التصحر الوزاري .. والقرار الصعب
إن جغرافيا التصحر التي ألمت بنا نحن معشر المعلمين والمعلمات ، أتت على كل شئٍ فاقتلعت منه جميع الرموز الجميلة الطموحة التي خيل للواحد منا أنها محققةٌ لا محالة ، وأننا سنمكث نندب حظنا العاثر إن لم نُصبها .
الكثير منا قد ألمت به ظاهرةُ التصحر الوزاري التي دمرت ودَهوَرت جميع قدرات ومقومات بانيَ العقول ، فلا أحد يظن أننا بمنأى عن تلك الظاهرة بل نحن نتغلغل داخل أروقتها التي لم تبق ِ لنا إلا النظرات التشاؤمية لما سيؤول له مستقبل أجيالنا الواعدة .
وإذا كان الإنسان قد لعب دوراً كبيراً في حدوث التصحر الطبيعي ولو لمرةٍ واحدة أو مرات عديدة يحفها شئ من استراحة المحارب لفترات قد تطول ، فإن التصحر الوزاري قد ضلع في حدوثه الإنسان أيضاً ولكن لسنوات طويلة بسبب قرارات ارتجالية تؤخرنا عن رَكبِ الأمم وتعمل على تفعيل كود التدهور العلمي والوظيفي والنفسي حتى الممتلكات والأرواح لم تنأى عنه بعيداً ، فلم أقصد طبعاً من خلال مقدمتي في الأسطر السابقة التصحر الطبيعي بقدر ما أؤكد وبشدة على التصحر الوزاري الذي أحدث فجوة كبيرة فيما بيننا وبين رؤسائه نظير ما خَلَفه من دمار أتى على كل جميلٍ من أحلام نطمح إلى تحقيقها ثم انهارت عندما اصطدمت بواقع مرير وهو حقيقة من جملةِ حقائق نتوارثها يوماً بعد يوم .
إن ما عاناه المعلم والمعلمة منذ خمس عشرة سنة - وما زالت المعاناة - يعد تدميراً للموارد البشرية التي ستنهض بالوطن في شتى مجالات التنمية ، وتكراراً لسنوات الجفاف التي أظنها عادت بعد اعتقادي برحيلها متبَعة بهبوب التضارب والتناقض في القرارات ، وذبولاً في نشاطات أجيالٍ تنظر للمستقبل بكل تفاؤل وقد ينهش الذبول أركانهم إن لم يسعفهم الوقت بشئٍ مجيد ، فسيادة الرقعة التصحرية التي لا نتمنى أن تتسع يعني الجنوح إلى الانكسار الذي ولده لنا هذا التصحر ، وكما أننا جميعاً نكن كل نبذٍ للتدهور إلا أنني أظن أنه سيغرق ويصيب الأنظمة المتزمتة التي طغت وتمادت حتى أمام الملأ .
وفيما يتعلق بتعديل مستويات المعلمين والمعلمات لما يستحقه كل واحد منهم لي أن أتساءل ! هل يعقل أن يكون مسئولو الوزارة متناقضين رقمياً ولفظياً إلى هذا الحد ؟ ففي التصريح الأول خرج لنا من تحدث عن تعديل المستويات بعشرين ألفاً ، وفي اليوم الثاني ثلاثين ألفاً واليوم الثالث خمسةً وأربعين ألفاً واليوم الرابع ستين ألفاً ، وكان ذلك بالتناوب بين قطبين من أقطاب الوزارة في سمة تظهر لنا النوايا الحسنة التي تبديها وزارتنا المصون وهي تعديل المستويات بشكل سريع وبتزايد عددي عالمي خلال أربعة أيام لم ولن تشهده وزارات الدول العظمى .
ولن أنسى ما حييت دقائق ذلك المساء ، فقد كنت أتوقع بانتهائه أن أنهي حَزني فيما أفكر به ويفكر به جمعٌ غفير من بني جلدتي الوظيفية ، ولكن للأسف يد التعتيم قد مُدت لنا أيضاً في تلك الدقائق ، كان العنوان المظلل والوهمي لحلقةِ برنامج من الإخبارية هو هموم المعلمين بينما كان المضمون والواقع مغايراً تماماً للعنوان ، تناقض وطرح عقيم ! فقد خرج الضيفُ والمُذيع عن صُلبِ الموضوع إلى مواضيع شتى منها صيانة المدارس والبرادات التي لا تمت للموضوع بصله .
خروجٌ عن الموضوع وهروب من الأسئلة وإصرار على التظليل والإنكار كان سمةً من سماتِ الحلقة ، فقد كان الضيف عندما يواجه اتصالاً من معلم أو معلمة يتحدث فيه عن بند أو مستوى أو غيره كان لسان حال الوزارة يقول في تلك الدقائق ( نحنُ براءٌ أمام القضاء مما يطالبنا به المعلمون والمعلمات ) نعم هكذا الحال المزري الذي لا حظناه جميعاً من خلال إجابات الضيف ، وما أشده من ظلال عندما يعلم الإنسان خطأه ويصر عليه ، كنت أتمنى أن لا يكون هناك تناقض وتعتيم وهروب من الإجابات كما حدث معي في اتصالي الأخير والذي عانيت حتى أوصلته وسط إلحاح ٍ بالتسريع في ذلك وكان أملي ولو بنسبةٍ بسيطةٍ أن أجد إجابة ، ولكن يبدو أن هناك فنٌ جديد في الهروب من الأسئلة المحرجة وهو الإجابة على السؤال بإجابة سؤال آخر !
لي أن أتساءل أيضاً ؟ ما علاقة سؤالي الأول الذي وجهته لضيفِ البرنامج بالدبلوم التربوي ولائحة الوظائف التعليمية التي تمخض بها في إجابته ؟
قصدتُ من سؤالي أن ما أُثير من تحوير قبل نحو أسبوع هو بطبيعة الحال سيعود بنا لدوامةِ عام 1422 هـ عندما حورت جميع وظائف المعلمين والمعلمات على المستوى الثاني الدرجة الثالثة والذي لاقى سلبيات كبيرة من تساوي ٍ في المستويات والدرجات يقابلها تباين في أعوام التعيين والدليل على ذلك تساوي المعلمين منذ دفعة 1420 هـ حتى عام 1423 هـ في المستويات والدرجات ، وكذلك المعلمات منذ عام 1417 هـ حتى 1422 هـ بنفس المستوى والدرجة أيضاً ، وبالتالي سندور في حلقة مفرغة من هكذا تخبط لسنوات طويلةٍ قادمةٍ .
أما الأثر الرجعي وهو السؤال الثاني فهو القرار الصعب في الإجابة التي اتخذها الضيف للتخلص من هَم ِ السؤال وسط ابتسامة مقدم البرنامج التي توحي بوقوع ضيفه في الفخ وعجزه عن انتشاله هذه المرة بفاصلٍ إعلاني مثل ما كان قد اعتاد في السابق ، فهو لم يتمكن من الهروب بمثل هروبه بإجابته الاحترافية للسؤال الأول ، وبالطبع فإن الإجابة الثانية كانت على الطريقة التقليدية التي تطبق عندما يصعب التعامل مع الموقف بمقولة ( لا استطيع ) ، فإصدار القرار بالأثر الرجعي للسنوات الماضية كما أجاب فيه صعوبة نظير ما سيحمل من كثرةِ تكاليف على حد زعمه ، ولا أعلم من أين تأتي صعوبة ذلك هل الصعوبة تكمن في عجز وزارةٍ تقدر ميزانيتها بـ 105 مليار ريال ؟! أم أن الصعوبة َ تكمن في أن تكاليف الأثر الرجعي تُدفعُ من الحِساب الخاص للمسئولين !
خالد الجعيد – الطائف
http://www.sabq.org/inf/articles.php?action=show&id=471
إن جغرافيا التصحر التي ألمت بنا نحن معشر المعلمين والمعلمات ، أتت على كل شئٍ فاقتلعت منه جميع الرموز الجميلة الطموحة التي خيل للواحد منا أنها محققةٌ لا محالة ، وأننا سنمكث نندب حظنا العاثر إن لم نُصبها .
الكثير منا قد ألمت به ظاهرةُ التصحر الوزاري التي دمرت ودَهوَرت جميع قدرات ومقومات بانيَ العقول ، فلا أحد يظن أننا بمنأى عن تلك الظاهرة بل نحن نتغلغل داخل أروقتها التي لم تبق ِ لنا إلا النظرات التشاؤمية لما سيؤول له مستقبل أجيالنا الواعدة .
وإذا كان الإنسان قد لعب دوراً كبيراً في حدوث التصحر الطبيعي ولو لمرةٍ واحدة أو مرات عديدة يحفها شئ من استراحة المحارب لفترات قد تطول ، فإن التصحر الوزاري قد ضلع في حدوثه الإنسان أيضاً ولكن لسنوات طويلة بسبب قرارات ارتجالية تؤخرنا عن رَكبِ الأمم وتعمل على تفعيل كود التدهور العلمي والوظيفي والنفسي حتى الممتلكات والأرواح لم تنأى عنه بعيداً ، فلم أقصد طبعاً من خلال مقدمتي في الأسطر السابقة التصحر الطبيعي بقدر ما أؤكد وبشدة على التصحر الوزاري الذي أحدث فجوة كبيرة فيما بيننا وبين رؤسائه نظير ما خَلَفه من دمار أتى على كل جميلٍ من أحلام نطمح إلى تحقيقها ثم انهارت عندما اصطدمت بواقع مرير وهو حقيقة من جملةِ حقائق نتوارثها يوماً بعد يوم .
إن ما عاناه المعلم والمعلمة منذ خمس عشرة سنة - وما زالت المعاناة - يعد تدميراً للموارد البشرية التي ستنهض بالوطن في شتى مجالات التنمية ، وتكراراً لسنوات الجفاف التي أظنها عادت بعد اعتقادي برحيلها متبَعة بهبوب التضارب والتناقض في القرارات ، وذبولاً في نشاطات أجيالٍ تنظر للمستقبل بكل تفاؤل وقد ينهش الذبول أركانهم إن لم يسعفهم الوقت بشئٍ مجيد ، فسيادة الرقعة التصحرية التي لا نتمنى أن تتسع يعني الجنوح إلى الانكسار الذي ولده لنا هذا التصحر ، وكما أننا جميعاً نكن كل نبذٍ للتدهور إلا أنني أظن أنه سيغرق ويصيب الأنظمة المتزمتة التي طغت وتمادت حتى أمام الملأ .
وفيما يتعلق بتعديل مستويات المعلمين والمعلمات لما يستحقه كل واحد منهم لي أن أتساءل ! هل يعقل أن يكون مسئولو الوزارة متناقضين رقمياً ولفظياً إلى هذا الحد ؟ ففي التصريح الأول خرج لنا من تحدث عن تعديل المستويات بعشرين ألفاً ، وفي اليوم الثاني ثلاثين ألفاً واليوم الثالث خمسةً وأربعين ألفاً واليوم الرابع ستين ألفاً ، وكان ذلك بالتناوب بين قطبين من أقطاب الوزارة في سمة تظهر لنا النوايا الحسنة التي تبديها وزارتنا المصون وهي تعديل المستويات بشكل سريع وبتزايد عددي عالمي خلال أربعة أيام لم ولن تشهده وزارات الدول العظمى .
ولن أنسى ما حييت دقائق ذلك المساء ، فقد كنت أتوقع بانتهائه أن أنهي حَزني فيما أفكر به ويفكر به جمعٌ غفير من بني جلدتي الوظيفية ، ولكن للأسف يد التعتيم قد مُدت لنا أيضاً في تلك الدقائق ، كان العنوان المظلل والوهمي لحلقةِ برنامج من الإخبارية هو هموم المعلمين بينما كان المضمون والواقع مغايراً تماماً للعنوان ، تناقض وطرح عقيم ! فقد خرج الضيفُ والمُذيع عن صُلبِ الموضوع إلى مواضيع شتى منها صيانة المدارس والبرادات التي لا تمت للموضوع بصله .
خروجٌ عن الموضوع وهروب من الأسئلة وإصرار على التظليل والإنكار كان سمةً من سماتِ الحلقة ، فقد كان الضيف عندما يواجه اتصالاً من معلم أو معلمة يتحدث فيه عن بند أو مستوى أو غيره كان لسان حال الوزارة يقول في تلك الدقائق ( نحنُ براءٌ أمام القضاء مما يطالبنا به المعلمون والمعلمات ) نعم هكذا الحال المزري الذي لا حظناه جميعاً من خلال إجابات الضيف ، وما أشده من ظلال عندما يعلم الإنسان خطأه ويصر عليه ، كنت أتمنى أن لا يكون هناك تناقض وتعتيم وهروب من الإجابات كما حدث معي في اتصالي الأخير والذي عانيت حتى أوصلته وسط إلحاح ٍ بالتسريع في ذلك وكان أملي ولو بنسبةٍ بسيطةٍ أن أجد إجابة ، ولكن يبدو أن هناك فنٌ جديد في الهروب من الأسئلة المحرجة وهو الإجابة على السؤال بإجابة سؤال آخر !
لي أن أتساءل أيضاً ؟ ما علاقة سؤالي الأول الذي وجهته لضيفِ البرنامج بالدبلوم التربوي ولائحة الوظائف التعليمية التي تمخض بها في إجابته ؟
قصدتُ من سؤالي أن ما أُثير من تحوير قبل نحو أسبوع هو بطبيعة الحال سيعود بنا لدوامةِ عام 1422 هـ عندما حورت جميع وظائف المعلمين والمعلمات على المستوى الثاني الدرجة الثالثة والذي لاقى سلبيات كبيرة من تساوي ٍ في المستويات والدرجات يقابلها تباين في أعوام التعيين والدليل على ذلك تساوي المعلمين منذ دفعة 1420 هـ حتى عام 1423 هـ في المستويات والدرجات ، وكذلك المعلمات منذ عام 1417 هـ حتى 1422 هـ بنفس المستوى والدرجة أيضاً ، وبالتالي سندور في حلقة مفرغة من هكذا تخبط لسنوات طويلةٍ قادمةٍ .
أما الأثر الرجعي وهو السؤال الثاني فهو القرار الصعب في الإجابة التي اتخذها الضيف للتخلص من هَم ِ السؤال وسط ابتسامة مقدم البرنامج التي توحي بوقوع ضيفه في الفخ وعجزه عن انتشاله هذه المرة بفاصلٍ إعلاني مثل ما كان قد اعتاد في السابق ، فهو لم يتمكن من الهروب بمثل هروبه بإجابته الاحترافية للسؤال الأول ، وبالطبع فإن الإجابة الثانية كانت على الطريقة التقليدية التي تطبق عندما يصعب التعامل مع الموقف بمقولة ( لا استطيع ) ، فإصدار القرار بالأثر الرجعي للسنوات الماضية كما أجاب فيه صعوبة نظير ما سيحمل من كثرةِ تكاليف على حد زعمه ، ولا أعلم من أين تأتي صعوبة ذلك هل الصعوبة تكمن في عجز وزارةٍ تقدر ميزانيتها بـ 105 مليار ريال ؟! أم أن الصعوبة َ تكمن في أن تكاليف الأثر الرجعي تُدفعُ من الحِساب الخاص للمسئولين !
خالد الجعيد – الطائف
http://www.sabq.org/inf/articles.php?action=show&id=471