السلام عليكم .. وبعد
ما دعاني لكتابة هذا الموضوع هو ما يتطرق اليه بعض الزملاء حول ضياع هيبة المعلم وتقصير الوزارة حول هذا الشأن والقول بأن منع الضرب هو من اسباب ضياع تلك الهيبة .
وما احب الاشارة اليه هنا بان الضرب لم يكن يوما طريقة فعاله لبناء هيبة احد ... سواء كان الاب مع ابنه او الحاكم مع شعبه او المعلم مع طلابه .
نحن قد درسنا وتعلمنا في عصر الضرب ... وما زلنا جميعا نذكر اسماء المعلمين الذين كانوا يمارسون معنا ابشع انواع الضرب والاجرام .. نعم والله انني معلم الان ولكنني لم افلح يوما في ان ارفع يدي لادعوا لمن كان يتلذذ باحمرار يدي واهانة انسانيتي .. فكيف ادعوا له وارفع يدي وهي التي عانت الامرين من عصا ذلك المعلم .
ثم انني انا وجيلي ما زلنا نذكر ايضا ذلك المعلم الذي كان يعاملنا بكل تقدير واحترام .. ذلك المعلم الذي كان دائم الابتسامة في وجوهنا .. وان اراد ان ينادينا فلا يعرف سوى كلمة ( يا محترم .. يا رجل .. يا اخي ) هذا والله هو الذي احس بيدي ترتفع غصبا عني لتدعوا له .
ان الضرب ياسادة يولد الكراهية .. والكراهية تولد العداء .. والعداء يولد الاجرام .. فاي ضرب يعيد لنا الهيبة ... ؟؟ واي ضرب يرد كرامة او يبني هدفا ؟؟
اننا معشر المعلمين لابد ان نكون اول من ينادي برفض الضرب داخل المدرسة ... بل لابد لنا ان نكون اول من ينادي باحترام ادمية الانسان حتى وان كان طفلا رضيعا ... اننا لابد ان نعي ان الله كرم بني ادم ورفع من قدره واعلى منزلته .. فكيف بنا نحن كمربين ان نسعى لهدم تلك القيم بعصا وتسلط وتخويف اجيال لاحول لهم ولا قوة .
اننا عندما ننادي بضرورة الضرب داخل المدرسة فاننا ننادي بتحويل ساحة المدرسة من ساحة علمية الى ساحة حرب ضروس بين المعلم والطالب .. فاي هيبة مرجوه نريدها من هذه الساحة ؟؟؟
ثم من قال لكم ان جميع معلمي ايام زمان كان لهم هيبة ... فولله ان كل معلم كان يحمل العصا ويهين في الطلاب ويضربهم لم يجني سوى العداء والشتم والدعاء عليه ... ولا انسى ان اذكر لكم موقف مر على احد المعلمين الذين كانوا يدرسوننا في المرحلة المتوسطة والثانوية وكان من اكثر المعلمين ضربا للطلاب .. فقد قابلة احد طلابه قبل عام من الان وقد تغيرت بشرة المعلم والطالب .. ولكن الطالب ابصر في معلمنا وعرفه بعد تمعن .. ثم ذهب اليه وسلم عليه ثم قال له ( هل انت المعلم الفلاني .. قال له نعم .. قال له الطالب : الله لا يبيحك دنيا واخره ..) يقول هذا المعلم وهو الذي يحكي لنا القصة .. عندها ندمت ندما شديدا على انني دخلت سلك التعليم .
تذكرت في هذه اللحظة استاذي احمد الزهراني معلم مادة الجغرافيا ... يشهد الله تعالى لقد كنا نستحي ان نراه احتراما له ... ولا اذكر يوما ان رأيته يحمل عصا او يجرح طالب . ولكنه كسب الطالب باحترامه له ... وما ان اتذكر الاستاذ عبد الرحيم او الاستاذ صالح او الاستاذ عبد الله .. ما ان اتذكرهم حتى تشمئز نفسي من اسماءهم وذكراهم .. حتى تعليمهم لم يكن مثمرا في حياتي .. فلا اعرف الا انني كنت اذاكر من اجل ان اكتفي شرهم .. وليس حبا وكرامة في مادتهم .
ان هذا هو الواقع الذي لمسناه نحن المعلمين في صبانا ... فكيف بالله ننادي بان نكون جيش سلاحنا العصا نضرب ذلك الجسد الادمي ونلغي قوانين الحضارة الانسانية ونتحلى بقوانين الغاب .
ثم لدي سؤال لكل اب هنا ... هل ترضى باهانة ابنك وجرح انسانيته ؟ لا والله لا اتوقع احدا يرضا بهذا .. وان كان لابد من ضرب ابني فانا من سيضربه .. فالتعاون بيني وبين المدرسة امر مطلوب .
اما ان اتعاون مع المدرسة في كيفية ضرب ابني واهانته فلا يرضا هذا سوى من كان عقيم الفكر في عصر اصبحنا نعي فيه اهمية الحوار في بناء الانسان .
وان كنا نريد ارجاع هيبة المعلم فلتكن عبر نوافذ اخرى اجزم لكم لو فتحت تلك النوافذ واصدرت القرارات من اجلها لنرى هيبة المعلم اكثر بكثير مما نتخيله :
اولا .. وضع قرارات من قبل الوزارة تتبنى فيها عقوبات صارمة لكل طالب يتعدى على اي معلم . سواء بالفصل لمدة عام .. او السجن . حسب القضية
ثانيا .. وضع لجنة خاصة في كل مدرسة تتولى امر اصدار عقوبات للطالب الذي يتلفظ على المعلم وذلك بانتقاص درجاته في جميع المواد .. او انزال تقديره من ممتاز لجيد .. او حرمانه من درجة السلوك مما يؤثر عليه في قبوله في الجامعة ( مع الاخذ بعين الاعتبار رصد جميع درجات سلوك الطالب في جميع المراحل في شهادة الثانوي )
وايضا يكون من صلاحية هذه اللجنة حل جميع الخلافات التي قد يتبناها اي طالب مع معلميه
ثالثا .. وضع قرار تتولاه وزارة التربية ووزارة الداخليه تتبنى فيه عقوبة صارمة لجميع اولياء امور الطلاب الذين يمارسون العنف والتعدي على اي معلم او معلمة .. وذلك بالسجن شهر كامل على اقل تقدير .
رابعا .. فصل سياسة التعليم في المراحل الدراسية .. بحيث يكون لكل مرحلة سياسة وقرارات تخصها عن غيرها .. وبهذا نقضي على اللا مبالاة التي تسود كثيرا من الاسر في حال انتقال ابنها من مرحلة لاخرى .. ويصبح ولي الامر امام امر وسياسة اخرى لابد ان يعمل بكل مافي وسعه لاصلاح ابنه والتعاون مع المدرسة .
خامسا .. عدم التشهير في الصحف باي معلم او معلمة مهما كان سوء فعلهم احتراما لمكانة التعليم .
سادسا .. احياء يوم الملعم بشكل اكثر مما يحصل الان .. والاشادة بذلك اليوم في الصحف
ها ما يخص الطالب ... اما ما يخص المعلم فلابد من وضع قرارات تلزمه على احترام المهنة كونه المربي الذي نعول عليه في تربية هذا الجيل :
اولا .. عدم قبول اي متقدم لهذه المهنة حتى يجري له اختبارات تربوية فعالة تبين مدى صلاحيته لهذه المهنة .
ثانيا .. تكثيف الدورات التربوية للمعلمين .
ثالثا .. فصل المعلم الذي يصدر منه سلوك مخل بالشرف .. وعدم التهاون في هذا الامر . بل وسجنه وتغريمه .. لانه استغل مكانته ولم يخاف الله في ابناء الناس الذين وضعوا ابناءهم امانة بين يديه .
رابعا .. وضع اليه جديدة للمشرف التربوي .. وانزال جميع المشرفين الحاليين للميدان .. واصدار قرار جديد لالية الاشراف وذلك بان يكون حاصل على الماجستير التربوي .. وبذلك يكون له بصمة في تطوير المعلم .. وايضا يكون لتوجيهاته قبول من قبل المعلمين .
خامسا .. تكثيف الزيارات الميدانية من قبل المعلمين لبعضهم البعض .. وبهذا تؤخذ الخبرة من مصادرها وتتطور معارفك كمعلم .
اخيرا .. هذا غيض من فيض .. وهي محاولة مني لابراز بعض جوانب الخلل في الوزارة وفي المعلم .. فنحن جميعنا قد نشترك في كثير من الجوانب السلبية .. ولكن يبقى دور الوزارة هو الدور الاول في بناء العملية التربوية .. فكثير من الحواجز والمعوقات هي بسبب هذه الوزارة التي بنت جدارا عازلا بيننا وبينها .. فلم نعد نكترث لقراراتها التي لن تفلح ابدا حتى تحتضن منسوبيها .
ولكن يبقى المعلم هو صاحب الريادة الاولى في بناء علاقته مع الطالب .. فمن راقب الله واخلص في عمله .. واشتغل قلبه ببناء جيل صالح .. وتعامل مع الطلاب كبشر لهم كرامتهم واحترامهم .. ونظر لهم بعين الرحمة والعطف .. ووضع امام عينيه قول مربي البشرية عليه الصلاة والسلام ( المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ) فعندها سيصل هذا المعلم لقلوب طلابه حتى وان ابو .
اخوكم الماهري