ورقة عمل تفجر الأسئلة حول وضع التعليم العام في المملكة معيار المفاضلة يحكمه العرض والطلب ولا يعكس المستوى الحقيقي
راشد العبدالكريم
وأكدت ورقة العمل التي قدمها الدكتور راشد بن حسين العبدالكريم خلال ورشة العمل "إصلاح التعليم في الدول العربية: المملكة العربية السعودية أنموذجاً" التي اختتمت أعمالها أول من أمس في جامعة الملك سعود بالرياض أن وزارة التربية والتعليم طرحت التعليم الثانوي المطور ثم الشامل، ثم جاءت بعد سنوات المدارس الرائدة، ثم نظام التعليم الثانوي المرن أو نظام المقررات، فيما يظهر تقويما حقيقيا لتلك التجربة.
مضيفاً أنه على مستوى التعليم الابتدائي خرج نظام الصفوف الأولية "الأول والثاني والثالث الابتدائي"، ولم يتم تطويره ولم تقوّم تجربته، رغم أن كثيرا من المؤشرات تؤكد فاعليته وأنه ساعد على التركيز على تلك المرحلة الأساسية، ثم تلاه نظام التقويم المستمر في تلك المرحلة، ثم الصفوف العليا بالمرحلة الابتدائية دون الاستفادة من تجربة تطبيقه في الصفوف الأولية.
وأشارت الورقة إلى أن الكثير من ملاحظات المشرفين والمتابعين تؤكد نقصاً واضحاً في مهارات المعلمين في صياغة أسئلة الاختبارات وفي مهارات تقويم الطلاب، لافتاً إلى أن هذا النوع من التقويم لا ينجح إلا بتوفر شروط أساسية منها أن تكون المناهج قد أعدت بشكل يتناسب مع هذا النوع من التقويم، وتقدم هذه المناهج من خلال طرق تدريس مناسبة، وأن يتدرب المعلمون على مهارات التقويم المستمر، وأن تتناسب أعداد الطلاب مع الوقت المتاح للمعلمين في التدريس والتقويم.
وحول تدني تأهيل المعلمين في مدارس التعليم العام، بيّنت الورقة انه بالرغم من إقرار درجة البكالوريوس التربوي حدا أدنى للتأهل لوظيفة "معلم"، إلا أنه في كثير من الأحيان تتم الاستعانة بالحاصلين على درجة البكالوريوس غير التربوي في بعض التخصصات "مثل اللغة الإنجليزية والفيزياء والرياضيات" نتيجة لندرة المعلمين في هذه المجالات، كما أنه لا يوجد معيار للاختيار من الحاصلين على البكالوريوس سوى المفاضلة بينهم بناء على معايير يحكمها العرض والطلب، كما أن وزارة التربية والتعليم أنشأت نظاما لاختبار كفاءة المعلمين الجدد إلا أن تدني مستوى المعلمين في هذا الاختبار كثيرا ما يجبر الوزارة على التنازل عن معاييرها والقبول بمعلمين حصلوا على نتائج متدنية في ذلك الاختبار، حيث اتضح لـ" التربية " ضعفا واضحا لدى كثير من المعلمين في الجانب العلمي والجانب التربوي، وانكشف ذلك خلال اختبار الكفايات الذي طبق في العام الدراسي 1425/1424 للمعلمين الجدد حيث لم يجتز الاختبار بالحصول على 40% من الدرجة إلا 27% من المتقدمين للاختبار.
وتطرقت الورقة إلى العوائق والمشاكل المتعلقة بالمبنى المدرسي، وتقول إن وزارة التربية والتعليم اضطرت إلى استئجار مبان سكنية في العقود المتأخرة واتخاذها مدارس، مع ما فيها من النقص الواضح في المرافق التربوية من ملاعب وصالات ونحوها، فضلاً عن عدم مناسبة فصولها وتجهيزاتها للأداء التربوي، وهذا ما أسهم في إفشال كثير من الأنشطة التربوية سواء على مستوى الطلاب أو مستوى المدرسة أو أنشطة النمو المهني للمعلمين، بسبب ازدحام الطلاب في الفصول "وإن كانت أدت إلى قلة عدد الطلاب داخل الفصول مما يعطي انطباعا مضللا".
ولفتت الورقة إلى كثير من الدراسات التي تشير إلى عدم فعالية النظام الإشرافي للمعلمين والمدارس في تطوير أداء المعلمين وما أداء المدارس بوضعه التقليدي الذي يركز على الزيارات المتباعدة وأن أقصى ما يقدمه على أفضل الأحوال اكتشاف بعض الأخطاء أو جوانب القصور لدى المعلمين، وفي الغالب حتى في حال اكتشافها لا يكون هناك وقت للعلاج.
وانتقدت الورقة "مخططات" المدارس الحكومية رغم أنها أفضل بكثير من المدارس المستأجرة إلا أنها تفشل في كثير من الأحيان في الإسهام في إيجاد بيئة تربوية جاذبة داخل المدرسة.
وتابعت "لقد ظل نقص الصالات الكبيرة متعددة الأغراض، والساحات والملاعب المهيأة والتكييف المناسب جانب ضعف يلازم المباني الحكومية للمدارس ويقلل من فعاليتها التربوية، بالإضافة إلى أن كثيرا من المدارس خاصة في المرحلة الثانوية داخل المدن تعاني من ارتفاع أعداد الطلاب داخل الفصول وصغر حجمها، مما يجعلها عائقاً أمام المعلم في استخدام طرق التدريس الحديثة".
وواصلت الورقة انتقادها بأنه يغلب على إدارة المدرسة الطابع الإداري البيروقراطي الرتيب، الذي يقتصر في كثير من الأحيان على تنفيذ التعليمات بأقل قدر من الكفاءة، فالصلاحيات تكاد تكون معدومة لدى مدير المدرسة، ويقتصر دوره في كثير من الأحيان على تسيير الأمور اليومية الروتينية في المدرسة، مما يجعله مهددا دائما بالمحاسبة لمخالفة النظام، وبالتالي إعادته معلما كما كان، بالإضافة إلى أن مديري المدارس يعانون من عدم وجود كادر وظيفي خاص بهم يقدم لهم حوافز مالية مقابل الأعباء التي يقومون بها، فيما ينحصر إقبال المعلمين على الإدارة في المدارس ذات التجهيزات والمرافق المكتملة، ويندر وجود المدير الذي يقوم بدور القائد التربوي داخل مدرسته.
وأكدت الورقة أن"التربية "ليس لديها آلية واضحة لمعرفة مدى تحقيق النظام التعليمي لأهدافه سواء على المستوى المدرسي أو على مستوى المجتمع، فلا توجد اختبارات مقننة معتمدة يمكن من خلالها الحكم على أداء المدارس، ولا توجد عمليات مقايسة خارجية benchmarking مع دول أخرى للتعرف على المستوى الفعلي لطلاب المدارس السعودية، بل هناك ما يشير إلى تدني مستوى الطلاب المتفوقين مقارنة بطلاب الدول الأخرى، وبالتالي صار الحكم على مستوى المدارس أمرا متروكا بدرجة كبيرة إلى الانطباعات أو إلى درجة الاختبارات التي غالبا لا تعكس المستوى الحقيقي لتحصيل الطلاب.

راشد العبدالكريم
الرياض: محمد آل ماطر
بينت ورقة عمل حديثة أن كثيرا من المشروعات والتوجهات التطويرية المتحققة في التعليم العام هي إما ردة فعل أو نتيجة اجتهادات شخصية من قيادات الوزارة، استناداً إلى أن نظام التعليم العام في المملكة العربية السعودية يفتقد رؤية محددة للتعليم مبنية على إطار نظري واضح، ما عدا الخطوط العريضة والسياسات العامة الواردة في "سياسة التعليم"، ولا رؤية واضحة يتفق عليها المخططون للتعليم توجه المشروعات التطويرية التربوية.وأكدت ورقة العمل التي قدمها الدكتور راشد بن حسين العبدالكريم خلال ورشة العمل "إصلاح التعليم في الدول العربية: المملكة العربية السعودية أنموذجاً" التي اختتمت أعمالها أول من أمس في جامعة الملك سعود بالرياض أن وزارة التربية والتعليم طرحت التعليم الثانوي المطور ثم الشامل، ثم جاءت بعد سنوات المدارس الرائدة، ثم نظام التعليم الثانوي المرن أو نظام المقررات، فيما يظهر تقويما حقيقيا لتلك التجربة.
مضيفاً أنه على مستوى التعليم الابتدائي خرج نظام الصفوف الأولية "الأول والثاني والثالث الابتدائي"، ولم يتم تطويره ولم تقوّم تجربته، رغم أن كثيرا من المؤشرات تؤكد فاعليته وأنه ساعد على التركيز على تلك المرحلة الأساسية، ثم تلاه نظام التقويم المستمر في تلك المرحلة، ثم الصفوف العليا بالمرحلة الابتدائية دون الاستفادة من تجربة تطبيقه في الصفوف الأولية.
وأشارت الورقة إلى أن الكثير من ملاحظات المشرفين والمتابعين تؤكد نقصاً واضحاً في مهارات المعلمين في صياغة أسئلة الاختبارات وفي مهارات تقويم الطلاب، لافتاً إلى أن هذا النوع من التقويم لا ينجح إلا بتوفر شروط أساسية منها أن تكون المناهج قد أعدت بشكل يتناسب مع هذا النوع من التقويم، وتقدم هذه المناهج من خلال طرق تدريس مناسبة، وأن يتدرب المعلمون على مهارات التقويم المستمر، وأن تتناسب أعداد الطلاب مع الوقت المتاح للمعلمين في التدريس والتقويم.
وحول تدني تأهيل المعلمين في مدارس التعليم العام، بيّنت الورقة انه بالرغم من إقرار درجة البكالوريوس التربوي حدا أدنى للتأهل لوظيفة "معلم"، إلا أنه في كثير من الأحيان تتم الاستعانة بالحاصلين على درجة البكالوريوس غير التربوي في بعض التخصصات "مثل اللغة الإنجليزية والفيزياء والرياضيات" نتيجة لندرة المعلمين في هذه المجالات، كما أنه لا يوجد معيار للاختيار من الحاصلين على البكالوريوس سوى المفاضلة بينهم بناء على معايير يحكمها العرض والطلب، كما أن وزارة التربية والتعليم أنشأت نظاما لاختبار كفاءة المعلمين الجدد إلا أن تدني مستوى المعلمين في هذا الاختبار كثيرا ما يجبر الوزارة على التنازل عن معاييرها والقبول بمعلمين حصلوا على نتائج متدنية في ذلك الاختبار، حيث اتضح لـ" التربية " ضعفا واضحا لدى كثير من المعلمين في الجانب العلمي والجانب التربوي، وانكشف ذلك خلال اختبار الكفايات الذي طبق في العام الدراسي 1425/1424 للمعلمين الجدد حيث لم يجتز الاختبار بالحصول على 40% من الدرجة إلا 27% من المتقدمين للاختبار.
وتطرقت الورقة إلى العوائق والمشاكل المتعلقة بالمبنى المدرسي، وتقول إن وزارة التربية والتعليم اضطرت إلى استئجار مبان سكنية في العقود المتأخرة واتخاذها مدارس، مع ما فيها من النقص الواضح في المرافق التربوية من ملاعب وصالات ونحوها، فضلاً عن عدم مناسبة فصولها وتجهيزاتها للأداء التربوي، وهذا ما أسهم في إفشال كثير من الأنشطة التربوية سواء على مستوى الطلاب أو مستوى المدرسة أو أنشطة النمو المهني للمعلمين، بسبب ازدحام الطلاب في الفصول "وإن كانت أدت إلى قلة عدد الطلاب داخل الفصول مما يعطي انطباعا مضللا".
ولفتت الورقة إلى كثير من الدراسات التي تشير إلى عدم فعالية النظام الإشرافي للمعلمين والمدارس في تطوير أداء المعلمين وما أداء المدارس بوضعه التقليدي الذي يركز على الزيارات المتباعدة وأن أقصى ما يقدمه على أفضل الأحوال اكتشاف بعض الأخطاء أو جوانب القصور لدى المعلمين، وفي الغالب حتى في حال اكتشافها لا يكون هناك وقت للعلاج.
وانتقدت الورقة "مخططات" المدارس الحكومية رغم أنها أفضل بكثير من المدارس المستأجرة إلا أنها تفشل في كثير من الأحيان في الإسهام في إيجاد بيئة تربوية جاذبة داخل المدرسة.
وتابعت "لقد ظل نقص الصالات الكبيرة متعددة الأغراض، والساحات والملاعب المهيأة والتكييف المناسب جانب ضعف يلازم المباني الحكومية للمدارس ويقلل من فعاليتها التربوية، بالإضافة إلى أن كثيرا من المدارس خاصة في المرحلة الثانوية داخل المدن تعاني من ارتفاع أعداد الطلاب داخل الفصول وصغر حجمها، مما يجعلها عائقاً أمام المعلم في استخدام طرق التدريس الحديثة".
وواصلت الورقة انتقادها بأنه يغلب على إدارة المدرسة الطابع الإداري البيروقراطي الرتيب، الذي يقتصر في كثير من الأحيان على تنفيذ التعليمات بأقل قدر من الكفاءة، فالصلاحيات تكاد تكون معدومة لدى مدير المدرسة، ويقتصر دوره في كثير من الأحيان على تسيير الأمور اليومية الروتينية في المدرسة، مما يجعله مهددا دائما بالمحاسبة لمخالفة النظام، وبالتالي إعادته معلما كما كان، بالإضافة إلى أن مديري المدارس يعانون من عدم وجود كادر وظيفي خاص بهم يقدم لهم حوافز مالية مقابل الأعباء التي يقومون بها، فيما ينحصر إقبال المعلمين على الإدارة في المدارس ذات التجهيزات والمرافق المكتملة، ويندر وجود المدير الذي يقوم بدور القائد التربوي داخل مدرسته.
وأكدت الورقة أن"التربية "ليس لديها آلية واضحة لمعرفة مدى تحقيق النظام التعليمي لأهدافه سواء على المستوى المدرسي أو على مستوى المجتمع، فلا توجد اختبارات مقننة معتمدة يمكن من خلالها الحكم على أداء المدارس، ولا توجد عمليات مقايسة خارجية benchmarking مع دول أخرى للتعرف على المستوى الفعلي لطلاب المدارس السعودية، بل هناك ما يشير إلى تدني مستوى الطلاب المتفوقين مقارنة بطلاب الدول الأخرى، وبالتالي صار الحكم على مستوى المدارس أمرا متروكا بدرجة كبيرة إلى الانطباعات أو إلى درجة الاختبارات التي غالبا لا تعكس المستوى الحقيقي لتحصيل الطلاب.