الحمد لله... قضينا على الفقر
بقلم جمال بنون جمال بنون
في يوم السبت, 29 أغسطس 2009
كدت أطير من الفرحة وأنا اقرأ تصريحات وزير الشئون الاجتماعية السعودي الدكتور يوسف العثيمين قبل أسابيع، عندما بشرنا بأن الإحصائيات الرسمية المسجلة في وزارته تبين أن عدد الحالات المستفيدة من الضمان الاجتماعي بلغت فقط 600 حالة، وهذا الرقم حسب تصريح الوزير يمثل أعداد الفقراء في السعودية.
والحقيقة أن هذا الحديث برد قلوبنا، برد الله قلب الوزير،ولا أخفيكم أنني كنت أود أن احصل على عناوين الـ 600 فقير لأطمئنهم وأهنئهم، على أن الفقر سوف يزول وينتهي إلى الأبد من حياتهم، وكنت أود الصق قصاصة من الخبر على باب كل منزل فقير لدينا، ولا أظن أن الوزارة سوف تجد صعوبة في إنهاء الفقر وطرده من مجتمعنا، طالما أنهم لم يتبقوا سوا هذا القليل والقليل جدا، وبمبلغ 30 مليون ريال يمكننا أن نقضي على الفقر المتبقي باعتبار 50 ألف ريال للأسرة الواحدة من العدد المذكور.
و لم تمضي أيام حتى صعقني خبر، أصابني بإحباط شديد وعنوانه"536 ألف أسرة سعودية فقيرة مهددة بانقطاع الكهرباء في رمضان" اعتقدت في بادئ الأمر أن القصة الصحفية، مفبركة أو أنها مكيدة الغاية منها التقليل من جهود وزارة الشئون الاجتماعية لمكافحة الفقر، التي جندت كل إمكاناتها لهذا العمل الإنساني العظيم، ولكن تفاصيل الخبر جعلني أعيد حساباتي، فالقصة كما نشرتها الصحف تقول، كشف برنامج سداد فواتير الكهرباء للأسر المحتاجة المسجلة في الضمان الاجتماعي عن وجود 536ألف أسرة سعودية تطالبهم شركة الكهرباء بسداد فواتير متأخرة لا يملكون قيمة سدادها.
لاحظوا أن الرقم الذي أعلنته شركة الكهرباء وهي بناءا على أسماء تلقتها من وزارة الشئون الاجتماعية، ومسجلين في قوائمها كأسر فقيرة، اخبروني بالله عليكم، ارتفع الرقم من 600 أسرة فقيرة فقط حسبما صرح به وزير الشئون الاجتماعية، إلى أضعاف هذا الرقم ويصل إلى أكثر من 536 ألف أسرة وخلال أسبوعين فقط، لو أن هذا الرقم هو قيمة سوقية في سوق الأسهم لكسر الرقم القياسي في مكررات الإرباح، وجنا منها هوامير السوق، ولكن لأن هذا الرقم يخص فئة من مجتمعنا تعاني من الفقر، فهذا لا يهم إطلاقا أي من المسئولين لدينا، سوى ضرب كف بكف، وقذف مسئوليتها من جهة إلى أخرى، مثل كرة المضرب>الحقيقة هناك عدة احتمالات لهذا الموضوع، اما أن الوزارة لا يريد أن تخيفنا بعدد الفقراء الموجودين بيننا، أو أنها لا تريد أن تحمل الدولة نفقات إضافية في مصاريف مساعدات. في الحقيقة شركة الكهرباء مشكورة جدا لأنها أفصحت لنا عن معلومة مهمة، وإلا كنا سنبقى في غيبوبة عن الحقيقة.
في مسألة المعلومة الصحيحة، هناك تضارب ولا اعرف السبب في تمييع الحقيقة، هل يمكن أن نعتبر هذه الأسر التي ستقطع عنهم شركة الكهرباء النور في رمضان، أن لم يسددوا فواتيرهم، غير فقيرة ، هل يمكن أن تخبروني إذا كانت عائلة غير قادرة على دفع فاتورة قيمتها 300 ريال أو 500 ريال، أليست هذه فقيرة، فما هي معايير الفقر التي تتبعها الجهات المعنية، وإذا كان لا، فأرجوكم اخبروني ما هو حال 600 أسرة، هل يعيشون تحت الجسور وفي مخيمات.
أما الخبر الصاعقة الذي اعتبره ضربة قويه في نعش صندوق الفقر الذي غنينا له طوال أكثر من ست سنوات"يا ليل يا عين" اكتشفنا أنه صندوق أسود، وان كل المشروعات التي كان يتحدث عنها الصندوق واللجنة المشكلة والأعضاء كلهم، كانوا أعضاء شرف، فقد كشف تحقيق نشرته صحيفة الاقتصادية، كتب تقريرها الصحفي حبيب الشمري، يقول في تقريره،" كشفت إحصائية رسمية صادرة عن الصندوق الخيري الوطني (صندوق الفقر) عن وجود أكثر من 2600 مشروع للأسر الفقيرة لم تنفذ في المناطق من بين نحو آلاف المشاريع سبق أن أعلن الصندوق أنه اتفق بشأنها مع الجمعيات الخيرية. علما بأن الصندوق يؤكد أنه معني بمعالجة الفقر بطرق غير تقليدية.وإضافة إلى مشاريع الأسر الفقيرة وهي عبارة عن قروض صغيرة لا تتجاوز 15 ألف ريال، يؤكد الصندوق أنه تكفل بعدة آلاف من المنح الدراسية،ويبين التقرير تعرض أكثر من 200 طالبة ممن يفترض حصولهن على المنح الدراسية، للنصب والاحتيال من قبل أحد المعاهد غير المرخصة بسبب تقصير الصندوق في عمله، كما تعرض 25 طالبا شارك الصندوق في ابتعاثهم إلى ماليزيا إلى تعطل دراستهم وحدوث مشكلات كبيرة أدت إلى تدخل السفارة السعودية هناك.
الحقيقة صدمت بهذه المعلومات، لقد آلمنا كثيرا نحن كمجتمع كنا ننظر إلى هذا الصندوق أنه البلسم الشافي، خاصة وانه كان قد بدا بمبلغ 100 مليون ريال فقط من اجل إعداد دراسة عن الفقر، ويحصل سنويا دعم حكوميا قدره 300 مليون ريال، هل يمكن أن تتخيلوا أين ذهبت هذه المبالغ، ويمتلك الصندوق أكثر من مليار ريال، التحقيق الصحفي يقول أن الصندوق لم يقدم تقريرا عن انجازاته منذ سنوات، كما أنه حجب موقعه من إنترنت، والشيء الأغرب أن المسئولين في الصندوق الخيري الوطني لم يجب على 13 سؤالا أرسلته الصحيفة. اعتقد أن المسئولين مشغولين جدا في تنفيذ إستراتيجيتهم وخططهم التي أثبتت لنا نحن كمراقبين أنها بالفعل" صندوقا أسودا إلى أن نكتشف حقيقته".
ابحثوا معي على من يقتل الفقر في بلد الميزانيات الضخمة والدعم اللا محدود.
جمال بنون - إعلامي وكاتب اقتصادي
في يوم السبت, 29 أغسطس 2009

كدت أطير من الفرحة وأنا اقرأ تصريحات وزير الشئون الاجتماعية السعودي الدكتور يوسف العثيمين قبل أسابيع، عندما بشرنا بأن الإحصائيات الرسمية المسجلة في وزارته تبين أن عدد الحالات المستفيدة من الضمان الاجتماعي بلغت فقط 600 حالة، وهذا الرقم حسب تصريح الوزير يمثل أعداد الفقراء في السعودية.
والحقيقة أن هذا الحديث برد قلوبنا، برد الله قلب الوزير،ولا أخفيكم أنني كنت أود أن احصل على عناوين الـ 600 فقير لأطمئنهم وأهنئهم، على أن الفقر سوف يزول وينتهي إلى الأبد من حياتهم، وكنت أود الصق قصاصة من الخبر على باب كل منزل فقير لدينا، ولا أظن أن الوزارة سوف تجد صعوبة في إنهاء الفقر وطرده من مجتمعنا، طالما أنهم لم يتبقوا سوا هذا القليل والقليل جدا، وبمبلغ 30 مليون ريال يمكننا أن نقضي على الفقر المتبقي باعتبار 50 ألف ريال للأسرة الواحدة من العدد المذكور.
و لم تمضي أيام حتى صعقني خبر، أصابني بإحباط شديد وعنوانه"536 ألف أسرة سعودية فقيرة مهددة بانقطاع الكهرباء في رمضان" اعتقدت في بادئ الأمر أن القصة الصحفية، مفبركة أو أنها مكيدة الغاية منها التقليل من جهود وزارة الشئون الاجتماعية لمكافحة الفقر، التي جندت كل إمكاناتها لهذا العمل الإنساني العظيم، ولكن تفاصيل الخبر جعلني أعيد حساباتي، فالقصة كما نشرتها الصحف تقول، كشف برنامج سداد فواتير الكهرباء للأسر المحتاجة المسجلة في الضمان الاجتماعي عن وجود 536ألف أسرة سعودية تطالبهم شركة الكهرباء بسداد فواتير متأخرة لا يملكون قيمة سدادها.
لاحظوا أن الرقم الذي أعلنته شركة الكهرباء وهي بناءا على أسماء تلقتها من وزارة الشئون الاجتماعية، ومسجلين في قوائمها كأسر فقيرة، اخبروني بالله عليكم، ارتفع الرقم من 600 أسرة فقيرة فقط حسبما صرح به وزير الشئون الاجتماعية، إلى أضعاف هذا الرقم ويصل إلى أكثر من 536 ألف أسرة وخلال أسبوعين فقط، لو أن هذا الرقم هو قيمة سوقية في سوق الأسهم لكسر الرقم القياسي في مكررات الإرباح، وجنا منها هوامير السوق، ولكن لأن هذا الرقم يخص فئة من مجتمعنا تعاني من الفقر، فهذا لا يهم إطلاقا أي من المسئولين لدينا، سوى ضرب كف بكف، وقذف مسئوليتها من جهة إلى أخرى، مثل كرة المضرب>الحقيقة هناك عدة احتمالات لهذا الموضوع، اما أن الوزارة لا يريد أن تخيفنا بعدد الفقراء الموجودين بيننا، أو أنها لا تريد أن تحمل الدولة نفقات إضافية في مصاريف مساعدات. في الحقيقة شركة الكهرباء مشكورة جدا لأنها أفصحت لنا عن معلومة مهمة، وإلا كنا سنبقى في غيبوبة عن الحقيقة.
في مسألة المعلومة الصحيحة، هناك تضارب ولا اعرف السبب في تمييع الحقيقة، هل يمكن أن نعتبر هذه الأسر التي ستقطع عنهم شركة الكهرباء النور في رمضان، أن لم يسددوا فواتيرهم، غير فقيرة ، هل يمكن أن تخبروني إذا كانت عائلة غير قادرة على دفع فاتورة قيمتها 300 ريال أو 500 ريال، أليست هذه فقيرة، فما هي معايير الفقر التي تتبعها الجهات المعنية، وإذا كان لا، فأرجوكم اخبروني ما هو حال 600 أسرة، هل يعيشون تحت الجسور وفي مخيمات.
أما الخبر الصاعقة الذي اعتبره ضربة قويه في نعش صندوق الفقر الذي غنينا له طوال أكثر من ست سنوات"يا ليل يا عين" اكتشفنا أنه صندوق أسود، وان كل المشروعات التي كان يتحدث عنها الصندوق واللجنة المشكلة والأعضاء كلهم، كانوا أعضاء شرف، فقد كشف تحقيق نشرته صحيفة الاقتصادية، كتب تقريرها الصحفي حبيب الشمري، يقول في تقريره،" كشفت إحصائية رسمية صادرة عن الصندوق الخيري الوطني (صندوق الفقر) عن وجود أكثر من 2600 مشروع للأسر الفقيرة لم تنفذ في المناطق من بين نحو آلاف المشاريع سبق أن أعلن الصندوق أنه اتفق بشأنها مع الجمعيات الخيرية. علما بأن الصندوق يؤكد أنه معني بمعالجة الفقر بطرق غير تقليدية.وإضافة إلى مشاريع الأسر الفقيرة وهي عبارة عن قروض صغيرة لا تتجاوز 15 ألف ريال، يؤكد الصندوق أنه تكفل بعدة آلاف من المنح الدراسية،ويبين التقرير تعرض أكثر من 200 طالبة ممن يفترض حصولهن على المنح الدراسية، للنصب والاحتيال من قبل أحد المعاهد غير المرخصة بسبب تقصير الصندوق في عمله، كما تعرض 25 طالبا شارك الصندوق في ابتعاثهم إلى ماليزيا إلى تعطل دراستهم وحدوث مشكلات كبيرة أدت إلى تدخل السفارة السعودية هناك.
الحقيقة صدمت بهذه المعلومات، لقد آلمنا كثيرا نحن كمجتمع كنا ننظر إلى هذا الصندوق أنه البلسم الشافي، خاصة وانه كان قد بدا بمبلغ 100 مليون ريال فقط من اجل إعداد دراسة عن الفقر، ويحصل سنويا دعم حكوميا قدره 300 مليون ريال، هل يمكن أن تتخيلوا أين ذهبت هذه المبالغ، ويمتلك الصندوق أكثر من مليار ريال، التحقيق الصحفي يقول أن الصندوق لم يقدم تقريرا عن انجازاته منذ سنوات، كما أنه حجب موقعه من إنترنت، والشيء الأغرب أن المسئولين في الصندوق الخيري الوطني لم يجب على 13 سؤالا أرسلته الصحيفة. اعتقد أن المسئولين مشغولين جدا في تنفيذ إستراتيجيتهم وخططهم التي أثبتت لنا نحن كمراقبين أنها بالفعل" صندوقا أسودا إلى أن نكتشف حقيقته".
ابحثوا معي على من يقتل الفقر في بلد الميزانيات الضخمة والدعم اللا محدود.
جمال بنون - إعلامي وكاتب اقتصادي