Maroom

Maroom

مقال قوي من الشيخ سليمان الدويش عن قضية المعلمين .

الســراب

تربوي
عضو ملتقى المعلمين

24.jpg


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين , والصلاةوالسلام على نبينا محمد , وعلى آله وصحبه أجمعين , ومن تبعهم بإحسان إلى يومالدين .

أما بعد:
فالحديث عن المعلمين , حديث عن واحدة من دعائم الأمة وركائزها , فالمعلمون بفضل الله شموع تنير الطريق , وتبدد ظلمة الجهل , وأنهار تغسل عن المجتمع أدران التخلف , ولا ينكر أثرهم إلا جاحد أو جاهل , وهم امتداد للرسالة العظمى , وحملة لأمانة تبليغها , ولهذا تستغفر لهم الملائكة في السماء , والحيتان في الماء , وهم في المنزلة والمكانة , بقدر ما يحملون ويقدمون , ولهذا فمن واجبنا إكرامهم , وتذليل العقبات التي تعترض طريقهم , والثقة بهم , واستشعار عظم الأمانة التي يحملون ويبلغون .
ليس عجيبا أن تجد رجلاً يبحث عن مطعم نظيف , يقدم طعاماً جميلاً ومفيداً , بل هذا هو الأصل والمنطق والعقل , لكن العجيب , أن يكون بحثه عن المأكل والمشرب أهم من بحثه عن ماهو أعظم نفعاً , وأكبر أثراً , وهو العلم !!!.
لقد كان الحكماء يبالغون في إكرام المؤدب والمعلم , ليقينهم بأنه يبني عقولاً , ويغذي قلوباً , هي أحوج ماتكون لها الأمة المسلمة , في حين أن بناء الأجساد وتسمينها لم يكن في يوم من الأيام محمدة لقائل , ولا ممدحة لمتفاخر , بل كان مما يعاب به الإنسان ضخامة جسمه إن لم يقترن بها عقل راجح , وعلم نافع .
ومن هنا يتبين أهمية دور المعلم المربي , وأنه يجب أن يلقى من مجتمعه كلَّ حفاوة , وإلا فإن عدم العناية به , أو الانتقاص من شأنه , أو تفريغه من محتوى طبيعته , أو إشغاله بمالا يليق به , أو التشغيب عليه في رسالته , أو تهديده بمصالحه , أو فتح جبهات داخلية عليه , أو عدم مكافأته بما يناسب جهده , أو فرض أنظمة تعسفية عليه , أو جعله حقلاً للتجارب التربوية , والوسائل التعليمية , أو عدم مراعاة ظروفه , أو حرمانه من عوامل الاستقرار النفسي والاجتماعي , أو غير ذلك من الأمور , يعرض الحياة التعليمية برمتها للخطر, ويساهم في إيجاد مجتمعات خداج , فمابالك إذا انضاف إليه التدخل في مناهج التعليم , والأفكار النشاز المطالبة بتقليل مواد الشريعة , بحجة عدم الحاجة إليها , أو أن سوق العمل لا تقبل أهلها , فهذا – وأيم الله – من الرزايا والمحن , وهو إذن للسوس لينخر في جُدُر الأمة وكيانها , ثم لاتسأل بعد عن الآثار التدميرية للقيم ولأخلاق والأمن ولكل مرتكز من مرتكزات الأمة , ونواحي حياتها .
لن أطيل في الحديث عن قضية محاولة اختطاف التعليم في مناهجه , فهذه سأتناولها في مقال قادم بحول الله تعالى , كما لن أسهب في الحديث عن فضل العلم وأهله والناشرين له , لأنني لا أتصور أن أحداً اليوم يجهل هذا الفضل , بل سينصبُّ حديثي عن قضيتين مهمتين , أرى أنه من الضروري , بل والضروري جداً أن أتناولهما بشيء من التفصيل والقوة , وذلك لأنهما يشكلان أمام رجال التعليم في الميدان عقبتين مؤذيتين , وتركهما دون علاج أو حلٍّ تنجرُّ آثاره على الطلاب أولاً , ثم على والحياة العلمية ثانياً وثالثاً ورابعاً , وهاتان القضيتان هما :

القضية الأولى :

قضية امتهان المعلم , وهذه يمكن أن نلقي باللائمة فيها بمانسبته 70% على وزارة التربية والتعليم , التي فتح باب القبول للشكاية , وجردت المعلم من كل وسيلة من وسائل التأديب , فصار المعلم لا يأمن على نفسه من جهة , ولايجد من ينصفه من جهة أخرى غالباُ , مما جرأ كثيراً من الطلاب على المعلمين , فاستباحوا بذلك هيبة المدرسة , ومقام المعلم , بل وزاد الأمر على أن يقوم بعضهم بتصوير ذلك وتوثيقه ونشره , حتى يتشجع به ضعاف النفوس , وتقوى شوكتهم في الباطل .
بل بلغ من استخفاف الطلاب بالمعلم , أن يقوموا بتصويره أثناء قيامه بواجبه , وتوثيق مشاغبات الطلاب له , وسخريتهم به , لأنهم يعلمون أنه لاحيلة له بهم , ولا سبيل له عليهم , بل بلغ الأمر ببعض المعلمين – وهم قلة – أن يقلب المجال التعليمي إلى مسرح فوضوي , عانق فيه المراهقين , وذلك ليأمن شرهم من جهة , أو ليأسه من فائدة بذل الجهد في الأرض القيعة , التي لاتمسك ماء , ولاتنبت كلأً , أو هكذا أريد لها أن تكون , بفضل بعض السياسات التعليمية .
متى كنا نعهد أن الطالب يضرب معلمه , أو أن الفصول الدراسية تحولت إلى كبائن اتصالات , وإذا قبلنا هذا الأمر , فلا نعجب حين يأتي تصنيفنا في ذيل القائمة , وإذا كنا نريد أن ننهض بالتعليم , فيجب أن نحترم المعلم , ونفرض هيبته لدى الطلاب , ونمنحه الثقة بالنفس , ونقف معه إن أخطأ بتصويبه , وإن اعتدي عليه بتأديب المعتدي تأديباً يردع غيره عن سلوك ذات السبيل .
لست هنا أدعي العصمة للمعلم , بل أعترف بأنه يخطىء , كما لا أطالب بإطلاق يده , وترك الحبل له على الغارب , بل أطالب بأن يكون المعلم في مكانه اللائق به , وهو ما كنا نعهده عن معلمينا وأساتذتنا , الذين كانت لهم في قلوبنا هيبة , فكان لهم على أنفسنا أثرا .
أين نحن من قول شوقي الذي نردده :

قم للمعلم وفِّه التبجلا *** كاد المعلم أن يكون رسولا

ولسان حال المعلم يقول : وددت أن أخرج منها كفافا لا عليَّ ولا ليا !!! .

القضية الثانية :

قضية أجور المعلمين , التي صارت أشبه بقضية فلسطين , من حيث التعقيد , والشد والجذب , فالمعلمون بين الوعودالمؤنسة , وبين الخطوات المؤيِّسة , فالحيرة تكويهم أحياناً كثيرة , فلا يجدون مايدفعونها به إلا ببعض كلمات سمعوها , أو إشارات فهمومها , لكن تلك الكلمات والإشارات , تصطدم بجبال الواقع المر , فتجعلهم يرتدون إلى حيرة أشدة من الأولى , وهكذا دواليك .
يجب أن يوضع لهذه القضية حلُّ جذري , ويجب على الدولة أن تعلم أن المال الذي تبذله في سبيل إصلاح واقع هؤلاء المعلمين , لن يذهب لعدو خارجي , ولا منافق خداع , بل هو منها وإليها , هي من يبذله , وشبابها من سيستفيد منه , وهم أحقُّ به من كثير ممن امتدت لهم يد الدولة السخية بالعطاء والهبات والمكرمات .
كم هي الحسرة والزفرة والحرقة , التي نجدها في نفوس هؤلاء الشباب , وهم يتناقلون أخبار المعونات لبعض الدول المجاورة , التي يسيل لها لعاب الغني قبل الفقير, وهذا له مدلولاته , ولذلك فالحكمة تقتضي النظر في وضع المربين , لما لهم من أثر على الناشئة , ومعلوم أن المربي إذا كان يحمل في نفسه ذلك النَّفَس المحشو بالحسرة والحرقة والقهر , فسيكون نتاجه مؤلماً , في حين لايختلف العقلاء على أن النفس الراضية كالشجرة ذات الحمل الطيب , والظل الوارف .
وتأخير الحل لمثل هذه القضايا , حتى ولو جاء ’ فلن يكون له أثره الإيجابي , بقدر ماللمبادرة في الحل , وتذليل العقبات , من سل لسخائم القلوب , وتصفية لكدر النفوس .

اللهم هل بلغت , اللهم فاشهد


اللهم هل بلغت , اللهم فاشهد


اللهم هل بلغت , اللهم فاشهد


اللهم اهدِ ضال المسلمين , وعافِ مبتلاهم , وفكَّ أسراهم , وارحم موتاهم , واشفِ مريضهم , وأطعم جائعهم , واحمل حافيهم , واكسُ عاريهم , وانصر مجاهدهم ,وردَّ غائبهم , وحقق أمانيهم.
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه , والباطل باطلا وارزقنااجتنابه , ولاتجعله ملتبسا علينا فنضل.
اللهم أصلح أحوال المسلمين وردهم إليكردا جميلا.
اللهم أصلح الراعي والرعية.
هذا والله أعلى وأعلم , وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
وكتبه
سليمان بن أحمد بن عبدالعزيزالدويش
أبو مالك
mamal_m_s@hotmail.com






 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:

kkaa123

عضوية تميّز
عضو مميز
كتب فأبدع وسطر فسلمت يداه شكرا له وشكرا للناقل
والمعلم مازال ممتهن وحقه مغتصب وهو يئن ويصرخ بأعلى صوته بأرض الحرمين
فتارة يطالب وتارة يستجدي وتارة يصمت أملا في الإجابة
قتلت كل ذرة عدل في قضيتنا وصمت كل متشيدق به بل وجدونا ماديين وناكري جميل
وفضلوا أن يجعلونا كبش فداء لسياسات إصلاح جوفاء
حسيبهم الله وسندعوا عليهم بكل ساعة ووقت
 

الفاضل

<p><font color="#008080"><span lang="ar-sa">فارس ا
عضو مميز
بارك الله في معالي الشيخ سليمان الدويش

وبارك الله في الناقل
 
ا

الـــشيــــخ

زائر
كلام في قمة الرووووعة والجمال وبنفس القت معبرررر


بارك الله في معالي الشيخ سليمان الدويش

اسأل الله ان يجعل ذلك في موازين حسناته

وبارك الله في الناقل
 

الحربي

عضوية تميّز
عضو مميز
..

غفر الله للشيخ سليمان الدويش نحسبه من الغيورين

الصادقين 0

أسأل الله له بلوغ رمضان , وقبول العمل ..

ما شاء الله عليه إذا تناول الموضوع أشبعه ..

بيّض الله وجهه ووجه الناقل ..
 

الدوحي

تربوي
عضو ملتقى المعلمين
أسأل الله أن يوفق أبا مالك أينما كان وأن يرزقه من حيث لا يحتسب ،

كلامه أثلج صدري فله مني كل التقدير والاحترام
 

بدر البلوي

تربوي - دعم فني سابق
اقول يا شيخ الله يرفع قدرك قل آمين
و الله لا يسامح كل من ماطل في حقنا وخلها توصل إلي مرحلة الشحــــــــــــــــذه !!
حتى ركبتنا الأمراض النفسيه
ماهو والله من خاطر واجل طفسه 1000 ريال او غيرها لا ورب العرش الكريم
ولكن الواحد لما يشوف الظلم بعينه ينغبن
 

أبو عمر الدوسي

تربوي جديد
عضو ملتقى المعلمين
أنا من المعلمين الذين دارت رح الديون عليهم وفجر الهم والتفكير شرايين مخ وعقله
نسأل الله العظيم أن يفرج هم كل مسلم ومسلمه ويقضي عنهم ديونهم .
 

قربطوال

تربوي
عضو ملتقى المعلمين
ذبح ال**** باام عمرو. فلا عاد ال**** ولاعادة ام عمرو


ابشروا ياوزارة التعتيع

تعليمكم سوف يبقى في الحظيظ مهما فعلتم


بارك في شيخنا وليت صوته يصل
 

white_angel

عضوية تميّز
عضو مميز
قرأت المقال حرفا حرفا . . .

كتب ما نعاني منه وما نريده بأسلوب مهذب . . .

بورك الكاتب والناقل . . .
 
أعلى