الفسفورك H3PO4 ! ! فيحصل ما يماثل التفاعل الكيميائي الذي يخفف بدورة حدة التركيز في المقصورة.

وما أن أخذت الحافلة تقترب رويدا رويد من مشارف المدينة الوادعة حتى صارت الأفكار تتلاطم في رأس "محماس" إلى درجة تعطلت معها لغة التواصل بينه وبين تلك السيدة !
وما هي إلا برهة حتى سمع صرير مكابح الحافلة معلنة الوصول إلى محطة "الخرخير" في وسط المدينة. كانت الساعة تشير إلى الحادية عشرة إلا ثلثا صباحا. وفي غمرة التفكير تلك, لم يشعر إلا ويده ممسكة بدفء بيد تلك السيدة الأنيقة خارج الحافلة و على قارعة الطريق!


لقد انتاب " محماس" شعورا بأن تلك السيدة بحاجة فعلية إلى سماحته وبساطته وأحس بدفء في انجذابها نحوه بدد من برودة الجو الذي لم يعتاده . لم يقف حاجز اللغة دون تحقيق غايات الطرفين : ف" محماس" قد امسك بخيط الأمل الذي قد يقوده إلى تخفيف معانة الغربة في يومه الأول على الأقل , وأما السيدة المحترمة في تعاملها فيبدوا أنها تريد التعرف عن قرب على سر هذا النوع من العطف المفقود على نحو كبير في مجتمعها، وقد تكون أيضا مغرمة بزيارة المتاحف التي في العادة تحوي مالا يمكن مشاهدته في الأماكن العامة " فروة محماس "!!
كانت تبتسم كلما وقعت عيناها على عينيه وكأنما تريد التعبير عن مدى سعادتها بالمعاملة التي تحضى بها من هذا الشاب الذي توشح رداء التعاليم السماوية المتمثلة في سلوكه المعنون ب " الدين المعاملة " كان يخيل إليها أنه يخشى عليها حتى من الريح مما جعلها لا تتردد في دعوته إلى مصاحبتها إلى حيث مقر سكنها. وفي الطريق, , طرق الأمان أركان جوانحه فشعر " محماس " في الحال براحة نفسية تعطلت معها مشاعر القلق وتمتم في نفسه يقول " إنها دعوات والدتي وكل من أحببني وحسبي أنني لم ولن اكره أحدا في حياتي حتى من قد يسئ إلي" .

طلبت السيدة سيارة أجرة وأخذا يتبادلان لغة الإشارة في المقعد الخلفي في سيارة الأجرة التي تقلهما إلى منزلها حيث بادرت السائق بعنوان منزلها مكتوبا على قصاصة ورقة. ولم يأبها بنظرات الفضول التي كان يرمقهما بها سائق التاكسي بين الفينة والأخرى, بل إن الأمر وصل بكليهما إلى حد القهقهة عندما يستعصى الأمر على احدهما فهم لغة الإشارة من الطرف الأخر! مما زاد فضول السائق الذي توجه بسؤال السيدة عما إذا كانت تعشق مثل ذلك الجو البارد ومن فرط سعادتها مع " محماس" تظاهرت بأنها لا تفهم سوى لغة الإشارة وأخذت تؤدي حركات مضحكة شبه لا إرادية مما جعل السائق نفسه ينساق معهما إلى رفع حرارة القهقهة إلى درجة كادت أن تفقده السيطرة على مقود السيارة في أحد المنعطفات التي تقود إلى منزل السيدة Carole" " .
كان ذلك كفيل بخفض إيقاع الصخب النسبي داخل سيارة التاكسي التي توقفت بعد بضع دقائق عند بوابة البناية الشاهقة في قلب مدينة ""Tour . أراد محماس أن يتولى إنزال الحقائب من سيارة الأجرة وبينما كان يهم بذلك جاء من ابتسم في وجهه وتولى المهمة عنه.





مع السيدة كارول

لم يكن باستطاعة " محماس " إخفاء اندهاشه للمشاهد والمناظر وبعض أدوات التقنية في مرافق تلك البناية. كان ممسكا بيدها عند المدخل الرئيسي وكان السلم الكهربائي على بضع خطوات منهما وبينما كانا يهمان بالتوجه إليه ومن ثم إلى الدور الأول حيث المصاعد الكهربائية حدث ما لم يكن في الحسبان ! كان لخطوات محماس وهو يمشي إيقاع ملفت للنظر نتيجة احتكاك حذاءه ذو الكعب الطويل بالأرضية الرخامية ولو وقف الأمر عند هذا الحد لكان حسنا , ولكن زلت قدم المسكين فطار حذاءه متوجها صوب السلم وقام على الفور وهو يرمقه سابقا إياه إلى أعلى " يالله الخيرة " قالها وهو ينظر إلى وجه السيدة Carole التي لم تتمكن يدها اليمنى من إخفاء ضحكتها ! ثم التفت يمينا ويسارا ضنا منه أن الناس من حوله هم صنف من الفضوليين, فلاحظ خلاف ذلك-- الكل ساع في حال سبيله. وبمثل حنان الأم على ابنها أمسكت السيدة بيده وهي لا تزال تضحك وتضحك وكأن هستيريا القهقهة في سيارة الأجرة قد عاودها. لم يكن تصرفها ذلك سوى تعبير عن تأكيد رغبة جامحة منها في بناء جسور من الألفة بينها وبين هذا الشاب المنبهر بالحضارة المادية للعلوج .

في الدور الأول , وجد احدهم يناوله الحذاء بابتسامة فيها كثير من الأدب, فقال محماس في نفسه " باليت بعض قومي يعلمون , والله إنها لبعض تعاليم ديني"
. شكرت " Carole " الرجل نيابة عن محماس وتوجهت معه صوب أقرب مصعد بعد أن ربط حذاءه وضغطت على الرقم المؤدي إلى الدور الرابع والعشرين .كانت معظم الأشياء التي شاهدها ملفتة للنظر و تمثل تعريف مبدئي لطبيعة هذا المجتمع الذي يعج بأصناف المتناقضات.
مع أن التعب والإرهاق قد نال منهما منالا, فقد قاوما نظرا لطبيعة المواقف الدرامية التي تعرضوا لها وهي ما ساعد فعلا على ترطيب الجو و إضفاء نوع من المتعة الصاخبة !

عند توقف المصعد في الدور 24 ولدى خروجهما منه توجها فورا عبر ممر أنيق إلى حيث تسكن Carole.لم يكن "محماس " مستقرا ذهنيا لكونه لم يتناول بعد جرعة أدمن عليها. لا , ليست الهروين أو المراوانة أو الحشيش أو ما في شاكلتهم . إنها جرعة الهدوء و الطمأنينة والسكينة وتهذيب الوجدان ...نعم , لقد كان هذا هاجسه منذ أن وطأة قدماه ارض مطار العلوج , كان يتوق
لا داء الواجب ( الصلاة ) و لمناجاة الإله في مكان يسوده السكون وكان يتبع السيدة على استحياء مستعجلا الأمر مع أن الإيحاءات المتتالية منها فيها دعوة له للانطلاق والتعبير عن ألذات بحرية.






مع أن محماس بأدبه الجم قد جامل السيدة المضيفة فأن ذلك لم يكن على حساب معتقداته ومبادئه. فعندما طرقت Carole باب الشقة رقم 14 بادرها صوت من الداخل " السيدة كارول؟ ", " نعم, افتحي Shirley " . ففتح الباب ومن خلفه شابة شقراء لم تتجاوز السابعة عشر ربيعا وطولها يتناسب تماما مع بنيتها وعلى قدر صارخ من الجمال وتحمل بين إحدى يديها هرة وديعة يعلو وبرها بلل من الماء عندما تراها تحسبها درة من حسن مظهرها. كان جزء كبيرا من ملابس الفتاة مبلل بالماء أيضا مما يدل على أنها كانت تقوم بعمل له علاقة بالغسيل أو التنظيف.

رحبت الفتاة بسيدتها ولكنها تراجعت إلى الوراء بشكل لا إرادي عندما وقعت عيناها على ابن بادية التربية ! عادت على الفور للداخل لإكمال المهام الموكلة لها وتركت الاثنين وشأنهما. كان في قسمات وجه محماس ما يوحي بسيل عارم من الأسئلة عن كل ما تقع عليه عيناه من الاداوات الكهربائية والوسائل الالكترونية والتقنيات السلكية واللاسلكية وبينما كانا في نهاية جولته في أرجاء المنزل وقعت عيناه على غرفة نوم صغيرة ومرتبة بشكل جميل يدعو إلى الدهشة وتفوح فيها رائحة عطر زكية وفي احد أركانها شاهد ما لم يكن في الحسبان . لقد شاهد حقيبته! فتذكر على الفور أهم محتوياتها . إنها سجادة الصلاة. عندها طلب الإذن من السيدة في الاسترخاء لفترة نظرا لكونه مرهقا ويحتاج إلى الراحة ولكونها مدركة تماما حاجته للراحة بعد عناء السفر فقد طلبت منه الإذن في إحضار شئ من الأكل قبل أن يخلد للنوم ,وبعد إلحاح منها رضخ لطلبها بعد أن فهم منها أن الفتاة سوف تحضر له الطعام بعد بضع دقائق.وما أن ودعته حتى هب إلى حقيبته واخرج سجادة الصلاة واجتهد في تحديد القبلة بعد أن أتم وضوءه وشرع في أداء فريضته. لم تمض بضع دقائق حتى شعر بخطوات تقترب رويدا رويد من باب غرفته المشرع وتدنو أكثر فأكثر منه وهو في التشهد الأخير من الصلاة .
عندما شاهدت الفتاة وهي تحمل الطعام بين يديها "محماس" على الوضع الذي يعتبر غريب عليها , نادته " الطعام جاهز سيدي. هل ترغب تناوله هنا ؟ " وكانت تشير إلى إحدى الطاولات الصغيرة في الغرفة. كررت ذلك مرة أخرى ولم تتلقى إجابة منه لكونه لم يتم صلاته بعد. فعادت على الفور إلى حيث كانت سيدتها , " سيدتي, يبدوا أن ضيفك مريض جدا ,حدثته فلم يجب وهو الآن جالس هناك بلا حراك ويبدوا انه لا يستطيع حتى الالتفات ! " تماسكت السيدة "كارول" نفسها ونهضت بشكل نشط رغم تعبها على نحو لم تألفه نفسها أو الفتاة التي تقوم على خدمتها وتوجهت فورا إلى الغرفة المعدة لمحماس. عندما دخلتا الغرفة كان الشاب الورع قد انتهى للتو من التشهد الأخير, ولكنه لم يزل على شبه الوضع الذي شاهدته الفتاة عليه. " يا الهي, هل أنت بخير ؟ " قالتها السيدة كارول لفظيا مع أنها تدرك عدم فهمه للغة للمرة الأولى . كان تصرفا لا إراديا نتيجة لما سمعت من الفتاة. بادرها محماس بابتسامة عريضة وقال بصوت جميل ومخارج حروف رائعة"Oh! Nothing. I'm ok "". نعم. فهذا الشاب البدوي يملك عقل يتوقد ذكاء, وقد التقط هذه الإجابة من مجرد سماعه للقاء الذي دار بين السيدة وفتاتها. لم يكن هناك متسعا من الوقت لشرح تفاصيل الكيفية التي تتم بها أداء الفرائض ولكنه استطاع إفهامهما نسبيا بما كان يعمل. بانت أسارير البهجة على وجه السيدة كارول حيث التفتت على فتاتها وهي تبتسم بسمة ملؤها الرضاء وتبادلتا نفس الابتسامة مع "محماس" الذي شرع في تناول الطعام بيديه ! وبعد مداعبات حنونة طابعها الأمومة من كارول لــــــ "محماس" ودعته على أن يأخذ قسطا من النوم وبعدها لكل حادث حديث .



استيقظ محماس عند الساعة الخامسة من صباح اليوم التالي حيث كان الظلام لا يزال يسدل ستائره ولكن الإضاءة الخافتة داخل الغرفة جعلته قادرا على تمييز الأشياء من حوله فوجد بجوار فراشه سلة من الفواكه التي لم يراها في حياته. وفي سكون وهدوء تامين دلف إلى دورة المياه فلاحظ أن الأدوات والمناشف السابقة قد تم استبدالها بأخرى جديدة.
خرج بعد برهة متجها لأداء صلاة الصبح وبعد قضاءها شرع في تلاوة بعض من سور القران الكريم عن ظهر قلب واستمر على هذا المنوال حتى بزوغ الصبح. وفي لحظة تأمل واسترخاء, وفيما كان تفكيره منصبا على وجوب استغلال وقت هذا اليوم الجديد في انجاز ما يتعلق بسكنه ودراسته, سمع ما يدل على بعض التجهيزات في المطبخ وغرفة الطعام . ولم تمض بضع دقائق حتى جاء من طرق باب غرفته برفق متناهي. فتح محماس الباب وكان يرتدي نفس الملابس التي ارتداها منذ إقلاعه من بادية التربية ما عدا تلك الفروة الغليظة فقد علقها في احد جوانب الغرفة كلوحة جمالية! ولكن الشئ الذي كان يميزه هذه المرة هو لمعان شعر رأسه بشكل ملفت جدا للنظر. لقد وضع عليه نوع من الكريم المخصص للبشرة !

يتبع .............
 

سلطان الشريف

إدارة الملتقى
عضو مميز
اليوم الأول
" مرحبا سيدي. اسعد الله صباحك, السيدة كارول تدعوك للإفطار معها " بادرته تلك الفتاة الشقراء التي تكاد تقاسيم وجنتيها أن تنطق جمالا ونعومة وحياء بتلك العبارات الترحيبية ظن منها بمعرفته وإجادته للغة العلجية. كان في موقف لا يحسد عليه, ماذا عليه أن يقول . أوه, لقد استخدم محماس ذاكرته الجبارة التي تخزن الأشياء وتسترجعها بصورة تفوق الوصف في استرجاع اسمها الذي يماثل إلى حد ما اسم احد اقرأنه في البادية " شليوح". وعلى الفور أجابها " صباح الخير , شيرلي " قالها بمخارج حروف علجية واضحة.

الجميل في شخصية محماس أنه سريع التأقلم وقد ساعده على ذلك أريحيته وتلقائيته وبساطته الممزوجة بذكاء متقد يوظفه لتحقيق أهدافه في كل المواقف.ففي جلسته الصباحية مع كارول لمدة لا تزيد عن الساعة وخمسة عشر دقيقة تخللها تناول طعام الإفطار , جعلها تنجذب إليه أكثر فأكثر وهذا ما دفعها إلى انجاز مهمة تسجيله في المعهد اللغوي التابع لأعرق الجامعات العلجية, ليس هذا فحسب – بل إنها ساعدته في إنهاء كافة الإجراءات الرسمية لدى ممثليه الملحق الثقافي التعليمي وفتح حساب له في اقرب البنوك لسكنها! ولكنها اعترضت بأدب جم على سكنه في إسكان الطلاب المغتربين التابع للجامعة.

" مماس, تذكر أن المبلغ المالي الذي تستلمه لا يغطي تكاليف الدراسة و لذلك أرى أن تعمل بالإضافة إلى دراستك كي تعزز قدراتك المالية"
" أعمل ! كيف لي بذلك ؟ ماذا أعمل وأين ؟ "
" الأمر بسيط, قررت الشابة التي تساعدني في تدبير المنزل الرحيل بعد إكمال دورتها الدراسة "
" ماذا تقصدين؟ ابنتك ستغادر !؟ "
" مماس, تلك الشابة ليست ابنتي . إنها مثال للشابة المثابرة التي استطاعت التوفيق بين العمل والدراسة على مدار السنتين الماضيتين وستغادر إلى ولاية " الطراطير" لحصولها على عقد عمل هناك. وكنت ادفع مبلغا من المال لها مقابل خدمتي بالقيام ببعض الأعمال المنزلية"
" أوه. فهمت, على فكرة, لماذا لا نقيم لها حفلة وداع ؟ "
" يا لك من شاب رائع مماس, لقد تم الترتيب لها الليلة حيث سنودعها ونستقبل ولي عهدها !
" ولي عهدها ؟ مممم........ذا ؟ "

" نعم أنت الخليفة, أنت البديل المناسب وسوف أكرمك في المكافأة متى ما اثبت جديتك وان كنت لا اشك في ذلك مماس"
" موافق, لكن ماذا عن السكن في الإسكان الطلابي الخاص بالجامعة ؟ "
" لقد أعددت لك الغرفة التي كان مبيتك فيها ليلة البارحة ولن أطالبك بأكثر من 600 جنيه في الشهر لقاء خدمتك إياي !!! "
" 600 جنيه ! ولكن سيدة كارول , هذا مبلغ كبير لا استطيع توفيره مع نهاية كل شهر. ماذا عن نصف هذا المبلغ ؟ اعتقد انه مناسب. "
" غير مناسب على الإطلاق , مماس. كيف يمكنني أن أبخسك حقك ! لم اقصد إلا ممازحتك ! والذي أردت بالفعل قوله هو: أنني سوف أمنحك السكن المجاني وبعض الملاليم في نهاية كل شهر لقاء عنايتك بالمنزل ! "
" اووووه , هذا شئ رائع وهو كرم ولطف منك سيدة كارول . على فكرة, أنا ماهرا في الطبخ ويمكن الاعتماد علي في هذا الشأن"
" على كل حال, لن اطلب منك الليلة سوى ملازمة اثنان من الطهاة لتتعرف عن قرب على الطريقة العلجية المتبعة في تحضير الطعام "
" وماذا عن شيرلي ؟ لقد كانت طريقة تحضيرها لطعام الإفطار في صباح هذا اليوم أكثر من رائعة. لابد من الاستفادة من تجاربها في هذا المجال . "
" هل نسيت أننا سنحتفي بها الليلة , مماس؟ إنها ليلة وداعها , لهذا السبب فلن نطلب منها سوى الاستمتاع بوقتها بعيدا عن التحضير للطعام. اوه , لقد تذكرت . يجب شراء هدية وداعها الآن . "

في سكون الليل – في الصحراء – في الصفاء وتحت ضوء القمر في السماء التي يغلفها وميض النجوم في ثلث الليل الأخير قبل بزوغ الفجر كانت اكف الضراعة مرفوعة تبتهل بالدعاء لمحماس بالتوفيق والسداد في حله وترحاله. كانت تلك الدعوات و العبرات من والدته " رثعا " تبدد وحشة الليل وصدى نباح الكلاب المتقطع ومعها تكاد الدموع المنهمرة أن تغسل تجاعيد تلك الوجنتين التي لا تزال سنين العمر تنهش فيها. ومع النداء الأول لصلاة الفجر الذي ينساب إلى مسامعها كأجمل إيقاع , تنهض " رثعا " من مصلاها لايقاض من لا يزال يغط في سباته من أبناء وبنات باديتها وبعد الفراغ من أداء الفرض تستعد لمباشرة واجباتها اليومية ومنها حلب النياق وتجهيز القهوة العربية لضيوف عرب بادية التربية . عمل دءوب بلا كلل أو ملل تقوم بانجازه على نحو يومي .إنها حقا لمدرسة رائدة ينهل من معينها الجيني والتربوي الذي لا ينضب كل من يلتحق أو التحق بهذا الصرح التعليمي التربوي المتمثل في العطاء الرثعاوي .

فمحماس هو نواة الدفعة الأولى من الخريجين الذين يؤمنون بأن الأعمال هي معيار العطاء والإنتاج. أما الأقوال فليس لها وجود في قاموس الرجل ما لم تكن مقرونة بعمل . لهذا لم يتردد في مباشرة القيام بكافة الأعمال المنزلية في بيت كارول العلجية لقاء حصوله على السكن ونزر يسير من الملاليم في نهاية كل شهر !
تفرح كارول كثيرا جدا عندما تتمكن من إدخال البهجة على وجه محماس وخصوصا عندما تنفرد به في نزهة أو تسوق حيث تشعر بمتعة عارمة تجعلها تميل إلى حبك "المقالب " الهزلية . عندما ذهبا سويا للتجهيز والإعداد لحفلة وداع شيري صادف نزولها من السيارة مع مرور شاب تعرف أنه قد استقر حديثا في شقة جديدة مجاوره لها فاستغلت فرصة عدم معرفته لها , فخططت لفعل شيء بينما كانا يهمان بدخول محل تجاري لشراء ما يلزم قالت لمحماس راقبني و تظاهر بأنك لا تعرفني. خلاص موافق ؟
" موافق " لاحظ محماس أمرا غريبا. كانت تبحلق بالشاب الذي تزامن دخوله مع دخولهما لبوابة المحل واستمرت على هذا المنوال تتبعه أين ما ذهب مما جعله يرتاب في أمرها. بعد أن أوشك على الانتهاء من شراء حاجاته البسيطة وهي لا تزال تتتبع خطواته التفتت إليه وقالت " عفوا أذا كانت نظراتي لك قد سببت لك المضايقة , كل ما في الأمر _أيه الشاب _ انك تشبه ابني الذي فقدته في حادث سير وأنت تذكرني به "
أبدا لها أسفه ورد عليها بأدب جم " هل يمكنني تقديم مساعدة لك آيته السيدة ؟ "
و ردت على الفور بصوت فيه حزن " نعم لو سمحت إذا شاهدتني با لقرب من الكاشير لوح لي بيدك وقل بصوت مسموع مع السلامة يا أمي . وسوف أشعر عندئذ بتحسن "
لم يكن لدى الشاب ما يقوله سوى " بكل تأكيد “ذ
كان محماس يراقب الوضع عن كثب وسمع كل ما دار من حوار ولكنه كان مندهشا ولا يعرف ما ستئول إليه الأمور. اشترت كارول باقة من الزهور ثم عرجت على القسم الراقي للمعجنات واختارت طرته كبيرة الحجم من النوع الفاخر كما اشترت أشياء أخرى إضافية وبعد أن امتلاءات العربة وأفرغت محتواها عند المكان المخصص للمحاسبة وبينما كانت تهم بمغادرة المحل طلب المحاسب المبلغ المستحق في الوقت الذي كان الشاب يلوح لها بيده من الخلف و يقول بصوت مسموع وعلى حسن نية مع السلامة يا أمي فانتهزت الفرصة و خرجت مع محماس محملين بمئونة أسبوعين كاملين.
ذهل الشاب عندما قال المحاسب ." 732 جنيه لو سمحت "
" ماذا ؟! حسابي لا يتجاوز 15 جنية"
" اعرف ذلك ولكن تم إضافة حساب أمك إلى حسابك بناء على طلبها ! "
بعد خروجهما , طلبت كارول من محماس العودة إلى المحل التجاري لحل أي إشكالية قد تواجه الشاب من جراء تنفيذه للمشهد الدرامي كما طلبت منه التوجه إلى المحل المجاور لكتابة اسم " شيري" على الكعكة " الطرطة" المطعمة بكل ما لذ وطاب من أصناف الحلوى السكرية واتجهت هي بسيارتها إلى الشقة بعد أن انتابهما نوبة من الضحك. فعلا , عاد محماس على الفور إلى المحل التجاري وهو لازال يقاوم نوبة الضحك وما أن شارف على الدخول وإذا بمدقق الحسابات ومعه اثنان من عمال المتجر خارجين بسرعة صوب مواقف السيارات علهم يجدوا آثرا للسيدة . انتظرا حتى عادوا والحيرة بادية على وجوههم , تدخل محماس على الفور مخاطبا رئيس المحاسبة , " هل بإمكاني تقديم أي نوع من المساعدة , لقد أعطتني سيدة هذه الكعكة وتوجهت بسرعة تقود سيارتها وهي تضحك بمفردها ؟
" شكرا, أننا نبحث عنها. إنها والدة شاب يدعى ادوارد في الداخل "
" آه ! ادوارد ذلك الشاب الواقف بجوار المحاسب . اعرفه , انه من سكان نفس البناية "

قالها محماس بعد دخول المتجر بصحبة الثلاثة .
وأضاف " قد لا يعرفني ولكني متيقن من أني قد لمحته في نفس البناية التي اسكن فيها. واعتقد انه بإمكاني أن أساهم في حل المشكلة"
عندما اقترب محماس من الشاب ادوارد عرف على نفسه وصافح الشاب المندهش وتوجه على الفور بسؤال المحاسب عن المبلغ المطلوب فدفعه كاملا

خرج الاثنين سويا وعرض الشاب على محماس مساعدته في حمل الترته فشكره وطمئنه أن السيدة كارول التي تظاهرت له بفقد ابنها كانت ترغب في دعوتك لحفلة وداع وقد استغلت بمهارة معرفتها لك وعدم معرفتك لها بتدبير هذا المقلب الذي أخبرتني بأنه كرت دعوة لقبول تشريفنا الليلة.
ضحك ادوارد طويلا " يا لهي , لقد نجحت بامتياز في تقمص الدور. يا لها من داهية تجيد دعوة النزلاء الجدد "

. أحضر محماس الكعك ووضعها في المكان المخصص وما أن رمقها بنظرة خاطفة حتى لاح في الأفق أسم أحد أقرانه في البادية " سداح " الذي لو راءاها لشطرها إلى قسمين أ و أقسام متناثرة ولجاب اجلها واجل من أعدت له !! ". وفيما كان " محماس " يتمتم بينه وبين نفسه " الحمد لله " قطع صوت كارول حبل التواصل الذهني في مخّيلته فالتفت إليها مثل من أفاق لتوه من غفوة نوم وفهم منها أن الوقت يمر في تسارع وعليهما المبادرة في انجاز التجهيزات اللازمة وبعض الكماليات الاخري لتزيين مظهر الكعك – عاد محماس مشيا على الأقدام خصوصا أن شقتها لا تبعد سوى بضع خطوات عن محل المعجنات. استحسن " محماس " الفكرة وأذعن لطلبها ومكث في المحل يتأمل الجمال بكل أصنافه وكذلك الحركة التي لا تنقطع داخل أروقة المحل وينعم أيضا بتلك الروائح الزكية الفواحة التي تعطر أرجاء المكان. كان عليه الانتظار لمدة ساعة كما فهم من إشارة السيدة كارول قبل مغادرتها المحل وهذا ما جعله يفكر بالتجوال خارج المحل لان كل شئ جميل في ذلك الحي الراقي . أخد محماس يجوب دهاليز وممرات الحي الأسطوري- بالنسبة له- طمعا في التعرف عن قرب على معالمه وبعد أن متع ناظريه بجملة من مناظر الطبيعة الفاتنة التي زادها جمالا ذلك الرذاذ الثلجي الذي كان يتساقط بخيلاء على أرجاء المدينة , قرر العودة بعد زهاء النصف ساعة فسلك طريق أخر كي يتعرف أكثر على محيط الحي .


كان الزمن في تسارع يماثل نبضات قلب محماس الذي أحس أن الوقت قد حان بالفعل للوصل إلى المحل وإيصال كماليات الترتة إلى منزل السيدة كارول. كانت خارطة الطريق التي رسمها للعودة دقيقة دقة أجزاء ثوان الدقيقة! وكان له ما أراد, فقد وصل في الوقت المحدد.

الحياة في نظر " محماس " هي المدرسة الفعلية التي يجب أن يكتسب منها الإنسان معارفه وتوسيع مداركه حتى فيما قد لا يتوافق مع معتقداته وهذا ما جعله صاحب فكر بناء مقنع . فعندما أوشك على الوصول إلى شقة السيدة كارول كانت الموسيقى الهادئة تنساب في الدور المؤدي إليه, وتمتم في نفسه , " أوروه... ربابة علجية "!
وما أن دخل " محماس " ومعه "المقاضي" حتى توجه مبتسما بهدوء إلى المطبخ وهناك قابل السيدة كارول التي كانت تبدوا كعارضة أزياء في عقدها الثالث. كادت تعانقه من شدة فرحها بحضوره في الوقت المحدد وتقديمه أيضا لهدية متواضعة لــــــ " شيرلي" التي كانت متواجدة بالصدفة في المطبخ . تولت سيدة المنزل بعد ذلك تعريف محماس با لطهاة المكلفين با عداد الطعام وتجهيزه وطلبت منه الاستفادة من طرائق إعداد الطعام العلجي. وفي غمرة تقاسم الأدوار بين الطهاة في إعداد أصناف ما لذ وطاب من الأطعمة, ارتاب " محماس " في مصدر صنف من أصناف اللحوم التي يتم تحضيرها وتذكر على الفور لغز المستشرق عندما كانا يجلسان في مقعدين بجور بعضهما في الجو!

لم يكن محماس نهم في الأكل مقدار نهمه بمعرفة وفهم كل ما يدور حوله في غربته. فبعدما ساهم في إعداد سفرة الطعام, كان همه الأكبر الإصغاء للمحادثات الجانبية والجماعية التي كانت تدور على مائدة الأكل طمعا في استيعاب المضمون و إثراء مفرداته اللغوية ولم يتناول من الأكل إلا ما كان يسد رمقه ولكنه لم ينسى نصيبه من شراب البرتقال الطازج المفضل لديه منذ أن حط الرحيل في هذه الولاية العلجية . كانت حفلة وداع صاخبة استمرت إلى ما بعد منتصف الليل مما اضطره إلى طلب الإذن من سيدة المنزل بالخلود إلى الفراش استعدادا لبدء يومه الأول في معهد الجامعة فكان له ما أراد.
كان " محماس " معتادا على تناول مقدار كافيا من الماء حالما يستيقظ من النوم. وعلى غير العادة عندما أفاق من نومه في اليوم التالي تسلل بهدوء إلى المطبخ ففتح الثلاجة بغية إرواء عطشه. وعوضا عن ذلك وجد ما يشبه البرتقال في زجاجة متقنة الصنع فاغراه منظرها فــ"دردب" نصفها من عطش كان يشعر به!
عاد إلى غرفته في الحال وهناك شعر بعدم اتزان مع دوخة وتنمل وغثيان ولم تسعفه أطرافه بالنهوض من على أرضية الغرفة فاخذ يحبو باتجاه السرير ولكن قواه خارت قبل الوصل إلى حافته فانتابه هلع وخوف فأخذ ينادي ويردد بنبرات كلها وجل " كارووووول ألحقيني.... وينك يا رثعا ... ياعلاليج الديرة ... ابك هذي المنية ".
هبت كارول في عجل إلى مصدر الصوت الذي بدا يذبل تدريجيا و إذا " بمحماس" ملقى على الأرض وهو لا يزال يهذي بما لا يعي , حاولت عبثا مساعدته على النهوض إلى السرير وعندما باءت جميع محاولاتها بالفشل ذهبت إلى المطبخ لتقصي الأمر وأدركت عندئذ انه قد شرب الفوتكا المضاف لبعض عصير البرتقال!
لم يتمكن للأسف من الذهاب في ذلك اليوم إلى المعهد . أفاق بعد منتصف النهار, فعرف أنه قد وقع ضحية فخ العجلة التي جلبت له الندامة في ذلك الصبح الحالك ولكنه تعلم الدرس جيدا.



آفاق الفكر المحماسي
تأقلم ابن البادية بعد مضي ثلاثة سنوات مع مظاهر الحياة العلجية بكل تناقضاتها
فا تقن التواصل اللغوي والنفسي والوجداني بشكل مقبول مع الغير في جل تعاملاته مما جعله محل احترام وتقدير كل من يتعامل معه.
السيدة كارول مهتمة بالقراءة وكان اهتمامها منصبا على معرفة ثقافات الشعوب وهذا ما كان أحد الأسباب التي جعلها تواقة إلى السماع من "محماس "خصوصا بعدما صار لا يقارع في إجادة أسلوب التواصل اللغوي .ولكونها على قناعه بشكل حتمي أن محماس لا يمكن أن يتفوه بالكذب على الإطلاق فقد إرتابها الشك في مدى مصداقية بعض الكتب التي تتناول جوانب حضارية واجتماعية وعقائدية لدى تلك الشعوب التي ينتمي إليها محماس نفسه مما دعاها إلى الخروج من نطاق إقليمية البحث إلى تحري الدقة في مصادر المباحث العلمية والتاريخية الأخرى وذلك توخيا للمصداقية والأمانة التي في نظر كارول لم تعد كما يجب أن تكون ! وأيقنت أنها على حق عندما تكللت جهودها بالنجاح في العثور على نسخة مترجمة للقرآن الكريم .
كانت السيدة كارول لا تدخل مطلقا في نقاش لا تعرف محاوره وهذا السر في قدرتها المذهلة على الإقناع .فهي لم تناقش الشاب"محماس"في الجوانب الحضارية والاجتماعية والعقائدية السائدة في مجتمعه إلا بعد إتمامها لقراءة ترجمة القران الكريم وكتب أخرى من مصادر موثقوه تتحدث عن ثقافات وحضارات مختلف الشعوب.
ففي ذات ليلة دخل محماس الشقة بهدوء ولباقة كعادته وكان يحمل بين يديه هدية دفع فيها مبلغ كبيرا وهي عبارة عن درع مرصع ببعض الجواهر كتب عليه عبارة "إهداء إلى سيدة الحوار الهادي , إلى صاحبة الخلق الرفيع والمنطق المؤثر , إلى الإبداع الذي يتجدد , إلى السيدة كارول مع الشكر والعرفان بالجميل . ( التوقيع "محماس" ) .
على غير العادة في تلك الساعة لم تكن الشقة منارة وخصوصا في قاعة الجلوس المفضلة لدى كارول. وفي حالة من الاستغراب توجه محماس صوب غرفة النوم الخاصة بالسيدة ولم يتردد في طرق الباب "السيدة كارول... كارول: رددها أكثر من مرة .
في تلك اللحظات كان رنين الهاتف يبدد الهدوء داخل الشقة: (الو. . . . كنت متوقعه وجودك بالمنزل في هذا الوقت بالذات"
" أوه ... ! مرحبا كارول وأنا لم أتوقع أن تكوني خارج المنزل في مثل هذا الوقت "
"محماس أنا في فندق منفوحة بلازا , نحن بانتظارك"

" حسنا ,مسافة الطريق سيده كارول مع السلامة "
عندها وضع محماس السماعة وخرج على وجه السرعة " والهدية "لا تزال بين يديه -تمتم بينه وبين نفسه وهو في الطريق صوب الفندق التاريخي - "نعم إنها فرصه رائعة أن أقدم الهدية للسيدة كارول في بهو ذلك الفندق الرائع لابد أنها علمت بأنني قد تسلمت وثيقة تخرجي من الجامعة. . .أوه لقد ذكرت كارول عبارة "نحن بانتظارك" إذا ليست لوحدها . .ترى من معها ؟! وفي خضم توارد تلك الخواطر وغيرها لم يشعر إلا وهو يوقف سيارته الصغيرة في المواقف المعدة لنزلاء الفندق. كانت ملابسه مبللة بزخات المطر رغم إجادته التامة لاستخدام المظلة الواقية من المطر.

وما أن دلف إلى البوابة الرئيسية حتى كاد الدم يتجمد في عروقه حين شاهد كارول بصحبة مديرة الجامعة ورئيسة قسم الهندسة ولفيف من الوجهاء وعدد من زملاءه وزميلاته في الجامعة. وبعد العناق والتبريكات على تفوقه بالمركز الأول على سائر طلاب الجامعة في مجال التخصص الدقيق في الهندسة الو راثية ثم اصطحابه إلى قاعة "روشن "للاحتفالات . وكانت مفاجأة غير متوقعه حين أعلنت رئيسة الجامعة في تلك الليلة الحالمة عن منحة دراسية مجانية لإكمال دراساته العليا وكادت تلك القاعة أن تشاطر الجميع فرحا وبهجة في الاحتفال بهذه المناسبة !
وفي لحظة كان ستار الحفل قيد الإسدال ,نهض محماس من مقعده بأدب جم وطلب أن يلقي كلمة مختصرة .وكان له ما أراد "السيدات والسادة السيدة مديرة الجامعة ورئيس القسم والأقسام الأخرى أيها الأصدقاء تحية وتقدير لكم جميعا على منحي وسام لا أستحقه!
وبالمناسبة فليس لدي أوسمة أقدمها سوى هدية متواضعة جدا للإنسانة الرائعة والباحثة الجريئة وصاحبة الفكر الحر إنها صديقة حميمة للجميع وعدوة لدودة في آن واحد!
نعم فهي عدوة شرسة لكل ما يسمى بالتفرقة العنصرية والإرهاب وخداع الشعوب . وصديقة حميمة لكل المناصرين للحرية والحوار الهادي والسلام . واسمحوا لي باسمكم جميعا , أن أقدم هديتي المتواضعة للسيدة كارول التي اعتبرها وغيري مدرسة بل جامعة فكرية متحركة . ورجائي في هذه اللحظة أن تحركوا مشاعركم وجوارحكم وأيديكم بتحية حارة للسيدة كارول : الأم والمدرسة والفكر . و شكرا لكم".
هبت مديرة الجامعة من مقعدها والقاعة تضج بالتصفيق والهتاف وشقت طريقها إلى منصة الإلقاء وطلبت من محماس مصاحبتها إلى حيث مقعد السيدة كارول وقدمت معه الهدية إليها وتوجه الجميع بعد ذلك لتناول الطعام على شرف مديرة الجامعة.

لم تستطع مديرة الجامعة إخفاء إعجابها بالخلق الرفيع والتعامل الحضاري الذي يعتبر سمة بارزة من سمات شخصية محماس, " عفوا محماس , هل أنت بالفعل من بادية التربية ؟
" ولماذا هذا السؤال بالذات؟ " , " قالها مبتسما "
ردت مديرة الجامعة على نحو فيه مزيد من الإيضاح " في الحقيقة, نحن نقرا ونسمع ونشاهد الكثير عن الشعوب ومنها باديتكم وهذا ماد فعني لمثل هذا التساؤل, فأنت تقول انك أحدهم ولكنك تختلف جملة وتفصيل عنهم"
وقبل أن يجيب محماس تدخلت " كارول" في الحال, , " هو منهم بالفعل ولكن سر الاختلاف يكمن في أن محماس يطبق تعاليم دينه . نعم . لا تستغربي سيدة "نيكول" فلقد أتممت قراءة تفسير الكتاب المقدس لديهم وعرفت السر في هذا الأمر. أولئك_ أقصد قومه_ يقولون مالا يفعلون , ويغتب بعضهم بعضا, ويبطلون إعمالهم , وفي قلوب كثير منهم مرض , ويبغون على بعض , ومن هنا نشأت القلاقل في مناطقهم . على العكس من محماس ومن هم على شاكلته يا سيدة "نيكول " .هذه هي السنة الرابعة لمحماس معنا هنا وكل يوم اكتشف مدى الترابط الوثيق بين التعاليم الواردة في كتابهم المقدس وسلوكيات هذا الشاب الرائع " على خلاف بعض قومه الذين يحملون فقط وثائق تفيد بأنهم ينتمون إلى بادية التربية ولكن معظمهم للأسف لا يطبق التعاليم الواردة في أفضل كتاب على الإطلاق. عجيب أمر هؤلاء القوم سيدتي . انهم متخلفون ! أليس كذلك ؟

رغم أن ما سمعه هو وغيره كان نوع محببا من المديح والإطراء لشخصه, إلا أنه علق بالقول , " أولا , نحن أمة غير متخلفة – ولتوضيح ذلك دعونا نتصور مجموعة من المتسابقين في مضمار سباق فا لذي يكون في الصدارة هو المتقدم أما الذي يكون في المؤخرة يعتبر متخلف. أما نحن فلم ندخل السباق اصلا . اذا فلسنا بمتخلفين ! ثانيا , أنا لا استحق أن أوصف بالمطبق الفعلي للتعاليم السماوية , وإلا لكنت أكثر روعة مما تتوقعين مني , فكل هذا الكلام مبالغ فيه إلا ما ورد في الكتاب المنزل من عند الله. بالمناسبة, ليس سرا أن أبوح لكم بأن كثير من تعاليم ديني يتم تطبيقها هنا أكثر من هناك ! "
منتدى الديمقراطية
كل من ينصت إلى محماس وهو يتحدث يعتقد على الفور أنه قد ولد وترعرع في الإمبراطورية العلجية نظرا لفصاحته في اللفظ و طريقته الفذة في اختيار العبارات التي عادة ما تأسر المستمع . لقد كان ماهرا إلى الحد الخرافي حينما يتفوه با للألفاظ العامية العلجية البحتة ! وكان رائدا في الإصلاح والمصارحة بالتي هي أحسن لدرجة جعلت شعبيته تتخطى حدود مشاهير الفن والرياضة هناك !


فمثلا – عندما تحدث نائب إمبراطور العلوج” أمام نخبة من دبابيس بقاع العالم " في منتدى الديمقراطية الدولية وأسهب كثيرا في الحديث ,اضطر المدير التنفيذي لفعاليات المنتدى " رافلد " إلى المداخلة قائلا , " ..... وماهي إلا عشر دقائق ونتيح الفرصة للمداولات التي تليها أسئلة الصحفيين ... "

جرت العادة على اقتصار حضور المنتدى على منسوبي القطاع السياسي وبعض الصحفيين المقربين وعلى من يتم ترشيحهم من قبل الثقاة ونخبة ممن يديرون سياسة الإمبراطور.
وثقة من بعض المخلصين - دعاة الحق والعدل والفضيلة - في أن دعوة محماس سيعمل على "شعللة " الحوار , فقد تم ترشيحه لحضور تلك المنتدى في جلسته الأخيرة حيث كان يدون كل شاردة و واردة ومنها العشر دقائق المتبقية على نهاية الخطاب الإمبراطوري !!

لقد دار بخلده أن من المسلمات في مثل هذه المنتديات أن يكون حاضر الجلسة كالأسير يسمع ويلبي. ولكن تربيته السماوية آبت ذلك مهما كانت النتائج , وقد اختار التوقيت المناسب عندما أورد مداخلته في الدقائق الأخيرة من جلسات المنتدى قائلا , " إمبراطور دولة العلوج , أصحاب السمو , أصحاب الفخامة , تحية و تقدير للجميع , لقد استفدت وغيري من شرف الحضور لهذه الجلسة الأخيرة من هذا المنتدى التي كان محور الحديث فيها يدور حول ديمقراطية العهد الجديد . وحيث أن الديمقراطية تمثل اكبر ركائز هذه المملكة العلجية فبودي معرفة مدى التوافق بين مصطلح الديمقراطية و الغزو الذي تدعون إليه وتطبقونه في آن واحد في شتى إنحاء المعمورة !!
 

ابو زيـَــاد

تربوي
عضو ملتقى المعلمين
ابو عبد المحسن

تحمل هذه القصه الكثير من الدروس والعبر

تعليم ديننا لم تكن يوما تخلفا ولا رجعيه
حياتنا وتربيتنا البدويه لم ولن تمعنا من التسلح بالعلم النافع
نحن لا نمثل انفسنا بل نمثل امة باكملها

مشكلة البعض عندما تغريه المظاهر عن الجوهر فينسلخ من هويته ويلبس ملابس غيره
خوفا من ان يوصف بالتخلف فيصبح مسخا كريها لا تتقبله الانفس

لدينا اكثر من محماس ولدينا اكثر من (.....)

فهلا اقتدى(....) بمحماس

لا نطالبه بالهيئه والشكل فهي ليست المعيار في الحكم على الاشخاص

ولكن بالخلق الحسن والتعامل الذي يعكس حقيقتنا
 

ابو ريان

عضوية تميّز
عضو مميز
بسم الله الرحمن الرحيم
{لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ۗ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ ۚ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ }
 

teacher2006

أبــو فهـد ..
عضو مميز
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
 
أعلى