Maroom

Maroom

مكتبة اللغة العربيـة

rahaal

تربوي
عضو ملتقى المعلمين
لسان العرب - للعلامة ابن المنظور

@أَبأ: قال الشيخ أَبو محمد بن بَرِّي رحِمه اللّه: الأَبَاءة لأَِجَمَةِ القَصَبِ، والجمعُ أَباءٌ. قال وربما ذُكر هذا الحرف في المعتلِّ من الصِّحاح وإِن الهمزةَ أَصلها ياءٌ. قال: وليس ذلك بمذهب سِيبَوَيهِ بل يحمِلها على ظاهرها حتى يقومَ دليلٌ أَنها من الواو أَو من الياءِ نحو: الرِّداء لأَنه من الرَّدْية، والكِساء لأَنه من الكُسْوة، واللّه أَعلم.
@أَتأ: حكى أَبو علي، في التَّذكرة، عن ابن حبيب: أَتـْأةُ أُمُّ قَيْس بن ضِرار قاتل المقدام، وهي من بَكر وائل. قال: وهو من باب أَجأ(1) (1 قوله قال «وهو من باب الخ» كذا بالنسخ والذي في شرح القاموس وأنشد ياقوت في أجأ لجرير.) . قال جرير:
أَتَبِيتُ لَيْلَكَ، يا ابْنَ أَتـْأَةَ، نائماً، * وبَنُو أُمامَةَ، عَنْكَ، غَيرُ نيامِ
وتَرى القِتالَ، مع الكرامِ، مُحَرَّماً، * وتَرى الزِّناءَ، عَلَيْكَ، غَيرَ حَرَامِ
@أثأ: جاءَ فلان في أُثـْئِيَّةٍ من قومه أَي جماعة. قال: وأَثـَأْتُه إِذا رميتُه بسهم، عن أَبي عبيد الأَصمعي. أَثيْتُه بسهم أَي رميته، وهو حرف غريب. قال وجاءَ أَيضاً أَصبَح فلانٌ مُؤْتَثِئاً أَي لا يَشتهي الطعام، عن الشيباني.
@أجأ: أَجَأ على فَعَلٍ بالتحريك: جبلٌ لطيِّىءٍ يذكَّر ويؤَنَّث. وهنالك ثلاثةُ أَجبُل: أَجَأ وسَلْمَى والعَوْجَاءُ.
وذلك أن أَجَأً اسمُ رجُل تعشَّق سَلْمَى وجمعَتْهما العَوْجاءُ، فهرب أَجأ بسَلمى وذهبَت معهما العوجاءُ، فتبِعهم بعلُ سلمى، فأَدركهم وقتلهم، وصلبَ أَجأً على أَحدِ الأَجْبُلِ، فسمِّيَ أَجأً، وصلب سلمى على الجبل الآخرِ، فسمِّيَ بها، وصلب العوجاءَ على الثالث، فسمِّيَ باسمها. قال:
إِذا أَجَأ تَلفَّعتْ بشِعافِها * عليَّ، وأَمْستْ، بالعماءِ، مُكلَّله
وأَصْبَحَتِ العَوْجاءُ يَهتَزُّ جِيدُها، * كَجِيدِ عَرُوسٍ أَصْبَحَتْ مُتَبَذِّلَه
<ص:24>
وقول أَبي النَّجم:
قدْ حيَّرَتْهُ جِنُّ سَلْمى وأَجا
أَراد وأَجأ فخفَّف تخفيفاً قياسيّاً، وعامَلَ اللفظ كما أَجاز الخليل
رأْساً مع ناس، على غير التخفيف البدَلي، ولكن على معاملة اللفظ، واللفظُ كثيراً ما يراعَى في صناعة العربية. أَلا تَرى أَن موضوعَ ما لا ينصرف على ذلك، وهو عند الأَخفَش على البدل. فأَما قوله:
مِثْل خَناذِيذِ أَجا وصخْرِه
فإِنه أَبدل الهمزةَ فقلبها حرف علَّة للضرورة، والخَناذِيذُ رؤُوس الجبال: أَي إِبل مثل قِطع هذا الجبل. الجوهري: أَجأ وسلمى جبلان لطيىءٍ يُنْسب إليهما الأَجئِيّون مثل الأَجعِيُّون.
ابن الأَعرابي: أَجَأَ إِذا فَرَّ.
@أشأ: الأَشاءُ: صغار النخل، واحدتها أَشاءة.
@ألأ: الأَلاءُ بوزن العَلاء: شجر، ورقهُ وحَمْله دباغٌ، يُمدُّ ويُقْصر،وهو حسَن المنظر مرُّ الطعم، ولا يزال أَخضرَ شتاءً وصيفاً. واحدته ألاءة بوزن أَلاعة،وتأْليفه من لام بين همزتين .أَبو زيد : هي شجرة تشبه الآس لا تَغيَّرُ في القيظ، ولها ثمرة تُشبه سُنْبل الذُّرة، ومنبتُها الرمل والأَودية. قال: والسُّلامانُ نحو الأَلاءِ غير أَنها أَصغرُ منها،يُتَّخذ منها المساويك، وثمرتها مثل ثمرتها، ومنبتها الأَودية والصحارى؛ قال ابن عَنَمَة:
فخرَّ على الأَلاءة لم يُوَسَّدْ، * كأَنَّ جبِينَهُ سَيْفٌ صقِيلُ
وأَرض مأْلأَةٌ: كثيرةُ الأَلاءِ. وأَديمٌ مأْلوءٌ: مدبوغٌ بالأَلاءِ.
وروى ثعلبٌ: إِهابٌ مإِلى: مدبوغ بالأَلاءِ.
@أوأ: آءَ على وزن عاع: شجر، واحدته آءة. وفي حديث
جرير: بين نَخْلة وضَالَة وسِدْرة وآءة.
الآءة بوزن العاعَة، وتُجمع على آءٍ بوزنِ عاعٍ: هوشجرٌ معروفٌ، ليس في الكلامِ اسمٌ وقعَت فيهِ الفٌ بين هَمزتين إِلاَّ هذا. هذا قولُ كراع، وهو من مَراتِعِ النَّعامِ، والتنُّومُ نبتٌ آخر. وتصغيرها: أُوَيْأَةٌ، وتأسيسُ بِنَائها من تأْليفِ واوٍ بينَ همزتين. ولو قلتَ من الآءِ، كما تقول من النَّومِ مَنامةٌ، على تقديرِ
مَفعلةٌ، قلت: أَرض مآءة. ولو اشتُقَّ منهُ فعلٌ، كما يُشْتَقُّ من
القرظِ، فقيلَ مقروظٌ، فان كان يدبغُ أَو يؤدمُ به طعامٌ أَو يخلطُ به دواءٌ قلتَ: هو مَؤُوءٌ مثل مَعُوع. ويقال من ذلك أؤْتُهُ
بالآءآ أً(1)
(1 صواب هذه اللفظة: «أوأ» وهي مصدر «آء» على جعله من الاجوف الواوي مثل: قلت قولاً، وهو ما أراده المصنف بلا ريب كما يدل عليه الاثر الباقي في الرسم لانه مكتوب بألِفين كما رأيت في الصورة التي نقلناها. ولو أراد ان يكون ممدوداً لرسمه بألفٍ واحدة كما هو الاصطلاح في رسم الممدود. « إبرهيم اليازجي») .
قال ابنُ بَرِّي: والدليلُ على أَنَّ أَصلَ هذهِ الأَلفِ التي بينَ الهمزتين واوٌ قولُهم في تصغير آءة أُوَيْأَةٌ.
وأَرضٌ مآءة: تُّنبتُ الآءَ، وليس بثَبتٍ.
قال زهيرُ بن أَبي سُلمى:
كأَنَّ الرَّحْلَ مِنْها فَوقَ صَعْلٍ، * منَ الظِّلْمانِ، جُؤْجُؤُهُ هواءُ
أَصَكَّ، مُصَلَّمِ الأُذُنَيْنِ، أَجْنَى * لَهُ، بالسِّيِّ، تَنُّومٌ وآءُ
أبو عمرو: من الشَّجرِ الدِّفْلى والآءُ، بوزن العاعُ، والأَلاءُ
والحَبْنُ كله الدِّفْلى. قال الليثُ: الآءُ شجرٌ لهُ ثمرٌ يأْكلهُ
النَّعامُ؛ قال: وتُسمى الشجرةُ سَرْخَةً وثَمَرُها الآء.
وآءٌ، ممدودٌ: من زجر الإبل. وآء
<ص:25>
حكاية أصوات؛ قال الشاعر:
إِنْ تَلْقَ عَمْراً، فَقَدْ لاقَيْتَ مُدَّرِعاً، * ولَيْسَ، مِنْ هَمِّه، إِبْلٌ ولا شاءُ
في جَحْفلٍ لَجِبٍ، جَمٍّ صواهِلُهُ، * باللَّيْلِ تُسمَعُ، في حَافاتِهِ، آءُ
قال ابنُ بَرِّي: الصحيحُ عندَ أَهلِ اللغةِ أَنَّ الآءَ ثمرُ السَّرحِ.
وقال أَبو زيد: هو عنبٌ أَبيض يأْكلهُ الناس، ويتَّخذونَ منهُ
رُباًّ؛ وعُذْر من سمَّاه بالشجر أَنهم قد يُسمونَ الشجرَ باسمِ
ثمره، فيقولُ أَحدُهم: في بستاني السفرجل والتفاح، وهو يريد الأَشجارَ، فيعبر بالثمرة عن الشجرِ؛ ومنهُ قولهُ تعالى:>> فأَنْبَتْنا فيها حَباًّ وعِنَباً وقَضْباً وزَيتُونا<< .
ولو بنيتَ منها فعلاً لقلتَ: أُوتُ الأَديمَ اذا دبغتهُ به، والأَصلُ أُأْتُ الأَديمَ بهمزتين، فأُبدلت الهمزةُ الثانية واواً لانضمام ما قبلها. أَبو عمرو: الآءُ بوزن العاع: الدِّفلى. قال: والآءُ أَيضاً صياحُ الأَمير بالغلام مثلُ العاع.

@أبب:الأَبُّ: الكَلأُ، وعَبَّر بعضُهم(1)
(1 قوله بعضهم: هو ابن دريد كما في المحكم.) عنه بأَنه الـمَرْعَى. وقال الزجاج: الأَبُّ جَمِيعُ الكَلإِ الذي تَعْتَلِفُه الماشِية. وفي التنزيل العزيز: وفاكِهةً وأَبّاً. قال أَبو حنيفة: سَمَّى اللّهُ تعالى المرعَى كُلَّه أَبّاً. قال الفرَّاءُ: الأَبُّ ما يأْكُلُه الأَنعامُ. وقال مجاهد: الفاكهةُ ما أَكَله الناس، والأَبُّ ما أَكَلَتِ الأَنْعامُ، فالأَبُّ من الـمَرْعى للدَّوابِّ كالفاكِهةِ للانسان. وقال الشاعر:
جِذْمُنا قَيْسٌ، ونَجْدٌ دارُنا، * ولَنا الأَبُّ بهِ والـمَكْرَعُ
<ص:205>
قال ثعلب: الأَبُّ كُلُّ ما أَخْرَجَتِ الأَرضُ من النَّباتِ. وقال عطاء: كُلُّ شيءٍ يَنْبُتُ على وَجْهِ الأَرضِ فهو الأَبُّ. وفي حديث أنس: أَنَّ عُمر بن الخَطاب، رضي اللّه عنهما، قرأً قوله، عز وجل، وفاكِهةً وأَبّاً، وقال: فما الأَبُّ، ثم قال: ما كُلِّفْنا وما أُمِرْنا بهذا.
والأَبُّ: الـمَرْعَى الـمُتَهَيِّئُ للرَّعْيِ والقَطْع. ومنه حديث قُسّ بن ساعِدةَ: فَجعلَ يَرْتَعُ أَبّاً وأَصِيدُ ضَبّاً.
وأَبَّ للسير يَئِبُّ ويَؤُبُّ أَبّاً وأَبِيباً وأَبابةً: تَهَيَّأً للذَّهابِ وتَجَهَّز. قال الأَعشى:
صَرَمْتُ، ولم أَصْرِمْكُمُ، وكصارِمٍ؛ * أَخٌ قد طَوى كَشْحاً، وأَبَّ لِيَذْهَبا
أَي صَرَمْتُكُم في تَهَيُّئي لـمُفارَقَتِكم، ومن تَهَيَّأَ للـمُفارقةِ، فهو كمن صَرَمَ. وكذلك ائْتَبَّ.
قال أَبو عبيد: أبَبْتُ أَؤُبُّ أَبّاًإِذا عَزَمْتَ على الـمَسِير وتَهَيَّأْتَ. وهو في أَبَابه وإِبابَتِه وأَبابَتِه أَي في جَهازِه.
التهذيب: والوَبُّ: التَّهَيُّؤ للحَمْلةِ في الحَرْبِ، يقال: هَبَّ ووَبَّ إِذا تَهَيَّأَ للحَمْلةِ. قال أَبو منصور: والأَصل فيه أَبَّ فقُلبت الهمزة واواً. ابن الأَعرابي: أَبَّ إِذا حَرَّك، وأَبَّ إِذا هَزَم بِحَمْلةٍ لا مَكْذُوبةَ فيها.
والأَبُّ: النِّزاعُ إِلى الوَطَنِ. وأَبَّ إِلى وطَنِه يَؤُبُّ أَبَّاً وأَبابةً وإِبابةً: نَزَعَ، والـمَعْرُوفُ عند ابن دريد الكَسْرُ، وأَنشد لهِشامٍ أَخي ذي الرُّمة:
وأَبَّ ذو الـمَحْضَرِ البادِي إِبَابَتَه، * وقَوَّضَتْ نِيَّةٌ أَطْنابَ تَخْيِيمِ
وأَبَّ يدَه إِلى سَيْفهِ: رَدَّها إليْه ليَسْتَلَّه. وأَبَّتْ أَبابةُ الشيءِ وإِبابَتُه: اسْتَقامَت طَريقَتُه. وقالوا للظِّباءِ: إِن أَصابَتِ الماءَ، فلا عَباب، وإِنْ لم تُصِب الماءَ، فلا أَبابَ. أَي لم تَأْتَبَّ له ولا تَتَهيَّأ لطلَبه، وهو مذكور في موضعه. والأُبابُ: الماءُ والسَّرابُ، عن ابن الأَعرابي، وأَنشد:
قَوَّمْنَ ساجاً مُسْتَخَفَّ الحِمْلِ، * تَشُقُّ أَعْرافَ الأُبابِ الحَفْلِ
أَخبر أَنها سُفُنُ البَرِّ. وأُبابُ الماءِ: عُبابُه. قال:
أُبابُ بَحْرٍ ضاحكٍ هَزُوقِ
قال ابن جني: ليست الهمزة فيه بدلاً من عين عُباب، وإِن كنا قد سمعنا، وإِنما هو فُعالٌ من أَبَّ إِذا تَهَيَّأَ.
واسْتَئِبَّ أَباً: اتَّخِذْه، نادر، عن ابن الأَعرابي، وإِنما قياسه
اسْتَأْبِ.
@أتب: الإِتْبُ: البَقِيرة، وهو بُرْدٌ أَو ثوب يُؤْخَذُ فَيُشَقُّ في وسَطِه، ثم تُلْقِيه المرأَةُ في عُنُقِها من غير جَيْب ولا كُمَّيْنِ. قال
أَحمد بن يحيى: هو الإِتْبُ والعَلَقةُ والصِّدارُ والشَّوْذَرُ، والجمع
الأُتُوبُ.
وفي حديث النخعي: أَنّ جارِيةً زَنَتْ، فَجَلَدَها خَمسين وعليها إِتْبٌ لها وإِزارٌ. الإِتْبُ، بالكسر: بُرْدةٌ تُشَقُّ، فتُلبس من غير كُمَّيْنِ ولا جَيْب. والإِتْبُ: دِرْعُ المرأَة. ويقال أَتَّبْتُها تَأْتِيباً،
فَأْتَتَبَتْ هي، أَي أَلبَسْتُها الإِتْبَ، فَلَبِسَتْه. وقيل: الإِتْبُ من
الثياب: ما قَصُر فَنَصَفَ الساقَ. وقيل: الإِتْبُ غير الإِزار لا
رِباطَ له، كالتِّكَّةِ، وليس على خِياطةِ السَّراوِيلِ، ولكنه قَمِيصٌ غير مَخِيطِ الجانبين. وقيل: هو
<ص:206>
النُّقْبةُ، وهو السَّراوِيلُ بلا رجلين. وقال بعضهم: هو قميص بغير كُمَّيْنِ، والجمع آتابٌ وإِتابٌ. والمِئْتَبةُ كالإِتْبِ. وقيل فيه كلُّ ما قيل في الإِتْبِ.
وأُتِّبَ الثوبُ: صُيِّرَ إِتْباً. قال كثير عزة:
هَضِيم الحَشَى، رُؤْد الـمَطا، بَخْتَرِيَّة، * جَمِيلٌ عليَها الأَتْحَمِيُّ الـمُؤَتَّبُ
وقد تَأَتَّبَ به وأْتَتَبَ. وأَتَّبَها به وإِيّاه تأْتِيباً، كلاهما: أَلْبَسها الإِتْبَ، فلَبِسَتْه. أَبو زيد: أَتَّبْتُ الجارِيةَ تَأْتِيباً إِذا دَرَّعْتَها دِرْعاً، وأْتَتَبَتِ الجارِيةُ، فهي مُؤْتَتِبةٌ، إِذا لبست الإِتْبَ. وقال أَبو حنيفة: التَّأَتُّبُ أَن يَجْعَلَ الرَّجلُ حِمالَ القَوْسِ في صَدره ويُخْرِجَ مَنْكِبَيْه منها، فيَصِيرَ القَوْس على مَنْكِبَيْه. ويقال: تَأَتَّبَ قَوْسَه على ظَهرِه.
وإِتْبُ الشعِيرةِ: قِشْرُها.
والمِئْتَبُ: المِشْمَلُ.
@أثب: الـمَآثِبُ: موضع. قال كثير عزة:
وهَبَّتْ رِياحُ الصَّيْفِ يَرْمِينَ بالسَّفا، * تَلِيَّةَ باقِي قَرْمَلٍ بالـمَآثِبِ
@أدب: الأَدَبُ: الذي يَتَأَدَّبُ به الأَديبُ من الناس؛ سُمِّيَ أَدَباً
لأَنه يَأْدِبُ الناسَ إِلى الـمَحامِد، ويَنْهاهم عن المقَابِح. وأَصل
الأَدْبِ الدُّعاءُ، ومنه قيل للصَّنِيع يُدْعَى إليه الناسُ: مَدْعاةٌ
ومَأْدُبَةٌ.
ابن بُزُرْج: لقد أَدُبْتُ آدُبُ أَدَباً حسناً، وأَنت أَدِيبٌ. وقال أَبو زيد: أَدُبَ الرَّجلُ يَأْدُبُ أَدَباً، فهو أَدِيبٌ، وأَرُبَ يَأْرُبُ أَرَابةً وأَرَباً، في العَقْلِ، فهو أَرِيبٌ. غيره: الأَدَبُ: أَدَبُ النَّفْسِ والدَّرْسِ. والأَدَبُ: الظَّرْفُ وحُسْنُ التَّناوُلِ.
وأَدُبَ، بالضم، فهو أَدِيبٌ، من قوم أُدَباءَ.
وأَدَّبه فَتَأَدَّب: عَلَّمه، واستعمله الزجاج في اللّه، عز وجل، فقال:
وهذا ما أَدَّبَ اللّهُ تعالى به نَبِيَّه، صلى اللّه عليه وسلم.
وفلان قد اسْتَأْدَبَ: بمعنى تَأَدَّبَ. ويقال للبعيرِ إِذا رِيضَ وذُلِّلَ: أَدِيبٌ مُؤَدَّبٌ. وقال مُزاحِمٌ العُقَيْلي:
وهُنَّ يُصَرِّفْنَ النَّوى بَين عالِجٍ * ونَجْرانَ، تَصْرِيفَ الأَدِيبِ الـمُذَلَّلِ
والأُدْبَةُ والـمَأْدَبةُ والـمَأْدُبةُ: كلُّ طعام صُنِع لدَعْوةٍ أَو عُرْسٍ. قال صَخْر الغَيّ يصف عُقاباً:
كأَنّ قُلُوبَ الطَّيْر، في قَعْرِ عُشِّها، * نَوَى القَسْبِ، مُلْقًى عند بعض الـمَآدِبِ
القَسْبُ: تَمْر يابسٌ صُلْبُ النَّوَى. شَبَّه قلوبَ الطير في وَكْر العُقابِ بِنَوى القَسْبِ، كما شبهه امْرُؤُ القيس بالعُنَّاب في قوله:
كأَنَّ قُلُوبَ الطَّيْرِ، رَطْباً ويابِساً، * لَدَى وَكْرِها، العُنَّابُ والحَشَفُ البالي
والمشهور في الـمَأْدُبة ضم الدال، وأَجاز بعضهم الفتح، وقال: هي بالفتح مَفْعَلةٌ مِن الأَدَبِ. قال سيبويه: قالوا الـمَأْدَبةُ كما قالوا
الـمَدْعاةُ. وقيل: الـمَأْدَبةُ من الأَدَبِ.وفي الحديث عن ابن سعود: إِنَّ هذا القرآنَ مَأْدَبةُ اللّه في الأَرض فتَعَلَّموا من مَأْدَبَتِه، يعني
مَدْعاتَه. قال أَبو عبيد: يقال مَأْدُبةٌ
<ص:207>
ومَأْدَبةٌ، فمن قال مَأْدُبةٌ أَراد به الصَّنِيع يَصْنَعه الرجل، فيَدْعُو إِليه الناسَ؛ يقال منه: أَدَبْتُ على القوم آدِبُ أَدْباً، ورجل آدِبٌ. قال أَبو عبيد: وتأْويل الحديث أَنه شَبَّه القرآن بصَنِيعٍ صَنَعَه اللّه للناس لهم فيه خيرٌ ومنافِعُ ثم دعاهم إليه؛ ومن قال مَأْدَبة: جعَله مَفْعَلةً من الأَدَبِ.
وكان الأَحمر يجعلهما لغتين مَأْدُبةً ومَأْدَبةً بمعنى واحد. قال أَبو
عبيد: ولم أَسمع أحداً يقول هذا غيره؛ قال: والتفسير الأَول أَعجبُ
إِليّ.وقال أَبو زيد: آدَبْتُ أُودِبُ إِيداباً، وأَدَبْتُ آدِبُ أَدْباً، والـمَأْدُبةُ: الطعامُ، فُرِقَ بينها وبين الـمَأْدَبةِ الأَدَبِ.
والأَدْبُ: مصدر قولك أَدَبَ القومَ يَأْدِبُهُم، بالكسر، أَدْباً، إِذا
دعاهم إِلى طعامِه.
والآدِبُ: الداعِي إِلى الطعامِ. قال طَرَفَةُ:
نَحْنُ في الـمَشْتاةِ نَدْعُو الجَفَلى، * لا تَرَى الآدِبَ فينا يَنْتَقِرْ
وقال عدي:
زَجِلٌ وَبْلُهُ، يجاوبُه دُفٌّ * لِخُونٍ مَأْدُوبَةٍ، وزَمِيرُ
والـمَأْدُوبَةُ: التي قد صُنِعَ لها الصَّنِيعُ. وفي حديث عليّ، كرّم
اللّه وجهه: أَما إِخْوانُنا بنو أُمَيَّةَ فَقادةٌ أَدَبَةٌ. الأَدَبَةُ جمع آدِبٍ، مثل كَتَبةٍ وكاتِبٍ، وهو الذي يَدْعُو الناسَ إِلى الـمَأْدُبة، وهي الطعامُ الذي يَصْنَعُه الرجل ويَدْعُو إِليه الناس. وفي حديث كعب، رضي اللّه عنه: إِنّ لِلّهِ مَأْدُبةً من لحُومِ الرُّومِ بمُرُوج
عَكَّاءَ. أَراد: أَنهم يُقْتَلُون بها فَتَنْتابُهمُ السِّباعُ والطير تأْكلُ
من لحُومِهم.
وآدَبَ القومَ إِلى طَعامه يُؤْدِبُهم إِيداباً، وأَدَبَ: عَمِلَ مَأْدُبةً. أَبو عمرو يقال: جاشَ أَدَبُ البحر، وهو كثْرَةُ مائِه.
وأَنشد:
عن ثَبَجِ البحرِ يَجِيشُ أَدَبُه،
والأَدْبُ: العَجَبُ. قال مَنْظُور بن حَبَّةَ الأَسَدِيّ، وحَبَّةُ أُمُّه:
بِشَمَجَى الـمَشْي، عَجُولِ الوَثْبِ،
غَلاَّبةٍ للنَّاجِياتِ الغُلْبِ،
حتى أَتَى أُزْبِيُّها بالأَدْبِ
الأُزْبِيُّ: السُّرْعةُ والنَّشاطُ، والشَّمَجَى: الناقةُ السرِيعَةُ. ورأَيت في حاشية في بعض نسخ الصحاح المعروف: الإِدْبُ، بكسر الهمزة؛ ووجد كذلك بخط أَبي زكريا في نسخته قال: وكذلك أَورده ابن فارس في المجمل.
الأَصمعي: جاءَ فلان بأَمْرٍ أَدْبٍ، مجزوم الدال، أَي بأَمْرٍ عَجِيبٍ، وأَنشد:
سمِعتُ، مِن صَلاصِلِ الأَشْكالِ، * أَدْباً على لَبَّاتِها الحَوالي
@أذرب: ابن الأَثير في حديث أَبي بكر، رضي عنه: لَتَأْلَمُنَّ النَّوْمَ على الصُّوفِ الأَذْرَبِيِّ، يَأْلَمُ أَحَدُكم النَّوْمَ على حَسَكِ
السَّعْدانِ. الأَذْرَبِيّ: منسوب إِلى أَذْرَبِيجانَ، على غير قياس، هكذا تقول العرب، والقياس أَن يقال: أَذَرِيٌّ بغير باء، كما يقال في النَّسَب إِلى رامَهُرْمُزَ راميٌّ؛ قال: وهو مُطَّرِد في النسب إِلى الاسماءِ المركبة.
<ص:208>
@أرب: الإِرْبَةُ والإِرْبُ: الحاجةُ. وفيه لغات: إِرْبٌ وإِرْبَةٌ وأَرَبٌ ومَأْرُبةٌ ومَأْرَبَة. وفي حديث عائشة، رضي اللّه تعالى عنها: كان رسولُ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، أَمْلَكَكُمْ لإِرْبِه أَي لحاجَتِه، تعني أَنه، صلى اللّه عليه وسلم، كان أَغْلَبَكم لِهَواهُ وحاجتِه أَي كان يَمْلِكُ نَفْسَه وهَواهُ. وقال السلمي: الإِرْبُ الفَرْجُ ههنا. قال: وهو غير معروف. قال ابن الأَثير: أَكثر المحدِّثين يَرْوُونه بفتح الهمزة والراءِ يعنون الحاجة، وبعضهم يرويه بكسر الهمزة وسكون الراءِ، وله تأْويلان: أَحدهما أَنه الحاجةُ، والثاني أَرادت به العُضْوَ، وعَنَتْ به من الأَعْضاءِ الذكَر خاصة. وقوله في حديث الـمُخَنَّثِ: كانوا يَعُدُّونَه من غَيْرِ أُولي الإِرْبةِ أَي النِّكاحِ. والإِرْبَةُ والأَرَبُ والـمَأْرَب كله كالإِرْبِ. وتقول العرب في المثل: مَأْرُبَةٌ لا حفاوةٌ، أَي
 

rahaal

تربوي
عضو ملتقى المعلمين
إِنما بِكَ حاجةٌ لا تَحَفِّياً بي. وهي الآرابُ والإِرَبُ. والـمَأْرُبة والـمَأْرَبةُ مثله، وجمعهما مآرِبُ. قال اللّه تعالى: ولِيَ فيها مآرِبُ أُخرى.
وقال تعالى: غَيْرِ أُولي الإرْبةِ مِن الرِّجال.
وأَرِبَ إِليه يَأْرَبُ أَرَباً: احْتاجَ. وفي حديث عمر، رضي اللّه تعالى عنه، أَنه نَقِمَ على رجل قَوْلاً قاله، فقال له: أَرِبْتَ عن ذي
يَدَيْكَ، معناه ذهب ما في يديك حتى تَحْتاجَ. وقال في التهذيب: أَرِبْتَ من ذِي يَدَيْكَ، وعن ذي يَدَيْكَ. وقال شمر: سمعت ابن الأَعرابي يقول: أَرِبْتَ في ذي يَدَيْكَ، معناه ذهب ما في يديك حتى تحتاج. وقال أَبو عبيد في قوله أَرِبْتَ عن ذِي يَدَيْك: أَي سَقَطَتْ آرابُكَ من اليَدَيْنِ خاصة.
وقيل: سَقَطَت مِن يدَيْكَ. قال ابن الأثير: وقد جاءَ في رواية أُخرى لهذا الحديث: خَرَرْتَ عن يَدَيْكَ، وهي عبارة عن الخَجَل مَشْهورةٌ، كأَنه أَراد أَصابَكَ خَجَلٌ أَو ذَمٌّ. ومعنى خَرَرْتَ سَقَطْتَ.
وقد أَرِبَ الرجلُ، إِذا احتاج إِلى الشيءِ وطَلَبَه، يَأْرَبُ أَرَباً.
قال ابن مقبل:
وإِنَّ فِينا صَبُوحاً، إِنْ أَرِبْتَ بِه، * جَمْعاً بِهِيّاً، وآلافاً ثمَانِينا
جمع أَلف أَي ثمَانِين أَلفاً. أَرِبْتَ به أَي احْتَجْتَ إِليه
وأَرَدْتَه.
وأَرِبَ الدَّهْرُ: اشْتَدَّ. قال أَبو دُواد الإِيادِيُّ يَصِف فرساً.
أَرِبَ الدَّهْرُ، فَأَعْدَدْتُ لَه * مُشْرِفَ الحاركِ، مَحْبُوكَ الكَتَدْ
قال ابن بري: والحارِكُ فَرْعُ الكاهِلِ، والكاهِلُ ما بَيْنَ الكَتِفَيْنِ، والكَتَدُ ما بين الكاهِلِ والظَّهْرِ، والـمَحْبُوكُ الـمُحْكَمُ الخَلْقِ من حَبَكْتُ الثوبَ إِذا أَحْكَمْتَ نَسْجَه. وفي التهذيب في تفسير هذا البيت: أَي أَراد ذلك منا وطَلَبَه؛ وقولهم أَرِبَ الدَّهْرُ: كأَنَّ له أَرَباً يَطْلُبُه عندنا فَيُلِحُّ لذلك، عن ابن الاعرابي، وقوله أَنشده ثعلب:
أَلَم تَرَ عُصْمَ رُؤُوسِ الشَّظَى، * إِذا جاءَ قانِصُها تُجْلَبُ
إلَيْهِ، وما ذاكَ عَنْ إرْبةٍ * يكونُ بِها قانِصٌ يأْرَبُ
وَضَع الباءَ في موضع إِلى وقوله تعالى. غَيْرِ أُولي الإِرْبةِ مِنَ
الرِّجال؛ قال سَعِيد بن جُبَيْر: هو الـمَعْتُوهُ.
<ص:209>
والإِرْبُ والإِرْبةُ والأُرْبةُ والأَرْبُ: الدَّهاء(1)
(1 قوله «والارب الدهاء» هو في المحكم بالتحريك وقال في شرح القاموس عازياً للسان هو كالضرب.) والبَصَرُ بالأُمُورِ، وهو من العَقْل. أَرُبَ أَرابةً، فهو أَرِيبٌ مَن قَوْم أُرَباء. يقال: هو ذُو إِرْبٍ، وما كانَ الرَّجل أَرِيباً، ولقد أَرُبَ أَرابةً.
وأرِبَ بالشيءِ: دَرِبَ به وصارَ فيه ماهِراً بَصِيراً، فهو أَربٌ. قال أَبو عبيد: ومنه الأَرِيبُ أَي ذُو دَهْيٍ وبَصَرٍ. قال قَيْسُ بن
الخَطِيم:
أَرِبْتُ بِدَفْعِ الحَرْبِ لَـمَّا رأَيْتُها، * على الدَّفْعِ، لا تَزْدَادُ غَيْرَ تَقارُبِ
أَي كانت له إِرْبَةٌ أَي حاجةٌ في دفع الحَربِ.
وأَرُبَ الرَّجلُ يَأْرُبُ إِرَباً، مِثال صَغُرَ يَصْغُرُ صِغَراً، وأَرابةً أَيضاً، بالفتح، إِذا صار ذا دَهْيٍ. وقال أَبو العِيالِ الهُذَلِيّ يَرْثي عُبَيْدَ بن زُهْرةً، وفي التهذيب: يمدح رجلاً:
يَلُفٌّ طَوائفَ الأَعْدا * ءِ، وَهْوَ بِلَفِّهِمْ أَرِبُ
ابن شُمَيْل: أَرِبَ في ذلك الأَمرِ أَي بَلَغَ فيه جُهْدَه وطاقَتَه وفَطِنَ له. وقد تأَرَّبَ في أَمرِه.
والأُرَبَى، بضم الهمزة: الدَّاهِيةُ. قال ابن أَحمر:
فلَمَّا غَسَى لَيْلي، وأَيْقَنْتُ أَنـَّها * هي الأُرَبَى، جاءَتْ بأُمّ حَبَوْكَرا
والـمُؤَارَبَةُ: الـمُداهاةُ. وفلان يُؤَارِبُ صاحِبَه إِذا داهاه. وفي الحديث: أَنَّ النبيَّ، صلى اللّه عليه وسلم، ذَكَر الحَيَّاتِ فقال: مَنْ
خَشِيَ خُبْثَهُنَّ وشَرَّهُنّ وإٍرْبَهُنَّ، فليس منَّا. أَصْلُ الإِرْب، بكسر الهمزة وسكون الراء: الدَّهاء والـمَكْر؛ والمعنى مَنْ تَوَقَّى قَتْلَهُنَّ خَشْيةَ شَرِّهنَّ، فليس منَّا أَي من سنتنا. قال ابن الأَثير: أَي مَنْ خَشِيَ غائلَتها وجَبُنَ عن قتْلِها، لِلذي قيل في الجاهلية إِنها تُؤْذِي قاتِلَها، أَو تُصِيبُه بخَبَلٍ، فقد فارَقَ سُنَّتَنا وخالَفَ ما نحنُ عليه. وفي حديث عَمْرو بن العاص، رضي اللّه عنه، قال: فَأَرِبْتُ بأبي هريرة فلم تَضْرُرْنِي إِرْبَةٌ أَرِبْتُها قَطُّ، قَبْلَ يَوْمَئذٍ. قال: أَرِبْتُ به أَي احْتَلْتُ عليه، وهو من الإِرْبِ الدَّهاءِ والنُّكْرِ.
والإِرْبُ: العَقْلُ والدِّينُ، عن ثعلب.
والأَرِيبُ: العاقلُ. ورَجُلٌ أَرِيبٌ من قوم أُرَباء. وقد أَرُبَ يَأْرُبُ أحْسَنَ الإِرْب في العقل. وفي الحديث: مُؤَاربَةُ الأَرِيبِ جَهْلٌ
وعَناء، أَي إِنَّ الأَرِيبَ، وهو العاقِلُ، لا يُخْتَلُ عن عَقْلِه.
وأَرِبَ أَرَباً في الحاجة، وأَرِبَ الرَّجلُ أَرَباً: أَيِسَ. وأَرِبَ
بالشيءِ: ضَنَّ بِهِ وشَحَّ. والتَّأْرِيبُ: الشُّحُّ والحِرْصُ.
وأَرِبْتُ بالشيءِ أَي كَلِفْتُ به، وأَنشد لابن الرِّقاعِ:
وما لامْرِئٍ أَرِبٍ بالحَيا * ةِ، عَنْها مَحِيصٌ ولا مَصْرِفُ
أَي كَلِفٍ. وقال في قول الشاعر:
ولَقَدْ أَرِبْتُ، على الهمُومِ، بِجَسْرةٍ، * عَيْرانةٍ بالرِّدْفِ، غَيْرِ لَجُونِ
أَي عَلِقْتُها ولَزِمْتُها واسْتَعَنْتُ بها على الهُمومِ. والإِرْبُ: العُضْوُ الـمُوَفَّر الكامِل الذي لم يَنقُص منه شيءٌ، ويقال لكلّ عُضْوٍ إِرْبٌ. يقال: قَطَّعْتُه إِرْباً إِرْباً أَي عُضْواً عُضْواً. وعُضْوٌ مُؤَرَّبٌ أَي مُوَفَّرٌ. وفي الحديث: أَنه أُتِيَ بكَتِفٍ مُؤَرَّبة،
<ص:210>
فأَكَلَها، وصلّى، ولم يَتَوَضَّأْ.
الـمُؤَرَّبَةُ: هي الـمُوَفَّرة التي لم يَنْقُص منها شيءٌ. وقد أَرَّبْتُه
تَأْرِيباً إِذا وفَّرْته، مأْخوذ من الإِرْب، وهو العُضْو، والجمع
آرابٌ، يقال: السُّجُود على سَبْعة آرابٍ؛ وأَرْآبٌ أَيضاً. وأرِبَ الرَّجُل إِذا سَجَدَ(1)
(1 قوله «وأرب الرجل إِذا سجد» لم تقف له على ضبط ولعله وأرب بالفتح مع التضعيف.) على آرابِه مُتَمَكِّناً. وفي حديث الصلاة: كان يَسْجُدُ على سَبْعةِ آرابٍ أَي أَعْضاء، واحدها إرْب، بالكسر والسكون. قال: والمراد بالسبعة الجَبْهةُ واليَدانِ والرُّكْبتانِ والقَدَمانِ.
والآرابُ: قِطَعُ اللحمِ.
وأَرِبَ الرَّجُلُ: قُطِعَ إِرْبُه. وأَرِبَ عُضْوُه أَي سَقَطَ. وأَرِبَ
الرَّجُل: تَساقَطَتْ أَعْضاؤُه. وفي حديث جُنْدَبٍ: خَرَج برَجُل
أُرابٌ، قيل هي القَرْحَةُ، وكأَنَّها مِن آفاتِ الآرابِ أَي الأَعْضاءِ، وقد غَلَبَ في اليَد. فأَمـَّا قولُهم في الدُّعاءِ: ما لَه أَرِبَتْ يَدُه،
فقيل قُطِعَتْ يَدُه، وقيل افْتَقَر فاحْتاجَ إِلى ما في أَيدي الناس.
ويقال: أَرِبْتَ مِنْ يَدَيْكَ أَي سَقَطتْ آرَابُكَ من اليَدَيْنِ خاصَّةً.
وجاء رجل إِلى النبي، صلى اللّه عليه وسلم، فقال: دُلَّني على عَمَل يُدْخِلُني الجَنَّةَ. فقال: أَرِبٌ ما لَهُ؟ معناه: أَنه ذو أَرَبٍ وخُبْرةٍ وعِلمٍ. أَرُبَ الرجل، بالضم، فهو أَرِيبٌ، أَي صار ذا فِطْنةٍ.
وفي خبر ابن مسعود، رضي اللّه عنه: أَنَّ رجلاً اعترض النبي، صلى اللّه عليه وسلم، لِيَسْأَلَه، فصاح به الناسُ، فقال عليه السلام: دَعُوا الرَّجلَ أَرِبَ ما لَه؟ قال ابن الأَعرابي: احْتاجَ فَسَأَلَ ما لَه. وقال القتيبي في قوله أَرِبَ ما لَه: أَي سَقَطَتْ أَعْضاؤُه وأُصِيبت، قال: وهي كلمة تقولها العرب لا يُرادُ بها إِذا قِيلت وقُوعُ الأَمْرِ كما يقال عَقْرَى حَلْقَى؛ وقَوْلِهم تَرِبَتْ يدَاه. قال ابن الأَثير: في هذه اللفظة ثلاث رِوايات: إِحداها أَرِبَ بوزن عَلِمَ، ومعناه الدُّعاء عليه أَي أُصِيبَتْ آرابُه وسقَطَتْ، وهي كلمة لا يُرادُ بها وقُوعُ الأَمر كما يقال تَرِبَتْ يدَاك وقاتَلكَ اللّهُ، وإِنما تُذكَر في معنى التعجب. قال: وفي هذا الدعاء من النبي، صلى اللّه عليه وسلم، قولان: أَحدهما تَعَجُّبُه من حِرْصِ السائل ومُزاحَمَتِه، والثاني أَنه لَـمَّا رآه بهذه الحال مِن الْحِرص غَلَبه طَبْعُ البَشَرِيَّةِ، فدعا عليه. وقد قال في غير هذا الحديث: اللهم إِنما أَنا بَشَرٌ فَمَن دَعَوْتُ عليه، فاجْعَلْ دُعائي له رَحْمةً. وقيل: معناه احْتاجَ فسأَلَ، مِن أَرِبَ الرَّجلُ يَأْرَبُ إِذا احتاجَ، ثم قال ما لَه أَي أَيُّ شيءٍ به، وما يُرِيدُ. قال: والرواية الثانية أَرَبٌ مَّا لَه، بوزن جمل، أَي حاجةٌ له وما زائدة للتقليل، أَي له حاجة يسيرة. وقيل معناه حاجة جاءَت به فحذَفَ، ثم سأَل فقال ما لَه. قال:
والرواية الثالثة أَرِبٌ، بوزن كَتِفٍ، والأَرِبُ: الحاذِقُ الكامِلُ أَي
هو أَرِبٌ، فحذَف المبتدأَ، ثم سأَل فقال ما لَه أَي ما شأْنُه. وروى
المغيرة بن عبداللّه عن أَبيه: أَنه أَتَى النبيَّ، صلى اللّه عليه سلم، بِمِنىً، فَدنا منه ،فَنُحِّيَ، فقال النبي ، صلى اللّه عليه وسلم: دَعُوه فأَرَبٌ مَّا لَهُ. قال: فَدَنَوْتُ. ومعناه: فحاجَةٌ ما لَه، فدَعُوه
يَسْأَلُ. قال أَبو منصور: وما صلة. قال: ويجوز أَن يكون أَراد فَأَرَبٌ منالآرابِ جاءَ به، فدَعُوه. وأَرَّبَ العُضْوَ: قَطَّعه مُوَفَّراً. يقال: أَعْطاه
<ص:211>
عُضْواً مُؤَرَّباً أَي تامّاً لم يُكَسَّر. وتَأْرِيبُ الشيءِ: تَوْفِيرُه، وقيل: كلُّ ما وُفِّرَ فقد أُرِّبَ، وكلُّ مُوَفَّر مُؤَرَّبٌ.
والأُرْبِيَّةُ: أَصل الفخذ، تكون فُعْلِيَّةً وتكون أُفْعولةً، وهي مذكورة في بابها.
والأُرْبةُ، بالضم: العُقْدةُ التي لا تَنْحَلُّ حتى تُحَلَّ حَلاًّ.
وقال ثعلب: الأُرْبَةُ: العُقْدةُ، ولم يَخُصَّ بها التي لا تَنْحَلُّ. قال
الشاعر:
هَلْ لَكِ، يا خَدْلةُ، في صَعْبِ الرُّبَهْ، * مُعْتَرِمٍ، هامَتُه كالحَبْحَبه
قال أَبو منصور: قولهم الرُّبَة العقدة، وأَظنُّ الأَصل كان الأُرْبَة،
فحُذفت الهمزة، وقيل رُبةٌ. وأَرَبَها: عَقَدها وشَدَّها. وتَأْرِيبها:
إِحْكامُها. يقال: أَرِّبْ عُقْدتَك. أَنشد ثعلب لكِناز بن نُفَيْع يقوله
لجَرِير:
غَضِبْتَ علينا أَنْ عَلاكَ ابنُ غالِبٍ، * فَهَلاَّ، على جَدَّيْكَ، في ذاك، تَغْضَبْ
هما، حينَ يَسْعَى الـمَرْءُ مَسْعاةَ جَدِّه، * أَناخَا، فَشَدّاك العِقال الـمُؤَرَّبْ
واسْتَأْرَبَ الوَتَرُ: اشْتَدَّ. وقول أَبي زُبَيْد:
على قَتِيل مِنَ الأَعْداءِ قد أَرُبُوا، * أَنِّي لهم واحِدٌ نائي الأَناصِيرِ
قال: أَرُبُوا: وَثِقُوا أَني لهم واحد. وأَناصِيري ناؤُونَ عني، جمعُ
الأَنْصارِ. ويروى: وقد عَلموا. وكأَنّ أَرُبُوا من الأَرِيب، أَي من
تَأْرِيب العُقْدة، أَي من الأَرْب. وقال أَبو الهيثم: أَي أَعجبهم ذاك، فصار كأَنه حاجة لهم في أَن أَبْقَى مُغْتَرِباً نائِياً عن أَنْصاري.
والمُسْتَأْرَبُ: الذي قد أَحاطَ الدَّيْنُ أَو غيره من النَّوائِب بآرابِه من كل ناحية. ورجل مُسْتَأْرَبٌ، بفتح الراءِ، أَي مديون، كأَن الدَّين أَخَذ بآرابه. قال:
وناهَزُوا البَيْعَ مِنْ تِرْعِيَّةٍ رَهِقٍ، * مُسْتَأْرَبٍ، عَضَّه السُّلْطانُ، مَدْيُونُ
وفي نسخة: مُسْتَأْرِب، بكسر الراءِ. قال: هكذا أَنشده محمد بن أَحمد المفجع: أَي أَخذه الدَّين من كل ناحية. والـمُناهَزةُ في البيع: انْتِهازُ الفُرْصة. وناهَزُوا البيعَ أَي بادَرُوه. والرَّهِقُ: الذي به خِفَّةٌ وحِدّةٌ. وقيل: الرَّهِقُ: السَّفِه، وهو بمعنى السَّفِيه. وعَضَّهُ
السُّلْطانُ أَي أَرْهَقَه وأَعْجَلَه وضَيَّق عليه الأَمْرَ. والتِّرْعِيةُ: الذي يُجِيدُ رِعْيةَ الإِبلِ. وفلان تِرْعِيةُ مالٍ أَي إِزاءُ مالٍ حَسَنُ القِيام به. وأَورد الجوهري عَجُزَ هذا البيت مرفوعاً. قال ابن بري:
هو مخفوض، وذكر البيت بكماله. وقولُ ابن مقبل في الأُرْبةِ:
لا يَفْرَحُون، إِذا ما فازَ فائزُهم، * ولا يُرَدُّ عليهم أُرْبَةُ اليَسَرِ
قال أَبو عمرو: أَراد إِحْكامَ الخَطَرِ من تأْرِيبِ العُقْدة.
والتَّأْرِيبُ: تَمَامُ النَّصيبِ. قال أَبو عمرو: اليَسر ههنا الـمُخاطَرةُ.
وأَنشد لابن مُقبل:
بِيض مَهاضِيم، يُنْسِيهم مَعاطِفَهم * ضَرْبُ القِداحِ، وتأْرِيبٌ على الخَطَرِ
وهذا البيت أَورد الجوهري عجزه وأَورد ابن بري صدره:
شُمّ مَخامِيص يُنْسِيهم مَرادِيَهُمْ
<ص:212>
وقال: قوله شُمّ، يريد شُمَّ الأُنُوفِ، وذلك مـما يُمدَحُ به.
والـمَخامِيصُ: يريد به خُمْصَ البُطونِ لأَن كثرة الأَكل وعِظَمَ البطنِ مَعِيبٌ. والـمَرادِي: الأَرْدِيةُ، واحدتها مِرْداةٌ. وقال أَبو عبيد: التَّأْرِيبُ: الشُّحُّ والحِرْصُ. قال: والمشهور في الرواية: وتأْرِيبٌ على اليَسَرِ، عِوضَاً من الخَطَرِ، وهو أَحد أيْسارِ الجَزُور، وهي الأَنْصِباءُ.والتَّأَرُّبُ: التَّشَدُّد في الشيءِ، وتَأَرَّب في حاجَتِه: تَشَدَّد.
(يتبع...)
@(تابع... 1): أرب: الإِرْبَةُ والإِرْبُ: الحاجةُ. وفيه لغات: إِرْبٌ وإِرْبَةٌ... ...
وتَأَرَّبْتُ في حاجتي: تَشَدَّدْت. وتَأَرَّبَ علينا: تَأَبَّى وتَعَسَّرَ وتَشَدَّد.
والتَّأْرِيبُ: التَّحْرِيشُ والتَّفْطِينُ. قال أَبو منصور: هذا تصحيف
والصواب التَّأْرِيثُ بالثاءِ.
وفي الحديث: قالت قُرَيْشٌ لا تَعْجَلُوا في الفِداءِ، لا يَأْرَبُ عليكم مُحَمَّدٌ وأَصحابُه، أَي يتَشَدَّدون عليكم فيه. يقال: أَرِبَ الدَّهْرُ يَأْرَبُ إِذا اشْتَدَّ. وتَأَرَّبَ علَيَّ إِذا تَعَدَّى. وكأَنه من الأُرْبَةِ العُقْدةِ. وفي حديث سعيد بنِ العاص، رضي اللّه عنه، قال لابْنِه عَمْرو: لا تَتَأَرَّبْ على بناتي أَي لا تَتَشَدَّدْ ولا تَتَعَدَّ.والأُرْبةُ: أَخِيَّةُ الدابَّةِ. والأُرْبَةُ: حَلْقَةُ الأَخِيَّةِ تُوارَى في الأَرض، وجمعها أُرَبٌ. قال الطرماح:
ولا أَثَرُ الدُّوارِ، ولا المَآلِي، * ولكِنْ قد تُرى أُرَبُ الحُصُونِ(1)
(1 قوله «ولا أثر الدوار إلخ» هذا البيت أورده الصاغاني في التكملة وضبطت الدال من الدوار بالفتح والضم ورمز لهما بلفظ معاً اشارة إِلى أَنه روي بالوجهين وضبطت المآلي بفتح الميم.)
والأُرْبَةُ: قِلادةُ الكَلْبِ التي يُقاد بها، وكذلك الدابَّة في لغة طيئ.
أَبو عبيد: آرَبْتُ على القومِ، مثال أَفْعَلْتُ، إِذا فُزْتَ عليهم
وفَلَجْتَ. وآرَبَ على القوم: فَازَ عَلَيهم وفَلَجَ. قال لبيد:
قَضَيْتُ لُباناتٍ، وسَلَّيْتُ حاجةً، * ونَفْسُ الفَتَى رَهْنٌ بِقَمْرةِ مُؤْرِبِ
أَي نَفْسُ الفَتَى رَهْنٌ بِقَمْرةِ غالب يَسْلُبُها. وأَرِبَ عليه:
قَوِيَ. قال أَوْسُ بن حَجَرٍ:
ولَقَدْ أَرِبْتُ، على الهُمُومِ، بجَسْرةٍ * عَيْرانةٍ، بالرِّدْفِ غَيْرِ لَجُونِ
اللَّجُونُ: مثل الحَرُونِ. والأُرْبانُ: لغة في العُرْبانِ. قال أَبو عليّ: هو فُعْلانٌ من الإِرْبِ.
والأُرْبُونُ: لغة في العُرْبُونِ.
وإِرابٌ: مَوْضِع(2)
(2 قوله «وإراب موضع» عبارة القاموس واراب مثلثة موضع.)
أَو جبل معروف. وقيل: هو ماءٌ لبني رِياحِ بن يَرْبُوعٍ.
ومَأْرِبٌ: موضع، ومنه مِلْحُ مَأْرِبٍ.
@أزب: أَزِبَت الإِبلُ تَأْزَبُ أَزَباً: لم تَجْتَرَّ.
والإِزْبُ: اللَّئِيمُ. والإِزْبُ: الدَّقيقُ الـمَفاصِل، الضاوِيُّ يكون ضئِيلاً، فلا تكون زيادتُه في الوجهِ وعِظامِه، ولكن تكون زيادته في بَطنِه وسَفِلَتِه، كأَنه ضاوِيٌّ مُحْثَلٌ. والإِزْبُ من الرِّجالِ: القصِيرُ الغَلِيظُ. قال:
وأُبْغِضُ، مِن قُرَيْشٍ، كُلَّ إِزْبٍ، * قَصيرِ الشَّخْصِ، تَحْسَبُه وَلِيدا
كأَنهمُ كُلَى بَقَرِ الأَضاحِي، * إِذا قاموا حَسِبْتَهُمُ قُعُودا
<ص:213>
الإِزْبُ: القَصِيرُ الدَّمِيمُ. ورجل أَزِبٌ وآزِبٌ: طويلٌ، التهذيب.
وقول الأَعشى:
ولَبُونِ مِعْزابٍ أَصَبْتَ، فأَصْبَحَتْ * غَرْثَى، وآزبةٍ قَضَبْتَ عِقالَها
قال: هكذا رواه الإِياديُّ بالباءِ. قال: وهي التي تَعافُ الماءَ
وتَرْفَع رأْسَها. وقال المفضل: إِبلٌ آزِبةٌ أَي ضامِزة(1)
(1 قوله «ضامزة» بالزاي لا بالراء المهملة كما في التكملة وغيرها. راجع مادة ضمز.) بِجِرَّتِها لا تَجْتَرُّ. ورواه ابن الأَعرابي: وآزية بالياءِ. قال: وهي العَيُوفُ القَذُور، كأَنها تَشْرَبُ من الإِزاءِ،وهو مَصَبُّ الدَّلْو.
والأَزْبَةُ: لغة في الأَزْمةِ، وهي الشّدَّةُ، وأَصابتنا أَزْبَةٌ وآزِبةٌ أَي شدَّة.
وإِزابٌ: ماءٌ لبَني العَنبر. قال مُساوِر بن هِنْد:
وجَلَبْتُه من أَهلِ أُبْضةَ، طائعاً، * حتى تَحَكَّم فيه أَهلُ إِزابِ
ويقال للسنة الشديدة: أَزْبَةٌ وأَزْمَةٌ ولَزْبَةٌ، بمعنى واحد. ويروى
إِراب.
وأَزَبَ الماءُ: جَرَى.
والمِئْزاب: المِرزابُ، وهو الـمَثْعَبُ الذي يَبُولُ الماءَ، وهو من
ذلك، وقيل: بل هو فارسي معرّب معناه بالفارسية بُلِ الماءَ، وربما لم يهمز، والجمع الـمَآزيبُ، ومنه مِئْزابُ الكَعْبةِ، وهو مَصَبُّ ماءِ المطرِ.
ورجل إِزْبٌ حِزْبٌ أَي داهِيةٌ.
وفي حديث ابن الزبير، رضي اللّه عنهما: أَنه خَرج فباتَ في القَفْرِ، فلـمَّا قامَ لِيَرْحَلَ وجد رَجلاً طولُه شِبْرانِ عَظِيمَ اللِّحْيةِ على الوَليّةِ، يعني البَرْذَعَةَ، فَنَفَضَها فَوَقَعَ ثم وضَعَها على
الراحلةِ وجاءَ، وهو على القِطْعِ، يعني الطِّنْفِسةَ، فنَفَضَه فَوَقَع،
فوضَعَه على الراحِلة، فجاءَ وهو بين الشَّرْخَينِ أَي جانِبَيِ الرَّحْلِ، فنَفضَه ثم شَدَّه وأَخذ السوطَ ثم أَتاه فقال: مَن أَنتَ؟ فقال: أَنا أَزَبُّ. قال: وما أَزَبُّ؟ قال: رجل من الجِنِّ. قال: أفْتَحْ فاك
أَنْظُر! ففَتَح فاه، فقال: أَهكذا حُلُوقُكم؟ ثم قَلَب السوط فوضَعَه في رأْسِ أَزَبَّ، حتى باصَ، أَي فاتَه واسْتَتَر.
الأَزَبُّ في اللغة: الكثيرُ الشَّعَرِ. وفي حديث بَيْعةِ العَقَبة: هو
شيطان اسمه أَزَبُّ العَقَبةِ، وهو الحَيّةُ.
وفي حديث أَبي الأَحْوصِ: لَتَسْبيحةٌ في طَلَبِ حاجَةٍ خَيْرٌ من
لَقُوحِ صفِيٍّ في عام أَزْبةٍ أَو لَزْبَةٍ. يقال: أَصابَتْهم أَزْبَةٌ ولَزْبَةٌ أَي جَدْبٌ ومَحْلٌ.
@أسب: الإِسْبُ، بالكسر: شَعَرُ الرَّكَب. وقال ثعلب: هو شَعَرُ الفَرْجِ، وجمعه أُسُوبٌ. وقيل: هو شعَرُ الاسْتِ، وحكى ابن جني آسابٌ في جمعه.
وقيل:أَصله من الوَسْبِ لأَن الوَسْبَ كثرة العُشْبِ والنبات، فقلبت واو الوِسْبِ، وهو النَّباتُ، همزة، كما قالوا إِرْثٌ ووِرْثٌ. وقد أَوْسَبَتِ الأَرض إِذا أَعْشَبَتْ، فهي مُوسِبةٌ. وقال أَبو الهيثم: العانةُ مَنْبِتُ الشَّعَر من قُبُل الـمَرأَةِ والرَّجُل، والشَّعَر النابِت عليها يقال
له الشِّعْرةُ والإِسْبُ. وأَنشد:
لَعَمْرُ الَّذي جاءَتْ بِكُمْ مِنْ شَفَلَّحٍ، * لَدَى نَسَيَيْها، ساقِطِ الإِسْبِ، أَهْلَبا
وكبش مُؤَسَّبٌ: كثِيرُ الصُّوف
<ص:214>
@أشب: أَشَبَ الشيءَ يَأْشِبُه أَشْباً: خَلَطَه.
والأُشابةُ من الناس: الأَخْلاطُ، والجمع الأَشائِبُ. قال النابغة
الذُّبْياني:
وَثِقْتُ له بالنَّصْرِ، إِذْ قِيلَ قد غَزَتْ * قَبائِلُ مِن غَسَّانَ، غَيْرُ أَشائِبِ
يقول: وَثِقْتُ للممدوحِ بالنصرِ، لأَن كَتائِبَه وجُنُودَه مِن غَسَّانَ، وهم قَوْمُه وبنو عمه. وقد فَسَّر القَبائلَ في بيت بعده، وهو:
بَنُو عَمِّهِ دُنْيا، وعَمْرُو بن عامِرٍ، * أُولئِكَ قَوْمٌ، بَأْسُهُمْ غَيْرُ كاذِبِ
ويقال: بها أَوْباشٌ مِن الناسِ وأَوْشابٌ من الناس، وهُمُ الضُّرُوبُ
الـمُتَفَرِّقون.
وتَأَشَّبَ القومُ: اخْتَلَطُوا، وأْتَشَبُوا أَيضاً. يقال: جاءَ فلان فيمن تَأَشَّبَ إِليه أَي انْضَمَّ إِليه والتَفَّ عليه.
والأُشابَةُ في الكَسْبِ: ما خالَطَه الحَرامُ الذي لا خَيْرَ فيه،
والسُّحْتُ.
ورَجلٌ مَأْشُوبُ الحَسَبِ: غَيْرُ مَحْضٍ، وهو مُؤْتَشِبٌ أَي مَخْلُوطٌ غَيْرُ صَرِيحٍ في نَسَبِه.
والتَّأَشُّبُ: التَّجَمُّع مِن هُنا وهُنا. يقال: هؤُلاءِ أُشابَة ليسوا مِن مَكانٍ واحِد، والجمع الأَشائِبُ.
وأَشِبَ الشَّجَرُ أَشَباً، فهو أَشِبٌ، وتَأَشَّبَ: التَفَّ. وقال أَبو حنيفة: الأَشَبُ شِدَّةُ التِفافِ الشجَرِ وكَثْرَتُه حتى لا مَجازَ فيه. يُقال: فيه موضع أَشِبٌ أَي كثير الشجَر، وغَيْضةٌ أَشِبةٌ، وغَيْضٌ أَشِبٌ أَي مُلْتَفٌّ. وأَشِبَتِ الغَيْضةُ، بالكسر، أَي التَّفَتْ.
وعَدَدٌ أَشِبٌ. وقولهم: عيصُكَ مِنْكَ، وإِنْ كانَ أَشِباً أَي وإِن كان ذا شَوْكٍ مُشْتَبِكٍ غَيْرِ سَهْلٍ. وقولهم: ضَرَبَتْ فيهِ فُلانةُ بِعِرْقٍ
ذِي أَشَبٍ أَي ذي الْتِباسٍ.
وفي الحديث: إِنّي رَجُلٌ ضَرِيرٌ بَيْنِي وبَيْنَكَ أَشَبٌ فَرَخِّصْ لي في كذا. الأَشَبُ: كثرة الشجَر، يقال بَلْدةٌ أَشِبةٌ إِذا كانت ذاتَ
شجر، وأَراد ههنا النَّخِيل. وفي حديث الأَعْشَى الحِرْمازِيِّ يُخاطِبُ سيدنا رَسولَ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، في شَأْنِ امْرَأَتِه:
وقَذَفَتْني بَيْنَ عِيصٍ مُؤْتَشِبْ، * وهُنَّ شَرٌّ غالِبٌ لِمَنْ غَلَبْ
الـمُؤْتَشِبُ: الـمُلتَفُّ. والعِيصُ: أَصل الشجر.
الليث: أَشَّبْتُ الشرَّ بينهم تَأْشِيباً، وأَشِبَ الكلامُ بينهم أَشَباً: التَفَّ، كما تقدَّم في الشجر، وأَشَبَه هو؛ والتَّأْشِيبُ: التَّحْرِيشُ بين القوم. وأَشَبَه يَأْشِبُه ويَأْشُبُه أَشْباً: لامَه وعابَه.
وقيل: قَذَفَه وخَلَط عليه الكَذِبَ. وأَشَبْتُه آشِبُه: لُمْتُه. قال أَبو ذؤَيب:
ويَأْشِبُني فيها الّذِينَ يَلُونها، * ولَوْ عَلِمُوا لَمْ يَأْشِبُوني بطائِلِ
وهذا البيت في الصحاح: لم يَأْشِبُوني بِباطِلِ، والصحيح لم يَأْشِبُوني بَطائِلِ. يقول: لو عَلِمَ هؤِلاء الذين يَلُونَ أَمْرَ هذه المرأَة
أَنها لا تُولِيني إِلا شيئاً يسيراً، وهو النَّظْرة والكَلِمة، لم يَأْشِبُوني بطائِل: أَي لم يَلُومُوني؛ والطَّائلُ: الفَضْلُ. وقيل: أَشَبْتُه: عِبْتُه ووَقَعْتُ فيه. وأَشَبْتُ
<ص:215>
القوم إِذا خَلَطْت بعضَهم بِبَعْض.
وفي الحديث أَنه قرأَ: يا أَيـُّها الناسُ اتَّقُوا رَبَّكُم إِنّ زَلْزلَة الساعة شيءٌ عظيم. فَتَأَشَّبَ أَصحابُه إِليه أَي اجتمعوا إِليه وأَطافُوا به.
 

rahaal

تربوي
عضو ملتقى المعلمين
والأُشابةُ: أَخْلاطُ الناسِ تَجْتَمِعُ مِنْ كُلِّ أَوْبٍ. ومنه حديث العباس، رضي اللّه عنه، يومَ حُنَيْنٍ: حتَّى تَأَشَّبُوا حَوْلَ رَسولِ
اللّهِ، صلى اللّه عليه وسلم، ويروى تنَاشَبُوا أَي تَدانَوْا وتَضامُّوا.وأَشَّبَه بشَرٍّ إِذا رمَاه بعَلامةٍ مِنَ الشَّرِّ يُعْرَفُ بها، هذه
عن اللحياني. وقيل: رَماه به وخَلَطَه. وقولهم بالفارسية: رُورُ وأُشُوبْ، ترجمة سيبويه فقال: زُورٌ وأُشُوبٌ.
وأُشْبَةُ: من أَسماءِ الذِّئاب.
@أصطب: النهاية لابن الأَثير في الحديث: رأَيت أَبا هريرة، رضي اللّه عنه، وعليه إِزارٌ فيه عَلْقٌ، وقد خَيَّطَه بالأُصْطُبَّة: هي مُشاقةُ الكَتَّانِ. والعَلْقُ: الخَرْقُ.
@ألب: أَلَبَ إِليك القَوْمُ: أَتَوْكَ من كل جانب. وأَلَبْتُ الجيشَ إِذا
جَمَعْتَه. وتَأَلَّبُوا: تَجَمَّعُوا. والأَلْبُ: الجمع الكثير من الناس.وأَلَبَ الإِبِلَ يَأْلِبُها ويَأْلُبها أَلْباً: جَمَعَها وساقَها سَوْقاً شَديداً. وأَلَبَتْ هي انْساقَتْ وانْضَمَّ بعضُها إِلى بعض. أَنشد ابن الأَعرابي(1)
(1 قوله «أنشد ابن الأعرابي» أي لمدرك بن حصن كما في التكملة وفيها أَيضاً ألم تريا بدل ألم تعلمي.) :
أَلَمْ تَعْلَمي أَنّ الأَحادِيثَ في غَدٍ، * وبعدَ غَدٍ، يَأْلِبْنَ أَلْبَ الطَّرائدِ
أَي يَنْضَمُّ بعضُها إِلى بعض.
التهذيب: الأَلُوبُ: الذي يُسْرِعُ، يقال أَلَبَ يَأْلِبُ ويَأْلُبُ.
وأَنشد أَيضاً: يَأْلُبْنَ أَلْبَ الطَّرائدِ، وفسره فقال: أَي يُسْرِعْن.
ابن بُزُرْجَ.
المِئْلَبُ: السَّرِيعُ، قال العجاج:
وإِنْ تُناهِبْه تَجِدْه مِنْهَبا * في وَعْكةِ الجِدِّ، وحِيناً مِئْلَبَا
والأَلْبُ: الطَّرْدُ. وقد أَلَبْتُها أَلْباً، تقدير عَلَبْتُها عَلْباً. وأَلَبَ الحِمارُ طَرِيدَتَه يَأْلِبُها وأَلَّبَها كلاهما: طَرَدَها طَرْداً شَدِيداً.
والتَّأْلَبُ: الشدِيدُ الغَلِيظُ الـمُجْتَمِعُ من حُمُرِ الوَحْشِ.
والتَّأْلَبُ: الوَعِلُ، والأُنثى تَأْلَبةٌ، تاؤه زائدة لقولهم أَلَبَ الحِمارُ أُتُنَه. والتَّأْلَب، مثال الثَّعْلبِ: شجَر.
وأَلَبَ الشيءُ يأْلِبُ ويَأْلُبُ أَلْباً: تَجَمَّعَ. وقوله:
وحَلَّ بِقَلْبي، مِنْ جَوَى الحُبِّ، مِيتةٌ، * كما ماتَ مَسْقِيُّ الضَّياحِ على أَلْبِ
لم يفسره ثعلب إلا بقوله: أَلَبَ يَأْلِبُ إِذا اجتمع. وتَأَلَّبَ
القومُ: تَجَمَّعُوا.
وأَلَّبَهُمْ: جَمَّعَهم. وهم عليه أَلْبٌ واحد، وإِلْبٌ، والأُولى أَعرف، ووَعْلٌ واحِدٌ وصَدْعٌ واحد وضِلَعٌ واحدةٌ أَي مجتمعون عليه الظلم والعَداوةِ. وفي الحديث: إِنّ الناسَ كانوا علينا إِلْباً واحِداً. الالب، بالفتح والكسر: القوم يَجْتَمِعُون على عَداوةِ إِنْسانٍ. وتَأَلَّبُوا: تَجَمَّعُوا. قال رؤبة:
قد أَصْبَحَ الناسُ عَلَيْنا أَلْبَا، * فالنَّاسُ في جَنْبٍ، وكُنَّا جَنْبا
<ص:216>
وقد تَأَلَّبُوا عليه تَأَلُّباً إِذا تَضافَروا (1)
(1 قوله «تضافروا» هو بالضاد الساقطة من ضفر الشعر إِذا ضم بعضه إِلى بعض لا بالظاء المشالة وان اشتهر.) عليه.
وأَلْبٌ أَلُوبٌ: مُجْتَمِعٌ كثير. قال البُرَيْقُ الهُذَلِيُّ:
بِأَلْبٍ أَلُوبٍ وحَرَّابةٍ، * لَدَى مَتْنِ وازِعِها الأَوْرَمِ
وفي حديث عَبْدِاللّه بن عَمْرو، رضي اللّه عنهما، حين ذَكَر البَصْرةَ فقال: أَمـَا إِنه لا يُخْرِجُ مِنْها أَهْلَها إِلاّ الأُلْبَةُ: هي
الـمَجاعةُ. مأْخوذ من التَّأَلُّبِ التَّجَمُّعِ، كأَنهم يَجْتَمِعُون في
الـمَجاعةِ، ويَخْرُجُون أَرْسالاً.
وأَلَّبَ بينهم: أَفْسَدَ.
والتَّأْلِيبُ: التَّحْرِيضُ. يقال حَسُودٌ مُؤَلَّبٌ. قال ساعدةُ بن جُؤَيَّةَ الهُذَلِيُّ:
بَيْنا هُمُ يَوْماً، هُنالِكَ، راعَهُمْ * ضَبْرٌ، لِباسُهُم القَتِيرُ، مُؤَلَّبُ
والضَّبْرُ: الجَماعةُ يَغْزُونَ. والقَتِيرُ: مَسامِيرُ الدِّرْعِ،
وأَرادَ بها ههنا الدُّرُوعَ نَفْسَها. وراعَهُم: أَفْزَعَهُم. والأَلْبُ:
التَّدْبِيرُ على العَدُوِّ مِن حيث لا يَعْلَمُ. ورِيحٌ أَلُوبٌ: بارِدةٌ
تَسْفي التُّراب.
وأَلَبَتِ السَّماءُ تَأْلِبُ، وهي أَلُوبٌ: دامَ مَطَرُها.
والأَلْبُ: نَشاطُ السَّاقي.
ورجل أَلُوبٌ: سَرِيعُ إِخْراج الدَّلو، عن ابن الأَعرابي، وأَنشد:
تَبَشَّرِي بِماتِحٍ أَلُوبِ، * مُطَرِّحٍ لِدَلْوِه، غَضُوبِ
وفي رواية:
مُطَرِّحٍ شَنَّتَه غَضُوبِ
والأَلْبُ: العَطَشُ. وأَلَبَ الرَّجلُ: حامَ حولَ الماء، ولم يَقْدِرْ أَن يَصِل إِليه، عن الفارسي. أَبو زيد: أَصابَتِ القومَ أُلْبةٌ وجُلْبةٌ أَي مَجاعةٌ شَديدةٌ. والأَلْبُ: مَيْلُ النَّفْسِ إِلى الهَوى. ويقال: أَلْبُ فُلانٍ معَ فُلانٍ أَي صَفْوُه مَعَه. والأَلْبُ: ابْتِداءُ بُّرْءِ الدُّمَّل، وأَلِبَ الجُرْحُ أَلَباً وأَلَبَ يَأْلِبُ أَلْباً كلاهما: بَرِئَ أَعْلاه وأَسْفَلُه نَغِلٌ، فانْتَقَضَ.
وأَوالِبُ الزَّرْعِ والنَّخْلِ: فِراخُه، وقد أَلَبَتْ تَأْلِبُ.
والأَلَبُ: لغة في اليَلَبِ. ابن المظفر: اليَلَبُ والأَلَبُ: البَيْضُ
من جُلُود الإِبل. وقال بعضهم: هو الفُولاذُ من الحَديدِ.
والإِلْبُ: الفِتْرُ، عن ابن جني؛ ما بينَ الإِبْهامِ والسَّبَّابةِ.
والإِلْبُ: شجرة شاكةٌ كأَنها شجرةُ الأُتْرُجِّ، ومَنابِتها ذُرَى الجِبال، وهي خَبِيثةٌ يؤخَذ خَضْبُها وأَطْرافُ أَفْنانِها، فيُدَقُّ رَطْباً
ويُقْشَبُ به اللَّحمُ ويُطْرَح للسباع كُلِّها، فلا يُلْبِثُها إِذا أَكَلَتْه، فإِن هي شَمَّتْه ولم تأْكُلْه عَمِيَتْ عنه وصَمَّتْ منه.
@أنب: أَنَّبَ الرَّجُلَ تَأْنِيباً: عَنَّفَه ولامَه ووَبَّخَه، وقيل: بَكَّتَه. والتَّأْنِيبُ: أَشَدُّ العَذْلِ، وهو التَّوْبِيخُ والتَّثْريبُ. وفي حديث طَلْحةَ أَنه قال: لَـمَّا مات<ص:217> خالِدُ بن الوَلِيد استَرْجَعَ عُمَرُ، رضي اللّه عنهم، فقلت يا أَميرَ الـمُؤْمِنينَ:
أَلا أَراك، بُعَيْدَ الـمَوْتِ، تَنْدُبُنِي، * وفي حَياتيَ ما زَوَّدْتَنِي زادي
فقال عمر: لا تُؤَنِّبْنِي.
التَّأْنِيبُ: الـمُبالغة في التَّوْبِيخ والتَّعْنيف. ومنه حديث الحَسَن بن عَليّ لـمَّا صَالحَ مُعاوِيةَ، رضي اللّه عنهم، قيل له: سَوَّدْتَ وُجُوهَ الـمُؤُمِنينَ. فقال: لا تُؤَنِّبْني. ومنه حديث تَوْبةِ كَعْبِ ابن مالك، رضي اللّه عنه: ما زالُوا يُؤَنِّبُوني.
وأَنَّبَه أَيضاً: سأَله فَجَبَهَه.
والأَنابُ: ضَربٌ مِن العِطْرِ يُضاهي المِسْكَ. وأَنشد:
تَعُلُّ، بالعَنْبَرِ والأَنابِ، * كَرْماً، تَدَلَّى مِنْ ذُرَى الأَعْنابِ
يَعني جارِيةً تَعُلُّ شَعَرها بالأَنابِ.
والأَنَبُ: الباذِنْجانُ، واحدته أَنَبَةٌ، عن أَبي حنيفة.
وأَصْبَحْتُ مُؤْتَنِباً إِذا لم تَشْتَهِ الطَّعامَ.
وفي حديث خَيْفانَ: أَهْلُ الأَنابِيبِ: هي الرِّماحُ، واحدها أُنْبُوبٌ، يعني الـمَطاعِينَ بالرِّماحِ.
@أهب: الأُهْبَةُ: العُدَّةُ.
تَأَهَّبَ: اسْتَعَدَّ. وأَخَذ لذلك الأَمْرِ أُهْبَتَه أَي هُبَتَه وعُدَّتَه، وقد أَهَّبَ له وتَأَهَّبَ. وأُهْبَةُ الحَرْبِ: عُدَّتُها، والجمع أُهَبٌ.
والإِهابُ: الجِلْد من البَقَر والغنم والوحش ما لم يُدْبَغْ، والجمع
القليل آهِبَةٌ. أَنشد ابن الأَعرابي:
سُودَ الوُجُوهِ يأْكُلونَ الآهِبَهْ
والكثير أُهُبٌ وأَهَبٌ، على غير قياس، مثل أَدَمٍ وأَفَقٍ وعَمَدٍ، جمع
أَدِيمٍ وأَفِيقٍ وعَمُودٍ، وقد قيل أُهُبٌ، وهو قِياس. قال سيبويه:
أَهَبٌ اسم للجمع، وليس بجمع إِهابٍ لأَن فَعَلاً ليس مـما يكسر عليه فِعالٌ.
وفي الحديث: وفي بَيْتِ النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أُهُبٌ عَطِنةٌ أَي جُلودٌ في دِباغِها، والعَطِنَةُ: الـمُنْتِنةُ التي هي في دِباغِها.
وفي الحديث: لو جُعِلَ القُرآنُ في إِهابٍ ثم أُلْقِيَ في النار ما
احْتَرَقَ. قال ابن الأَثير: قيل هذا كان مُعْجِزةً للقُرآن في زمن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، كما تكونُ الآياتُ في عُصُور الأَنْبِياء. وقيل: المعنى: من عَلَّمه اللّه القُرآن لَم تُحْرِقْه نارُ الآخِرة، فجُعِلَ جسْمُ حافِظِ القرآن كالإِهابِ له.
وفي الحديث: أَيُّما إِهابٍ دُبِغَ فقد طَهُرَ. ومنه قول عائشة في صفة أَبيها، رضي اللّه عنهما: وحَقَنَ الدِّماء في أُهُبها أَي في
أَجْسادِها.وأُهْبانُ: اسم فيمن أَخَذَه من الإِهاب، فإِن كان من الهبة، فالهمزة بدل من الواو، وهو مذكور في موضعه. وفي الحديث ذِكْرُ أَهابَ(1)
(1 قوله «ذكرأهاب» في القاموس وشرحه: }و{في الحديث ذكر أهاب }كسحاب{ وهو }موضع قرب المدينة{ هكذا ضبطه الصاغاني وقلده المجد وضبطه ابن الأثير وعياض وصاحب
المراصد بالكسر ا هـ ملخصاً. وكذا ياقوت.)، وهو اسم موضع بنواحِي الـمَدينةِ بقُرْبها. قال ابن الأَثير:
ويقال فيه يَهابُ بالياءِ.
@أوب: الأَوْبُ: الرُّجُوعُ.
آبَ إِلى الشيءِ: رَجَعَ، يَؤُوبُ أَوْباً وإِياباً وأَوْبَةٌ
<ص:218>
وأَيْبَةً، على الـمُعاقبة، وإِيبَةً، بالكسر، عن اللحياني: رجع.
وأوَّبَ وتَأَوَّبَ وأَيَّبَ كُلُّه: رَجَعَ وآبَ الغائبُ يَؤُوبُ مآباً إِذا رَجَع، ويقال: لِيَهْنِئْكَ أَوْبةُ الغائِبِ أَي إِيابُه.
وفي حديث النبي، صلى اللّه عليه وسلم: أَنه كان إِذا أَقْبَلَ من سَفَر قال: آيِبُونَ تائِبُون، لربنا حامِدُونَ، وهو جمع سلامة لآيب.
وفي التنزيل العزيز: وإِنّ له عندنا لَزُلْفَى وحُسْنَ مآب أَي حُسْنَ
الـمَرجِعِ الذي يَصِيرُ إِليه في الآخرة. قال شمر: كُلُّ شيء رجَعَ إِلى مَكانِه فقد آبَ يَؤُوبُ إِياباً إِذا رَجَع.
أَبو عُبَيْدةَ: هو سريع الأَوْبَةِ أي الرُّجُوعِ. وقوم يحوّلون الواو
ياء فيقولون: سَريعُ الأَيْبةِ.
وفي دُعاءِ السَّفَرِ: تَوْباً لِربِّنا أَوْباً أَي تَوْباً راجعاً مُكَرَّراً، يُقال منه: آبَ يَؤُوبُ أَوباً، فهو آيِبٌ(1)
(1 قوله «فهو آيب» كل اسم فاعل من آب وقع في المحكم منقوطاً باثنتين من تحت ووقع في بعض نسخ النهاية آئبون لربنا بالهمز وهو القياس وكذا في خط الصاغاني نفسه في قولهم والآئبة شربة القائلة بالهمز أيضاً.). وفي التنزيل العزيز: إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُم وإِيَّابَهُمْ أَي رُجُوعَهم، وهو فِيعالٌ من أَيَّبَ فَيْعَلَ. وقال الفرَّاءُ: هو بتخفيف الياء، والتشديدُ فيه خَطَأٌ. وقال
الزجاج: قُرئَ إِيَّابهم، بالتشديد، وهو مصدر أَيَّبَ إِيَّاباً، على معنى فَيْعَلَ فِيعالاً، من آبَ يَؤُوبُ، والأَصل إِيواباً، فأُدغمت الياء في الواو، وانقلبت الواو إِلى الياء، لأَنها سُبِقت بسكون. قال الأَزهريّ: لا أَدري من قرأَ إِيَّابهم، بالتشديد، والقُرّاءُ على إِيابهم مخففاً.
وقوله عز وجل: يا جبالُ أَوِّبي مَعَه، ويُقْرَأُ أُوبِي معه، فمن قرأَ
أَوِّبي معه، فمعناه يا جِبالُ سَبِّحي معه وَرَجِّعي التَّسْبيحَ، لأَنه قال سَخَّرْنا الجِبالَ معه يُسَبِّحْنَ؛ ومن قرأً أُوبِي معه، فمعناه عُودي معه في التَسْبيح كلما عادَ فيه.
والـمَآبُ: الـمَرْجِعُ.
وَأْتابَ: مثل آبَ، فَعَلَ وافْتَعَل بمعنى. قال الشاعر:
ومَن يَتَّقْ، فإِنّ اللّهَ مَعْهُ، * ورِزْقُ اللّهِ مُؤْتابٌ وغادي
وقولُ ساعِدةَ بن عَجْلانَ:
أَلا يا لَهْفَ !أَفْلَتَنِي حُصَيْبٌ، * فَقَلْبِي، مِنْ تَذَكُّرِهِ، بَليدُ
فَلَوْ أَنِّي عَرَفْتُكَ حينَ أَرْمِي، * لآبَكَ مُرْهَفٌ منها حَديدُ
يجوز أَن يكون آبَكَ مُتَعَدِّياً بنَفْسه أَي جاءَك مُرْهَفٌ، نَصْلٌ
مُحَدَّد، ويجوز أَن يكون أَراد آبَ إِليكَ، فحذف وأَوْصَلَ.
ورجل آيِبٌ من قَوْم أُوَّابٍ وأُيَّابٍ وأَوْبٍ، الأَخيرة اسم للجمع،
وقيل: جمع آيِبٍ. وأَوَّبَه إِليه، وآبَ به، وقيل لا يكون الإِيابُ إِلاّ
الرُّجُوع إِلى أَهله ليْلاً. التهذيب: يقال للرجل يَرْجِعُ بالليلِ إِلى
أَهلهِ: قد تَأَوَّبَهم وأْتابَهُم، فهو مُؤْتابٌ ومُتَأَوِّبٌ، مثل ائْتَمَره. ورجل آيِبٌ من قوم أَوْبٍ، وأَوَّابٌ: كثير الرُّجوع إِلى اللّه، عزوجل، من ذنبه.
<ص:219>
والأَوْبَةُ: الرُّجوع، كالتَّوْ بةِ.
والأَوَّابُ: التائِبُ. قال أَبو بكر: في قولهم رجلٌ أَوَّابٌ سبعةُ
أَقوال: قال قوم: الأَوّابُ الراحِمُ؛ وقال قوم: الأَوّابُ التائِبُ؛ وقال
سعيد بن جُبَيْر: الأَوّابُ الـمُسَّبِّحُ؛ وقال ابن المسيب: الأَوّابُ
الذي يُذنِبُ ثم يَتُوب ثم يُذنِبُ ثم يتوبُ، وقال قَتادةُ: الأَوّابُ
الـمُطيعُ؛ وقال عُبَيد بن عُمَيْر: الأَوّاب الذي يَذْكر ذَنْبَه في
الخَلاءِ، فيَسْتَغْفِرُ اللّهَ منه، وقال أَهل اللغة: الأَوّابُ الرَّجَّاعُ
الذي يَرْجِعُ إِلى التَّوْبةِ والطاعةِ، مِن آبَ يَؤُوبُ إِذا رَجَعَ. قال
اللّهُ تعالى: لكُلِّ أَوّابٍ حفيظٍ. قال عبيد:
وكلُّ ذي غَيْبةٍ يَؤُوبُ، * وغائِبُ الـمَوتِ لا يَؤُوبُ
وقال: تَأَوَّبَهُ منها عَقابِيلُ أَي راجَعَه.
وفي التنزيل العزيز: داودَ ذا الأَيْدِ إِنه أَوّابٌ. قال عُبَيْد بن
عُمَيْر: الأَوّابُ الحَفِيظُ (1)
(1 قوله «الأوّاب الحفيظ إلخ» كذا في النسخ ويظهر أن هنا نقصاً ولعل الأصل: الذي لا يقوم من مجلسه حتى يكثر الرجوع إِلى اللّه بالتوبة والاستغفار.) الذي لا يَقوم من مجلسه. وفي الحديث: صلاةُ
الأَوّابِينَ حِين ترْمَضُ الفِصالُ؛ هو جَمْعُ أَوّابٍ، وهو الكثيرُ
الرُّجوع إِلى اللّه، عز وجل، بالتَّوْبَة؛ وقيل هو الـمُطِيعُ؛ وقيل هو الـمُسَبِّحُ يُريد صلاة الضُّحى عند ارتِفاعِ النهار وشِدَّة الحَرِّ.
وآبَتِ الشمسُ تَؤُوبُ إِياباً وأُيوباً، الأَخيرة عن سيبويه: غابَتْ في
مَآبِها أَي في مَغِيبها، كأَنها رَجَعت إِلى مَبْدَئِها. قال تُبَّعٌ:
فَرَأَى مَغِيبَ الشمسِ، عندَ مَآبِها، * في عَيْنِ ذِي خُلُبٍ وثَأْطٍ حَرْمَدِ (2)
(2 قوله «حرمد» هو كجعفر وزبرج.)
وقال عتيبة (3)
(3 قوله «وقال عتيبة» الذي في معجم ياقوت وقالت امية بنت
عتيبة ترثي أباها وذكرت البيت مع أبيات.) بن الحرِث اليربوعي:
تَرَوَّحْنا، مِنَ اللَّعْباءِ، عَصْراً، * وأَعْجَلْنا الأَلاهة أَنْ تَؤُوبا
أَراد: قيل أَن تَغِيبَ. وقال:
يُبادِرُ الجَوْنَةَ أَن تَؤُوبا
وفي الحديث: شَغَلُونا عن صَلاَةِ الوُسْطى حتى آبَتِ الشمسُ مَلأَ
اللّهُ قُلوبهم ناراً، أَي غَرَبَتْ، من الأَوْبِ الرُّجوعِ، لأَنها تَرجِعُ
بالغروب إِلى الموضع الذي طَلَعَتْ منه، ولو اسْتُعْمِلَ ذلك في طُلوعِها لكان وجهاً لكنه لم يُسْتَعْمَلْ.
وتَأَوَّبَه وتَأَيَّبَه على الـمُعاقَبةِ: أَتاه ليلاً، وهو الـمُتَأَوَّبُ والـمُتَأَيَّبُ.
وفلان سَرِيع الأَوْبة. وقوم يُحوِّلون الواو ياء، فيقولون: سريع
الأَيْبةِ. وأُبْتُ إِلى بني فلان، وتَأَوَّبْتُهم إِذا أَتيتَهم ليلاً.
وتَأَوَّبْتُ إِذا جِئْتُ أَوّل الليل، فأَنا مُتَأَوِّبٌ ومُتَأَيِّبٌ. وأُبْتُ الماءَ وتَأَوَّبْتُه وأْتَبْتُه: وردته ليلاً. قال الهذليُّ:
أَقَبَّ رَباعٍ، بنُزْهِ الفَلا * ةِ، لا يَرِدُ الماءَ إِلاّ ائْتِيابَا
ومن رواه انْتِيابا، فقد صَحَّفَه.
والآيِبَةُ: أَنَ تَرِد الإِبلُ الماءَ كلَّ ليلة. أَنشد ابن
<ص:220>
الأَعرابي،رحمه اللّه تعالى:
لا تَرِدَنَّ الماءَ، إِلاّ آيِبَهْ،
أَخْشَى عليكَ مَعْشَراً قَراضِبَهْ ،
سُودَ الوجُوهِ، يأْكُلونَ الآهِبَهْ
والآهِبةُ: جمع إِهابٍ. وقد تقدَّم.
والتَّأْوِيبُ في السَّيْرِ نَهاراً نظير الإِسْآدِ في السير ليلاً.
والتَّأْوِيبُ: أَن يَسِيرَ النهارَ أَجمع ويَنْزِلَ الليل. وقيل: هو تَباري
الرِّكابِ في السَّير. وقال سلامةُ بن جَنْدَلٍ:
يَوْمانِ: يومُ مُقاماتٍ وأَنْدِيَةٍ، * ويومُ سَيْرٍ إِلى الأَعْداءِ، تَأْوِيب
التَّأْوِيبُ في كلام العرب: سَيرُ النهارِ كلِّه إِلى الليل. يقال:
أَوَّبَ القومُ تَأْوِيباً أَي سارُوا بالنهار، وأَسْأَدُوا إِذا سارُوا
بالليل.والأَوْبُ: السُّرْعةُ. والأَوْبُ: سُرْعةُ تَقْلِيبِ اليَدَيْن والرجلين
في السَّيْر. قال:
كأَنَّ أوْبَ مائحٍ ذِي أَوْبِ، * أَوْبُ يَدَيْها بِرَقاقٍ سَهْبِ
وهذا الرجز أَورد الجوهريُّ البيتَ الثاني منه. قال ابن بري: صوابه أَوْبُ، بضم الباء، لأَنه خبر كأَنّ. والرَّقاقُ: أَرضٌ مُسْتَوِيةٌ ليِّنةُ التُّراب صُلْبةُ ما تحتَ التُّراب. والسَّهْبُ: الواسِعُ؛ وصَفَه بما هو اسم الفَلاةِ، وهو السَّهْبُ.
وتقول: ناقةٌ أَؤُوبٌ، على فَعُولٍ. وتقول: ما أَحْسَنَ أَوْبَ دَواعِي
هذه الناقةِ، وهو رَجْعُها قوائمَها في السير، والأَوْبُ: تَرْجِيعُ
الأَيْدِي والقَوائِم. قال كعبُ بن زهير:
كأَنَّ أَوْبَ ذِراعَيْها، وقد عَرِقَتْ، * وقد تَلَفَّعَ، بالقُورِ، العَساقِيلُ
أَوْبُ يَدَيْ ناقةٍ شَمْطاءَ، مُعْوِلةٍ، * ناحَتْ، وجاوَبَها نُكْدٌ مَثاكِيلُ
قال: والـمُآوَبةُ: تَباري الرِّكابِ في السير. وأَنشد:
وإِنْ تُآوِبْه تَجِدْه مِئْوَبا
وجاؤُوا من كلّ أَوْبٍ أَي مِن كُلِّ مآبٍ ومُسْتَقَرٍّ.
وفي حديث أنس، رضي اللّه عنه: فَآبَ إِلَيهِ ناسٌ أَي جاؤُوا إِليه من كل ناحيَةٍ. وجاؤُوا مِنْ كُلّ أَوْبٍ أَي من كل طَرِيقٍ ووجْهٍ وناحيةٍ.
وقال ذو الرمة يصف صائداً رمَى الوَحْشَ:
طَوَى شَخْصَه، حتى إِذا ما تَوَدَّفَتْ، * على هِيلةٍ، مِنْ كُلِّ أَوْبٍ، نِفَالها
على هِيلةٍ أَي على فَزَعٍ وهَوْلٍ لما مَرَّ بها من الصَّائِد مرَّةً
بعدَ أُخرى. مِنْ كُلِّ أَوْبٍ أَي من كل وَجْهٍ، لأَنه لا مكمن لها من كل وَجْهٍ عن يَمينها وعن شِمالها ومن خَلْفِها.
ورَمَى أَوْباً أَو أَوْبَيْنِ أَي وَجْهاً أَو وَجْهَيْنِ. ورَمَيْنا أَوْباً أَو أَوْبَيْنِ أَي رِشْقاً أَو رِشْقَيْن. والأَوْبُ: القَصْدُ والاسْتِقامةُ. وما زالَ ذلك أَوْبَه أَي عادَتَه وهِجِّيراهُ، عن اللحياني. والأَوْبُ: النَّحْلُ، وهو اسم جَمْع كأَنَّ الواحِدَ آيِبٌ. قال الهذليُّ:
رَبَّاءُ شَمَّاء، لا يَأْوِي لِقُلَّتها * إِلاّ السَّحابُ، وإِلاّ الأَوْبُ والسَّبَلُ
وقال أَبو حنيفة: سُمِّيت أَوْباً لإِيابِها إِلى الـمَباءة. قال: وهي
لا تزال في مَسارِحِها ذاهِبةً وراجِعةً،
<ص:221>
حتى إِذا جَنَحَ الليلُ آبَتْ كُلُّها، حتى لا يَتَخَلَّف منها شيء.
ومَآبةُ البِئْر: مثل مَباءَتِها، حيث يَجْتَمِع إِليه الماءُ فيها.
وآبـَه اللّهُ: أَبـْعَدَه، دُعاءٌ عليه، وذلك إِذا أَمـَرْتَه بِخُطَّةٍ فَعَصاكَ، ثم وقَع فيما تَكْرَهُ، فأَتاكَ، فأَخبرك بذلك، فعند ذلك تقول له: آبـَكَ اللّهُ، وأَنشد(1):
(1 قوله «وأنشد» أي لرجل من بني عقيل يخاطب
قلبه: فآبك هلاّ إلخ. وأنشد في الأساس بيتا قبل هذا:
أخبرتني يا قلب أنك ذوعرا * بليلي فذق ما كنت قبل تقول)
فآبـَكَ، هَلاَّ، واللَّيالِي بِغِرَّةٍ، * تُلِمُّ، وفي الأَيَّامِ عَنْكَ غُفُولُ
وقال الآخر:
فآبـَكِ، ألاَّ كُنْتِ آلَيْتِ حَلْفةً، * عَلَيْهِ، وأَغْلَقْتِ الرِّتاجَ الـمُضَبِّبا
ويقال لمن تَنْصَحُه ولا يَقْبَلُ، ثم يَقَعُ فيما حَذَّرْتَه منه: آبـَكَ، مثل وَيْلَكَ. وأَنشد سيبويه:
آبـَكَ، أَيـّهْ بِيَ، أَو مُصَدِّرِ * مِنْ خُمُر الجِلَّةِ، جَأْبٍ حَشْوَرِ
وكذلك آبَ لَك.
وأَوَّبَ الأَدِيمَ: قَوَّرَه، عن ثعلب.
ابن الأَعرابي: يقال أَنا عُذَيْقُها الـمُرَجَّبُ وحُجَيْرُها الـمُأَوَّبُ. قال: الـمُأَوَّبُ: الـمُدَوَّرُ الـمُقَوَّرُ الـمُلَمْلَمُ، وكلها أَمثال. وفي ترجمة جلب ببيت للمتنخل:
قَدْ حالَ، بَيْنَ دَرِيسَيْهِ، مُؤَوِّبةٌ، * مِسْعٌ، لها، بعِضاهِ الأَرضِ، تَهْزِيزُ
قال ابن بري: مُؤَوِّبةُ: رِيحٌ تأْتي عند الليل.
وآبُ: مِن أَسماءِ الشهور عجمي مُعَرَّبٌ، عن ابن الأَعرابي.
ومَآبُ: اسم موضِعٍ(2)
(2 قوله «اسم موضع» في التكملة مآب مدينة من نواحي
البلقاء وفي القاموس بلد بالبلقاء.) من أَرض البَلْقاء. قال عبدُاللّه بن رَواحةَ:
فلا، وأَبي مَآبُ لَنَأْتِيَنْها، * وإِنْ كانَتْ بها عَرَبٌ ورُومُ
@أيب: ابن الأَثير في حديث عكرمة، رضي اللّه عنه، قال: كان طالوتُ أَيَّاباً. قال الخطابي: جاءَ تفسيره في الحديث أَنه السَّقاءُ

@أبت: أَبَتَ اليومُ يَأْبِتُ ويَأْبُتُ أَبْتاً وأُبُوتاً، وأَبِتَ،
بالكسر، فهو أَبِتٌ وآبِتٌ وأَبْتٌ: كله بمعنى اشتدَّ حَرُّه وغَمُّه،
وسَكَنَتْ ريحه؛ قال رؤْبة:
من سافعاتٍ وهَجِيرٍ أَبْتِ
وهو يومٌ أَبْتٌ، وليلةٌ أَبْتَةُ، وكذلك حَمْتٌ، وحَمْتَةٌ، ومَحْتٌ،
ومَحْتَةٌ: كل هذا في شدّة الحرّ؛ وأَنشد بيت رؤبة أَيضاً. وأَبْتَةُ
الغَضَبِ: شدَّتُه وسَوْرَتُه.
وتَأَبَّتَ الجَمْرُ: احْتَدَمَ.
@أتت: أَتَّهُ يَؤُتُّه أَتّاً: غَتَّه بالكلام، أَو كَبَتَهُ بالحُجَّةٍ
وغَلَبَه. ومَئِتَّةً: مَفْعِلة.
@أرت: أَبو عمرو: الأُرْتَةُ الشَّعر الذي على رأْس الحِرْباءِ.
@أست: ترجمها الجوهري: قال أَبو زيد: ما زال على اسْتِ الدَّهْر
مَجْنُوناً أَي لم يَزَلْ يُعْرَفُ بالجُنون، وهو مثلُ أُسّ الدَّهْر، وهو
القِدَمُ، فأَبدلوا من إِحدى السينين تاء، كما قالوا للطِّسِّ طَسْتٌ؛ وأَنشد
لأَبي نُخَيْلة:
ما زال مُذْ كانَ على اسْتِ الدَّهْرِ،
ذا حُمُقٍ يَنْمِي، وعَقْلٍ يَحْرِي
قال ابن بري: معنى يَحْري يَنْقُصُ. وقوله: على اسْتِ الدَّهْر، يريد ما
قَدُمَ من الدهر؛ قال: وقد وَهِمَ الجوهري في هذا الفصل، بأَن جعل
اسْتاً في فصل أَسَتَ، وإِنما حقه أَن يذكره في فصل سَتَه، وقد ذكره أَيضاً
هناك. قال: وهو الصحيحُ، أَنَّ همزة اسْتٍ موصولة،بإجماع، وإِذا كانت
موصولة فهي زائدة؛ قال: وقوله إِنهم أَبدلوا من السين في أُسٍّ التاء، كما
أَبدلوا من السين تاء في قولهم طَسّ، فقالوا طَسْتٌ، غلط لأَنه كان يجب أَن
يقال فيه إِسْت، بقطع الهمزة؛ قال: ونسب هذا القول إِلى أَبي زيد ولم
يقله، وإِنما ذَكَر اسْتَ الدَّهْر مع أُسِّ الدهر، لاتفاقهما في المعنى لا
غير، واللَّه أَعلم.
@أفت: أَفَتَه عن كذا كأَفَكَه أَي صَرَفَه.
والإِفْتُ: الكريم من الإِبل، وكذلك الأُنثى. وقال أَبو عمرو: الإِفْتُ
الكريم. وقال ثعلب: الأَفْتُ، بالفتح، الناقةُ السريعة، وهي التي
تَغْلِبُ الإِبلَ على السير؛ وأَنشد لابن أَحمر:
كأَنِّي لم أَقُلْ: عاجِ لأَفْتٍ،
تُراوِحُ بعد هِزَّتِها الرَّسِيما
وفي نسخة: الإِفْتُ، بالكسر. التهذيب، وقول العجاج:
إِذا بَناتُ الأَرْحَبِيِّ الأَفْتِ
(* قوله «إِذا بنات إلخ» عجزه كما في التكملة «قاربن أَقصى غوله بالمت»
والغول البعد، بالضم فيهما، والمت المد في السير.)
قال ابن الأَعرابي: الأَفْتُ يعني الناقةَ التي عندها من الصبر والبقاءِ
ما ليس عند غيرها، كما قال ابن أَحمر. وقال أَبو عمرو: الإِفْتُ الكريم؛
قال: كذا في نسخة قرئت على شمر:
إِذا بنات الأَرْحَبِيِّ الإِفْتِ
قال ابن الأَعرابي: فلا أَدري، أَهي لغة أَو خطأٌ.
@ألت: الأَلْتُ: الحَلِفُ.
وأَلَتَه بيمينٍ أَلْتاً: شدَّد عليه. وأَلَتَ عليه: طلَب منه حَلِفاً
أَو شهادةً، يقوم له بها. ورُوي عن عمر، رضي اللَّه عنه: أَن رجلاً قال
له: اتَّق اللَّه يا أَمير المؤمنين، فسَمِعَها رجلٌ، فقال: أَتَأْلِتُ على
أَمير المؤمنين؟ فقال عمر: دَّعْهُ، فلن يَزالُوا بخيرٍ ما قالوها لنا؛
قال ابن الأَعرابي: معنى قوله أَتَأْلِتُه أَتَحُطُّه بذلك؟ أَتَضَعُ
منه؟ أَتُنَقِّصُه؟ قال أَبو منصور: وفيه وجه آخر، وهو أَشْبَهُ بما أَراد
الرجل؛ روي عن الأَصمعي أَنه قال: أَلَتَه يميناً يَأْلِته أَلْتاً إِذا
أَحْلَفه، كأَنه لما قال له: اتَّق اللَّهَ، فقد نَشَدَه بُاللَّه. تقول
العرب: أَلَتُّكَ باللَّه لمَا فعلْتَ كذا، معناه: نَشَدْتُكَ باللَّه.
والأَلْتُ: القَسَم؛ يقال: إِذا لم يُعْطِكَ حَقَّكَ فَقَيِّدْه
بالأَلْت.
وقال أَبو عمرو: الأُلْتَةُ اليمينُ الغَموسُ. والأُلْتةُ: العَطِيَّةُ
الشَّقْنَةُ.
وأَلَته أَيضاً: حَبَسَهُ عن وَجْهِه وصَرَفه مثل لاتَه يَلِيتُه، وهما
لغتان، حكاهما اليزيدي عن أَبي عمرو ابن العلاء. وأَلتَه مالَه وحَقَّه
يَأْلِتُه أَلْتاً، وأَلاتَهُ، وآلَتَه إِياه: نَقَصَه. وفي التنزيل
العزيز: وما أَلَتْناهُمْ من عَمَلِهم من شيءٍ. قال الفراء: الأَلْتُ
النَّقْص، وفيه لغة أُخرى: وما لِتْناهم، بكسر اللام؛ وأَنشد في
الأَلْتِ:أَبْلِغْ بَني ثُعَلٍ، عَنِّي، مُغَلْغَلَةً
جَهْدَ الرِّسالَةِ، لا أَلْتاً ولا كَذِبا
أَلَتَه عن وَجْهِه أَي حَبَسه. يقول: لا نُقْصانَ ولا زيادة. وفي حديث
عبد الرحمن بن عوف يوم الشُّورَى: ولا تَغْمِدُوا سيوفَكم عن أَعدائِكم،
فُتولِتُوا أَعمالكم؛ قال القُتَيبي: أَي تَنْقُصُوها؛ يريد أَنهم كانت
لهم أَعمال في الجهاد مع رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم، فإِذا هم
تَرَكوها، وأَغْمَدُوا سُيُوفَهم، واخْتَلَفوا، نَقَصُوا أَعمالَهم؛ يقال:
لاتَ يَلِيتُ، وأَلَتَ يَأْلِتُ، وبها نزل القرآن، قال: ولم أَسمع
أَوْلَتَ يُولِتُ، إِلاَّ في هذا الحديث. قال: وما أَلَتْناهم من عَملهم من
شيءٍ؛ يجوز أَن يكون من أَلَتَ، ومن أَلاتَ، قال: ويكون أَلاتَهُ يُلِيتُه
إِذا صَرَفه عن الشيءِ. والأَلْتُ: البُهتان؛ عن كراع.
وأَلِّيتُ: موضع؛ قال كثير عزة:
برَوْضَةِ أَلِّيتَ وقَصْرِ خَناثَى
قال ابن سيده: وهذا البناءُ عزيز، أَو معدوم، إِلاَّ ما حكاه أَبو زيد
من قولهم: عليه سَكِّينَةٌ.
@أمت: أَمَتَ الشيءَ يَأْمِتُه أَمْتاً، وأَمَّتَه: قَدَّرَهُ وحَزَرَه.
ويُقال: كم أَمْتُ ما بَيْنَكَ وبين الكُوفة؟ أَي قَدْرُ. وأَمَتُّ
القومَ آمِتُهم أَمْتاً إِذا حَزَرْتَهم. وأَمَتُّ الماءَ أَمْتاً إِذا
قَدَّرْتَ ما بينك وبينه؛ قال رؤبة:
في بَلْدةٍ يَعْيا بها الخِرِّيتُ،
رَأْيُ الأَدِلاَّءِ بها شَتِيتُ،
أَيْهاتَ منها ماؤُها المَأْمُوتُ
المَأْمُوتُ: المَحْزُورُ. والخِرِّيتُ: الدَّليلُ الحاذِقُ.
والشَّتِيتُ: المُتَفَرِّق، وعَنَى به ههنا المُخْتَلِفَ.
الصحاح: وأَمَتُّ الشيءَ أَمْتاً قَصَدْته وقَدَّرْته؛ يُقال: هو إِلى
أَجَلٍ مَأْمُوتٍ أَي مَوْقوتٍ. ويقال: امْتِ يا فلان، هذا لي، كم هو؟ أَي
احْزِرْه كم هو؟ وقد أَمَتُّه آمِتُه أَمْتاً.
والأَمْتُ: المكانُ المرتفع.
وشيءٌ مأْمُوتٌ: معروف.
والأَمْتُ: الانْخفاضُ، والارْتفاعُ، والاختلافُ في الشيءِ.
وأُمِّتَ بالشَّرِّ: أُبِنَ به؛ قال كثير عزة:
يَؤُوب أُولُو الحاجاتِ منه، إِذا بَدا
إِلى طَيِّبِ الأَثْوابِ، غيرِ مُؤَمَّتِ
والأَمْتُ: الطريقةُ الحَسَنة. والأَمْتُ: العِوَجُ. قال سيبويه: وقالوا
أَمْتٌ في الحَجر لا فيكَ أَي لِيَكُن الأَمْتُ في الحجارة لا فيك؛
ومعناه: أَبقاكَ اللَّهُ بعد فَناءِ الحجارة، وهي مما يوصف بالخلول والبقاء،
أَلا تراه كيف قال:
ما أَنْعَمَ العَيْش لو أَنَّ الفَتَى حَجَرٌ،
تَنْبُو الحَوادِثُ عنه، وهو مَلْمُومُ
ورَفعُوه وإِن كان فيه معنى الدعاءِ، لأَنه ليس بجارٍ على الفِعْل، وصار
كقولك التُّرابُ له، وحَسُنَ الابتداءُ بالنكرة، لأَنه في قُوّة
الدُّعاء. والأَمْتُ: الرَّوابي الصِّغارُ. والأَمْتُ: النَّبَكُ؛ وكذلك عَبَّرَ
عنه ثعلب. والأَمْتُ: النِّبَاكُ، وهي التِّلالُ الصِّغار. والأَمْتُ:
الوَهْدة بين كل نَشْزَيْن. وفي التنزيل العزيز: لا تَرَى فيها عِوَجاً
ولاأَمْتاً؛ أَي لا انخفاض فيها، ولا ارْتفاعَ. قال الفراء: الأَمْتُ
النَّبْكُ من الأَرض ما ارتفع، ويقال مَسايِلُ الأَوْدية ما تَسَفَّلَ.
والأَمْتُ: تَخَلْخُلُ القِرْبة إِذا لم تُحْكَمْ أَفْراطُها. قال الأَزهري:
سمعت العرب تقول: قد مَلأَ القِربة مَلأً لا أَمْتَ فيه أَي ليس فيه
استرخاءٌ من شدَّة امْتِلائها. ويقال: سِرْنا سَيْراً لا أَمْتَ فيه أَي لا
ضَعْفَ فيه، ولا وَهْنَ. ابن الأَعرابي: الأَمْتُ وَهْدَةٌ بين نُشُوزٍ.
والأَمْتُ: العَيْبُ في الفَم والثَّوْب والحجر. والأَمْتُ: أَن تَصُبَّ في
القِرْبة حتى تَنْثنِي، ولا تَمْلأَها، فيكون بعضُها أَشرف من بعض،والجمع
إِمَاتٌ وأُمُوتٌ. وحكى ثعلب: ليس في الخَمْر أَمْتٌ أَي ليس فيها شَكٌّ
أَنها حرام. وفي حديث أَبي سعيد الخدري: أَن النبي، صلى اللَّه عليه
وسلم، قال: إِنَّ اللَّهَ حَرَّم الخمرَ، فلا أَمْتَ فيها، وأَنا أَنْهي عن
السَّكَر والمُسْكِر؛ لا أَمْتَ فيها أَي لا عَيْبَ فيها. وقال الأَزهري:
لا شكَّ فيها، ولا ارتيابَ أَنه من تنزيل رب العالمين؛ وقيل للشك وما
يُرْتابُ فيه: أَمْتٌ لأَنَّ الأَمْتَ الحَزْرُ والتَّقدِير، ويدخُلهما
الظَّنُّ والشك؛ وقول ابن جابر أَنشده شمر:
ولا أَمْتَ في جُمْلٍ، لياليَ ساعَفَتْ
بها الدارُ، إِلاَّ أَنَّ جُمْلاً إِلى بُخْلِ
قال: لا أَمْتَ فيها أَي لا عَيْب فيها. قال أَبو منصور: معنى قول أَبي
سعيد عن النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، إِنَّ اللَّه حَرَّم الخمر، فلا
أَمْتَ فيها، معناه غَيْر معنى ما في البيت؛ أَراد أَنه حَرَّمها تحريماً
لا هَوادةَ فيه ولا لِين، ولكنَّه شَدَّد في تحريمها، وهو من قولك سِرْتُ
سَيْراً لا أَمْتَ فيه أَي لا وَهْنَ فيه ولا ضَعْفَ؛ وجائزٌ أَن يكون
المعنى أَنه حَرَّمها تحريماً لا شك فيه؛ وأَصله من الأَمْتِ بمعنى
الحَزْر، والتقدير، لأَنَّ الشك يدخلهما؛ قال العجاج:
ما في انْطِلاقِ رَكْبِهِ من أَمْتِ
أَي من فُتورٍ واسْتِرْخاءٍ.
@أنت: الأَنِيتُ: الأَنِينُ؛ أَنَتَ يَأْنِتُ أَنِيتاً، كَنَأَتَ،
وسيأْتُ ذكره في موضعه.
أَبو عمرو: رَجُلٌ مَأْنُوتٌ، وقد أَنَته الناسُ يأْنِتونه إِذا
حَسَدُوه، فهو مَأْنُوتٌ، وأَنِيتٌ أَي مَحْسُودٌ، واللَّه أَعلم.
أبث: أَبَثَ على الرجل يَأْبِثُ أَبْثاً: سَبَّه عند السلطان
خاصة.التهذيب: الأَبْثُ الفَقْر؛ وقد أَبَثَ يَأْبِثُ أَبْثاً.
الجوهري: الأَبِثُ الأَشِرُ النَّشِيطُ؛ قال أَبو زُرارة النصري:
أَصْبَحَ عَمَّارٌ نَشِيطاً أَبِثا،
يَأْكُلُ لَحْماً بائِتاً، قد كَبِثا
كَبِثَ: أَنْتَنَ وأَرْوَحَ.
وقال أَبو عمرو: أَبِثَ الرجلُ، بالكسر، يَأْبَثُ: وهو أَن يَشْرَبَ
اللبَن حتى ينتفخ ويأْخذَه كهيئة السُّكْر؛ قال: ولا يكون ذلك إِلا من
أَلبان الإِبل.
@أثث: الأَثاثُ والأَثاثةُ والأُثوثُ: الكثرة والعِظَمُ من كل شيء؛ أَثَ
يَأَثُّ ويَئِثُّ ويَؤُثُّ أَثًّا وأَثاثةً، فهو أَثٌّ، مقصور؛ قال ابن
سيده: عندي أَنه فَعْلٌ، وكذلك أَثِيثٌ، والأُنثى أَثِيثة، والجمع
أَثائِثُ وأَثايِثُ.
ويقال: أَثَّ النباتُ يَئِثُّ أَثاثةً أَي كثُر والتَفَّ، وهو أَثِيثٌ،
ويوصف به الشَّعَر الكثير، والنباتُ المُلْتف؛ قال امرؤ القيس:
أَثِيثٌ كَقِنْوِ النَّخْلة المُتَعَثْكِلِ
وشَعَر أَثِيثٌ: غزير طويل، وكذلك النبات، والفعل كالفعل؛ ولِحْية
أَثَّة كَثَّة: أَثِيثة.
وأَثَّتِ المرأَةُ تَئِثُّ أَثًّا: عَظُمَتْ عجيزتُها؛ قال
الطِّرِمَّاح:إِذا أَدْبَرَتْ أَثَّتْ، وإِنْ هي أَقْبَلَتْ،
فَرُؤْدُ الأَعالي، شَخْتةُ المُتَوَشَّحِ
وامرأَةٌ أَثِيثةٌ: أَثِيرة، كثيرة اللحم، والجمع إِثاثٌ وأَثائثٌ؛ قال
رؤبة:
ومن هَوايَ الرُّجُحُ الأَثائثُ،
تُمِيلُها أَعجازُها الأَواعِثُ
وأَثَّثَ الشيءَ: وَطَّأَه ووثَّرَه.
والأَثاثُ: الكثير من المال؛ وقيل: كثرةُ المال؛ وقيل: المالُ كلُّه
والمتاعُ ما كان من لِباسٍ، أَو حَشْوٍ لفراشٍ، أَو دِثارٍ، واحدتُه
أَثاثةٌ؛ واشتقه ابن دريد من الشيء المُؤَثَّثِ أَي المُوَثَّر. وفي التنزيل
العزيز: أَثاثاً ورِئْياً؛ الفراء: الأَثاثُ المَتاع، وكذلك قال أَبو زيد.
والأَثاثُ: المالُ أَجمع، الإِبل والغنم والعبيد والمتاع. وقال الفراء:
الأَثاثُ لا واحد لها، كما أَن المَتاع لا واحدَ له، قال: ولو جمعتَ
الأَثاثَ، لقلت: ثلاثةُ آثَّةٍ، وأُثُتٌ كثيرة.
والأَثاثُ: أَنواعُ المَتاع من متاع البيت ونحوه.
وتأَثَّثَ الرجلُ: أَصابَ خيراً؛ وفي الصحاح: أَصابَ رِياشاً.
وأَثاثةُ: اسم رجل، بالضم؛ قال ابن دريد: أَحسِبُ أَن اشتقاقه من هذا.
@أرث: أَرَّثَ بين القوم: أَفْسَدَ.
والتَّأْرِيثٌ: الإِغْراء بين القوم. والتَّأْرِيثُ أَيضاً: إِيقادُ
النار.
وأَرَّثَ النارَ: أَوْقَدها؛ قال عديّ بن زيد:
ولها ظَبْيٌ يُؤَرِّثُها،
عاقِدٌ في الجِيدِ تِقْصارا
وتَأَرَّثَتْ، هي: اتَّقَدَتْ؛ قال:
فإِنَّ، بأَعْلى ذِي المَجازة، سَرْحةً
طَويلاً، على أَهل المَجازة، عارُها
ولو ضَرَبُوها بالفُؤُوسِ، وحَرَّقُوا
على أَصْلِها، حَتَّى تَأَرَّثَ نارُها
وفي حديث أَسلم، قال: كنت مع عمر، رضي الله عنه، وإِذا نارٌ تُؤَرَّثُ
بصِرارٍ. التأْريثُ: إِيقادُ النار وإِذْكاؤُها. والإِراثُ والأَرِيثُ:
النارُ. وصِرارٌ، بالصاد المهملة: موضع قريب من المدينة.
والإِراثُ: ما أُعِدَّ للنار من حُراقةٍ ونحوها؛ وقيل: هي النارُ
نفْسُها؛ قال:
مُحَجَّلُ رِجْلَيْنِ، طَلْقُ اليَدَيْن،
له غُرَّةٌ مثلُ ضَوْءِ الإِراثِ
ويقال: أَرَّثَ فلانٌ بينهم الشَّرَّ والحَرْبَ تَأْرِيثاً، وأَرَّجَ
تَأْرِيجاً إِذا أَغرى بعضهم ببعض، وهو إِيقادُها؛ وأَنشد أَبو عبيد
لعدِيِّ بن زيد:
ولها ظَبْيٌ يُؤَرِّثُها
والأُرْثةُ، بالضم: عُودٌ أَو سِرْجِينٌ يُدْفَنُ في الرَّماد، ويوضع
عنده ليكون ثُقوباً للنار، عُدَّةً لها إِذا احْتِيج إِليها. والإِراثُ:
الرَّماد؛ قال ساعدة بن جُؤية:
عفا غيْرَ إِرْثٍ من رَماد، كأَنه
حَمامٌ، بأَلبادِ القِطارِ، جُثُومُ
قال السُّكَّرِيُّ: أَلباد القِطار ما لَبَّدَهُ القَطْر.
والإِرْثُ: الأَصلُ. قال ابن الأَعرابي: الإِرْثُ في الحَسَب، والوِرثُ
في المال. وحكى يعقوب: إِنه لفي إِرْثِ مَجْدٍ وإِرْفِ مَجْدٍ، على
البدل. الجوهري: الإِرْثُ المِيراثُ، وأَصل الهمزة فيه واو. يقال: هو في
إِرْثِ صِدْقٍ أَي في أَصلِ صِدْقٍ، وهو على إِرثٍ من كذا أَي على أَمر قديم
تَوارَثه الآخِرُ عن الأَوَّل. وفي حديث الحج: إِنكم على إِرْثٍ من إِرث
أَبيكم إِبراهيم، يريد به ميراثَهم مِلَّته، ومن ههنا للتبيين مثلها في
قوله: فاجْتَنِبُوا الرَّجْسَ من الأَوْثان. وأَصلُ همزته واو، لأَنه من
وَرِثَ يَرِثُ. والإِرْثُ من الشيء: البقية من أَصله، والجمع إِراث؛ قال
كثير عزة:
فأَوْرَدَهُنَّ من الدَّوْنَكَيْن،
حَشارِجَ يَحْفِرْنَ منها إِراثا
والأُرْثة: سوادٌ وبياض. كبشٌ آرَثُ ونعجة أَرْثاء: وهي الرَّقْطاء،
فيها سواد وبياض.
والأُرَثُ والأُرَفُ: الحُدودُ بين الأَرضين، واحدتها أُرْثة وأُرْفة.
ابن سيده: والأُرْثة الحَدُّ بين الأَرْضَين، وأَرَّثَ الأَرْضَيْن: جعل
بينهما أُرْثة؛ قال أَبو حنيفة: الأُرْثَة المكانُ ذو الأَراضَة
السَّهْلُ؛ قال: والأُرْثُ شبيه بالكُعْر، إِلاَّ أَن الكُْعرَ أَبْسَطُ منه، قال:
وله قَضِيبٌ واحدٌ في وسطه وفي رأْسه، مثلُ الفِهْر المُصَعْنَب، غير
أَن لا شَوْك فيه، فإِذا جَفَّ تطايرَ ليس في جوفه شيء، وهو مَرْعًى للإِبل
خاصة تَسْمَنُ عليه، غير أَنه يُورِثُها الجَرَبَ، ومنابتُه غَلْظُ
الأَرض. والأُرْثة: الأَكَمَةُ الحمراء.
@أنث: الأُنْثى: خلافُ الذكر من كل شيء، والجمع إِناثٌ؛ وأُنُثٌ: جمع
إِناث، كحمار وحُمُر. وفي التنزيل العزيز: إِن يَدْعُون من دونه إِلا
إِناثاً؛ وقرئ: إِلا أُنُثاً، جمع إِناث، مثل تِمارٍ وتُمُر؛ ومَن قرأَ إِلا
إِناثاً، قيل: أَراد إِلا مَواتاً مثل الحَجَر والخَشَب والشجر والمَوات،
كلُّها يخبر عنها كما يُخْبر عن المُؤَنث؛ ويقال للمَوات الذي هو خلاف
الحَيوان: الإِناثُ. الفراء: تقول العرب: اللاَّتُ والعُزَّى وأَشباهُها من
الآلهة المؤَنثة؛ وقرأَ ابن عباس: إِن يَدْعون من دونه إِلا أُثُناً؛
قال الفراءُ: هو جمع الوَثَنْ فضم الواو وهمزها. كما قالوا: وإِذا الرسل
أُقِّتَتْ. والمُؤَنَّث: ذَكَرٌ في خَلْق أُنْثى؛ والإِناثُ: جماعة
الأُنْثى ويجيءُ في الشعر أَناثى. وإِذا قلت للشيءِ تُؤَنِّثه، فالنَّعْتُ
بالهاء، مثل المرأَة، فإِذا قلت يُؤَنث، فالنعت مثل الرجل بغير هاءٍ، كقولك
مؤَنثة ومؤَنث.
ويقال للرجل: أَنَّثْتُ تَأْنيثاً أَي لِنْتَ له، ولم تَتَشَدَّد.
وبعضهم يقول: تَأَنَّثَ في أَمره وتَخَنَّثَ. والأَنِيثُ من الرجال:
المُخَنَّثُ، شِبْه المرأَة؛ وقال الكميت في الرجل الأَنيثِ:
وشَذَّبْتَ عنهم شَوْكَ كلِّ قَتادةٍ
بفارسَ، يَخْشاها الأَنِيثُ المُغَمَّزُ
والتأْنِيثُ: خلافُ التذكير، وهي الأَناثةُ.
ويقال: هذه امرأَة أُنثى إِذا مُدِحَتْ بأَنها كاملة من النساء، كما
يقال: رجل ذَكَر إِذا وُصِفَ بالكمال. ابن السكيت: يقال هذا طائرٌ وأُنْثاه،
ولا يقال: وأُنْثاتُه.
وتأْنيثُ الاسم: خلافُ تذكيره؛ وقد أَنَّثْته، فتَأَنَّثَ.
والأُنثَيان: الخُصْيتانِ، وهما أَيضاً الأُذُنانِ، يمانية؛ وأَنشد
الأَزهري لذي الرمة:
وكُنَّا، إِذا القَيْسيُّ نَبَّ عَتُودُه،
ضَرَبْناه فوقَ الأُنْثَيَيْنِ على الكَرْدِ
قال ابن سيده، وقول الفرزدق:
وكنّا، إِذا الجَبَّارُ صَعَّر خَدَّه،
ضَرَبْناه تحتَ الأُنْثَيينِ على الكَرْد
قال: يعني الأُذُنَيْن، لأَنَّ الأُذُنَ أُنثى. وأَورد الجوهري هذا
البيت على ما أَورده الأَزهري لذي الرمة، ولم يَنْسُبْه لأَحد؛ قال ابن بري:
البيت للفرزدق، قال والمشهور في الرواية:
وكنا إِذا الجَبَّار صَعَّرَ خَدَّه
كما أَورده ابن سيده. والكَرْدُ: أَصل العُنق؛ وقول العجاج:
وكلُّ أُنْثى حَمَلَتْ أَحجارا
يعني المِنْجَنيقَ لأَنها مؤَنثة؛ وقولها
(* هكذا وردت مؤنثةً.) في صفة
فرس:
تَمَطَّقَتْ أُنْثَياها بالعَرَقْ،
تَمَطُّقَ الشَّيْخِ العَجُوزِ بالمَرَقْ
عَنَتْ بأُنْثَييها: رَبَلَتَيْ فَخِذَيْها. والأُنْثَيان: من أَحياءِ
العرب بَجيلة وقُضاعة، عن أَبي العَمَيْثَل الأَعرابي؛ وأَنشد للكميت:
فيا عَجَبا للأُنْثَيَيْن تَهادَنا
أَذانيَ، إِبْراقَ البَغايا إِلى الشَّرْبِ
وآنَثَتِ المرأَةُ، وهي مُؤْنِثٌ: وَلَدَتِ الإِناثَ، فإِن كان ذلك لها
عادةً، فهي مِئْناثٌ، والرجلُ مِئْناثٌ أَيضا، لأَنهما يستويان في
مِفْعال. وفي حديث المُغيرةِ: فُضُلٌ مِئْناثٌ. المئْناثُ: التي تَلِدُ
الإِناثَ كثيراً، كالمِذْكارِ: التي تَلِدُ الذكور. وأَرض مِئْناثٌ وأَنيثةٌ:
سَهْلة مُنْبِتة، خَلِيقةٌ بالنَّبات، ليست بغليظة؛ وفي الصحاح: تُنْبتُ
البَقْلَ سَهْلةٌ.
وبلدٌ أَنِيثٌ: لَيِّنٌ سَهْل؛ حكاه ابن الأَعرابي. ومكانٌ أَنِيثٌ إِذا
أَسْرَع نباتُه وكَثُر؛ قال امرؤ القيس:
بمَيْثٍ أَنيثٍ في رياضٍ دَمِيثةٍ،
يُحيلُ سَوافِيها بماءِ فَضِيضِ
ومن كلامهم: بلد دَمِيثٌ أَنِيثٌ طَيِّبُ الرَّيْعةِ، مَرْتُ العُودِ.
وزعم ابن الأَعرابي أَني المرأَة إِنما سميت أُنثى، من البلد الأنيث، قال:
لأَن المرأَة أَلْيَنُ من الرجل، وسميت أُنثى للينها. قال ابن سيده:
فأَصْلُ هذا الباب، على قوله، إِنما هو الأَنيثُ الذي هو اللَّيِّنُ؛ قال
الأَزهري: وأَنشدني أَبو الهيثم:
كأَنَّ حِصانا وفِضُّها التينُ، حُرَّةً،
على حيثُ تَدْمى بالفِناءِ حَصيرُها
قال، يقوله الشماخ: والحَصانُ ههنا الدُّرَّة من البحر في صَدَفَتِها
تُدْعَى التِّينَ. والحَصِيرُ: موضعُ الحَصِير الذي يُجْلَس عليه، شَبَّه
الجاريةَ بالدُّرَّة. والأَنِيثُ: ما كان من الحَديد غيرَ ذَكَر. وحديدٌ
أَنيثٌ: غير ذَكِير. والأَنيثُ من السُّيوف: الذي من حديدٍ غير ذَكَر؛
وقيل: هو نحوٌ من الكَهام؛ قال صَخْرُ الغَيِّ:
فيُعْلِمهُ بأَنَّ العَقْل عِنْدي
جُرازٌ، لا أَفَلُّ، ولا أَنِيثُ
أَي لا أُعْطِيهِ إِلا السَّيْفَ القاطعَ، ولا أُعْطيه الدِّيةَ.
والمُؤَنَّثُ: كالأَنِيث؛ أَنشد ثعلب:
وما يَسْتَوي سَيْفانِ: سَيْفٌ مُؤَنَّثٌ،
وسَيْفٌ، إِذا ما عَضَّ بالعَظْمِ صَمَّما
وسيفٌ أَنِيثٌ: وهو الذي ليس بقاطع. وسيف مِئْناثٌ ومِئناثة، بالهاءِ،
عن اللحياني إِذا كانت حَديدتُه لَيِّنة، بالهاء، تأْنِيثُه على إِرادة
الشَّفْرة، أَو الحديدة، أَو السلاح. الأَصمعي: الذَّكَرُ من السُّيوف
شَفْرَتُه حديد ذَكَرٌ، ومَتْناه أَنيثٌ، يقول الناسُ إِنها من عَمَل الجن.
وروى إِبراهيم النحعي أَنه قال: كانوا يَكْرَهُون المُؤَنَّثَ من الطِّيب،
ولا يَرَوْنَ بذُكُورته بأْساً؛ قال شمر: أَراد بالمُؤَنَّثِ طِيبَ
النساءِ، مثل الخَلُوق والزَّعْفران، وما يُلَوِّنُ الثيابَ، وأَما ذُكورةُ
الطِّيبِ، فما لا لَوْنَ له، مثلُ الغالية والكافور والمِسْكِ والعُود
والعَنْبَر، ونحوها من الأَدهان التي لا تُؤَثِّرُ.
@أجج: الأَجِيجُ: تَلَهُّبُ النار. ابن سيده: الأَجَّةُ والأَجِيجُ صوت
النار؛ قال الشاعر:
أَصْرِفُ وَجْهي عن أَجِيج التَّنُّور،
كأَنَّ فِيه صوتَ فِيلٍ مَنْحُور
وأَجَّتِ النارُ تَئِجُّ وتَؤُجُّ أَجِيجاً إِذا سمعتَ صَوتَ لَهَبِها؛
قال:
كأَنَّ تَرَدُّدَ أَنفاسِهِ
أَجِيجُ ضِرامٍ، زفَتْهُ الشَّمَالْ
وكذلك ائْتَجَّتْ، على افْتَعَلَتْ، وتَأَجَّجَتْ، وقد أَجَّجَها
تَأْجيجاً.
وأَجِيجُ الكِيرِ: حفيفُ النار، والفعل كالفعل.
والأَجُوجُ: المضيءُ؛ عن أَبي عمرو، وأَنشد لأَبي ذؤَيب يصف برقاً:
يُضيءُ سَنَاهُ راتِقاً مُتَكَشِّفاً،
أَغَرَّ، كمصباح اليَهُودِ، أَجُوج
قال ابن بري: يصف سحاباً متتابعاً، والهاء في سناه تعود على السحاب،
وذلك أَن البرقة إِذا برقت انكشف السحاب، وراتقاً حال من الهاء في سناه؛
ورواه الأَصمعي، راتق متكشف، بالرفع، فجعل الراتق البرق. وفي حديث
الطُّفَيْلِ: طَرَفُ سَوْطه يَتَأَجَّجُ أَي يضيء، من أَجِيج النار
تَوَقُّدِها.وأَجَّجَ بينهم شَرًّا: أَوقده. وأَجَّةُ القوم وأَجِيجُهم: اخْتِلاطُ
كلامهم مع حَفيف مشيهم. وقولهم: القومُ في أَجَّة أَي في اختلاط؛ وقوله:
تَكَفُّحَ السَّمائِم الأَوَاجِج
إِنما أَراد الأَوَاجَّ، فاضطر، ففك الإِدغام.
أَبو عمرو: أَجَّج إِذا حمل على العدوّ، وجَأَجَ إِذا وقف جُبْناً،
وأَجَّ الظَّليمُ يَئِجُّ ويَؤُجُّ أَجّاً وأَجِيجاً: سُمع حَفيفُه في
عَدْوِه؛ قال يصف ناقة:
فرَاحَتْ، وأَطْرافُ الصُّوَى مُحْزَئِلَّةٌ،
تَئِجُّ كما أَجَّ الظَّليم المُفَزَّعُ
وأَجَّ الرَّجُلُ يَئِجُّ أَجِيجاً: صَوَّتَ؛ حكاه أَبو زيد، وأَنشد
لجميل:
تَئِجُّ أَجِيجَ الرَّحْلِ، لمَّا تَحَسَّرَتْ
مَناكِبُها، وابْتُزَّ عنها شَليلُها
وأَجَّ يَؤُجُّ أَجّاً: أَسرع؛ قال:
سَدَا بيدَيه ثم أَجَّ بسيره،
كأَجِّ الظَّليم من قَنِيصٍ وكالِب
التهذيب: أَجَّ في سيره يَؤُجُّ أَجّاً إِذا أَسرع وهرول؛ وأَنشد:
يَؤُجُّ كما أَنَّ الظَّليمُ المُنَفَّرُ
قال ابن بري: صوابه تؤُج بالتاء، لأَنه يصف ناقته؛ ورواه ابن دريد:
الظليم المُفَزَّعُ. وفي حديث خيبر: فلما أَصبح دعا عليّاً، فأَعطاه الراية،
فخرج بها يَؤُجُّ حتى ركَزَها تَحْتَ الحِصْنِ. الأَجُّ: الإِسراعُ
والهَرْوَلةُ.
والأَجِيجُ والأُجاجُ والائْتِجاجُ: شدَّةُ الحرِّ؛ قال ذو الرمة:
بأَجَّةٍ نَشَّ عنها الماءُ والرُّطَبُ
والأَجَّةُ: شدة الحرِّ وَتَوَهُّجه، والجمع إِجاجٌ، مثل جَفْنَةٍ
وجِفَانٍ؛ وائْتَجَّ الحَرُّ ائْتِجاجاً؛ قال رؤبة:
وحَرَّقَ الحَرُّ أُجاجاً شاعلاَ
ويقال: جاءت أَجَّةُ الصيف. وماءٌ أُجاجٌ أَي ملح؛ وقيل: مرٌّ؛ وقيل:
شديد المرارة؛ وقيل: الأُجاجُ الشديد الحرارة، وكذلك الجمع. قال الله عز
وجل: وهذا مِلْحٌ أُجاجٌ؛ وهو الشديد الملوحة والمرارة، مثل ماء البحر. وقد
أَجَّ الماءُ يَؤُجُّ أُجوجاً. وفي حديث علي، رضي الله عنه: وعَذْبُها
أُجاجٌ؛ الأُجاج، بالضم: الماءُ الملح، الشديد الملوحة؛ ومنه حديث
الأَحنف: نزلنا سَبِخَةً نَشَّاشَةً، طَرَفٌ لها بالفلاة، وطَرَفٌ لها بالبحر
الأُجاج.
وأَجِيجُ الماءِ: صوتُ انصبابه.
ويأْجُوجُ ومأْجُوجُ: قبليتان من خلف الله، جاءَت القراءَة فيهما بهمز
وغير همز. قال: وجاءَ في الحديث: أَن الخلق عشرة أَجزاء: تسعة منها
يأْجوجُ ومأْجوجُ، وهما اسمان أَعجميان، واشتقاقُ مثلهما من كلام العرب يخرج من
أَجَّتِ النارُ، ومن الماء الأُجاج، وهو الشديد الملوحة، المُحْرِقُ من
ملوحته؛ قال: ويكون التقدير في يأْجُوجَ يَفْعول، وفي مأْجوج مفعول،
كأَنه من أَجِيج النار.؛ قال: ويجوز أَن يكون يأْجوج فاعولاً، وكذلك مأْجوج؛
قال: وهذا لو كان الاسمان عربيين، لكان هذا اشتقاقَهما، فأَمَّا
الأَعْجَمِيَّةُ فلا تُشْتَقُّ من العربية؛ ومن لم يهمز، وجعل الأَلفين زائدتين
يقول: ياجوج من يَجَجْتُ، وماجوج من مَجَجْتُ، وهما غير مصروفين؛ قال
رؤبة:لو أَنَّ يَاجُوجَ ومَاجوجَ معا،
وعَادَ عادٌ، واسْتَجاشُوا تُبَّعا
ويَأْجِجُ، بالكسر: موضع؛ حكاه السيرافي عن أَصحاب الحديث، وحكاه سيبويه
يَأْجَجُ، بالفتح، وهو القياس، وهو مذكور في موضعه.
@أذج: أَبو عمرو: أَذَجَ إِذا أَكثر من الشراب.
@أذربج: أَذْرَبِيجَانُ: موضع، أَعجمي معرَّب؛ قال الشماخ:
تَذَكَّرْتُها وَهْناً، وقد حالَ دُونها،
قُرَى أَذْرَبِيجانَ المَسَالِحُ والحالي
 

rahaal

تربوي
عضو ملتقى المعلمين
(* قوله «والحالي» كذا بالأَصل بالحاء المهملة وبعد اللام ياء تحتية
بوزن عالي، ومثله في مادة سلح؛ وذكر البيت هناك وفسر المسالح بالمواضع
المخوفة. وحذا حذوه شارح القاموس في الموضعين، لكن ذكر ياقوت في معجم البلدان
عند ذكر أَذربيجان هذا البيت وفيه: والجال، بالجيم بوزن المال بدل
الحالي، وقال عند ذكر الجال، باللام، موضع بأذربيجان.)
وجعله ابن جني مركباً، قال: هذا اسم فيه خمسة موانع من الصرف، وهي
التعريف والتأْنيث والعجمة والتركيب والأَلف والنون.
@أرج: الأَرَجُ: نَفْحَةُ الريحِ الطيبة. ابن سيده: الأَرِيجُ
والأَرِيجةُ: الريحُ الطيبة، وجمعها الأَرائِجُ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
كأَنَّ رِيحاً من خُزَامَى عالِجِ،
أَو رِيحَ مِسْكٍ طَيِّبِ الأَرائِجِ
وأَرِجَ الطِّيبُ، بالكسر، يَأْرَجُ أَرَجاً، فهو أَرِجٌ: فاحَ؛ قال
أَبو ذؤيب:
كَأَنَّ عليها بَالَةً لَطَمِيَّةً،
لها، من خِلالِ الدَّأْيَتَيْنِ، أَرِيجُ
وقال: أَرِجَ البيتُ يَأْرَجُ، فهو أَرِجٌ بريح طيبة. والأَرَجُ
والأَريجُ: تَوَهُّجُ ريح الطيب. والتَّأْريجُ: شِبْهُ التَّأْرِيشِ في الحرب؛
قال العجاج:
إِنَّا إِذا مُذْكي الحُرُوبِ أَرَّجَا
وأَرَّجْتُ بين القوم تأْرِيجاً إِذا أَغريت بينهم. وهَيَّجْتَ مثل
أَرَّشْتَ؛ قال أَبو سعيد: ومنه سمي المُؤَرِّجُ الذُّهْلِيُّ جَدُّ
المُؤَرِّج الراوية، وذلك أَنه أَرَّجَ الحرب بين بكر وتغلب. وفي الحديث: لمَّا
جاءَ نَعِيُّ عمر، رضي الله عنه، إِلى المدائن أَرِجَ النَّاسُ أَي
ضَجُّوا بالبكاء؛ قال: وهو من أَرِجَ الطيبُ إِذا فاح. وأَرَّجْتُ الحربَ إِذا
أَثَرْتَها. والأَرَجَانُ: الإِغْراءُ بَينَ الناس؛ وقد أَرَّجَ بينهم.
وأَرَّجَ بالسَّبُعِ كَهَرَّجَ: إِما أَن تكون لغة، وإِما أَن تكون بدلاً.
وأَرَجَ الحَقَّ بالباطل يَأْرِجُه أَرْجاً: خَلَطه. ورجل أَرَّاجٌ
ومِئْرَجٌ. وأَرَّجَ النارَ وأَرَّثَها: أَوْقَدَها، مشدد؛ عن ابن الأَعرابي.
والتَّأْرِيجُ والإِرَاجَةُ: شيءٌ من كُتُبِ أَصحاب الدواوين. التهذيب:
والأَوَارِجَةُ من كُتُب أَصحاب الدواوين في الخَرَاج ونحوه؛ ويقال: هذا
كتابُ التَّأْرِيج.
ورَوَّجْتُ الأَمرَ فَرَاجَ يَرُوجُ رَوْجاً إِذا أَرَّجْتَه.
وأَرَّجانُ: موضعٌ؛ حكاه الفارسي وأَنشد:
أَرادَ اللهُ أَن يُخْزِي بُجَيْراً،
فسَلَّطَني عليه بأَرَّجانِ
وقيل: هو بلد بفارس، وخففه بعض متأَخري الشعراء فأَقْدَم على ذلك
لعُجْمته.
والأَيارِجَةُ: دواء، وهو معرَّب.
@أزج: الأَزَجُ: بيْتٌ يُبْنى طُولاً، ويقال له بالفارسية أَوستان.
والتَّأْزِيجُ: الفِعْلُ، والجمع آزُجٌ وآزاجٌ؛ قال الأَعشى:
بناه سليمانُ بنُ داودَ حِقْبَةً،
له أَزَجٌ صَمٌّ، وطِيءٌ، مُوَثَّقُ
والأُزُوجُ: سُرْعَةُ الشّدِّ. وفرس أَزُوجٌ. وأَزَجَ في مشيته يَأْزِجُ
أُزُوجاً( قوله «وأزج يأزج» كذا بضبط الأصل من باب ضرب. وفي القاموس:
وأزجه تأزيجاً بناه وطوّله كنصر وفرح.): أَسرع؛ قال:
فَزَجَّ رَبْدَاءَ جَوَاداً تَأْزِجُ،
فَسَقَطَتْ، مِن خَلْفِهِنَّ، تَنْشِجُ
وأَزِجَ وأَزَجَ العُشْبُ: طالَ.
@اسبرج: في الحديث: مَن لَعِبَ بالإِسْبِرَنْجِ والنَّرْدِ فَقَد غَمَسَ
يَدَه في دم خنزير؛ قال ابن الأَثير في النهاية: هو اسم الفرس التي في
الشطرنج، واللغة فارسية معرّبة.
@أشج: الأُشَّجُ: دواء وهو أَكثر استعمالاً من الأُشَّقِ.
@أمج: الأَمَجُ: حَرٌّ وعَطَشٌ؛ يقال: صيف أَمَجٌ أَي شديد الحرِّ؛ وقيل:
الأَمَجُ شدَّة الحر والعطش والأَخذ بالنفس. الأَصمعي: الأَمَجُ
تَهَوُّجُ الحرِّ؛ وأَنشد للعجاج:
حَتى إِذا ما الصَّيْفُ كان أَمَجَا،
وفَرَغَا مِنْ رَعْيِ ما تَلَزَّجَا
وأَمِجَتِ الإِبلُ
(* قوله «وأَمجت الإبل» من باب فرح، وقوله: «وأمج
إِذا سار» بابه ضرب كما في القاموس.) تَأْمَجُ أَمَجاً إِذا اشتد بها حر أَو
عطش. أَبو عمرو: وأَمَجَ إِذا سار سيراً شديداً، بالتخفيف. وأَمَجُ:
موضعٌ. وفي حديث ابن عباس: حتى إِذا كان بالكَديدِ ماءٌ بين عُسْفانَ
وأَمَج. أَمَج، بفتحتين وجيم: موضع بين مكة والمدينة؛ وأَنشد أَبو العباس
المبرد:
حُمَيْدُ الذي أَمَجٌ دارُه،
أَخو الخَمْر، ذو الشَّيْبَةِ الأَصْلَعُ
@أنبج: في الحديث: ايتوني بأَنْبِجانِيَّة أَبي جَهْم؛ قال ابن الأَثير:
قيل هي منسوبة إِلى مَنْبِجَ، المدينة المعروفة؛ وقيل: إِنها منسوبة إِلى
موضع اسمه أَنْبِجانُ، وهو أَشبه، لأَنَّ الأَول فيه تعسف، قال: والهمزة
فيها زائدة، وسيأْتي ذكر ذلك مستوفىً في ترجمة نبج، إِن شاء الله تعالى.
@أحح: أَحّ: حكاية تنحنح أَو توجع. وأَحَّ الرجلُ: رَدَّدَ التَّنَحْنُحَ
في حلقه، وقيل: كأَنه تَوَجُّعٌ مع تَنَحْنُح.
والأُحاحُ، بالضم: العَطَشُ. والأُحاحُ: اشتداد الحرّ، وقيل: اشتداد
الحزن أَو العَطش. وسمعت له أُحاحاً وأَحِيحاً إِذا سمعته يتوجع من غيظ أَو
حزن؛ قال:
يَطْوي الحَيازِيمَ على أُحاحِ
والأُحَّة: كالأُحاحِ. والأُحاحُ والأَحِيحُ والأَحِيحَةُ: الغيظ
والضِّغْنُ وحرارة الغم؛ وأَنشد:
طَعْناً شَفَى سَرائر الأُحاحِ
الفراء: في صدره أُحاحٌ وأَحِيحَةٌ من الضِّغْن، وكذلك من الغيظ والحقد،
وبه سمي أُحَيْحَةُ بن الجُلاحِ، وهو اسم رجل من الأَوْسِ، مصغَّر.
وأَحَّ الرجلُ يَؤُحُّ أَحّاً: سَعَلَ؛ قال رؤْبة بن العجاج يصف رجلاً
بخيلاً إِذا سئل تنحنح وسَعَلَ:
يَكادُ من تَنَحْنُحٍ وأَحِّ،
يَحْكي سُعالَ النَّزِقِ الأَبَحِّ
وأَحَّ القومُ يَئِحُّونَ أَحّاً إِذا سمعت لهم حفيفاً عند مشيهم، وهذا
شاذٌّ.
@أزح: أَزَحَ يأْزِحُ أُزُوحاً وتَأَزَّحَ: تَباطَأَ وتَخَلَّف
وتَقَبَّضَ ودنا بعضه من بعض؛ وأَنشد الأَزهري:
جَرَى ابنُ لَيْلى جَرْيَةَ السَّبُوحِ،
جِرْيَةَ لا كابٍ ولا أَزُوحِ
ويروى: أَنُوحِ. ورجل أَزُوحٌ: مُتَقَبِّضٌ داخل بعضه في بعض.
والأَزُوحُ من الرجال: الذي يستأْخر عن المكارم، والأَنُوحُ مثله؛ قال
الشاعر:أَزُوحٌ أَنُوحٌ لا يَهَشُّ إِلى النَّدَى،
قَرى ما قَرى للضّرْسِ بين اللَّهازِم
الجوهري: الأَزُوحُ المتخلف. التهذيب: الأَزُوحُ الثقيل الذي يَزْحَرُ
عند الحمْل، وقال شمر: الأَزوحُ كالمُتَقاعِس عن الأَمر؛ قال الكميت:
ولم أَكُ عند مَحْمِلها أَزُوحاً،
كما يَتقاعَسُ الفَرَسُ الحَزَوَّرْ
يصف حِمالَةً احتملها. الأَصمعي: أَزَحَ الإِنسانُ وغيره يَأْزِحُ
أُزُوحاً وأَرَزَ يَأْرِزُ أُرُوزاً إِذا تقبَّض ودنا بعضه من بعض، وأَزَحَتْ
قَدَمُه إِذا زلَّت، وكذلك أَزَحَتْ نعلُه؛ قال الطِّرِمَّاح يصف ثوراً
وحشيّاً:
تَزِلُّ عن الأَرضِ أَزْلامُه،
كما زَلَّتِ القَدَمُ الآزِحَه
@أشح: التهذيب: أَبو عدنان: أَشِحَ الرجلُ يَأْشَحُ، وهو رجل أَشْحانُ
أَي غضبان؛ قال الأَزهري: هذا حرف غريب وأَظن قولَ الطِّرِمَّاح منه:
على تُشْحَةٍ من ذائدٍ غيرِ واهِنِ
أَراد على أُشْحةٍ، فقلبت الهمزة تاء، كما قيل: تُراث ووراث، وتُكْلان
وأُكْلان؛ وأَصله أُراث أَي على غَضَبٍ، من أَشِحَ يَأْشَحُ.
@أفح: أَفِيحٌ، موضع
(* قوله «أَفيح موضع» ضبطه المجد بوزن أمير وزبير.)
قريب من بلاد مَذْحِجٍ؛ قال تميم بن مُقْبِل:
وقد جَعَلْنَ أَفِيحاً عن شَمائِلها،
بانتْ مَناكِبُه عنها، ولم تَبِنِ
@أكح: الأَوْكَحُ: التراب، على فَوْعَلٍ، عند كراع، وقياس قول سيبويه أَن
يكون أَفْعَل.
@أمح: الأَزهري: قال في النوادر: أَمَحَ الجُرْحُ يأْمِحُ أَمَحاناً
ونَبَذَ وأَزَّ وذَرِبَ ونَتَعَ ونَبَغَ إِذا ضَرَب بوجع.
@أنح: أَنَحَ يَأْنِحُ أَنْحاً وأَنِيحاً وأُنُوحاً: وهومثل الزَّفِيرِ
يكون من الغم والغضب والبِطْنَةِ والغَيْرَةِ، وهو أَنُوح؛ قال أَبو
ذؤيب:سَقَيْتُ به دارَها إِذْ نَأَتْ،
وصَدَّقَتِ الخالَ فينَا الأَنُوحا
الخال: المتكبِّر. وفرس أَنُوحٌ إِذا جَرَى فَزَفَر؛ قال العجاج:
جِرْيَةَ لا كابٍ ولا أَنُوحِ
والأُنُوحُ: مثل النَّحِيطِ، قال الأَصمعي: هو صوت مع تَنَحْنُح. ورجل
أَنُوحٌ: كثير التنحنح. وأَنَحَ يَأْنِحُ أَنْحاً وأَنِيحاً وأُنوحاً إِذا
تأَذَّى وزَحَر مِن ثقلٍ يجده مِن مرض أَو بُهْرٍ، كأَنه يتنحنح ولا
يبين، فهو آنِحٌ. وقوم أُنَّحٌ مثل راكع ورُكَّع؛ قال أَبو حَيَّة
النميري:تَلاقَيْتُهُمْ يَوْماً على قَطَرِيَّةٍ،
وللبُزْلِ، مما في الخُدورِ، أَنِيحُ
يعني من ثقل أَردافهن. والقَطَرِيَّة: يريد بها إِبلاً منسوبة إِلى
قَطَرٍ، موضع بعمان؛ وقال آخر:
يَمْشِي قليلاً خَلْفَها ويَأْنِحُ
ومن ذلك قول قَطَرِيِّ بن الفُجاءَة قال يصف نسوة: ثقال الأَرداف قد
أَثقلت البُزْلَ فلها أَنِيحٌ في سيرها؛ وقبله:
ونِسْوَةِ شَحْشاحٍ غَيُورٍ نَهَبْنَه،
على حَذَرٍ يَلْهُونَ، وهو مُشِيحُ
والشَّحْشاحُ والشَّحْشَحُ: الغَيُور. والمُشِيحُ: الجادُّ في أَمره،
والحَذِرُ أَيضاً. وفي حديث عمر: أَنه رأَى رجلاً يَأْنِحُ ببطنه أَي
يُقِلُّه مُثْقَلاً به من الأُنُوحِ، وهو صوت يسمع من الجوف معه نَفَسٌ
وبُهْرٌ ونَهِيجٌ، يَعْتَري السمينَ من الرجال.
والآنِحُ، على مثال فاعِلٍ، والأَنُوحُ والأَنَّاحُ، هذه الأَخيرة عن
اللحياني: الذي إِذا سُئل تنحنح بُخلاً، والفعل كالفعل، والمصدر كالمصدر،
والهاء في كل ذلك لغة أَو بدل، وكذلك الأُنَّحُ، بالتشديد؛ قال رؤبة:
كَزُّ المُحَيَّا أُنَّحٌ إِرْزَبُّ
وقال آخر:
أَراكَ قَصِيراً ثائِرَ الشَّعْرِ أُنَّحاً،
بعيداً عن الخيراتِ والخُلُقِ الجَزْلِ
التهذيب في ترجمة أَزح: الأَزُوحُ من الرجال الذي يستأْخر عن المكارم،
والأَنُوحُ مثله؛ وأَنشد:
أَزُوحٌ أَنُوحٌ لا يَهَشُّ إِلى النَّدَى،
قَرى ما قَرى للضّرْسِ بين اللَّهازِمِ
@أيح: أَيْحَى: كلمة
(* قوله «أُيحى كلمة إلخ» بفتح الهمزة وكسرها مع فتح
الحاء فيهما. وآح، بكسر الحاء غير منوّن: حكاية صوت الساعل. ويقال لمن
يكره الشيء: آح بكسر الحاء وفتحها بلا تنوين فيهما كما في القاموس.) تقال
للرامي إِذا أَصاب، فإِذا أَخطأَ قيل: بَرْحَى. الأَزهري في آخر حرف
الحاء في اللفيف: أَبو عمرو: يقال لبياض البيضة التي تؤْكل: الآحُ، ولصفرتها:
الماحُ، والله أَعلم.
@أبخ: أَبَّخَه: لامه وعَذلَه، لغة في وَبَّخَه؛ قال ابن سيده: حكاها ابن
الأعرابي وأُرى همزته إِنما هي بدل من واو وبخه، على أَن بدل الهمزة من
الواو المفتوحة قليل كَوَناة وأَناة، ووَحَدٍ وأَحَدٍ.
@أخخ: أَخُّ: كلمةُ توجع وتأَوُّه من غيظ أَو حزن؛ قال ابن دريد:
وأَحسبها مُحْدَثةً.
ويقال للبعير: إِخْ، إذا زُجر ليَبْرُكَ ولا فعل له.
ولا يقال: أَخَخْتُ الجملَ ولكن أَنَخْته.
والأَخُّ: القَذَر؛ قال:
وانْثَنَتِ الرجلُ فصارت فَخَّا،
وصار وَصْلُ الغانياتِ أخَّا
أي قَذَراً. وأَنشده أبو الهيثم: إِخَّا، بالكسر، وهو الزجر.
والأَخِيخةُ: دقيق يصب عليه ماء فيُبْرَقُ بزيت أَو سمن فيُشْرَبُ ولا
يكون إِلا رقيقاً؛ قال:
تَصْفِرُ في أَعْظُمِه المَخِيخَه،
تَجَشُّؤَ الشَّيْخِ على الأَخِيخَه
شبَّه صوت مصه العظامَ التي فيها المخ بجُشاءِ الشيخ لأَنه مسترخي الحنك
واللَّهَواتِ، فليس لجُشائِه صوت؛ قال أَبو منصور: هذا الذي قيل في
الأَخيخة صحيح، سميت أَخيخة لحكاية صوت المُتَجَشِّئِ إذا تَجَشَّأَها
لرقتها.
والأَخُّ والأَخَّةُ: لغة في الأَخِ والأُخْتِ، حكاه ابن الكلبي؛ قال
ابن دُرَيْدٍ: ولا أَدري ما صحة ذلك.
@أرخ: التَّأْريخُ: تعريف الوقت، والتَّوْريخُ مثله.
أَرَّخَ الكتابَ ليوم كذا: وَقَّته والواو فيه لغة، وزعم يعقوب أَن
الواو بدل من الهمزة، وقيل: إِن التأْريخ الذي يُؤَرِّخُه الناس ليس بعربي
محض، وإِن المسلمين أَخذوه عن أَهل الكتاب، وتأْريخ المسلمين أَُرِّخَ من
زمن هجرة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ كُتِبَ في خلافة عمر، رضي
الله عنه، فصار تاريخاً إلى اليوم.
ابن بُزُرْج: آرَخْتُ الكتابَ فهو مُؤَارخ وفَعَلْتُ منه أَرَخْتُ
أَرْخاً وأَنا آرِخٌ.
الليث: والأَرْخُ والإِرْخُ والأُرْخِيُّ البقر، وخص بعضهم به الفَتِيّ
منها، والجمع آراخٌ وإِراخ، والأُنثى أَرْخَة وإِرْخَة، والجمع إِراخٌ لا
غير. والأَرْخُ: الأُنثى من البقر البِكْرُ التي لم يَنْزُ عليها
الثيران؛ قال ابن مقبل:
أَو نعجة من إِراخ الرملِ أَخْذَلها،
عن إِلْفِها، واضِحُ الخَدَّينِ مَكْحولُ
قال ابن بري: هذا البيت يقوي قول من يقول إِن الأَرخ الفتية، بكراً كانت
أَو غير بكر، أَلا تراه قد جعل لها ولداً بقوله واضح الخَدّين مكحول؟
والعرب تُشَبّه النساءَ الخَفِرات في مشيهن بالإِراخ؛ كما قال الشاعر:
يَمْشِينَ هَوْناً مِشْيَةَ الإِراخِ
والأُرْخِيَّةُ: ولد الثَّيْتَل. قال أَبو حنيفة: الأَرْخُ والإِرْخُ
الفتية من بقر الوحش، فأَلقى الهاءَ من الأَرْخَة والإِرْخَةُ وأَثبته في
الفتيَّة، وخص بالأَرْخ الوَحْشَ كما ترى، وقد ذكر أَنه الأَزْخُ بالزاي.
وقال ابن السكيت: الأَرْخُ بقر الوحش فجعله جنساً فيكون الواحد على هذا
القول أَرْخَة، مثل بَطٍّ وبَطَّةٍ، وتكون الأَرْخَة تقع على الذكر
والأُنثى. يقال: أَرْخَة ذكر وأَرْخَة أُنثى، كما يقال بَطَّةٌ ذكر وبَطَّة
أَنثى، وكذلك ما كان من هذا النوع جنساً وفي واحده تاء التأْنيث نحو حمام
وحمامة، تقول: حمامة ذكر وحمامة أُنثى؛ قال ابن بري: وهذا ظاهر كلام
الجوهري لأَنه جعل الإِراخ بقر الوحش، ولم يجعلها إِناث البقر، فيكون الواحد
أَرْخة، وتكون منطلقة على المذكر والمؤَنث. الصَّيْداويّ: الإِرْخُ ولد
البقرة الوحشية إِذا كان أُنثى. مصعب بن عبدالله الزُّبَيْريّ: الأَرخ ولد
البقرة الصغير؛ وأَنشد الباهليّ لرجل مَدَنيّ كان بالبصرة:
ليتَ لي في الخَميسِ خَمْسين عَيْناً،
كلُّها حَوْلَ مسجدِ الأَشْياخِ
(* قوله «عيناً» كذا بالأصل والذي في شرح القاموس عاماً).
مسجدٍ، لا تزال تَهْوي إِليه
أُمُّ أَرْخٍ، قِناعُها مُتَراخِي
وقيل: إِن التأْريخ مأْخوذ منه كأَنه شيء حَدَث كما يَحْدُثُ الولد؛
وقيل: التاريخ مأْخوذ منه لأَنه حديث. الأَزهري: أَنشد محمد بن سَلام
لأُمَيَّة بن أَبي الصَّلْت:
وما يَبْقى على الحِدْثانِ غُفْرٌ
بشاهقةٍ، لهُ أُمٌّ رَؤومُ
تَبِيتُ الليلَ حانِيةً عليه،
كما يَخْرَمِّسُ الأَرْخُ الأَطُومُ
قال: الغُفْرُ ولد الوَعِلِ، والأَرْخُ: ولد البقرة. ويَخْرَمِّسُ أَي
يَسْكُتُ. والأَطُومُ: الضَّمَّامُ بين شفتيه. ابن الأَعرابي: من أَسماءِ
البقرة اليَفَنَة والأَرخ، بفتح الهمزة، والطَّغْيا واللِّفْتُ. قال أَبو
منصور؛ الصحيح الأَرْخ، بفتح الأَلف، والذي حكاه الصيداوي فيه نظر،
والذي قاله الليث إِنه يقال له الأُرْخيّ لا أَعرفه.
وقالوا من الأَرْخِ ولدِ البقرة: أَرَخْتُ أَرْخاً. وأَرَخَ إِلى مكانه
يأْرَخُ (قوله «وأَرخ الى مكانه يأرخ» كذا بضبط الأصل من باب منع ومقتضى
اطلاق القاموس أنه من باب كتب). أُرُوخاً: حَنَّ إِليه؛ وقد قيل: إِن
الأَرْخَ من البقر مشتق من ذلك لحنينه إِلى مكانه ومأْواه.
@أزخ: الأَزْخ: الفَتِيُّ من بقر الوحش كالأَرْخ، رواهما جميعاً أَبو
حنيفة، وأَما غيره من أَهل اللغة فإِنما روايته الأَرْخُ بالراءِ، والله
أَعلم.
@أضخ: أُضاخُ، بالضم: جبل يذكر ويؤَنث، وقيل: هو موضع بالبادية يصرف ولا
يصرف؛ قال امرو القيس يصف سحاباً:
فلما أَن دَنا لِقَفا أُضاخٍ،
وَهَتْ أَعْجازُ رَيِّقه فحارا
وكذلك أُضايخ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
صَوادِراً عن شُوكَ أَو أُضايخا
@أفخ: اليأْفوخ: حيث التقى عظم مقدَّم الرأْس وعظم مؤخره، وهو الموضع
الذي يتحرك من رأْس الطفل؛ وقيل: هو حيث يكون لَيِّناً من الصبي، قبل أَن
يتلاقى العظمان السَّمَّاعةُ والرَّمَّاعةُ والنَّمَغَةَ؛ وقيل: هو ما بين
الهامة والجبهة. قال الليث: من همز اليأْفُوخ فهو على تقدير يَفْعُول.
ورجل مأْفوخ إذا شُجَّ في يأْفوخه، ومن لم يهمز فهو على تقدير فاعُول من
اليَفْخ، والهمز أَصوب وأَحسن، وجمع اليأْفوخ يآفِيخُ. وفي حديث العقيقة:
ويوضع على يافوخ الصبي؛ هو الموضع الذي يتحرك من رأْس الطفل، ويجمع على
يآفيخ، والياء زائدة. وفي حديث عليّ، رضي الله عنه: وأَنتم لَهامِيمُ العرب
ويآفيخُ الشرف؛ استعار للشرف رؤُوساً وجعلهم وسطها وأَعلاها.
وأَفَخَه يأْفِخُه
(* قوله «وأفخه يأفخه» كذا بضبط الأصل من باب ضرب
ومقتضى اطلاق القاموس انه من باب كتب) أَفْخاً: ضرب يأْفوخه. أَبو عبيد:
أَفَخْتُه وأَذَنْتُه أَصبت يأْفُوخَه وأُذنه. ويأْفوخ الليل: معظمه.
@ألخ: ائْتَلَخَ عليهم أَمرُهم ائْتِلاخاً: اختلط. ويقال: وقعوا في
ائْتِلاخ أَي في اختلاط. الليث: ائْتَلَخَ العُشْبُ يأْتَلِخُ، وائْتِلاخُه:
عِظمُه وطوله والتفافه.
وأَرض مؤْتَلِخة: مُعْشِبة، ويقال: أَرض مُؤْتَلِخة ومُلْتَخَّة
ومُعْتَلِجة وهادِرَةٌ.
ويقال: ائْتَلَخَ ما في البطن إِذا تحرّك وسمعت له قَراقِر.
@أبد: الأَبَدُ: الدهر، والجمع آباد وأُبود؛ وفي حديث الحج قال سراقة بن
مالك: أَرأَيت مُتْعَتَنا هذه أَلِعامنا أَم للأَبد؟ فقال: بل هي للأَبد؛
وفي رواية: أَلعامنا هذا أَم لأَبَدٍ؟ فقال: بل لأَبَدِ أَبَدٍ؛ وفي
أُخرى: بل لأَبَدِ الأَبَد أَي هي لآخر الدهر. وأَبَدٌ أَبيد: كقولهم دهر
دَهير. ولا أَفعل ذلك أَبد الأَبيد وأَبَد الآباد وأَبَدَ الدَّهر وأَبيد
وأَبعدَ الأَبَدِيَّة؛ وأَبدَ الأَبَدين ليس على النسب لأَنه لو كان كذلك
لكانوا خلقاء أَن يقولوا الأَبديّينِ؛ قال ابن سيده: ولم نسمعه؛ قال:
وعندي أَنه جمع الأَبد بالواو والنون، على التشنيع والتعظيم كما قالوا
أَرضون، وقولهم لا أَفعله أَبدَ الآبدين كما تقول دهرَ الداهرين وعَوضَ
العائضين، وقالوا في المثل: طال الأَبعدُ على لُبَد؛ يضرب ذلك لكل ما قدُمَ.
والأَبَدُ: الدائم والتأْييد: التخليد.
وأَبَدَ بالمكان يأْبِد، بالكسر، أُبوداً: أَقام به ولم يَبْرَحْه.
وأَبَدْتُ به آبُدُ أُبوداً؛ كذلك. وأَبَدَت البهيمةُ تأْبُد وتأْبِدُ أَي
توحشت. وأَبَدَت الوحش تأْبُد وأْبِدُ أُبوداً وتأْبَّدت تأَبُّداً: توحشت.
والتأَبُّد: التوحش. وأَبِدَ الرجلُ، بالكسر: توحش، فهو أَبِدٌ؛ قال
أَبو ذؤَيب:
فافْتَنَّ، بعدَ تَمامِ الظِّمّءِ، ناجيةً،
مثل الهراوة ثِنْياً، بَكْرُها أَبِدُ
أَي ولدها الأَوّل قد توحش معها.
والأَوايد والأُبَّدُ: الوحش، الذكَر آبد والأُنثى آبدة، وقيل: سميت
بذلك لبقائها على الأَبد؛ قال الأَصمعي: لم يمت وَحْشيّ حتف أَنفه قط إِنما
موته عن آفة وكذلك الحية فيما زعموا؛ وقال عديّ بن زيد:
وذي تَناويرَ مَمْعُونٍ، له صَبَحٌ،
يغذُو أَوابد قد أَفْلَيْنَ أَمْهارا
يعني بالأَمهار جحاشها. وأَفلين: صرن إِلى أَن كبر أَولادهن واستغنت عن
الأُمهات. والأُبود: كالأَوابد؛ قال ساعدة بن جؤَية:
أَرى الدهر لا يَبقْى، على حَدَثانه،
أُبودٌ بأَطراف المثاعِدِ جَلْعَدِ
قال رافع بن خديج: أَصبنا نهب إِبل فندّ منها بعير فرماه رجل بسهم
فحبسه، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إِن لهذه الإِبل أَوابد كأَوابدِ
الوحش، فإِذا غلبكم منها شيءٌ فافعلوا به هكذا؛ الأَوابد جمع آبدة؛ وهي
التي قد توحشت ونفرَت من الإِنس؛ ومنه قيل الدار إِذا خلا منها أَهلها
وخلفتهم الوحش بها؛ قد تأَبدت؛ قال لبيد:
بِمِنىَ، تَأَبَّد غَوْلُها فرجامُها
وتأَبد المنزل أَي أَقفر وأَلفته الوحوش. وفي حديث أُم زرع: فأَراح عليّ
من كل سائمةٍ زَوْجَيْن، ومن كل آبِدَةٍ اثنتين؛ تريد أَنواعاً من ضروب
الوحوش؛ ومنه قولهم: جاءَ بآبدة أَي بأَمر عظيم يُنْفَرُ منه ويُستوحش.
وتأَبَّدت الدار: خلت من أَهلها وصار فيها الوحش ترعاه. وأَتان أَبَدٌ:
وحشية. والآبدة: الداهية تبقى على الأَبد. والآبدة: الكلمة أَو الفعلة
الغريبة. وجاءَ فلان بابدة أَي بداهية يبقى ذكرها على الأَبد. ويقال للشوارد
 

rahaal

تربوي
عضو ملتقى المعلمين
من القوافي أَوابد؛ قال الفرزدق:
لَنْ تُدْرِكوا كَرَمي بِلُؤْمِ أَبيكُمُ،
وأوابِدِي بتَنَحُّل الأشعارِ
ويقال للكلمة الوحشية: آبدة، وجمعها الأَوابد. ويقال للطير المقيمة
بأَرضٍ شتاءَها وصيفها: أَوابد من أَبَدَ بالمكان يأْبِدُ فهو آبد، فإِذا
كانت تقطع في أَوقاتها فهي قواطع، والأَوابد ضد القواطع من الطير. وأَتان
أَبِد: في كل عام تلد. قال: وليس في كلام العرب فَعِلٌ إِلا أَبِدٌ وأَبِلٌ
وبلِحٌ ونَكِحٌ وخَطِبٌ إِلا أَن يتكلف فيبني على هذه الأَحرف ما لم
يسمع عن العرب؛ ابن شميل: الأَبِدُ الأَتان تَلد كل عام؛ قال أَبو منصور:
أَبَلٌ وأَبِد مسموعان، وأَما نَكِحٌ وخَطِبٌ فما سمعتهما ولا حفظتهما عن
ثقة ولكن يقال بِكْحٌ وخِطْبٌ. وقال أَبو مالك: ناقة أَبِدَةٌ إِذا كانت
ولوداً، قيَّد جميع ذلك بفتح الهمزة؛ قال الأَزهري: وأَحسبهما لغتين أَبِد
وإِبِدٌ. الجوهري: الإِبِد على وزن الإِبل الولود من أَمة أَو أَتان؛
وقولهم:
لن يُقْلِعَ الجَدُّ النَّكِدْ،
إِلا بَجَدِّ ذي الإِبِدْ،
في كلِّ ما عامٍ تَلِدْ
والإِبِد ههنا: الأَمة لأَن كونها ولوداً حرمان وليس بحدّ أَي لا تزداد
إِلا شرّاً. والإِبِدُ: الجوارح من المال، وهي الأَمة والفرس الأُنثى
والأَتان يُنْتَجن في كل عام. وقالوا: لن يبلغ الجدّ النكِد، إِلا الإِبِد،
في كل عام تلد؛ يقول: لن يصل إِليه فيذهب بنكده إِلا المال الذي يكون منه
المال.
ويقال: وقف فلان أَرضه مؤَبَّداً إِذا جعلها حبيساً لا تُباع ولا تورث.
وقال عبيد بن عمير: الدنيا أَمَدٌ والآخرة أَبَدٌ. وأَبِدَ عليه أَبَداً:
غضب كَعَبدِ وأَمِدَ ووبِدَ وومِدَ عَبَداً وأَمَداً ووبَدَاً وومَداً.
وأَبيدَةُ: موضع؛ قال:
فما أَبِيدَةُ من أَرض فأَسْكُنَها،
وإِن تَجاوَرَ فيها الماءُ والشجر
ومأْبِد: موضع؛ قال ابن سيده: وعندي أَنه مابِد على فاعل، وستذكره في
مبد. والأُبَيْدُ: نبات مثل زرع الشعير سواء وله سنبلة كسنبلة الدُّخْنة
فيها حب صغير أصغر من الخردل وهي مسمنة للمال جداً.
@أجد: الإِجادُ والأُجادُ: طاق قصير. وبناءٌ مُؤَجَّد: مقوًّى وثيق محكم،
وقد أَجَّدَه وأَجَدَهُ.
وناقة مُؤجَدَة: موُثقة الخلق، وأُجُدٌ: مُتصلة الفَقار تراها كأَنها
عظم واحد. وناقة أُجُد أَي قوية موثقة الخلق. والأُجُدُ: اشتقاقه من
الإِجاد، والإِجاد كالطاق القصير؛ يقال: عَقْدٌ مؤجد وناقة مؤجدة القَوى، وناقة
أُجُدٌ وهي التي فقار ظَهرها متصل؛ وآجدها الله فهي مُؤجدة القَرى أَي
موثقة الظهر. وفي حديث خالد بن سنان: وجدت أُجُداً تحثها؛ الأُجُدُ، بضم
الهمزة والجيم: الناقة القوية الموثقة الخلق، ولا يقال للجمل أُجُدٌ؛
ويقال: الحمد لله الذي آجدني بعد ضعف أَي قوّاني.
وإِجدْ، بالكسر: من زجر الخيل.
@أحد: في أَسماءِ الله تعالى: الأَحد وهو الفرد الذي لم يزل وحده ولم يكن
معه آخر، وهو اسم بني لنفي ما يذكر معه من العدد، تقول: ما جاءَني أَحد،
والهمزة بدل من الواو وأَصله وَحَدٌ لأَنه من الوَحْدة. والأَحَد: بمعنى
الواحد وهو أَوَّل العدد، تقول أَحد واثنان وأَحد عشر وإِحدى عشرة.
وأَما قوله تعالى: قل هو الله أَحد؛ فهو بدل من الله لأَن النكرة قد تبدل من
المعرفة كما قال الله تعالى: لنسفعنْ بالناصية ناصية؛ قال الكسائي: إِذا
أَدخلت في العدد الأَلف واللام فادخلهما في العدد كله، فتقول: ما فعلت
الأَحَدَ عَشَرَ الأَلف الدرهم. والبصريون يدخلونهما في أَوّله فيقولون: ما
فعلت الأَحد عشر أَلف درهم. لا أَحد في الدار ولا تقول فيها أَحد.
وقولهم ما في الدار أَحد فهو اسم لمن يصلح أَن يخاطب يستوي فيه الواحد والجمع
والمؤَنث والمذكر. وقال الله تعالى: لستن كأَحد من النساءِ؛ وقال: فما
منكم من أَحد عنه حاجزين. وجاؤُوا أُحادَ أُحادَ غير مصروفين لأَنهما
معدولان في اللفظ والمعنى جميعاً. وحكي عن بعض الأَعراب: معي عشرة فأَحِّدْهن
أَي صيرهن أَحد عشر. وفي الحديث: أَنه قال لرجل أَشار بسبابتيه في
التشهد: أَحِّدْ أَحِّدْ. وفي حديث سعد في الدعاء: أَنه قال لسعد وهو يشير في
دعائه باصبعين: أَحِّدْ أَحِّدْ أَي أَشر بإِصبع واحدة لأَن الذي تدعو
إِليه واحد وهو الله تعالى. والأَحَدُ من الأَيام، معروف، تقول مضى الأَحد
بما فيه؛ فيفرد ويذكر؛ عن اللحياني، والجمع آحاد وأُحْدانٌ.
واستأْحد الرجل: انفرد. وما استاحد بهذا الأَمر: لم يشعر به، يمانية.
وأُحُد: جبل بالمدينة.
وإِحْدى الإِحَدِ: الأَمر المنكر الكبير؛ قال:
بعكاظٍ فعلوا إِحدى الإِحَدْ
وفي حديث ابن عباس: وسئل عن رجل تتابع عليه رمضانان فقال: إِحدى من سبع؛
يعني اشْتدّ الأَمر فيه ويريد به إِحدى سني يوسف النبي، على نبينا محمد
وعليه الصلاة والسلام، المجدبة فشبه حاله بها في الشدة أَو من الليالي
السبع التي أَرسل الله تعالى العذاب فيها على عاد.
@أخد: قال الأَزهري: روى الليث في هذا الباب أَخذ وقال المُسْتأْ خِد
المُسْتكين؛ قال: ومريض مُسْتأخِد أَي مستكِين لمرضه؛ قال أَبو منصور: هذا
حرف مُصَحَّف والصواب المُستأْخِذُ، بالذال، وهو الذي يسيل الدَّم من
أَنفه، ويقال للذي بعينه رمد: مستأْخِذ أَيضاً. والمُستأْخِذُ: المُطاطئ
رأْسه من الوجع، قال: هذا كله بالذال و موضعها باب الخاء والذال.
@أدد: الإِدُّ والإِدَّةُ: العَجبُ والأَمر الفظيع العظيم والداهية،
وكذلك الآدّ مثل الفاعل، وجمعُ الإِدَّة إِدَدٌ؛ وأَمر إِدٌّ وصف به؛ هذه عن
اللحياني. وفي التزيل العزيز: لقد جئتم شيئاً إِدّاً؛ قراءة القراء
إِدّاً، بكَسر الأَلف، إِلا ما روي عن أَبي عمر وأَنه قرأَ: أَدّاً. قال: ومن
العرب من يقول لَقد جئت بشيء آدّ مثل مادّ، قال: وهو في الوجوه كلها بشيء
عظيم؛ وأَنشد ابن دريد:
يا أُمّنا ركبتُ أَمراً إِدّا،
رأَيتُ مشبوحَ الذِّراع نَهْدا،
فنِلتُ منه رَشْفَاً وبَرْدا
والإِدّ: الداهية تئدّ وتؤدّ أَدّاً. قال ابن سيده: وأَرى اللحياني حكى
تأَدُّ، فإِما أَن يكون بني ماضيه على فعل، وإِما أَن يكون من باب أَبى
يأْبى.
وأَدّه الأَمر يؤُدّه ويئدّه إِذا دهاه. الليث: يقال أَدّت فلاناً داهية
تؤده أَدّاً، بالفتح؛ قال رؤبة:
والإِدَدَ الإِدادَ والعَضائِلا
والإِدّ، بكسر الهمزة: الشدَّة. وفي حديث عليّ، رضى الله تعالى عنه،
قال: رأَيت النبي، صلى الله عليه وسلم، في المنام فقلت: ما لقيت بعدك من
الإِدَدِ والأَوَدِ؛ الإِدد، بكسر الهمزة: الدواهي العظام، واحدتها إِدّة،
بالكسر والتشديد، والأَوَدُ: العوج. والأَدُّ: الغلبةُ والقوّةُ؛ قال:
نَضَوْنَ عنّي شدّةً وأَدّا،
من بعدِ ما كنتُ صُمُلاًّ نَهْدا
وأَدّت الناقة: والإِبل تؤدّ أَدّاً: رجَّعت الحنين في أَجوافها. وأَدُّ
الناقة: حنينها ومدّها لصوتها؛ عن كراع. وأَدّ البعيرُ يؤدّ أَدّاً:
هَدَرَ. وأَدّ الشيءَ والحبل يؤدّه أَدّاً: مدّه. وأَدّ في الأَرض يؤدّ
أَدّاً: ذهب. وأَدَدُ الطريق: دَررُه. والأَدُّ: صوتَ الوطء؛ قال
الشاعر:يَتْبَعُ أَرضاً جِنُّها يُهوّلُ،
أَدٌّ وسَجْعٌ ونَهِيمٌ هَتْمَلُ
والأَديد: الجبلة. وشديدٌ أَديدٌ: إِتباع له.
وأُدُد وأُدَد: أَبو عدنان وهو أُدّ بن طابخة
(* قوله «وهو أدّ بن طابخة
إلى قوله بمنزلة عمر» كذا في نسخة المؤلف وعبارة القاموس وشرحه وأدد
كعمر مصروفا وأدد، بضمتين، لغة فيه عن سيبويه أبو قبيلة من حمير وهو أدد، بن
زيد بن كلان بن سبأ بن حمير وأدّ، بالضم، ابن طابخة بن الياس بن مضر أبو
قبيلة أخرى.) بن الياس ابن مضر؛ قال الشاعر:
أُدُّ بن طابِخةٍ أَبونا، فانسبُوا
يومَ الفَخارِ أَباً كأُدٍّ، تُنْفَروا
قال ابن دريد: أَحسب أَنّ الهمزة في أُدّ واو لأَنه من الودّ أَي الحب،
فأُبدلت الواو همزة، كما قالوا اقتت وأَرخ الكتاب. وأُدَد: أَبو قبيلة من
اليمن وهو أُدَدُ بن زيد بن كهلان بن سبأ بن حمير؛ والعرب تقول أُدَداً،
جعلوه بمنزلة ثُقَب ولم يجعلوه بمنزلة عمر؛ الأَزهري: وكان لقريش صنم
يدعونه وُدّاً ومنهم من يهمز فيقول أُد .
@أزد: الأَزْدُ: لغة في الأَسْد تجمع قبائل وعمائر كثيرة في اليمن.
وأَزْدٌ: أَبو حيّ من اليمن، وهو أَزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن كهلان بن
سبا، وهو أَسْدٌ، بالسين، أَفصح يقال: أَزد شَنُوُءة وأَزْدُ عُمان وأَزْدُ
السراة، قال النجاشي واسمه قيس بن عمرو، وكان عاهد أَزد شنوءة، وأَزد
عمان أَن لا يحولا عليه فثبتت أَزد شنوءة على عهده دون أَزد عمان؛ فقال:
وكنتُ كذي رِجليْنِ: رجلٍ صحيحةٍ،
ورجْلٍ بها رَيبٌ من الحَدَثانِ،
فأَما التي صحَّتْ فأَزْدُ شنوءَةٍ،
وأَما التي شُلَّت فأَزْدُ عُمَانِ
@أسد: الأَسَد: من السباع معروف، والجمع آساد وآسُد، مثل أَجبال وأَجبل،
وأُسُود وأُسُد، مقصور مثل، وأَسْدٌ مخفف، وأُسْدانٌ، والأُنثى أَسَدة،
وأَسَدٌ آسد على المبالغة، كما قالوا عَرادٌ عَرِدٌ؛ عن ابن الأَعرابي.
وأَسَدٌ بَيّنُ الأَسَد نادر كقولهم حِقَّهٌ بيّن الحقَّةِ. وأَرض مأْسَدة:
كثيرة الأُسود؛ والمأْسدة له موضعان: يقال لموضعِ الأَسد مأْسدة: ويقال
لجمع الأَسَد مأْسدة أَيضاً، كما يقال مَشْيَخة لجمع الشيخ ومَسْيَفة
للسيوف ومَجَنَّة للجن ومَضَبَّة للضباب.
واستأْسد الأْسدَ: دعاه؛ قال مهلهل:
إِني وجدت زُهيراً في مآثِرِهم
شبْهَ الليوثِ، إِذا استأْسدتَهم أَسِدوا
وأَسِد الرجلُ: استأْسد صار كالأَسد في جراءَته وأَخلاقه. وقيل لامرأَة
من العرب: أَيّ الرجال زوجك؟ قالت: الذي إِن خرج أَسِدَ، وإِن دخل فهِدَ،
ولا يسأَل عما عهِدَ؛ وفي حديث أُم زرع كذلك أَي صار كالأَسد في
الشجاعة. يقال: أَسِد واستأْسد إِذا اجترأَ. وأَسِد الرجل، بالكسر، يأْسَدُ
أَسَداً إِذا تحير، ورأَى الأَسد فدهِش من الخَوف. واستأْسد عليه:
اجترأَ.وفي حديث لقمان بن عاد: خذ مني أَخي ذا الأَسَدِ؛ الأَسَدُ مصدر أَسِد
يأْسَدُ أَي ذو القوّة الأَسدية. وأَسد عليه: غضب؛ وقيل: أَسد عليه سفه.
واستأْسد النبت: طال وعظم، وقيل: هو أَن ينتهي في الطول ويبلغ غايته،
وقيل: هو إِذا بلغ والتف وقوي؛ وأَنشد الأَصمعي لأَبي النجم:
مستأْسِدٌ أَذْنابُه في عَيْطلِ،
يقول للرائِدِ: أَعشبتَ انْزلِ
وقال أَبو خراش الهذلي:
يُفَحّين بالأَيدي على ظهرِ آجنٍ،
له عَرْمَضٌ مستأْسدٌ ونَجيل
قوله: يفحّين أَي يفرّجن بأَيديهن لينال الماء أَعناقهن لقصرها، يعني
حُمُراً وردت الماء. والعَرمَض: الطحلب، وجعله مستأْسداً كما يستأْسد
النبت. والنجيل: النزّ والطين.
وآسَدَ بين القوم
 

rahaal

تربوي
عضو ملتقى المعلمين
(* قوله «وآسد بين القوم» كذا بالأصل وفي القاموس مع
الشرخ كضرب أفسد بني القوم.): أَفسد . وآسد الكلبَ بالصيد إِيساداً: هيجه
وأَغراه، وأَشلاه دعاه. وآسَدْتُ بين الكلاب إِذا عارشت بينها؛ وقال
رؤْبة:
تَرمِي بنا خِندِفُ يوم الإِيساد
والمؤسِدُ: الكلاَّب الذي يُشْلي كلبه للصيد يدعوه ويغريه. وآسدت
الكلْبَ وأَوسدته: أَغريته بالصيد، والواو منقلبة عن الأَلف. وآسدَ السيرَ
كأَسْأَدَهُ؛ عن ابن جني؛ قال ابن سيده: وعسى أَن يكون مقلوباً عن
أَسأَد.ويقال للوسادة: الإِسادة كما قالوا للوشاحِ إِشاح.
وأُسَيْد وأَسِيدٌ: اسمان. والأَسَدُ: قبيلة؛ التهذيب: وأَسَد أَبو
قبيلة من مضر، وهو أَسَد بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر. وأَسَد أَيضاً:
قبيلة من ربيعة، وهو أَسَد بن ربيعة بن نزار. والأَسْد: لغة في الأَزد؛
يقال: هم الأَسْد شنوءة. والأَسْديّ، بفتح الهمزة: ضرب من الثياب، وهو في
شعر الحطيئة يصف قفزاً:
مُستهلكُ الوِرْدُ كالأَسْدِيّ، قد جعَلَتْ
أَيدي المَطِيِّ به عادِيِّةً رَغُبا
مستهلك الورد أَي يهلك وارده لطوله فشبهه بالثوب المُسَدَّى في استوائه،
والعادية: الآبار. والرغب: الواسعة، الواحد رغيب؛ قال ابن بري: صوابه
الأُسْدِيُّ، بضم الهمزة، ضرب من الثياب. قال: ووهم من جعله في فصل أَسد،
وصوابه أَن يذكر فيفصل سديَ؛ قال أَبو علي: يقال أُسْديّ وأُسْتيٌّ، وهو
جمع سَدىً وستىً للثوب المُسَدَّى كأُمْعُوز جمع مَعَزٍ. قال: وليس بجمع
تكسير، وإِنما هو اسم واحد يراد به الجمع، والأَصل فيه أُسْدُويٌّ فقلبت
الواو ياء لاجتماعهما وسكون الأَوّل منهما على حد مرميّ ومخشيّ.
@أصد: الأُصْدَةُ، بالضم: قميص صغير يلبس تحت الثوب؛ قال الشاعر:
ومُرْهَق سالَ إِمْتاعاً بأُصْدَتِه،
لم يَسْتَعِن، وحوامي الموتِ تغْشاه
ثعلب: الأُصْدَةُ الصُّدْرة؛ قال الشاعر:
مثلَ البرام غدا في أُصْدَةٍ خلَقٍ،
لم يَسْتَعِنْ، وحوامي الموتِ تغشاه
ويقال: أَصَّدْتُه تأْصيداً. ابن سيده: الأَصْدَة والأَصيدَة
والمُؤَصَّدُ صدَارٌ تلبسه الجارية فإِذا أَدركت دَرّعت؛ وأَنشد ابن الأَعرابي
لكثير:
وقد دَرَّعوها، وهْي ذات مُؤَصَّدٍ
مَجُوبٍ، ولما تلبَسِ الدرعَ رِيدُها
وقيل: الأُصدَة ثوب لا كُمَّيْ له تلبسه العروس والجارية الصغيرة.
والأَصيدة كالحظيرة يعمل: لغة في الوصيدة.
وأَصَدَ البابَ: أَطبقه كأَوصْد إِذا أَغلقه؛ ومنه قرأَ أَبو عمرو:
إِنها عليهم مؤصدة؛ بالهمز، أَي مطبقة. وأَصَدع القدر: أَطبقها والاسم منها
الإِصادُ والأَصاد، وجمعه أُصُد. أَبو عبيدة: آصدت وأَوصدت إِذا أَطبقت؛
الليث: الإِصادُ والإِصد هما بمنزلة المطبق؛ يقال: أَطبق عليهم الإِصادُ
والوصادَ والإِصدة؛ وقال أَبو مالك: أَصَدْتنا مُذ اليومِ إِصادةً.
والأَصيدُ: الفناء، والوصيد أَكثر. وذا الإِصادِ: موضع؛ قال:
لطمن على ذاتِ الإِصادِ، وجمعُكم
يَرَون الأَذى من ذِلَّةٍ وهوان
وكان مجرى داحس والغَبْراء من ذاتِ الإِصاد، وهو موضع؛ وكانت الغايةُ
مائة غلوةٍ. والإِصادُ: هي رَدْهة بين أَجْبُلٍ.
@أصفعد: الإِصْفَعْدُ: من أَسماء الخمر؛ قال أَبو المنيع الثعلبي:
لها مَبْسَمٌ شخْتٌ كأَن رُضَابَهُ،
بُعَيْدَ كَراها، إِصْفَعِنْدٌ مُعَتَّق
قال المفسر: أَنشدني البيت أَبو المبارك الأَعرابي القحذميّ عن أَبي
المنيع لنفسه، قال: وما سمعت بهذا الحرف من أَحد غيره، قال: ورأَيته في شعره
بخط ابن قطرب؛ قال ابن سيده: وإِنما أَثبته في الخماسي ولم أَحكم بزيادة
النون لأَنه نادر لا مادة له ولا نظير في الأَبنية المعروفة، وأَحْرِ
بهِ أَن يكون في الخماسي كانقحل في الثلاثي.
@أطد: الأَطَد: العَوْسَج؛ عن كراع.
@أفد: أَفِدَ الشيءُ يأْفَدُ أَفَداً، فهو أَفِدٌ: دنا وحضر وأَسرع.
والأَفِد: المستعجِلُ. وأَفِدَ الرجل، بالكسر، يأْفَد أَفَداً أَي عجل فهو
أَفِدٌ على فَعِل أَي مستعجل. والأَفَد: العَجَلة. وقد أَفد تَرحُّلنا
واستأفَد أَي دنا وعجل وأَزِف؛ وفي حديث الأَحنف: قد أَفِدَ الحجُّ أَي دنا
وقته وقرب. وقال النضر: أَسرِعُوا فقد أَفِدتم اي أَبطأْتم. قال:
والأَفْدة التأْخير. الأَصمعي: امرأَة أَفِدة أَي عجلة.
@أكد: أَكَّد العهدَ والعقدَ: لغة في وكَّده؛ وقيل: هو بدل، والتأْكيد
لغة في التوكيد، وقد أَكَّدْت الشيء ووكَدْته. ابن الأَعرابي: دستُ الحنطة
ودرستها وأَكَدْتها.
@ألد: تأَلَّد: كتبلَّد
(* قوله «كتبلد» عبارة القاموس والشرح كتبلد إذا
تحير).
@أمد: الأَمَدُ: الغاية كالمَدَى؛ يقال: ما أَمدُك؟ أَي منتهى عمرك. وفي
التنزيل العزيز: ولا تكونوا كالذين أُوتو الكتاب من قبل فطال عليهم
الأَمدُ فَقَسَتْ قلوبهم؛ قال شمر: الأَمَدُ منتهى الأَجل، قال: وللإِنسان
أَمَدانِ: أَحدهما ابتداء خلقه الذي يظهر عند مولده، والأَمد الثاني الموت؛
ومن الأَول حديث الحجاج حين سأَل الحسن فقال له: ما أَمَدُكَ؟ قال: سنتان
من خلافة عمر؛ أَراد أَنه ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر، رضي الله عنه.
والأَمَدُ: الغضب؛ أَمِدَ عليه وأَبِدَ إِذا غضب عليه. وآمِدُ: بلد
(*
قوله «وآمد بلد إلخ» عبارة شرح القاموس وآمد بلد بالثغور في ديار بكر
مجاورة لبلاد الروم ثم قال: ونقل شيخنا عن بعض ضبطه بضم الميم، قلت وهو
المشهور على الألسنة.) معروف في الثغور؛ قال:
بآمِدَ مرَّةً وبرأْسِ عينٍ،
وأَحياناً بِمَيَّا فارِقينا
ذهب إِلى الأَرض أَو البقعة فلم يصرف.
والإِمِّدانُ: الماءُ على وجه الأَرض؛ عن كراع. قال ابن سيده: ولست منه
على ثقة.
وأَمَدُ الخيل في الرهان: مَدافِعُها في السباق ومنتهى غاياتها الذي
تسبق إِليه؛ ومنه قول النابغة:
سَبْقَ الجوادِ، إِذا استولى على الأَمَدِ
أَي غلب على منتهاه حين سبق وسيلة إِليه. أَبو عمرو: يقال للسفينة إِذا
كانت مشحونة عامِدٌ وآمِدٌ وعامدة وآمِدَة، وقال: السامدُ العاقل،
والآمِدُ: المملوء من خير أَو شرّ.
@أندرورد: الأَزهري في الرباعي روى بسنده عن أَبي نجيح قال: كان أَبي
يلبس أَنْدرَاوَرْدَ، قال: يعني التُّبَّان. وفي حديث عليّ، كرم الله وجهه:
أَنه أَقبل وعليه أَنْدَرْوَرْدِيَّةٌ؛ قيل: هي نوع من السراويل مُشَمَّر
فوقَ التُّبَّان يغطي الركبة. وقالت أُم الدرداء: زارنا سلمان من
المدائن إِلى الشام ماشياً وعليه كساء وأَنْدَرَاوَرْدُ؛ يعني سراويل مشمرة؛
وفي رواية: وعليه كساء أَنْدَرْوَرْد قال ابن الأَثير: كأَن الأَول منسوب
إِليه. قال أَبو منصور: وهي كلمة عجمية ليست بعربية.
@أود: آدَه الأَمرُ أَوْداً وأُوُوداً: بلغ منه المجهود والمشقة؛ وفي
التزيل العزيز: ولا يؤُوده حفظهما؛ قال أَهل التفسير وأَهل اللغة معاً:
معناه ولا يكرثه ولا يثقله ولا يشق عليه مِن آده يؤُوده أَوْداً؛
وأَنشد:إِذا ما تَنُوءُ به آدَهَا
وأَنشد ابن السكيت:
إِلى ماجدٍ لا ينبَحُ الكلبُ ضيفَه،
ولا يَتَآداه احتمالُ المغارِمِ
قال: لا يتآداه لا يثقله أَراد يتأَوَّد فقلبه. وفي صفة عائشة أَباها،
رضي الله عنهما، قالت: وأَقام أَوَدَهُ يثقافِه؛ الأَوَدُ: العوج،
والثقاف: هو تقويم المعوج. وفي حديث نادبة عمر، رضي الله عنه: واعُمَراه أَقام
الأَوَدَ، وشفى العَمَدَ.
والمآوِد والموائد: الدواهي وهو من القلوب. ورماه بإِحدى المآود أَي
الدواهي؛ عن ابن الأَعرابي. وحكي أَيضاً: رماه بإِحدى الموائد في هذا المعنى
كأَنه مقلوب عن المآود. أَبو عبيد: المَوْئدُ، بوزن معبد، الأمر العظيم؛
وقال طرفة:
أَلَسْتَ ترى أَنْ قد أَتَيْت بمَوْئدٍ
(* في معلقة طرفة: بُمؤيدِ).
وجمعه غيره على مآوِدَ جعله من آده يو وده أَوْداً إِذا أَثقله.
والتأَوّد: التثني.
وأَوِدَ الشيءُ، بالكسر، يأْوَدُ أَوَداً، فهو آودٌ: اعوجَّ، وخص إبو
حنيفة به القِدْحَ.
وتأَوّد الشيءُ: تعوّج. وأُدْتُ العود وغيره أَوْداً فانْآد وأَوَّدتُه
فتأَوّد: كلاهما عجته وعطفته. وتأَوّدَ العودُ تأَوُّداً إِذا تثنى؛ قال
الشاعر:
تأَوّد عُسْلُجٌ على شطّ جعفرٍ
وآد العودَ يؤوده أَوداً إِذا حماه. وقد انآد العودُ ينآد انئياداً، فهو
مُنآد إِذا انثنى واعوجَّ. والانْئِياد: الانحناء؛ قال العجاج:
من أَن تَبَدّلتُ بآدي آدا،
لم يكُ يَنْآد فَأَمْسَى انْآدا
أَي قد انْآد فجعل الماضي حالاً بإِضمار قد، كقوله تعالى: أَو جاؤكم
حصرت صدورهم. ويقال: آد النهارُ يَؤود أَوْداً إِذا رجع في العشيّ؛
وأَنشد:ثم ينوشُ، إِذا آدَ النهارُ له،
على الترقُّبِ، مِن هَمٍّ ومِن كَتْمِ
وآد العشيُّ إِذا مال. وآد الشيءُ أَوْداً: رجع؛ قال ساعدة
بن العجلان يصف أَنه لقي رجلاً من خصومه ففرّ منه واستتر، نهارَه الى
قريب من آخره ثم أَسرع في الفرار:
أَقمتَ بها نهارَ الصيْفِ، حتى
رأَيتَ ظِلال آخِره تَؤُودُ
غداةَ شُواحِطٍ فَنَجوتَ منه،
وثوبُك في عَباقِيَةٍ هرِيدُ
أَي ترجع وتميل إِلى ناحية المشرق وشواحط: موضع. وعباقية: شجرة. وهريد:
مشقوق؛ وقال المرقش:
والعَدْوُ بين المجلسَينِ، إِذا
آدَ العشيُّ، وتَنادى العَمّ
وقال آخر يمدح امرأَة مالت عليها الميرة بالتمر:
خُذامِيَّةٌ آدتْ لها عَجْوةُ القِرَى،
فتأْكل بِالمأْقُوط حَيْساً مُجَعَّدا
وآد عليه: عطف. وآده: بمعنى حناه وعطفه، وأَصلهما واحد. الليث في التؤدة
بمعنى التأَني قال: يقال اتَّئِد وتوَأّد، فاتَّئِد على افتعل وتَوَأَّد
على تفعَّل، قال: والأَصل فيهما الوأْد إِلاَّ أَن يكون مقلوباً من
الأَود، وهو الإِثقال، فيقال آدني يؤُودني أَي أَثقلني وآدني الحمل أَوْداً
أَي أَثقلني، وأَنا مَؤُود مثل مقول. ويقال: ما آدَكَ فهو لي آيِدٌ.
ويقال: تأَوَّدتِ المرأَة في قيامها إِذا تثنت لتثاقلها، ثم قالوا: تَوَأُّد
واتَّأَد إِذا تَرَزَّن وتمهل. قال الأَزهري: والمقلوبات في كلام العرب
كثيرة ونحن ننتهي إِلى ما ثبت لنا عنهم، ولا نحدث في كلامهم ما لم ينطقوا
به، ولا نقيس على كلمة نادرة جاءت مقلوبة.
وأَوْدُ: قبيلة، غير مصروف، زاد الأَزهري: من اليمن. وأُود، بالضم: موضع
بالبادية، وقيل: رملة معروفة؛ قال الراعي:
فأَصْبَحْنَ قد خلَّفْنَ أُودَ، وأَصبحتْ
فِراخُ الكثيبِ ضُلَّعاً وخَرائِقُه
وأَود، بالفتح: اسم رجل؛ قال الأَفوه الأَودي:
مُلْكُنا مُلْكٌ لَقاحٌ أَوّلٌ،
وأَبونا من بني أَوْدٍ خيار
@أيد: الأَيْدُ والآدُ جميعاً: القوة؛ قال العجاج:
من أَن تبدّلت بآدِي آدا
يعني قوّة الشباب. وفي خطبة علي، كرم الله وجهه: وأَمسكها من أَن تمور
بأَيْدِه أَي بقوّته؛ وقوله عز وجل: واذكر عبدنا داود ذا الأَيْد؛ أَي ذا
القوة؛ قال الزجاج: كانت قوّته على العبادة أَتم قوة، كان يصوم يوماً
ويفطر يوماً، وذلك أَشدّ الصوم، وكان يصلي نصف الليل؛ وقيل: أَيْدُه قوّته
على إِلانةِ الحديد بإِذن الله وتقويته إِياه.
وقد أَيَّده على الأَمر؛ أَبو زيد: آد يَئِيد أَيداً إِذا اشتد وقوي.
والتأْييد: مصدر أَيَّدته أَي قوّيته؛ قال الله تعالى: إِذا أَيدتك بروح
القدس؛ وقرئ: إِذا آيَدْتُك أَي قوّيتك، تقول من: آيَدْته على فاعَلْته
وهو مؤيَد. وتقول من الأَيْد: أَيَّدته تأْييداً أَي قوَّيته، والفاعل
مؤَيِّدٌ وتصغيره مؤَيِّد أَيضاً والمفعول مُؤَيَّد؛ وفي التنزيل العزيز:
والسماء بنيناها بأَيد؛ قال أَبو الهيثم: آد يئيد إِذا قوي، وآيَدَ يُؤْيِدُ
إِيآداً إِذا صار ذا أَيد، وقد تأَيَّد. وأُدت أَيْداً أَي قوِيتُ.
وتأَيد الشيء: تقوى. ورجل أَيِّدٌ. بالتشديد، أَي قويّ؛ قال الشاعر:
إِذا القَوْسُ وَتَّرها أَيِّدٌ،
رَمَى فأَصاب الكُلى والذُّرَا
يقول: إِذا الله تعالى وتَّر القوسَ التي في السحاب رمى كُلى الإِبل
وأَسنمتَها بالشحم، يعني من النبات الذي يكون من المطر. وفي حديث حسان بن
ثابت: إن روح القدس لا تزال تُؤَيِّدُك أَي تقويك وتنصرك والآد:
الصُّلب.والمؤيدُ: مثال المؤمن: الأَمر العظيم والداهية؛ قال طرفة:
تقول وقد، تَرَّ الوظيفُ وساقُها:
أَلستَ تَرى أَنْ قد أَتيتَ بمُؤْيِدِ؟
وروى الأَصمعي بمؤيَد، بفتح الياء، قال: وهو المشدّد من كل شيء؛ وأَنشد
للمثَبِّب العَبْدي:
يَبْنى، تَجَاليدي وأَقْتادَها،
ناوٍ كرأْسِ الفَدَنِ المُؤْيَدِ
يريد بالناوي: سنامها وظهرها. والفدَن: القصر. وتجاليده: جسمه.
والإِيادُ: ما أُيِّدَ به الشيء؛ الليث: وإِيادُ كل شيء ما يقوّى به من
جانبيه، وهما إِياداه. وإِياد العسكر: الميمنة والميسرة؛ ويقال لميمنة
العسكر وميسرته: إِياد؛ قال العجاج:
عن ذي إِيادَينِ لَهَامٍ، لو دَسَرْ
برُكْنهِ أَركانَ دَمْخٍ، لانْقَعَرْ
وقال يصف الثور:
متخذاً منها إِياداً هدَفا
وكل شيء كان واقياً لشيء، فهو إِيادُه. والإِياد: كل مَعْقل أَو جبل
حصين أَو كنف وستر ولجأ؛ وقد قيل: إِن قولهم أَيده الله مشتق من ذلك؛ قال
ابن سيده: وليس بالقوي، وكل شيء كَنَفَك وسترك: فهو إِياد. وكل ما يحرز به:
فهو إِياد؛ وقال امرؤ القيس يصف نخيلاً:
فأَثَّتْ أَعاليه وآدتْ أُصولُه،
ومال بِقِنْيانً من البُسْرِ أَحمرا
آدت أُصوله: قويت، تَئيدُ أَيْداً. والإِيادُ: التراب يجعل حول الحوض
أَو الخباءَ يقوى به أَو يمنع ماء المطر؛ قال ذو الرمة يصف الظليم:
دفعناه عن بَيضٍ حسانٍ بأَجْرَعٍ،
حَوَى حَوْلَها من تُرْبهِ بإِيادِ
يعني طردناه عن بيضه. ويقال: رماه الله بإِحدى الموائد والمآود أَي
الدواهي. والإِياد: ماحَنا من الرمل. وإِياد: اسم رجل، هو ابن معدّ وهم اليوم
باليمن؛ قال ابن دريد: هما إِيادانِ: إِياد بن نزار، وإِياد بن سُود بن
الحُجر بن عمار بن عمرو. الجوهري: إِيادُ حيّ من معدّ؛ قال أَبو دُواد
الإِيادي:
في فُتوٍّ حَسَنٍ أَوجهُهُمْ،
من إِياد بن نِزار بن مُضر.
@أخذ: الأَخْذ: خلاف العطاء، وهو أَيضاً التناول. أَخذت الشيء آخُذُه
أَخذاً: تناولته؛ وأَخَذَه يأْخُذه أَخْذاً، والإِخذُ، بالكسر: الاسم. وإِذا
أَمرت قلت: خذْ، وأَصله أُؤْخُذ إِلا أَنهم استثقلوا الهمزتين فحذفوهما
تخفيفاً؛ قال ابن سيده: فلما اجتمعت همزتان وكثر استعمال الكلمة حذفت
الهمزة الأَصلية فزال الساكن فاستغني عن الهمزة الزائدة، وقد جاء على الأَصل
فقيل: أُوخذ؛ وكذلك القول في الأَمر من أَكل وأَمر وأَشباه ذلك؛ ويقال:
خُذِ الخِطامَ وخُذْ بالخِطام بمعنى. والتأْخاذُ: تَفْعال من الأَخذ؛ قال
الأَعشى:
لَيَعُودَنْ لِمَعَدّ عَكْرَةً
دَلَجُ الليلِ وتأْخاذُ المِنَحْ
قال ابن بري: والذي في شعر الأَعشى:
ليُعيدَنْ لمعدٍّ عَكْرَها
دَلَجَ الليلِ وتأْخاذَ المنح
أَي عَطْفَها. يقال: رجع فلان إِلى عَكْرِه أَي إِلى ما كان عليه، وفسر
العكْرَ بقوله: دلجَ الليلِ وتأْخاذَ المنح. والمنَحُ: جمع مِنْحَة، وهي
الناقة يعيرها صاحبها لمن يحلبها وينتفع بها ثم يعيدها. وفي النوادر:
إِخاذةُ الحَجَفَةِ مَقْبِضُها وهي ثقافها.
وفي الحديث: جاءت امرأَة إِلى عائشة، رضي الله عنها، أُقَيّدُ جملي
(*
قوله «جاءت امرأة إلخ» كذا بالأصل والذي في شرح القاموس فقالت أقيد) . وفي
حديث آخر: أُؤْخِّذ جملي. فلم تَفْطُنْ لها حتى فُطِّنَتْ فأَمرتْ
بإِخراجها؛ وفي حديث آخر: قالت لها: أُؤْخِّذُ جملي؟ قالت: نعم. التأْخيذُ:
حَبْسُ السواحر أَزواجَهنَّ عن غيرهنّ من النساء، وكَنَتْ بالجمل عن زوجها
ولم تعلم عائشة، رضي الله عنها، فلذلك أَذِنت لها فيه. والتأْخِيذُ: أَن
تحتالَ المرأَةُ بحيَل في منعِ زوجِها من جِماع غيرها، وذلك نوع من
السحر. يقال: لفلانة أُخْذَةٌ تُؤْخِّذُ بها الرجال عن النساء، وقد أَخَّذَتْه
الساحرة تأَخيذاً؛ ومنه قيل للأَسير: أَخِيذٌ. وقد أُخِذَ فلان إِذا
أُسر؛ ومنه قوله تعالى: اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم. معناه، والله
أَعلم: ائْسِروهم. الفراء: أَكذَبُ من أَخِيذ الجيش، وهو الذي يأْخذُه
أَعداؤه فَيَسْتَدِلُّونه على قومه، فهو يَكْذِبُهم بِجُهْدِه. والأَخيذُ:
المأْخُوذُ. والأَخيذ: الأَسير. والأَخِيذَةُ: المرأَة لِسَبْي. وفي
الحديث: أَنه أَخذ السيفَ وقال مَن يمنعُك مني؟ فقال: كن خير آخِذٍ أَي خيرَ
آسر. والأَخيذَةُ: ما اغْتُصِبَ من شيء فأُخِذَ.
وآخَذَه بذنبه مُؤاخذة: عاقبه. وفي التنزيل العزيز: فكلاًّ أَخذْنا
بذَنْبه. وقوله عز وجل: وكأَيِّنْ من قرية أَمليتُ لها وهي ظالمة ثم
أَخذتُها؛ أَي أَخذتها بالعذاب فاستغنى عنه لتقدّم ذكره في قوله: ويستعجلونك
بالعذاب. وفي الحديث: من أَصاب من ذلك شيئاً أُخِذَ به. يقال: أُخِذَ فلانٌ
بذنبه أَي حُبِسَ وجُوزِيَ عليه وعُوقِب به.
وإِن أَخذوا على أَيديهم نَجَوْا. يقال: أَخذتُ على يد فلان إِذا منعته
عما يريد أَن يفعله كأَنك أَمْسكت على يده. وقوله عز وجل: وهمَّت كلُّ
أُمّة برسولهم ليأْخذوه قال الزجاج: ليتمكنوا منه فيقتلوه. وآخَذَه :
كأَخَذَه. وفي التنزيل العزيز: ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا؛ والعامة تقول
واخَذَه. وأَتى العِراقَ وما أَخذَ إِخْذَه، وذهب الحجازَ وما أَخذ
إِخذه، ووَلي فلان مكةَ وما أَخذَ إِخذَها أَي ما يليها وما هو في ناحِيتها،
واسْتُعْمِلَ فلانٌ على الشام وما أَخَذَ إِخْذَه، بالكسر، أَي لم يأْخذ
ما وجب عليه من حسن السيرة ولا تقل أَخْذَه، وقال الفراء: ما والاه وكان
في ناحيته.
وذهب بنو فلان ومن أَخَذَ إِخْذُهم وأَخْذُهم، يكسرون
(* قوله «إخذهم
وأخذهم يكسرون إلخ» كذا بالأصل وفي القاموس وذهبوا ومن أخذ اخذهم، بكسر
الهمزة وفتحها ورفع الذال ونصبها). الأَلف ويضمون الذال، وإِن شئت فتحت
الأَلف وضممت الذال، أَي ومن سار سيرهم؛ ومن قال: ومن أَخَذَ إِخْذُهم أَي
ومن أَخَذَه إِخْذُهم وسيرتُهم. والعرب تقول: لو كنت منا لأَخَذْتَ
بإِخذنا، بكسر الأَلف، أَي بخلائقنا وزِيِّنا وشكلنا وهدينا؛ وقوله أَنشده ابن
الأَعرابي:
فلو كنتمُ منا أَخَذْنا بأَخْذكم،
ولكنها الأَوجاد أَسفل سافل
(* قوله «ولكنها الأوجاد إلخ» كذا بالأصل وفي شرح القاموس الأجساد).
فسره فقال: أَخذنا بأَخْذِكم أَي أَدركنا إِبلَكم فردَدناها عليكم، لم يقل
ذلك غيره. وفي الحديث: قد أَخَذُوا أَخَذاتِهم؛ أَي نزلوا منازِلَهم؛ قال
ابن الأَثير: هو بفتح الهمزة والخاء.
والأُخْذَة، بالضم: رقية تأْخُذُ العينَ ونحوها كالسحر أَو خرزة
يُؤَخِّذُ بها النساءُ الرجال، من التأْخِيذِ. وآخَذَه: رَقاه. وقالت أُخْتُ
صُبْحٍ العاديِّ تبكي أَخاها صبحاً، وقد قتله رجل سِيقَ إِليه على سرير،
لأَنها قد كانت أَخَذَتْ عنه القائمَ والقاعدَ والساعِيَ والماشِيَ
والراكِبَ: أَخَذْتُ عنك الراكِبَ والساعِيَ والماشِيَ والقاعِدَ والقائِمَ، ولم
آخُذْ عنك النائمَ؛ وفي صبح هذا يقول لبيد:
ولقد رأَى صُبْحٌ سوادَ خليلِه،
ما بين قائمِ سَيْفِهِ والمِحْمَلِ
عن بخليله كَبِدَه لأَنه يروى أَن الأَسد بَقَر بطنه، وهو حيٌّ، فنظر
إِلى سوادِ كَبِده.
ورجل مُؤَخَّذٌ عن النساء: محبوس.
وائْتَخَذْنا في القتال، بهمزتين: أَخَذَ بعضُنا بعضاً. والاتِّخاذ:
افتعال أَيضاً من الأَخذ إِلا أَنه أُدغم بعد تليين الهمزة وإِبدال التاء،
ثم لما كثر استعماله على لفظ الافتعال توهموا أَن التاء أَصلية فبنوا منه
فَعِلَ يَفْعَلُ. قالوا: تَخِذَ يَتْخَذ، وقرئ: لتَخِذْت عليه أَجراً.
وحكى المبرد أَن بعض العرب يقول: اسْتَخَذَ فلان أَرضاً يريد اتَّخَذَ
أَرضاً فتُبْدِلُ من إِحدى التاءين سيناً كما أَبدلوا التاءَ مكان السين في
قولهم ستُّ؛ ويجوز أَن يكون أَراد استفعل من تَخِذَ يَتْخَذ فحذف إِحدى
التاءَين تخفيفاً، كما قالوا: ظَلْتُ من ظَلِلْتُ. قال ابن شميل:
اسْتَخَذْتُ عليهم يداً وعندهم سواءٌ أَي اتَّخَذْتُ.
والإِخاذةُ: الضَّيْعَة يتخذها الإِنسان لنفسه؛ وكذلك الإِخاذُ وهي
أَيضاً أَرض يحوزها الإِنسان لنفسه أَو السلطان. والأَخْذُ: ما حَفَرْتَ
كهيئةِ الحوض لنفسك، والجمع الأُخْذانُ، تُمْسِكُ الماءَ أَياماً . والإِخْذُ
والإِخْذَةُ: ما حفرته كهيئةِ الحوض، والجمع أُخْذٌ وإِخاذ.
والإِخاذُ: الغُدُرُ، وقيل: الإِخاذُ واحد والجمع آخاذ، نادر، وقيل:
الإِخاذُ والإِخاذةُ بمعنى، والإِخاذةُ: شيء كالغدير، والجمع إِخاذ، وجمع
الإِخاذِ أُخُذٌ مثل كتاب وكُتُبٍ، وقد يخفف؛ قال الشاعر:
وغادَرَ الأُخْذَ والأَوجاذَ مُتْرَعَة
تَطْفُو، وأَسْجَل أَنْهاءً وغُدْرانا
وفي حديث مَسْروقِ بنِ الأَجْدَع قال: ما شَبَّهْتُ بأَصحاب محمد، صلى
الله عليه وسلم، إِلا الإِخاذ تكفي الإِخاذةُ الراكب وتكفي الإِخاذَةُ
الراكبَين وتكفي الإِخاذَةُ الفِئامَ من الناسِ؛ وقال أَبو عبيد: هو
الإِخاذُ بغير هاء؛ وهو مجتَمَع الماءِ شبيهٌ بالغدير؛ قال عدِيّ بنُ زيد يصف
مطراً:
فاضَ فيه مِثلُ العُهونِ من الرَّوْ
ضِ، وما ضنَّ بالإِخاذِ غُدُرْ
وجمع الإِخاذِ أُخُذٌ؛ وقال الأَخطل:
فظَلَّ مُرْتَثِئاً، والأُخْذُ قد حُمِيَتْ،
وظَنَّ أَنَّ سَبِيلَ الأُخْذِ مَيْمُونُ
وقاله أَيضاً أَبو عمرو وزاد فيه: وأَما الإِخاذةُ، بالهاء، فإِنها
الأَرض يأْخذها الرجل فيحوزها لنفسه ويتخذها ويحييها، وقيل: الإِخاذُ جمع
الإِخاذةِ وهو مَصنعٌ للماءِ يجتمع فيه، والأَولى أَن يكون جنساً للإِخاذة
لا جمعاً، ووجه التشبيه مذكور في سياق الحديث في قوله تكفي الإِخاذةُ
الراكِبَ، وباقي الحديث يعني أَنَّ فيهم الصغيرَ والكبيرَ والعالم والأَعلم؛
ومنه حديث الحجاج في صفة الغيث: وامتلأَت الإِخاذُ؛ أَبو عدنان: إِخاذٌ
جَمْع إِخاذة وأُخذٌ جمع إِخاذ؛ وقال أَبو عبيدة: الإِخاذةُ والإِخاذ،
بالهاء وغير الهاء، جمع إِخْذٍ، والإِخْذُ صَنَعُ الماء يجتمع فيه. وفي حديث
أَبي موسى عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: إِنَّ مَثَلَ ما بعَثني
الله به من الههُدَى والعِلْمِ كمثلِ غيثٍ أَصاب أَرضاً، فكانت منها
طائفةٌ طيبةٌ قَبِلتِ الماء فأَنبتت الكلأَ والعشب الكثير، وكانت فيها
إِخاذاتٌ أَمسكتِ الماء فنفع الله بها الناسَ، فشرِبوا منها وسَقَوْا ورَعَوْا،
وأَصابَ طائفةً منها أُخرى إِنما هي قيعان لا تُمسِكُ ماءً ولا تُنبِتُ
كلأً، وكذلك مَثلُ من فقُه في دين الله ونَفَعه ما بعَثني الله به فعلم
وعلَّم، ومَثَلُ من لم يَرْفَعْ بذلك رأْساً ولم يَقْبلْ هُدى الله الذي
أُرْسِلْتُ به؛ الإِخاذاتُ: الغُدرانُ التي تأْخذُ ماءَ السماءِ
فَتَحْبِسهُ على الشاربة، الواحدةُ إِخاذة. والقيعانُ: جمع قاع، وهي أَرض حَرَّة لا
رملَ فيها ولا يَثبتُ عليها الماء لاستوائها، ولا غُدُر فيها تُمسِكُ
الماءَ، فهي لا تنبت الكلأَ ولا تمسك الماء. اهـ.
وأَخَذَ يَفْعَلُ كذا أَي جعل، وهي عند سيبويه من الأَفعال التي لا يوضع
اسمُ الفاعل في موضع الفعلِ الذي هو خبرها. وأَخذ في كذا أَي بدأَ.
ونجوم الأَخْذِ: منازلُ القمر لأَن القمر يأْخذ كل ليلة في منزل منها؛
قال:
وأَخْوَتْ نجومُ الأَخْذِ إِلا أَنِضَّةً،
أَنِضَّةَ مَحْلٍ ليسَ قاطِرُها يُثْري
قوله: يُثْرِي يَبُلُّ الأَرضَ، وهي نجومُ الأَنواءِ، وقيل: إِنما قيل
لها نجومُ الأَخذِ لأَنها تأْخُذُ كل يوم في نَوْءِ ولأَخْذِ القمر في
منازلها كل ليلة في منزل منها، وقيل: نجومُ الأَخْذِ التي يُرمى بها
مُسْتَرِقُ السمع، والأَول أَصح.
وائْتَخذَ القومُ يأْتخذون ائْتِخاذاً، وذلك إِذا تصارعوا فأَخذ كلٌّ
منهم على مُصَارِعِه أُخذَةً يعتقله بها، وجمعها أُخَذٌ؛ ومنه قول
الراجز:وأُخَذٌ وشَغرِبيَّاتٌ أُخَر
الليث: يقال اتخَذَ فلان مالاً يَتَّخِذه اتِّخاذاً، وتَخِذَ يَتْخَذُ
تخَذاً، وتَخِذْتُ مالاً أَي كسَبْتُه، أُلزمَتِ التاءُ الحرفَ كأَنها
أَصلية. قال الله عز وجل: لو شئتَ لَتَخِذْتَ عليه أَجراً؛ قال الفراء: قرأَ
مجاهد لَتَخِذْتَ؛ قال: وأَنشدني العتابي:
تَخِذَها سَرِيَّةً تُقَعِّدُه
قال: وأَصلها افتعلت؛ قال أَبو منصور: وصحت هذه القراءة عن ابن عباس
وبها قرأَ أَبو عمرو بن العلاء، وقرأَ أَبو زيد: لَتَخَذْتَ عليه أَجراً.
قال: وكذلك مكتوب هو في الإِمام وبه يقرأُ القراء؛ ومن قرأَ لاتَّخَذْت،
بفتح الخاء وبالأَلف، فإِنه يخالف الكتاب. وقال الليث: من قرأَ لاتَّخَذْت
فقد أَدغم التاءَ في الياءَ فاجتمعت همزتان فصيرت إِحداهما باء،
وأُدْغِمَت كراهةَ التقائهما.
والأَخِذُ من الإِبل: الذي أَخَذَ فيه السِّمنُ، والجمع أَواخِذُ.
وأَخِذَ الفصيل، بالكسر، يأْخَذُ أَخَذاً، فهو أَخِذ: أَكثر من اللبن حتى
فسَدَ بطنُه وبَشِم واتَّخَم.
أَبو زيد: إِنه لأَكْذَب من الأَخِيذِ الصَّيْحانِ، وروي عن الفراء أَنه
قال: من الأَخِذِ الصَّيْحانِ بلا ياء؛ قال أَبو زيد: هو الفصيل الذي
اتُّخِذَ من اللبن. والأَخَذُ: شبه الجنون، فصيل أَخِذٌ على فَعِل، وأَخِذَ
البعيرُ أَخَذاً، وهو أَخِذٌ: أَخَذَه مثلُ الجنون يعتريه وكذلك الشاة،
وقياسه أَخِذٌ.
والأُخُذُ: الرَّمَد، وقدأَخِذَت عينه أَخَذاً. ورجل أَخِذٌ: بعينه
أُخُذ مثل جُنُب أَي رمد، والقياس أَخِذٌ كالأَوّل. ورجل مُسْتأْخِذٌ:
كأَخِذ؛ قال أَبو ذؤيب:
يرمي الغُيوبَ بِعيْنَيْهِ ومَطْرِفُهُ
مُغْضٍ كما كَسَفَ المستأْخِذُ الرمِدُ
والمستأْخذُ: الذي به أُخُذٌ من الرمد. والمستأْخِذُ: المُطَأْطِئُ
الرأْسِ من رَمَدٍ أَو وجع أَو غيره.
أَبو عمرو: يقال أَصبح فلان مؤتخذاً لمرضه ومستأْخذاً إِذا أَصبحَ
مُسْتَكِيناً.
وقولهم: خُذْ عنك أَي خُذْ ما أَقول ودع عنك الشك والمِراء؛ فقال: خذ
الخطام
(* قوله «فقال خذ الخطام» كذا بالأصل وفيه كشطب كتب موضعه فقال ولا معنى
له.) وقولهم: أَخَذْتُ كذا يُبدلون الذال تاء فيُدْغمونها في التاء،
وبعضهم يُظهرُ الذال، وهو قليل.
@اذذ: أَذَّ يَؤُذُّ: قطع مثل هذَّ، وزعم ابن دريد أَن همزة أَذَّ بدل من
هاء هذَّ؛ قال:
يَؤُذُّ بالشَّفْرة أَيّ أَذِّ
مِنْ قَمَعٍ ومَأْنَةٍ وفلْذِ
وشَفْرَةٌ أَذُوذٌ: قاطعة كَهَذوذٍ.
وإِذْ: كلمة تدل على ما مضى من الزمان، وهو اسم مبني على السكون وحقه
أَن يكون مضافاً إِلى جملة، تقول: جئتك إِذ قام زيد، وإِذ زيد قائم، وإِذ
زيد يقوم، فإِذا لم تُضَفْ نُوِّنت؛ قال أَبو ذؤيب:
نَهَيْتُكَ عن طِلابِك أُمَّ عَمْرٍو،
بِعاقِبةٍ، وأَنت إِذٍ صحِيحُ
أَراد حينئذ كما تقول يومئذ وليلتئذ؛ وهو من حروف الجزاء إِلا أَنه لا
يجازى به إِلا مع ما، تقول: إِذ ما تأْتني آتك، كما تقول: إن تأْتني وقتاً
آتِك؛ قال العباسُ بن مِرادسٍ يمدحُ النبيّ، صلى الله عليه وسلم:
يا خيرَ مَن رَكِبَ المَطِيَّ ومن مَشى
فوق الترابِ، إِذا تُعَدُّ الأَنْفُسُ
بكل أَسلَم الطاغُوتُ واتُّبِعَ الهُدَى،
وبك انجلى عنا الظلامُ الحِنْدِسُ
إِذ ما أَتيتَ على الرسولِ فقل له:
حقًّا عليك إِذا اطمأَن المجلِسُ
وهذا البيت أَورده الجوهريُّ:
إِذ ما أَتيتَ على الأَمير
قال ابن بري: وصواب إِنشاده: إِذ ما أَتيتَ على الرسول، كما أَوردناه.
قال: وقد تكونُ للشيءِ توافِقُه في حالٍ أَنتَ فيها ولا يليها إِلا الفعلُ
الواجبُ، تقول: بينما أَنا كذا إِذ جاء زيد. ابن سيده: إِذ ظرف لما مضى،
يقولون إِذ كان. وقوله عز وجل: وإِذ قال ربك للملائكة إِني جاعل في
الأَرض خليفة، قال أَبو عبيدة: إِذ هنا زائدة؛ قال أَبو إِسحق: هذا إِقدام من
أَبي عبيدة لأَن القرآن العزيز ينبغي أَن لا يُتكلم فيه إِلا بغاية تحري
الحق، وإِذ: معناها الوقت فكيف تكون لغواً ومعناه الوقت، والحجة في إِذ
أَنّ الله تعالى خلق الناس وغيرهم، فكأَنه قال ابتداء خلْقكم: إِذ قال
ربك للملائكة إِني جاعل في الأَرض خليفة أَي في ذلك الوقت. قال: وأَمّا قول
أَبي ذؤيب: وأَنت إِذ صحيح، فإِنما أَصل هذا أَن تكون إِذ مضافة فيه
إِلى جملة إِما من مبتدإِ وخبر نحو قولك: جئتك إِذ زيد أَمير، وإِما من فعل
وفاعل نحو قمت إِذ قام زيد، فلما حُذِف المضافُ إِليه إِذ عُوِّضَ منه
التنوين فدخل وهو ساكن على الذال وهي ساكنة، فكُسِرَت الذالُ لالتقاء
الساكنين فقيل يومئذ، وليست هذه الكسرةُ في الذال كسرةَ إِعراب وإِن كانت إِذ
في موضع جر بإِضافة ما قبلها إِليها، وإِنما الكسرة فيها لسكونها وسكون
التنوين بعدها كقوله صَهٍ في النكرة، وإِن اختلفت جهتا التنوين، فكان في
إِذٍ عوضاً من المضاف إِليه، وفي صَهٍ علماً للتنكير؛ ويدل على أَنَّ
الكسرة في ذال إِذٍ إِنما هي حركة التقاء الساكنين هما هي والتنوين قوله
«وأَنت إِذٍ صحيح» أَلا ترى أَنَّ إِذٍ ليس قبلها شيء مضاف إِليها؟ وأَما قول
الأَخفش: إِنه جُرَّ إِذٍ لأَنه أَراد قبلها حين ثم حذفها وبَقِيَ الجر
فيها وتقديره حينئذ فساقط غير لازم، أَلا ترى أَن الجماعة قد أَجمعت على
أَن إِذْ وكَمْ من الأَسماء المبنية على الوقف؟ وقول الحُصينِ بن
الحُمام:ما كنتُ أَحسَبُ أَن أُمِّي عَلَّةٌ،
حتى رأَيتُ إِذِي نُحازُ ونُقْتَلُ
إِنما أَراد: إِذ نُحازُ ونُقتل، إِلا أَنه لما كان في التذكير إِذي وهو
يتذكر إِذ كان كذا وكذا أَجرى الوصلَ مُجرَى الوقف فأَلحقَ الياء في
الوصل فقال إِذي. وقوله عز وجل: َولن ينفعكم اليوم إِذ ظلمتم أَنكم في
العذاب مشتركونْ؛ قال ابن جني: طاولت أَبا علي، رحمه الله تعالى، في هذا
وراجعته عوداً على بدءٍ فكان أَكثَرَ ما بَرَدَ منه في اليدِ أَنه لما كانت
الدارُ الآخرةُ تلي الدارَ الدنيا لا فاصل بينهما إِنما هي هذه فهذه صار ما
يقعُ في الآخرةِ كأَنه واقع في الدنيا، فلذلك أُجْرِيَ اليومُ وهي
للآخرة مُجْرى وقت الظلم، وهو قوله: إِذ ظلمتم، ووقت الظلم إِنما كان في
الدنيا، فإِن لم تفعل هذا وترتكبه بَقِيَ إِذ ظلمتم غيرَ متعلق بشيء، فيصير ما
قاله أَبو علي إِلى أَنه كأَنه أَبدل إِذ ظلمتم من اليوم أَو كرره عليه؛
وقول أَبي ذؤيب:
تَواعَدْنا الرُّبَيْقَ لَنَنْزِلَنْه،
ولم نَشْعُرْ إِذاً اني خَلِيفُ
قال ابن جني: قال خالد إِذاً لغة هذيل وغيرهم يقولون إِذٍ، قال: فينبغي
أَن يكون فتحة ذال إِذاً في هذه اللغة لسكونها وسكون التنوين بعدها، كما
أَن من قال إِذٍ بكسرها فإِنَّما كسرها لسكونها وسكون التنوين بعدها بمن
فهرب إِلى الفتحة، استنكاراً لتوالي الكسرتين، كما كره ذلك في من الرجل
ونحوه
@اسبذ: النهاية لابن الأَثير: في الحديث أَنه كتب لعباد الله
الأَسبذِينَ؛ قال: هم ملوكُ عُمانَ بالبحرَين؛ قال: الكلمة فارسية معناها عَبَدَةُ
الفَرَس لأَنهم كانوا يعبدون فرساً فيما قيل، واسم الفرس بالفارسية
أَسب.
@اصبهبذ: الأَزهري في الخماسي: إِصْبَهْبَذْ اسم أَعجمي.
@أبر: أَبَرَ النخلَ والزرعَ يَأْبُره، ويأْبِرُه أَبْراً وإِباراً
وإِبارَة وأَبّره: أَصلحه. وأْتَبَرتَ فلاناً: سأَلتَه أَن يأْبُر نخلك؛ وكذلك
في الزرع إِذا سأَلته أَن يصلحه لك؛ قال طرفة:
وَلِيَ الأَصلُ الذي، في مثلِه،
يُصلِحُ الآبِرُ زَرْعَ المؤتَبِرْ
والآبر: العامل. والمُؤْتَبرُ: ربّ الزرع. والمأْبور: الزرع والنخل
المُصْلَح. وفي حديث عليّ بن أَبي طالب في دعائه على الخوارج: أَصابَكم
حاصِبٌ ولا بقِيَ منكم آبرِ أَي رجل يقوم بتأْبير النخل وإصلاحها، فهو اسم
فاعل من أَبَر المخففة، ويروى بالثاء المثلثة، وسنذكره في موضعه؛ وقوله:
أَنْ يأْبُروا زَرعاً لغيرِهِم،
والأَمرُ تَحقِرُهُ وقد يَنْمي
قال ثعلب: المعنى أَنهم قد حالفوا أَعداءَهم ليستعينوا بهم على قوم
آخرين، وزمن الإِبار زَمَن تلقيح النخل وإِصلاحِه، وقال أَبو حنيفة: كل
إِصلاحٍ إِبارة؛ وأَنشد قول حميد:
إِنَّ الحِبالَةَ أَلْهَتْني إِبارَتُها،
حتى أَصيدَكُما في بعضِها قَنَصا
فجعل إِصلاحَ الحِبالة إِبارَة. وفي الخبر: خَيْر المال مُهْرة
مَأْمُورة وسِكّة مَأْبُورة؛ السِّكَّة الطريقة المُصْطَفَّة من النخل،
والمأْبُورة: المُلَقَّحة؛ يقال: أَبَرْتُ النخلة وأَبّرْتها، فهي مأْبُورة
ومُؤَبَّرة، وقيل: السكة سكة الحرث، والمأْبُورة المُصْلَحَة له؛ أَرادَ خَيرُ
المال نتاج أَو زرع. وفي الحديث: من باع نخلاً قد أُبِّرت فَثَمَرتُها
للبائع إِلاَّ أَن يشترط المُبْتاع. قال أَبو منصور: وذلك أَنها لا تؤبر
إِلا بعد ظهور ثمرتها وانشقاق طلعها وكَوافِرِها من غَضِيضِها، وشبه
الشافعي ذلك بالولادة في الإِماء إِذا أُبِيعَت حاملاً تَبِعها ولدها، وإِن
ولدته قبل ذلك كان الولد للبائع إِلا أَن يشترطه المبتاع مع الأُم؛ وكذلك
النخل إِذا أُبر أَو أُبيع
(* قوله: «أباع» لغة في باع كما قال ابن
القطاع). على التأْبير في المعنيين. وتأْبير النخل: تلقيحه؛ يقال: نخلة
مُؤَبَّرة مثل مأْبُورة، والاسم منه الإِبار على وزن الإِزار. ويقال: تأَبَّر
الفَسِيلُ إذا قَبِل الإِبار؛ وقال الراجز:
تَأَبّري يا خَيْرَةَ الفَسِيلِ،
إِذْ ضَنَّ أَهلُ النَّخْلِ بالفُحول
يقول: تَلَقَّحي من غير تأْبير؛ وفي قول مالك بن أَنس: يَشترِطُ صاحب
الأَرض على المساقي كذا وكذا، وإِبارَ النخل. وروى أَبو عمرو بن العلاء
قال: يقال نخل قد أُبِّرَت، ووُبِرَتْ وأُبِرَتْ ثلاث لغات، فمن قال
أُبِّرت، فهي مُؤَبَّرة، ومن قال وُبِرَت، فهي مَوْبُورَة، ومن قال أُبِرَت، فهي
مَأْبُورة أَي مُلقّحة، وقال أَبو عبد الرحمن: يقال لكل مصلح صنعة: هو
آبِرُها، وإِنما قيل للملقِّح آبر لأَنه مصلح له؛ وأَنشد:
فَإِنْ أَنْتِ لَم تَرْضَيْ بِسَعْييَ فَاتْرُكي
لي البيتَ آبرْهُ، وكُوني مَكانِيا
أَي أُصلحه، ابن الأَعرابي: أَبَرَِ إِذا آذى وأَبَرَ إِذا اغتاب
وأَبَرَ إِذا لَقَّحَ النخل وأَبَرَ أَصْلَح، وقال: المَأْبَر والمِئْبر الحشُّ
(* قوله: «الحش إلخ» كذا بالأصل ولعله المحش). تُلقّح به النخلة.
وإِبرة الذراع: مُسْتَدَقُّها. ابن سيده: والإِبْرة عُظَيْم مستوٍ مع
طَرَف الزند من الذراع إِلى طرف الإِصبع؛ وقيل: الإِبرة من الإِنسان طرف
الذراع الذي يَذْرَعُ منه الذراع؛ وفي التهذيب: إِبرَةُ الذارع طرف العظم
الذي منه يَذْرَع الذارع، وطرف عظم العضد الذي يلي المرفق يقال له القبيح،
وزُجّ المِرْفق بين القَبِيح وبين إِبرة الذراع، وأَنشد:
حتى تُلاقي الإِبرةُ القبيحا
وإِبرة الفرس: شظِيّة لاصقة بالذراع ليست منها. والإِبرة: عظم وَتَرة
العُرْقوب، وهو عُظَيْم لاصق بالكعب. وإِبرة الفرس: ما انْحَدّ من عرقوبيه،
وفي عرقوبي الفرس إبرتان وهما حَدّ كل عرقوب من ظاهر. والإِبْرة:
مِسَلّة الحديد، والجمع إِبَرٌ وإِبارٌ، قال القطامي:
وقوْلُ المرء يَنْفُذُ بعد حين
أَماكِنَ، لا تُجاوِزُها الإِبارُ
وصانعها أَبّار. والإِبْرة: واحدة الإِبَر. التهذيب: ويقال للمِخْيط
إبرة، وجمعها إِبَر، والذي يُسوّي الإِبر يقال له الأَبّار، وأَنشد شمر في
صفة الرياح لابن أَحمر:
أَرَبَّتْ عليها كُلُّ هَوْجاء سَهْوَةٍ،
زَفُوفِ التوالي، رَحْبَةِ المُتَنَسِّم
(* قوله: «هوجاء» وقع في البيتين في جميع النسخ التي بأيدينا بلفظ واحد
هنا وفي مادة هرع وبينهما على هذا الجناس التام).
إِبارِيّةٍ هَوْجَاء مَوْعِدُهَا الضُّحَى،
إِذا أَرْزَمَتْ بِورْدٍ غَشَمْشَمِ
رَفُوفِ نِيافٍ هَيْرَعٍ عَجْرَفيّةٍ،
تَرى البِيدَ، من إِعْصافِها الجَرْي، ترتمي
تَحِنُّ ولم تَرْأَمْ فَصِيلاً، وإِن تَجِدْ
فَيَافِيَ غِيطان تَهَدَّجْ وتَرْأَمِ
إِذا عَصَّبَتْ رَسْماً، فليْسَ بدائم
به وَتِدٌ، إِلاَّ تَحِلَّةَ مُقْسِمِ
وفي الحديث: المؤمِنُ كالكلبِ المأْبور، وفي حديث مالك بن دينار: ومثَلُ
المؤمن مثَلُ الشاة المأْبورة أَي التي أَكلت الإِبرة في عَلَفها
فَنَشِبَت في جوفها، فهي لا تأْكل شيئاً، وإِن أَكلت لم يَنْجَعْ فيها. وفي
حديث علي، عليه السلام: والذي فَلَقَ الحية وبَرَأَ النَّسمَة لَتُخْضَبَنَّ
هذه من هذه، وأَشار إِلى لحيته ورأْسه، فقال الناس: لو عرفناه أَبَرْنا
عِتْرته أَي أَهلكناهم؛ وهو من أَبَرْت الكلب إِذا أَطعمته الإِبرة في
الخبز. قال ابن الأَثير: هكذا أَخرجه الحافظ أَبو موسى الأَصفهاني في حرف
الهمزة وعاد فأَخرجه في حرف الباء وجعله من البَوار الهلاك، والهمزة في
الأَوّل أَصلية، وفي الثاني زائدة، وسنذكره هناك أَيضاً. ويقال للسان:
مِئْبر ومِذْرَبٌ ومِفْصَل ومِقْول. وإِبرة العقرب: التي تلدَغُ بها، وفي
المحكم: طرف ذنبها. وأَبَرتْه تَأْبُرُه وتَأْبِرُه أَبْراً: لسعته أَي
ضربته بإِبرتها. وفي حديث أَسماء بنت عُمَيْس: قيل لعلي: أَلا تتزوّج ابنة
رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: مالي صَفْراء ولا بيضاءُ، ولست
بِمأْبُور في ديني فيُوَرِّي بها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، عني، إني
لأَوّلُ من أَسلم،؛ المأْبور: من أَبرته العقربُ أَي لَسَعَتْه بإِبرتها،
يعني لست غير الصحيح الدين ولا المُتّهَمَ في الإِسلام فَيَتَأَلّفني عليه
بتزويجها إياي، ويروى بالثاء المثلثة وسنذكره. قال ابن الأَثير: ولو روي:
لست بمأْبون، بالنون، لكان وجهاً.
والإِبْرَة والمِئْبَرَة، الأَخيرة عن اللحياني: النميمة. والمآبِرُ:
النمائم وإفساد ذاتِ البين؛ قال النابغة:
وذلك مِنْ قَوْلٍ أَتاكَ أَقُولُه،
ومِنْ دَسِّ أَعدائي إِليك المآبرا
والإِبْرَةُ: فَسِيلُ المُقْل يعني صغارها، وجمعها إِبَرٌ وإِبَرات؛
الأَخيرة عن كراع. قال ابن سيده: وعندي أَنه جَمْع جَمْعٍ كحُمُرات
وطُرُقات.والمِئْبَر: ما رَقّ من الرمل؛ قال كثير عزة:
إِلى المِئْبَر الرّابي من الرّملِ ذي الغَضا
تَراها؛ وقد أَقْوَتْ، حديثاً قديمُها
وأَبَّرَ الأَثَر: عَفّى عليه من التراب. وفي حديث الشُّورى: أَنَّ
الستة لما اجتمعوا تكلموا فقال قائل منهم في خطبته: لا تُؤبِّروا آثارَكم
فَتُولِتُوا دينكم؛ قال الأَزهري: هكذا رواه الرياشي بإسناد له في حديث
طويل، وقال الرياشي: التّأْبِيرُ التعْفية ومَحْو الأَثر، قال: وليس شيء من
الدواب يُؤَبِّر أَثره حتى لا يُعْرف طريقه إِلا التُّفَّة، وهي عَناق
الأَرض؛ حكاه الهروي في الغريبين.
وفي ترجمة بأَر وابْتَأَرَ الحَرُّ قدميه قال أَبو عبيد: في الابتئار
لغتان يقال ابتأَرْتُ وأْتَبَرْت ابتئاراً وأْتِباراً؛ قال القطامي:
فإِن لم تأْتَبِرْ رَشَداً قريشٌ،
فليس لسائِرِ الناسِ ائتِبَارُ
يعني اصطناع الخير والمعروف وتقديمه.
@أتر: الأُتْرُور: لغة في التُّؤْرُور مقلوب عنه.
@أثر: الأَثر: بقية الشيء، والجمع آثار وأُثور. وخرجت في إِثْره وفي
أَثَره أَي بعده. وأْتَثَرْتُه وتَأَثَّرْته: تتبعت أَثره؛ عن الفارسي.
ويقال: آثَرَ كذا وكذا بكذا وكذا أَي أَتْبَعه إِياه؛ ومنه قول متمم بن نويرة
يصف الغيث:
فَآثَرَ سَيْلَ الوادِيَّيْنِ بِدِيمَةٍ،
تُرَشِّحُ وَسْمِيّاً، من النَّبْتِ، خِرْوعا
أَي أَتبع مطراً تقدم بديمة بعده.
والأَثر، بالتحريك: ما بقي من رسم الشيء. والتأْثير: إِبْقاءُ الأَثر في
الشيء. وأَثَّرَ في الشيء: ترك فيه أَثراً. والآثارُ: الأَعْلام.
والأَثِيرَةُ من الدوابّ: العظيمة الأَثَر في الأَرض بخفها أَو حافرها بَيّنَة
الإِثارَة. وحكى اللحياني عن الكسائي: ما يُدْرى له أَيْنَ أَثرٌ وما
يدرى له ما أَثَرٌ أَي ما يدرى أَين أَصله ولا ما أَصله.
والإِثارُ: شِبْهُ الشِّمال يُشدّ على ضَرْع العنز شِبْه كِيس لئلا
تُعانَ.
والأُثْرَة، بالضم: أَن يُسْحَى باطن خف البعير بحديدة ليُقْتَصّ
أَثرُهُ. وأَثَرَ خفَّ البعير يأْثُرُه أَثْراً وأَثّرَه: حَزَّه. والأَثَرُ:
سِمَة في باطن خف البعير يُقْتَفَرُ بها أَثَرهُ، والجمع أُثور.
والمِئْثَرَة والثُّؤْرُور، على تُفعول بالضم: حديدة يُؤْثَرُ بها خف
البعير ليعرف أَثرهُ في الأَرض؛ وقيل: الأُثْرة والثُّؤْثور والثَّأْثور،
كلها: علامات تجعلها الأَعراب في باطن خف البعير؛ يقال منه: أَثَرْتُ
البعيرَ، فهو مأْثور، ورأَيت أُثرَتَهُ وثُؤْثُوره أَي موضع أَثَره من
الأَرض. والأَثِيَرةُ من الدواب: العظيمة الأَثرِ في الأَرض بخفها أَو
حافرها.وفي الحديث: من سَرّه أَن يَبْسُطَ اللهُ في رزقه ويَنْسَأَ في أَثَرِه
فليصل رحمه؛ الأَثَرُ: الأَجل، وسمي به لأَنه يتبع العمر؛ قال زهير:
والمرءُ ما عاش ممدودٌ له أَمَلٌ،
لا يَنْتَهي العمْرُ حتى ينتهي الأَثَرُ
وأَصله من أَثَّرَ مَشْيُه في الأَرض، فإِنَّ من مات لا يبقى له أَثَرٌ
ولا يُرى لأَقدامه في الأَرض أَثر؛ ومنه قوله للذي مر بين يديه وهو يصلي:
قَطَع صلاتَنا قطع الله أَثره؛ دعا عليه بالزمانة لأَنه إِذا زَمِنَ
انقطع مشيه فانقطع أَثَرُه. وأَما مِيثَرَةُ السرج فغير مهموزة.
والأَثَر: الخبر، والجمع آثار. وقوله عز وجل: ونكتب ما قدّموا وآثارهم؛
أَي نكتب ما أَسلفوا من أَعمالهم ونكتب آثارهم أَي مَن سنّ سُنَّة حَسَنة
كُتِب له ثوابُها، ومَن سنَّ سُنَّة سيئة كتب عليه عقابها، وسنن النبي،
صلى الله عليه وسلم، آثاره.
والأَثْرُ: مصدر قولك أَثَرْتُ الحديث آثُرُه إِذا ذكرته عن غيرك. ابن
سيده: وأَثَرَ الحديثَ عن القوم يأْثُرُه ويأْثِرُه أَثْراً وأَثارَةً
وأُثْرَةً؛ الأَخيرة عن اللحياني: أَنبأَهم بما سُبِقُوا فيه من الأَثَر؛
وقيل: حدّث به عنهم في آثارهم؛ قال: والصحيح عندي أَن الأُثْرة الاسم وهي
المَأْثَرَةُ والمَأْثُرَةُ. وفي حديث عليّ في دعائه على الخوارج: ولا
بَقِيَ منكم آثِرٌ أَي مخبر يروي الحديث؛ وروي هذا الحديث أَيضاً بالباء
الموحدة، وقد تقدم؛ ومنه قول أَبي سفيان في حديث قيصر: لولا أَن يَأْثُرُوا
عني الكذب أَي يَرْوُون ويحكون. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه حلف
بأَبيه فنهاه النبي، صلى الله عليه وسلم، عن ذلك، قال عمر: فما حلفت به
ذاكراً ولا آثراً؛ قال أَبو عبيد: أَما قوله ذاكراً فليس من الذكر بعد
النسيان إِنما أَراد متكلماً به كقولك ذكرت لفلان حديث كذا وكذا، وقوله ولا
آثِراً يريد مخبراً عن غيري أَنه حلف به؛ يقول: لا أَقول إِن فلاناً قال
وأَبي لا أَفعل كذا وكذا أَي ما حلفت به مبتدئاً من نفسي، ولا رويت عن أَحد
أَنه حلف به؛ ومن هذا قيل: حديث مأْثور أَي يُخْبِر الناسُ به بعضُهم
بعضاً أَي ينقله خلف عن سلف؛ يقال منه: أَثَرْت الحديث، فهو مَأْثور وأَنا
آثر؛ قال الأَعشى:
إِن الذي فيه تَمارَيْتُما
بُيِّنَ للسَّامِعِ والآثِرِ
ويروى بَيَّنَ. ويقال: إِن المأْثُرة مَفْعُلة من هذا يعني المكرمة،
وإِنما أُخذت من هذا لأَنها يأْثُرها قَرْنٌ عن قرن أَي يتحدثون بها. وفي
حديث عليّ، كرّم الله وجهه: ولَسْتُ بمأْثور في ديني أَي لست ممن يُؤْثَرُ
عني شرّ وتهمة في ديني، فيكون قد وضع المأْثور مَوْضع المأْثور عنه؛ وروي
هذا الحديث بالباء الموحدة، وقد تقدم. وأُثْرَةُ العِلْمِ وأَثَرَته
وأَثارَتُه: بقية منه تُؤْثَرُ أَي تروى وتذكر؛ وقرئ:
(* قوله: «وقرئ إلخ»
حاصل القراءات ست: أثارة بفتح أو كسر، وأثرة بفتحتين، وأثرة مثلثة
الهمزة مع سكون الثاء، فالأثارة، بالفتح، البقية أي بقية من علم بقيت لكم من
علوم الأولين، هل فيها ما يدل على استحقاقهم للعبادة أو الأمر به، وبالكسر
من أثار الغبار أريد منها المناظرة لأنها تثير المعاني. والأثرة بفتحتين
بمعنى الاستئثار والتفرد، والأثرة بالفتح مع السكون بناء مرة من رواية
الحديث، وبكسرها معه بمعنى الأثرة بفتحتين وبضمها معه اسم للمأثور المرويّ
كالخطبة اهـ ملخصاً من البيضاوي وزاده). أَو أَثْرَةٍ من عِلْم
وأَثَرَةٍ من علم وأَثارَةٍ، والأَخيرة أَعلى؛ وقال الزجاج: أَثارَةٌ في معنى
علامة ويجوز أَن يكون على معنى بقية من علم، ويجوز أَن يكون على ما يُؤْثَرُ
من العلم. ويقال: أَو شيء مأْثور من كتب الأَوَّلين، فمن قرأَ:
أَثارَةٍ، فهو المصدر مثل السماحة، ومن قرأَ: أَثَرةٍ فإِنه بناه على الأَثر كما
قيل قَتَرَةٌ، ومن قرأَ: أَثْرَةٍ فكأَنه أَراد مثل الخَطْفَة
والرَّجْفَةِ. وسَمِنَتِ الإِبل والناقة على أَثارة أَي على عتيق شحم كان قبل ذلك؛
قال الشماخ:
وذاتِ أَثارَةٍ أَكَلَتْ عليه
نَباتاً في أَكِمَّتِهِ فَفارا
قال أَبو منصور: ويحتمل أَن يكون قوله أَو أَثارة من علم من هذا لأَنها
سمنت على بقية شَحْم كانت عليها، فكأَنها حَمَلَت شحماً على بقية شحمها.
وقال ابن عباس: أَو أَثارة من علم إِنه علم الخط الذي كان أُوتيَ بعضُ
الأَنبياء. وسئل النبي، صلى الله عليه وسلم، عن الخط فقال: قد كان نبيّ
يَخُط فمن وافقه خَطّه أَي عَلِمَ مَنْ وافَقَ خَطُّه من الخَطَّاطِين خَطَّ
ذلك النبيّ، عليه السلام، فقد علِمَ عِلْمَه. وغَضِبَ على أَثارَةٍ قبل
ذلك أَي قد كان
(* قوله: «قد كان إلخ» كذا بالأصل، والذي في مادة خ ط ط
منه: قد كان نبي يخط فمن وافق خطه علم مثل علمه، فلعل ما هنا رواية، وأي
مقدمة على علم من مبيض المسودة). قبل ذلك منه غَضَبٌ ثم ازداد بعد ذلك
غضباً؛ هذه عن اللحياني. والأُثْرَة والمأْثَرَة والمأْثُرة، بفتح الثاء
وضمها: المكرمة لأَنها تُؤْثر أَي تذكر ويأْثُرُها قرن عن قرن يتحدثون بها،
وفي المحكم: المَكْرُمة المتوارثة. أَبو زيد: مأْثُرةٌ ومآثر وهي القدم
في الحسب. وفي الحديث: أَلا إِنَّ كل دم ومأْثُرَةٍ كانت في الجاهلية
فإِنها تحت قَدَمَيّ هاتين؛ مآثِرُ العرب: مكارِمُها ومفاخِرُها التي تُؤْثَر
عنها أَي تُذْكَر وتروى، والميم زائدة. وآثَرَه: أَكرمه. ورجل أَثِير:
مكين مُكْرَم، والجمع أُثَرَاءُ والأُنثى أَثِيرَة.
وآثَرَه عليه: فضله. وفي التنزيل: لقد آثرك الله علينا. وأَثِرَ أَن
يفعل كذا أَثَراً وأَثَر وآثَرَ، كله: فَضّل وقَدّم. وآثَرْتُ فلاناً على
نفسي: من الإِيثار. الأَصمعي: آثَرْتُك إِيثاراً أَي فَضَّلْتُك. وفلان
أَثِيرٌ عند فلان وذُو أُثْرَة إِذا كان خاصّاً. ويقال: قد أَخَذه بلا
أَثَرَة وبِلا إِثْرَة وبلا اسْتِئثارٍ أَي لم يستأْثر على غيره ولم يأْخذ
الأَجود؛ وقال الحطيئة يمدح عمر، رضي الله عنه:
ما آثَرُوكَ بها إِذ قَدَّموكَ لها،
لكِنْ لأَنْفُسِهِمْ كانَتْ بها الإِثَرُ
أَي الخِيَرَةُ والإِيثارُ، وكأَنَّ الإِثَرَ جمع الإِثْرَة وهي
الأَثَرَة؛ وقول الأَعرج الطائي:
أَراني إِذا أَمْرٌ أَتَى فَقَضَيته،
فَزِعْتُ إِلى أَمْرٍ عليَّ أَثِير
قال: يريد المأْثور الذي أَخَذَ فيه؛ قال: وهو من قولهم خُذْ هذا
آثِراً. وشيء كثير أَثِيرٌ: إِتباع له مثل بَثِيرٍ.
واسْتأْثَرَ بالشيء على غيره: خصَّ به نفسه واستبدَّ به؛ قال الأَعشى:
اسْتَأْثَرَ اللهُ بالوفاءِ وبالـ
ـعَدْلِ، ووَلَّى المَلامَة الرجلا
وفي الحديث: إِذا اسْتأْثر الله بشيء فَالْهَ عنه. ورجل أَثُرٌ، على
فَعُل، وأَثِرٌ: يسْتَأْثر على أَصحابه في القَسْم. ورجل أَثْر، مثال
فَعْلٍ: وهو الذي يَسْتَأْثِر على أَصحابه، مخفف؛ وفي الصحاح أَي يحتاج
(*
قوله: «أي يحتاج» كذا بالأصل. ونص الصحاح: رجل أثر، بالضم على فعل بضم العين،
إذا كان يستأثر على أصحابه أي يختار لنفسه أخلاقاً إلخ). لنفسه أَفعالاً
وأَخلاقاً حَسَنَةً. وفي الحديث: قال للأَنصار: إِنكم ستَلْقَوْنَ
بَعْدي أَثَرَةً فاصْبروا؛ الأَثَرَة، بفتح الهمزة والثاء: الاسم من آثَرَ
يُؤْثِر إِيثاراً إِذا أَعْطَى، أَراد أَنه يُسْتَأْثَرُ عليكم فَيُفَضَّل
غيرُكم في نصيبه من الفيء. والاستئثارُ: الانفراد بالشيء؛ ومنه حديث عمر:
فوالله ما أَسْتَأْثِرُ بها عليكم ولا آخُذُها دونكم، وفي حديثة الآخر
لما ذُكر له عثمان للخلافة فقال: أَخْشَى حَفْدَه وأَثَرَتَه أَي إِيثارَه
وهي الإِثْرَةُ، وكذلك الأُثْرَةُ والأَثْرَة؛ وأَنشد أَيضاً:
ما آثروك بها إِذ قدَّموك لها،
لكن بها استأْثروا، إِذا كانت الإِثَرُ
وهي الأُثْرَى؛ قال:
فَقُلْتُ له: يا ذِئْبُ هَل لكَ في أَخٍ
يُواسِي بِلا أُثْرَى عَلَيْكَ ولا بُخْلِ؟
وفلان أَثيري أَي خُلْصاني. أَبو زيد: يقال قد آثَرْت أَن أَقول ذلك
أُؤَاثرُ أَثْراً. وقال ابن شميل: إِن آثَرْتَ أَنْ تأْتينا فأْتنا يوم كذا
وكذا، أَي إِن كان لا بد أَن تأْتينا فأْتنا يوم كذا وكذا. ويقال: قد
أَثِرَ أَنْ يَفْعلَ ذلك الأَمر أَي فَرغ له وعَزَم عليه. وقال الليث: يقال
لقد أَثِرْتُ بأَن أَفعل كذا وكذا وهو هَمٌّ في عَزْمٍ. ويقال: افعل هذا
يا فلان آثِراً مّا؛ إِن اخْتَرْتَ ذلك الفعل فافعل هذا إِمَّا لا.
واسْتَأْثرَ الله فلاناً وبفلان إِذا مات، وهو ممن يُرجى له الجنة ورُجِيَ له
الغُفْرانُ.
والأَثْرُ والإِثْرُ والأُثُرُ، على فُعُلٍ، وهو واحد ليس بجمع:
فِرِنْدُ السَّيفِ ورَوْنَقُه، والجمع أُثور؛ قال عبيد بن الأَبرص:
ونَحْنُ صَبَحْنَا عامِراً يَوْمَ أَقْبَلوا
سُيوفاً، عليهن الأُثورُ، بَواتِكا
وأَنشد الأَزهري:
كأَنَّهم أَسْيُفٌ بِيضٌ يَمانِيةٌ،
عَضْبٌ مَضارِبُها باقٍ بها الأُثُرُ
وأَثْرُ السيف: تَسَلْسُلُه وديباجَتُه؛ فأَما ما أَنشده ابن الأَعرابي
من قوله:
فإِنِّي إِن أَقَعْ بِكَ لا أُهَلِّكْ،
كَوَقْع السيفِ ذي الأَثَرِ الفِرِنْدِ
فإِن ثعلباً قال: إِنما أَراد ذي الأَثْرِ فحركه للضرورة؛ قال ابن سيده:
ولا ضرورة هنا عندي لأَنه لو قال ذي الأَثْر فسكنه على أَصله لصار
مفاعَلَتُن إِلى مفاعِيلن، وهذا لا يكسر البيت، لكن الشاعر إِنما أَراد توفية
الجزء فحرك لذلك، ومثله كثير، وأَبدل الفرنْدَ من الأَثَر. الجوهري: قال
يعقوب لا يعرف الأَصمعي الأَثْر إِلا بالفتح؛ قال: وأَنشدني عيسى بن عمر
لخفاف بن ندبة وندبة أُمّه:
جَلاهَا الصيْقَلُونَ فأَخُلَصُوها
خِفاقاً، كلُّها يَتْقي بأَثْر
أَي كلها يستقبلك بفرنده، ويَتْقِي مخفف من يَتَّقي، أَي إِذا نظر
الناظر إِليها اتصل شعاعها بعينه فلم يتمكن من النظر إِليها، ويقال تَقَيْتُه
أَتْقيه واتَّقَيْتُه أَتَّقِيه. وسيف مأْثور: في متنه أَثْر، وقيل: هو
الذي يقال إِنه يعمله الجن وليس من الأَثْرِ الذي هو الفرند؛ قال ابن
مقبل:إِني أُقَيِّدُ بالمأْثُورِ راحِلَتي،
ولا أُبالي، ولو كنَّا على سَفَر
قال ابن سيده: وعندي أَنَّ المَأْثور مَفْعول لا فعل له كما ذهب إِليه
أَبو علي في المَفْؤُود الذي هو الجبان. وأُثْر الوجه وأُثُرُه: ماؤه
ورَوْنَقُه وأَثَرُ السيف: ضَرْبَته. وأُثْر الجُرْح: أَثَرهُ يبقى بعدما
يبرأُ. الصحاح: والأُثْر، بالضم، أَثَر الجرح يبقى بعد البُرء، وقد يثقل مثل
عُسْرٍ وعُسُرٍ؛ وأَنشد:
عضب مضاربها باقٍ بها الأُثر
هذا العجز أَورده الجوهري:
بيضٌ مضاربها باقٍ بها الأَثر
والصحيح ما أَوردناه؛ قال: وفي الناس من يحمل هذا على الفرند. والإِثْر
والأُثْر: خُلاصة السمْن إِذا سُلِئَ وهو الخَلاص والخِلاص، وقيل: هو
اللبن إِذا فارقه السمن؛ قال:
والإِثْرَ والضَّرْبَ معاً كالآصِيَه
الآصِيَةُ: حُساءٌ يصنع بالتمر؛ وروى الإِيادي عن أَبي الهيثم أَنه كان
يقول الإِثر، بكسرة الهمزة، لخلاصة السمن؛ وأَما فرند السيف فكلهم يقول
أُثْر. ابن بُزرُج: جاء فلان على إِثْرِي وأَثَري؛ قالوا: أُثْر السيف،
مضموم: جُرْحه، وأَثَرُه، مفتوح: رونقه الذي فيه. وأُثْرُ البعير في ظهره،
مضموم؛ وأَفْعَل ذلك آثِراً وأَثِراً. ويقال: خرجت في أَثَرِه وإِثْرِه،
وجاء في أَثَرِهِ وإتِْرِه، وفي وجهه أَثْرٌ وأُثْرٌ؛ وقال الأَصمعي:
الأُثْر، بضم الهمزة، من الجرح وغيره في الجسد يبرأُ ويبقى أَثَرُهُ. قال
شمر: يقال في هذا أَثْرٌ وأُثْرٌ، والجمع آثار، ووجهه إِثارٌ، بكسر الأَلف.
قال: ولو قلت أُثُور كنت مصيباً. ويقال: أَثَّر بوجهه وبجبينه السجود
وأَثَّر فيه السيف والضَّرْبة.
الفراء: ابدَأْ بهذا آثراً مّا، وآثِرَ ذي أَثِير، وأَثيرَ ذي أَثيرٍ
أَي ابدَأْ به أَوَّل كل شيء. ويقال: افْعَلْه آثِراً ما وأَثِراً ما أَي
إِن كنت لا تفعل غيره فافعله، وقيل: افعله مُؤثراً له على غيره، وما زائدة
وهي لازمة لا يجوز حذفها، لأَن معناه افعله آثِراً مختاراً له مَعْنيّاً
به، من قولك: آثرت أَن أَفعل كذا وكذا. ابن الأَعرابي: افْعَلْ هذا
آثراً مّا وآثراً، بلا ما، ولقيته آثِراً مّا، وأَثِرَ ذاتِ يَدَيْن وذي
يَدَيْن وآثِرَ ذِي أَثِير أَي أَوَّل كل شيء، ولقيته أَوَّل ذِي أَثِيرٍ،
وإِثْرَ ذي أَثِيرٍ؛ وقيل: الأَثير الصبح، وذو أَثيرٍ وَقْتُه؛ قال عروة بن
الورد:
فقالوا: ما تُرِيدُ؟ فَقُلْت: أَلْهُو
إِلى الإِصْباحِ آثِرَ ذِي أَثِير
وحكى اللحياني: إِثْرَ ذِي أَثِيرَيْن وأَثَرَ ذِي أَثِيرَيْن وإِثْرَةً
مّا. المبرد في قولهم: خذ هذا آثِراً مّا، قال: كأَنه يريد أَن يأْخُذَ
منه واحداً وهو يُسامُ على آخر فيقول: خُذْ هذا الواحد آثِراً أَي قد
آثَرْتُك به وما فيه حشو ثم سَلْ آخَرَ. وفي نوادر الأَعراب: يقال أَثِرَ
 

rahaal

تربوي
عضو ملتقى المعلمين
فُلانٌ بقَوْل كذا وكذا وطَبِنَ وطَبِقَ ودَبِقَ ولَفِقَ وفَطِنَ، وذلك
إِذا إِبصر الشيء وضَرِيَ بمعرفته وحَذِقَه.
والأُثْرَة: الجدب والحال غير المرضية؛ قال الشاعر:
إِذا خافَ مِنْ أَيْدِي الحوادِثِ أُثْرَةً،
كفاهُ حمارٌ، من غَنِيٍّ، مُقَيَّدُ
ومنه قول النبي، صلى الله عليه وسلم: إِنكم ستَلْقَوْن بَعْدي أُثْرَةً
فاصبروا حتى تَلْقَوني على الحوض.
وأَثَر الفَحْلُ الناقة يأْثُرُها أَثْراً: أَكثَرَ ضِرابها.
@أجر: الأَجْرُ: الجزاء على العمل، والجمع أُجور. والإِجارَة: من أَجَر
يَأْجِرُ، وهو ما أَعطيت من أَجْر في عمل. والأَجْر: الثواب؛ وقد أَجَرَه
الله يأْجُرُه ويأْجِرُه أَجْراً وآجَرَه الله إِيجاراً.
وأْتَجَرَ الرجلُ: تصدّق وطلب الأَجر. وفي الحديث في الأَضاحي: كُلُوا
وادَّخِرُوا وأْتَجِروا أَي تصدّقوا طالبن لِلأَجْرِ بذلك. قال: ولا يجوز
فيه اتَّجِروا بالإِدغام لأَن الهمزة لا تدغم في التاء لأَنَّه من الأَجر
لا من التجارة؛ قال ابن الأَثير: وقد أَجازه الهروي في كتابه واستشهد
عليه بقوله في الحديث الآخر: إنّ رجلاً دخل المسجد وقد قضى النبي، صلى الله
عليه وسلم، صلاتَه فقال: من يَتّجِر يقوم فيصلي معه، قال: والرواية
إِنما هي يأْتَجِر، فإِن صح فيها يتجر فيكون من التجارة لا من الأَجر كأَنه
بصلاته معه قد حصَّل لنفسه تِجارة أَي مَكْسَباً؛ ومنه حديث الزكاة: ومن
أَعطاها مُؤْتَجِراً بها.
وفي حديث أُم سلمة: آجَرَني الله في مصيبتي وأَخْلف لي خَيْراً منها؛
آجَرَه يُؤْجِرُه إِذا أَثابه وأَعطاه الأَجر والجزاء، وكذلك أَجَرَه
يَأْجُرُه ويأْجِرُه، والأَمر منهما آجِرْني وأْجُرْني. وقوله تعالى: وآتيناه
أَجْرَه في الدنيا؛ قيل: هو الذِّكْر الحسن، وقيل: معناه أَنه ليس من
أُمة من المسلمين والنصارى واليهود والمجوس إلا وهم يعظمون إِبراهيم، على
نبينا وعليه الصلاة والسلام، وقيل: أَجْرُه في الدنيا كونُ الأَنبياء من
ولده، وقيل: أَجْرُه الولدُ الصالح. وقوله تعالى: فبشره بمغفرة وأَجْر
كريم؛ الأَجر الكريمُ: الجنةُ.
وأَجَرَ المملوكَ يأْجُرُه أَجراً، فهو مأْجور، وآجره، يؤجره إِيجاراً
ومؤاجَرَةً، وكلٌّ حسَنٌ من كلام العرب؛ وآجرت عبدي أُوجِرُه إِيجاراً،
فهو مُؤْجَرٌ. وأَجْرُ المرأَة: مَهْرُها؛ وفي التنزيل: يا أَيها النبي
إِنا أَحللنا لك أَزواجك اللاتي آتيت أُجورهنّ. وآجرتِ الأَمَةُ البَغِيَّةُ
نفسَها مؤاجَرَةً: أَباحَت نفسَها بأَجْرٍ؛ وآجر الإِنسانَ واستأْجره.
والأَجيرُ: المستأْجَرُ، وجمعه أُجَراءُ؛ وأَنشد أَبو حنيفة:
وجَوْنٍ تَزْلَقُ الحِدْثانُ فيه،
إِذا أُجَرَاؤُه نَحَطُوا أَجابا
والاسم منه: الإِجارةُ. والأُجْرَةُ: الكراء. تقول: استأْجرتُ الرجلَ،
فهو يأْجُرُني ثمانيَ حِجَجٍ أَي يصير أَجيري. وأُتْجَرَ عليه بكذا: من
الأُجرة؛ وقال أَبو دَهْبَلٍ الجُمحِي، والصحيح أَنه لمحمد بن بشير
الخارجي:يا أَحْسنَ الناسِ، إِلاّ أَنّ نائلَها،
قِدْماً لمن يَرْتَجي معروفها، عَسِرُ
وإِنما دَلُّها سِحْرٌ تَصيدُ به،
وإِنما قَلْبُها للمشتكي حَجَرُ
هل تَذْكُريني؟ ولمَّا أَنْسَ عهدكُمُ،
وقدْ يَدومَ لعهد الخُلَّةِ الذِّكَرُ
قَوْلي، ورَكْبُكِ قد مالت عمائمهُمُ،
وقد سقاهم بكَأْس النَّومَةِ السهرُ:
يا لَيْت أَني بأَثوابي وراحلتي
عبدٌ لأَهلِكِ، هذا الشهرَ، مُؤْتَجَرُ
إن كان ذا قَدَراً يُعطِيكِ نافلةً
منَّا ويَحْرِمُنا، ما أَنْصَفَ القَدَرُ
جِنِّيَّةٌ، أَوْ لَها جِنٌّ يُعَلِّمُها،
ترمي القلوبَ بقوسٍ ما لها وَتَرُ
قوله: يا ليت أَني بأَثوابي وراحلتي أَي مع أَثوابي. وآجرته الدارَ:
أَكريتُها، والعامة تقول وأَجرْتُه. والأُجْرَةُ والإِجارَةُ والأُجارة: ما
أَعْطيتَ من أَجرٍ. قال ابن سيده: وأُرى ثعلباً حكى فيه الأَجارة،
بالفتح. وفي التنزيل العزيز: على أَن تأْجُرني ثماني حِجَجٍ؛ قال الفرّاءُ:
يقول أَن تَجْعَلَ ثوابي أَن ترعى عليَّ غَنمي ثماني حِجَج؛ وروى يونس:
معناها على أَن تُثِبَني على الإِجارة؛ ومن ذلك قول العرب: آجركَ اللهُ أَي
أَثابك الله. وقال الزجاج في قوله: قالت إحداهما يا أَبَتِ استأْجِرْهُ؛
أَي اتخذه أَجيراً؛ إِن خيرَ مَن اسْتأْجرتَ القَويُّ الأَمينُ؛ أَي خيرَ
من استعملت مَنْ قَوِيَ على عَمَلِكَ وأَدَّى الأَمانة. قال وقوله: على
أَن تأْجُرَني ثمانيَ حِجَج أَي تكون أَجيراً لي. ابن السكيت: يقال أُجِرَ
فلانٌ خمسةً من وَلَدِه أَي ماتوا فصاروا أَجْرَهُ.
وأَجِرَتْ يدُه تأْجُر وتَأْجِرُ أَجْراً وإِجاراً وأُجوراً: جُبِرَتْ
على غير استواء فبقي لها عَثْمٌ، وهو مَشَشٌ كهيئة الورم فيه أَوَدٌ؛
وآجَرَها هو وآجَرْتُها أَنا إِيجاراً. الجوهري: أَجَرَ العظمُ يأْجُر
ويأْجِرُ أَجْراً وأُجوراً أَي برئَ على عَثْمٍ. وقد أُجِرَتْ يدُه أَي
جُبِرَتْ، وآجَرَها اللهُ أَي جبرها على عَثْمٍ. وفي حديث ديَة التَّرْقُوَةِ:
إِذا كُسِرَت بَعيرانِ، فإِن كان فيها أُجورٌ فأَربعة أَبْعِرَة؛
الأُجُورُ مصدرُ أُجِرَتْ يدُه تُؤْجَرُ أَجْراً وأُجوراً إِذا جُبرت على عُقْدَة
وغير استواء فبقي لها خروج عن هيئتها.
والمِئْجارُ: المِخْراقُ كأَنه فُتِلَ فَصَلُبَ كما يَصْلُبُ العظم
المجبور؛ قال الأَخطل:
والوَرْدُ يَرْدِي بِعُصْمٍ في شَرِيدِهِم،
كأَنه لاعبٌ يسعى بِمِئْجارِ
الكسائي: الإِجارةُ في قول الخليل: أَن تكون القافيةُ طاء والأُخرى
دالاً. وهذا من أُجِرَ الكَسْرُ إِذا جُبِرَ على غير استواءٍ؛ وهو فِعَالَةٌ
من أَجَرَ يأْجُر كالإِمارةِ من أَمَرَ.
والأُجُورُ واليَأْجُورُ والآجُِرُون والأُجُرُّ والآجُرُّ والآجُِرُ:
طبيخُ الطين، الواحدة، بالهاء، أُجُرَّةٌ وآجُرَّةٌ وآجِرَّة؛ أَبو عمرو:
هو الآجُر، مخفف الراء، وهي الآجُرَة. وقال غيره: آجِرٌ وآجُورٌ، على
فاعُول، وهو الذي يبنى به، فارسي معرّب. قال الكسائي: العرب تقول آجُرَّة
وآجُرَّ للجمع، وآجُرَةُ وجمعها آجُرٌ، وأَجُرَةٌ وجمعها أَجُرٌ، وآجُورةٌ
وجمعها آجُورٌ.
والإِجَّارُ: السَّطح، بلغة الشام والحجاز، وجمع الإِجَّار أَجاجِيرُ
وأَجاجِرَةٌ. ابن سيده: والإِجَّار والإِجَّارةُ سطح ليس عليه سُتْرَةٌ.
وفي الحديث: من بات على إِجَّارٍ ليس حوله ما يَرُدُ قدميه فقد بَرِئَتْ
منه الذمَّة. الإِجَّارُ، بالكسر والتشديد: السَّطحُ الذي ليس حوله ما
يَرُدُ الساقِطَ عنه. وفي حديث محمد بن مسلمة: فإِذا جارية من الأَنصار على
إِجَّارٍ لهم؛ والأَنْجارُ، بالنون: لغة فيه، والجمع الإِناجِيرُ. وفي
حديث الهجرة: فَتَلَقَّى الناسُ رسولَ الله، صلى الله عليه وسلم، في السوق
وعلى الأَجاجيرِ والأَناجِيرِ؛ يعني السطوحَ، والصوابُ في ذلك
الإِجَّار.ابن السكيت: ما زال ذلك إِجِّيراهُ أَي عادته.
ويقال لأُم إِسمعيلَ: هاجَرُ وآجَرُ، عليهما السلام.
@أخر: في أَسماء الله تعالى: الآخِرُ والمؤخَّرُ، فالآخِرُ هو الباقي بعد
فناء خلقِه كله ناطقِه وصامتِه، والمؤخِّرُ هو الذي يؤخر الأَشياءَ
فَيضعُها في مواضِعها، وهو ضدّ المُقَدَّمِ، والأُخُرُ ضد القُدُمِ. تقول:
مضى قُدُماً وتَأَخَّرَ أُخُراً، والتأَخر ضدّ التقدّم؛ وقد تَأَخَّرَ عنه
تَأَخُّراً وتَأَخُّرَةً واحدةً؛ عن اللحياني؛ وهذا مطرد، وإِنما ذكرناه
لأَن اطِّراد مثل هذا مما يجهله من لا دُرْبَة له بالعربية.
وأَخَّرْتُه فتأَخَّرَ، واستأْخَرَ كتأَخَّر. وفي التنزيل: لا يستأْخرون
ساعة ولا يستقدمون؛ وفيه أَيضاً: ولقد عَلِمنا المستقدمين منكم ولقد
علمنا المستأْخرينَ؛ يقول: علمنا من يَستقدِم منكم إِلى الموت ومن يَستأْخرُ
عنه، وقيل: عَلِمنا مُستقدمي الأُمم ومُسْتأْخِريها، وقال ثعلبٌ: عَلمنا
من يأْتي منكم إِلى المسجد متقدِّماً ومن يأْتي متأَخِّراً، وقيل: إِنها
كانت امرأَةٌ حَسْنَاءُ تُصلي خَلْفَ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم،
فيمن يصلي في النساء، فكان بعضُ من يُصلي يَتأَخَّرُ في أَواخِرِ الصفوف،
فإِذا سجد اطلع إليها من تحت إِبطه، والذين لا يقصِدون هذا المقصِدَ
إِنما كانوا يطلبون التقدّم في الصفوف لما فيه من الفضل. وفي حديث عمر، رضي
الله عنه: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال له: أَخِّرْ عني يا عمرُ؛
يقال: أَخَّرَ وتأَخَّرَ وقَدَّمَ وتقَدَّمَ بمعنًى؛ كقوله تعالى: لا
تُقَدِّموا بين يَدَي الله ورسوله؛ أَي لا تتقدموا، وقيل: معناهُ أَخَّر عني
رَأْيَكَ فاختُصِر إِيجازاً وبلاغة. والتأْخيرُ: ضدُّ التقديم.
ومُؤَخَّرُ كل شيء، بالتشديد: خلاف مُقَدَّمِه. يقال: ضرب مُقَدَّمَ رأْسه
ومؤَخَّره. وآخِرَةُ العينَ ومُؤْخِرُها ومؤْخِرَتُها: ما وَليَ اللِّحاظَ، ولا
يقالُ كذلك إِلا في مؤَخَّرِ العين. ومُؤْخِرُ العين مثل مُؤمِنٍ: الذي
يلي الصُّدْغَ، ومُقْدِمُها: الذي يلي الأَنفَ؛ يقال: نظر إِليه
بِمُؤْخِرِ عينه وبمُقْدِمِ عينه؛ ومُؤْخِرُ العين ومقدِمُها: جاء في العين
بالتخفيف خاصة.
ومُؤْخِرَةُ الرَّحْل ومُؤَخَّرَتُه وآخِرَته وآخِره، كله: خلاف
قادِمته، وهي التي يَسْتنِدُ إِليها الراكب. وفي الحديث: إِذا وضَعَ أَحدكُم بين
يديه مِثلَ آخِرة الرحلِ فلا يبالي مَنْ مرَّ وراءَه؛ هي بالمدّ الخشبة
التي يَسْتنِدُ إِليها الراكب من كور البعير. وفي حديث آخَرَ: مِثْلَ
مؤْخرة؛ وهي بالهمز والسكون لغة قليلة في آخِرَتِه، وقد منع منها بعضهم ولا
يشدّد. ومُؤْخِرَة السرج: خلافُ قادِمتِه. والعرب تقول: واسِطُ الرحل
للذي جعله الليث قادِمَه. ويقولون: مُؤْخِرَةُ الرحل وآخِرَة الرحل؛ قال
يعقوب: ولا تقل مُؤْخِرَة. وللناقة آخِرَان وقادمان: فخِلْفاها المقدَّمانِ
قادماها، وخِلْفاها المؤَخَّران آخِراها، والآخِران من الأَخْلاف: اللذان
يليان الفخِذَين؛ والآخِرُ: خلافُ الأَوَّل، والأُنثَى آخِرَةٌ. حكى
ثعلبٌ: هنَّ الأَوَّلاتُ دخولاً والآخِراتُ خروجاً. الأَزهري: وأَمَّا
الآخِرُ، بكسر الخاء، قال الله عز وجل: هو الأَوَّل والآخِر والظاهر والباطن.
روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال وهو يُمَجِّد الله: أنت
الأَوَّلُ فليس قبلك شيءٌ وأَنت الآخِرُ فليس بعدَك شيء. الليث: الآخِرُ
والآخرة نقيض المتقدّم والمتقدِّمة، والمستأْخِرُ نقيض المستقدم، والآخَر،
بالفتح: أَحد الشيئين وهو اسم على أَفْعَلَ، والأُنثى أُخْرَى، إِلاَّ
أَنَّ فيه معنى الصفة لأَنَّ أَفعل من كذا لا يكون إِلا في الصفة.
والآخَرُ بمعنى غَير كقولك رجلٌ آخَرُ وثوب آخَرُ، وأَصله أَفْعَلُ من
التَّأَخُّر، فلما اجتمعت همزتان في حرف واحد استُثْقِلتا فأُبدلت الثانية
أَلفاً لسكونها وانفتاح الأُولى قبلها. قال الأَخفش: لو جعلْتَ في الشعر
آخِر مع جابر لجاز؛ قال ابن جني: هذا هو الوجه القوي لأَنه لا يحققُ
أَحدٌ همزة آخِر، ولو كان تحقيقها حسناً لكان التحقيقُ حقيقاً بأَن يُسمع
فيها، وإِذا كان بدلاً البتة وجب أَن يُجْرى على ما أَجرته عليه العربُ من
مراعاة لفظه وتنزيل هذه الهمزة منزلةَ الأَلِفِ الزائدة التي لا حظَّ
فيها للهمز نحو عالِم وصابِرٍ، أَلا تراهم لما كسَّروا قالوا آخِرٌ
وأَواخِرُ، كما قالوا جابِرٌ وجوابِرُ؛ وقد جمع امرؤ القيس بين آخَرَ وقَيصرَ
توهَّمَ الأَلِفَ همزةً قال:
إِذا نحنُ صِرْنا خَمْسَ عَشْرَةَ ليلةً،
وراءَ الحِساءِ مِنْ مَدَافِعِ قَيْصَرَا
إِذا قُلتُ: هذا صاحبٌ قد رَضِيتُه،
وقَرَّتْ به العينانِ، بُدّلْتُ آخَرا
وتصغيرُ آخَر أُوَيْخِرٌ جَرَتِ الأَلِفُ المخففةُ عن الهمزة مَجْرَى
أَلِفِ ضَارِبٍ. وقوله تعالى: فآخَرَان يقومانِ مقامَهما؛ فسَّره ثعلبٌ
فقال: فمسلمان يقومانِ مقامَ النصرانيينِ يحلفان أَنهما اخْتَانا ثم
يُرْتجَعُ على النصرانِيِّيْن، وقال الفراء: معناه أَو آخَرانِ من غير دِينِكُمْ
من النصارى واليهودِ وهذا للسفر والضرورة لأَنه لا تجوزُ شهادةُ كافرٍ
على مسلمٍ في غير هذا، والجمع بالواو والنون، والأُنثى أُخرى. وقوله عز
وجل: وليَ فيها مآربُ أُخرى؛ جاء على لفظ صفةِ الواحدِ لأَن مآربَ في معنى
جماعةٍ أُخرى من الحاجاتِ ولأَنه رأُس آية، والجمع أُخْرَياتٌ وأُخَرُ.
وقولهم: جاء في أُخْرَيَاتِ الناسِ وأُخرى القومِ أَي في أَخِرهِم؛
وأَنشد:أَنا الذي وُلِدْتُ في أُخرى الإِبلْ
وقال الفراءُ في قوله تعالى: والرسولُ يدعوكم في أُخراكم؛ مِنَ العربِ
مَنْ يَقولُ في أُخَراتِكُمْ ولا يجوزُ في القراءةِ. الليث: يقال هذا
آخَرُ وهذه أُخْرَى في التذكير والتأْنيثِ، قال: وأُخَرُ جماعة أُخْرَى. قال
الزجاج في قوله تعالى: وأُخَرُ من شكله أَزواجٌ؛ أُخَرُ لا ينصرِفُ لأَن
وحدانَها لا تنصرِفُ، وهو أُخْرًى وآخَرُ، وكذلك كلُّ جمع على فُعَل لا
ينصرِفُ إِذا كانت وُحدانُه لا تنصرِفُ مِثلُ كُبَرَ وصُغَرَ؛ وإذا كان
فُعَلٌ جمعاً لِفُعْلةٍ فإِنه ينصرِفُ نحو سُتْرَةٍ وسُتَرٍ وحُفْرَةٍ
وحُفْرٍ، وإذا كان فُعَلٌ اسماً مصروفاً عن فاعِلٍ لم ينصرِفْ في المعرفة
ويَنْصَرِفُ في النَّكِرَةِ، وإذا كان اسماً لِطائِرٍ أَو غيره فإِنه ينصرفُ
نحو سُبَدٍ ومُرّعٍ، وما أَشبههما. وقرئ: وآخَرُ من شكلِه أَزواجٌ؛ على
الواحدِ. وقوله: ومَنَاةَ الثالِثَةَ الأُخرى؛ تأْنيث الآخَر، ومعنى
آخَرُ شيءٌ غيرُ الأَوّلِ؛ وقولُ أَبي العِيالِ:
إِذا سَنَنُ الكَتِيبَة صَـ
ـدَّ، عن أُخْراتِها، العُصَبُ
قال السُّكَّريُّ: أَراد أُخْرَياتِها فحذف؛ ومثله ما أَنشده ابن
الأَعرابي:
ويتَّقي السَّيفَ بأُخْراتِه،
مِنْ دونِ كَفَّ الجارِ والمِعْصَمِ
قال ابن جني: وهذا مذهبُ البَغدادِيينَ، أَلا تَراهم يُجيزُون في تثنية
قِرْ قِرَّى قِرْ قِرَّانِ، وفي نحو صَلَخْدَى صَلَخْدانِ؟ إَلاَّ أَنَّ
هذا إِنَّما هو فيما طال من الكلام، وأُخْرَى ليست بطويلةٍ. قال: وقد
يمكنُ أَن تكون أُخْراتُه واحدةً إِلاَّ أَنَّ الأَلِفَ مع الهاءُ تكونُ
لغير التأْنيثِ، فإِذا زالت الهاءُ صارتِ الأَلفُ حينئذ للتأْنيثِ، ومثلُهُ
بُهْمَاةٌ، ولا يُنكرُ أَن تقدَّرَ الأَلِفُ الواحدةُ في حالَتَيْنِ
ثِنْتَيْنِ تقديرينِ اثنينِ، أَلاَ ترى إِلى قولهم عَلْقَاةٌ بالتاء؟ ثم قال
العجاج:
فَحَطَّ في عَلْقَى وفي مُكُور
فجعلها للتأْنيث ولم يصرِفْ. قال ابن سيده: وحكى أَصحابُنا أَنَّ أَبا
عبيدة قال في بعض كلامه: أُراهم كأَصحابِ التصريفِ يقولون إِنَّ علامة
التأْنيثِ لا تدخلُ على علامة التأْنيثِ؛ وقد قال العجاج:
فحط في علقى وفي مكور
فلم يصرِفْ، وهم مع هذا يقولون عَلْقَاة، فبلغ ذلك أَبا عثمانَ فقال:
إنَّ أَبا عبيدة أَخفى مِن أَن يَعرِف مثل هذا؛ يريد ما تقدَّم ذكرهُ من
اختلافِ التقديرين في حالَيْنِ مختلِفينِ. وقولُهُم: لا أَفْعلهُ أُخْرَى
الليالي أَي أَبداً، وأُخْرَى المنونِ أَي آخِرَ الدهرِ؛ قال:
وما القومُ إِلاَّ خمسةٌ أَو ثلاثةٌ،
يَخُوتونَ أُخْرَى القومِ خَوْتَ الأَجادلِ
أَي مَنْ كان في آخِرهم. والأَجادلُ: جمع أَجْدلٍ الصَّقْر. وخَوْتُ
البازِي: انقضاضُهُ للصيدِ؛ قال ابنُ بَرِّي: وفي الحاشية شاهدٌ على أُخْرَى
المنونِ ليس من كلام الجوهريّ، وهو لكعب بن مالِكٍ الأَنصارِيّ، وهو:
أَن لا تزالوا، ما تَغَرَّدَ طائِرٌ
أُخْرَى المنونِ، مَوالياً إِخوانا
قال ابن بري: وقبله:
أَنَسيِتُمُ عَهْدَ النَّبيِّ إِليكُمُ،
ولقد أَلَظَّ وأَكَّدَ الأَيْمانا؟
وأُخَرُ: جمع أُخْرَى، وأُخْرَى: تأْنيثُ آخَرَ، وهو غيرُ مصروفٍ. وقال
تعالى: قِعدَّةٌ من أَيامٍ أُخَرَ، لأَن أَفْعَلَ الذي معه مِنْ لا
يُجْمَعُ ولا يؤنَّثُ ما دامَ نَكِرَةً، تقولُ: مررتُ برجلٍ أَفضلَ منك
وبامرأَةٍ أَفضل منك، فإِن أَدْخَلْتَ عليه الأَلِفَ واللاَم أَو أَضفتَه
ثَنْيَّتَ وجَمَعَتَ وأَنَّثْت، تقولُ: مررتُ بالرجلِ الأَفضلِ وبالرجال
الأَفضلِينَ وبالمرأَة الفُضْلى وبالنساءِ الفُضَلِ، ومررتُ بأَفضَلهِم
وبأَفضَلِيهِم وبِفُضْلاهُنَّ وبفُضَلِهِنَّ؛ وقالت امرأَةٌ من العرب: صُغْراها
مُرَّاها؛ ولا يجوز أَن تقول: مررتُ برجلٍ أَفضلَ ولا برجالٍ أَفضَلَ
ولا بامرأَةٍ فُضْلَى حتى تصلَه بمنْ أَو تُدْخِلَ عليه الأَلفَ واللامَ
وهما يتعاقبان عليه، وليس كذلك آخَرُ لأَنه يؤنَّثُ ويُجْمَعُ بغيرِ مِنْ،
وبغير الأَلف واللامِ، وبغير الإِضافةِ، تقولُ: مررتُ برجل آخر وبرجال
وآخَرِين، وبامرأَة أُخْرَى وبنسوة أُخَرَ، فلما جاء معدولاً، وهو صفة،
مُنِعَ الصرفَ وهو مع ذلك جمعٌ، فإِن سَمَّيْتَ به رجلاً صرفتَه في
النَّكِرَة عند الأَخفشِ، ولم تَصرفْه عند سيبويه؛ وقول الأَعشى:
وعُلِّقَتْني أُخَيْرَى ما تُلائِمُني،
فاجْتَمَعَ الحُبُّ حُبٌّ كلُّه خَبَلُ
تصغيرُ أُخْرَى.
والأُخْرَى والآخِرَةُ: دارُ البقاءِ، صفةٌ غالبة. والآخِرُ بعدَ
الأَوَّلِ، وهو صفة، يقال: جاء أَخَرَةً وبِأَخَرَةٍ، بفتح الخاءِ، وأُخَرَةً
وبأُخَرةٍ؛ هذه عن اللحياني بحرفٍ وبغير حرفٍ أَي آخرَ كلِّ شيءٍ. وفي
الحديث: كان رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، يقولُ: بِأَخَرَةٍ إِذا أَراد
أَن يقومَ من المجلِسِ كذا وكذا أَي في آخِر جلوسه. قال ابن الأَثير:
ويجوز أَن يكون في آخِرِ عمرِه، وهو بفتح الهمزة والخاءُ؛ ومنه حديث أَبي
هريرة: لما كان بِأَخَرَةٍ وما عَرَفْتُهُ إِلاَّ بأَخَرَةٍ أَي أَخيراً.
ويقال: لقيتُه أَخيراً وجاء أُخُراً وأَخيراً وأُخْرِيّاً وإِخرِيّاً
وآخِرِيّاً وبآخِرَةٍ، بالمدّ، أَي آخِرَ كلِّ شيء، والأُنثى آخِرَةٌ، والجمع
أَواخِرُ. وأَتيتُكَ آخَر مرتينِ وآخِرَةَ مرتينِ؛ عن ابن الأَعرابي،
ولم يفسر آخَر مرتين ولا آخرَةَ مرتين؛ قال ابن سيده: وعندي أَنها المرَّةُ
الثانيةُ من المرَّتين.
وسْقَّ ثوبَه أُخُراً ومن أُخُرٍ أَي من خلف؛ وقال امرؤ القيس يصفُ
فرساً حِجْراً:
وعينٌ لها حَدْرَةٌ بَدْرَةٌ،
شقَّتْ مآقِيهِما مِنْ أُخُرْ
وعين حَدْرَةٌ أَي مُكْتَنِزَةٌ صُلْبة. والبَدْرَةُ: التي تَبْدُر
بالنظر، ويقال: هي التامة كالبَدْرِ. ومعنى شُقَّتْ من أُخُرٍ: يعني أَنها
مفتوحة كأَنها شُقَّتْ من مُؤْخِرِها. وبعتُه سِلْعَة بِأَخِرَةٍ أَي
بنَظِرَةٍ وتأْخيرٍ ونسيئة، ولا يقالُ: بِعْتُه المتاعَ إِخْرِيّاً. ويقال في
الشتم: أَبْعَدَ اللهُ الأَخِرَ،بكسر الخاء وقصر الأَلِف، والأَخِيرَ ولا
تقولُه للأُنثى. وحكى بعضهم: أَبْعَدَ اللهُ الآخِرَ، بالمد، والآخِرُ
والأَخِيرُ الغائبُ. شمر في قولهم: إِنّ الأَخِرَ فَعَلَ كذا وكذا، قال
ابن شميل: الأَخِرُ المؤُخَّرُِ المطروحُ؛ وقال شمر: معنى المؤُخَّرِ
الأَبْعَدُ؛ قال: أُراهم أَرادوا الأَخِيرَ فأَنْدَروا الياء.
وفي حديث ماعِزٍ: إِنَّ الأَخِرَ قد زنى؛ الأَخِرُ، بوزن الكِبِد، هو
الأَبعدُ المتأَخِّرُ عن الخير. ويقال: لا مرحباً بالأَخِر أَي بالأَبعد؛
ابن السكيت: يقال نظر إِليَّ بِمُؤُخِرِ عينِه. وضَرَبَ مُؤُخَّرَ رأْسِه،
وهي آخِرَةُ الرحلِ. والمِئخارُ: النخلةُ التي يبقى حملُها إلى آخِرِ
الصِّرام: قال:
ترى الغَضِيضَ المُوقَرَ المِئخارا،
مِن وَقْعِه، يَنْتَثِرُ انتثاراً
ويروى: ترى العَضِيدَ والعَضِيضَ. وقال أَبو حنيفة: المئخارُ التي يبقى
حَمْلُها أَلى آخِرِ الشتاء، وأَنشد البيت أَيضاً. وفي الحديث: المسأَلةُ
أَخِرُ كَسْبِ المرءِ أَي أَرذَلُه وأَدناهُ؛ ويروى بالمدّ، أَي أَنّ
السؤالَ آخِرُ ما يَكْتَسِبُ به المرءُ عند العجز عن الكسب.
@أدر: الأُدْرَةُ، بالضم: نفخةٌ في الخُصْيةِ؛ يقال: رجل آدَرُ بَيْنُ
الأَدَرِ. غيرُه: الأَدَرُ والمأْدُورُ الذي يَنْفَتِقُ صِفاقُهُ فيَقعُ
قُصْبُه ولا يَنْفَتِقُ إِلاَّ من جانبه الأَيسرِ، وقيل: هو الذي يُصيبهُ
فَتْقٌ في إِحدى الخُصْيتينِ، ولا يقال امرأَةٌ أَدْراءُ، إِما لأَنه لم
يُسْمَعْ، وإِما أَن يكون لاختلاف الخِلْقَة؛ وقد أَدِرَ يأْدَرُ أَدَراً،
فهو آدَرُ، والاسم الأُدْرَةُ؛ وقيل: الأدَرَةُ الخُصْيَةُ، والخُصْيَةُ
الأَدْراءُ: العظيمةُ من غير فَتْقٍ. وفي الحديث: أَنَّ رجلاً أَتاه وبه
أُدْرَةٌ، فقال: ائْتِ بِعُسٍّ، فحَسا مَجَّه فيه، وقال: انْتَضِحْ به،
فذهبت عنه الأُدْرَةُ. ورجل آدَرُ: بَيْنُ الأَدَرَةِ، بفتح الهمزة
والدال، وهي التي تسميها الناسُ القَيْلَةَ. ومنه الحديث: إِن بني إِسرائيلَ
كانوا يقولونَ إِن موسى آدَرُ، من أَجل أَنه كان لا يغتَسل إِلاَّ وحدَه.
وفيه نزل قوله تعالى: ولا تكونوا كالذين آذَوْا موسى (الآية). الليث:
الأَدَرَةُ والأَدَرُ مصدران، والأُدْرَةُ اسم تلك المنْتَفِخَة، والآدَرُ
نَعْتٌ.
@أرر: الإِرَارُ والأَرُّ: غُصْنٌ من شوك أَو قَتادٍ تُضْرَبُ به الأَرضُ
حتى تلينَ أَطرافُه ثم تَبُلُّه وتَذُرُّ عليه مِلحاً، ثم تُدخِلُه في
رَحِم الناقةِ إِذا مارَنَتْ فلم تَلْقَحْ، وقد أَرَّها يَؤُرُّها أَرّاً.
قال الليث: الإِرارُ شِبهُ ظُؤُرَةٍ يَؤُرُّ بها الراعي رَحِمَ الناقةِ
إِذا مارَنَتْ، وممارَنَتُها أَنَ يَضْرِبَها الفَحلُ فلا تَلْقَحَ.
قال: وتفسيرُ قوله يَؤُرُّها الراعي هو أَن يُدْخِلَ يَدَه في رَحمِها
أَو يَقْطَعَ ما هناك ويعالجه. والأَرُّ: أَن يَأْخُذَ الرجلُ إِراراً،
وهو غصنٌ من شوك القَتادِ وغيره، ويفعَلَ به ما ذكرناه. والأَرُّ: الجماع.
وفي خطبة عليّ، كرّم الله تعالى وجهه: يُفْضي كإِفضْاءٍ الدِّيَكةِ
ويَؤُرُّ بِملاقِحِه؛ الأَرُّ: الجماع. وأَرَّ المرأَةَ يَؤُرُّها أَرّاً:
نَكحها. غيره: وأَرَّ فلان إِذا شَفْتَنَ؛ ومنه قوله:
وما النَّاسُ إِلاَّ آئِرٌ ومَئِيرُ
قال أَبُو منصور: معنى شَفْتَنَ ناكَحَ وجامَع، جعل أَرَّ وآرَ بمعنًى
واحِد. أَبو عبيد: أَرَرْتُ المرأَةَ أَوُرُّها أَرّاً إِذا نكحتها. ورجل
مِئَرُّ: كثير النكاح؛ قالت بنت الحُمارِس أَو الأَغْلب:
بَلَّتْ به عُلابِطاً مِئَرّا،
ضَخْمَ الكَراديس وَأَي زِبِرّا
أَبو عبيد: رجل مِئَرٌ أَي كثير النكاح مأْخوذ من الأَيْر؛ قال
الأَزهري: أَقرأَنيه الإِياديُّ عن شمر لأَبي عبيد، قال: وهو عندي تصحيف والصواب
مِيأَرٌ، بوزن مِيعَرٍ، فيكون حينئذٍ مِفْعَلاً من آرَها يَئِيرُها
أَيْراً؛ وإِن جعلته من الأَرِّ قلت: رجل مِئِرُّ؛ وأَنشد أَبو بكر بن محمد بن
دريد أَبيات بنت الحمارس أَو الأَغلب.
واليُؤُرُورُ:الجِلْوازُ، وهو من ذلك عند أَبي علي.
والأَريرُ: حكاية صوت الماجِن عند القِمارِ والغَلَبة، يقال: أَرَّ
يأَرُّ أَريراً. أَبو زيد: ائْتَرَّ الرجل ائْتِراراً إِذا استْعَجْل؛ قال
أَبو منصور: لا أَدري هو بالزاي أَم بالراء؛ وقد أَرَّ يَؤُرُّ.
وأَرَّ سَلْحَه أَرّاً وأَرَّ هو نَفْسُه إِذا اسْتَطْلَقَ حتى يموتَ.
وأَرْأَرْ: من دُعاءِ الغنم.
@أزر: أَزَرَ به الشيءُ: أَحاطَ؛ عن ابن الأَعرابي.
والإِزارُ: معروف. والإِزار: المِلْحَفَة، يذكر ويؤنث؛ عن اللحياني؛ قال
أَبو ذؤيب:
تَبَرَّأُ مِنْ دَمِ القَتيلِ وبَزِّه،
وقَدْ عَلِقَتْ دَمَ القَتِيل إِزارُها
يقول: تَبَرَّأُ من دم القَتِيل وتَتَحَرَّجُ ودمُ القتيل في ثوبها.
وكانوا إِذا قتل رجل رجلاً قيل: دم فلان في ثوب فلان أَي هو قتله، والجمع
آزِرَةٌ مثل حِمار وأَحْمِرة، وأُزُر مثل حمار وحُمُر، حجازية؛ وأُزْر:
تميمية على ما يُقارب الاطِّراد في هذا النحو. والإِزارَةُ: الإِزار، كما
قالوا للوِساد وسادَة؛ قال الأَعشى:
كَتَمايُلِ، النَّشْوانِ يَرْ
فُلُ في البَقيرَة والإِزارَه
قال ابن سيده: وقول أَبي ذؤيب:
وقد عَلِقَتْ دَمَ القَتِيلِ إِزارُها
يجوز أَن يكون على لغة من أَنَّث الإِزار، ويجوز أَن يكون أَراد
إِزارَتَها فحذف الهاء كما قالوا ليت شِعْري، أَرادوا ليت شِعْرتي، وهو أَبو
عُذْرِها وإنما المقول ذهب بعُذْرتها.
والإِزْرُ والمِئْزَرُ والمِئْزَرَةُ: الإِزارُ؛ الأَخيرة عن اللحياني.
وفي حديث الاعتكاف: كان إِذا دخل العشرُ الأَواخرُ أَيقظ أَهله وشَدَّ
المئْزَرَ؛ المئزَرُ: الإِزار، وكنى بشدّة عن اعتزال النساء، وقيل: أَراد
تشميره للعبادة. يقال: شَدَدْتُ لهذا الأَمر مِئْزَري أَي تشمرت له؛ وقد
ائْتَزَرَ به وتأَزَّرَ. وائْتَزَرَ فلانٌ إزْرةً حسنةً وتأَزَّرَ: لبس
المئزر، وهو مثل الجِلْسَةٍ والرِّكْبَةِ، ويجوز أَن تقول: اتَّزَرَ
بالمئزر أَيضاً فيمن يدغم الهمزة في التاء، كما تقول: اتَّمَنْتُهُ، والأَصل
ائْتَمَنْتُهُ. ويقال: أَزَّرْتهُ تأْزيراً فَتَأَزَّرَ.
وفي حديث المْبعثَ: قال له ورقة إِنْ يُدْرِكْني يومُك أَنْصُرْك
نَصْراً مُؤَزَّراً أَي بالغاً شديداً يقال: أَزَرَهُ وآزَرَهُ أَعانه وأَسعده،
من الأَزْر: القُوَّةِ والشِّدّة؛ ومنه حديث أَبي بكر أَنه قال للأَنصار
يوم السَّقِيفَةِ: لقد نَصَرْتُم وآزَرْتُمْ وآسَيْتُمْ. الفرّاء:
أَزَرْتُ فلاناً آزُرُه أَزْراً قوّيته، وآزَرْتُه عاونته، والعامة تقول:
وازَرْتُه. وقرأَ ابن عامر: فَأَزَرَهُ فاسْتَغْلَظَ، على فَعَلَهُ، وقرأَ
سائر القرّاء: فَآزَرَهُ. وقال الزجاج: آزَرْتُ الرجلَ على فلان إِذا
أَعنته عليه وقوّيته. قال: وقوله فآزره فاستغلظ؛ أَي فآزَرَ الصغارُ الكِبارَ
حتى استوى بعضه مع بعض.
وإِنه لحَسَنُ الإِزْرَةِ: من الإِزارِ؛ قال ابن مقبل:
مثلَ السِّنان نَكيراً عند خِلَّتِهِ
لكل إِزْرَةِ هذا الدهره ذَا إِزَرِ.
وجمعُ الإِزارِ أُزُرٌ. وأَزَرْتُ فلاناً إِذا أَلبسته إِزاراً
فَتَأَزَّرَ تَأَزُّراً. وفي الحديث: قال الله تعالى: العَظَمَة إِزاري
والكِبْرياء ردائي؛ ضرب بهما مثلاً في انفراده بصفة العظمة والكبرياء أَي ليسا
كسائر الصفات التي قد يتصف بها الخلق مجازاً كالرحمة والكرم وغيرهما،
وشَبَّهَهُما بالإِزار والرداء لأَن المتصف بهما يشتملانه كما يشتمل الرداءُ
الإِنسان، وأَنه لا يشاركه في إِزاره وردائه أَحدٌ، فكذلك لا ينبغي أَن
يشاركه اللهَ تعالى في هذين الوصفين أَحدٌ. ومنه الحديث الآخر: تَأَزَّرَ
بالعَظَمَةِ وتَردّى بالكبرياء وتسربل بالعز؛ وفيه: ما أَسْفَلَ من الكعبين
من الإِزارِ فَفِي النار أَي ما دونه من قدَم صاحبه في النار عقوبةً له،
أَو على أَن هذا الفعل معدود في أَفعال أَهل النار؛ ومنه الحديث:
إِزْرَةُ المؤمن إلى نصف الساق ولا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين؛ الإِزرة،
بالكسر: الحالة وهيئة الائتزار؛ ومنه حديث عثمان: قال له أَبانُ بنُ
سعيد: ما لي أَراك مُتَحَشِّفاً؟ أَسْبِلْ، فقال: هكذا كان إِزْرَةُ صاحبنا.
وفي الحديث: كان يباشر بعض نسائه وهي مُؤُتَزِرَةٌ في حالة الحيض؛ أَي
مشدودة الإِزار. قال ابن الأَثير: وقد جاء في بعض الروايات وهي
مُتَّزِرَةٌ، قال: وهو خطأٌ لأَن الهمزة لا تدغم في التاء. والأُزْرُ: مَعْقِدُ
الإِزارِ، وقيل: الإِزار كُلُّ ما واراك وسَتَرك؛ عن ثعلب. وحكي عن ابن
الأَعرابي: رأَيت السَّرَوِيَّ
(* قوله «السروي» هكذا بضبط الأصل.) يمشي في
داره عُرْياناً، فقلت له: عرياناً؟ فقال: داري إِزاري.
والإِزارُ: العَفافُ، على المثل؛ قال عديّ
بن زيد:
أَجْلِ أَنَّ اللهَ قَدْ فَضَّلَكُمْ
فَوْقَ مَنْ أَحْكأَ صُلْباً بِإِزارِ
أَبو عبيد: فلان عفيف المِئْزَر وعفيف الإِزارِ إِذا وصف بالعفة عما
يحرم عليه من النساء، ويكنى بالإِزار عن النفس وعن المرأَة؛ ومنه قول
نُفَيْلَةَ الأَكبر الأَشْجعيّ، وكنيته أَبو المِنْهالِ، وكان كتب إِلى
عمربن الخطاب أَبياتاً من الشعر يشير فيها إلى رجل، كان والياً على
مدينتهم، يخرج الجواريَ إِلى سَلْعٍ عند خروج أَزَواجهن إِلى الغزو،
فيَعْقِلُهُن ويقول لا يمشي في العِقال إِلا الحِصَان، فربما وقعت فتكشفت، وكان اسم
هذا الرجل جعدة بن عبدالله السلمي؛ فقال:
أَلا أَبلِغْ، أَبا حَفْصٍ، رسولاً
فِدىً لك، من أَخي ثِقَةٍ، إِزاري
قَلائِصَنَا، هداك الله، إِنا
شُغِلْنَا عنكُمُ زَمَنَ الحِصَارِ
فما قُلُصٌ وُجِدْنَ مُعَقَّلاتٍ،
قَفَا سَلْعٍ، بِمُخْتَلَفِ النِّجار
قلائِصُ من بني كعب بن عمرو،
وأَسْلَمَ أَو جُهَيْنَةَ أَو غِفَارِ
يُعَقِّلُهُنَّ جَعْدَةُ من سُلَيمٍ،
غَوِيِّ يَبْتَغِي سَقَطَ العْذَارِي
يُعَقّلُهُنَّ أَبيضُ شَيْظَمِيٌّ،
وبِئْسَ مُعَقِّلُ الذَّوْدِ الخِيَارِ
وكنى بالقلائص عن النساء ونصبها على الإِغراء، فلما وقف عمر، رضي الله
عنه، على الأَبيات عزله وسأَله عن ذلك الأَمر فاعترف، فجلده مائةً
مَعْقُولاً وأَطْرَدَهُ إلى الشام، ثم سئل فيه فأَخرجه من الشام ولم يأْذن له في
دخول المدينة، ثم سئل فيه أَن يدخل لِيُجَمِّعَ، فكان إِذا رآه عمر
توعده؛ فقال:
أَكُلَّ الدَّهرِ جَعْدَةُ مُسْتحِقٌّ،
أَبا حَفْصٍ، لِشَتْمٍ أَو وَعِيدِ؟
فَمَا أَنا بالْبَريء بَرَاه عُذْرٌ،
ولا بالخَالِعِ الرَّسَنِ الشَّرُودِ
وقول جعدة قوله
(* «وقول جعدة إلخ» هكذا في الأصل المعتمد عليه، ولعل
الأولى أن يقول وقول نفيلة الأكبر الأشجعي إلخ لأنه هو الذي يقتضيه سياق
الحكاية). بن عبدالله السلمي:
فِدىً لك، من أَخي ثقة، إِزاري.
أَي أَهلي ونفسي؛ وقال أَبو عمرو الجَرْمي: يريد بالإِزار ههنا المرأَة.
وفي حديث بيعة العقبة: لَنَمْنَعَنَّك مما نمنع منه أُزُرَنا أَي نساءنا
وأَهلنا، كنى عنهن بالأُزر، وقيل: أَراد أَنفسنا. ابن سيده: والإِزارُ
المرأَة، على التشبيه؛ أَنشد، الفارسي:
كَانَ منها بحيث تُعَْكَى الإِزارُ
وفرسٌ آزَرُ: أَبيض العَجُز، وهو موضع الإِزوار من الإِنسان. أَبو
عبيدة: فرس آزَرُ، وهو الأَبيض الفخذَين ولونُ مقاديمه أَسودُ أَو أَيُّ لون
كان.
والأَزْرُ: الظهر والقوّة؛ وقال البعيث:
شَدْدَتُ له أَزْري بِمِرَّةِ حازمٍ
على مَوْقِعٍ من أَمره ما يُعاجِلُهْ
ابن الأَعرابي في قوله تعالى: اشدد به أَزري؛ قال الأَزر القوّة،
والأَزْرُ الظَّهْرُ، والأَزر الضعف. والإِزْرُ، بكسر الهمزة: الأَصل. قال: فمن
جعل الأَزْرَ القوّة قال في قوله اشدد به أَزري أَي اشدد به قوّتي، ومن
جعله الظهر قال شدّ به ظهري، ومن جعله الضَّعْف قال شدّ به ضعفي وقوِّ
به ضعفي؛ الجوهري: اشدد به أَزري أَي ظهري وموضعَ الإِزار من الحَقْوَيْن.
وآزَرَهُ ووازَرَهُ: أَعانه على الأَمر؛ الأَخيرة على البدل، وهو شاذ،
والأَوّل أَفصح.
وأَزَرَ الزَّرْعُ وتَأَزَّرَ: قَوَّى بعضه بعضاً فَالْتَفَّ وتلاحق
واشتد؛ قال الشاعر:
تَأَزَّرَ فيه النبتُ حتى تَخايَلَتْ
رُباه، وحتى ما تُرى الشَّاءُ نُوَّما
وآزَر الشيءُ: ساواه وحاذاه؛ قال امرؤ القيس:
بِمَحْنِيَّةٍ قد آزَرَ الضَّالَ نَبْتُها
مَضَمِّ جُيوشٍ غانِمين، وخُيَّبِ
(* قوله «مضمّ» في نسخة مجر كذا بهامش
الأَصل).
أَي ساوى نبتُها الضال، وهو السِّدْر البريّ، أَراد: فآزره الله تعالى
فساوى الفِراخُ الطِّوالَ فاستوى طولها. وأَزَّرَ النبتُ الأَرضَ: غطاها؛
قال الأَعشى:
يُضاحِكُ الشَّمْسَ منها كوكبٌ شَرِقٌ،
مُؤُزَّرٌ بعميم النَّبْتِ مُكْتَهِلُ
وآزَرُ: اسم أَعجمي، وهو اسم أَبي إِبراهيم، على نبينا وعليه الصلاة
والسلام؛ وأَما قوله عز وجل: وإِذ قال إِبراهيم لأَبيه آزر؛ قال أَبو إِسحق:
يقرأُ بالنصب آزرَ، فمن نصب فموضع آزر خفض بدل من أَبيه، ومن قرأَ آزرُ،
بالضم، فهو على النداء؛ قال: وليس بين النسَّابين اختلاف أَن اسم أَبيه
كان تارَخَ والذي في القرآن يدل على أَن اسمه آزر، وقيل: آزر عندهم ذمُّ
في لغتهم كأَنه قال وإِذ قال: وإذ قال إِبراهيم لأَبيه الخاطئ، وروي عن
مجاهد في قوله: آزر أَتتخذ أَصناماً، قال لم يكن بأَبيه ولكن آزر اسم
صنم، وإِذا كان اسم صنم فموضعه نصب كأَنه قال إِبراهيم لأَبيه أَتتخذ آزر
إِلهاً، أَتتخذ أَصناماً آلهة؟.
@أسر: الأُسْرَةُ: الدِّرْعُ الحصينة؛ وأَنشد:
والأُسْرَةُ الحَصْدَاءُ، والْـ
ـبَيْضُ المُكَلَّلُ، والرِّمَاح
وأَسَرَ قَتَبَهُ: شدَّه. ابن سيده: أَسَرَهُ يَأْسِرُه أَسْراً
وإِسارَةً شَدَّه بالإِسار. والإِسارُ: ما شُدّ به، والجمع أُسُرٌ. الأَصمعي: ما
أَحسَنَ ما أَسَرَ قَتَبَه أَي ما أَحسَنَ ما شدّه بالقِدِّ؛ والقِدُّ
الذي يُؤُسَرُ به القَتَبُ يسمى الإِسارَ، وجمعه أُسُرٌ؛ وقَتَبٌ مَأْسور
وأَقْتابٌ مآسير.
والإِسارُ: الْقَيْدُ ويكون حَبْلَ الكِتافِ، ومنه سمي الأَسير، وكانوا
يشدّونه بالقِدِّ فسُمي كُلُّ أَخِيذٍ أَسِيراً وإن لم يشدّ به. يقال:
أَسَرْت الرجلَ أَسْراً وإساراً، فهو أَسير ومأْسور، والجمع أَسْرى
وأُسارى. وتقول: اسْتَأْسِرْ أَي كن أَسيراً لي. والأَسيرُ: الأَخِيذُ، وأَصله
من ذلك. وكلُّ محبوس في قدٍّ أَو سِجْنٍ: أَسيرٌ. وقوله تعالى: ويطعمون
الطعام على حُبِّه مسكيناً ويتيماً وأَسيراً؛ قال مجاهد: الأَسير المسجون،
والجمع أُسَراءِ وأُسارى وأَسارى وأَسرى. قال ثعلب: ليس الأَسْر بعاهة
فيجعل أَسرى من باب جَرْحى في المعنى، ولكنه لما أُصيب بالأَسر صار
كالجريح واللديغ، فكُسِّرَ على فَعْلى، كما كسر الجريح ونحوه؛ هذا معنى قوله.
ويقال للأَسير من العدوّ: أَسير لأَن آخذه يستوثق منه بالإِسار، وهو
القِدُّ لئلا يُفلِتَ. قال أَبو إِسحق: يجمع الأَسير أَسرى، قال: وفَعْلى جمع
لكل ما أُصيبوا به في أَبدانهم أَو عقولهم مثل مريض ومَرْضى وأَحمق
وحمَقْى وسكران وسَكْرى؛ قال: ومن قرأَ أَسارى وأُسارى فهو جمع الجمع. يقال:
أَسير وأَسْرَى ثم أَسارى جمع الجمع. الليث: يقالُ أُسِرَ فلانٌ إِساراً
وأُسِر بالإِسار، والإِسار الرِّباطُ، والإِسارُ المصدر كالأَسْر.
وجاءَ القوم بأَسْرِهم؛ قال أَبو بكر: معناه جاؤُوا بجميعهم وخَلْقِهم.
والأَسْرِ في كلام العرب: الخَلْقُ. قال الفراء: أُسِرَ فلانٌ أَحسن
الأَسر أَي أَحسن الخلق، وأَسرَهَ الله أَي خَلَقَهُ. وهذا الشيءُ لك بأَسره
أَي بِقدِّه يعني كما يقال برُمَّتِه. وفي الحديث: تَجْفُو القبيلة
بأَسْرِها أَي جميعها. والأَسْرُ: سِدَّة الخَلْقِ. ورجل مأْسور ومأْطور:
شديدُ عَقْد المفاصِل والأَوصال، وكذلك الدابة. وفي التنزيل: نحن خلقناهم
وشددنا أَسْرَهم؛ أَي شددنا خَلْقهم، وقيل: أَسرهم مفاصلهم؛ وقال ابن
الأَعرابي: مَصَرَّتَيِ البَوْل والغائط إِذا خرج الأَذى تَقَبَّضَتا، أَو
معناه أَنهما لا تسترخيان قبل الإِرادة. قال الفراء: أَسَرَه اللهُ أَحْسَنَ
الأَسْر وأَطَره أَحسن الأَطْر، ويقال: فلانٌ شديدُ أَسْرِ الخَلْقِ إِذا
كان معصوب الخَلْق غيرَ مُسْترْخٍ؛ وقال العجاج يذكر رجلين كانا
مأْسورين فأُطلقا: فأَصْبَحا بنَجْوَةٍ بعدَ ضَرَرْ،
مُسَلَّمَيْنِ منْ إِسارٍ وأَسَرْ.
يعني شُرِّفا بعد ضيق كانا فيه. وقوله: من إِسارٍ وأَسَرٍ، أَراد:
وأَسْرٍ، فحك لاحتياجه إِليه، وهو مصدر. وفي حديث ثابت البُناني: كان داود،
عليه السلام، إِذا ذكر عقابَ اللهِ تَخَلَّعَتْ أَوصالُه لا يشدّها إِلاَّ
الأَسْرُ أَي الشَّدُّ والعَصْبُ.
والأَسْرُ: القوة والحبس؛ ومنه حديث الدُّعاء: فأَصْبَحَ طَلِيقَ
عَفْوِكَ من إِسارِ غَضَبك؛ الإِسارُ، بالكسر: مصدرُ أَسَرْتُه أَسْراً
وإِساراً، وهو أَيضاً الحبل والقِدُّ الذي يُشدّ به الأَسير.
وأُسْرَةُ الرجل: عشيرته ورهطُه الأَدْنَوْنَ لأَنه يتقوى بهم. وفي
الحديث: زنى رجل في أُسْرَةٍ من الناس؛ الأُسْرَةُ: عشيرة الرجل وأَهل
بيته.وأُسِرَ بَوْلُه أَسْراً: احْتَبَسَ، والاسم الأَسْرُ والأُسْرُ، بالضم،
وعُودُ أُسْرٍ، منه.
الأَحْمر: إِذا احتبس الرجل بَوْله قيل: أَخَذَه الأُسْرُ، وإِذا
احتَبَس الغائط فهو الحُصْرُ. ابن الأَعرابي: هذا عُودُ يُسْرٍ وأُسْرٍ، وهو
الذي يُعالَجُ به الإِنسانُ إِذا احْتَبَسَ بَوْلُه. قال: والأُسْرُ
تَقْطِيرُ البول وحزُّ في المثانة وإضاضٌ مِثْلُ إِضاضِ الماخِضِ. يقال:
أَنالَه اللهُ أُسْراً. وقال الفراء: قيل عود الأُسْر هو الذي يُوضَعُ على بطن
المأْسور الذي احْتَبَسَ بوله، ولا تقل عود اليُسْر، تقول منه أُسِرَ
الرجل فهو مأْسور. وفي حديث أَبي الدرداء: أَن رجلاً قال له: إِنَّ أَبي
أَخَذه الأُسر يعني احتباس البول.
وفي حديث عُمر: لا يُؤُسَر في الإِسلام أَحد بشهادة الزور، إِنا لا نقبل
العُدول، أَي لا يُحْبس؛ وأَصْلُه من الآسِرَة القِدِّ، وهي قَدْر ما
يُشَدُّ به الأَسير.
وتآسِيرُ السَّرْجِ: السُّيور التي يُؤُسَرُ بها.
أَبو زيد: تَأَسَّرَ فلانٌ عليَّ تأَسُّراً إِذا اعتلّ وأَبطأَ؛ قال
أَبو منصور: هكذا رواه ابن هانئ عنه، وأَما أَبو عبيد فإِنه رواه عنه
بالنون: تأَسَّنَ، وهو وهمٌ والصواب بالراءِ.
@أشر: الأَشَرُ: المَرَح. والأَشَرُ: البَطَرُ.
أَشِرَ الرجلُ، بالكسر، يَأْشَرُ أَشَراً، فهو أَشِرٌ وأَشُرٌ
وأَشْرانُ: مَرِحَ. وفي حديث الزكاة وذكر الخيل: ورجلٌ اتَّخَذَها أَشَراً
ومَرَحاً؛ البَطَرُ. وقيل: أَشَدُّ البَطَر. وفي حديث الزكاة أَيضاً: كأَغَذِّ
ما كانت وأَسمنه وآشَرِهِ أَي أَبْطَرِه وأَنْشَطِه؛ قال ابن الأَثير:
هكذا رواه بعضهم، والرواية: وأَبْشَرِه. وفي حديث الشعْبي: اجتمع جَوارٍ
فَأَرِنَّ وأَشِرْنَ. ويُتْبعُ أَشِرٌ فيقال: أَشِرٌ أَفِرٌ وأَشْرَانُ
أَفْرانُ، وجمع الأَشِر والأَشُر: أَشِرون وأَشُرون، ولا يكسَّران لأَن
التكسير في هذين البناءَين قليل، وجمع أَشْرانَ أَشارى وأُشارى كسكران
وسُكارى؛ أَنشد ابن الأَعرابي لمية بنت ضرار الضبي ترثي أَخاها:
لِتَجْرِ الحَوادِثُ، بَعْدَ امْرِئٍ
بوادي أَشائِنَ، إِذْلالَها
كَريمٍ نثاهُ وآلاؤُه،
وكافي العشِيرَةِ ما غالَها
تَراه على الخَيْلِ ذا قُدْمَةٍ،
إِذا سَرْبَلَ الدَّمُ أَكْفالهَا
وخَلَّتْ وُعُولاً أُشارى بها،
وقدْ أَزْهَفَ الطَّعْنُ أَبْطالَها
أَزْهَفَ الطَّعْنُ أَبْطالَها أَي صَرَعَها، وهو بالزاي، وغَلِطَ بعضهم
فرواه بالراء. وإِذْلالها: مصدرُ مقدَّرٍ كأَنه قال تُذِلُّ إِذْلالها.
ورجل مِئْشِيرٌ وكذلك امرأَةٌ مِئْشيرٌ، بغير هاء. وناقة مِئْشِير
وجَواد مِئْشِير: يستوي فيه المذكر والمؤَنث؛ وقول الحرث بن حلِّزة:
إِذْ تُمَنُّوهُمُ غُروراً، فَساقَتْـ
ـهُمْ إِلَيْكُمْ أُمْنِيَّةٌ أَشْراءُ
هي فَعْلاءُ من الأَشَر ولا فعل لها. وأَشِرَ النخل أَشَراً كثُر
شُرْبُه للماء فكثرت فراخه.
وأَشَرَ الخَشَبة بالمِئْشار، مهموز: نَشَرها، والمئشار: ما أُشِرَ به.
قال ابن السكيت: يقال للمِئشار الذي يقطع به الخشب مِيشار، وجمعه
مَواشِيرُ من وَشَرْتُ أَشِر، ومِئْشارٌ جمعه مآشِيرُ من أَشَرْت آشِرُ. وفي
حديث صاحب الأُخْدود: فوضع المِئْشارَ على مَفْرَِقِ رأْسه؛ المِئْشارُ،
بالهمز: هو المِنْشارُ، بالنون، قال: وقد يترك الهمز. يقال: أَشَرْتُ
الخَشَبة أَشْراً، ووَشَرْتُهَا وَشْراً إِذا شَقْقْتَها مثل نَشَرْتُها نشراً،
ويجمع على مآشيرَ وموَاشير؛ ومنه الحديث: فقطعوهم بالمآشير أَي
بالمناشير؛ وقول الشاعر:
لَقَدْ عَيَّلَ الأَيتامَ طَعْنَةُ ناشِرَه،
أَناشِرَ لا زالَتْ يَمِينُك آشرَه
أَراد: لا زالتْ يَمينُك مأْشُورة أَو ذاتَ أَشْر كما قال عز وجل:
خُلِقَ من ماء دافق؛ أَي مدفوق. ومثلُ قوله عز وجل: عيشة راضية؛ أَي
مَرْضِيَّة؛ وذلك أَن الشاعر إِنما دعا على ناشرة لا له، بذلك أَتى الخبر، وإِياه
حكت الرواة، وذو الشيء قد يكون مفعولاً كما يكون فاعلاً؛ قال ابن بري:
هذا البيت لنائِحةِ هَمّام ابن مُرَّةَ بن ذُهْل بن شَيْبان وكان قتله
ناشرة، وهو الذي رباه، قتله غدراً؛ وكان همام قد أَبْلي في بني تَغْلِبَ في
 

rahaal

تربوي
عضو ملتقى المعلمين
حرب البسوس وقاتل قتالاً شديداً ثم إِنه عَطِشَ فجاء إِلى رحله يستسقي،
وناشرة عند رحله، فلما رأَى غفلته طعنه بحربة فقتله وهَرَب إِلى بني تغلب.
وأُشُرُ الأَسنان وأُشَرُها: التحريز الذي فيها يكون خِلْقة
ومُسْتَعملاً، والجمع أُشُور؛ قال:
لها بَشَرٌ صافٍ وَوَجْهٌ مُقَسَّمٌ،
وغُرُّ ثَنَايا، لم تُفَلَّلْ أُشُورُها
وأُشَرُ المِنْجَل: أَسنانُه، واستعمله ثعلب في وصف المِعْضاد فقال:
المِعْضاد مثل المنْجل ليست له أُشَر، وهما على التشبيه.
وتأْشير الأَسنان: تحْزيزُها وتَحْديدُ أَطرافها. ويقال: بأَسنانه أُشُر
وأُشَر، مثال شُطُب السيف وشُطَبِه، وأُشُورٌ أَيضاً؛ قال جميل:
سَبَتْكَ بمَصْقُولٍ تَرِفُّ أُشُوره
وقد أَشَرَتِ المرأَة أَسنْانها تأْشِرُها أَشْراً وأَشَّرَتْها:
حَزَّزتها. والمُؤُتَشِرَة والمُسْتأْشِرَة كلتاهما: التي تدعو إِلى أَشْر
أَسنانها. وفي الحديث: لُعِنتَ المأْشورةُ والمستأْشِرة. قال أَبو عبيد:
الواشِرَةُ المرأَة التي تَشِرُ أَسنانها، وذلك أَنها تُفَلِّجها وتُحَدِّدها
حتى يكون لها أُشُر، والأُشُر: حِدَّة ورِقَّة في أَطراف الأَسنان؛ ومنه
قيل: ثَغْر مؤُشَّر، وإِنما يكون ذلك في أَسنان الأَحداث، تفعله المرأَة
الكبيرة تتشبه بأُولئك؛ ومنه المثل السائر: أَعْيَيْتِني بأُشُرٍ
فَكَيْفَ أَرْجُوكِ
(* قوله: «أرجوك» كذا بالأَصل المعوّل عليه والذي في الصحاح
والقاموس والميداني سقوطها وهو الصواب ويشهد له سقوطها في آخر العبارة).
بِدُرْدُرٍ؟ وذلك أَن رجلاً كان له ابن من امرأَة كَبِرَت فأَخذ ابنه
يوماً يرقصه ويقول: يا حبذا دَرادِرُك فعَمَدت المرأَة إِلى حَجَر فهتمت
أَسنانها ثم تعرضت لزوجها فقال لها: أَعْيَيْتِني بأُشُر فكيف بِدُرْدُر.
والجُعَلُ: مُؤَشَّر العَضُدَيْن. وكلُّ مُرَقَّقٍ: مُؤَشَّرٌ؛ قال عنترة
يصف جُعلاً:
كأَنَّ مؤَشَّر العَضُدَيْنِ حَجْلاً
هَدُوجاً، بَيْنَ أَقْلِبَةً مِلاحِ
والتَّأْشِيرة: ما تَعَضُّ به الجَرادةُ. والتَّأْشِير: شوك ساقَيْها.
والتَّأْشْيرُ والمِئْشارُ: عُقْدة في رأْس ذنبها كالمِخْلبين وهما
الأُشْرَتان.
@أصر: أَصَرَ الشيءَ يَأْصِرُه أَصْراً: كسره وعَطَفه. والأَصْرُ
والإِصْرُ: ما عَطَفك على شيء. والآصِرَةُ: ما عَطَفك على رجل من رَحِم أَو
قرابة أَو صِهْر أَو معروف، والجمع الأَواصِرُ. والآصِرَةُ: الرحم لأَنها
تَعْطِفُك. ويقال: ما تَأْصِرُني على فلان آصِرَة أَي ما يَعْطِفُني عليه
مِنَّةٌ ولا قَرَابة؛ قال الحطيئة:
عَطَفُوا عليّ بِغَير آ
صِرَةٍ فقد عَظُمَ الأَواصِرْ
أَي عطفوا عليّ بغير عَهْد أَو قَرَابَةٍ. والمآصِرُ: هو مأْخوذ من
آصِرَةِ العهد إِنما هو عَقْدٌ ليُحْبَس به؛ ويقال للشيء الذي تعقد به
الأَشياء: الإِصارُ، من هذا. والإِصْرُ: العَهْد الثقيل. وفي التنزيل: وأَخذتم
على ذلكم إصْري؛ وفيه: ويضع عنهم إصْرَهم؛ وجمعه آصْارً لا يجاوز به
أَدني العدد. أَبو زيد: أَخَذْت عليه إِصْراً وأَخَذْتُ منه إِصْراً أَي
مَوْثِقاً من الله تعالى. قال الله عز وجل: ربَّنا ولا تَحْمِلْ علينا
إِصْراً كما حملته على الذين من قبلنا؛ الفرّاء: الإِصْرُ العهد؛ وكذلك قال في
قوله عز وجل: وأَخذتم على ذلكم إِصري؛ قال: الإِصر ههنا إِثْمُ العَقْد
والعَهْدِ إِذا ضَيَّعوه كما شدّد على بني إِسرائيل. وقال الزجاج: ولا
تحمل علينا إِصْراً؛ أَي أَمْراً يَثْقُل علينا كما حملته على الذين من
قبلنا نحو ما أُمِرَ به بنو إِسرائيل من قتل أَنفسهم أَي لا تمنحنّاَ بما
يَثْقُل علينا أَيضاً. وروي عن ابن عباس: ولا تحمل علينا إِصراً، قال: عهداً
لا نفي به وتُعَذِّبُنا بتركه ونَقْضِه. وقوله: وأَخذتم على ذلكم إِصري،
قال: مِيثاقي وعَهْدي. قال أَبو إِسحق: كلُّ عَقْد من قَرابة أَو عَهْد،
فهو إِصْر. قال أَبو منصور: ولا تحمل علينا إِصراً؛ أَي عُقُوبةَ ذَنْبٍ
تَشُقُّ علينا. وقوله: ويَضَعُ عنهم إِصْرَهم؛ أَي ما عُقِدَ من عَقْد
ثقيل عليهم مثل قَتْلِهم أَنفسهم وما أَشْبه ذلك من قَرض الجلد إِذا
أَصابته النجاسة. وفي حديث ابن عمر: من حَلَف على يمين فيها إِصْر فلا كفارة
لها؛ يقال: إِن الإِصْرَ أَنْ يَحْلف بطلاق أَو عَتاق أَو نَذْر. وأَصل
الإِصْر: الثِّقْل والشَّدُّ لأَنها أَثْقَل الأَيمان وأَضْيَقُها
مَخْرَجاً؛ يعني أَنه يجب الوفاء بها ولا يُتَعَوَّضُ عنها بالكفارة. والعَهْدُ
يقال له: إِصْر. وفي الحديث عن أَسلم بن أَبي أَمامَة قال: قال رسولُ
الله، صلى الله عليه وسلم: من غَسَّلَ يوم الجمعة واغْتَسلَ وغدا وابْتَكر
ودَنا فاستْمَع وأَنْصَت كان له كِفْلانِ من الأَجْر، ومن غَسّل واغْتسل
وغدا وابْتَكر ودنا ولَغَا كان له كِفْلانِ مِنَ الإِصْر؛ قال شمر: في
الإِصْر إثْمُ العَقْد إذا ضَيَّعَه. وقال ابن شميل: الإصْرُ العهد الثقيلُ؛
وما كان عن يمين وعَهْد، فهو إِصْر؛ وقيل: الإِصْرُ الإِثْمُ والعقوبةُ
لِلَغْوِه وتَضْييِعهِ عَمَلَه، وأَصله من الضيق والحبس. يقال: أَصَرَه
يَأْصِرُه إِذا حَبَسه وضَيَّقَ عليه. والكِفْلُ: النصيب؛ ومنه الحديث: من
كَسَب مالاً من حَرام فَأَعْتَقَ منه كان ذلك عليه إِصْراً؛ ومنه الحديث
الآخر: أَنه سئل عن السلطان قال: هو ظلُّ الله في الأَرض فإِذا أَحسَنَ
فله الأَجرُ وعليكم الشُّكْر، وإِذا أَساءَ فعليه الإِصْرُ وعليكم
الصَّبْر. وفي حديث ابن عمر: من حلف على يمين فيها إِصْر؛ والإِصر: الذَّنْب
والثَّقْلُ، وجمعه آصارٌ.
والإِصارُ: الطُّنُبُ، وجمعه أُصُر، على فُعُل.
والإِصارُ: وَتِدٌ قَصِيرُ الأَطْنَابِ، والجمع أُصُرٌ وآصِرَةٌ، وكذلك
الإِصارَةُ والآصِرَةُ.
والأَيْصَرُ: جُبَيْلٌ صغير قَصِير يُشَدُّ به أَسفَلُ الخباء إِلى
وَتِدٍ، وفيه لغةٌ أَصارٌ، وجمع الأَيْصَر أَياصِرُ. والآصِرَةُ والإِصارُ:
القِدُّ يَضُمُّ عَضُدَيِ الرجل، والسين فيه لغة؛ وقوله أَنشده ثعلب عن
ابن الأَعرابي:
لَعَمْرُكَ لا أَدْنُو لِوَصْلِ دَنِيَّةِ،
ولا أَتَصَبَّى آصِراتِ خَلِيلِ
فسره فقال: لا أَرْضَى من الوُدّ بالضعيف، ولم يفسر الآصِرَةَ. قال ابن
سيده: وعندي أَنه إِنما عنى بالآصرة الحَبْلَ الصغير الذي يُشدّ به
أَسفلُ الخِباء، فيقول: لا أَتعرّض لتلك المواضع أَبْتَغي زوجةَ خليل ونحو
ذلك، وقد يجوز أَن يُعَرِّضَ به: لا أَتَعَرَّضُ لمن كان من قَرابة خليلي
كعمته وخالته وما أَشبه ذلك. الأَحمر: هو جاري مُكاسِري ومُؤَاصِري أَي
كِسْرُ بيته إِلى جَنْب كِسْر بيتي، وإِصارُ بيتي إِلى جنب إِصار بَيْته،
وهو الطُّنُبُ. وحَيٌّ مُتآصِرُون أَي متجاورون. ابن الأَعرابي: الإِصْرانِ
ثَقْبَا الأُذنين؛ وأَنشد:
إِنَّ الأُحَيْمِرَ، حِينَ أَرْجُو رِفْدَه
غَمْراً، لأَقْطَعُ سَيِّءُ الإِصْرانِ
جمع على فِعْلان. قال: الأَقْطَعُ الأَصَمُّ، والإِصرانُ جمع إِصْرٍ.
والإِصار: ما حواه المِحَشُّ من الحَشِيش؛ قال الأَعشى:
فَهذا يُعِدُّ لَهُنَّ الخَلا،
ويَجْمَعُ ذا بَيْنَهُنَّ الإِصارا
والأَيْصَر: كالإِصار؛ قال:
تَذَكَّرَتِ الخَيْلُ الشِّعِيرَ فَأَجْفَلَتْ،
وكُنَّا أُناساً يَعْلِفُون الأَياصِرا
ورواه بعضهم: الشعير عشية. والإِصارُ: كِساء يُحَشُّ فيه.
وأَصَر الشيءَ يأْصِرُه أَصْراً: حبسه؛ قال ابن الرقاع:
عَيْرانَةٌ ما تَشَكَّى الاَّصْرَ والعَمَلا
وكَلأٌ آصِرٌ: حابِس لمن فيه أَو يُنْتَهَى إِليه من كثرته. الكسائي:
أَصَرني الشيءُ يأْصِرُني أَي حبسني. وأَصَرْتُ الرجلَ على ذلك الأَمر أَي
حبسته. ابن الأَعرابي: أَصَرْتُه عن حاجته وعما أَرَدْتُه أَي حبسته،
والموضعُ مَأْصِرٌ ومأْصَر، والجمع مآصر، والعامة تقول معاصر.
وشَعَرٌ أَصِير: مُلْتَفٌّ مجتمع كثير الأَصل؛ قال الراعي:
ولأَتْرُكَنَّ بحاجِبَيْكَ عَلامةً،
ثَبَتَتْ على شَعْرٍ أَلَفَّ أَصِيرِ
وكذلك الهُدْب، وقيل: هو الطَّويلُ الكثيف؛ قال:
لِكُلِّ مَنامَةٍ هُدْبٌ أَصِيرُ
المنامة هنا: القَطِيفةُ يُنام فيها. والإِصارُ والأَيْصَر: الحشيش
المجتمع، وجمعه أَياصِر. والأَصِيرُ: المتقارب. وأْتَصَر النَّبْتُ
ائْتِصاراً إِذا الْتَفَّ. وإِنَّهم لَمُؤْتَصِرُو العَدَدِ أَي عددهم كثير؛ قال
سلمة
بن الخُرْشُب يصف الخيل:
يَسُدُّونَ أَبوابَ القِبابِ بِضُمَّر
إلى عُنُنٍ، مُسْتَوثِقاتِ الأَواصِرِ
يريد: خيلاً رُبِطَتْ بأَفنيتهم. والعُنُنُ: كُنُفٌ سُتِرَتْ بها الخيلُ
من الريح والبرد. والأَواصِرُ: الأَواخي والأَواري، واحِدَتُها آصِرَة؛
وقال آخر:
لَها بالصَّيْفِ آصِرَةٌ وَجُلٌّ،
وسِتٌّ مِنْ كَرائِمِها غِرارُ
وفي كتاب أَبي زيد: الأَباصِرُ الأَكْسِيَة التي مَلَؤُوها من الكَلإِ
وشَدُّوها، واحِدُها أَيْصَر. وقال: مَحَشٌّ لا يُجَزُّ أَيْصَرُه أَي من
كثرته. قال الأَصمعي: الأَيْصَرُ كساء فيه حشيش يقال له الأَيْصَر، ولا
يسمى الكساءُ أَيْصَراً حين لا يكونُ فيه الحَشِيش، ولا يسمى ذلك
الحَشِيشُ أَيْصَراً حتى يكون في ذلك الكساء. ويقال: لفلان مَحَشٌّ لا يُجَزُّ
أَيصره أَي لا يُقْطَع.
والمَأْصِر: محبس يُمَدُّ على طريق أَو نهر يُؤْصَرُ به السُّفُنُ
والسَّابِلَةُ أَي يُحْبَس لتؤخذ منهم العُشور.
@أطر: الأَطْرُ: عَطْفُ الشيءِ تَقْبِضُ على أَحَدِ طَرَفَيْهِ
فَتُعَوِّجُه؛ أَطَرَه يأْطِرُهُ ويأْطُرُه أَطراً فَانْأَطَرَ انْئِطاراً
وأَطَّرَه فَتَأَطَّر: عطَفه فانعطف كالعُود تراه مستديراً إِذا جمعت بين طرفيه؛
قال أَبو النجم يصف فرساً:
كَبْداءُ قَعْشَاءُ على تَأْطِيرِها
وقال المغيرة بن حَبْنَاءَ التميمي:
وأَنْتُمْ أُناسٌ تَقْمِصُونَ من القَنا،
إِذا ما رَقَى أَكْتَافَكُمْ وتَأَطَّرا أَي إِذا انْثنى؛ وقال:
تأَطَّرْنَ بالمِينَاءِ ثُمَّ جَزَعْنَه،
وقدْ لَحَّ مِنْ أَحْمالِهنَّ شُجُون
وفي الحديث عن النبي،
صلى الله عليه وسلم، أَنه ذكر المظالم التي وقعت فيها بنو إِسرائيل
والمعاصي فقال: لا والذي نفسي بيده حتى تأْخذوا على يَدَي الظالم
وتَأْطِرُوهُ على الحق أَطْراً؛ قال أَبو عمرو وغيره: قوله تَأْطِرُوه على الحق يقول
تَعْطِفُوه عليه؛ قال ابن الأَثير: من غريب ما يحكى في هذا الحديث عن
نفطويه أَنه قال: بالظاء المعجمة من باب ظأَر، ومنه الظِّئْرُ وهي
المرضِعَة، وجَعَلَ الكلمة مقلوبةً فقدّم الهمزة على الظاء وكل شيء عطفته على
شيء، فقد أَطَرْته تَأْطِرُهُ أَطْراً؛ قال طرفة يذكر ناقة وضلوعها:
كأَنَّ كِناسَيْ ضالَةٍ يَكْنُفانِها،
وأَطْرَ قِسِيٍّ، تحتَ صُلْبٍ مُؤَبَّد
شبه انحناء الأَضلاع بما حُني مِن طرَفي القَوْس؛ وقال العجاج يصف
الإِبل:
وباكَرَتْ ذَا جُمَّةٍ نَمِيرا،
لا آجِنَ الماءِ ولا مَأْطُورا
وعَايَنَتْ أَعْيُنُها تامُورَا،
يُطِيرُ عَنْ أَكتافِها القَتِيرا
قال: المأْطور البئر التي قد ضَغَطَتْها بئر إِلى جنبها. قال: تَامُورٌ
جُبَيْل صَغير. والقَتِيرُ: ما تطاير من أَوْبارِها، يَطِيرُ مِنْ شِدَّة
المزاحَمَة. وإِذا كان حالُ البِئر سَهْلاً طُوي بالشجر لئلا ينهدم، فهو
مأْطور. وتَأَطَّرَ الرُّمحُ: تَثَنَّى؛ ومنه في صفة آدم، عليه السلام:
أَنه كان طُوالاً فَأَطَرَ اللهُ منه أَي ثَنَاه وقَصَّره ونَقَصَ من
طُوله. يقال: أَطَرْتُ الشيء فَانْأَطَرَ وتَأَطَّرَ أَي انْثَنَى. وفي حديث
ابن مسعود: أَتاه زياد
بن عَديّ فأَطَرَه إِلى الأَرض أَي عَطَفَه؛ ويروى: وَطَدَه، وقد تقدّم.
وأَطْرُ القَوْسِ والسَّحاب: مُنحناهُما، سمي بالمصدر؛ قال:
وهاتِفَةٍ، لأَطْرَيْها حَفِيفٌ،
وزُرْقٌ، في مُرَكَّبَةٍ، دِقاقُ
ثنَّاه وإن كان مصدراً لأَنه جعله كالاسم. أَبو زيد: أَطَرْتُ القَوْسَ
آطِرُها أَطْراً إِذا حَنَيْتَها.
والأَطْرُ: كالاعْوِجاج تراه في السحاب؛ وقال الهذلي:
أَطْرُ السَّحاب بها بياض المِجْدَلِ
قال: وهو مصدر في معنى مفعول. وتَأَطَّرَ بالمكان: تَحَبَّسَ.
وتَأَطَّرَتِ المرأَةُ تَأَطُّراً: لزمت بيتها وأَقامت فيه؛ قال عمر بن أَبي
ربيعة:تَأَطَّرْنَ حَتى قُلْنَ: لَسْنَ بَوارِحاً،
وذُبْنَ كما ذابَ السَّدِيفُ المُسَرْهَدُ
والمأْطورة: العُلْبَة يُؤْطَرُ لرأْسها عُودٌ ويُدارُ ثم يُلْبَسُ
شَفَتَها، وربما ثُنِيَ على العود المأْطور أَطرافُ جلد العلبة فَتَجِفُّ
عليه؛ قال الشاعر:
وأَوْرَثَكَ الرَّاعِي عُبَيْدٌ هِرَاوَةً،
ومَأْطُورَةً فَوْقَ السَّوِيَّةِ مِنْ جِلدِ
قال: والسوية مرْكبٌ من مراكب النساء. وقال ابن الأَعرابي: التأْطير أَن
تبقى الجارية زماناً في بيت أَبويها لا تتزوَّج.
والأُطْرَةُ: ما أَحاط بالظُّفُرِ من اللحم، والجمعُ أُطَرٌ وإِطارٌ؛
وكُلُّ ما أَحاط بشيء، فَهُوَ لَهُ أُطْرَةٌ وإِطارٌ. وإِطارُ الشَّفَةِ:
ما يَفْصِلُ بينها وبين شعرات الشارب، وهما إِطارانِ. وسئل عمر ابن عبد
العزيز عن السُّنَّة في قص الشارب، فقال: نَقُصُّهُ حتى يَبْدُوَ الإِطارُ.
قال أَبو عبيد: الإِطارُ الحَيْدُ الشاخص ما بين مَقَصِّ الشارب والشفة
المختلطُ بالفم؛ قال ابن الأَثير: يعني حرف الشفة الأَعلى الذي يحول بين
منابت الشعر والشفة. وإِطارُ الذَّكَرِ وأُطْرَتُه: حَرْفُ حُوقِه.
وإِطارُ السَّهْم وأُطْرتُه: عَقَبَةٌ تُلْوى عليه، وقيل: هي العَقَبَةُ التي
تَجْمَعُ الفُوقَ. وأَطَرَه يَأْطِرُهُ أَطْراً: عمل له إِطاراً ولَفَّ
على مَجْمَعِ الفُوقِ عَقَبَةً. والأُطْرَةُ، بالضم: العَقَبَةُ التي
تُلَفُّ على مجمع الفُوقِ. وإِطارُ البيتِ: كالمِنطَقَة حَوله. والإِطارُ:
قُضْبانُ الكرم تُلْوى للتعريش. والإِطارُ: الحلقة من الناس لإِحاطتهم بما
حَلَّقُوا به؛ قال بشر بن أَبي خازم:
وحَلَّ الحَيُّ، حَيُّ بني سُبَيْعٍ،
قُراضِبَةً، ونَحْنُ لَهم إِطارُ
أَي ونحن مُحْدِقُون بهم. والأُطْرَةُ: طَرَفُ الأَبْهَرِ في رأْس
الحَجَبَةِ إِلى منتهى الخاصرة، وقيل: هي من الفرس طَرَفُ الأَبْهَرِ. أَبو
عبيدة: الأُطْرَةُ طَفِطَفَة غليظة كأَنها عَصَبَةٌ مركبة في رأْس
الحَجَبَةِ وضِلَعِ الخَلْفِ، وعند ضِلَعِ الخَلْفِ تَبِينُ الأُطْرَةُ، ويستحب
للفرس تَشنُّجُ أُطْرتِهِ؛ وقوله:
كأَنَّ عَراقِيبَ القَطا أُطُرٌ لهَا،
حَدِيثٌ نَواحِيها بِوَقْعٍ وصُلَّبِ
يصف النِّصَالَ. والأُطُرُ على الفُوقِ: مثل الرِّصافِ على الأَرْعاظِ.
الليث: والإِطارُ إِطارُ الدُّفّ. وإِطارْ المُنْخُلِ: خَشَبُهُ. وإِطارُ
الحافر: ما أَحاط بالأَشْعَرِ، وكلُّ شيء أَحاط بشيء، فهو إِطارٌ له؛
ومنه صفة شعر عليّ: إِنما كان له إِطارٌ أَي شعر محيط برأْسه ووسطُه
أَصلَعُ. وأُطْرَة الرَّمْلِ: كُفَّتُه.
والأَطِيرُ: الذَّنْبُ، وقيل: هو الكلام والشرّ يجيء من بعيد، وقيل:
إِنما سمي بذلك لإِحاطته بالعُنُق. ويقال في المثل: أَخَذَني بأَطِيرِ غيري؛
وقال مسكين الدارمي:
أَبَصَّرْتَني بأَطِير الرِّجال،
وكلَّفْتَني ما يَقُولُ البَشَرْ؟
وقال الأَصمعي: إِن بينهم لاَّواصِرَ رَحِمٍ وأَواطِرَ رَحِمٍ وعَواطِفَ
رَحِمٍ بمعنى واحد؛ الواحدة آصِرةٌ وآطِرَةٌ.
وفي حديث عليّ: فَأَطَرْتُها بين نسائي أَي شققتها وقسمتها بينهنُّ،
وقيل: هو من قولهم طار له في القسمة كذا أَي وقع في حصته، فيكون من فصل
الطاء لا الهمزة.
والأُطْرَة: أَن يُؤخذ رمادٌ ودَمٌ يُلْطَخ به كَسْرُ القِدْرِ ويصلح؛
قال:
قد أَصْلَحَتْ قِدْراً لها بأُطْرَهْ،
وأَطْعَمَتْ كِرْدِيدَةً وفِدْرَهْ
@أفر: الأَفْرُ: العَدْوُ.
أَفَرَ يَأْفِرُ أَفْراً وأُفُوراً: عَدَا وَوَثَبَ؛ وأَفَرَ أَفْراً،
وأَفِرَ أَفَراً: نَشِطَ. ورجل أَفَّارٌ ومِئفَرٌ إِذا كان وَثَّاباً
جَيِّدَ العَدْوِ. وأَفَرَ الظَّبْيُ وغيره، بالفتح، يَأْفِرُ أُفُوراً أَي
شَدَّ الإِحْضَارَ. وأَفَرَ الرَّجلُ أَيضاً أَي خَفَّ في الخِدْمَةِ.
وأَفِرَتِ الإِبل أَفْراً واسْتَأْفَرَت اسْتِئْفَاراً إِذا نَشِطَتْ
وسَمِنَتْ. وأَفِرَ البعيرُ، بالكسر، يأْفَرُ أَفَراً أَي سَمِنَ بعد الجَهْدِ.
وأَفَرَتِ القِدْرُ تَأْفِرُ أَفْراً: اشتد غليانها حتى كأَنها تنِزُّ؛
وقال الشاعر:
بَاخُوا وقِدْرُ الحَرْبِ تَغلي أَفْرا
والمِئْفَرُ من الرجال: الذي يسعى بين يدي الرجل ويَخْدمهُ، وإِنه
لَيَأْفِرُ بين يديه، وقد اتخذه مِئفَراً. والمِئفَرُ: الخادم.
ورجل أَشِرٌ أَفِرٌ وأَشْرانُ أَفْرانُ أَي بَطِرٌ، وهو إِتباع.
وأُفُرَّة الشَّرِّ (قوله «وأفرّة الشر إلخ» بضم أوله وثانيه وفتح ثالثه مشدداً،
وبفتح الأول وضم الثاني وفتح الثالث مشدداً أيضاً، وزاد في القاموس
أفرَّة بفتحات مشدد الثالث على وزن شربة وجربة مشدد الباء فيهما). والحَرِّ
والشِّتاء، وأَفُرَّتُه: شدَّته. وقال الفراء: أُفُرَّة الصيف أَوّله.
ووقع في أُفُرَّةٍ أَي بلِية وشدة. والأُفُرّة الجماعة ذاتُ الجَلَبَةِ،
والناس في أُفُرَّة، يعني الاختلاطَ. وأَفَّارٌ: اسم.
@أقر: الجوهري: أُقُرٌ مَوْضِعٌ؛ قال ابن مقبل:
وتَرْوَةٍ من رجالٍ لو رأَيْتَهُمُ،
لَقُلْتَ: إحدى حِراج الجَرِّ من أُقُر
@أكر: الأُكْرَة، بالضم: الحُفْرَةُ في الأَرض يجتمع فيها الماء
فيُغْرَفُ صافياً. وأَكَرَ يَأْكُرُ أَكْراً، وتَأَكَّرَ أُكَراً: حَفَرَ
أُكْرَةً
(* قوله «حفر أكرة» كذا بالأصل والمناسب حفر حفراً)؛ قال
العجاج:مِنْ سَهْلِه ويَتَأَكَّرْنَ الأُكَرْ
والأُكَرُ: الحُفَرُ في الأَرض، واحِدَتُها أُكْرَةٌ. والأَكَّارُ:
الحَرَّاثُ، وهو من ذلك. الجوهري: الأَكَرَةُ جمعُ أَكَّارٍ كأَنه جمعُ آكِرٍ
في التقدير. والمؤاكَرَةُ: المخابرة وفي حديث قتل أَبي جهل: فلو غَيْرُ
أَكَّارٍ قتلني؛ الأَكَّارُ: الزَّرَّاعُ أَراد به احتقاره وانتقاصه، كيف
مِثْلُه يَقْتُلُ مِثْلَه وفي الحديث: أَنه نهى عن المؤاكَرَةِ، يعني
المزارعَةَ على نصيب معلوم مما يُزْرَعُ في الأَرض وهي المخابرة. ويقال:
أَكَرْتُ الأَرض أَي حفرتها؛ ومن العرب من يقول لِلْكُرَةِ التي يُلْعَبُ
بها: أُكْرَةٌ، واللغةُ الجيدةُ الكُرَةُ؛ قال:
حَزَاوِرَةٌ بأَبْطَحِهَا الكُرِينَا
@أمر: الأَمْرُ: معروف، نقيض النَّهْيِ. أَمَرَه به وأَمَرَهُ؛ الأَخيرة
عن كراع؛ وأَمره إِياه، على حذف الحرف، يَأْمُرُه أَمْراً وإِماراً
فأْتَمَرَ أَي قَبِلَ أَمْرَه؛ وقوله:
ورَبْرَبٍ خِماصِ
يَأْمُرْنَ باقْتِناصِ
إِنما أَراد أَنهنَّ يشوّقن من رآهن إِلى تصيدها واقتناصها، وإِلا فليس
لهنَّ أَمر. وقوله عز وجل: وأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ العالمين؛ العرب
تقول: أَمَرْتُك أَن تفْعَل ولِتَفْعَلَ وبأَن تفْعَل، فمن قال: أَمرتك
بأَن تفعل فالباء للإِلصاق والمعنى وقع الأَمر بهذا الفعل، ومن قال
أَمرتُك أَن تفعل فعلى حذف الباء، ومن قال أَمرتك لتفعل فقد أَخبرنا بالعلة
التي لها وقع الأَمرُ، والمعنى أُمِرْنا للإِسلام. وقوله عز وجل: أَتى
أَمْرُ اللهِ فلا تَسْتَعْجِلوه؛ قال الزجاج: أَمْرُ اللهِ ما وعَدهم به من
المجازاة على كفرهم من أَصناف العذاب، والدليل على ذلك قوله تعالى: حتى
إِذا جاء أَمرُنا وفارَ التَّنُّور؛ أَي جاء ما وعدناهم به؛ وكذلك قوله
تعالى: أَتاها أَمرُنا ليلاً أَو نهاراً فجعلناها حصِيداً؛ وذلك أَنهم
استعجلوا العذاب واستبطؤوا أَمْرَ الساعة، فأَعلم الله أَن ذلك في قربه بمنزلة
ما قد أَتى كما قال عز وجل: اقْتَرَبَتِ الساعةُ وانشقَّ القمر؛ وكما
قال تعالى: وما أَمرُ الساعة إِلا كلَمْحِ البَصَرِ. وأَمرتُه بكذا أَمراً،
والجمع الأَوامِرُ.
والأَمِيرُ: ذو الأَمْر. والأَميرُ: الآمِر؛ قال:
والناسُ يَلْحَوْنَ الأَمِيرَ، إِذا هُمُ
خَطِئُوا الصوابَ، ولا يُلامُ المُرْشِدُ
وإِذا أَمَرْتَ مِنْ أَمَر قُلْتَ: مُرْ، وأَصله أُؤْمُرْ، فلما اجتمعت
همزتان وكثر استعمال الكلمة حذفت الهمزة الأَصلية فزال الساكن فاستغني عن
الهمزة الزائدة، وقد جاءَ على الأَصل. وفي التنزيل العزيز: وأْمُرْ
أَهْلَكَ بالصلاة؛ وفيه: خذِ العَفْوَ وأْمُرْ بالعُرْفِ.
والأَمْرُ: واحدُ الأُمُور؛ يقال: أَمْرُ فلانٍ مستقيمٌ وأُمُورُهُ
مستقيمةٌ. والأَمْرُ: الحادثة، والجمع أُمورٌ، لا يُكَسَّرُ على غير ذلك. وفي
التنزيل العزيز: أَلا إِلى الله تصير الأُمورُ. وقوله عز وجل: وأَوْحَى
في كل سماءٍ أَمْرَها؛ قيل: ما يُصلحها، وقيل: ملائكتَهَا؛ كل هذا عن
الزجاج. والآمِرَةُ: الأَمرُ، وهو أَحد المصادر التي جاءت على فاعِلَة
كالعَافِيَةِ والعاقِبَةِ والجازيَةِ والخاتمة.
وقالوا في الأَمر: أُومُرْ ومُرْ، ونظيره كُلْ وخُذْ؛ قال ابن سيده؛
وليس بمطرد عند سيبويه. التهذيب: قال الليث: ولا يقال أُومُرْ، ولا أُوخُذْ
منه شيئاً، ولا أُوكُلْ، إِنما يقال مُرْ وكُلْ وخُذْ في الابتداء
بالأَمر استثقالاً للضمتين، فإِذا تقدَّم قبل الكلام واوٌ أَو فاءٌ قلت:
وأْمُرْ فأْمُرْ كما قال عز وجل: وأْمُرْ أَهلك بالصلاة؛ فأَما كُلْ من أَكَلَ
يَأْكُلُ فلا يكاد يُدْخِلُون فيه الهمزةَ مع الفاء والواو، ويقولون:
وكُلا وخُذَا وارْفَعاه فَكُلاه ولا يقولون فَأْكُلاهُ؛ قال: وهذه أَحْرُفٌ
جاءت عن العرب نوادِرُ، وذلك أَن أَكثر كلامها في كل فعل أَوله همزة مثل
أَبَلَ يَأْبِلُ وأَسَرَ يَأْسِرُ أَنْ يَكْسِرُوا يَفْعِلُ منه، وكذلك
أَبَقَ يَأْبِقُ، فإِذا كان الفعل الذي أَوله همزة ويَفْعِلُ منه مكسوراً
مردوداً إِلى الأَمْرِ قيل: إِيسِرْ يا فلانُ، إِيْبِقْ يا غلامُ،
وكأَنَّ أَصله إِأْسِرْ بهمزتين فكرهوا جمعاً بين همزتين فحوّلوا إِحداهما ياء
إِذ كان ما قبلها مكسوراً، قال: وكان حق الأَمر من أَمَرَ يَأْمُرُ أَن
يقال أُؤْمُرْ أُؤْخُذْ أُؤْكُلْ بهمزتين، فتركت الهمزة الثانية وحوِّلت
واواً للضمة فاجتمع في الحرف ضمتان بينهما واو والضمة من جنس الواو،
فاستثقلت العرب جمعاً بين ضمتين وواو فطرحوا همزة الواو لأَنه بقي بعد طَرْحها
حرفان فقالوا: مُرْ فلاناً بكذا وكذا، وخُذْ من فلان وكُلْ، ولم يقولوا
أُكُلْ ولاأُمُرْ ولا أُخُذْ، إِلا أَنهم قالوا في أَمَرَ يَأْمُرُ إِذا
تقدّم قبل أَلِفِ أَمْرِه وواو أَو فاء أَو كلام يتصل به الأَمْرُ من
أَمَرَ يَأْمُرُ فقالوا: الْقَ فلاناً وأَمُرْهُ، فردوه إِلى أَصله، وإِنما
فعلوا ذلك لأَن أَلف الأَمر إِذا اتصلت بكلام قبلها سقطت الأَلفُ في
اللفظ، ولم يفعلوا ذلك في كُلْ وخُذْ إِذا اتصل الأَمْرُ بهما بكلام قبله
فقالوا: الْقَ فلاناً وخُذْ منه كذا، ولم نسْمَعْ وأُوخُذْ كما سمعنا
وأْمُرْ. قال الله تعالى: وكُلا منها رَغْداً؛ ولم يقل: وأْكُلا؛ قال: فإِن قيل
لِمَ رَدُّوا مُرْ إِلى أَصلها ولم يَرُدُّوا وكُلا ولا أُوخُذْ؟ قيل:
لِسَعَة كلام العرب ربما ردُّوا الشيء إلى أَصله، وربما بنوه على ما سبق،
وربما كتبوا الحرف مهموزاً، وربما تركوه على ترك الهمزة، وربما كتبوه على
الإِدغام، وكل ذلك جائز واسع؛ وقال الله عز وجل: وإِذا أَرَدْنا أَنْ
نُهْلِكَ قريةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فيها؛ قرأَ أَكثر القراء:
أَمرْنا، وروى خارجة عن نافع آمَرْنا، بالمدّ، وسائر أَصحاب نافع
رَوَوْهُ عنه مقصوراً، وروي عن أَبي عمرو: أَمَّرْنا، بالتشديد، وسائر أَصحابه
رَوَوْهُ بتخفيف الميم وبالقصر، وروى هُدْبَةُ عن حماد بن سَلَمَةَ عن ابن
كثير: أَمَّرْنا، وسائر الناس رَوَوْهُ عنه مخففاً، وروى سلمة عن الفراء
مَن قَرأَ: أَمَرْنا، خفيفةً، فسَّرها بعضهم أَمَرْنا مترفيها بالطاعة
ففسقوا فيها، إِن المُتْرَفَ إِذا أُمر بالطاعة خالَفَ إِلى الفسق. قال
الفراء: وقرأَ الحسن: آمَرْنا، وروي عنه أَمَرْنا، قال: وروي عنه أَنه
بمعنى أَكْثَرنا، قال: ولا نرى أَنها حُفِظَتْ عنه لأَنا لا نعرف معناها
ههنا، ومعنى آمَرْنا، بالمد، أَكْثَرْنا؛ قال: وقرأَ أَبو العالية: أَمَّرْنا
مترفيها، وهو موافق لتفسير ابن عباس وذلك أَنه قال: سَلَّطْنا
رُؤَساءَها ففسقوا. وقال أَبو إِسحق نَحْواً مما قال الفراء، قال: من قرأَ
أَمَرْنا، بالتخفيف، فالمعنى أَمرناهم بالطاعة ففسقوا. فإِن قال قائل: أَلست
تقول أَمَرتُ زيداً فضرب عمراً؟ والمعنى أَنك أَمَرْتَه أَن يضرب عمراً
فضربه فهذا اللفظ لا يدل على غير الضرب؛ ومثله قوله: أَمرنا مترفيها ففسقوا
فيها، أَمَرْتُكَ فعصيتَني، فقد علم أَن المعصيةَ محالَفَةُ الأَمْرِ،
وذلك الفسقُ مخالفةُ أَمْرِ الله. وقرأَ الحسن: أَمِرْنا مترفيها على مثال
عَلِمْنَا؛ قال ابن سيده: وعسى أَن تكون هذه لغةً ثالثةً؛ قال الجوهري:
معناه أَمَرْناهم بالطاعة فَعَصَوْا؛ قال: وقد تكون من الإِمارَةِ؛ قال:
وقد قيل إِن معنى أَمِرْنا مترفيها كَثَّرْنا مُتْرَفيها؛ قال: والدليل على
هذا قول النبي، صلى الله عليه وسلم؛ خير المال سِكَّةٌ مَأْبُورَةٌ أَو
مُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ؛ أَي مُكَثِّرَةٌ. والعرب تقول: أَمِرَ بنو فلان
أَي كَثُرُوا.
مُهَاجِرٌ عن عليّ بن عاصم: مُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ أَي نَتُوجٌ وَلُود؛
وقال لبيد:
إِنْ يَغْبِطُوا يَهْبِطُوا، وإِنْ أَمِرُوا،
يَوْماً، يَصِيرُوا لِلْهُلْكِ والنَّكَدِ
وقال أَبو عبيد في قوله: مُهْرَةٌ مَأْمورة: إِنها الكثيرة النِّتاج
والنَّسْلِ؛ قال: وفيها لغتان: قال أَمَرَها اللهُ فهي مَأْمُورَةٌ،
وآمَرَها الله فهي مُؤْمَرَة؛ وقال غيره: إِنما هو مُهرة مَأْمُورة للازدواج
لأَنهم أَتْبَعُوها مأْبورة، فلما ازْدَوَجَ اللفظان جاؤُوا بمأْمورة على
وزن مَأْبُورَة كما قالت العرب: إِني آتيه بالغدايا والعشايا، وإِنما
تُجْمَعُ الغَدَاةُ غَدَوَاتٍ فجاؤُوا بالغدايا على لفظ العشايا تزويجاً
للفظين، ولها نظائر. قال الجوهري: والأَصل فيها مُؤْمَرَةٌ على مُفْعَلَةٍ،
كما قال، صلى الله عليه وسلم: ارْجِعْنَ مَأْزُورات غير مَأْجورات؛ وإِنما
هو مَوْزُورات من الوِزْرِ فقيل مأْزورات على لفظ مأْجورات
لِيَزْدَوِجا. وقال أَبو زيد: مُهْرَةٌ مأْمورة التي كثر نسلها؛ يقولون: أَمَرَ اللهُ
المُهْرَةَ أَي كثَّرَ وَلَدَها. وأَمِرَ القومُ أَي كَثُرُوا؛ قال
الأَعشى:
طَرِفُونَ ولاَّدُون كلَّ مُبَارَكٍ،
أَمِرُونَ لا يَرِثُونَ سَهْمَ القُعْدُدِ
ويقال: أَمَرَهم الله فأَمِرُوا أَي كَثُرُوا، وفيه لغتان: أَمَرَها فهي
مأْمُورَة، وآمَرَها فهي مُؤْمَرَةٌ؛ ومنه حديث أَبي سفيان: لقد أَمِرَ
أَمْرُ ابنِ أَبي كَبْشَةَ وارْتَفَعَ شَأْنُه؛ يعني النبيَّ، صلى الله
عليه وسلم؛ ومنه الحديث: أن رجلاً قال له: ما لي أَرى أَمْرَكَ يأْمَرُ؟
فقال: والله لَيَأْمَرَنَّ أَي يزيد على ما ترى؛ ومنه حديث ابن مسعود: كنا
نقول في الجاهلية قد أَمِرَ بنو فلان أَي كثروا. وأَمِرَ الرجلُ، فهو
أَمِرٌ: كثرت ماشيته. وآمَره الله: كَثَّرَ نَسْلَه وماشيتَه، ولا يقال
أَمَرَه؛ فأَما قوله: ومُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ فعلى ما قد أُنِسَ به من
الإِتباع، ومثله كثير، وقيل: آمَرَه وأَمَرَه لغتان. قال أَبو عبيدة: آمرته،
بالمد، وأَمَرْتُه لغتان بمعنى كَثَّرْتُه. وأَمِرَ هو أَي كَثُرَ
فَخُرِّجَ على تقدير قولهم علم فلان وأَعلمته أَنا ذلك؛ قال يعقوب: ولم يقله أَحد
غيره. قال أَبو الحسن: أَمِرَ مالُه، بالكسر، أَي كثر. وأَمِرَ بنو فلان
إِيماراً: كَثُرَتْ أَموالهم. ورجل أَمُورٌ بالمعروف، وقد ائتُمِرَ
بخير: كأَنَّ نفسَه أَمَرَتْهُ به فَقَبِلَه.
وتأَمَّروا على الأَمْرِ وائْتَمَرُوا: تَمَارَوْا وأَجْمَعُوا آراءَهم.
وفي التنزيل: إِن المَلأَ يَأْتِمرونَ بك ليقتلوك؛ قال أَبو عبيدة: أَي
يتشاورون عليك ليقتلوك؛ واحتج بقول النمر بن تولب:
أَحَارُ بنَ عَمْرٍو فؤَادِي خَمِرْ،
ويَعْدُو على المَرْءِ ما يَأْتَمِرْ
قال غيره: وهذا الشعر لامرئ القيس. والخَمِرُ: الذي قد خالطه داءٌ أَو
حُبٌّ. ويعدو على المرء ما يأْتمر أَي إِذا ائْتَمَرَ أَمْراً غَيْرَ
رَشَدٍ عَدَا عليه فأَهلكه. قال القتيبي: هذا غلط، كيف يعدو على المرء ما
شاور فيه والمشاورة بركة، وإِنما أَراد يعدو على المرء ما يَهُمُّ به من
الشر. قال وقوله: إِن المَلأَ يأْتمرون بك؛ أَي يَهُمون بك؛ وأَنشد:
إِعْلمَنْ أَنْ كُلَّ مُؤْتَمِرٍ
مُخْطِئٌ في الرَّأْي، أَحْيَانَا
قال: يقول من ركب أَمْراً بغير مَشُورة أَخْطأَ أَحياناً. قال وقوله:
وأْتَمِرُوا بينكم بمعروف؛ أَي هُمُّوا به واعْتَزِمُوا عليه؛ قال: ولو كان
كما قال أَبو عبيدة لقال: يَتَأَمَّرُونَ بك. وقال الزجاج: معنى قوله:
يَأْتِمرُونَ بك؛ يَأْمُرُ بعضهم بعضاً بقتلك. قال أَبو منصور: ائْتَمَر
القومُ وتآمَرُوا إِذا أَمَرَ بعضهم بعضاً، كما يقال اقتتل القوم وتقاتلوا
واختصموا وتخاصموا، ومعنى يَأْتَمِرُونَ بك أَي يُؤَامِرُ بعضهم بعضاً
بقتلك وفي قتلك؛ قال: وجائز أَن يقال ائْتَمَرَ فلان رَأْيَهُ إِذا شاور
عقله في الصواب الذي يأْتيه، وقد يصيب الذي يَأْتَمِرُ رَأْيَهُ مرَّة
ويخطئُ أُخرى. قال: فمعنى قوله يَأْتَمِرُونَ بك أَي يُؤَامِرُ بعضهم بعضاً
فيك أَي في قتلك أَحسن من قول القتيبي إِنه بمعنى يهمون بك. قال: وأَما
قوله: وأْتَمِرُوا بينكم بمعروف؛ فمعناه، والله أَعلم، لِيَأْمُرْ بعضُكم
بعضاً بمعروف؛ قال وقوله:
اعلمن أَنْ كل مؤتمر
معناه أَن من ائْتَمَرَ رَأَيَه في كل ما يَنُوبُهُ يخطئُ أَحياناً؛
وقال العجاج:
لَمّا رَأَى تَلْبِيسَ أَمْرٍ مُؤْتَمِرْ
تلبيس أَمر أَي تخليط أَمر. مؤتمر أَي اتَّخَذَ أَمراً.
يقال: بئسما ائْتَمَرْتَ لنفسك. وقال شمر في تفسير حديث عمر، رضي الله
عنه: الرجالُ ثلاثةٌ: رجلٌ إِذا نزل به أَمرٌ ائْتَمَرَ رَأْيَهُ؛ قال
شمر: معناه ارْتَأَى وشاور نفسه قبل أَن يواقع ما يريد؛ قال وقوله:
اعلمن أَنْ كل مؤتمر
أَي كل من عمل برأْيه فلا بد أَن يخطئ الأَحيان. قال وقوله: ولا
يأْتَمِرُ لِمُرْشِدٍ أَي لا يشاوره. ويقال ائْتَمَرْتُ فلاناً في ذلك الأَمر،
وائْتَمَرَ القومُ إِذا تشاوروا؛ وقال الأَعشى:
فَعادَا لَهُنَّ وَزَادَا لَهُنَّ،
واشْتَرَكَا عَمَلاً وأْتمارا
قال: ومنه قوله:
لا يَدَّري المَكْذُوبُ كَيْفَ يَأْتَمِرْ
أَي كيف يَرْتَئِي رَأْياً ويشاور نفسه ويَعْقِدُ عليه؛
وقال أَبو عبيد في قوله:
ويَعْدُو على المَرءِ يَأْتَمِرْ
معناه الرجل يعمل الشيء بغير روية ولا تثبُّت ولا نظر في العاقبة فيندَم
عليه. الجوهري: وائْتَمَرَ الأَمرَ أَي امتثله؛ قال امرؤٌ القيس:
ويعدو على المرءِ ما يأْتمر
أَي ما تأْمره به نفسه فيرى أَنه رشد فربما كان هلاكه في ذلك. ويقال:
ائْتَمَرُوا به إِذا هَمُّوا به وتشاوروا فيه.
والائْتِمارُ والاسْتِئْمارُ: المشاوَرَةُ، وكذلك التَّآمُرُ، على وزن
التَّفاعُل.
والمُؤْتَمِرُ: المُسْتَبِدُّ برأْيه، وقيل: هو الذي يَسْبِقُ إِلى
القول؛ قال امرؤٌ القيس في رواية بعضهم؛
أَحارُ بْنَ عَمْرٍو كأَنِّي خَمِرْ،
ويَعْدُو على المرْءِ ما يَأْتَمِرْ
ويقال: بل أَراد أَن المرء يَأْتَمِرُ لغيره بسوء فيرجع وبالُ ذلك عليه.
وآمَرَهُ في أَمْرِهِ ووامَرَهُ واسْتَأْمَرَهُ: شاوره. وقال غيره:
آمَرْتُه في أَمْري مُؤامَرَةً إِذا شاورته، والعامة تقول: وأَمَرْتُه. وفي
الحديث: أَمِيري من الملائكة جبريلُ أَي صاحبُ أَمْرِي ووَلِيِّي. وكلُّ
من فَزَعْتَ إِلى مشاورته ومُؤَامَرَته، فهو أَمِيرُكَ؛ ومنه حديث عمر؛
الرجال ثلاثةٌ: رجلٌ إِذا نزل به أَمْرٌ ائْتَمَرَ رَأْيَه أَي شاور نفسه
وارْتأَى فيه قبل مُواقَعَة الأَمر، وقيل: المُؤْتَمِرُ الذي يَهُمُّ
بأَمْرٍ يَفْعَلُه؛ ومنه الحديث الآخر: لا يأْتَمِرُ رَشَداً أَي لا يأْتي
برشد من ذات نفسه. ويقال لكل من فعل فعلاً من غير مشاورة: ائْتَمَرَ،
كَأَنَّ نَفْسَه أَمرته بشيءِ فأْتَمَرَ أَي أَطاعها؛ ومن المُؤَامَرَةِ
المشاورةُ، في الحديث: آمِرُوا النساءَ في أَنْفُسِهِنَّ أَي شاوروهن في
تزويجهن قال: ويقال فيه وأَمَرْتُه، وليس بفصيح. قال: وهذا أَمْرُ نَدْبٍ وليس
بواجب مثل قوله: البِكر تُسْتَأْذَنُ، ويجوز أَن يكون أَراد به
الثَّيِّبَ دون البكر، فإِنه لا بد من إِذنهن في النكاح، فإِن في ذلك بقاءً لصحبة
الزوج إِذا كان بإِذنها. ومنه حديث عمر: آمِرُوا النساءَ في بناتهنَّ،
هو من جهة استطابة أَنفسهن وهو أَدعى للأُلفة، وخوفاً من وقوع الوحشة
بينهما، إِذا لم يكن برضا الأُم إِذ البنات إِلى الأُمَّهات أَميل وفي سماع
قولهنَّ أَرغب، ولأَن المرأَة ربما علمت من حال بنتها الخافي عن أَبيها
أَمراً لا يصلح معه النكاح، من علة تكون بها أَو سبب يمنع من وفاء حقوق
النكاح، وعلى نحو من هذا يتأَول قوله: لا تُزَوَّجُ البكر إِلا بإِذنها،
وإِذْنُها سُكوتُها لأَنها قد تستحي أَن تُفْصِح بالإِذن وتُظهر الرغبة في
النكاح، فيستدل بسكوتها على رضاها وسلامتها من الآفة. وقوله في حديث آخر:
البكر تُسْتَأْذَنُ والثيب تُسْتَأْمَرُ، لأَن الإِذن يعرف بالسكوت
والأَمر لا يعرف إِلا بالنطق. وفي حديث المتعة: فآمَرَتْ نَفْسَها أَي شاورتها
واستأْمرتها.
ورجل إِمَّرٌ وإِمَّرَة
(* قوله «إمر وإمرة» هما بكسر الأول وفتحه كما
في القاموس). وأَمَّارة: يَسْتَأْمِرُ كلَّ أَحد في أَمره.
والأَميرُ: الملِكُ لنَفاذِ أَمْرِه بَيِّنُ الإِمارة والأَمارة،
والجمعُ أُمَراءُ. وأَمَرَ علينا يَأْمُرُ أَمْراً وأَمُرَ وأَمِرَ: كوَليَ؛
قال: قد أَمِرَ المُهَلَّبُ، فكَرْنِبوا ودَوْلِبُوا وحيثُ شِئْتُم
فاذْهَبوا.
وأَمَرَ الرجلُ يأْمُرُ إِمارةً إِذا صار عليهم أَميراً. وأَمَّرَ
أَمارَةً إِذا صَيَّرَ عَلَماً. ويقال: ما لك في الإِمْرَة والإِمارَة خيرٌ،
بالكسر. وأُمِّرَ فلانٌ إِذا صُيِّرَ أَميراً. وقد أَمِرَ فلان وأَمُرَ،
بالضم، أَي صارَ أَميراً، والأُنثى بالهاء؛ قال عبدالله بن همام
السلولي:ولو جاؤُوا برَمْلةَ أَو بهنْدٍ،
لبايَعْنا أَميرةَ مُؤْمنينا
والمصدر الإِمْرَةُ والإِمارة، بالكسر. وحكى ثعلب عن الفراء: كان ذلك
إِذ أَمَرَ علينا الحجاجُ، بفتح الميم، وهي الإِمْرَة. وفي حديث علي، رضي
الله عنه: أَما إن له إمْرَة كلَعْقَةِ الكلب لبنه؛ الإِمْرَة، بالكسر:
الإِمارة؛ ومنه حديث طلحة: لعلك ساءَتْكَ إِمْرَةُ ابن عمك.
وقالوا: عليك أَمْرَةٌ مُطاعَةٌ، ففتحوا. التهذيب: ويقال: لك عليَّ
أَمْرَةٌ مطاعة، بالفتح لا غير، ومعناه لك عليَّ أَمْرَةٌ أُطيعك فيها، وهي
المرة الواحدة من الأُمور، ولا تقل: إِمْرَةٌ، بالكسر، إِنما الإِمرة من
الولاية.
والتَّأْميرُ: تَوْلية الإِمارة. وأَميرٌ مُؤَمَّرٌ: مُمَلَّكٌ. وأَمير
الأَعمى: قائده لأَنه يملك أَمْرَه؛ ومنه قول الأَعشى:
إِذا كان هادي الفتى في البلا
دِ صدرَ القَناةِ أَطاعَ الأَميرا
وأُولوا الأَمْرِ: الرُّؤَساءُ وأَهل العلم. وأَمِرَ الشيءُ أَمَراً
وأَمَرَةً، فهو أَمِرٌ: كَثُرَ وتَمَّ؛ قال:
أُمُّ عِيالٍ ضَنؤُها غيرُ أَمِرْ
والاسم: الإِمْرُ. وزرعٌ أَمِرٌ: كثير؛ عن اللحياني. ورجل أَمِرٌ:
مباركٌ يقبل عليه المالُ. وامرأَة أَمِرَةٌ: مباركة على بعلها، وكلُّه من
الكَثرة. وقالوا: في وجه مالِكَ تعرفُ أَمَرَتَه؛ وهو الذي تعرف فيه الخير من
كل شيء. وأَمَرَتُه: زيادته وكثرته. وما أَحسن أَمارَتَهم أَي ما يكثرون
ويكثر أَوْلادُهم وعددهم. الفراء: تقول العرب: في وجه المال الأَمِر
تعرف أَمَرَتَه أَي زيادته ونماءه ونفقته. تقول: في إِقبال الأَمْرِ
تَعْرِفُ صَلاحَه. والأَمَرَةُ: الزيادة والنماءُ والبركة. ويقال: لا جعل الله
فيه أَمَرَةً أَي بركة؛ من قولك: أَمِرَ المالُ إِذا كثر. قال: ووجه
الأَمر أَول ما تراه، وبعضهم يقول: تعرف أَمْرَتَهُ من أَمِرَ المالُ إِذا
كَثُرَ. وقال أَبو الهيثم: تقول العرب: في وجه المال تعرف أَمَرَتَه أَي
نقصانه؛ قال أَبو منصور: والصواب ما قال الفراء في الأَمَرِ أَنه الزِّيادة.
قال ابن بزرج: قالوا في وجه مالك تعرف أَمَرَتَه أَي يُمنَه،
وأَمارَتَهُ مثله وأَمْرَتَه. ورجل أَمِرٌ وامرأَة أَمِرَةٌ إِذا كانا
ميمونين.والإِمَّرُ: الصغيرُ من الحُمْلان أَوْلادِ الضأْنِ، والأُنثى
إِمَّرَةٌ، وقيل: هما الصغيران من أَولادِ المعز. والعرب تقول للرجل إِذا وصفوه
بالإِعدامِ: ما له إِمَّرٌ ولا إِمَّرَةٌ أَي ما له خروف ولا رِخْلٌ، وقيل:
ما له شيء. والإِمَّرُ: الخروف. والإِمَّرَةُ: الرِّخْلُ، والخروف ذكر،
والرِّخْلُ أُنثى. قال الساجع: إِذا طَلَعَتِ الشِّعْرَى سَفَراً فلا
تَغْدُونَّ إِمَّرَةً ولا إِمَّراً. ورجلٌ إِمَّرٌ وإِمَّرَةٌ: أَحمق ضعيف
لا رأْي له، وفي التهذيب: لا عقل له إِلا ما أَمرتَه به لحُمْقِهِ، مثال
إِمَّعٍ وإِمَّعَةٍ؛ قال امرؤُ القيس:
وليس بذي رَيْثَةٍ إِمَّرٍ،
إِذا قِيدَ مُسْتَكْرَهاً أَصْحَبا
ويقال: رجل إِمَّرٌ لا رأْي له فهو يأْتَمِرُ لكل آمر ويطيعه. وأَنشد
شمر: إِذا طلعت الشعرى سفراً فلا ترسل فيها إِمَّرَةً ولا إِمَّراً؛ قال:
معناه لا تُرْسِلْ في الإِبل رجلاً لا عقل له يُدَبِّرُها. وفي حديث آدم،
عليه السلام: من يُطِعْ إِمَّرَةً لا يأْكُلْ ثَمَرَةً. الإِمَّرَةُ،
بكسر الهمزة وتشديد الميم: تأْنيث الإِمَّرِ، وهو الأَحمق الضعيف الرأْي
الذي يقول لغيره: مُرْني بأَمرك، أَي من يطع امرأَة حمقاء يُحْرَمِ الخير.
قال: وقد تطلق الإِمَّرَة على الرجل، والهاء للمبالغة. يقال: رجل
إِمَّعَةٌ. والإِمَّرَةُ أَيضاً: النعجة وكني بها عن المرأَة كما كني عنها
بالشاة. وقال ثعلب في قوله: رجل إِمَّرٌّ. قال: يُشَبَّه بالجَدْي.
والأَمَرُ: الحجارة، واحدتُها أَمَرَةٌ؛ قال أَبو زبيد من قصيدة يرثي
فيها عثمان بن عفان، رضي الله عنه:
يا لَهْفَ نَفْسيَ إِن كان الذي زَعَمُوا
حقّاً وماذا يردُّ اليومَ تَلْهِيفي؟
إِن كان عثمانُ أَمْسَى فوقه أَمَرٌ،
كراقِب العُونِ فوقَ القُبَّةِ المُوفي
والعُونُ: جمع عانة، وهي حُمُرُ الوحش، ونظيرها من الجمع قارَةٌ وقورٌ،
وساحة وسُوحٌ. وجواب إِن الشرطية أَغنى عنه ما تقدم في البيت الذي قبله؛
وشبَّه الأَمَرَ بالفحل يَرقُبُ عُونَ أُتُنِه. والأَمَرُ، بالتحريك: جمع
أَمَرَّةٍ، وهي العَلَمُ الصغير من أَعلام المفاوز من حجارة، وهو بفتح
الهمزة والميم. وقال الفراء: يقال ما بها أَمَرٌ أَي عَلَمٌ. وقال أَبو
عمرو: الأَمَرَاتُ الأَعلام، واحدتها أَمَرَةٌ.
وقال غيره: وأَمارةٌ مثل أَمَرَةٍ؛ وقال حميد:
بسَواءٍ مَجْمَعَةٍ كأَنَّ أَمارّةً
مِنْها، إِذا بَرَزَتْ فَنِيقٌ يَخْطُرُ
وكلُّ علامَةٍ تُعَدُّ، فهي أَمارةٌ. وتقول: هي أَمارةُ ما بيني وبينك
أَي علامة؛ وأَنشد:
إِذا طلَعَتْ شمس النهار، فإِنها
أَمارةُ تسليمي عليكِ، فسَلِّمي
ابن سيده: والأَمَرَةُ العلامة، والجمع كالجمع، والأَمارُ: الوقت
والعلامة؛ قال العجاجُ:
إِذّ رَدَّها بكيده فارْتَدَّتِ
إِلى أَمارٍ، وأَمارٍ مُدَّتي
قال ابن بري: وصواب إِنشاده وأَمارِ مدتي بالإِضافة، والضمير المرتفع في
ردِّها يعود على الله تعالى، والهاء في ردّها أَيضاً ضمير نفس العجاج؛
يقول: إِذ ردَّ الله نفسي بكيده وقوّته إِلى وقت انتهاء مدني. وفي حديث
ابن مسعود: ابْعَثوا بالهَدْيِ واجْعَلوا بينكم وبينه يَوْمَ أَمارٍ؛
الأَمارُ والأَمارةُ: العلامة، وقيل: الأَمارُ جمع الأَمارَة؛ ومنه الحديث
الآخر: فهل للسَّفَر أَمارة؟
والأَمَرَةُ: الرابية، والجمع أَمَرٌ. والأَمارة والأَمارُ: المَوْعِدُ
والوقت المحدود؛ وهو أَمارٌ لكذا أَي عَلَمٌ. وعَمَّ ابنُ الأَعرابي
بالأَمارَة الوقتَ فقال: الأَمارةُ الوقت، ولم يعين أَمحدود أَم غير محدود؟
ابن شميل: الأَمَرةُ مثل المنارة، فوق الجبل، عريض مثل البيت وأَعظم،
وطوله في السماء أَربعون قامة، صنعت على عهد عاد وإِرَمَ، وربما كان أَصل
إِحداهن مثل الدار، وإِنما هي حجارة مكوَّمة بعضها فوق بعض، قد أُلزقَ ما
بينها بالطين وأَنت تراها كأَنها خِلْقَةٌ. الأَخفش: يقال أَمِرَ يأْمَرُ
أَمْراً أَي اشتدّ، والاسم الإِمْرُ، بكسر الهمزة؛ قال الراجز:
قد لَقفيَ الأَقْرانُ مِنِّي نُكْرا،
داهِيَةً دَهْياءَ إِدّاً إِمْرا
ويقال: عَجَباً. وأَمْرٌ إِمْرٌ: عَجَبٌ مُنْكَرٌ. وفي التنزيل العزيز:
لقد جِئْتَ شيئاً إِمْراً؛ قال أَبو إِسحق: أَي جئت شيئاً عظيماً من
المنكر، وقيل: الإمْرُ، بالكسر، والأَمْرُ العظيم الشنيع، وقيل: العجيب، قال:
ونُكْراً أَقلُّ من قوله إِمْراً، لأَن تغريق من في السفينة أَنكرُ من
قتل نفس واحدة؛ قال ابن سيده: وذهب الكسائي إِلى أَن معنى إِمْراً شيئاً
داهياً مُنْكَراً عَجَباً، واشتقه من قولهم أَمِرَ القوم إِذا كثُروا.
وأَمَّرَ القناةَ: جعل فيها سِناناً. والمُؤَمَّرُ: المُحَدَّدُ، وقيل:
الموسوم. وسِنانٌ مُؤَمَّرٌ أَي محدَّدٌ؛ قال ابن مقبل:
وقد كان فينا من يَحُوطُ ذِمارَنا،
ويَحْذي الكَمِيَّ الزَّاعِبيَّ المُؤَمَّرا
والمُؤَمَّرُ أَيضاً: المُسَلَّطُ. وتَأَمَّرَ عليهم أَيَّ تَسَلَّطَ.
وقال خالد في تفسير الزاعبي المؤَمر، قال: هو المسلط. والعرب تقول: أمِّرْ
قَنَاتَكَ أَي اجعل فيها سِناناً. والزاعبي: الرمح الذي إِذا هُزَّ
تدافع كُلُّه كأَنَّ مؤَخّرِه يجري في مُقدَّمه؛ ومنه قيل: مَرَّ يَزْعَبُ
بحِملِه إِذا كان يتدافع؛ حكاه عن الأَصمعي.ويقال: فلانٌ أُمِّرَ وأُمِّرَ
عليه إِذا كان الياً وقد كان سُوقَةً أَي أَنه مجرَّب. ومتا بها أَمَرٌ
أَي ما بها أَحدٌ.
وأَنت أَعلم بتامورك؛ تامورهُ: وعاؤُه، يريد أَنت أَعلم بما عندك
وبنفسك. وقيل: التَّامورُ النَّفْس وحياتها، وقيل العقل. والتَّامورُ أَيضاً:
دمُ القلب وحَبَّتُه وحياته، وقيل: هو القلب نفسه، وربما جُعِلَ خَمْراً،
وربما جُعِلَ صِبغاً على التشبيه. والتامور: الولدُ. والتّامور: وزير
الملك. والتّامور: ناموس الراهب. والتَّامورَةُ: عِرِّيسَة الأَسَدِ، وقيل:
أَصل هذه الكلمة سريانية، والتَّامورة: الإِبريق؛ قال الأَعشى:
وإِذا لها تامُورَة مرفوعةٌ
لشرابها . . . . . . . . . .
والتَّامورة: الحُقَّة. والتَّاموريُّ والتأْمُرِيُّ والتُّؤْمُريُّ:
الإِنسان؛ وما رأَيتُ تامُرِيّاً أَحسن من هذه المرأَة. وما بالدار تأْمور
أَي ما بها أَحد. وما بالركية تامورٌ، يعني الماءَ؛ قال أَبو عبيد: وهو
قياس على الأَوَّل؛ قال ابن سيده: وقضينا عليه أَن التاء زائدة في هذا كله
لعدم فَعْلول في كلام العرب. والتَّامور: من دواب البحر، وقيل: هي
دوَيبةٌ. والتَّامور: جنس من الأَوعال أَو شبيه بها له قرنٌ واحدٌ مُتَشَعِّبٌ
في وسَطِ رأْسه. وآمِرٌ: السادس من أَيام العجوز، ومؤُتَمِرٌ: السابع
منها؛ قال أَبو شِبل الأَعرابي:
كُسِعَ الشتاءُ بسبعةٍ غُبْرِ:
بالصِّنِّ والصِّنَّبْرِ والوَبْرِ
وبآمِرٍ وأَخيه مؤُتَمِرٍ،
ومُعَلِّلٍ وبمُطْفَئٍ الجَمْرِ
كأَنَّ الأَول منهما يأْمرُ الناس بالحذر، والآخر يشاورهم في الظَّعَن
أَو المقام، وأَسماء أَيام العجوز مجموعة في موضعها. قال الأَزهري: قال
البُستْي: سُمي أَحد أَيام العجوز آمِراً لأَنه يأْمر الناس بالحذر منه،
وسمي الآخر مؤتمراً. قال الأَزهري: وهذا خطأٌ وإِنما سمي آمراً لأَن الناس
يُؤامِر فيه بعضُهم بعضاً للظعن أَو المقام فجعل المؤتمر نعتاً لليوم؛
والمعنى أَنه يؤْتَمرُ فيه كما يقال ليلٌ نائم يُنام فيه، ويوم عاصف
تَعْصِف فيه الريحُ، ونهار صائم إِذا كان يصوم فيه، ومثله في كلامهم ولم يقل
أَحد ولا سمع من عربي ائتْمَرْتُه أَي آذنتْهُ فهو باطل. ومُؤْتَمِرٌ
والمُؤْتَمِرُ: المُحَرَّمُ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
نَحْنُ أَجَرْنا كلَّ ذَيَّالٍ قَتِرْ،
في الحَجِّ من قَبْلِ دَآدي المُؤْتَمِرْ
أَنشده ثعلب وقال: القَمِرُ المتكبر. والجمع مآمر ومآمير. قال ابن
الكلبي: كانت عاد تسمِّي المحرَّم مُؤتَمِراً، وصَفَرَ ناجِراً، وربيعاً
الأَول خُوَّاناً، وربيعاً الآخر بُصاناً، وجمادى الأُولى رُبَّى، وجمادى
الآخرة حنيناً، ورَجَبَ الأَصمَّ، وشعبان عاذِلاً، ورمضان ناتِقاً، وشوّالاً
وعِلاً، وذا القَعْدَةِ وَرْنَةَ، وذا الحجة بُرَكَ.
وإِمَّرَةُ: بلد، قال عُرْوَةَ بْنُ الوَرْد:
وأَهْلُكَ بين إِمَّرَةٍ وكِيرِ
ووادي الأُمَيِّرِ: موضع؛ قال الراعي:
وافْزَعْنَ في وادي الأُمَيِّرِ بَعْدَما
كَسا البيدَ سافي القَيْظَةِ المُتَناصِرُ
ويومُ المَأْمور: يوم لبني الحرث بن كعب على بني دارم؛ وإِياه عنى
الفرزدق بقوله:
هَلْ تَذْكُرُون بَلاءَكُمْ يَوْمَ الصَّفا،
أَو تَذْكُرونَ فَوارِسَ المَأْمورِ؟
وفي الحديث ذكرُِ أَمَرَ، وهو بفتحِ الهمزة والميم، موضع من ديار
غَطَفان خرج إِليه رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، لجمع محارب.
@أهر: الأَهَرَةُ، بالتحريك: متاع البيت. الليث: أَهَرَةُ البيت ثيابه
وفرشه ومتاعه؛ وقال ثعلب: بيتٌ حَسَنُ الظَّهَرة والأَهَرَة والعَقار، وهو
متاعه؛ والظَّهَرَةُ: ما ظهر منه، والأَهَرَة: ما بطن، والجمع أَهَرٌ
وأَهَراتٌ؛ قال الراجز:
عَهْدِي بجَنَّاحٍ إِذا ما ارْتَزَّا،
وأَذْرَتِ الرِّيحُ تُراباً نَزَّا
أَحْسَنَ بَيْتٍ أَهَراً وبَزاً،
كأَنما لُزَّ بصَخْرٍ لَزَّا
وأَحسن في موضع نصب على الحال سادّ مسدّ خبر عهدي، كما تقول عهدي بزيد
قائماً. وارْتَزَّ بمعنى ثبت. والترابُ النَّزُّ: هو النَّديُّ. رأَيت في
حاشية كتاب ابن بري ما صورته: في المحكم جَنَّاحٌ اسم رجل وجَنَّاحٌ اسم
خباءٍ من أَخبيتهم؛ وأَنشد:
عَهْدي بجَنَّاحٍ إِذا ما اهْتَزَّا،
وأَذْرَت الرِّيحُ تراباً نَزَّا،
 

rahaal

تربوي
عضو ملتقى المعلمين
أَن سَوْفَ تَمْضِيه وما ارْمأَزَّا
قال: وتمضيه تمضي عليه. ابن سيده: والأَهَرَة الهيئة.
@أور: الأُوارُ، بالضم: شدَّةُ حر الشمس ولفح النار ووهجها والعطشُ،
وقيل: الدُّخان واللَّهَبُ. ومن كلام علي، رضي الله عنه: فإِن طاعة الله
حِرْزٌ من أُوار نيران مُوقَدةٍ؛ قال أَبو حنيفة: الأُوارُ أَرَقُّ من الدخان
وأَلطف؛ وقول الراجز:
والنَّارُ قد تَشْفي من الأُوارِ
النار ههنا السِّماتُ. وقال الكسائي: الأُوار مقلوبٌ أَصله الوُ آرُ ثم
خففت الهمزة فأُبدلت في اللفظ واواً فصارت وُواراً، فلما التقت في أَول
الكلمة واوان وأُجْريَ غيرُ اللازم مجرى اللازم أُبدلت الأُولى همزة فصارت
أُواراً، والجمع أُورٌ. وأَرض أَوِرَةٌ ووَيِرَةٌ، مقلوب: شديدة
الأُوار. ويوم ذو أُوارٍ أَي ذو سَمُوم وحر شديد. وريح إِيرٌ وأُورٌ. باردةٌ.
والأُوارُ أَيضاً: الجنوبُ. والمُسْتَأْوِرُ: الفَزِع؛ قال الشاعر:
كأَنَّه بزوانٍ نامَ عَنْ غَنَمٍ،
مُسْتَأْوِرٌ في سواد اللَّيل مَدْؤُوبُ
الفراءُ: يقال لريح الشَّمال الجِرْبياءُ بوزنَ رَجُلٌ نِفْرِجاءُ وهو
الجبانُ. ويقال للسَّماء إِيرٌ وأَيْرٌ وأَيِّرٌ وأَوُورٌ؛ قال: وأَنشدني
بعض بني عُقَيْل:
شَآمِيَّة جُنْحَ الظَّلام أَوُورُ
قال: والأَوُروُ على فَعُول.
قال: واسْتَأْوَرَتِ الإِبلُ نَفَرَتْ في السَّهْل، وكذلك الوحشُ. قال
الأَصمعي: اسْتَوْأَرَتِ الإِبِلُ إِذا تَرابَعتْ على نِفارٍ واحدٍ؛ وقال
أَبو زيد: ذاك إِذا نفرَتْ فصَعِدَت الجَبَلَ، فإِذا كان نِفارُها في
السَّهْلِ قيل: اسْتَأْوَرَتْ؛ قال: وهذا كلام بني عَقَيْلٍ. الشَّيْباني:
المُسْتَأْوِرُ الفارُّ. واستَأْوَرَ البعير إِذا تَهَيَّأَ للوُثوب وهو
بارك. غيره: ويقال للحُفْرَة التي يجتمع فيها الماءُ أُورة وأُوقَةٌ؛ قال
الفرزدق:
تَرَبَّعَ بَيْنَ الأُورَتَيْنِ أَميرُها
وأَما قول لبيد:
يَسْلُبُ الكانِسَ، لم يُورَ بها،
شُعْبَةَ السَّاقِ، إِذا الظِّلُّ عَقَلْ
وروي: لم يُوأَرْ بها؛ ومن رواه كذلك فهو من أْوار الشمس، وهو شدّة
حرها، فقلبه، وهو من التنفير. ويقال: أَوْأَرْتُه فاسْتَوْأَر إِذا
نَفَّرْتَه. ابن السكيت: آرَ الرجلُ حليلته يَؤُورُها، وقال غيره: يَئِيرُها
أَيْراً إِذا جامَعَها.
وآرَةُ وأُوارَةُ: موضعان؛ قال:
عَداوِيَّةٌ هيهاتَ منك مَحَلُّها،
إِذا ما هي احْتَلَّتْ بقُدْسٍ وآرَتِ
ويروي: بقدس أُوارَةِ. عداوية: منسوبة إلى عدي على غير قياس. وأُوارَةُ:
اسم ماء. وأُورِياءُ: رجل من بني إِسرائيل، وهو زوج المرأَة التي فُتِنَ
بها داود، على نبينا وعليه الصلاة والسلام. وفي حديث عطاء: أَبْشِري
أُورى شَلَّمَ براكب الحمار؛ يريد بيت الله المقدَّس؛ قال الأَعشى:
وقَدْ طُفْتُ للمالِ آفاقَهُ:
عُمانَ فَحِمْصَ فَأُورَى شَلَمْ
والمشهور أُورى شَلَّم، بالتشديد، فخففه للضرورة، وهو اسم بيت المقدس؛
ورواه بعضهم بالسين المهملة وكسر اللام كأَنه عرّبه وقال: معناه
بالعبرانية بيت السلام. وروي عن كعب أَن الجنة في السماء السابعة بميزان بيت
المقدس والصخرة ولو وقع حجر منها وقع على الصخرة؛ ولذلك دعيت أُورَشلَّم
ودُعيت الجنةُ دارَ السلام.
@أير: إِيْرٌ ولغةٌ أُخرى أَيْرٌ، مفتوحة الأَلف، وأَيِّرٌ، كل ذلك: من
أَسماء الصِّبا، وقيل: الشِّمال، وقيل: التي بين الصبا والشمال، وهي أَخبث
النُّكْبِ. الفراء: الأَصمعي في بابِ فعْلٍ وفَعْلٍ: من أَسماء الصبا
إِيْرٌ وأَيْرٌ وهِيرٌ وهَيْرٌ وأَيِّر وهَيِّر، على مثال فَيْعِل؛ وأَنشد
يعقوب:
وإِنَّا مَسامِيحٌ إِذا هَبَّتِ الصِّبا،
وإِنَّا لأَيْسارٌ إِذا الإِيرُ هَبَّتِ
ويقال للسماء: إِيرٌ وأَيْرٌ وأَيَّرٌ وأَوُررٌ. والإِيْرُ: ريحُ
الجَنُوبِ، وجمعه إِيَرَةٌ. ويقال: الإِيْرُ ريح حارة من الأُوارِ، وإِنما صارت
واوه ياء لكسرة ما قبلها. وريح إِيرٌ وأُورٌ: باردة.
والأَيْرُ: معروف، وجمعه آيُرٌ على أَفْعُل وأُيُورٌ وآيارٌ وأُيُرٌ؛
وأَنشد سيبويه لجرير الضبي:
يا أَضْبُعاً أَكَلَتْ آيارَ أَحْمِرَةٍ،
ففي البطون، وقد راحَتُ، قَراقيرُ
هَلْ غَيْرُ أَنَّكُمُ جِعْلانُ مِمْدَرَةٍ
دُسْمُ المرافق، أَنْذالٌ عَواوِيرُ
وغَيْرُ هُمْزٍ ولُمْزٍ للصَّديقِ، ولا
يُنْكي عَدُوَّكُمُ مِنْكُمْ أَظافيرُ
وأَنَّكْم ما بَطُنْتُمُ، لم يَزَلْ أَبَداً،
مِنْكْم على الأَقْرَبِ الأَدْنى، زَنابيرُ
ورواه أَبو زيد يا ضَبُعاً على واحدة ويا ضُبُعاً؛ وأَنشد أَيضاً:
أَنْعَتُ أَعْياراً رَعَيْنَ الخَنْزَرا،
أَنْعَتُهُنَّ آيُراً وكَمَرا
ورجلٌ أُياريٌّ: عظيمُ الذَّكَرِ. ورجل أُنافيٌّ: عظيم الأَنف. وروي عن
عليّ بن أَبي طالب، رضي الله عنه، أَنه قال يوماً متمثلاً: مَنْ يَطُلْ
أَيْرُ أَبيه يَنْتَطِقْ به؛ معناه أَن من كثرت ذكور ولد أَبيه شدّ بعضهم
بعضاً؛ ومن هذا المعنى قول الشاعر:
فلو شاء ربي كان أَيْرُ أَبِيكُمُ
طويلاً، كَأَيْرِ الحَرِث بن سَدوسِ
قيل: كان له أَحد وعشرون ذكراً. وصَخْرَةٌ يَرَّاءُ وصخرة أَيَرٌ وحارٌّ
يارٌّ: يذكر في ترجمة يرر، إِن شاء الله. وإِيْرٌ: موضعٌ بالبادية.
التهذيب: إِيْرٌ وهِيرٌ موضع بالبادية؛ قال الشماخ:
على أَصْلابِ أَحْقَبَ أَخْدَرِيٍّ
من اللاَّئي تَضَمَّنَهُنَّ إِيرُ
وإِيرٌ: جَبَلٌ؛ قال عباس بن عامر الأَصم:
على ماءِ الكُلابِ وما أَلامُوا؛
ولكن مَنْ يُزاحِمُ رُكْنَ إِيرِ؟.
والأَيارُ: الصُّفْرُ؛ قال عدي بن الرقاع:
تلك التِّجارةُ لا تُجِيبُ لِمِثْلِها،
ذَهَبٌ يباع بآنُكٍ وأَيارِ
وآرَ الرجلُ حليلَتَهُ يَؤُورُها وآرَها يَئِيرُها أَيْراً إِذاً
جامعها؛ قال أَبو محمد اليزيدي واسمه يحيى بن المبارك يهجو عِنانَ جاريَةَ
الناطِفِيِّ وأَبا ثعلب الأَعرج الشاعر، وهو كليب بن أَبي الغول وكان من
العرجان والشعراء، قال ابن بري ومن العرجان أَبو مالك الأَعرج؛ قال الجاحظ
وفي أَحدهما يقول اليزيدي:
أَبو ثَعْلَبٍ للناطِفِيِّ مُؤازِرٌ،
على خُبْثِهِ، والنَّاطِفيُّ غَيُورُ
وبالبَغْلَةِ الشَّهْباءِ رِقَّةُ حافرٍ،
وصاحِبُنَا ماضِي الجَنانِ جَسُورُ
ولا غَرْْوَ أَنْ كان الأُعَيْرِجُ آرَها،
وما النَّاسُ إِلاَّ آيِرٌ ومَئِيرُ
والآرُ: العارُ. والإِيارُ: اللُّوحُ، وهو الهواء.
@أبز: أَبَزَ الظَّبْيُ يأْبِزُ أَبْزاً وأُبوزاً: وثَبَ وقَفَزَ في
عَدْوِه، وقيل تَطَلَّقَ في عَدْوه؛ قال:
يَمُرُّ كَمَرِّ الآبِزِ المُتَطَلِّقِ
والاسم الأَبَزَى، وظبي أَبَّازٌ وأَبُوزٌ، وكذلك الأُنثى. ابن
الأَعرابي: الأَبوزُ القَفَّارُ من كل الحيوان، وهو أَبوزٌ، والأَبَّازُ
الوَثَّابُ؛ قال الشاعر:
يا رُبَّ أَبَّازٍ من العُفْرِ صَدَعْ،
تَقَبَّضَ الذئبُ إِليه، فاجْتَمَعْ
لَمَّا رَأَى أَن لا دَعَهْ ولا شِبَعْ،
مالَ إِلى أَرْطاةِ حِقْفٍ فاضْطَجَعْ
قال ابن السكيت: الأَبَّازُ القَفَّازُ. قال ابن بري: وصف ظيباً،
والعُفْر من الظباء التي يعلو بياضها حمرة. وتَقَبَّضَ: جمع قوائمه ليَثِبَ على
الظبي فلما رأَى الذئب أَنه لا دَعَةَ له ولا شِبَعَ لكونه لا يصل إِلى
الظبي فيأْكله مال إِلى أَرْطاةِ حِقْفٍ، والأَرطاة: واحدة الأَرْطَى،
وهو شجر يدبغ بورقه. والحِقْفُ: المُعْوَجُّ من الرمل، وجمعه أَحقاف
وحُقُوفٌ؛ وقال جِرانُ العَوْدِ:
لقد صَبَحْتُ حَمَلَ بْنَ كُوزِ
عُلالَةً من وَكَرَى أَبُوزِ
تُرِيحُ بعد النَّفَسِ المَحْفُوزِ،
إِراحَةَ الجِدَايَةِ النَّفُوزِ
قال أَبو الحسن محمد بن كَيْسان: قرأْته على ثعلب جَمَلَ بن كُوز،
بالجيم، وأَخذه عليٌّ بالحاء، قال: وأَنا إِلى الحاءِ أَميل. وصبحته: سقيته
صبوحاً، وجعل الصبوح الذي سقاه له عُلالَةً من عَدْوِ فَرَسٍ وَكَرى، وهي
الشديدة العَدْوِ؛ يقول: سقيته عُلالَةَ عَدْوِ فَرَسٍ صباحاً، يعني أَنه
أَغار عليه وقت الصبح فجعل ذلك صَبوحاً له؛ واسم جِرانِ العَوْدِ عامرُ
(* قوله « واسم جران العود عامر إلخ» في الصحاح: واسمه المستورد) بن
الحرث، وإِنما لقب جِرانَ العَوْدِ لقوله:
خُذَا حَذَراً يا خَِلَّتَيَّ، فإِنَّنِي
رأَيتُ جِرانَ العَوْدِ قد كادَ يَصْلُحُ
(* قوله « يا خلتي» تثنية خلة،
بكسر الخاء المعجمة، مؤنث الخل بمعنى الصديق. وفي الصحاح: يا جارتي.)
يقول لامرأَتيه: احذرا فإِني رأَيت السَّوْطَ قد قرب صلاحه. والجران:
باطن عنق البعير. والعَوْدُ: الجمل المسن. وحَمَلٌ: اسم رجل. وقوله: بعد
النَّفَسِ المحفوز، يريد النفس الشديد المتتابع الذي كأَن دافعاً يدفعه من
سِباق. وتُرِيح: تَتَنَفَّسُ؛ ومنه قول امرئ القيس:
لما مَنْخَرٌ كوِجارِ السِّباع،
فمنه تُرِيحُ إِذا تَنْبَهِرْ
والجِدايَةُ: الظبية، والنَّفُوز: التي تَنْفِزُ أَي تَثِبُ. وأَبَزَ
الإِنسانُ في عَدْوِه يأْبِزُ أَبْزاً وأُبوزاً: استراح ثم مضى. وأَبَزَ
يَأْبِزُ أَبْزاً: لغة في هَبَزَ إِذا مات مُغافَصَةً.
@أجز: اسْتَأْجَزَ عن الوِسادَة: تَنَحَّى عنها ولم يَتَّكِئْ، وكانت
العرب تَسْتَأْجِزُ ولا تَتَّكِئ. وآجَزُ: اسمٌ. التهذيب: الليث
الإِجازَةُ ارْتِفاقُ العرب، كانت العرب تَحْتَبئ وتَسْتَأْجِزُ على وسادة ولا
تتكئ على يمين ولا شمال؛ قال الأَزهري: لم أَسمعه لغير الليث ولعله حفظه.
وروي عن أَحمد بن يحيى قال: دَفَعَ إِليَّ الزُّبَيرُ إِجازَةً وكتب
بخطه، وكذلك عبد الله بن شبيب فقلت: ايش أَقول فيهماففقالا: قل إِن شئت حدّثنا،
وإِن شئت أَخبرنا، وإِن شئت كتب إِليّ.
@أرز: أَرَزَ يَأْرِزُ أُرُوزاً: تَقَبَّضَ وتَجَمَّعَ وثَبَتَ، فهو
آرِزٌ وأَرُوزٌ، ورجل أَرُوزٌ: ثابت مجتمع. الجوهري: أَرَزَ فلان يَأْرِزُ
أَرْزاً وأُرُوزاً إِذا تَضامَّ وتَقَبَّضَ من بخْلِه، فهو أَرُوزٌ. وسئل
حاجة فأَرَزَ أَي تَقَبَّضَ واجتمع؛ قال رؤبة:
فذاكَ بَخَّالٌ أَرُوزُ الأَرْزِ
يعني أَنه لا ينبسط للمعروف ولكنه ينضم بعضه إِلى بعض، وقد أَضافه إِلى
المصدر كما يقال عُمَرُ العَدْلِ وعُمَرُ الدَّهاءِ، لما كان العدل
والدهاء أَغلب أَحواله. وروي عن أَبي الأَسود الدؤلي أَنه قال: إِن فلاناً
إِذا سئل أَرَزَ وإِذا دُعِيَ اهْتَزَّ؛ يقول: إِذا سئل المعروفَ تَضامَّ
وتَقَبَّضَ من بخله ولم ينبسط له، وإِذا دعي إِلى طعام أَسرع إِليه. ويقال
للبخيل: أَزُوزٌ، ورجل أَرُوزُ البخل أَي شديد البخل. وذكر ابن سيده قول
أَبي الأسود أَنه قال: إِن اللئيم إِذا سئل أَرَزَ وإِن الكريم إِذا سئل
اهتز. واستشير أَبو الأَسود في رجل يُعَرَّف أَو يُوَلَّى فقال: عَرّفُوه
فإِنه أَهْيَسُ أَلْيَسُ أَلَدُّ مِلْحَسٌ إِن أُعْطِيَ انْتَهزَ وإِن
سئل أَرَزَ. وأَرَزَتِ الحيةُ تأْرِزُ: ثبتت في مكانها، وأَرَزَتْ أَيضاً:
لاذت بجحرها ورجعت إِليه. وفي الحديث: إِن الإِسلام ليأْرِزُ إِلى
المدينة كما تأْرِزُ الحية إِلى جُحْرِها؛ قال الأَصمعي: يأْرِزُ أَي ينضم
إِليها ويجتمع بعضه إِلى بعض فيها. ومنه كلام عليّ، عليه السلام: حتى
يأْرِزَ الأَمْرُ إِلى غيركم. والمَأْرِزُ: المَلْجَأُ. وقال زيد بن كُثْوَةَ:
أَرَزَ الرجلُ إِلى مَنَعَتِه أَي رحل إِليها. وقال الضرير: الأَرْزُ
أَيضاً أَن تدخل الحية جحرها على ذنبها فآخر ما يبقى منها رأْسها فيدخل بعد،
قال: وكذلك الإِسلام خرج من المدينة فهو يَنْكُصُ إِليها حتى يكون آخره
نكوصاً كما كان أَوّله خروجاً، وإِنما تأْرِزُ الحية على هذه الصفة إِذا
كانت خائفة، وإِذا كانت آمنة فهي تبدأُ برأْسها فتدخله وهذا هو الانجحار.
وأَرَزَ المُعْيِي: وَقَفَ. والآرِزُ من الإِبل: القوي الشديد. وفَقارٌ
آرِزٌ: متداخل. ويقال للناقة القوية آرِزَةٌ أَيضاً؛ قال زهير يصف ناقة:
بآرِزَةِ الفَقارَة لم يَخُنْها
قِطافٌ في الرِّكابِ، ولا خِلاءُ
قال: الآرِزَةُ الشديد المجتَمعُ بعضها إِلى بعض؛ قال أَبو منصور: أَراد
مُدْمَجَةُ الفَقارِ متداخلته وذلك أَقوى لها. ويقال للقوس: إِنها لذات
أَرْزٍ، وأَرْزُها صَلابَتُها، أَرَزَتْ تأْرِزُ أَرْزاً، قال: والرميُ
من القوس الصُّلبة أَبلغ في الجَرْحِ، ومنه قيل: ناقة آرِزَةُ الفَقار أَي
شيديدة. وليلة آرِزَةٌ: باردة، أَرَزَتْ تأْرِزُ أَرِيزاً؛ قال في
الأرَز:
ظَمآن في ريحٍ وفي مَطِيرِ،
وأَرْزِ قُرٍّ ليس بالقَرِيرِ
ويوم أَرِيزٌ: شديد البرد؛ عن ثعلب، ورواه ابن الأَعرابي أَزِيزٌ،
بزايين، وقد تقدم. والأَرِيزُ: الصَّقِيعُ؛ وقوله:
وفي اتِّباعِ الظُّلَلِ الأَوارِزِ
يعني الباردة. والظلل هنا: بيوت السجن. وسئل أَعرابي عن ثوبين له فقال:
إِن وجدتُ الأَرِيزَ لبستُهما، والأَرِيزُ والحَلِيتُ: شِبْهُ الثلج يقع
بالأَرض. وفي نوادر الأَعراب: رأَيت أَرِيزَتَه وأَرائِزَهُ تَرْعُدُ،
وأَرِيزَةُ الرجل نَفَسُه. وأَرِيزَةُ القوم: عَمِيدُهم. والأُرْزُ
والأُرُزُ والأُرُزُّ كله ضربٌ من البُرِّ.الجوهري: الأُرْزُ حبٌّ، وفيه ست
لغات: أَرُزٌّ وأُرُزٌّ، تتبع الضمةُ الضمةَ، وأُرْزٌ وأُرُزٌ مثل رُسْلٍ
ورُسُلٍ، ورُزٌّ ورُنْزٌ، وهي لعبد القيس.
أَبو عمرو: الأَرَزُ، بالتحريك، شجر الأَرْزَنِ، وقال أَبو عبيدة:
الأَزْرَةُ، بالتسكين، شجر الصَّنَوْبَرِ، والجمع أَرْزٌ. والأَرْزُ:
العَرْعَرُ، وقيل: هو شجر بالشام يقال لثمرة الصَّنَوْبَرُ؛ قال:
لها رَبَذاتٌ بالنَّجاءِ كأَنها
دَعائِمُ أَرْزٍ، بينهنَّ فُرُوعُ
وقال أَبو حنيفة: أَخبرني الخَبِرُ أَن الأَرْزَ ذَكَرُ الصنوبر وأَنه
لا يحمل شيئاً ولكن يستخرج من أَعجازه وعروقه الزِّفْتُ ويستصبحُ بخشبه
كما يستصبح بالشمع وليس من نبات أَرض العرب، واحدته أَرْزَةٌ. قال رسول
الله، صلى الله عليه وسلم: مَثَلُ الكافر مَثَلُ الأَرْزَةِ المُجْذِيَةِ
على الأَرض حتى يكون انْجِعافُها مرةً واحدة. قال أَبو عمرو: هي
الأَرَزَةُ، بفتح الراء، من الشجر الأَرْزَنِ، ونحوَ ذلك قال أَبو عبيدة: قال أَبو
عبيد. والقول عندي غير ما قالا إِنما هي الأَرْزَةُ، بسكون الراء، وهي
شجرة معروفة بالشام تسمى عندنا الصنوبر من أَجل ثمره، قال: وقد رأَيت هذا
الشجر يسمى أَرْزَةً، ويسمى بالعراق الصنوبر، وإِنما الصنوبر ثمر الأَرْزِ
فسمي الشجر صنوبراً من أَجل ثمره؛ أَراد النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن
الكافر غيرُ مَرْزُوءٍ في نفسه وماله وأَهله وولده حتى يموت، فشبه موته
بانجعاف هذه الشجرة من أَصلها حتى يلقى الله بذنوبه حامَّةً؛ وقال بعضهم:
هي آرِزَةٌ بوزن فاعلة، وأَنكرها أَبو عبيد: وشجرة آرِزَةٌ أَي ثابتة في
الأَرض، وقد أَرَزَتْ تأْرِزُ. وفي حديث عليّ، كرم الله وجهه: جعل
الجبالَ للأَرضِ عِماداً وأَرَزَ فيها أَوتاداً أَي أَثبتها، إِن كانت الزاي
مخففة فهي من أَزَرَت الشجرةُ تأْرِزُ إِذا ثبتت في الأَرض، وإِن كانت
مشددة فهو من أَرَزَّت الجَرادَةُ ورَزَّتْ إِذا أَدخلت ذنبها في الأَرض
لتلقي فيها بيضها.
ورَزَزْتُ الشيءَ في الأَرض رَزّاً أَثبته فيها، قال: وحينئذٍ تكون
الهمزة زائدة والكلمة من حروف الراء. والأُرْزَةُ والأَرَزَةُ، جميعاً:
الأَرْزَةُ، وقيل: إِن الأَرْزَةَ إِنما سميت بذلك لثباتها. وفي حديث
صَعْصَعَةَ بن صُوحانَ: ولم ينظر في أَرْزِ الكلام أَي في حَصْرِه وجمعِه
والتروّي فيه.
@أزز: أزّت القِدْرُ تَؤُزُّ وتَئِزُّ أَزّاً وأَزِيزاً وأَزازاً
وائْتَزَّتِ ائْتِزازاً إِذا اشتدّ غليانها، وقيل: هو غليان ليس بالشديد. وفي
الحديث عن مُطَرِّفٍ عن أَبيه، رضي الله عنه، قال: أَتيت النبي، صلى الله
عليه وسلم، وهو يصلي ولجوفه أَزِيزٌ كأَزِيزِ المِرْجَلِ من البكاءِ يعني
يبكي، أَي أَن جوفه يَجِيش ويغلي بالبكاءِ؛ وقال ابن الأَعرابي في
تفسيره: خَنِين، بالخاء المعجمة، في الجوف إِذا سمعه كأَنه يبكي. وأَزَّ بها
أَزّاً: أَوقد النار تحتها لتغلي. أَبو عبيدة: الأَزِيزُ الالتهابُ والحركة
كالتهاب النار في الحطب. يقال: أُزَّ قِدْرَك أَي أَلْهِبِ النارَ
تحتها. والأَزَّةُ: الصوتُ. والأَزِيزُ: النَّشِيشُ. والأَزِيزُ: صوت غليان
القدر. والأَزِيزُ: صوت الرعد من بعيد، أَزَّت السحابةُ تَئِزُّ أَزّاً
وأَزِيزاً.
وأَما حديث سَمُرَة: كَسَفَتِ الشمسُ على عهد رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، فانتهيت إِلى المسجد فإِذا هو يأْزَزُ، فإِن أَبا إِسحق الحَرْبيَّ
قال في تفسيره: الأَزَزُ الامتلاءُ من الناس يريد امتلاءَ المجلس، قال
ابن سيده: وأُراه مما تقدّم من الصوت لأَن المجلس إِذا امتلأَ كثرت فيه
الأَصوات وارتفعت. وقوله يأْزَزُ، بإظهار التضعيف، هو من باب لَحِحَتْ
عينُه وأَللَ السِّقاءُ ومَشِشَت الدابةُ، وقد يوصف بالمصدر منه فيقال: بيت
أَزَز، والأَزَزُ الجمعُ الكثير من الناس. وقوله: المسجد يأْزَزُ أَي
مُنْغَصٌّ بالناس. ويقال: البيت منهم بأَزَزٍ إِذا لم يكن فيه مُتَّسَعٌ، ولا
يشتق منه فعل؛ يقال: أَتيت الوالي والمجلسُ أَزَزٌ أَي كثير الزحام ليس
فيه متسع، والناس أَزَزٌ إِذا انضم بعضهم إِلى بعض. وقد جاءَ حديث سَمُرة
في سنن أَبي داود فقال: وهو بارِزٌ من البُروز والظهور، قل: وهو خطأٌ من
الراوي؛ قاله الخطابي في المعالم وكذا قاله الأَزهري في التهذيب. وفي
الحديث: فإِذا المجلس يَتَأَزَّزُ أَي تموج فيه الناس، مأْخوذ من أَزِيزِ
المِرْجَل، وهو الغليان. وبيت أَزَزٌ: ممتلئ بالناس، وليس له جمع ولا
فعل. والأَزَزُ: الضِّيق. أَبو الجَزْلِ الأَعرابي: أَتيت السُّوق فرأَيت
النساءَ أَزَزاً، قيل: ما الأَزَزُ؟ قال كأَزَزِ الرُّمَّانة المحتشية.
وقال الأَسَدِيُّ في كلامه: أَتيت الوالي والمجلس أَزَزٌ أَي ضَيِّق كثير
الزِّحام؛ قال أَبو النجم:
أَنا أَبو النَّجْمِ إِذا شُدَّ الحُجَزْ،
واجْتَمَع الأَقْدامُ في ضَيْقٍ أَزَزْ
والأَزُّ: ضَرَبانُ عِرْق يَأْتَزُّ أَو وجَعٌ في خُراج. وأَزُّ العروق:
ضَرَبانُها. والعرب تقول: اللهم اغفر لي قبل حَشَكِ النَّفْسِ وأَزِّ
العروق؛ الحَشَكُ: اجتهادها في النَّزْعِ، والأَزُّ: الاختلاطُ. والأَزُّ:
التَّهْيِيجُ والإِغراءُ. وأَزَّهُ يَؤُزُّهُ أَزّاً: أَغراه وهيجه.
وأَزَّهُ: حَثَّه. وفي التنزيل العزيز: إِنا أَرسلنا الشياطين على الكافرين
تَؤُزُّهم أَزّاً؛ قال الفراء أَي تُزْعِجُهم إِلى المعاصي وتُغْرِيهم
بها، وقال مجاهد: تُشْليهم إِشْلاءً، وقال الضحاك: تغريهم إِغراءً. ابن
الأَعرابي: الأُزَّازُ الشياطين الذين يَؤُزُّونَ الكفارَ. وأَزَّه أَزَّاً
وأَزِيزاً مثل هَزَّه. وأَزَّ يَؤُزُّ أَزّاً، وهو الحركة الشديدة، قال
ابن سيده: هكذا حكاه ابن دريد؛ وقول رؤْبة:
لا يأْخُذُ التأْفِيكُ والتَّحَزِّي
فينا، ولا قَوْلُ العِدَى ذُو الأَزِّ
يجوز أَن يكون من التحريك ومن التهييج. وفي حديث الأَشْتَرِ: كان الذي
أَزَّ أُمَّ المؤْمنين على الخروج ابنَ الزبير أَي هو الذي حركها وأَزعجها
وحملها على الخروج. وقال الحَرْبِيُّ: الأَزُّ أَن تحمل إِنساناً على
أَمْر بحيلة ورفق حتى يفعله. وفي رواية: أَنَّ طلحة والزبير، رضي الله
عنهما، أَزَّا عائشة حتى خرجت.
وغَداةٌ ذاتُ أَزِيزٍ أَي بَرْدٍ، وعَمَّ ابنُ الأَعرابي به البَرْدُ
فقال: الأَزِيزُ البردُ ولم يَخُصَّ بَرْدَ غَداةٍ ولا غيرها فقال: وقيل
لأَعرابي ولَبِسَ جَوْرَبَيْن لِمَ تَلْبَسُهما؟ فقال: إِذا وجدت أَزِيزاً
لبستهما. ويومٌ أَزِيزٌ: بارد، وحكاه ثعلب أَرِيزٌ.
وأَزَّ الشيءَ يَؤُزُّه إِذا ضم بعضه إِلى بعض. أَبو عمرو: أَزَّ
الكتائبَ إِذا أَضاف بعضها إِلى بعض؛ قال الأَخطل:
ونَقْضُ العُهُودِ بِإِثْرِ العُهود
يَؤُزُّ الكتائبَ حتى حَمِينا
الأَصمعي: أَزَزْتُ الشيءَ أَؤُزُّه أَزّاً إِذا ضممت بعضه إِلى بعض.
وأَزَّ المرأَةَ أَزّاً إِذا نكحها، والراء أَعلى، والزاي صحيحة في
الاشتقاق لأَن الأَزَّ شِدَّةُ الحركة. وفي حديث جَمَلِ جابر، رضي الله عنه:
فَنَخَسَه رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، بقَضِيب فإِذا تحتي له
أَزِيزٌ أَي حركةٌ واهتياجٌ وحِدَّةٌ. وأَزَّ الناقةَ أَزّاً: حلبها حلباً
شديداً؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد
كأَنْ لم يُبَرِّكْ بالقُنَيْنِيِّ نيبُها،
ولم يَرْتَكِبْ منها الزِّمِكَّاءَ حافِلُ
شديدَةُ أَزِّ الآخِرَيْنِ كأَنها،
إِذا ابْتَدَّها العِلْجانِ، زَجْلَةُ قافِلِ
قال: الآخِرَينِ ولم يقل القادِمَيْنِ لأَن بعض الحيوان يختار آخِرَيْ
أُمِّهِ على قادِمَيْها، وذلك إِذا كان ضعيفاً يجثو عليه القادمان
لجَثْمِهما، والآخران أَدَقُّ. والزَّجْلَةُ: صوت الناس، شَبَّهَ حَفِيفَ
شَخْبِها بحفيف الزَّجْلَةِ. وأَزَّ الماءَ يَؤُزُّه أَزّاً: صَبَّهُ. وفي كلام
بعض الأَوائل: أُزَّ ماءً ثم غَلِّه؛ قال ابن سيده: هذه رواية ابن
الكلبي وزعم أَنّ أُزَّ خَطَأٌ. وروى المُفَضَّلُ أَنَّ لُقْمانَ قال
لِلُقَيْم: اذهبْ فَعَشِّ الإِبلَ حتى تَرَى النجمَ قِمَّ رأْسٍ، وحتى تَرى
الشِّعْرَى كأَنها نارٌ، وإِلاَّ تكن عَشَّيْتَ فقد آنَيْتَ؛ وقالَ له
لُقَيْمٌ: واطْبُخْ أَنت جَزُورَك فأُزَّ ماءً وغَلِّهِ حتى ترى الكَرادِيسَ
كأَنها رُؤُوس شُيوخٍ صُلْعٍ، وحتى ترى اللحم يدعو غُطَيْفاً وغَطَفان،
وإِلاَّ تكن أَنْضَجْتَ فقد آنَيْتَ؛ قال: يقول إِن لم تُنْضِجْ فقد آنيت
وأَبطأْتَ إِذا بلغت بها هذا وإِن لم تنضج. وأَزَزْتُ القِدْرَ آؤُزُّها
أَزّاً إِذا جمعت تحتها الحطب حتى تلتهب النار؛ قال ابن الطَّثَرِيَّةِ يصف
البرق:
كأَنَّ حَيْرِيَّةً غَيْرَى مُلاحِيَةً
باتتْ تَؤُزُّ به من تَحْتِه القُضُبا
الليث: الأَزَزُ حسابٌ من مَجاري القمر، وهو فُضُولُ ما يدخل بين الشهور
والسنين. أَبو زيد: ائْتَرَّ الرجلُ ائتِراراً إِذا استعجل، قال أَبو
منصور: لا أَدري أَبالزاي هو أَم بالراء.
@أفز: أَبو عمرو: الأَفْزُ، بالزاي، الوثْبَةُ بالعَجَلَة، والأَفْرُ،
بالراء: العَدْوُ.
@ألز: ابن الأَعرابي: الأَلْزُ اللزوم للشيء، وقد أَلَزَ به يأْلِزُ
أَلْزاً وأَلِزَ في مكانه يأْلَزُ أَلَزاً مثل أَرَزَ؛ قال المَرَّارُ
الفَقْعَسِيُّ:
أَلِزٌ إِنْ خَرَجَتْ سَلَّتُه،
وَهِلٌ تَمْسَحُه ما يَسْتَقِر
السَّلَّةُ: أَن يَكْبُوَ الفرسُ فَيَرْتَدَّ ذلك الرَّبْوُ فيه.
@أوز: الأَوْزُ: حِسابٌ من مجاري القمر، وهو فضول ما يدخل بين الشهور
والسنين.
ورجل إِوَزٌّ: قصير غليظ، والأُنثى إِوَزَّةٌ. وفرس إِوَزٌّ: مُتَلاحِكُ
الخَلْقِ شديده، فِعَلٌّ. قال ابن سيده: ولا يجوز أَن يكون إِفَعْلاً
لأَن هذا البناء لم يجئ صفة؛ قال: حكى ذلك أَبو علي، وأَنشد:
إِن كنتَ ذا خَزٍّ، فإِنَّ بَزِّي
سابِغةٌ فوقَ وَأًى إِوَزِّ
والإِوَزَّى: مِشْيَةٌ فيها تَرَقُّصٌ إِذا مشى مرةً على الجانب الأَيمن
ومرةً على الجانب الأَيسر؛ حكاه أَبو علي، وأَنشد:
أَمْشِي الإِوَزَّى ومَعِي رُمْحٌ سَلِبْ
قال: ويجوز أَن يكون إِفْعَلَّى وفِعَلَّى عند أَبي الحسن أَصح لأَن هذا
البناء كثير في المشي كالجِيَضَّى والدِّفَقَّى. الجوهري: الإِوَزَّةُ
والإِوَزُّ البَطُّ، وقد جمعوه بالواو والنون فقالوا: إِوَزُّونَ.
@أبس: أَبَسَهُ يأْبِسهُ أَبْساً وأَبَّسَه: صغَّر به وحَقَّره؛ قال
العجاج:
وليْث غابٍ لم يُرَمْ بأَبْسِ
أَي يزجر وإذلال، ويروى: لُيُوثْ هَيْجا. الأصمعي: أَبَّسْتُ به
تأْبيساً وأَبَسْتُ به أَبْساً إذا صغَّرته وحقرته وذَلَّلْتَه وكَسَّرْته؛ قال
عبّاس بن مِرْداس يخاطب خُفاف بن نُدْبَة:
إن تكُ جُلْمودَ صَخْرٍ لا أُؤَبِّسهُ،
أَوْقِدْ عليه فأَحْمِيه، فيَنْصَدِعُ
السِّلْمُ تأْخذ منها ما رضيتَ به،
والحَرْبُ يكفيكَ من أَنفاسِها جُرَعُ
وهذا الشعر أَنشده ابن بري: إِن تك جلمود بِصْرٍ، وقال: البصْرُ حجارة
بيض، والجُلمود: القطعة الغليظة منها؛ يقول: أَنا قادر عليك لا يمنعني منك
مانع ولو كنت جلمود بصر لا تقبل التأْبيس والتذليل لأَوْقَدْتُ عليه
النار حتى ينصدع ويتفتت. والسَِّلم: المُسالمة والصلح ضد الحرب والمحاربة.
يقول: إن السِّلم، وإن طالت، لا تضرك ولا يلحقك منها أذًى والحرب أقل شيء
منها يكفيك. ورأَيت في نسخة من أَمالي ابن بري بخط الشيخ رضيّ الدين
الشاطبي، رحمه اللَّه، قال: أَنشده المُفَجِّع في التَّرجُمان:
إِن تك جُلْمودَ صَخْدٍ
وقال بعد إِنشاده: صَخْدٌ وادٍ، ثم قال: جعل أُوقِدْ جواب المجازاة
وأَحْمِيه عطفاً عليه وجعل أُؤَبِّسُه نعتاً للجلمود وعطف عليه فينصدع.
والتَّأَبُّس: التَّغَيُّر
(* قوله «والتأبس التغير إلخ» تبع فيه
الجوهري. وقال في القاموس: وتأبس تغير، هو تصحيف من ابن فارس والجوهري والصواب
تأيس، بالمثناة التحتية، أي بمعنى تغير وتبع المجد في هذا الصاغاني حيث
قال في مادة أي س والصواب ايرادهما، أعني بيتي المتلمس وابن مرداس، ههنا
لغة واستشهاداً: ملخصاً من شارح القاموس) ؛ ومنه قول المتلمس:
تَطيفُ به الأَيام ما يَتأَبَّسُ
والإِبْس والأَبْسُ: المكان الغليظ الخشن مثل الشَّأْز. ومُناخ أَبْس:
غير مطمئن؛ قال منظور بن مَرثَدٍ الأَسَدي يصف نوقاً قد أَسقطت أَولادها
لشدة السير والإِعياء:
يَتْرُكْنَ، في كل مُناخٍ أَبْسِ،
كلَّ جَنين مُشْعَرٍ في الغِرْسِ
ويروى: مُناخِ إِنسِ، بالنون والإِضافة، أَراد مُناخ ناس أَي الموضع
الذي ينزله الناس أَو كل منزل ينزله الإِنس: والجَنِين المُشْعَرُ: الذي قد
نبت عليه الشعر. والغِرْسُ: جلدة رقيقة تخرج على رأْس المولود، والجمع
أَغراس.
وأَبَسَه أَبْساً: قَهَرَه؛ عن ابن الأَعرابي. وأَبَسَه وأَبَّسَه: غاظه
ورَوَّعه. والأَبْسُ: بَكْع الرجل بما يسوءُه. يقال: أَبَسْتُه آبِسُه
أَبْساً. ويقال: أَبَّسْتُه تأْبيساً إِذا قابلته بالمكروه. وفي حديث
جُبَيْر بن مُطْعِم: جاء رجل إِلى قريش من فتح خَيْبَر فقال: إِن أَهل خير
أَسَروا رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم، ويريدون أَن يرسلوا به إِلى
قومه ليقتلوه، فجعل المشركون يؤَبِّسون به العباس أَي يُعَيِّرونه، وقيل:
يخوِّفونه، وقيل: يُرْغِمونه، وقيل: يُغضبونه ويحْمِلونه على إِغلاظ
القول له.
ابن السكيت: امرأَة أُباس إِذا كانت سيِّئة الخلق؛ وأَنشد:
ليسَتْ بسَوْداءَ أُباسٍ شَهْبَرَه
ابن الأَعرابي: الإِبْسُ الأَصل السُّوء، بكسر الهمزة. ابن الأَعرابي:
الأَبْس ذَكر السَّلاحف، قال: وهو الرَّقُّ والغَيْلَمُ. وإِباءٌ أَبْسٌ:
مُخْزٍ كاسِرٌ؛ عن ابن الأَعرابيّ. وحكي عن الـمُفَضَّل أَن السؤال
المُلِحَّ يكْفيكَه الإِباءُ الأَبْسُ، فكأَنَّ هذا وَصْف بالمصدر، وقال ثعلب:
إِنما هو الإِباءُ الأَبْأَسُ أَي الأَشدُّ. قال أَعرابي لرجل: إِنك
لتَرُدُّ السُّؤال الـمُلْحِف بالإِباءِ الأَبأَس.
@أرس: الإِرْس: الأَصل، والأَريس: الأَكَّارُ؛ عن ثعلب. وفي حديث معاوية:
بلغه أَن صاحب الروم يريد قصد بلاد الشام أَيام صفين، فكتب إِليه:
تاللَّه لئن تممْتَ علة ما بَلَغَني لأُصالحنَّ صاحبي، ولأَكونن مقدمته إِليك،
ولأَجعلن القُسطنطينية الحمراء حُمَمَةً سوداء، ولأَنْزِعَنَّك من
المُلْكِ نَزْعَ الإِصْطَفْلينة، ولأَرُدَّنَّك إِرِّيساً من الأَرارِسَةِ
تَرْعى الدَّوابِل، وفي رواية: كما كنت ترعى الخَنانيص؛ والإِرِّيس:
الأَمير؛ عن كراع، حكاه في باب فِعِّيل، وعَدَلَه بإِبِّيلٍ، والأَصل عنده فيه
رِئّيسٌ، عل فِعِّيل، من الرِّياسةِ. والمُؤرَّس: المُؤمَّرُ فقُلِبَ. وفي
الحديث: أَن النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، كتب إِلى هِرَقْلَ عظيم الروم
يدعوه إِلى الإسلام وقال في آخره: إِن أَبَيْتَ فعليك إِثم الإِرِّيسين.
ابن الأَعرابي: أَرَس يأْرِسُ أَرْساً إِذا صار أَريساً، وأَرَّسَ
يُؤَرِّسُ تأْريساً إِذا صار أَكَّاراً، وجمع الأَرِيس أَرِيسون، وجمع
الإِرِّيسِ إِرِّيسُونٌ وأَرارِسَة وأَرارِسُ، وأَرارِسةٌ ينصرف، وأَرارِسُ لا
ينصرف، وقيل: إِنما قال ذلك لأَن الأَكَّارينَ كانوا عندهم من الفُرْسِ،
وهم عَبَدَة النار، فجعل عليه إِثمهم. قال الأَزهري: أَحسِب الأَريس
والإِرِّيس بمعنى الأَكَّار من كلام أَهل الشام، قال: وكان أَهل السَّواد ومن
هو على دين كِسْرى أَهلَ فلاحة وإِثارة للأَرض، وكان أَهل الروم أَهلَ
أَثاثٍ وصنعة، فكانوا يقولون للمجوسي: أَريسيٌّ، نسبوهم إِلى الأَريس وهو
الأَكَّارُ، وكانت العرب تسميهم الفلاحين، فأَعلمهم النبي، صلى اللَّه
عليه وسلم، أَنهم، وإِن كانوا أَهل كتاب، فإِن عليهم من الإِثم إِن لم
يؤْمنوا بنبوته مثل إِثم المجوس وفَلاَّحي السَّواد الذين لا كتاب لهم، قال:
ومن المجوس قوم لا يعيدون النار ويزعمون أَنهم على دين إِبراهيم، على
نبينا وعليه الصلاة والسلام، وأَنهم يعبدون اللَّه تعالى ويحرّمون الزنا
وصناعتهم الحراثة ويُخْرِجون العُشر مما يزرعون غير أَنهم يأْكلون
المَوْقوذة، قال: وأَحسبهم يسجدون للشمس، وكانوا يُدعَوْن الأَريسين؛ قال ابن بري:
ذكر أَبو عبيدة وغيره أَن الإِرِّيسَ الأَكَّارُ فيكون المعنى أَنه عبر
بالأَكَّارين عن الأَتباع، قال: والأَجود عندي أَن يقال: إِن الإِرِّيس
كبيرهم الذي يُمْتَثَلُ أَمره ويطيعونه إِذا طلب منهم الطاعة: ويدل على أَن
الإِرِّيس ما ذكرت لك قول أَبي حِزام العُكْليّ:
لا تُبِئْني، وأَنتَ لي، بك، وَغْدٌ،
لا تُبِئْ بالمُؤَرَّسِ الإِرِّيسا
يقال: أَبَأْتُه به أَي سَوَّيته به، يريد: لا تُسَوِّني بك. والوَغْدُ:
الخسيس اللئيم، وفصل بقوله: لي بك، بين المبتدإِ والخبر، وبك متعلق
بتبئني، أَي لا تبئني بك وأَنت لي وغد أَي عَدوٌّ لي ومخالف لي، وقوله:
لا تبئْ بالمؤَرَّس الإِرِّيسا
أَي لا تُسَوِّ الإِرِّيسَ، وهو الأَمير، بالمُؤَرَّس؛ وهو المأْمور
وتابعه، أَي لا تُسَوِّ المولى بخادمه، فيكون المعنى في قول النبي، صلى
اللَّه عليه وسلم، لهِرَقل: فعليك إِثم الإِرِّيسين، يريد الذين هم قادرون
على هداية قومهم ثم لم يهدوهم، وأَنت إِرِّيسُهم الذي يجيبون دعوتك
ويمتثلون أَمرك، وإِذا دعوتهم إِلى أَمر أَطاعوك، فلو دعوتهم إِلى الإِسلام
لأَجابوك، فعليك إِثم الإِرِّيسين الذين هم قادرون على هداية قومهم ثم لم
يهدوهم، وذلك يُسْخِط اللَّهَ ويُعظم إِثمهم؛ قال: وفيه وجه آخر وهو أَن
تجعل الإِرِّيسين، وهم المنسوبون إِلى الإِرِّيس، مثل المُهَلَّبين
والأَشْعَرين المنسوبين إِلى المُهَلَّب وإِلى الأَشْعَر، وكان القياس فيه أَن
يكون بياءَي النسبة فيقال: الأَشْعَرِيُّون والمُهَلَّبيُّون، وكذلك قياس
الإِرِّيسين الإِرِّيسيُّون في الرفع والإِرِّيسيِّين في النصب والجر،
قال: ويقوي هذا رواية من روى الإِرِّيسيِّين، وهذا منسوب قولاً واحداً لوجود
ياءَي النسبة فيه فيكون المعنى: فعليك إِثم الإِرِّيسيين الذين هم
داخلون في طاعتك ويجيبونك إِذا دعوتهم ثم لم تَدْعُهُم إِلى الإِسلام، ولو
دعوتهم لأَجابوك، فعليك إِثمهم لأَنك سبب منعهم الإِسلام ولو أَمرتهم
بالإِسلام لأَسلموا؛ وحكي عن أَبي عبيد: هم الخَدَمُ والخَوَلُ، يعني بصَدِّه
لهم عن الدين، كما قال تعالى: ربَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادتنا وكُبراءَنا؛
أَي عليك مثل إِثمهم. قال ابن الأَثير: قال أَبو عبيد في كتاب الأَموال:
أَصحاب الحديث يقولون الإِريسيين مجموعاً منسوباً والصحيح بغير نسب، قال:
ورده عليه الطحاوي، وقال بعضهم: في رَهط هِرَقل فرقةٌ تعرف
بالأَروسِيَّة فجاءَ على النسب إِليهم، وقيل: إِنهم أَتباع عبد اللَّه بن أَريس، رجل
كان في الزمن الأَول، قتلوا نبيّاً بعثه اللَّه إِليهم، وقيل:
الإِرِّيسون الملوك، واحدهم إِرِّيس، وقيل: هم العَشَّارون.
وأَرْأَسَة بن مُرِّ بن أُدّ: معروف. وفي حديث خاتم النبي، صلى اللَّه
عليه وسلم: فسقط من يد عثمان، رضي اللَّه عنه، في بئر أَريسَ، بفتح الهمزة
وتخفيف الراء، هي بئر معروفة قريباً من مسجد قُباء عند المدينة.
@أسس: الأُسُّ والأَسَس والأَساس: كل مُبْتَدَإِ شيءٍ. والأُسُّ
والأَساس: أَصل البناء، والأَسَسُ مقصور منه، وجمع الأُسِّ إِساس مثل عُسّ
وعِساس، وجمع الأَساس أُسس مثل قَذال وقُذُل، وجمع الأَسَس آساس مثل سببٍ
وأَسباب. والأَسيس: أَصل كل شيء. وأُسّ الإِنسان: قلبه لأَنه أَول مُتَكَوّن
في الرحم، وهو من الأَسماء المشتركة. وأُسُّ البناء: مُبْتَدَؤُه؛ أَنشد
ابن دريد، قال: وأَحْسِبُه لكذاب بني الحِرْماز:
وأُسُّ مَجْدٍ ثابتٌ وَطيدُ،
نالَ السماءَ، فَرْعُه مَدِيدُ
وقد أَسَّ البناءَ يَؤُسُّه أَسّاً وأَسَّسَه تأْسيساً، الليث: أَسَّسْت
داراً إِذا بنيت حدودها ورفعت من قواعدها، وهذا تأْسيس حسن. وأُسُّ
الإِنسان وأَسُّه أَصله، وقيل: هو أَصل كل شيء. وفي المثل: أَلْصِقُوا
الحَسَّ بالأَسِّ؛ الحَسُّ في هذا الموضع: الشر، والأَسُّ: الأَصل؛ يقول:
أَلْصِقوا الشَّر بأُصول من عاديتم أَو عاداكم. وكان ذلك على أُسِّ الدهر
وأَسِّ الدهر وإِسِّ الدهر، ثلاث لغات، أَي على قِدَم الدهر ووجهه، ويقال:
على است الدهر. والأَسيسُ: العِوَضُ.التهذيب: والتَّأسيس في الشِّعْر
أَلِفٌ تلزم القافية وبينها وبين حرف الروي حرف يجوز كسره ورفعه ونصبه نحو
مفاعلن، ويجوز إِبدال هذا الحرف بغيره، وأَما مثل محمد لو جاء في قافية لم
يكن فيه حرف تأْسيس حتى يكون نحو مجاهد فالأَلف تأْسيس، وقال أَبو عبيد:
الروي حرف القافية نفسها، ومنها التأْسيس؛ وأَنشد:
أَلا طال هذا الليلُ واخْضَلَّ جانِبُه
فالقافية هي الباء والأَلف فيها هي التأْسيس والهاء هي الصلة، ويروى:
واخْضَرَّ جانبه؛ قال الليث: وإِن جاء شيء من غير تأْسيس فهو المُؤَسَّس،
وهو عيب في الشعر غير أَنه ربما اضطر بعضهم، قال: وأَحسن ما يكون ذلك إِذا
كان الحرف الذي بعده مفتوحاً لأَن فتحه يغلب على فتحة الأَلف كأَنها
تزال من الوَهم؛ قال العجّاج:
مُبارَكٌ للأَنبياء خاتَمُ،
مُعَلِّمٌ آيَ الهُدى مُعَلَّمُ
ولو قال خاتِم، بكسر التاء، لم يحسن، وقيل: إن لغة العجاج خأْتم،
بالهمزة، ولذلك أَجازه، وهو مثل السَّأْسَم، وهي شجرة جاء في قصيدة المِيسَم
والسَّأْسَم؛ وفي المحكم: التأْسيس في القافية الحرف الذي قبل الدخيل، وهو
أَول جزء في القافية كأَلف ناصب؛ وقيل: التأْسيس في القافية هو الأَلف
التي ليس بينها وبين حرف الروي إِلا حرف واحد، كقوله:
كِليني لِهَمٍّ، يا أُمَيْمَة، ناصِبِ
فلا بد من هذه الأَلف إِلى آخر القصيدة. قال ابن سيده: هكذا سماء الخليل
تأْسيساً جعل المصدر اسماً له، وبعضهم يقول أَلف التأْسيس، فإِذا كان
ذلك احتمل أَن يريد الاسم والمصدر. وقالوا في الجمع: تأْسيسات فهذا يؤْذن
بأَن التأْسيس عندهم قد أَجروه مجرى الأَسماء، لأَن الجمع في المصادر ليس
بكثير ولا أَصل فيكون هذا محمولاً عليه. قال: ورأى أَهل العروض إِنما
تسمحوا بجمعه، وإِلا فإِن الأَصل إِنما هو المصدر، والمصدر قلما يجمع إِلا
ما قد حدّ النحويون من المحفوظ كالأَمراض والأَشغال والعقول.
وأَسَّسَ بالحرف: جعله تأْسيساً، وإِنما سمي تأْسيساً لأَنه اشتق من
أُسِّ الشيء؛ قال ابن جني: أَلف التأْسيس كأَنها أَلف وأَصلها أُخذ من أُسِّ
الحائط وأَساسه، وذلك أَن أَلف التأْسيس لتقدّمها والعناية بها
والمحافظة عليها كأَنها أُسُّ القافية اشتق
(* قوله «كأنها اس القافية اشتق إلخ»
هكذا في الأصل.) من أَلف التأْسيس، فأَما الفتحة قبلها فجزء منها.
والأَسُّ والإِسُّ والأُسُّ: الإِفساد بين الناس، أَسَّ بينهم يَؤُس
أَسّاً. ورجل أَسَّاسٌ: نَمّام مفسد.
الأُمَويُّ: إِذا كانت البقية من لحم قيل أَسَيْتُ له من اللحم أَسْياً
أَي أَبْقَيْتُ له، وهذا في اللحم خاصة. والأُسُّ: بقية الرَّماد بين
الأَثافيّ. والأُسُّ: المُزَيِّن للكذب.
وإِسْ إِسْ: من زجر الشاة، أَسَّها يَؤُسُّها أَسّاً، وقال بعضهم:
نَسّاً. وأَسَّ بها: زجرها وقال: إِسْ إِسْ، وإِسْ إِسْ: زجر للغنم كإِسَّ
إِسَّ. وأُسْ أُسْ: من رُقى الحَيَّاتِ. قال الليث: الرَّاقون إِذا رقَوا
الحية ليأْخذوها ففَرَغَ أَحدُهم من رُقْيَتِه قال لها: أُسْ، فإِنها تخضَع
له وتَلين. وفي الحديث: كتب عمر إِلى أَبي موسى: أَسَّسْ بين الناس في
وَجْهِك وعَدْلِك أَي سَوِّ بينهم. قال ابن الأَثير: وهو من ساس الناسَ
يَسوسُهم، والهمزة فيه زائدة، ويروى: آسِ بين الناس من المُواساة.
@ألس: الأَلْسُ والمُؤَالَسَة: الخِداع والخيانة والغشُّ والسَّرَقُ، وقد
أَلَس يأْلِس، بالكسر، أَلْساً. ومنه قولهم: فلان لا يُدالِسُ ولا
يُؤَالِسُ، فالمُدالَسَةُ من الدَّلْس، وهو الظُّلْمَةُ، يراد به لا يُغَمِّي
عليك الشيء فيُخْفيه ويستر ما فيه من عيب. والمُؤَالَسَةُ: الخِيانة؛
وأَنشد:
هُمُ السَّمْنُ بالسَّنُّوتِ لا أَلْسَ فيهمُ،
وهمُ يَمْنَعُونَ جارَهمْ أَن يُقَرَّدا
والأَلْسُ: أَصله الوَلْسُ، وهو الخيانة. والأَلْسُ: الأَصلُ السُّوء.
والأَلْس: الغدر. والأَلْسُ: الكذب. والأَلْسُ والأُلْسُ: ذهاب العقل
وتَذْهيله؛ عن ابن الأَعرابي، وأَنشد:
فقلتُ: إِن أَسْتَفِدْ عِلْماً وتَجْرِبَةً،
فقد تردَّدَ فيكَ الخَبْلُ والأَلْسُ
وفي حديث النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، أَنه دعا فقال: اللهم إِني أَعوذ
بك من الأَلْسِ والكِبْرِ؛ قال أَبو عبيد: الأَلْسُ هو اختلاط العقل،
وخطَّأَ ابن الأَنباري من قال هو الخيانة. والمأْلُوس: الضعيف العقل.
وأُلِسَ الرجلُ أَلْساً، فهو مأْلوس أَي مجنون ذهب عقله؛ عن ابن الأَعرابي؛
قال الراجز:
يَتْبَعْنَ مِثْلَ العُجَّ المَنْسوسِ،
أَهْوَجَ يَمْشِي مِشْيَةَ المَأْلوسِ
وقال مرة: الأَلْسُ الجُنون. يقال: إِن به لأَلْساً أَي جُنوناً؛
وأَنشد:يا جِرَّتَيْنا بالحَبابِ حَلْسا،
إِنْ بنا أَو بكمُ لأَلْسا
وقيل: الأَلْسُ الرَّيبةُ وتَغَيُّر الخُلُق من ريبة، أَو تغير الخُلُقِ
من مرض. يقال: ما أَلَسَكَ. ورجل مَأْلوس: ذاهب العقل والبدن.
وما ذُقْتُ عنده أَلوساً أَي شيئاً من الطعام. وضربه مائة فما تأَلَّسَ
أَي ما تَوَجَّع، وقيل: فما تَحَلَّس بمعناه. أَبو عمرو: يقال للغريم
إِنه ليَتَأَلَّس فما يُعْطِي وما يمنع. والتَّأَلُّس: أَن يكون يريد أَن
يُعطِيَ وهو يمنع. ويقال: إِنه لَمَأْلوس العطية، وقد أُلِسَتْ عطيته إِذا
مُنِعَتْ من غير إياس منها؛ وأَنشد:
وصَرَمَت حَبْلَك بالتَّأَلُّس
وإِلْياسُ: اسم أَعجمي، وقد سمت به العرب، وهو الياسُ بنُ مُضَرَ بنِ
نِزار بن معدّ بن عَدْنان.
@أمس: أَمْسِ: من ظروف الزمان مبني على الكسر إِلا أَن ينكر أَو يعرَّف،
وربما بني على الفتح، والنسبة إِليه إِمسيٌّ، على غير قياس. قال ابن جني:
امتنعوا من إِظهار الحرف الذي يعرَّف به أَمْسِ حتى اضطروا بذلك إِلى
بنائه لتضمنه معناه، ولو أَظهروا ذلك الحرف فقالوا مَضَى الأَمسُ بما فيه
لما كان خُلْفاً ولا خطأً؛ فأَما قول نُصيب:
وإِني وَقَفْتُ اليومَ والأَمْسِ قَبْلَه
ببابِكَ، حتى كادَتِ الشمسُ تَغْرُبُ
فإِن ابن الأَعرابي قال: روي الأَمْسِ والأَمْسَ جرّاً ونصباً، فمن جره
فعلى الباب فيه وجعل اللام مع الجر زائدة، واللام المُعَرَّفة له مرادة
فيه وهو نائب عنها ومُضَمن لها، فكذلك قوله والأَمس هذه اللام زائدة فيه،
والمعرفة له مرادة فيه محذوفة عنه، يدل على ذلك بناؤه على الكسر وهو في
موضع نصب، كما يكون مبنيّاً إِذا لم تظهر اللام في لفظه، وأَما من قال
والأَمْسَ فإِنه لم يضمنه معنى اللام فيبنيه، لكنه عرَّفه كما عرَّف اليوم
بها، وليست هذه اللام في قول من قال والأَمسَ فنصب هي تلك اللام التي في
قول من قال والأَمْسِ فجرّ، تلك لا تظهر أَبداً لأَنها في تلك اللغة لم
تستعمل مُظْهَرَة، أَلا ترى أَن من ينصب غير من يجرّ؟ فكل منهما لغة
وقياسهما على ما نطق به منهما لا تُداخِلُ أُخْتَها ولا نسبة في ذلك بينها
وبينها. الكسائي: العرب تقول: كَلَّمتك أَمْسِ وأَعجبني أَمْسِ يا هذا، وتقول
في النكرة: أَعجبني أَمْسِ وأَمْسٌ آخر، فإِذا أَضفته أَو نكرته أَو
أَدخلت عليه الأَلف والسلام للتعريف أَجريته بالإِعراب، تقول: كان أَمْسُنا
طيباً ورأَيت أَمسَنا المبارك ومررت بأَمسِنا المبارك، ويقال: مضى
الأَمسُ بما فيه؛ قال الفراء: ومن العرب من يخفض الأَمْس وإِن أَدخل عليه
الأَلف واللام، كقوله:
وإِني قَعَدْتُ اليومَ والأَمْسِ قبله
وقال أَبو سعيد: تقول جاءَني أَمْسِ فإِذا نسبت شيئاً إِليه كسرت
الهمزة، قلت إِمْسِيٌّ على غير قياس؛ قال العجاج:
وجَفَّ عنه العَرَقُ الإِمْسيُّ
وقال العجاج:
كأَنَّ إِمْسِيّاً به من أَمْسِ،
يَصْفَرُّ لليُبْسِ اصْفِرارَ الوَرْسِ
الجوهري: أَمْسِ اسم حُرِّك آخره لالتقاء الساكنين، واختلفت العرب فيه
فأَكثرهم يبنيه على الكسر معرفة، ومنهم من يعربه معرفة، وكلهم يعربه إِذا
أَدخل عليه الأَلف واللام أَو صيره نكرة أَو أَضافه. غيره: ابن السكيت:
تقول ما رأَيته مُذْ أَمسِ، فإِن لم تره يوماً قبل ذلك قلت: ما رأَيته مذ
أَوَّلَ من أَمْسِ، فإِن لم تره يومين قبل ذلك قلت: ما رأَيته مُذ
أَوَّلَ من أَوَّلَ من أَمْسِ. قال ابن الأَنباري: أَدخل اللام والأَلف على
أَمس وتركه على كسره لأَن أَصل أَمس عندنا من الإِمساء فسمي الوقت بالأَمر
ولم يغير لفظه؛ من ذلك قول الفرزدق:
ما أَنْتَ بالحَكَمِ التُرْضى حُكومَتُهُ،
ولا الأَصيلِ ولا ذي الرأْي والجَدَلِ
فأَدخل الأَلف واللام على تُرْضى، وهو فعل مستقبل على جهة الاختصاص
بالحكاية؛ وأَنشد الفراء:
أَخفن أَطناني إِن شكين، وإِنني
لفي شُغْلٍ عن دَحْليَ اليَتَتَبَّعُ
(* قوله «أخفن أطناني إلخ» كذا بالأصل هنا وفي مادة تبع.)
فأَدخل الأَلف واللام على يتتبع، وهو فعل مستقبل لما وصفنا. وقال ابن
كيسان في أَمْس: يقولون إِذا نكروه كل يوم يصير أَمْساً، وكل أَمسٍ مضى فلن
يعود، ومضى أَمْسٌ من الأُموس. وقال البصريون: إِنما لم يتمكن أَمْسِ في
الإِعراب لأَنه ضارع الفعل الماضي وليس بمعرب؛ وقال الفراء: إِنما
كُسِرَتْ لأَن السين طبعها الكسر، وقال الكسائي: أَصلها الفعل أُحذ من قولك
أَمْسِ بخير ثم سمي به، وقال أَبو الهيثم: السين لا يلفظ بها إِلا من كسر
الفم ما بين الثنية إِلى
الضرس وكسرت لأَن مخرجها مكسور في قول الفراء؛ وأَنشد:
وقافيةٍ بين الثَّنِيَّة والضِّرْسِ
وقال ابن بزرج: قال عُرامٌ ما رأَيته مُذ أَمسِ الأَحْدَثِ، وأَتاني
أَمْسِ الأَحْدَثَ، وقال بِجادٌ: عهدي به أَمْسَ الأَحْدَثَ، وأَتاني أَمْسِ
الأَحْدَثَ، قال: ويقال ما رأَيته قبل أَمْسِ بيوم؛ يريد من أَولَ من
أَمْسِ، وما رأَيته قبل البارحة بليلة. قال الجوهري: قال سيبويه وقد جاء في
ضرورة الشعر مذ أَمْسَ بالفتح؛ وأَنشد:
لقد رأَيتُ عَجَباً، مُذْ أَمْسا،
عَجائزاً مِثْلَ السَّعالي خَمْسا
يأْكُلْنَ في رَحْلِهنَّ هَمْسا،
لا تَرك اللَّهُ لهنَّ ضِرْسا
قال ابن بري: اعلم أَن أَمْسِ مبنية على الكسر عند أَهل الحجاز وبنو
تميم يوافقونهم في بنائها على الكسر في حال النصب والجرّ، فإِذا جاءَت أَمس
في موضع رفع أَعربوها فقالوا: ذهب أَمسُ بما فيه، وأَهل الحجاز يقولون:
ذهب أَمسِ بما فيه لأَنها مبنية لتضمنها لام التعريف والكسرة فيها لالتقاء
الساكنين، وأَما بنو تميم فيجعلونها في الرفع معدولة عن الأَلف واللام
فلا تصرف للتعريف والعدل، كما لا يصرف سَحَر إِذا أَردت به وقتاً بعينه
للتعريف والعدل؛ وشاهد قول أَهل الحجاز في بنائها على الكسر وهي في موضع
رفع قول أُسْقُف نَجْران:
مَنَعَ البَقاءَ تَقَلُّبُ الشَّمْسِ،
وطُلوعُها من حيثُ لا تُمْسِي
اليَوْمَ أَجْهَلُ ما يَجيءُ به،
ومَضى بِفَصْلِ قَضائه أَمْسِ
فعلى هذا تقول: ما رأَيته مُذْ أَمْسِ في لغة الحجاز، جَعَلْتَ مذ اسماً
أَو حرفاً، فإِن جعلت مذ اسماً رفعت في قول بني تميم فقلت: ما رأَيته
مُذ أَمْسُ، وإِن جعلت مذ حرفاً وافق بنو تميم أَهل الحجاز في بنائها على
الكسر فقالوا: ما رأَيته مُذ أَمسِ؛ وعلى ذلك قول الراجز يصف إِبلاً:
ما زالَ ذا هزيزَها مُذْ أَمْسِ،
صافِحةً خُدُودَها للشَّمْسِ
فمذ ههنا حرف خفض على مذهب بني تميم، وأَما على مذهب أَهل الحجاز فيجوز
أَن يكون مذ اسماً ويجوز أَن يكون حرفاً. وذكر سيبويه أَن من العرب من
يجعل أَمس معدولة في موضع الجر بعد مذ خاصة، يشبهونها بمذ إِذا رفعت في
قولك ما رأَيته مذ أَمْسُ، ولما كانت أَمس معربة بعد مذ التي هي اسم، كانت
أَيضاً معربة مع مذ التي هي حرف لأَنها بمعناها، قال: فبان لك بهذا غلط من
يقول إن أَمس في قوله:
لقد رأَيت عجبا مذ أَمسا
مبنية على الفتح بل هي معربة، والفتحة فيها كالفتحة في قولك مررت
بأَحمد؛ وشاهد بناء أَمس إِذا كانت في موضع نصب قول زياد الأَعجم:
رأَيتُكَ أَمْسَ خَيْرَ بني مَعَدٍّ،
وأَنت اليومَ خَيْرٌ منك أَمْسِ
وشاهد بنائها وهي في موضع الجر وقول عمرو بن الشَّريد:
ولقدْ قَتَلْتُكُمُ ثُناءَ ومَوْحَداً،
وتَرَكْتُ مُرَّةَ مِثْلَ أَمْسِ المُدْبِرِ
وكذا قول الآخر:
وأَبي الذي تَرَكَ المُلوك وجَمْعَهُمْ،
بِصُهابَ، هامِدَةً كأَمْسِ الدَّابِرِ
قال: واعلم أَنك إِذا نكرت أَمس أَو عرَّفتها بالأَلف واللام أَو
أَضفتها أَعربتها فتقول في التنكير: كلُّ غَدٍ صائرٌ أَمْساً، وتقول في
الإِضافة ومع لام التعريف: كان أَمْسُنا طَيِّباً وكان الأَمْسُ طيباً؛ وشاهده
قول نُصَيْب:
وإِني حُبِسْتُ اليومَ والأَمْسِ قَبْلَه
ببابِك، حتى كادَتِ الشمسُ تَغْرُب
(* ذكر هذا البيت في صفحة ؟؟ وفيه: وإِني وقفت بدلاً من: وإني حبست. وهو
في الأغاني: وإني نَوَيْتُ.)
قال: وكذلك لو جمعته لأعربته كقول الآخر:
مَرَّتْ بنا أَوَّلَ من أُمُوسِ،
تَمِيسُ فينا مِشْيَةَ العَرُوسِ
قال الجوهري: ولا يصغر أَمس كما لا يصغر غَدٌ والبارحة وكيف وأَين ومتى
وأَيّ وما وعند وأَسماء الشهور والأُسبوع غير الجمعة. قال ابن بري: الذي
حكاه الجوهري في هذا صحيح إِلا قوله غير الجمعة لأَن الجمعة عند سيبويه
مثل سائر أَيام الأُسبوع لا يجوز أَن يصغر، وإِنما امتنع تصغير أَيام
الأُسبوع عند النحويين لأَن المصغر إنما يكون صغيراً بالإِضافة إِلى ما له
مثل اسمه كبيراً،وأيام الأُسبوع متساوية لا معنى فيها للتصغير، وكذلك غد
والبارحة وأَسماء الشهور مثل المحرّم وصفر.
@أنس: الإِنسان: معروف؛ وقوله:
أَقَلْ بَنو الإِنسانِ، حين عَمَدْتُمُ
إِلى من يُثير الجنَّ، وهي هُجُودُ
يعني بالإِنسان آدم، على نبينا وعليه الصلاة والسلام. وقوله عز وجل:
وكان الإِنسانُ أَكْثَرَ شيء جَدَلاً؛ عنى بالإِنسان هنا الكافر، ويدل على
ذلك قوله عز وجل: ويُجادِلُ الذين كفروا بالباطل لِيُدْحِضُوا به الحقَّ؛
هذا قول الزجّاج، فإِن قيل: وهل يُجادل غير الإِنسان؟ قيل: قد جادل
إِبليس وكل من يعقل من الملائكة، والجنُّ تُجادل، لكن الإِنسان أَكثر جدلاً،
والجمع الناس، مذكر. وفي التنزيل: يا أَيها الناسُ؛ وقد يؤنث على معنى
القبيلة أَو الطائفة، حكى ثعلب: جاءَتك الناسُ، معناه: جاءَتك القبيلة أَو
القطعة؛ كما جعل بعض الشعراء آدم اسماً للقبيلة وأَنت فقال أَنشده
سيبويه:شادوا البلادَ وأَصْبَحوا في آدمٍ،
بَلَغوا بها بِيضَ الوُجوه فُحُولا
والإِنسانُ أَصله إِنْسِيانٌ لأَن العرب قاطبة قالوا في تصغيره:
أُنَيْسِيانٌ، فدلت الياء الأَخيرة على الياء في تكبيره، إِلا أَنهم حذفوها لما
كثر الناسُ في كلامهم. وفي حديث ابن صَيَّاد: قال النبي، صلى اللَّه عليه
وسلم، ذاتَ يوم: انْطَلِقوا بنا إِلى أُنَيسيانٍ قد رأَينا شأْنه؛ وهو
تصغير إِنسان، جاء شاذّاً على غير قياس، وقياسه أُنَيْسانٌ، قال: وإِذا
قالوا أَناسينُ فهو جمع بَيِّنٌ مثل بُسْتانٍ وبَساتينَ، وإِذا قالوا
أَناسي كثيراً فخففوا الياء أَسقطوا الياء التي تكون فيما بين عين الفعل ولامه
مثل قَراقيرَ وقراقِرَ، ويُبَيِّنُ جواز أَناسي، بالتخفيف، قول العرب
أَناسيَة كثيرة، والواحدُ إِنْسِيٌّ وأُناسٌ إِن شئت. وروي عن ابن عباس،
رضي اللَّه عنهما، أَنه قال: إِنما سمي الإِنسان إِنساناً لأَنه عهد إِليه
فَنَسيَ، قال أَبو منصور: إِذا كان الإِنسان في الأَصل إِنسيانٌ، فهو
إِفْعِلانٌ من النِّسْيان، وقول ابن عباس حجة قوية له، وهو مثل لَيْل
إِضْحِيان من ضَحِيَ يَضْحَى، وقد حذفت الياء فقيل إِنْسانٌ. وروى المنذري عن
أَبي الهيثم أَنه سأَله عن الناس ما أَصله؟ فقال: الأُناس لأَن أَصله
أُناسٌ فالأَلف فيه أَصيلة ثم زيدت عليه اللام التي تزاد مع الأَلف للتعريف،
وأَصل تلك اللام
(* قوله «وأصل تلك اللام إلى قوله فلما زادوهما» كذا
بالأصل.) إِبدالاً من أَحرف قليلة مثل الاسم والابن وما أَشْبهها من
الأَلفات الوصلية فلما زادوهما على أُناس صار الاسم الأُناس، ثم كثرت في الكلام
فكانت الهمزة واسطة فاستثقلوها فتركوها وصار الباقي: أَلُناسُ، بتحريك
اللام بالضمة، فلما تحركت اللام والنون أَدغَموا اللام في النون فقالوا:
النَّاسُ، فلما طرحوا الأَلف واللام ابتَدأُوا الاسم فقالوا: قال ناسٌ من
الناس. قال الأَزهري: وهذا الذي قاله أَبو الهيثم تعليل النحويين،
وإِنْسانٌ في الأَصل إِنْسِيانٌ، وهو فِعْليانٌ من الإِنس والأَلف فيه فاء
الفعل، وعلى مثاله حِرْصِيانٌ، وهو الجِلْدُ الذي يلي الجلد الأَعلى من
الحيوان، سمي حِرْصِياناً لأَنه يُحْرَصُ أَي يُقْشَرُ؛ ومنه أُخذت الحارِصَة
من الشِّجاج، يقال رجل حِذْريانٌ إِذا كان حَذِراً. قال الجوهري: وتقدير
إِنْسانٍ فِعْلانٌ وإِنما زيد في تصغيره ياء كما زيد في تصغير رجل فقيل
رُوَيْجِل، وقال قوم: أَصله إِنْسِيان على إِفْعِلان، فحذفت الياء
استخفافاً لكثرة ما يجري على أَلسنتهم، فإِذا صغّروه ردوهما لأَن التصغير
 

rahaal

تربوي
عضو ملتقى المعلمين
يكثر. وقوله عز وجل: أَكان للناس عَجَباً أَن أَوْحَينا إِلى رجل منهم؛
النَّاسُ ههنا أَهل مكة الأُناسُ لغة في الناس، قال سيبويه: والأَصل في الناس
الأُناسُ مخففاً فجعلوا الأَلف واللام عوضاً عن الهمزة وقد قالوا
الأُناس؛ قال الشاعر:
إِنَّ المَنايا يَطَّلِعْـ
ـنَ على الأُناس الآمِنينا
وحكى سيبويه: الناسُ الناسُ أَي الناسُ بكل مكان وعلى كل حال كما نعرف؛
وقوله:
بلادٌ بها كُنَّا، وكُنَّا نُحِبُّها،
إِذ الناسُ ناسٌ، والبلادُ بلادُ
فهذا على المعنى دون اللفظ أَي إِذ الناس أَحرار والبلاد مُخْصِبَة،
ولولا هذا الغَرَض وأَنه مراد مُعْتَزَم لم يجز شيء من ذلك لِتَعَرِّي الجزء
الأَخير من زيادة الفائدة عن الجزءِ الأَول، وكأَنه أُعيد لفظ الأَول
لضرب من الإِدْلالِ والثقة بمحصول الحال، وكذلك كل ما كان مثل هذا.
والنَّاتُ: لغة في الناس على البدل الشاذ؛ وأَنشد:
يا قَبَّحَ اللَّهُ بني السِّعْلاةِ
عَمرو بنَ يَرْبوعٍ شِرارَ الناتِ،
غيرَ أَعِفَّاءٍ ولا أَكْياتِ
أَراد ولا أَكياس فأَبدل التاء من سين الناس والأَكياس لموافقتها إِياها
في الهمس والزيادة وتجاور المخارج.
والإِنْسُ: جماعة الناس، والجمع أُناسٌ، وهم الأَنَسُ. تقول: رأَيت
بمكان كذا وكذا أَنَساً كثيراً أَي ناساً كثيراً؛ وأَنشد:
وقد تَرى بالدّار يوماً أَنَسا
والأَنَسُ، بالتحريك: الحيُّ المقيمون، والأَنَسُ أَيضاً: لغة في
الإِنْس؛ وأَنشد الأَخفش على هذه اللغة:
أَتَوْا ناري فقلتُ: مَنُونَ أَنتم؟
فقالوا: الجِنُّ قلتُ: عِمُوا ظَلاما
فقلتُ: إِلى الطَّعامِ، فقال منهمْ
زَعِيمٌ: نَحْسُد الأَنَسَ الطَّعاما
قال ابن بري: الشعر لشمر بن الحرث الضَّبِّي، وذكر سيبويه البيت الأَول
جاء فيه منون مجموعاً للضرورة وقياسه: من أَنتم؟ لأَن من إِنما تلحقه
الزوائد في الوقف، يقول القائل: جاءَني رجل، فتقول: مَنُو؟ ورأَيت رجلاً
فيقال: مَنا؟ ومررت برجل فيقال: مَني؟ وجاءني رجلان فتقول: مَنانْ؟ وجاءَني
رجال فتقول: مَنُونْ؟ فإِن وصلت قلت: مَنْ يا هذا؟ أَسقطت الزوائد كلها،
ومن روى عموا صباحاً فالبيت على هذه الرواية لجِذْع بن سنان الغساني في
جملة أَبيات حائية؛ ومنها:
أَتاني قاشِرٌ وبَنُو أَبيه،
وقد جَنَّ الدُّجى والنجمُ لاحا
فنازَعني الزُّجاجَةَ بَعدَ وَهْنٍ،
مَزَجْتُ لهم بها عَسلاً وراحا
وحَذَّرَني أُمُوراً سَوْف تأْتي،
أَهُزُّ لها الصَّوارِمَ والرِّماحا
والأَنَسُ: خلاف الوَحْشَةِ، وهو مصدر قولك أَنِسْتُ به، بالكسر،
أَنَساً وأَنَسَةً؛ قال: وفيه لغة أُخرى: أَنَسْتُ به أُنْساً مثل كفرت به
كُفْراً. قال: والأُنْسُ والاستئناس هو التَّأَنُّسُ، وقد أَنِسْتُ بفلان.
والإِنْسِيُّ: منسوب إِلى الإِنْس، كقولك جَنِّيٌّ وجِنٌ وسِنْدِيٌّ
وسِنْدٌ، والجمع أَناسِيُّ كَكُرْسِيّ وكَراسِيّ، وقيل: أَناسِيُّ جمع إِنسان
كسِرْحانٍ وسَراحينَ، لكنهم أَبدلوا الياء من النون؛ فأَما قولهم:
أَناسِيَةٌ جعلوا الهاء عوضاً من إِحدى ياءَي أَناسِيّ جمع إِنسان، كما قال عز
من قائل: وأَناسِيَّ كثيراً. وتكون الياءُ الأُولى من الياءَين عوضاً
منقلبة من النون كما تنقلب النون من الواو إِذا نسبت إِلى صَنْعاءَ وبَهْراءَ
فقلت: صَنْعانيٌّ وبَهْرانيٌّ، ويجوز أَن تحذف الأَلف والنون في إِنسان
تقديراً وتأْتي بالياءِ التي تكون في تصغيره إِذا قالوا أُنَيْسِيان،
فكأَنهم زادوا في الجمع الياء التي يردّونها في التصغير فيصير أَناسِيَ،
فيدخلون الهاء لتحقيق التأْنيث؛ وقال المبرد: أَناسِيَةٌ جمع إِنْسِيَّةٍ،
والهاء عوض من الياء المحذوفة، لأَنه كان يجب أَناسِيٌ بوزن زَناديقَ
وفَرازِينَ، وأَن الهاء في زَنادِقَة وفَرازِنَة إِنما هي بدل من الياء،
وأَنها لما حذفت للتخفيف عوّضت منها الهاءُ، فالياءُ الأُولى من أَناسِيّ
بمنزلة الياءِ من فرازين وزناديق، والياء الأَخيرة منه بمنزلة القاف والنون
منهما، ومثل ذلك جَحْجاحٌ وجَحاجِحَةٌ إِنما أَصله جَحاجيحُ. وقال
اللحياني: يُجْمَع إِنسانٌ أَناسِيَّ وآناساً على مثال آباضٍ، وأَناسِيَةً
بالتخفيف والتأْنيث.
والإِنْسُ: البشر، الواحد إِنْسِيٌّ وأَنَسيٌّ أَيضاً، بالتحريك. ويقال:
أَنَسٌ وآناسٌ كثير. وقال الفراء في قوله عز وجل: وأَناسِيّ كثيراً؛
الأَناسِيُّ جِماعٌ، الواحد إِنْسِيٌّ، وإِن شئت جعلته إِنساناً ثم جمعته
أَناسِيّ فتكون الياءُ عوضاً من النون، كما قالوا للأَرانب أَراني،
وللسَّراحين سَراحِيّ. ويقال للمرأَة أَيضاً إِنسانٌ ولا يقال إِنسانة، والعامة
تقوله. وفي الحديث: أَنه نهى عن الحُمُر الإِنسيَّة يوم خَيْبَر؛ يعني
التي تأْلف البيوت، والمشهور فيها كسر الهمزة، منسوبة إِلى الإِنس، وهم بنو
آدم، الواحد إِنْسِيٌّ؛ قال: وفي كتاب أَبي موسى ما يدل على أَن الهمزة
مضمومة فإِنه قال هي التي تأْلف البيوت. والأُنْسُ، وهو ضد الوحشة،
الأُنْسُ، بالضم، وقد جاءَ فيه الكسر قليلاً، ورواه بعضهم بفتح الهمزة والنون،
قال: وليس بشيءٍ؛ قال ابن الأَثير: إِن أَراد أَن الفتح غير معروف في
الرواية فيجوز، وإِن أَراد أَنه ليس بمعروف في اللغة فلا، فإِنه مصدر
أَنِسْت به آنَس أَنَساً وأَنَسَةً، وقد حكي أَن الإِيْسان لغة في الإِنسان،
طائية؛ قال عامر بن جرير الطائي:
فيا ليتني من بَعْدِ ما طافَ أَهلُها
هَلَكْتُ، ولم أَسْمَعْ بها صَوْتَ إِيسانِ
قال ابن سيده: كذا أَنشده ابن جني، وقال: إِلا أَنهم قد قالوا في جمعه
أَياسِيَّ، بياء قبل الأَلف، فعلى هذا لا يجوز أَن تكون الياء غير مبدلة،
وجائز أَيضاً أَن يكون من البدل اللازم نحو عيدٍ وأَعْياد وعُيَيْدٍ؛ قال
اللحياني: فلي لغة طيء ما رأَيتُ ثَمَّ إِيساناً أَي إِنساناً؛ وقال
اللحياني: يجمعونه أَياسين، قال في كتاب اللَّه عز وجل: ياسين والقرآن
الحكيم؛ بلغة طيء، قال أَبو منصور: وقول العلماء أَنه من الحروف المقطعة. وقال
الفراءُ: العرب جميعاً يقولون الإِنسان إِلا طيئاً فإِنهم يجعلون مكان
النون ياء. وروى قَيْسُ ابن سعد أَن ابن عباس، رضي اللَّه عنهما، قرأَ:
ياسين والقرآن الحكيم، يريد يا إِنسان. قال ابن جني: ويحكى أَن طائفة من
الجن وافَوْا قوماً فاستأْذنوا عليهم فقال لهم الناس: من أَنتم؟ فقالوا:
ناسٌ من الجنِّ، وذلك أَن المعهود في الكلام إِذا قيل للناس من أَنتم
قالوا: ناس من بني فلان، فلما كثر ذلك استعملوه في الجن على المعهود من كلامهم
مع الإِنس، والشيء يحمل على الشيء من وجه يجتمعان فيه وإِن تباينا من
وجه آخر.
والإِنسانُ أَيضاً: إِنسان العين، وجمعه أَناسِيُّ. وإِنسانُ العين:
المِثال الذي يرى في السَّواد؛ قال ذو الرمة يصف إِبلاً غارت عيونها من
التعب والسير:
إِذا اسْتَحْرَسَتْ آذانُها، اسْتَأْنَسَتْ لها
أَناسِيُّ مَلْحودٌ لها في الحَواجِبِ
وهذا البيت أَورده ابنُ بري: إِذا اسْتَوْجَسَتْ، قال: واستوجست بمعنى
تَسَمَّعَتْ، واسْتَأْنَسَتْ وآنَسَتْ بمعنى أَبصرت، وقوله: ملحود لها في
الحواجب، يقول: كأَن مَحارَ أَعيُنها جُعِلْنَ لها لُحوداً وصَفَها
بالغُؤُور؛ قال الجوهري ولا يجمع على أُناسٍ. وإِنسان العين: ناظرها.
والإِنسانُ: الأُنْمُلَة؛ وقوله:
تَمْري بإِنْسانِها إِنْسانَ مُقْلَتها،
إِنْسانةٌ، في سَوادِ الليلِ، عُطبُولُ
فسره أَبو العَمَيْثَلِ الأَعرابيُّ فقال: إِنسانها أُنملتها. قال ابن
سيده: ولم أَره لغيره؛ وقال:
أَشارَتْ لإِنسان بإِنسان كَفِّها،
لتَقْتُلَ إِنْساناً بإِنْسانِ عَيْنِها
وإِنْسانُ السيف والسهم: حَدُّهما. وإِنْسِيُّ القَدَم: ما أَقبل عليها
ووَحْشِيُّها ما أَدبر منها. وإِنْسِيٌّ الإِنسان والدابة: جانبهما
الأَيسر، وقيل الأَيمن. وإِنْسِيُّ القَوس: ما أَقبل عليك منها، وقيل:
إِنْسِيُّ القوس ما وَليَ الرامِيَ، ووَحْشِيُّها ما ولي الصيد، وسنذكر اختلاف
ذلك في حرف الشين. التهذيب: الإِنْسِيُّ من الدواب هو الجانب الأَيسر الذي
منه يُرْكَبُ ويُحْتَلَبُ، وهو من الآدمي الجانبُ الذي يلي الرجْلَ
الأُخرى، والوَحْشِيُّ من الإِنسانِ الجانب الذي يلي الأَرض. أَبو زيد:
الإِنْسِيُّ الأَيْسَرُ من كل شيء. وقال الأَصمعي: هو الأَيْمَنُ، وقال: كلُّ
اثنين من الإِنسان مثل الساعِدَيْن والزَّنْدَيْن والقَدَمين فما أَقبل
منهما على الإِنسان فهو إِنْسِيٌّ، وما أَدبر عنه فهو وَحْشِيٌّ.
والأَنَسُ: أَهل المَحَلِّ، والجمع آناسٌ؛ قال أَبو ذؤَيب:
مَنايا يُقَرِّبْنَ الحُتُوفَ لأَهْلِها
جَهاراً، ويَسْتَمْتِعْنَ بالأَنَسِ الجُبْلِ
وقال عمرو ذو الكَلْب:
بفِتْيانٍ عَمارِطَ من هُذَيْلٍ،
هُمُ يَنْفُونَ آناسَ الحِلالِ
وقالوا: كيف ابنُ إِنْسُك أَي كيف نَفْسُك. أَبو زيد: تقول العرب للرجل
كيف ترى ابن إِنْسِك إِذا خاطبت الرجل عن نفْسك. الأحمر: فلان ابن إِنْسِ
فلان أَي صَفِيُّه وأَنيسُه وخاصته. قال الفراء: قلت للدُّبَيْريّ إِيش،
كيف ترى ابنُ إِنْسِك، بكسر الأَلف؟ فقال: عزاه إِلى الإِنْسِ، فأَما
الأُنْس عندهم فهو الغَزَلُ. الجوهري: يقال كيف ابنُ إِنْسِك وإِنْسُك يعني
نفسه، أَي كيف تراني في مصاحبتي إِياك؟ ويقال: هذا حِدْثي وإِنسي
وخِلْصي وجِلْسِي، كله بالكسر. أَبو حاتم: أَنِسْت به إِنساً، بكسر الأَلف، ولا
يقال أُنْساً إِنما الأُنْسُ حديثُ النساء ومُؤَانستهن. رواه أَبو حاتم
عن أَبي زيد. وأَنِسْتُ به آنَسُ وأَنُسْتُ أنُسُ أَيضاً بمعنى واحد.
والإِيناسُ: خلاف الإِيحاش، وكذلك التَّأْنيس. والأَنَسُ والأُنْسُ
والإِنْسُ الطمأْنينة، وقد أَنِسَ به وأَنَسَ يأْنَسُ ويأْنِسُ وأَنُسَ أُنْساً
وأَنَسَةً وتَأَنَّسَ واسْتَأْنَسَ؛ قال الراعي:
أَلا اسْلَمي اليومَ ذاتَ الطَّوْقِ والعاجِ.
والدَّلِّ والنَّظَرِ المُسْتَأْنِسِ الساجي
والعرب تقول: آنَسُ من حُمَّى؛ يريدون أَنها لا تكاد تفارق العليل
فكأَنها آنِسَةٌ به، وقد آنَسَني وأَنَّسَني. وفي بعض الكلام: إِذا جاءَ الليل
استأْنَس كلُّ وَحْشِيٍّ واستوحش كلُّ إِنْسِيٍّ؛ قال العجاج:
وبَلْدَةٍ ليس بها طُوريُّ،
ولا خَلا الجِنَّ بها إِنْسِيُّ
تَلْقى، وبئس الأَنَسُ الجِنِّيُّ
دَوِّيَّة لهَولِها دَويُّ،
للرِّيح في أَقْرابها هُوِيُّ
هُويُّ: صَوْتٌ. أَبو عمرو: الأَنَسُ سُكان الدار. واستأْنس الوَحْشِيُّ
إِذا أَحَسَّ إِنْسِيّاً. واستأْنستُ بفلان وتأَنَّسْتُ به بمعنى؛ وقول
الشاعر:
ولكنني أَجمع المُؤْنِساتِ،
إِذا ما اسْتَخَفَّ الرجالُ الحَديدا
يعني أَنه يقاتل بجميع السلاح، وإِنما سماها بالمؤْنسات لأَنهن
يُؤْنِسْنَه فَيُؤَمِّنَّه أَو يُحَسِّنَّ ظَنَّهُ. قال الفراء: يقال للسلاح كله
من الرُّمح والمِغْفَر والتِّجْفاف والتَّسْبِغَةِ والتُّرْسِ وغيره:
المُؤْنِساتُ.
وكانت العرب القدماءُ تسمي يوم الخميس مُؤْنِساً لأنَّهم كانوا يميلون
فيه إلى الملاذِّ؛ قال الشاعر:
أُؤَمِّلُ أَن أَعيشَ، وأَنَّ يومي
بأَوَّل أَو بأَهْوَنَ أَو جُبارِ
أَو التَّالي دُبارِ، فإِن يَفُتْني،
فَمُؤْنِس أَو عَروبَةَ أَو شِيارِ
وقال مُطَرِّز: أَخبرني الكريمي إِمْلاءً عن رجاله عن ابن عباس، رضي
اللَّه عنهما، قال: قال لي عليّ، عليه السلام: إِن اللَّه تبارك وتعالى خلق
الفِرْدَوْسَ يوم الخميس وسماها مُؤْنِسَ.
وكلب أَنُوس: وهو ضد العَقُور، والجمع أُنُسٌ. ومكان مَأْنُوس إِنما هو
على النسب لأَنهم لم يقولوا آنَسْتُ المكان ولا أَنِسْتُه، فلما لم نجد
له فعلاً وكان النسبُ يَسوغُ في هذا حملناه عليه؛ قال جرير:
حَيِّ الهِدَمْلَةَ من ذاتِ المَواعِيسِ،
فالحِنْوُ أَصْبَحَ قَفْراً غيرَ مَأْنُوسِ
وجارية أنِسَةٌ: طيبة الحديث؛ قال النابغة الجَعْدي:
بآنِسةٍ غَيْرِ أُنْسِ القِرافِ،
تُخَلِّطُ باللِّينِ منها شِماسا
وكذلك أَنُوسٌ، والجمع أُنُسٌ؛ قال الشاعر يصف بيض النعام:
أُنُسٌ إِذا ما جِئْتَها بِبُيُوتِها،
شُمُسٌ إِذا داعي السَّبابِ دَعاها
جُعلَتْ لَهُنَّ مَلاحِفٌ قَصَبيَّةٌ،
يُعْجِلْنَها بالعَطِّ قَبْلَ بِلاها
والمَلاحِف القصبية يعني بها ما على الأَفْرُخِ من غِرْقئِ البيض.
الليث: جارية آنِسَةٌ إِذا كانت طيبة النَّفْسِ تُحِبُّ قُرْبَكَ وحديثك،
وجمعها آنِسات وأَوانِسُ. وما بها أَنِيسٌ أَي أَحد، والأُنُسُ الجمع.
وآنَسَ الشيءَ: أَحَسَّه. وآنَسَ الشَّخْصَ واسْتَأْنَسَه: رآه وأَبصره
ونظر إِليه؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
بعَيْنَيَّ لم تَسْتَأْنِسا يومَ غُبْرَةٍ،
ولم تَرِدا جَوَّ العِراقِ فَثَرْدَما
ابن الأَعرابي: أَنِسْتُ بفلان أَي فَرِحْتُ به، وآنَسْتُ فَزَعاً
وأَنَّسْتُهُ إِذا أَحْسَسْتَه ووجدتَهُ في نفسك. وفي التنزيل العزيز: آنَسَ
من جانب الطُور ناراً؛ يعني موسى أَبصر ناراً، وهو الإِيناسُ. وآنَس
الشيءَ: علمه. يقال: آنَسْتُ منه رُشْداً أَي علمته. وآنَسْتُ الصوتَ: سمعته.
وفي حديث هاجَرَ وإِسمعيلَ: فلما جاءَ إِسمعيل، عليه السلام، كأَنه آنَسَ
شيئاً أَي أَبصر ورأَى لم يَعْهَدْه. يقال: آنَسْتُ منه كذا أَي علمت.
واسْتَأْنَسْتُ: اسْتَعْلَمْتُ؛ ومنه حديث نَجْدَةَ الحَرُورِيِّ وابن
عباس: حتى تُؤْنِسَ منه الرُّشْدَ أَي تعلم منه كمال العقل وسداد الفعل
وحُسْنَ التصرف. وقوله تعالى: يا أَيها الذين آمنوا لا تَدْخُلوا بُيوتاً
غيرَ بُيوتِكم حتى تَسْتَأْنِسوا وتُسَلِّموا؛ قال الزجاج: معنى تستأْنسوا
في اللغة تستأْذنوا، ولذلك جاءَ في التفسير تستأْنسوا فَتَعْلَموا
أَيريد أَهلُها أَن تدخلوا أَم لا؟ قال الفراءُ: هذا مقدم ومؤَخَّر إِنما هو
حتى تسلِّموا وتستأْنسوا: السلام عليكم أَأَدخل؟ قال: والاستئناس في كلام
العرب النظر. يقال: اذهبْ فاسْتَأْنِسْ هل ترى أَحداً؟ فيكون معناه
انظرْ من ترى في الدار؛ وقال النابغة:
بذي الجَليل على مُسْتَأْنِسٍ وَحِدِ
أَي على ثور وحشيٍّ أَحس بما رابه فهو يَسْتَأْنِسُ أَي يَتَبَصَّرُ
ويتلفت هل يرى أَحداً، أَراد أَنه مَذْعُور فهو أَجَدُّ لعَدْوِه وفراره
وسرعته. وكان ابن عباس، رضي اللَه عنهما، يقرأُ هذه الآية: حتى تستأْذنوا،
قال: تستأْنسوا خطأ من الكاتب. قال الأَزهري: قرأ أُبيّ وابن مسعود:
تستأْذنوا، كما قرأَ ابن عباس، والمعنى فيهما واحد. وقال قتادة ومجاهد:
تستأْنسوا هو الاستئذان، وقيل: تستأْنسوا تَنَحْنَحُوا. قال الأَزهري: وأَصل
الإِنْسِ والأَنَسِ والإِنسانِ من الإِيناسِ، وهو الإِبْصار.
ويقال: آنَسْتُه وأَنَّسْتُه أَي أَبصرته؛ وقال الأَعشى:
لا يَسْمَعُ المَرْءُ فيها ما يؤَنِّسُه،
بالليلِ، إِلاَّ نَئِيمَ البُومِ والضُّوَعا
وقيل معنى قوله: ما يُؤَنِّسُه أَي ما يجعله ذا أُنْسٍ، وقيل للإِنْسِ
إِنْسٌ لأَنهم يُؤنَسُونَ أَي يُبْصَرون، كما قيل للجنِّ جِنٌّ لأَنهم لا
يؤنسون أَي لا يُبصَرون. وقال محمد بن عرفة الواسطي: سمي الإِنْسِيٍّون
إِنْسِيِّين لأَنهم يُؤنَسُون أَي يُرَوْنَ، وسمي الجِنُّ جِنّاً لأَنهم
مُجْتَنُّون عن رؤية الناس أَي مُتَوارُون. وفي حديث ابن مسعود: كان إِذا
دخل داره اسْتَأْنس وتَكَلَّمَ أَي اسْتَعْلَم وتَبَصَّرَ قبل الدخول؛
ومنه الحديث:
أَلم تَرَ الجِنَّ وإِبلاسها،
ويَأْسَها من بعد إِيناسها؟
أَي أَنها يئست مما كانت تعرفه وتدركه من استراق السمع ببعثة النبي، صلى
اللَه عليه وسلم. والإِيناسُ: اليقين؛ قال:
فإِن أَتاكَ امْرؤٌ يَسْعَى بِكذْبَتِه،
فانْظُرْ، فإِنَّ اطِّلاعاً غَيْرُ إِيناسِ
الاطِّلاعُ: النظر، والإِيناس: اليقين؛ قال الشاعر:
ليَس بما ليس به باسٌ باسْ،
ولا يَضُرُّ البَرَّ ما قال الناسْ،
وإِنَّ بَعْدَ اطِّلاعٍ إِيناسْ
وبعضهم يقول: بعد طُلوعٍ إِيناسٌ. الفراء: من أَمثالهم: بعد اطِّلاعٍ
إِيناسٌ؛ يقول: بعد طُلوعٍ إِيناس.
وتَأَنَّسَ البازي: جَلَّى بطَرْفِه. والبازي يَتَأَنَّسُ، وذلك إِذا ما
جَلَّى ونظر رافعاً رأْسه وطَرْفه.
وفي الحديث: لو أَطاع اللَّهُ الناسَ في الناسِ لم يكن ناسٌ؛ قيل: معناه
أَن الناس يحبون أَن لا يولد لهم إِلا الذُّكْرانُ دون الإِناث، ولو لم
يكن الإِناث ذهب الناسُ، ومعنى أَطاع استجاب دعاءه.ومَأْنُوسَةُ
والمَأْنُوسَةُ جميعاً: النار. قال ابن سيده: ولا أَعرف لها فِعْلاً، فأَما
آنَسْتُ فإِنما حَظُّ المفعول منها مُؤْنَسَةٌ؛ وقال ابن أَحمر:
كما تَطايَرَ عن مَأْنُوسَةَ الشَّرَرُ
قال الأَصمعي: ولم نسمع به إِلا في شعر ابن أَحمر.
ابن الأَعرابي: الأَنِيسَةُ والمَأْنُوسَةُ النار، ويقال لها السَّكَنُ
لأَن الإِنسان إِذا آنَسَها ليلاً أَنِسَ بها وسَكَنَ إِليها وزالت عنه
الوَحْشَة، وإِن كان بالأَرض القَفْرِ.
أَبو عمرو: يقال للدِّيكِ الشُّقَرُ والأَنيسُ والنَّزِيُّ.
والأَنِيسُ: المُؤَانِسُ وكل ما يُؤْنَسُ به. وما بالدار أَنِيسٌ أَي
أَحد؛ وقول الكميت:
فِيهنَّ آنِسَةُ الحدِيثِ حَيِيَّةٌ،
ليسَتْ بفاحشَةٍ ولا مِتْفالِ
أَي تَأْنَسُ حديثَك ولم يرد أَنها تُؤْنِسُك لأَنه لو أَراد ذلك لقال
مُؤْنِسَة.
وأَنَسٌ وأُنَيسٌ: اسمان. وأُنُسٌ: اسم ماء لبني العَجْلانِ؛ قال ابن
مُقْبِل:
قالتْ سُلَيْمَى ببطنِ القاعِ من أُنُسٍ:
لا خَيْرَ في العَيْشِ بعد الشَّيْبِ والكِبَرِ
ويُونُسُ ويُونَسُ ويُونِسُ، ثلاث لغات: اسم رجل، وحكي فيه الهمز فيه
الهمز أَيضاً، واللَّه أَعلم.
@انقلس: الأَنْقَيْلَسُ والأَنْقَلَيْسُ: سمكة على خِلقَة حية، وهي
عجمية. ابن الأَعرابي: الشَّلِقُ الأَنْكَلَيْسُ، ومرة قال: الأَنْقَلَيْسُ،
وهو السمك الجِرِّيُّ والجِرِّيتُ؛ وقال الليث: هو بفتح اللام والأَلف،
ومنهم من يكسر الأَلف واللام؛ قال الأَزهري: أُراها معرَّبة.
@انكلس: ابن الأَعرابي: الشَّلِقُ الأَنْكَلَيْسُ، ومرة قال:
الأَنْقَلَيْسُ، وهو السمك الجِرِّيُّ والجِرِّيتُ؛ وقال الليث: هو بفتح اللام
والأَلف ومنهم من يكسرهما. قال الأَزهري: أُراها معرّبة. وفي حديث علي، رضي
اللَّه عنه: أَنه بَعَثَ إِلى السُّوق فقال لا تَأْكلوا الأَنْكَلَيْسَ؛ هو
بفتح الهمزة وكسرها، سمك شبيه بالحيات رديء الغذاء، وهو الذي يسمى
«المارْماهي» وإِنما كرهه لهذا لا لأَنه حرام، ورواه الأَزهري عن عَمّار وقال:
الأَنْقَلَيْسُ، بالقاف لغة فيه.
@أوس: الأَوْسُ: العطيَّةُ
(* قوله «الأوس العطية إلخ» عبارة القاموس
الأوس الاعطاء والتعويض.). أُسْتُ القومَ أَؤُوسُهم أَوْساً إِذا أَعطيتهم،
وكذلك إِذا عوَّضتهم من شيء. والأَوْس: العِوَضُ. أُسْتُه أَؤُوسُه
أَوْساً: عُضتُه أَعُوضُه عَوضاً؛ وقال الجَعْدِيُّ:
لَبِسْتُ أُناساً فأَفْنَيْتُهم،
وأَفْنَيْتُ بعدَ أُناسٍ أُناسَا
ثلاثةُ أَهْلِينَ أَفْنَيْتُهم،
وكان الإِلهُ هو المُسْتَآسَا
أَي المُسْتَعاضَ. وفي حديث قَيْلَةَ: ربِّ أُسْني لما أَمْضَيْت أَي
عَوّضْني. والأَوْسُ: العِوَضُ والعطية، ويروى: رب أَثِبْني، من الثواب.
واسْتَآسَني فأُسْتُه: طلب إِليَّ العِوَضَ. واسْتَآسَهُ أَي اسْتَعَاضَه.
والإِياسُ: العِوَضُ.
وإِياسٌ: اسم رجل، منه. وأَساهُ أَوْساً: كَآساه؛ قال المؤَرِّجُ: ما
يُواسِيهِ ما يصيبه بخير، من قول العرب: أُسْ فلاناً بخير أَي أَصبه، وقيل:
ما يُواسِيه من مودّته ولا قرابته شيئاً، مأْخوذ من الأَوْس وهو
العِوَضُ. قال: وكان في الأَصل ما يُواوِسُه فقدَّموا السين، وهي لام الفعل،
وأَخَّروا الواو، وهي عين الفعل، فصار يُواسِوُه، فصارت الواو ياء لتحريكها
ولانكسار ما قبلها، وهذا من المقلوب، ويجوز أَن يكون من أَسَوْتُ
الجُرْحَ، وهو مذكور في موضعه.والأَوْسُ: الذئب، وبه سمي الرجل. ابن سيده:
وأَوْسٌ الذئبي معرفة؛ قال:
لما لَقِينا بالفَلاةِ أَوْسا،
لم أَدْعُ إِلا أَسْهُماً وقَوْسا،
وما عَدِمْتُ جُرْأَةً وكَيْسا،
ولو دَعَوْتُ عامراً وعبْسا،
أَصَبْتُ فيهمْ نَجْدَةً وأُنْسا
أَبو عبيد: يقال للذئب: هذا أَوسٌ عادياً؛ وأَنشد:
كما خامَرَتْ في حَضْنِها أُمُّ عامِرٍ،
لَدى الحَبْل، حتى غالَ أَوْسٌ عِيالَها
يعني أَكلَ جِراءَها. وأُوَيْسٌ: اسم الذئب، جاءَ مُصَّغَّراً مثل
الكُمَيْت واللُّجَيْن؛ قال الهذلي:
يا ليتَ شِعْري عنكَ، والأَمْرُ أَمَمْ،
ما فَعَلَ اليومَ أُوَيْسٌ في الغَنَمْ؟
قال ابن سيده: وأُويس حقروه مُتَفَئِّلِين أَنهم يقدرون عليه؛ وقول
أَسماء بن خارجة:
في كلِّ يومٍ من ذُؤَالَهْ
ضِغْثٌ يَزيدُ على إِبالَهْ
فَلأَحْشَأَنَّكَ مِشْقَصاً
أَوْساً، أُوَيْسُ، من الهَبالَهْ
الهبالة: اسم ناقته. وأُويس: تصغير أَوس، وهو الذئب. وأَوساً: هو موضع
الشاهد خاطب بهذا الذئب، وقيل: افترس له شاة فقال: لأَضعنَّ في حَشاك
مَشْقَصاً عوضاً يا أُويس من غنيمتك التي غنمتها من غنمي. وقال ابن سيده:
أَوساً أَي عوضاً، قال: ولا يجوز أَن يعني الذئب وهو يخاطبه لأَن المضمر
المخاطب لا يجوز أَن يبدل منه شيء، لأَنه لا يلبس مع أَنه لو كان بدلاً لم
يكن من متعلق، وإِنما ينتصب أَوساً على المصدر بفعل دل عليه أَو
بلأَحشأَنك كأَنه قال أَوساً.
(* قوله «كأنه قال أوساً» كذا بالأصل ولعل هنا سقطاً
كأنه قال أؤوسك أوساً أو لأحشأنك أوساً.). وأَما قوله أُويس فنداء، أَراد
يا أُويس يخاطب الذئب، وهو اسم له مصغراً كما أَنه اسم له مكبراً، فأَما
ما يتعلق به من الهبالة فإِن شئت علقته بنفس أَوساً، ولم تعتدّ بالنداء
فاصلاً لكثرته في الكلام وكونه معترضاً به للتأْكيد، كقوله:
يا عُمَرَ الخَيْرِ، رُزِقْتَ الجَنَّهْ
أُكْسُ بُنَيَّاتي وأُمَّهُنَّهْ،
أَو، يا أَبا حَفْصٍ، لأَمْضِيَنَّهْ
فاعترض بالنداء بين أَو والفعل، وإِن شئت علقته بمحذوف يدل عليه أَوساً،
فكأَنه قال: أَؤوسك من الهبالة أَي أُعطيك من الهبالة، وإِن شئت جعلت
حرف الجر هذا وصفاً لأَوساً فعلقته بمحذوف وضمنته ضمير الموصوف.
وأَوْسٌ: قبيلة من اليمن، واشتقاقه من آسَ يَؤُوسُ أَوْساً، والاسم:
الإِياسُ، وهو من العوض، وهو أَوْسُ بن قَيْلَة أَخو الخَزْرَج، منهما
الأَنصار، وقَيْلَة أُمهما. ابن سيده: والأَوْسُ من أَنصار النبي، صّلى اللَّه
عليه وسلم، كان يقال لأَِبيهم الأَوْسُ، فكأَنك إِذا قلت الأَوس وأَنت
تعني تلك القبيلة إِنما تريد الأَوْسِيِّين. وأَوْسُ اللات: رجل منهم
أَعقب فله عِدادٌ يقال لهم أَوْس اللَّه، محوّل عن اللات. قال ثعلب: إِنما
قَلَّ عدد الأَوس في بدر وأُحُدِ وكَثَرَتْهُم الخَزْرَجُ فيهما لتخلف أَوس
اللَّه عن الإِسلام. قال: وحدث سليمان بن سالم الأَنصاري، قال: تخلف عن
الإِسلام أَوْس اللَّه فجاءت الخزرج إِلى رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه
وسلم، فقالوا: يا رسول اللَّه ائذن لنا في أَصحابنا هؤلاء الذين تخلفوا عن
الإِسلام، فقالت الأَوْس لأَوْسِ اللَّه: إِن الخَزْرَج تريد أَن
تأْثِرَ منكم يوم بُغاث، وقد استأْذنوا فيكم رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه
وسلم، فأَسْلِمُوا قبل أَن يأْذن لهم فيكم؛ فأَسْلَموا، وهم أُمَيَّة
وخَطْمَةُ ووائل. أَما تسميتهم الرجل أَوْساً فإِنه يحتمل أَمرين: أَحدهما أَن
يكون مصدر أُسْتُه أَي أَعطيته كما سموه عطاء وعطية، والآخر أَن يكون سمي
به كما سَمَّوْهُ ذئباً وكَنَّوْه بأَبي ذؤَيب.والآسُ: العَسَلُ، وقيل:
هو منه كالكَعْب من السَّمْن، وقيل: الآس أَثَرُ البعر ونحوه. أَبو عمرو:
الآس أَن تَمُرَّ النحلُ فيَسْقُطَ منها نُقَطٌ من العسل على الحجارة
فيستدل بذلك عليها. والآس: البَلَحُ. والآسُ: ضرب من الرياحين. قال ابن
دريد: الآسُ هذا المشمومُ أَحسبه دخيلاً غير أَن العرب قد تكلمت به وجاءَ في
الشعر الفصيح؛ قال الهذلي:
بِمُشْمَخِرٍّ به الظَّيَّانُ والآسُ
قال أَبو حنيفة: الآس بأَرض العرب كثير ينبت في السهل والجبل وخضرته
دائمة أَبداً ويَسْمو حتى يكون شجراً عظاماً، واحدته آسَةٌ؛ قال: وفي دوام
خضرته يقول رؤبة:
يَخْضَرُّ ما اخْضَرَّ الأَلى والآسُ
التهذيب: الليث: الآس شجرة ورقها عَطِرٌ. والآسُ: القَبْرُ. والآسُ:
الصاحب. والآس: العسل. قال الأَزهري: لا أَعرف الآس بالوجوه الثلاثة من جهة
نصح أَو رواية عن ثقة؛ وقد احتج الليث لها بشعر أَحسبه مصنوعاً:
بانَتْ سُلَيْمَى فالفُؤادُ آسِي،
أَشْكو كُلُوماً، ما لَهُنَّ آسِي
من أَجْلِ حَوْراءَ كغُصْنِ الآسِ،
رِيقَتُها كمثل طَعْمِ الآسِ
يعني العسل.
وما اسْتَأَسْتُ بعدَها من آسِي،
وَيْلي، فإِني لاحِقٌ بالآسِ
يعني القبر.
التهذيب: والآسُ بقية الرماد بين الأَثافي في المَوْقِدِ؛ قال:
فلم يَبْقَ إِلا آلُ خَيْمٍ مُنَضَّدٍ،
وسُفْعٌ على آسٍ، ونُؤْيٌ مُعَتْلَبُ
وقال الأَصمعي: الآسُ آثارُ النار وما يعرف من علاماتها.وأَوْسْ: زجر
العرب للمَعَزِ والبقر، تقول: أَوْسْ أَوْسْ.
@أيس: الجوهري: أَيِسْتُ منه آيَسُ يَأْساً لغة في يَئِسْتُ منه أَيْأَسُ
يَأْساً، ومصدرهما واحد. وآيَسَني منه فلانٌ مثل أَيْأَسَني، وكذلك
التأْيِيسُ. ابن سيده: أَيِسْتُ من الشيء مقلوب عن يئِسْتُ، وليس بلغة فيه،
ولولا ذلك لأَعَلُّوه فقالوا إِسْتُ أَآسُ كهِبْتُ أَهابُ. فظهوره صحيحاً
يدل على أَنه إِنما صح لأَنه مقلوب عما تصح عينه، وهو يَئِسْتُ لتكون
الصحة دليلاً على ذلك المعنى كما كانت صحة عَوِرَ دليلاً على ما لا بد من
صحته، وهو اعْوَرَّ، وكان له مصدر؛ فأَما إِياسٌ اسم رجل فليس من ذلك إِنما
هو من الأَوْسِ الذي هو العِوَضُ، على نحو تسميتهم للرجل عطية،
تَفَؤُّلاً بالعطية، ومثله تسميتهم عياضاً، وهو مذكور في موضعه. الكسائي: سمعت
غير قبيلة يقولون أَيِسَ يايسُ بغير همز.
والإِياسُ: السِّلُّ. وآس أَيْساً: لان وذَلَّ. وأَيََّسَه: لَيَّنَه.
وأَيَّسَ الرجلَ وأَيْسَ به: قَصَّرَ به واحتقره. وتَأَيَّسَ الشيءُ:
تَصاغَرَ: قال المُتَلَمِّسُ:
أَلم تَرَ أَنْ الجَوْنَ أَصْبَحَ راكِداً،
تَطِيفُ به الأَيامُ ما يَتَأَيَّسُ؟
أَي يتصاغَر. وما أَيَّسَ منه شيئاً أَي ما استخرج. قال: والتَّأْيِيسُ
الاستقلال. يقال: ما أَيَّسْنا فلاناً خيراً أَي ما استقللنا منه خيراً
أَي أَردته لأَستخرج منه شيئاً فما قدرت عليه، وقد أَيَّسَ يُؤَيِّسُ
تَأْيِيساً، وقيل: التَّأْيِيسُ التأْثير في الشيء؛ قال الشمَّاخ:
وجِلْدُها من أَطْومٍ ما يُؤَيِّسُه
طِلْحٌ، بِضاحِيَةِ الصَّيْداءِ، مَهْزولُ
وفي قصيد كعب بن زهير:
وجِلْدُها من أَطُومٍ لا يُؤَِيِّسُه
التأْييس: التذليل والتأْثير في الشيء، أَي لا يؤثر في جلدها شيء، وجيء
به من أَيْسَ وليْسَ أَي من حيث هو وليس هو. قال الليث: أَيْسَ كلمةٌ قد
أُميتت إِلا أَن الخليل ذكر أَن العرب تقول جيءِ به من حيث أَيْسَ وليسَ،
لم تستعمل أَيس إِلا في هذه الكلمة، وإِنَّما معناها كمعنى حيث هو في
حال الكينونة والوُجْدِ، وقال: إِن معنى لا أَيْسَ أَي لا وُجْدَ .
@أبل: الإِبِلُ والإِبْلُ، الأَخيرة عن كراع، معروف لا واحد له من لفظه،
قال الجوهري: وهي مؤَنثة لأَن أَسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها
إِذا كانت لغير الآدميين فالتأْنيث لها لازم، وإِذا صغرتها دخلتها التاء
فقلت أُبَيلة وغُنَيْمة ونحو ذلك، قال: وربما قالوا للإِبِل إِبْل،
يسكِّنون الباء للتخفيف. وحكى سيبويه إِبِلان قال: لأَن إِبِلاً اسم لم
يُكَسَّر عليه وإِنما يريدون قطيعين؛ قال أَبو الحسن: إنما ذهب سيبويه إِلى
الإِيناس بتثنية الأَسْماء الدالة على الجمع فهو يوجهها إِلى لفظ الآحاد،
ولذلك قال إِنما يريدون قطيعين، وقوله لم يُكَسَّر عليه لم يضمر في
يُكَسَّر، والعرب تقول: إِنه ليروح على فلان إِبِلان إِذا راحت إِبل مع راعٍ
وإِبل مع راعٍ آخر، وأَقل ما يقع عليه اسم الإِبل الصِّرْمَةُ، وهي التي
جاوزت الذَّوْدَ إِلى الثلاثين، ثم الهَجْمةُ أَوَّلها الأربعون إِلى ما
زادت، ثم هُنَيْدَةٌ مائة من الإِبل؛ التهذيب: ويجمع الإِبل آبالٌ.
وتأَبَّل إِبِلاً: اتخذها. قال أَبو زيد: سمعتُ رَدَّاداً رجلاً من بني
كلاب يقول تأَبَّل فلان إِبلاً وتَغَنَّم غنماً إذا اتخذ إِبلاً وغنماً
واقتناها.
وأَبَّل الرجلُ، بتشديد الباء، وأَبَل: كثرت إِبلُه
(* قوله «كثرت إبله»
زاد في القاموس بهذا المعنى آبل الرجل إيبالاً بوزن أفعل إفعالاً) ؛
وقال طُفيل في تشديد الباء:
فأَبَّلَ واسْتَرْخى به الخَطْبُ بعدَما
أَسافَ، ولولا سَعيُنا لم يُؤَبِّل
قال ابن بري: قال الفراء وابن فارس في المجمل: إِن أَبَّل في البيت
بمعنى كثرت إِبلُه، قال: وهذا هو الصحيح، وأَساف هنا: قَلَّ ماله، وقوله
استرخى به الخطب أَي حَسُنَت حاله. وأُبِّلت الإِبل أَي اقتُنِيت، فهي
مأْبولة، والنسبة إلى الإِبل إِبَليٌّ، يفتحون الباء استيحاشاً لتوالي الكسرات.
ورجل آبِلٌ وأَبِل وإِبَليٌّ وإِبِليٌّ: ذو إِبل، وأَبَّال: يرعى
الإِبل. وأَبِلَ يأْبَل أَبالة مثل شَكِس شَكاسة وأَبِلَ أَبَلاً، فهو آبل
وأَبِل: حَذَق مصلحة الإِبل والشاء، وزاد ابن بري ذلك إِيضاحاً فقال: حكى
القالي عن ابن السكيت أَنه قال رجل آبل بمد الهمزة على مثال فاعل إِذا كان
حاذقاً برِعْية الإِبل ومصلحتها، قال: وحكى في فعله أَبِل أَبَلاً، بكسر
الباء في الفعل الماضي وفتحها في المستقبل؛ قال: وحكى أَبو نصر أَبَل
يأْبُل أَبالةً، قال: وأَما سيبويه فذكر الإِبالة في فِعالة مما كان فيه معنى
الوِلاية مثل الإِمارة والنِّكاية، قال: ومثلُ ذلك الإِيالةُ
والعِياسةُ، فعلى قول سيبويه تكون الإِبالة مكسورة لأَنها ولاية مثل الإِمارة،
وأَما من فتحها فتكون مصدراً على الأَصل، قال: ومن قال أَبَلَ بفتح الباء
فاسم الفاعل منه آبل بالمد، ومن قاله أَبِلَ بالكسر قال في الفاعل أَبِلٌ
بالقصر؛ قال: وشاهد آبل بالمد على فاعل قول ابن الرِّفاع:
فَنَأَتْ، وانْتَوى بها عن هَواها
شَظِفُ العَيْشِ، آبِلٌ سَيّارُ
وشاهد أَبِلٍ بالقصر على فَعِلٍ قولُ الراعي:
صُهْبٌ مَهاريسُ أَشباهٌ مُذَكَّرةٌ،
فات العَزِيبَ بها تُرْعِيَّةٌ أَبِلُ
وأَنشد للكميت أَيضاً:
تَذَكَّرَ مِنْ أَنَّى ومن أَيْنَ شُرْبُه،
يُؤامِرُ نَفْسَيْه كذي الهَجْمةِ الأَبِل
وحكى سيبوبه: هذا من آبَلِ الناس أَي أَشدِّهم تأَنُّقاً في رِعْيةِ
الإِبل وأَعلَمِهم بها، قال: ولا فعل له. وإِن فلاناً لا يأْتَبِلُ أَي لا
يَثْبُت على رِعْيةِ الإِبل ولا يُحْسِنُ مهْنَتَها، وقيل: لا يثبت عليها
راكباً، وفي التهذيب: لا يثبت على الإِبل ولا يقيم عليها. وروى الأَصمعي
عن معتمر بن سليمان قال: رأَيت رجلاً من أَهل عُمَانَ ومعه أَب كبير يمشي
فقلت له: احمله فقال: لا يأْتَبِلُ أَي لا يثبت على الإِبل إِذا ركبها؛
قال أَبو منصور: وهذا خلاف ما رواه أَبو عبيد أَن معنى لا يأْتبل لا
يقيم عليها فيما يُصْلِحُها. ورجل أَبِلٌ بالإِبل بيِّنُ الأَبَلةِ إِذا كان
حاذقاً بالقيام عليها، قال الراجز:
إِن لها لَرَاعِياً جَريّا،
أَبْلاً بما يَنْفَعُها، قَوِيّا
لم يَرْعَ مأْزُولاً ولا مَرْعِيّا،
حتى عَلا سَنامَها عُلِيّا
قال ابن هاجك: أَنشدني أَبو عبيدة للراعي:
يَسُنُّها آبِلٌ ما إِنْ يُجَزِّئُها
جَزْءاً شَدِيداً، وما إِنْ تَرْتَوي كَرَعا
الفراء: إِنه لأَبِلُ مالٍ على فَعِلٍ وتُرْعِيَّةُ مالٍ وإِزاءُ مالٍ
إِذا كان قائماً عليها. ويقال: رَجُلٌ أَبِلُ مال بقصر الأَلْف وآبل مالٍ
بوزن عابل من آله يؤُوله إِذا ساسه
(* قوله من آله يؤوله إذا ساسه: هكذا
في الأصل، ولعل في الكلام سقطاً) ، قال: ولا أَعرف آبل بوزن عابل.
وتأْبيل الإِبل: صَنْعَتُها وتسمينُها، حكاه أَبو حنيفة عن أَبي زياد الكلابي.
وفي الحديث: الناس كإِبلٍ مائةٍ لا تجد فيها راحلةً، يعني أَن المَرْضِيّ
المُنْتَخَبَ من الناس في عِزَّة وُجوده كالنِّجيب من الإِبل القويّ على
الأَحمال والأَسفار الذي لا يوجد في كثير من الإِبل؛ قال الأَزهري: الذي
عندي فيه أَن افيفي تعالى ذمَّ الدنيا وحذَّر العبادَ سوء مَغَبَّتها
وضرب لهم فيها الأَمثال ليعتبروا ويحذروا، وكان النبي، صلى الله عليه وسلم،
يُحَذِّرهم ما حذرهم افيفي ويزهدهم فيها، فَرَغِبَ أَصْحابُه بعده فيها
وتنافسوا عليها حتى كان الزهد في النادر القليل منهم فقال: تجدون الناس
بعدي كإِبل مائة ليس فيها راحلة أَي أَن الكامل في الزهد في الدنيا والرغبة
في الآخرة قليل كقلة الراحلة في الإِبل، والراحلة هي البعير القوي على
الأَسفار والأَحمال، النجيب التام الخَلْق الحسن المَنْظَر، قال: ويقع على
الذكر والأُنثى والهاء فيه للمبالغة. وأَبَلَت الإِبلُ والوحشُ تأْبِلُ
وتأْبُلُ أَبْلاً وأُبولاً وأَبِلَتْ وتأَبّلتْ: جَزَأَتْ عن الماء
بالرُّطْب؛ ومنه قول لبيد:
وإِذا حَرَّكْتُ غَرْزي أَجْمَرَتْ،
أَو قِرابي عَدْوَ جَوْنٍ قد أَبَلْ
(* قوله «وإذا حركت، البيت» أورده الجوهري بلفظ:
وإذا حركت رجلي أرقلت
بي تعدو عدو جون فد أبل)
الواحد آبلٌ والجمع أُبَّالٌ مثل كافر وكفَّار؛ وقول الشاعر أَنشده أَبو
عمرو:
أَوابِلُ كالأَوْزانِ حُوشٌ نُفُوسُها،
يُهَدِّر فيها فَحْلُها ويَرِيسُ
يصف نُوقاً شبهها بالقُصور سِمَناً؛ أَوابِلُ: جَزَأَتْ بالرُّطْب،
وحُوشٌ: مُحَرَّماتُ الظهور لعِزَّة أَنفسها. وتأَبَّل الوحشيُّ إِذا اجتزأَ
بالرُّطْب عن الماء. وأَبَلَ الرجلُ عن امرأَته وتأَبَّل: اجتَزأَ عنها،
وفي الصحاح وأَبَلَ الرجلُ عن امرأَته إِذا امتنع من غِشْيانِها
وتأَبَّل. وفي الحديث عن وهب: أَبَلَ آدمُ، عليه السلام، على ابنه المقتول كذا
وكذا عاماً لا يُصِيب حَوَّاء أَي امتنع من غشيانها، ويروى: لما قتل ابن
آدم أخاه تأَبَّل آدمُ على حَوَّاء أَي ترك غِشْيانَ حواء حزناً على ولده
وتَوَحَّشَ عنها. وأَبَلَتِ الإِبل بالمكان أُبولاً: أَقامت؛ قال أَبو
ذؤيب:
بها أَبَلَتْ شَهْرَيْ ربيعٍ كِلاهما،
فَقَدْ مارَ فيها نَسْؤُها واقْتِرارُها
(* قوله «كلاهما» كذا بأصله، والذي في الصحاح بلفظ: كليهما.)
استعاره هنا للظبية، وقيل: أَبَلَتْ جَزَأَتْ بالرُّطْب عن الماء. وإِبل
أَوابِلُ وأُبَّلٌ وأُبَّالٌ ومؤَبَّلة: كثيرة، وقيل: هي التي جُعِلَتْ
قَطِيعاً قَطِيعاً، وقيل: هي المتخذة للقِنْية، وفي حديث ضَوالِّ الإِبل:
أَنها كانت في زمن عُمَرَ أُبَّلاً مُؤَبَّلة لا يَمَسُّها أَحد، قال:
إِذا كانت الإِبل مهملة قيل إِبِلٌ أُبَّلٌ، فإِذا كانت للقِنْية قيل إِبل
مُؤَبَّلة؛ أَراد أَنها كانت لكثرتها مجتمعة حيث لا يُتَعَرَّض إِليها؛
وأَما قول الحطيئة:
عَفَتْ بَعْدَ المُؤَبَّلِ فالشِّوِيِّ
فإِنه ذَكَّر حملاً على القطيع أَو الجمع أَو النعم لأَن النعم يذكر
ويؤنث؛ أَنشد سيبوبه:
أَكُلَّ عامٍ نَعَماً تَحْوُونَه
وقد يكون أَنه أَراد الواحد، ولكن الجمع أَولى لقوله فالشَّوِيّ،
والشَّوِيُّ اسم للجمع. وإِبل أَوابِلُ: قد جَزَأَتْ بالرُّطْب عن الماء.
والإِبِلُ الأُبَّلُ: المهملة؛ قال ذو الرُّمّة:
وراحت في عَوازِبَ أُبَّلِ
الجوهري: وإِبِلٌ أُبَّلٌ مثالُ قُبَّرٍ أَي مهملة، فإِن كانت لِلقِنْية
فهي إِبل مُؤَبَّلة. الأَصمعي: قال أَبو عمرو بن العلاء من قرأَها:
أَفلا ينظرون إِلى الإِبْلِ كيف خُلِقت، بالتخفيف يعني به البعير لأَنه من
ذوات الأَربع يَبْرُك فيُحمل عليه الحمولة وغيره من ذوات الأَربع لا
يُحْمَل عليه إِلا وهو قائم، ومن قرأَها بالتثقيل قال الإِبِلُ: السحابُ التي
تحمل الماء للمطر. وأَرض مَأْبَلة أَي ذات إِبل. وأَبَلَت الإِبلُ:
هَمَلَت فهي آبلة تَتبعُ الأُبُلَ وهي الخِلْفَةُ تَنْبُت في الكَلإِ اليابس
بعد عام. وأَبِلَت أَبلاً وأُبولاً: كَثُرَت. وأَبَلَت تأْبِلُ: تأَبَّدَت.
وأَبَل يأْبِلُ أَبْلاً: غَلَب وامتنع؛ عن كراع، والمعروف أَبَّل.
ابن الأَعرابي: الإِبَّوْلُ طائر ينفرد من الرَّفّ وهو السطر من الطير.
ابن سيده: والإِبِّيلُ والإِبَّوْل والإِبَّالة القطعة من الطير والخيل
والإِبل؛ قال:
أَبابيل هَطْلَى من مُراحٍ ومُهْمَل
وقيل: الأَبابيلُ جماعةٌ في تَفْرِقة، واحدها إِبِّيلٌ وإِبَّوْل، وذهب
أَبو عبيدة إِلى أَن الأَبابيل جمع لا واحد له بمنزلة عَبابِيدَ
وشَماطِيطَ وشَعالِيلَ. قال الجوهري: وقال بعضهم إِبِّيل، قال: ولم أَجد العرب
تعرف له واحداً. وفي التنزيل العزيز: وأَرسل عليهم طيراً أَبابيل، وقيل
إِبَّالة وأَبَابيل وإِبالة كأَنها جماعة، وقيل: إِبَّوْل وأَبابيل مثل
عِجَّوْل وعَجاجيل، قال: ولم يقل أَحد منهم إِبِّيل على فِعِّيل لواحد
أَبابيل، وزَعم الرُّؤَاسي أَن واحدها إِبَّالة. التهذيب أَيضاً: ولو قيل واحد
الأَبابيل إيبالة كان صواباً كما قالوا دينار ودنانير، وقال الزجاج في
قوله طير أَبابيل: جماعات من ههنا وجماعات من ههنا، وقيل: طير أَبابيل يتبع
بعضها بعضاً إِبِّيلاً إِبِّيلاً أَي قَطيعاً خَلْفَ قطيع؛ قال الأَخفش:
يقال جاءت إِبلك أَبابيل أَي فِرَقاً، وطير أَبابيل، قال: وهذا يجيء في
معنى التكثير وهو من الجمع الذي لا واحد له؛ وفي نوادر الأَعراب: جاء
فلان في أُبُلَّتِه وإِبالته أَي في قبيلته.
وأَبَّل الرجلَ: كأَبَّنه؛ عن ابن جني؛ اللحياني: أَبَّنْت الميت
تأْبيناً وأَبَّلْته تأْبيلاً إذا أَثنيت عليه بعد وفاته.
والأَبِيلُ: العصا: والأَبِيل والأَبِيلةُ والإِبالة: الحُزْمةُ من
الحَشيش والحطب. التهذيب: والإِيبالة الحزمة من الحطب. ومَثَلٌ يضرب: ضِغْثٌ
على إِيبالةٍ أَي زيادة على وِقْر. قال الأَزهري: وسمعت العرب تقول:
ضِغْثٌ على إِبَّالة، غير ممدود ليس فيها ياء، وكذلك أَورده الجوهري أَيضاً
أَي بلية على أُخرى كانت قبلها؛ قال الجوهري: ولا تقل إِيبالة لأَن الاسم
إِذا كان على فِعَّالة، بالهاء، لا يبدل من أَحد حر في تضعيفه ياء مثل
صِنَّارة ودِنَّامة، وإَنما يبدل إِذا كان بلا هاء مثل دينار وقيراط؛
وبعضهم يقول إِبَالة مخففاً، وينشد لأَسماء بن خارجة:
ليَ، كُلَّ يومٍ من، ذُؤَالَة
ضِغْثٌ يَزيدُ على إِبَاله
فَلأَحْشَأَنَّك مِشْقَصاً
أَوْساً، أُوَيْسُ، من الهَبالَه
والأَبِيلُ: رئيس النصارى، وقيل: هو الراهب، وقيل الراهب الرئيس، وقيل
صاحب الناقوس، وهم الأَبيلون؛ قال ابن عبد الجن
(* قوله «ابن عبد الجن»
كذا بالأصل، وفي شرح القاموس: عمرو ابن عبد الحق) :
أَما وَدِماءٍ مائِراتٍ تَخالُها،
على قُنَّةِ العُزَّى أَو النَّسْر، عَنْدَما
وما قَدَّسَ الرُّهْبانُ، في كلِّ هَيْكَلٍ،
أَبِيلَ الأَبِيلِينَ، المَسِيحَ بْنَ مَرْيَما
لقد ذاق مِنَّا عامِرٌ يومَ لَعْلَعٍ
حُساماً، إِذا ما هُزَّ بالكَفِّ صَمَّما
قوله أَبيل الأَبيلين: أَضافه إِليهم على التسنيع لقدره، والتعظيم
لخطره؛ ويروى:
أَبِيلَ الأَبيليين عيسى بْنَ مريما
على النسب، وكانوا يسمون عيسى، عليه السلام، أَبِيلَ الأَبيليين، وقيل:
هو الشيخ، والجمع آبال؛ وهذه الأَبيات أَوردها الجوهري وقال فيها:
على قنة العزى وبالنسر عَندما
قال ابن بري: الأَلف واللام في النسر زائدتان لأَنه اسم علم. قال الله
عز وجل: ولا يَغُوثَ ويَعُوقَ ونَسْراً؛ قال: ومثله قوله الشاعر:
ولقد نَهَيْتُك عن بنات الأَوبر
قال: وما، في قوله وما قدّس، مصدريةٌ أَي وتسبيح الرهبان أَبيلَ
الأَبيليين. والأَيْبُليُّ: الراهب، فإِما أَن يكون أَعجميّاً، وإِما أَن يكون
قد غيرته ياء الإضافة، وإما أَن يكون من بابِ انْقَحْلٍ، وقد قال سيبوبه:
ليس في الكلام فَيْعِل؛ وأَنشد الفارسي بيت الأَعشى:
وما أَيْبُليٌ على هَيْكَلٍ
بَناهُ، وصَلَّب فيه وَصارا
ومنه الحديث: كان عيسى بن مريم، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، يسمى
أَبِيلَ الأَبِيلِين؛ الأَبيل بوزن الأَمير: الراهب، سمي به لتأَبله عن
النساء وترك غشْيانهن، والفعل منه أَبَلَ يأْبُلُ أَبَالة إِذا تَنَسَّك
وتَرَهَّب. أَبو الهيثم: الأَيْبُليُّ والأَيْبُلُ صاحبُ الناقوس الذي
يُنَقّسُ النصارى بناقوسه يدعوهم به إلى الصلاة؛ وأَنشد:
وما صَكَّ ناقوسَ الصلاةِ أَبِيلُها
وقيل: هو راهب النصارى؛ قال عدي بن زيد:
إِنَّني والله، فاسْمَعْ حَلِفِي
بِأَبِيلٍ كُلَّما صَلى جأَرَ
وكانوا يعظمون الأَبيل فيحلفون به كما يحلفون بالله. والأَبَلة،
بالتحريك. الوَخامة والثِّقلُ من الطعام. والأَبَلَةُ: العاهةُ. وفي الحديث: لا
تَبعِ الثمرة حتى تَأْمَنَ عليها الأَبلة؛ قال ابن الأَثير: الأُبْلةُ
بوزن العُهْدة العاهة والآفة، رأَيت نسخة من نسخ النهاية وفيها حاشية قال:
قول أَبي موسى الأُبلة بوزن العهدة وهم، وصوابه الأَبَلة، بفتح الهمزة
والباء، كما جاء في أَحاديث أُخر. وفي حديث يحيى بن يَعْمَر: كلُّ مال
أَديت زكاته فقد ذهبت أَبَلَتُهُ أَي ذهبت مضرّته وشره، ويروى وبَلَته؛ قال:
الأَبَلةُ، بفتح الهمزة والباء، الثِّقَل والطَّلِبة، وقيل هو من الوبال،
فإِن كان من الأَول فقد قلبت همزته في الرواية الثانية واواً، وإِن كان
من الثاني فقد قلبت واوه في الرواية الأُولى همزة كقولهم أَحَدٌ وأَصله
وَحَدٌ، وفي رواية أُخرى: كل مال زكي فقد ذهبت عنه أَبَلَتُه أَي ثقله
ووَخامته. أَبو مالك: إِن ذلك الأَمر ما عليك فيه أَبَلَةٌ ولا أَبْهٌ أَي
لا عيب عليك فيه. ويقال: إِن فعلت ذلك فقد خرجت من أَبَلته أَي من تَبِعته
ومذمته. ابن بزرج: ما لي إِليك أَبِلة أَي حاجة، بوزن عَبِلة، بكسر
الباء.
وقوله في حديث الاستسقاء: فأَلَّفَ الله بين السحاب فأُبِلْنا أَي
مُطِرْنا وابِلاً، وهو المطر الكثير القطر، والهمزة فيه بدل من الواو مثل
أََكد ووكد، وقد جاء في بعض الروايات: فأَلف الله بين السحاب فَوَبَلَتْنا،
جاء به على الأَصل.
والإِبْلة: العداوة؛ عن كراع. ابن بري: والأَبَلَةُ الحِقْد؛ قال
الطِّرِمَّاح:
وجاءَتْ لَتَقْضِي الحِقْد من أَبَلاتها،
فثَنَّتْ لها قَحْطانُ حِقْداً على حِقْد
قال: وقال ابن فارس أَبَلاتُها طَلِباتُها.
والأُبُلَّةُ، بالضم والتشديد: تمر يُرَضُّ بين حجرين ويحلب عله لبن،
وقيل: هي الفِدْرة من التمر؛ قال:
فَيأْكُلُ ما رُضَّ مِنْ زادنا،
ويَأْبى الأُبُلَّةَ لم تُرْضَضِ
له ظَبْيَةٌ وله عُكَّةٌ،
إِذا أَنْفَضَ الناسُ لم يُنْفِضِ
قال ابن بري: والأُبُلَّة الأَخضر من حَمْل الأَراك، فإِذا احْمَرَّ
فكبَاثٌ. ويقال: الآبِلة على فاعلة. والأُبُلَّة: مكان بالبصرة، وهي بضم
الهمزة والباء وتشديد اللام، البلد المعروف قرب البصرة من جانبها البحري،
قيل: هو اسمٌ نَبَطِيّ. الجوهري: الأُبُلَّة مدينة إِلى جنب البصرة.
وأُبْلى: موضع ورد في الحديث، قال ابن الأَثير: وهو بوزن حبلى موضع بأَرض بني
سُليم بين مكة والمدينة بعث إِليه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قوماً؛
وأَنشد ابن بري قال: قال زُنَيم بن حَرَجة في دريد:
فَسائِلْ بَني دُهْمانَ: أَيُّ سَحابةٍ
عَلاهُم بأُبْلى ودْقُها فاسْتَهَلَّتِ؟
قال ابن سيده: وأَنشده أَبو بكر محمد بن السويّ السرّاج:
سَرَى مِثلَ نَبْضِ العِرْقِ، والليلُ دونَه،
وأَعلامُ أُبْلى كلُّها فالأَصالقُ
ويروى: وأَعْلام أُبْل.
وقال أَبو حنيفة: رِحْلةُ أُبْلِيٍّ مشهورة، وأَنشد:
دَعَا لُبَّها غَمْرٌ كأَنْ قد وَرَدْنَه
برِحلَة أُبْلِيٍّ، وإِن كان نائياً
وفي الحديث ذكر آبِل، وهو بالمد وكسر الباء، موضع له ذكر في جيش أُسامة
يقال له آبل الزَّيْتِ. وأُبَيْلى: اسم امرأَة؛ قال رؤبة:
قالت أُبَيْلى لي: ولم أَسُبَّه،
ما السِّنُّ إِلا غَفْلَةُ المُدَلَّه
@أبهل: عَبْهَلَ الإِبلَ مثل أَبْهَلَهَا، والعين مبدلة من الهمزة.
@أتل: الفراء: أَتَلَ الرجلُ يَأُتِلُ أُتُولاً، وفي الصحاح: أَتْلاً،
وأَتَنَ يَأْتِنُ أُتُوناً إِذا قارب الخَطْوَ في غضب؛ وأَنشد لثَرْوانَ
العُكْلي:
أَرانِيَ لا آتيك إِلا كأَنَّما
أَسَأْتُ، وإِلا أَنت غَضْبانُ تَأْتِلُ
أَردتَ لِكَيْما لا تَرَى لِيَ عَثْرَةً،
ومَنْ ذا الذي يُعْطَى الكَمال فيَكْمُلُ؟
وقال في مصدره: الأَتَلان والأَتَنان؛ قال ابن بري: وأَنشد أَبو زيد في
ماضيه:
وقد مَلأْتُ بطنَه حتى أَتَل
غَيْظاً، فأَمْسَى ضِغْنُه قد اعْتَدَل
وفي ترجمة كرفأَ:
كَكِرْفِئَةِ الغَيْثِ، ذاتِ الصَّبِيـ
رِ، تَأْتي السحاب وتَأْتالَها
تَأْتالُ: تُصْلِحُ، وأَصله تَأْتَوِل ونصبه بإِضمار أَن.
@أثل: أَثْلَةُ كل شيء: أَصله؛ قال الأَعشى:
أَلَسْتَ مُنْتَهياً عن نَحْتِ أَثْلَتِنا؛
ولَسْتَ ضائِرَها، منا أَطَّتِ الإِبلُ
يقال: فلان يَنْحَِتُ أَثْلَتَنا إِذا قال في حَسبَه قبيحاً.
وأَثَلَ يأْثِل أُثولاً وتَأَثَّل: تأَصَّل. وأَثَّل مالَه: أَصَّله.
وتَأَثَّل مالاً: اكتسبه واتخذه وثَمَّره. وأَثَّل اللهُ مالَه: زكاه.
وأَثَّل مُلْكَه: عَظَّمه. وتَأَثَّل هو: عَظُم.
وكلُّ شيء قديم مُؤَصَّلٍ: أَثيلٌ ومُؤَثَّل ومُتأَثِّل، ومال مؤَثَّل.
والتَّأَثُّلُ: اتخاذ أَصل مال. وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم،
أَنه قال في وصيّ اليتيم: إِنه يأْكل من ماله غَيْرَ مُتَأَثِّل مالاً؛ قال:
المتأَثل الجامع، فقوله غير متأَثل أَي غير جامع، وقال ابن شميل في
قوله، صلى الله عليه وسلم: ولمن وليها أَنْ يَأْكُل ويُؤْكِلَ صَديقاً غيرَ
مُتَأَثِّلٍ مالاً، يقال: مال مُؤَثَّل ومَجْدٌ مؤثَّل أَي مجموع ذو أَصل.
قال ابن بري: ويقال مال أَثِيلٌ؛ وأَنشد لساعدة:
ولا مال أَثِيل
وكل شيء له أَصل قديم أَو جُمِعَ حتى يصير له أَصل، فهو مُؤَثَّل؛ قال
لبيد:
لله نافِلَةُ الأَجَلِّ الأَفضل،
وله العُلى وأَثِيثُ كُلِّ مُؤَثَّل
ابن الأَعرابي: المؤَثَّل الدائم. وأَثَّلْتُ الشيءَ: أَدَمْتُه. وقال
أَبو عمرو: مُؤَثَّل مُهَيَّأٌ له. ويقال: أَثَّلَ اللهُ مُلْكاً آثِلاً
أَي ثَبَّته؛ قال رؤبة:
أَثَّل مُلْكاً خِنْدِفاً فَدَعَما
وقال أَيضاً:
رِبابَةً رُبَّتْ ومُلْكاً آثِلا
أَي ملكاً ذا أَثْلَةٍ. والتأْثيل: التأْصيل. وتأْثيل المجد: بناؤه. وفي
حديث أبي قتادة: إِنه لأَوَّلُ مال تَأَثَّلْتُه. والأَثال، بالفتح:
المحد، وبه سمي الرجل. ومجد مُؤَثَّل: قديم، منه، ومجد أثيل أَيضاً؛ قال
امرؤ القيس:
ولكِنَّما أَسْعى لمَجْدٍ مُؤَثَّلٍ،
وقد يُدْرِكُ المَجْدَ المؤثَّل أَمثالي
والأَثْلَةُ والأَثَلَةُ: متاع البيت وبِزَّتُه. وتَأَثَّلَ فلان بعد
حاجة أَي اتخذ أَثْلَةً، والأَثْلة: المِيرةُ. وأَثَّل أَهْلَه: كساهم
أَفضل الكُسوة، وقيل: أَثَّلهم كساهم وأَحسن إِليهم. وأَثَّلَ: كَثُرَ مالُه؛
قال طفيل:
فَأَثَّلَ واسْتَرْخَى به الخَطْبُ بعدما
أَسافَ، ولولا سَعْيُنا لم يُؤَثِّل
ورواية أَبي عبيد: فأَبّل ولم يُؤَبِّل. ويقال: هم يَتَأَثَّلون الناسَ
أَي يأْخذون منهم أَثالاً، والأَثال المال. ويقال: تأَثَّل فلان بئراً
إِذا احتفرها لنفسه. المحكم: وتَأَثَّلَ البئر حَفَرها؛ قال أَبو ذؤيب يصف
قوماً حفروا بئراً، وشبه القبر بالبئر:
وقد أَرْسَلُوا فُرّاطَهُم، فَتَأَثَّلوا
قَلِيباً سَفَاهَا كالإِماءِ القَواعِد
أَراد أَنهم حفروا له قبراً يُدْفَن فيه فسماه قليباً على التشبيه،
وقيل: فتأَثّلوا قليباً أَي هَيَّأُوه؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
تُؤَثِّلُ كَعْبٌ عَليَّ القَضاء،
فَرَبِّي يُغَيِّرُ أَعمالَها
فَسَّره فقال: تؤثل أَي تُلْزِمني، قال ابن سيده: ولا أَدري كيف هذا.
والأَثْلُ: شجر يشبه الطَّرْفاء إِلا أَنه أَعظم منه وأَكرم وأَجود
عُوداً تسوَّى به الأَقداح الصُّفْر الجياد، ومنه اتُّخِذ مِنبر سيدنا محمد
رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ وفي الصحاح: هو نوع من الطَّرْفاء.
والأَثْل: أُصول غليظة يسوّي منها الأَبواب وغيرها وورقه عَبْلٌ كورق الطرفاء.
وفي الحديث: أَن منبر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كان من أَثْل
الغابة، والغابة غَيْضة ذات شجر كثير وهي على تسعة أَميال من المدينة، قال
أَبو حنيفة: قال أَبو زياد من العضاه الأَثْل وهو طُوَال في السماء مستطيل
الخشب وخشبه جيد يحمل من القرى فتبنى عليه بيوت المدر، وورقُه هَدَبٌ
طُوَال دُقَاق وليس له شوك، ومنه تُصنع القِصَاع والجِفَان، وله ثمرة حمراء
كأَنها أُبْنَة، يعني عُقْدة الرِّشاء، واحدته أَثْلة وجمعه أُثول كتَمْر
وتُمور؛ قال طُرَيح:
ما مُسْبِلٌ زَجَلُ البَعُوضِ أَنِيسُه،
يَرْمي الجِراعَ أُثُولَها وأَراكَها
وجمعه أَثَلاث. وفي كلام بَيْهَسٍ الملقب بنَعامةَ: لكِنْ بالأَثَلات
لَحْمٌ لا يُظَلِّل؛ يعني لحم إِخوته القَتْلى؛ ومنه قيل للأَصل أَثْلة؛
قال: ولسُمُوّ الأَثلة واستوائها وحسن اعتدالها شبه الشعراء المرأَة إِذا
تم قَوامها واستوى خَلْقها بها؛ قال كُثَيِّر:
وإِنْ هِيَ قامت، فما أَثْلَةٌ
بعَلْيا تُناوحُ رِيحاً أَصيلا،
بأَحْسَنَ منها، وإِن أَدْبَرَتْ
فأَرْخٌ بِجُبَّةَ تَقْرْو خَمِيلا
الأَرْخُ والإِرْخُ: الفَتيُّ من البَقَر. والأُثَيْل: مَنْبِتُ
الأَراك.وأُثَيْل، مصغَّر: موضع قرب المدينة وبه عين ماء لآل جعفر بن أبي طالب
عليه السلام.
وأُثال، بالضم: اسم جبل، وبه سمي الرجل أُثالاً. وأُثالة: اسم. وأَثْلة
والأَثِيل: موضعان؛ وكذلك الأُثَيْلة. وأُثال: بالقَصِيم من بلاد بني
أَسد؛ قال:
قاظَتْ أُثَالَ إِلى المَلا، وتَرَبَّعَتْ
بالحَزْنِ عازِبَةً تُسَنُّ وتُودَع
وذو المأْثول: وادٍ، قال كُثَيِّر عَزَّة:
فلما أَنْ رأَيْتُ العِيسَ صَبَّتْ،
بِذِي المأْثولِ، مُجْمِعَةَ التَّوالي
@أثجل: العَثْجَلُ والعُثَاجِل: العظيم البطن مثل الأَثْجَل.
@أثكل: في ترجمة عثكل: العُثْكُول والعِثْكال الشِّمْراخ، وما هو عليه
البُسْر من عِيدان الكِبَاسة وهو في النخل بمنزلة العُنقود من الكَرْم؛
وقول الراجز:
لو أَبْصَرَتْ سُعْدَى بها، كَنَائِلي،
طَوِيلَةَ الأَقْناءِ والأَثَاكِلِ
اراد العَثَاكل فقلب العين همزة، ويقال إِثكال وأُثْكُول. وفي حديث
الحدّ: فَجُلِد بأُثْكُول، وفي رواية: بإِثْكال، هما لغة في العُثْكُول
والعِثْكال، وهو عِذْق النخلة بما فيه من الشماريخ، والهمزة فيه بدل من العين
وليست زائدة، والجوهري جعلها زائدة وجاء به في فصل الثاء من حرف اللام،
وسنذكره أَيضاً هناك.
@أجل: الأَجَلُ: غايةُ الوقت في الموت وحُلول الدَّين ونحوِه. والأَجَلُ:
مُدَّةُ الشيء. وفي التنزيل العزيز: ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ
الكتاب أَجله؛ أَي حتى تقضي عدّتها. وقوله تعالى: ولولا كلمة سبقت من ربك
لكان لِزاماً وأَجلٌ مسمّى؛ أَي لكان القتل الذي نالهم لازماً لهم أَبداً
وكان العذاب دائماً بهم، ويعني بالأَجل المسمى القيامة لأَن الله تعالى
وعدهم بالعذاب ليوم القيامة، وذلك قوله تعالى: بل الساعة موعدهم، والجمع
آجال. والتأْجيل: تحديد الأَجَلِ. وفي التنزيل: كتاباً مؤجلاً. وأَجِلَ
الشيءُ يأْجَل، فهو آجِل وأَجيل: تأَخر، وهو نقيض العاجل. والأَجِيل:
المُؤَجَّل إِلى وقت؛ وأَنشد:
وغايَةُ الأَجِيلِ مَهْواةُ الرَّدَى
والآجلة: الآخرة، والعاجلة: الدنيا، والآجل والآجلة: ضد العاجل
والعاجلة. وفي حديث قراءة القرآن؛ يَتَعَجَّلونه ولا يتأَجَّلونه. وفي حديث آخر:
يتعجَّله ولا يتأَجَّله؛ التأَجُّل تَفَعُّلٌ من الأَجَل، وهو الوقت
المضروب المحدود في المستقبل أَي أَنهم يتعجلون العمل بالقرآن ولا يؤخرونه.
وفي حديث مكحول: كنا بالساحل مرابطين فَتَأَجَّل مُتَأَجِّل منا أَي
استأْذن في الرجوع إِلى أَهله وطلب أَن يضرب له في ذلك أَجل، واسْتأْجَلْتُه
فأَجَّلَني إِلى مدّة.
والإِجْلُ، بالكسر: القطيع من بقر الوحش، والجمع آجال. وفي حديث زياد:
في يوم مَطير تَرْمَضُ فيه الآجال؛ هي جمع إِجْل، بكسر الهمزة وسكون
الجيم، وهو القطيع من بقر الوحش والظباء، وتأَجَّلَت البهائم أَي صارت آجالاً؛
قال لبيد:
والعِينُ ساكنةٌ، على أَطْلائِها،
عُوذاً، تأَجَّلُ بالفَضاءِ بِهامها
وتأَجل الصُّوارُ: صار إِجْلاً.
والإِجَّلُ: لغة في الإِيَّل وهو الذكر من الأَوعال، ويقال: هو الذي
يسمى بالفارسية كوزن، والجيم بدل من الياء كقولهم في بَرْنِيٍّ بَرْنِجّ؛
قال أَبو عمرو ابن العلاء: بعض الأَعراب يجعل الياء المشدَّدة جيماً وإِن
كانت أَيضاً غير طرف؛ وأَنشد ابن الأَعرابي لأَبي النجم:
كأَنَّ في أَذْنابِهِنَّ الشُّوَّلِ،
مِنْ عَبَسِ الصَّيْفِ، قُرونَ الإِجَّلِ
قال: يريد الإِيَّل، ويروى قرون الإِيَّل، وهو الأَصل.
وتَأَجَّلوا على الشيء: تَجَمَّعوا.
والإِجْل: وَجَع في العُنُق، وقد أَجَلَه منه يأْجِلُه؛ عن الفارسي،
وأَجَّله وآجله عن غيره، كل ذلك: داواه فأَجَلَه، كحَمأَ البئرَ نزعَ
حَمْأَتها، وأَجَّلَه كقَذَّى العَينَ نزع قَذاها، وآجله كعاجله، وقد أَجِلَ
الرجلُ، بالكسر، أَي نام على عنقه فاشتكاها. والتأْجيل: المداواة، منه.
وحكي عن ابن الجَرَّاح: بي إِجْل فأَجِّلوني أَي داووني منه كما يقال
طَنَّيْته من الطَّنى ومَرَّضْتُه. ابن الأَعرابي: هو الإِجْل والإِدْل وهو
وجَع العنق من تَعادِي الوِساد؛ الأَصمعي: هو البَدَل أَيضاً . وفي حديث
المناجاة: أَجْلَ أَن يُحْزِنَه أَي من أَجله ولأَجله، والكل لغات وتفتح
همزتها وتكسر؛ ومنه الحديث: أَن تقتل ولدك أَجْلَ أَن يأْكل معك. والأَجْلُ:
الضيق. وأَجَلُوا مالَهم: حبسوه عن المَرعى.
وأَجَلْ، بفتحتين: بمعنى نَعَمْ، وقولهم أَجَلْ إِنما هو جواب مثل
نعَمْ؛ قال الأَخفش: إِلا أَنه أَحسن من نعم في التصديق، ونعم أَحسن منه في
الاستفهام، فإِذا قال أَنت سوف تذهب قلت أَجَلْ، وكان أَحسن من نَعَمْ،
وإذا قال أَتذهب قلت نعَم، وكان أَحسن من أَجَلْ. وأَجل: تصديق لخبر يخبرك
به صاحبك فيقول فعل ذلك فتصدقه بقولك له أَجَلْ، وأَما نعَمْ فهو جواب
المستفهم بكلام لا جَحْد فيه، تقول له: هل صليت؟ فيقول: نَعَمْ، فهو جواب
المستفهم.
والمَأْجَلُ، بفتح الجيم: مُسْتنقَع الماء، والجمع المآجل. ابن سيده:
والمأْجَل شبه حوض واسع يُؤَجَّل أَي يجمع فيه الماء إِذا كان قليلاً ثم
ويُفَجَّر إلى المَشارات والمَزْرَعة والآبار، وهو بالفارسية طرحه.
وأَجَّله فيه: جمعه، وتأَجَّلَ فيه: تَجَمَّع. والأَجِيل: الشَّرَبَةُ وهو الطين
يُجْمع حول النخلة؛ أَزْديَّة، وقيل: المآجل الجِبَأَةُ التي تجتمع فيها
مياه الأَمطار من الدور؛ قال أَبو منصور: وبعضهم لا يهمز المأْجل ويكسر
الجيم فيقول الماجِل ويجعله من المَجْل، وهو الماء يجتمع من النَّفْطة
تمتليء ماءً من عَمَل أَو حَرَق. وقد تَأَجَّلَ الماء، فهو مُتَأَجِّل:
يعني اسْتَنْقَع في موضع. وماء أَجيل أَي مجتمع. وفعلت ذلك من أَجْلك
وإِجْلِك، بفتح الهمزة وكسرها، وفي التنزيل العزيز: من أَجل ذلك كتبنا على بني
إِسرائيل، الأَلف مقطوعة، أَي من جَرَّا ذلك؛ قال: وربما حذفت العرب مِنْ
فقالت فعلت ذلك أَجْلَ كذا، قال اللحياني: وقد قرئ من إِجْل ذلك،
وقراءة العامة من أَجل ذلك، وكذلك فعلته من أَجْلاك وإِجْلاك أَي من جَرَّاك،
ويُعَدَّى بغير مِنْ؛ قال عديّ ابن زيد:
أَجْلَ أَنَّ اللهَ قد فَضَّلَكُمْ،
فَوْقَ مَنْ أَحْكأَ صُلْباً بإِزار
وقد روي هذا البيت: إِجْلَ أَن الله قد فضلكم. قال الأَزهري: والأَصل في
قولهم فعلتُه من أَجلك أَجَلَ عليهم أَجْلاً أَي جَنى عليهم وجَرَّ.
والتأْجُّل: الإِقبال والإِدبار، قال:
عَهْدي به قد كُسْيَ ثُمَّتَ لم يَزَلْ،
بدار يَزيدَ، طاعِماً يَتَأَجَّلُ
(* قوله «عهدي، البيت» هو من الطويل دخله الخرم وسكنت سين كسي للوزن)
والأَجْل: مصدر. وأَجَل عليهم شَرّاً يأْجُله ويأْجِله أَجْلاً: جَناه
وهَيَّجه؛ قال خَوَّات بن جُبَير:
وأَهلِ خباءٍ صالحٍ كُنتُ بينهم،
قد احْتَرَبوا في عاجل أَنا آجله
(* قوله «كنت بينهم» الذي في الصحاح: ذات بينهم)
أَي أَنا جانيه. قال ابن بري: قال أَبو عبيدة هو للخِنَّوْتِ؛ قال: وقد
وجدته أَنا في شعر زهير في القصيد التي أَولها:
صَحا القلبُ عن لَيْلى وأَقْصَرَ باطلُه
قال: وليس في رواية الأَصمعي؛ وقوله وأَهل مخفوض بواو رب؛ عن ابن
السيرافي؛ قال: وكذلك وجدته في شعر زهير؛ قال: ومثله قول تَوْبة بن مُضَرِّس
العَبْسي:
فإِن تَكُ أُمُّ ابْنَيْ زُمَيْلَةَ أُثْكِلَتْ،
فَيا رُبَّ أُخْرَى قد أَجَلْتُ لها ثُكْلا
أَي جَلَبْت لها تُكْلاً وهَيَّجْته؛ قال: ومثله أَيضاً لتوبة:
وأَهلِ خِباءٍ آمِنِينَ فَجَعْتُهم
بشَيْء عَزيرٍ عاجلٍ، أَنا آجلُه
وأَقْبَلْتُ أَسْعى أَسأَل القَوْمَ ما لَهم،
سُؤَالَك بالشيء الذي أَنت جاهلُه
قال: وقال أُطَيْط:
وهَمٍّ تَعَنَّاني، وأَنت أَجَلْتَه،
فعَنَّى النَّدَامَى والغَرِيرِيَّةَ الصُّهْبا
أَبو زيد: أَجَلْتُ عليهم آجُلُ وآجِلُ أَجْلاً أَي جَرَرْت جَريرة. قال
أَبو عمرو: يقال جَلَبْت عليهم وجَرَرْت وأَجَلْت بمعنى واحد أَي
جَنَيت. وأَجَل لأَهله يأْجُلُ ويأْجِلُ: كَسَب وجمَع واحتال؛ هذه عن
اللحياني.وأَجَلى، على فَعَلى: موضع وهو مَرْعًى لهم معروف؛ قال الشاعر:
حَلَّتْ سُلَيْمى ساحةَ القَلِيب
بأَجَلى، مَحَلَّةَ الغَرِيب
(* قوله «ساحة القليب» كذا بالأصل، وفي الصحاح: جانب الجريب).
@أدل: الإِدْلُ: وجع يأْخذ في العنق؛ حكاه يعقوب، وفي التهذيب: وجع
العُنُق من تَعَادي الوسادة مثل الإِجْل. والإِدْل: اللَّبَنُ الخاثر
المُتَكَبِّد الشديد الحموضة، زاد في التهذيب: من أَلبان الإِبل، الطائفة منه
إدْلة؛ وأَنشد ابن بري لأَبي حبيب الشيباني:
مَتَى يَأْتهِ ضَيْفٌ، فليس بذائق
لَمَاجاً، سوى المَسْحوطِ واللَّبَنِ الإِدْل
وأَدَلَه يأْدِله: مَخَضَه وحَرَّكه؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
إذا ما مَشَى وَرْدَانُ واهْتَزَّتِ اسْتُه،
كما اهْتَزَّ ضِئْنِيٌّ لقَرْعاءَ يُؤْدَلُ
الأَصمعي: يقال جاءنا ما تُطاق حَمَضاً أَي من حُموضتها.
وباب مأْدولٌ أَي مُغْلَق. ويقال: أَدَلْتُ البابَ أَدْلاً أَغلقته؛ قال
الشاعر:
لَمَّا رأَيت أَخِي الطاحِيَ مُرْتَهَناً،
في بَيْتِ سِجنٍ، عليه البابُ مأْدُول
أرل: أُرُلٌ: جبل معروف؛ قال النابغة الذبياني:
وَهَبَّتِ الريحُ، مِنْ تِلقاءِ ذي أُرُلٍ،
تُزْجِي مَعَ اللَّيْلِ من صُرَّادِها صِرَما
قال ابن بري: الصِّرَمُ ههنا جَماعةُ السَّحاب.
أردخل: ابن الأَثير في حديث أَبي بكر بن عياش: قيل له من انتخب هذه
الأَحاديث؟ قال: انتخبها رجل إِرْدَخْلٌ؛ الإِرْدَخْلُ: الضَّخْم، يريد أَنه
في العلم والمعرفة بالحديث ضَخَم كبير. والإِرْدَخْلُ: النَّارُّ
السمين.أزل: الأَزْلُ: الضيق والشدّة. والأَزْلُ: الحبس. وأَزَلَه يأْزِلُه
أَزْلاً: حبسه. والأَزْلُ: شدّة الزمان. يقال: هم في أَزْلٍ من العيش
وأَزْلٍ من السَّنَة. وآزَلَت السَّنَةُ: اشتدّت؛ ومنه الحديثُ قولُ طَهْفةَ
للنبي، صلى الله عليه وسلم: أَصابتنا سَنَة حمراء مُؤْزِلة أَي آتية
بالأَزْل، ويروى مُؤَزِّلة، بالتشديد على التكثير. وأَصبح القوم آزلين أَي في
شدة؛ وقال الكميث:
رَأَيْتُ الكِرامَ به واثقِيـ
ـن أَن لا يُعيمُوا، ولا يُؤْزلُوا
وأَنشد أَبو عبيد:
وَليَأْزِلَنَّ وتَبْكُوَّنَّ لِقاحُه،
ويُعَلِّلَنَّ صَبِيَّه بسَمَار
أَي لَيُصيبَنَّه الأَزْلُ وهو الشدة. وأَزَلَ الفَرَسَ: قَصَّرَ
حَبْلَه وهو من الحبس. وأَزَلَ الرجلُ يأْزِل أَزْلاً أَي صار في ضيق وجَدْب.
وأَزَلْتُ الرجلَ أَزْلاً: ضَيَّقْت عليه. وفي الحديث: عَجِبَ ربكم من
أَزْلِكم وقُنوطكم؛ قال ابن الأَثير: هكذا روي في بعض الطرق، قال: والمعروف
من أَلِّكم، وسنذكره في موضعه؛ الأَزْل: الشدة والضيق كأَنه أَراد من شدة
يأْسكم وقنوطكم. وفي حديث الدجال: أَنه يَحْصُر الناسَ في بيت المَقْدِس
فيُؤزَلُون أَزْلاً أَي يُقْحَطون ويُضَيِّقُ عليهم. وفي حديث عليّ،
عليه السلام: إلا بعد أَزْلٍ وبلاء. وأَزَلْت الفرس إذا قَصَّرْتَ حَبْله ثم
سَيَّبْتَه وتركته في الرِّعي؛ قال أَبو النجم:
لم يَرْعَ مأْزولاً ولَمَّا يُعْقَلِ
وأَزَلوا مالَهم يَأْزِلونه أَزْلاً: حبسوه عن المَرْعَى من ضيق وشدّة
وخوف؛ وقول الأَعشَى:
ولَبونِ مِعْزَابٍ حَوَيْتُ فأَصْبَحَتْ
نُهْبَى، وآزِلَةٍ قَضَبْتُ عِقَالَها
الآزلة: المحبوسة التي لا تَسْرَح وهي معقولة لخوف صاحبها عليها من
الغارة، أَخَذْتها فَقَضَبْتُ عِقالَها. وآزالوا: حبسوا أَموالهم عن تضييق
وشدّة؛ عن ابن الأَعرابي. والمَأْزِل: المَضِيق مث المَأْزِق؛ وأَنشد ابن
بري:
إِذا دَنَتْ مِنْ عَضُدٍ لم تَزْحل
عنه، وإِنْ كان بضَنْكٍ مأْزِلِ
قال الفراء يقال تَأَزَّل صدري وتَأَزَّق أَي ضاق. والأَزْل: ضيق العيش؛
قال:
وإِنْ أَفسَد المالَ المجَاعاتُ والأَزْلُ
وأَزْل آزِلٌ: شديد؛ قال:
إِبْنَا نِزَارٍ فَرَّجا الزَّلازِلا،
عَنِ المُصَلِّينَ، وأَزْلاً آزِلا
والمَأْزِل: موضع القتال إِذا ضاق، وكذلك مَأْزِلُ العيش؛ كلاهما عن
اللحياني.
والإِزْل: الداهية. والإِزْل: الكَذِب، بالكسر؛ قال عبد الرحمن بن دارة:
يقولون: إِزْلٌ حُبُّ لَيْلى وَوُدُّها،
وقد كَذَبوا، ما في مَوَدَّتِها إِزْلُ
والأَزَل، بالتحريك: القِدَم. قال أَبو منصور: ومنه قولهم هذا شيء
أَزَليٌّ أَي قديم، وذكر بعض أَهل العلم أَن أَصل هذه الكلمة قولهم للقديم لم
يَزَل، ثم نُسِب إِلى هذا فلم يستقم إِلا بالاختصار فقالوا يَزَليٌّ ثم
أُبدلت الياء أَلفاً لأَنها أَخف فقالوا أَزَليٌّ، كما قالوا في الرمح
المنسوب إلى ذي يَزَنَ: أَزَنيٌّ، ونصل أَثْرَبيٌّ.
@أرل: أُرُلٌ: جبل معروف؛ قال النابغة الذبياني:
وَهَبَّتِ الريحُ، مِنْ تِلقاءِ ذي أُرُلٍ،
تُزْجِي مَعَ اللَّيْلِ من صُرَّادِها صِرَما
قال ابن بري: الصِّرَمُ ههنا جَماعةُ السَّحاب.
أردخل: ابن الأَثير في حديث أَبي بكر بن عياش: قيل له من انتخب هذه
الأَحاديث؟ قال: انتخبها رجل إِرْدَخْلٌ؛ الإِرْدَخْلُ: الضَّخْم، يريد أَنه
في العلم والمعرفة بالحديث ضَخَم كبير. والإِرْدَخْلُ: النَّارُّ
السمين.أزل: الأَزْلُ: الضيق والشدّة. والأَزْلُ: الحبس. وأَزَلَه يأْزِلُه
أَزْلاً: حبسه. والأَزْلُ: شدّة الزمان. يقال: هم في أَزْلٍ من العيش
وأَزْلٍ من السَّنَة. وآزَلَت السَّنَةُ: اشتدّت؛ ومنه الحديثُ قولُ طَهْفةَ
للنبي، صلى الله عليه وسلم: أَصابتنا سَنَة حمراء مُؤْزِلة أَي آتية
بالأَزْل، ويروى مُؤَزِّلة، بالتشديد على التكثير. وأَصبح القوم آزلين أَي في
شدة؛ وقال الكميث:
رَأَيْتُ الكِرامَ به واثقِيـ
ـن أَن لا يُعيمُوا، ولا يُؤْزلُوا
وأَنشد أَبو عبيد:
وَليَأْزِلَنَّ وتَبْكُوَّنَّ لِقاحُه،
ويُعَلِّلَنَّ صَبِيَّه بسَمَار
أَي لَيُصيبَنَّه الأَزْلُ وهو الشدة. وأَزَلَ الفَرَسَ: قَصَّرَ
حَبْلَه وهو من الحبس. وأَزَلَ الرجلُ يأْزِل أَزْلاً أَي صار في ضيق وجَدْب.
وأَزَلْتُ الرجلَ أَزْلاً: ضَيَّقْت عليه. وفي الحديث: عَجِبَ ربكم من
أَزْلِكم وقُنوطكم؛ قال ابن الأَثير: هكذا روي في بعض الطرق، قال: والمعروف
من أَلِّكم، وسنذكره في موضعه؛ الأَزْل: الشدة والضيق كأَنه أَراد من شدة
يأْسكم وقنوطكم. وفي حديث الدجال: أَنه يَحْصُر الناسَ في بيت المَقْدِس
فيُؤزَلُون أَزْلاً أَي يُقْحَطون ويُضَيِّقُ عليهم. وفي حديث عليّ،
عليه السلام: إلا بعد أَزْلٍ وبلاء. وأَزَلْت الفرس إذا قَصَّرْتَ حَبْله ثم
سَيَّبْتَه وتركته في الرِّعي؛ قال أَبو النجم:
لم يَرْعَ مأْزولاً ولَمَّا يُعْقَلِ
وأَزَلوا مالَهم يَأْزِلونه أَزْلاً: حبسوه عن المَرْعَى من ضيق وشدّة
وخوف؛ وقول الأَعشَى:
ولَبونِ مِعْزَابٍ حَوَيْتُ فأَصْبَحَتْ
نُهْبَى، وآزِلَةٍ قَضَبْتُ عِقَالَها
الآزلة: المحبوسة التي لا تَسْرَح وهي معقولة لخوف صاحبها عليها من
الغارة، أَخَذْتها فَقَضَبْتُ عِقالَها. وآزالوا: حبسوا أَموالهم عن تضييق
وشدّة؛ عن ابن الأَعرابي. والمَأْزِل: المَضِيق مث المَأْزِق؛ وأَنشد ابن
بري:
إِذا دَنَتْ مِنْ عَضُدٍ لم تَزْحل
عنه، وإِنْ كان بضَنْكٍ مأْزِلِ
قال الفراء يقال تَأَزَّل صدري وتَأَزَّق أَي ضاق. والأَزْل: ضيق العيش؛
قال:
وإِنْ أَفسَد المالَ المجَاعاتُ والأَزْلُ
وأَزْل آزِلٌ: شديد؛ قال:
إِبْنَا نِزَارٍ فَرَّجا الزَّلازِلا،
عَنِ المُصَلِّينَ، وأَزْلاً آزِلا
والمَأْزِل: موضع القتال إِذا ضاق، وكذلك مَأْزِلُ العيش؛ كلاهما عن
اللحياني.
والإِزْل: الداهية. والإِزْل: الكَذِب، بالكسر؛ قال عبد الرحمن بن دارة:
يقولون: إِزْلٌ حُبُّ لَيْلى وَوُدُّها،
وقد كَذَبوا، ما في مَوَدَّتِها إِزْلُ
والأَزَل، بالتحريك: القِدَم. قال أَبو منصور: ومنه قولهم هذا شيء
أَزَليٌّ أَي قديم، وذكر بعض أَهل العلم أَن أَصل هذه الكلمة قولهم للقديم لم
يَزَل، ثم نُسِب إِلى هذا فلم يستقم إِلا بالاختصار فقالوا يَزَليٌّ ثم
أُبدلت الياء أَلفاً لأَنها أَخف فقالوا أَزَليٌّ، كما قالوا في الرمح
المنسوب إلى ذي يَزَنَ: أَزَنيٌّ، ونصل أَثْرَبيٌّ.
@أردخل: ابن الأَثير في حديث أَبي بكر بن عياش: قيل له من انتخب هذه
الأَحاديث؟ قال: انتخبها رجل إِرْدَخْلٌ؛ الإِرْدَخْلُ: الضَّخْم، يريد أَنه
في العلم والمعرفة بالحديث ضَخَم كبير. والإِرْدَخْلُ: النَّارُّ
السمين.أزل: الأَزْلُ: الضيق والشدّة. والأَزْلُ: الحبس. وأَزَلَه يأْزِلُه
أَزْلاً: حبسه. والأَزْلُ: شدّة الزمان. يقال: هم في أَزْلٍ من العيش
وأَزْلٍ من السَّنَة. وآزَلَت السَّنَةُ: اشتدّت؛ ومنه الحديثُ قولُ طَهْفةَ
للنبي، صلى الله عليه وسلم: أَصابتنا سَنَة حمراء مُؤْزِلة أَي آتية
بالأَزْل، ويروى مُؤَزِّلة، بالتشديد على التكثير. وأَصبح القوم آزلين أَي في
شدة؛ وقال الكميث:
رَأَيْتُ الكِرامَ به واثقِيـ
ـن أَن لا يُعيمُوا، ولا يُؤْزلُوا
وأَنشد أَبو عبيد:
وَليَأْزِلَنَّ وتَبْكُوَّنَّ لِقاحُه،
ويُعَلِّلَنَّ صَبِيَّه بسَمَار
أَي لَيُصيبَنَّه الأَزْلُ وهو الشدة. وأَزَلَ الفَرَسَ: قَصَّرَ
حَبْلَه وهو من الحبس. وأَزَلَ الرجلُ يأْزِل أَزْلاً أَي صار في ضيق وجَدْب.
وأَزَلْتُ الرجلَ أَزْلاً: ضَيَّقْت عليه. وفي الحديث: عَجِبَ ربكم من
أَزْلِكم وقُنوطكم؛ قال ابن الأَثير: هكذا روي في بعض الطرق، قال: والمعروف
من أَلِّكم، وسنذكره في موضعه؛ الأَزْل: الشدة والضيق كأَنه أَراد من شدة
يأْسكم وقنوطكم. وفي حديث الدجال: أَنه يَحْصُر الناسَ في بيت المَقْدِس
فيُؤزَلُون أَزْلاً أَي يُقْحَطون ويُضَيِّقُ عليهم. وفي حديث عليّ،
عليه السلام: إلا بعد أَزْلٍ وبلاء. وأَزَلْت الفرس إذا قَصَّرْتَ حَبْله ثم
سَيَّبْتَه وتركته في الرِّعي؛ قال أَبو النجم:
لم يَرْعَ مأْزولاً ولَمَّا يُعْقَلِ
وأَزَلوا مالَهم يَأْزِلونه أَزْلاً: حبسوه عن المَرْعَى من ضيق وشدّة
وخوف؛ وقول الأَعشَى:
ولَبونِ مِعْزَابٍ حَوَيْتُ فأَصْبَحَتْ
نُهْبَى، وآزِلَةٍ قَضَبْتُ عِقَالَها
الآزلة: المحبوسة التي لا تَسْرَح وهي معقولة لخوف صاحبها عليها من
الغارة، أَخَذْتها فَقَضَبْتُ عِقالَها. وآزالوا: حبسوا أَموالهم عن تضييق
وشدّة؛ عن ابن الأَعرابي. والمَأْزِل: المَضِيق مث المَأْزِق؛ وأَنشد ابن
بري:
إِذا دَنَتْ مِنْ عَضُدٍ لم تَزْحل
عنه، وإِنْ كان بضَنْكٍ مأْزِلِ
قال الفراء يقال تَأَزَّل صدري وتَأَزَّق أَي ضاق. والأَزْل: ضيق العيش؛
قال:
وإِنْ أَفسَد المالَ المجَاعاتُ والأَزْلُ
وأَزْل آزِلٌ: شديد؛ قال:
إِبْنَا نِزَارٍ فَرَّجا الزَّلازِلا،
عَنِ المُصَلِّينَ، وأَزْلاً آزِلا
والمَأْزِل: موضع القتال إِذا ضاق، وكذلك مَأْزِلُ العيش؛ كلاهما عن
اللحياني.
والإِزْل: الداهية. والإِزْل: الكَذِب، بالكسر؛ قال عبد الرحمن بن دارة:
يقولون: إِزْلٌ حُبُّ لَيْلى وَوُدُّها،
وقد كَذَبوا، ما في مَوَدَّتِها إِزْلُ
والأَزَل، بالتحريك: القِدَم. قال أَبو منصور: ومنه قولهم هذا شيء
أَزَليٌّ أَي قديم، وذكر بعض أَهل العلم أَن أَصل هذه الكلمة قولهم للقديم لم
يَزَل، ثم نُسِب إِلى هذا فلم يستقم إِلا بالاختصار فقالوا يَزَليٌّ ثم
أُبدلت الياء أَلفاً لأَنها أَخف فقالوا أَزَليٌّ، كما قالوا في الرمح
المنسوب إلى ذي يَزَنَ: أَزَنيٌّ، ونصل أَثْرَبيٌّ.
@أزل: الأَزْلُ: الضيق والشدّة. والأَزْلُ: الحبس. وأَزَلَه يأْزِلُه
أَزْلاً: حبسه. والأَزْلُ: شدّة الزمان. يقال: هم في أَزْلٍ من العيش
وأَزْلٍ من السَّنَة. وآزَلَت السَّنَةُ: اشتدّت؛ ومنه الحديثُ قولُ طَهْفةَ
للنبي، صلى الله عليه وسلم: أَصابتنا سَنَة حمراء مُؤْزِلة أَي آتية
بالأَزْل، ويروى مُؤَزِّلة، بالتشديد على التكثير. وأَصبح القوم آزلين أَي في
شدة؛ وقال الكميث:
رَأَيْتُ الكِرامَ به واثقِيـ
ـن أَن لا يُعيمُوا، ولا يُؤْزلُوا
وأَنشد أَبو عبيد:
وَليَأْزِلَنَّ وتَبْكُوَّنَّ لِقاحُه،
ويُعَلِّلَنَّ صَبِيَّه بسَمَار
أَي لَيُصيبَنَّه الأَزْلُ وهو الشدة. وأَزَلَ الفَرَسَ: قَصَّرَ
حَبْلَه وهو من الحبس. وأَزَلَ الرجلُ يأْزِل أَزْلاً أَي صار في ضيق وجَدْب.
وأَزَلْتُ الرجلَ أَزْلاً: ضَيَّقْت عليه. وفي الحديث: عَجِبَ ربكم من
أَزْلِكم وقُنوطكم؛ قال ابن الأَثير: هكذا روي في بعض الطرق، قال: والمعروف
من أَلِّكم، وسنذكره في موضعه؛ الأَزْل: الشدة والضيق كأَنه أَراد من شدة
يأْسكم وقنوطكم. وفي حديث الدجال: أَنه يَحْصُر الناسَ في بيت المَقْدِس
فيُؤزَلُون أَزْلاً أَي يُقْحَطون ويُضَيِّقُ عليهم. وفي حديث عليّ،
عليه السلام: إلا بعد أَزْلٍ وبلاء. وأَزَلْت الفرس إذا قَصَّرْتَ حَبْله ثم
سَيَّبْتَه وتركته في الرِّعي؛ قال أَبو النجم:
لم يَرْعَ مأْزولاً ولَمَّا يُعْقَلِ
وأَزَلوا مالَهم يَأْزِلونه أَزْلاً: حبسوه عن المَرْعَى من ضيق وشدّة
وخوف؛ وقول الأَعشَى:
ولَبونِ مِعْزَابٍ حَوَيْتُ فأَصْبَحَتْ
نُهْبَى، وآزِلَةٍ قَضَبْتُ عِقَالَها
الآزلة: المحبوسة التي لا تَسْرَح وهي معقولة لخوف صاحبها عليها من
الغارة، أَخَذْتها فَقَضَبْتُ عِقالَها. وآزالوا: حبسوا أَموالهم عن تضييق
وشدّة؛ عن ابن الأَعرابي. والمَأْزِل: المَضِيق مث المَأْزِق؛ وأَنشد ابن
بري:
إِذا دَنَتْ مِنْ عَضُدٍ لم تَزْحل
عنه، وإِنْ كان بضَنْكٍ مأْزِلِ
قال الفراء يقال تَأَزَّل صدري وتَأَزَّق أَي ضاق. والأَزْل: ضيق العيش؛
قال:
وإِنْ أَفسَد المالَ المجَاعاتُ والأَزْلُ
وأَزْل آزِلٌ: شديد؛ قال:
إِبْنَا نِزَارٍ فَرَّجا الزَّلازِلا،
عَنِ المُصَلِّينَ، وأَزْلاً آزِلا
والمَأْزِل: موضع القتال إِذا ضاق، وكذلك مَأْزِلُ العيش؛ كلاهما عن
اللحياني.
والإِزْل: الداهية. والإِزْل: الكَذِب، بالكسر؛ قال عبد الرحمن بن دارة:
يقولون: إِزْلٌ حُبُّ لَيْلى وَوُدُّها،
وقد كَذَبوا، ما في مَوَدَّتِها إِزْلُ
والأَزَل، بالتحريك: القِدَم. قال أَبو منصور: ومنه قولهم هذا شيء
أَزَليٌّ أَي قديم، وذكر بعض أَهل العلم أَن أَصل هذه الكلمة قولهم للقديم لم
يَزَل، ثم نُسِب إِلى هذا فلم يستقم إِلا بالاختصار فقالوا يَزَليٌّ ثم
أُبدلت الياء أَلفاً لأَنها أَخف فقالوا أَزَليٌّ، كما قالوا في الرمح
المنسوب إلى ذي يَزَنَ: أَزَنيٌّ، ونصل أَثْرَبيٌّ.
@أسل: الأَسَل: نبات له أَغصان كثيرة دِقَاق بلا ورق، وقال أَبو زياد:
الأَسَل من الأَغْلاث وهو يخرج قُضْباناً دِقَاقاً ليس لها ورق ولا شوك
إِلا أَن أَطرافها مُحدَّدة، وليس لها شُعَب ولا خَشَب، ومَنْبِته الماء
الراكد ولا يكاد ينبت إِلا في موضع ماء أَو قريبٍ من ماء، واحدته أَسلَة،
تُتخذ منه الغَرابيل بالعراق، وإِنما سُمِّي القَنَا أَسَلاً تشبيهاً بطوله
واستوائه؛ قال الشاعر:
تَعدُو المَنايا على أُسامةَ في الـ
ـخِيس، عليه الطَّرْفاءُ والأَسَلُ
والأَسَل: الرِّماح على التشبيه به في اعتداله وطوله واستوائه ودقة
أَطرافه، والواحد كالواحد. والأَسَل: النَّبْل. والأَسَلة: شوكة النخل،
وجمعها أَسَل. قال أَبو حنيفة: الأَسَل عِيدانٌ تنبت طِوَالاً دِقَاقاً مستوية
لا ورق لها يُعْمَل منها الحُصُر. والأَسَل: شجر. ويقال: كل شجر له شوك
طويل فهو أَسَل، وتسمى الرماح أَسَلاً.
وأَسَلة اللسان: طَرَف شَبَاته إِلى مُسْتَدَقّه، ومنه قيل للصاد والزاي
والسين أَسَلِيَّة، لأَن مبدأَها من أَسَلة اللسان، وهو مُسْتَدَقُّ
طَرَفِهِ، والأَسَلة: مُسْتَدَقّ اللسان والذراع. وفي كلام عليّ: لم تَجِفَّ
لطُول المناجاة أَسَلاتُ أَلسنتهم؛ هي جمع أَسَلة وهي طَرَف اللسان. وفي
حديث مجاهد: إِن قُطِعَت الأَسَلة فبَيَّن بعض الحروف ولم يُبَيِّن
بعضاً يُحْسَب بالحروف أَي تُقسم دية اللسان على قدر ما بقي من حروف كلامه
التي ينطق بها في لُغَته، فما نَطَق به فلا يستحق ديته، وما لم ينطق به
استحق ديته. وأَسَلة البعير: طَرَف قَضيبه. وأَسَلة الذراع: مُسْتَدَقّ
الساعد مما يلي الكف. وكَفٌّ أَسِيلة الأَصابع: وهي اللطيفة السَّبْطة
الأَصابع. وأَسْل الثَّرى: بَلَغ الأَسَلة. وأَسَلة النَّصْل: مُسْتَدَقُّه.
والمُؤَسَّل: المُحَدَّد من كل شيء. وروي عن عليّ، عليه السلام، أنه قال:
لا قَوَد إِلا بالأَسَل؛ فالأَسَل عند عليّ، عليه السلام: كل ما أُرِقَّ
من الحديد وحُدِّد من سيف أَو سكين أَو سِنان، وأَصل الأَسَل نبات له
أَغصان دِقاق كثيرة لا وَرَق لها. وأَسَّلْت الحديد إِذا رَقَّقْتَه؛ وقال
مُزاحِم العُقَيلي:
تَبارى سَدِيساها، إِذا ما تَلَمَّجَتْ
شَباً مِثْلَ إِبزِيمِ السِّلاحِ المُؤَسَّل
وقال عمر: وإِياكم وحَذْف الأَرنب
(* قوله «واياكم وحذف الارنب» عبارة
الاشموني في شرح الالفية: وشذ، التحذير بغير ضمير المخاطب نحو اياي في قول
عمر، رضي افيفي عه: لتذك لكم الاسل والرماح والسهام واياي وان يحذف احدكم
الارنب) بالعصا وليُذَكِّ لكم الأَسَل الرِّماح والنَّبْل؛ قال أَبو
عبيد: لم يُرد بالأَسل الرماح دون غيرها من سائر السلاح الذي حُدِّد
ورُقِّق، وقوله الرماح والنبل يردّ قول من قال الأَسل الرماح خاصة لأَنه قد جعل
النبل مع الرماح أَسَلاً، والأَصل في الأَسل الرماح الطِّوال وحدها، وقد
جعلها في هذا الحديث كنايةً عن الرماح والنبل معاً، قال: وقيل النبل
معطوف على الأَسل لا على الرماح، والرماح بيان للأَسَل وبدل؛ وجمع الفرزدق
الأَسَل الرماحَ أَسَلاتٍ فقال:
قَدْ مات في أَسَلاتِنا، أَو عَضَّه
عَضْبٌ برَوْنَقِه المُلوكُ تُقَتَّلُ
أَي في رماحنا. والأَسَلة: طَرَف السِّنان، وقيل للقَنا أَسَل لِما
رُكِّب فيها من أَطراف الأَسِنَّة. وأُذُن مُؤَسَّلة: دقيقة مُحَدَّدة
مُنْتَصبة. وكل شيء لا عوج فيه أَسَلة. وأَسَلة النعل: رأْسُها
المسْتدِقّ.والأَسِيلُ: الأَمْلس المستوي، وقد أَسُل أَسالة. وأَسُل خَدُّه أَسالة:
امَّلَسَ وطال. وخدٌّ أَسِيل: وهو السهل الليِّن، وقد أَسُل أَسالة.
أَبو زيد: من الخدود الأَسِيلُ وهو السهل اللين الدقيق المستوي والمسنون
اللطيف الدقيق الأَنف. ورجل أَسِيل الخَدِّ إِذا كان ليِّن الخدّ طويلَه.
وكل مسترسِلٍ أَسِيلٌ، وقد أَسُلَ، بالضم، أَسالة. وفي صفته،
صفيفيى افيفي عليه وسلم: كان أَسِيل الخد؛ قال ابن الأَثير: الأَسالة في
الخدّ الاستطالة وأَن لا يكون مرتفع الوَجْنة. ويقال في الدعاء على
الإِنسان: بَسْلاً وأَسْلاً كقولهم تَعْساً ونُكْساً. وتَأَسَّل أَباه: نزَع
إِليه في الشَّبْه كتأَسَّنَه. وقولهم: هو على آسالٍ من أَبيه مثل آسانٍ أَي
على شَبَه من أَبيه وعلامات وأَخلاق؛ قال ابن السكيت: ولم أَسمع بواحد
الآسال.
ومَأْسَل، بالفتح: اسم رملة. ومَأْسَل: اسم جبل. ودارة مأْسل: موضع؛ عن
كراع. وقيل: مأْسل اسم جبل في بلاد العرب معروف.
@اسمعل: إِسْمَعِيل وإِسْمَعِين: اسمان.
@أشل: الليث: الأَشْلُ من الذَّرْع بِلغة أَهل البصرة، يقولون كذا وكذا
حَبْلاً، وكذا وكذا أَشْلاً لمقدار معلوم عندهم؛ قال أَبو منصور: وما
أَراه عربيّاً. قال أَبو سعيد: الأُشول هي الحِبال، وهي لغة من لغات
النَّبَط، قال: ولولا أَنني نبَطيٌّ ما عرفته.
@أصل: الأَصْلُ: أَسفل كل شيء وجمعه أُصول لا يُكَسَّر على غير ذلك، وهو
اليأْصُول. يقال: أَصل مُؤَصَّل؛ واستعمل ابن جني الأَصلية موضع
التأَصُّل فقال: الأَلف وإِن كانت في أَكثر أَحوالها بدلاً أَو زائدة فإِنها إِذا
كانت بدلاً من أَصل جرت في الأَصلية مجراه، وهذا لم تنطق به العرب إِنما
هو شيء استعملته الأَوائل في بعض كلامها. وأَصُل الشيءُ: صار ذا أَصل؛
قال أُمية الهذلي:
وما الشُّغْلُ إِلا أَنَّني مُتَهَيِّبٌ
لعِرْضِكَ، ما لم تجْعَلِ الشيءَ يَأْصُلُ
وكذلك تَأَصَّل.
ويقال: اسْتَأْصَلَتْ هذه الشجرةُ أَي ثبت أَصلها. واستأْصل افيفي ُ بني
فلان إِذا لم يَدَعْ لهم أَصْلاً. واستأْصله أَي قَلَعه من أَصله. وفي
حديث الأُضحية: أَنه نهى عن المُسْتَأْصَلة؛ هي التي أُخِذ قَرْنُها من
أَصله، وقيل هو من الأَصِيلة بمعنى الهلاك. واسْتَأْصَلَ القومَ: قَطَعَ
أَصلَهم. واستأْصل افيفي شَأْفَتَه: وهي قَرْحة تخرج بالقَدَم فتُكْوى فتذهب،
فدَعا افيفي أَن يذهب ذلك عنه
(* قوله «ان يذهب ذلك عنه» كذا بالأصل،
وعبارته في ش ا ف: فيقال في الدعاء: اذهبهم افيفي كما اذهب ذلك الداء
بالكي).وقَطْعٌ أَصِيل: مُسْتَأْصِل. وأَصَل الشيءَ: قَتَله عِلْماً فعَرَف
أَصلَه. ويقال: إِنَّ النخلَ بأَرضِنا لأَصِيلٌ أَي هو به لا يزال ولا
يَفْنى. ورجل أَصيِيل: له أَصْل. ورَأْيٌ أَصيل: له أَصل. ورجل أَصيل: ثابت
الرأْي عاقل. وقد أَصُل أَصالة، مثل ضَخُم ضَخامة، وفلان أَصِيلُ الرأْي
وقد أَصُل رأْيُه أَصالة، وإِنه لأَصِيل الرأْي والعقل. ومجد أَصِيل أَي ذو
أَصالة. ابن الكسيت: جاؤوا بأَصِيلتهم أَي بأَجمعهم. والأَصِيلُ:
العَشِيُّ، والجمع أُصُل وأُصْلان مثل بعير وبُعران وآصال وأُصائل كأَنه جمع
أَصِيلة؛ قال أَبو ذؤيب الهذلي:
لعَمْري لأَنتَ البَيْتُ أُكْرِمُ أَهْلَه،
وأَقْعُدُ في أَفيائه بالأَصائل
وقال الزجاج: آصال جمخع أُصُل، فهو على هذا جمع الجمع، ويجوز أَن يكون
أُصُل واحداً كطُنُب؛ أَنشد ثعلب:
فتَمَذَّرَتْ نفسي لذاك، ولم أَزَلْ
بَدِلاً نِهارِيَ كُلَّه حَتى الأُصُلْ
فقوله بَدِلاً نهاري كله يدل على أَن الأُصُل ههنا واحد، وتصغيره
أُصَيْلان وأُصَيْلال على البدل أَبدلوا من النون لاماً؛ ومنه قول
النابغة:وَقَفْتُ فيها أُصَيْلالاً أُسائِلُها،
عَيَّتْ جَواباً، وما بالرَّبْع من أَحَد
قال السيرافي: إِن كان أُصَيْلان تصغير أُصْلان وأُصْلان جممع أَصِيل
فتصغيره نادر، لأَنه إِنما يصغر من الجمع ما كان على بناء أَدنى العدد،
وأَبنية أَدنى العدد أَربعة: أَفعال وأَفعُل وأَفعِلة وفعْلة، وليست أُصْلان
واحدة منها فوجب أَن يحكم عليه بالشذوذ، وإِن كان أُصْلان واحداً
كرُمَّان وقُرْبان فتصغيره على بابه؛ وأَما قول دَهْبَل:
إِنِّي الذي أَعْمَل أَخْفافَ المَطِي،
حَتَّى أَناخَ عِنْدَ بابِ الحِمْيَرِي،
فَأُعْطِي الحِلْقَ أُصَيْلالَ العَشِي
قال ابن سيده: عندي أَنه من إِضافة الشيء إلى نفسه، إِذ الأَصِيل
والعَشِيُّ سواء لا فائدة في أَحدهما إِلا ما في الآخر. وآصَلْنا: دَخَلْنا في
الأَصِيل. ولقيته أُصَيْلالاً وأُصَيلاناً إِذا لقِيتَه بالعَشِيِّ،
ولَقيتُه مُؤْصِلاً. والأَصِيلُ: الهلاك؛ قال أَوس:
خافوا الأَصِيلَ وقد أَعْيَتْ ملوكُهُمُ،
وحُمِّلوا من أَذَى غُرْمٍ بأَثقال
وأَتَيْنا مُؤْصِلِين
(* قوله «وأتينا مؤصلين» كذا بالأصل) وقولهم لا
أَصْل له ولا فَصْل؛ الأَصْل: الحَسَب، والفَصْل اللسان. والأَصِيلُ: الوقت
بعد العصر إِلى المغرب.
والأَصَلة: حَيَّة قصيرة كالرِّئَة حمراء ليست بشدية الحمرة لها رجل
واحدة تقوم عليها وتُساور الإِنسان وتنفخ فلا تصيب شيئاً بنفختها إِلا
أَهلكته، وقيل: هي مثل الرحى مستديرة حمراءُ لا تَمَس شجرة ولا عوداً إِلا
سَمَّته، ليست بالشديدة الحمرة لها قائمة تَخُطُّ بها في الأَرض وتَطْحَن
طحن الرحى، وقيل: الأَصَلة حية صغيرة تكون في الرمال لونها كلون الرِّئَة
ولها رجل واحدة تقف عليها تَثِب إِلى الإِنسان ولا تصيب شيئاً إِلا هلك،
وقيل: الأَصَلة الحية العظيمة، وجمعها أَصَل؛ وفي الصحاح: الأَصَلة،
بالتحريك، جنس من الحيات وهو أَخبثها. وفي الحديث في ذكر الدجال: أَعور جعد
كأَن رأْسه أَصَلة، بفتح الهمزة والصاد؛ قال ابن الأَنباري: الأَصَلة
الأَفْعَى، وقيل: حية ضَخْمة عظيمة قصيرة الجسم تَثِب على الفارس فتقتله فشبه
رسول افيفي ،
صفيفيى افيفي عليه وسلم، رأْس الدجال بها لِعِظَمِه واستدارته، وفي
الأَصَلة مع عظمها استدارة؛ وأَنشد:
يا ربِّ إِنْ كان يَزيدُ قد أَكَل
لَحْمَ الصَّديق عَلَلاً بعد نَهَل
ودَبَّ بالشَّرِّ دبيباً ونَشَل،
فاقْدُر له أَصَلةً من الأَصَل
(* قوله «ونشل» كذا بالأصل بالشين المعجمة، ولعله بالمهملة من النسلان
المناسب للدبيب).
كَبْساءَ، كالقُرْصة أَو خُفِّ الجَمَل،
لها سَحِيفٌ وفَحِيحٌ وزَجَل
السحيف: صوت جلدها، والفَحِيح من فمها، والكبساء: العظيمة الرأْس؛ رجل
أَكبس وكُبَاس، والعرب تشبه الرأْس الصغير الكثير الحركة برأْس الحية؛ قال
طَرَفة:
خَشَاشٌ كرأْسِ الحَيّة المُتَوَقِّدِ
(* قوله «خشاش إلخ» هو عجز بيت صدره كما في الصحاح:
انا الرجل الضرب الذي تعرفونه.
والخشاش: هو الماضي من الرجال).
وأَخذ الشيء بأَصَلته وأَصيلته أَي بجميعه لم يَدَعْ منه شيئاً؛ الأَول
عن ابن الأَعرابي.
وأَصِلَ الماءُ يأْصَل أَصَلاً كأَسِن إِذا تغير طعمه وريحه من حَمْأَة
فيه. ويقال: إِني لأَجِد من ماء حُبِّكم طَعْمَ أَصَلٍ. وأَصِيلة الرجل:
جميع ماله. ويقال: أَصِل فلان يفعل كذا وكذا كقولك طَفِق وعَلِق.
@اصطبل: الرُّباعي: الإِصْطَبْلُ مَوْقِف الدابة، وفي التهذيب: مَوْقِف
الفَرَس، شاميّة؛ قال سيبويه: الإِسْفَنْطُ والإِصْطَبْلُ خُماسيَّان جعل
الأَلف فيهما أَصيلة كما جعل يَسْتَعُور خماسيّاً، جعلت الياء أَصلية.
الجوهري: الإِصطبل للدواب وأَلفه أَصلية لأَن الزيادة لا تلحق بنات
الأَربعة من أَوائلها إِلا الأَسماء الجارية على أَفعالها وهي من الخمسة أَبعد،
قال: وقال أَبو عمرو الإِصطبل ليس من كلام العرب.
@اصطفل: التهذيب: الإِصْطَفْلِين: الجَزَرُ الذي يؤكل، لغة شامية،
الواحدة إِصْطَفَلِينة، قال: وهي المَشَا أَيضاً، مقصور، وقيل: الإِصْطَفْلينة
كالجَزَرة. وفي حديث القاسم
بن مُخَيْمَرة: إِن الوالي ليَنْحِت أَقارِبُه أَمانَتَه كما تَنْحِت
القَدُومُ الإِصْطَفْلِينة حتى يَخْلُصَ إِلى قَلْبها. وفي كتاب معاوية
إِلى ملك الروم: ولأَنْزِعَنَّك من المُلك نَزْعَ الإِصْطَفْلِينة أَي
الجَزَرة، لغة شامية؛ قال ابن الأَثير: وأَوردها بعضهم في حرف الهمزة على
أَنها أَصلية، وبعضهم في الصاد على أَن الهمزة زائدة؛ قال شمر:
الإِصْطَفْلِينة كالجَزَرة ليست بعربية مَحْضة لأَن الصاد والطاء لا يكاد يجتمعان في
مَحْض كلامهم، قال: وإِنما جاء في الصِّراط والإِصطَبْل والأُصطُمَّة أَن
أَصلها كلها السين.
@اطل: الإِطِلُ والإِطْلُ مثل إِبِل وإِبْل، والأَيْطَل: مُنْقَطَع
الأَضلاع من الحَجَبة، وقيل القُرُبُ، وقيل الخاصرةُ كلها؛ وأَنشد ابن بري في
الإِطِل قول الشاعر:
لم تُؤْزَ خَيْلُهُمُ بالثَّغْر راصدةً
ثُجْلَ الخَواصِرِ، لم يَلْحَقْ لها إِطِلُ
وجمع الإِطِلِ آطال، وجمع الأَيْطَل أَياطِل، وأَيْطَلٌ فَيْعَلٌ
والأَلف أَصلية؛ قال ابن بري: شاهد الأَيْطَل قول امرئ القيس:
له أَيْطَلا ظَبْيٍ وسَاقا نَعامةٍ
@افل: أَفَلَ أَي غاب. وأَفَلَت الشمسُ تأْفِل وتأْفُل أَفْلاً وأُفولاً:
غَرَبت، وفي التهذيب: إِذا غابت فهي آفلة وآفل، وكذلك القمر يأْفِلُ
إِذا غاب، وكذلك سائر الكواكب. قال افيفي تعالى: فلما أَفل قال لا أُحب
الآفلين.
والإِفَال والأَفَائِل: صِغار الإِبل بَنَاتُ المخَاض ونحوُها. ابن
سيده: والأَفِيل ابن المخَاض فما فوقه، والأَفِيل الفَصِيل؛ والجمع إِفَال
لأَن حقيقته الوصف، هذا هو القياس وأَما سيبويه فقال أَفِيل وأَفائل، شبهوه
بذَنُوب وذَنائب، يعني أَنه ليس بينهما أَلا الياء والواو، واختلاف ما
قبلهما بهما، والياء والواو أُخْتانِ، وكذلك الكسرة والضمة. أَبو عبيد:
واحد الإِفالِ بنات المخَاض أَفِيلٌ والأُنثى أَفِيلة؛ ومنه قول زهير:
فأَصْبَحَ يُجْري فيهمُ من تِلادكم
مَغانم شَتَّى، من إِفَالٍ مُزَنَّمِ
ويروى: يُجْدي. النوادر: أَفِل الرجلُ إِذا نَشِط، فهو أَفِلٌ على
فَعِلٍ؛ قال أَبو زيد:
أَبُو شَتِيمَين مِنْ حَصَّاءَ قد أَفِلَت،
كأَنَّ أَطْباءَها في رُفْغها رُقَعُ
وقال أَبو الهيثم فيما روي بخطه في قوله: قد أَفِلَتْ: ذهب لَبَنُها،
قال: والرُّفْغ ما بين السُّرَّة إِلى العانة، والحَصَّاء التي انْحَصَّ
وَبَرُها، وقيل: الرُّفْغ أَصل الفَخِذ والإِبْط. ابن سيده: أَفَل الحَمْلُ
في الرَّحِم استقر. وسَبُعَةٌ آفِل وآفلة: حامل. قال الليث: إِذا استقر
اللَّقاح في قَرار الرَّحِم قيل قد أَفَلَ، ثم يقال للحامل آفِل.
والمَأْفول إِبدال المَأْفون: وهو الناقص العقل.
@أفكل: النهاية: في الحديث فَبَات وله أَفْكَلٌ؛ الأَفْكَل، بالفتح:
الرِّعْدة من بَرْد أَو خوف، قال: ولا يُبْنى منه فِعْل وهمزته زائدة ووزنه
أَفْعَل، ولهذا إِذا سَمَّيْتَ به لم تصرفه للتعريف ووزن الفعل. وفي حديث
عائشة: فأَخَذَني أَفْكَلٌ فارتعدت من شدة الغَيْرة.
@أكل: أَكَلْت الطعام أَكْلاً ومَأْكَلا. ابن سيده: أَكَل الطعام
يأْكُلُه أَكْلاً فهو آكل والجمع أَكَلة، وقالوا في الأمر كُلْ، وأَصله
أُؤْكُلْ، فلما اجتمعت همزتان وكثر استعمال الكلمة حذفت الهمزة الأَصلية فزال
الساكن فاستغنى عن الهمزة الزائدة، قال: ولا يُعْتَدّ بهذا الحذد لقِلَّته
ولأَنه إِنما حذف تخفيفاً، لأَن الأَفعال لا تحذف إِنما تحذف الأَسماء نحو
يَدٍ ودَمٍ وأَخٍ وما جرى مجراه، وليس الفعل كذلك، وقد أُخْرِجَ على
الأَصل فقيل أُوكُل، وكذلك القول في خُذْ ومُر.
والإِكْلة: هيئة الأَكْل. والإِكْلة: الحال التي يأْكُل عليها متكئاً
أَو قاعداً مثل الجِلْسة والرَّكْبة. يقال: إِنه لحَسَن الإِكْلة.
والأَكْلة: المرة الواحدة حتى يَشْبَع. والأُكْلة: اسم للُّقْمة. وقال اللحياني:
الأَكْلة والأُكْلة كاللَّقْمة واللُّقْمة يُعْنَى بها جميعاً المأْكولُ؛
قال:
من الآكِلِين الماءَ ظُلْماً، فما أَرَى
يَنالون خَيْراً، بعدَ أَكْلِهِمِ المَاءَ
فإِنما يريد قوماً كانوا يبيعون الماءَ فيشترون بثمنه ما يأْكلونه،
فاكتفى بذكر الماء الذي هو سبب المأْكول عن ذكر المأْكول. وتقول: أَكَلْت
أُكْلة واحدة أَي لُقْمة، وهي القُرْصة أَيضاً. وأَكَلْت أَكلة إِذا أَكَل
حتى يَشْبَع. وهذا الشيء أُكلة لك أَي طُعْمة لك. وفي حديث الشاة
المسمومة: ما زَالَتْ أُكْلة خَيْبَرَ تُعَادُّني؛ الأُكْلة، بالضم: اللُّقمة
التي أَكَل من الشاة، وبعض الرُّواة بفتح الأَلف وهو خطأ لأَنه ما أَكَل
إِلاّ لُقْمة واحدة. ومنه الحديث الآخر: فليجعل في يده أُكْلة أَو أُكْلتين
أَي لُقْمة أَو لُقْمتين. وفي الحديث: أَخْرَجَ لنا ثلاثَ أُكَل؛ هي جمع
أُكْلة مثل غُرْفة وغُرَف، وهي القُرَص من الخُبْز.
ورجل أُكَلة وأَكُول وأَكِيل: كثير الأَكْلِ. وآكَلَه الشيءَ: أَطعمه
إِياه، كلاهما على المثل
(* قوله «وآكله الشيء أطعمه إياه كلاهما إلخ» هكذا
في الأصل، ولعل فيه سقطاً نظير ما بعده بدليل قوله كلاهما) وآكَلَني ما
لم آكُل وأَكَّلَنِيه، كلاهما: ادعاه عليَّ. ويقال: أَكَّلْتني ما لم
آكُلْ، بالتشديد، وآكَلْتَني ما لم آكُل أَيضاً إِذا ادَّعيتَه عليَّ.
ويقال: أَليس قبيحاً أَن تُؤَكِّلَني ما لم آكُلْ؟ ويقال: قد أَكَّل فلان غنمي
وشَرَّبَها. ويقال: ظَلَّ مالي يُؤَكَّل ويُشَرَّب.
والرجل يَسْتأْكِل قوماً أَي يأْكل أَموالَهم من الإِسْنات. وفلا
 

rahaal

تربوي
عضو ملتقى المعلمين
هكذا في الأصل، ولعله ورجال أتاويون أَي غرباء ونسوة إلخ. وعبارة
الصحاح: والأتاوي الغريب، ونسوة إلخ)؛ وأَنشد هو وأَبو الجرَّاح لحميد
الأَرْقَط:
يُصْبِحْنَ بالقَفْرِ أَتاوِيَّاتِ
مُعْتَرِضات غير عُرْضِيَّاتِ
أَي غريبة من صَواحبها لتقدّمهنّ وسَبْقِهِنَّ، ومُعْتَرِضات أَي نشِيطة
لم يُكْسِلْهُنَّ السفر، غير عُرْضِيَّات أَي من غير صُعُوبة بل ذلك
النَّشاط من شِيَمِهِنَّ. قال أَبو عبيد: الحديث يروى بالضم، قال: وكلام
العرب بالفتح. ويقال: جاءنا سَيْلٌ أَتيٌّ وأَتاوِيٌّ إِذا جاءك ولم
يُصِبْكَ مَطَره. وقوله عز وجل: أَتَى أَمْرُ اللهِ فلا تسْتَعْجِلوه؛ أَي قرُب
ودَنا إِتْيانُه.
ومن أَمثالهم: مَأْتيٌّ أَنت أَيها السَّوادُ أَو السُّوَيْدُ، أَي لا
بُدَّ لك من هذا الأَمر. ويقال للرجل إِذا دَنا منه عدوُّه: أُتِيتَ
أَيُّها الرجلُ.
وأَتِيَّةُ الجُرْحِ وآتِيَتُه: مادَّتُه وما يأْتي منه؛ عن أَبي عليّ،
لأَنها تأْتِيه من مَصَبِّها. وأَتَى عليه الدَّهْرُ: أَهلَكَه، على
المثل. ابن شميل: أَتَى على فلان أَتْوٌ أَي موت أَو بَلاء أَصابه؛ يقال: إِن
أَتى عليَّ أَتْوٌ فغلامي حُرٌّ أَي إِن مُتُّ. والأَتْوُ: المَرَض
الشديد أَو كسرُ يَدٍ أَو رِجْلٍ أَو موتٌ. ويقال: أُتيَ على يَدِ فلان إِذا
هَلَكَ له مالٌ؛ وقال الحُطَيئة:
أَخُو المَرْء يُؤتَى دونه ثم يُتَّقَى
بِزُبِّ اللِّحَى جُرْدِ الخُصى كالجَمامِحِ
قوله أَخو المرء أَي أَخُو المقتول الذي يَرْضى من دِيَةِ أَخيه
بِتُيوس، يعني لا خير فيما يُؤتى دونه أَي يقتل ثم يُتَّقَى بتُيوس زُبِّ
اللّحَى أَي طويلة اللحى. ويقال: يؤتى دونه أَي يُذهب به ويُغلَب عليه؛
وقال:أَتَى دون حُلْوِ العَيْش حتى أَمرَّه
نُكُوبٌ، على آثارِهن نُكُوبُ
أَي ذهَب بحُلْو العَيْشِ. ويقال: أُتِيَ فلان إِذا أَطلَّ عليه
العدوُّ. وقد أُتِيتَ يا فلان إِذا أُنْذِر عدوّاً أَشرفَ عليه. قال الله عز
وجل: فأَتَى الله بُنْيانَهم من القواعِد؛ أَي هَدَم بُنْيانَهم وقلَع
بُنْيانهم من قَواعِدِه وأَساسه فهدَمه عليهم حتى أَهلكهم. وفي حديث أَبي
هريرة في ا لعَدَوِيِّ: إِني قلت أُتِيتَ أَي دُهِيتَ وتغَيَّر عليك حِسُّك
فتَوَهَّمْت ما ليس بصحيح صحيحاً. وأَتَى الأَمْرَ والذَّنْبَ: فعَلَه.
واسْتأْتَتِ الناقة اسْتِئتاءً، مهموز، أَي ضَبِعَتْ وأَرادت الفَحْل.
ويقال: فرس أَتيٌّ ومُسْتَأْتٍ ومؤَتّى ومُسْتأْتي، بغير هاء، إِذا
أَوْدَقَت.والإِيتاءُ: الإِعْطاء. آتى يُؤَاتي إِيتاءً وآتاهُ إِيتاءً أَي أَعطاه.
ويقال: لفلان أَتْوٌ أَي عَطاء. وآتاه الشيءَ أَي أَعطاه إِيَّاه. وفي
التنزيل العزيز: وأُوتِيَتْ من كلِّ شيء؛ أَراد وأُوتِيَتْ من كل شيء
شيئاً، قال: وليس قولُ مَنْ قال إِنَّ معناه أُوتِيَتْ كل شيء يَحْسُن، لأَن
بِلْقِيس لم تُؤتَ كل شيء، أَلا ترَى إِلى قول سليمان، عليه السلام:
ارْجِعْ إِليهم فلنَأْتِيَنَّهم بجنودٍ لا قِبَل لهم بها؟ فلو كانت بِلْقِيسُ
أُوتِيَتْ كلَّ شيء لأُوتِيَتْ جنوداً تُقاتلُ بها جنود سليمان، عليه
السلام، أَو الإِسلامَ لأَنها إِنما أَسْلمت بعد ذلك مع سليمان، عليه
السلام. وآتاه: جازاه. ورجل مِيتاءٌ: مُجازٍ مِعْطاء. وقد قرئ: وإِن كان
مِثْقالَ حَبَّةٍ من خَرْدَلٍ أَتَيْنا بها وآتينا بها؛ فأَتَيْنا جِئنا،
وآتَيْنا أَعْطَينا، وقيل: جازَيْنا، فإِن كان آتَيْنا أَعْطَيْنا فهو
أَفْعَلْنا، وإِن كان جازَيْنا فهو فاعَلْنا. الجوهري: آتاهُ أَتَى به؛ ومنه
قوله تعالى: آتِنا غَداءَنا أَي ائْتِنا به. وتقول: هاتِ، معناه آتِ على
فاعِل، فدخلت الهاء على الأَلف. وما أَحسنَ أَتْيَ يَدَي الناقة أَي رَجْع
يدَيْها في سَيْرِها. وما أَحسن أَتْوَ يَدَيِ الناقة أَيضاً، وقد
أَتَتْ أَتْواً. وآتاهُ على الأَمْرِ: طاوَعَه. والمُؤَاتاةُ: حُسْنِ
المُطاوَعةِ. وآتَيْتُه على ذلك الأَمْر مُؤاتاةً إِذا وافَقْته وطاوَعْته.
والعامَّة تقول: واتَيْتُه، قال: ولا تقل وَاتَيْته إِلا في لغة لأَهل اليَمن،
ومثله آسَيْت وآكَلْت وآمَرْت، وإِنما جعلوها واواً على تخفيف الهمزة في
يُواكِل ويُوامِر ونحو ذلك.
وتأَتَّى له الشيءُ: تَهَيَّأَ. وقال الأَصمعي: تَأَتَّى فلان لحاجته
إِذا تَرَفَّق لها وأَتاها من وَجْهها، وتَأَتَّى للقِيام. والتَّأَتِّي:
التَّهَيُّؤُ للقيام؛ قال الأَعْشى:
إِذا هِي تَأَتَّى قريب القِيام،
تَهادَى كما قد رأَيْتَ البَهِيرا
(* قوله «إذا هي تأتي إلخ» تقدم في مادة بهر بلفظ: إذا ما تأتى تريد
القيام).
ويقال: جاء فلان يَتأَتَّى أَي يتعرَّض لمَعْروفِك. وأَتَّيْتُ الماءَ
تَأْتِيَةً وتَأَتِّياً أَي سَهَّلت سَبيله ليخرُج إِلى موضع. وأَتَّاه
الله: هَيَّأَه. ويقال: تَأَتَّى لفُلان أَمرُه، وقد أَتَّاه الله
تَأْتِيَةً. ورجل أَتِيٌّ: نافِذٌ يتأَتَّى للأُمور. ويقال: أَتَوْتُه أَتْواً،
لغة في أَتَيْتُه؛ قال خالد بن زهير:
يا قَوْمِ، ما لي وأَبا ذُؤيْبِ،
كُنْتُ إِذا أَتَوْتُه من غَيْبِ
يَشُمُّ عِطْفِي ويَبُزُّ ثَوْبي،
كأَنني أَرَبْته بِرَيْبِ
وأَتَوْتُه أَتْوَةً واحدة. والأَتْوُ: الاسْتِقامة في السير والسرْعةُ.
وما زال كلامُه على أَتْوٍ واحدٍ أَي طريقةٍ واحدة؛ حكى ابن الأَعرابي:
خطَب الأَميرُ فما زال على أَتْوٍ واحدٍ. وفي حديث الزُّبير: كُنَّا
نَرْمِي الأَتْوَ والأَتْوَيْن أَي الدفْعةَ والدفْعتين، من الأَتْوِ
العَدْوِ، يريد رَمْيَ السِّهام عن القِسِيِّ بعد صلاة المَغْرب.
وأَتَوْتُه آتُوه أَتْواً وإِتاوةً: رَشَوْتُه؛ كذلك حكاه أَبو عبيد،
جعل الإِتاوَة مصدراً. والإتاوةُ: الرِّشْوةُ والخَراجُ؛ قال حُنَيّ بن
جابر التَّغْلبيّ:
ففِي كلِّ أَسْواقِ العِراقِ إِتاوَةٌ،
وفي كلِّ ما باعَ امْرُؤٌ مَكْسُ دِرْهَمِ
قال ابن سيده: وأَما أَبو عبيد فأَنشد هذا البيت على الإِتاوَةِ التي هي
المصدر، قال: ويقوِّيه قوله مَكْسُ دِرْهَم، لأَنه عطف عرَض على عرَض.
وكلُّ ما أُخِذ بكُرْهٍ أَو قُسِمَ على موضعٍ من الجِبايةِ
وغيرِها إِتاوَةٌ، وخص بعضهم به الرِّشْوةَ على الماء، وجمعها أُتىً
نادر مثل عُرْوَةٍ وعُرىً؛ قال الطِّرِمَّاح:
لنا العَضُدُ الشُّدَّى على الناسِ، والأُتَى
على كلِّ حافٍ في مَعَدٍّ وناعِلِ
وقد كُسِّر على أَتاوَى؛ وقول الجَعْدِيّ:
فَلا تَنْتَهِي أَضْغانُ قَوْمِيَ بينهم
وَسَوأَتُهم، حتى يَصِيروا مَوالِيا
مَوالِيَ حِلْفٍ، لا مَوالِي قَرابةٍ،
ولكنْ قَطِيناً يَسأَلون الأَتاوِيَا
أَي هُمْ خدَم يسأَلون الخَراج، وهو الإِتاوةُ؛ قال ابن سيده: وإِنما
كان قِياسُه أَن يقول أَتاوى كقولنا في عِلاوةٍ وهِراوَةٍ عَلاوى وهَراوى،
غير أَن هذا الشاعر سلَك طريقاً أُخرى غير هذه، وذلك أَنه لما كسَّر
إِتاوةً حدث في مثال التكسير همزةٌ بعد أَلِفه بدلاً من أَلف فِعالةٍ كهمزة
رَسائل وكَنائن، فصار التقدير به إلى إِتاءٍ، ثم تبدل من كسرة الهمزة فتحة
لأَنها عارِضة في الجمع واللام مُعْتلَّة كباب مَطايا وعَطايا فيصير
إِلى أَتاأَى، ثم تُبْدِل من الهمزة واواً لظُهورها لاماً في الواحد فتقول
أَتاوى كعَلاوى، وكذلك تقول العرب في تكسير إِتاوةٍ أَتاوى، غير أَن هذا
الشاعر لو فعلَ ذلك لأَفسد قافِيتَه، لكنَّه احتاج إِلى إِقرار الهمزة
بحالها لتصِحَّ بعدَها الياءُ التي هي رَوِيٌّ القافيةِ كما مَعها من
القَوافي التي هي الرَّوابيا والأَدانِيا ونحو ذلك، ليَزول لفظُ الهمزة، إِذا
كانت العادةُ في هذه الهمزة أَن تُعَلَّ وتُغَيَّر إِذا كانت اللام
معتلَّة، فرأَى إِبْدال همزة إِتاءٍ واواً ليَزُول لفظُ الهمزةِ التي من
عادتها في هذا الموضع أَن تُعَلَّ ولا تصحَّ لما ذكرنا، فصار الأَتاوِيا؛
وقولُ الطِّرِمَّاح:
وأَهْل الأُتى اللاَّتي على عَهْدِ تُبَّعٍ،
على كلِّ ذي مالٍ غريب وعاهِن
فُسِّر فقيل: الأُتى جمع إِتاوةٍ، قال: وأُراه على حذف الزائد فيكون من
باب رِشْوَة ورُشيً. والإتاءُ: الغَلَّةُ وحَمْلُ النخلِ، تقول منه:
أَتَتِ الشجرة والنخلة تَأْتو أَتْواً وإِتاءً، بالكسر؛ عن كُراع: طلع ثمرها،
وقيل: بَدا صَلاحُها، وقيل: كَثُرَ حَمْلُها، والاسم الإِتاوةُ.
والإِتاءُ: ما يخرج من إِكالِ الشجر؛ قال عبدُ الله بن رَواحة
الأَنصاري:هُنالِك لا أُبالي نَخْلَ بَعْلٍ
ولا سَقْيٍ، وإِن عَظُمَ الإِتاءُ
عَنى بهنالِك موضعَ الجهاد أَي أَستشهد فأُرْزَق عند الله فلا أُبالي
نخلاً ولا زرعاً؛ قال ابن بري: ومثله قول الآخر:
وبَعْضُ القَوْلِ ليس له عِناجٌ،
كمخْضِ الماء ليس له إِتاءُ
المُرادُ بالإِتاء هنا: الزُّبْد. وإِتاءُ النخلة: رَيْعُها وزَكاؤها
وكثرة ثَمَرِها، وكذلك إِتاءُ الزرع رَيْعه، وقد أَتَت النخلةُ وآتَتْ
إِيتاءً وإِتاءً. وقال الأَصمعي: الإِتاءُ ما خرج من الأَرض من الثمر وغيره.
وفي حديث بعضهم: كم إِتاءٌ أَرضِك أَي رَيْعُها وحاصلُها، كأَنه من
الإِتاوةِ، وهو الخَراجُ. ويقال للسقاء إِذا مُخِض وجاء بالزُّبْد: قد جاء
أَتْوُه. والإِتاءُ: النَّماءُ. وأَتَتِ الماشيةُ إِتاءً: نَمَتْ، والله
أَعلم.
@أثا: أَثَوْتُ الرجلَ وأَثَيْتُه وأَثَوْتُ به وأَثَيْتُ به وعليه
أَثْواً وأَثْياً وإِثاوةً: وشَيْتُ به وسَعَيْتُ عند السلطان، وقيل:
وَشَيْتُ به عند من كان، من غير أَن يُخَصَّ به السلطانُ، والمصدر الأَثْوُ
والأَثْيُ والإِثاوةُ والإثايَة، ومنه سميت الأُثايةُ
(* قوله «ومنه سميت
الإثاية» عبارة القاموس: وإثاية، بالضم ويثلث، موضع بين الحرمين فيه مسجد
نبوي أو بئر دون العرج عليها مسجد للنبي، صلى الله عليه وسلم). الموضع
المعروف بطريق الجُحْفةِ إِلى مكة، وهي فُعالةٌ منه، وبعضهم يكسر همزتها.
أَبو زيد: أَثَيْتُ به آثي إِثاوةً إِذا أَخبرْتَ بعُيُوبه الناسَ. وفي حديث
أَبي الحرث الأَزْديّ وغريمه: لآتِيَنَّ عَلِيّاً فلآثِيَنَّ بك أَي
لأَشِيَنَّ بك. وفي الحديث: انطلقت إِلى عمر آثي على أَبي موسى الأَشعري.
الجوهري: أَثا بِه يأْثو ويأْثي أَيضاً أَي وَشى به؛ ومنه قول الشاعر: ذو
نَيْرَبٍ آثِ؛ هكذا أَورده الجوهري؛ قال ابن بري صوابه:
ولا أَكون لكم ذا نَيْرَبٍ آث
قال: ومثله قول الآخر:
وإِنّ امْرَأً يأْثُو بِسادة قَوْمهِ
حَريٌّ، لعَمْري، أَن يُذَمَّ ويُشْتَما
قال: وقال آخر:
ولَسْتُ، إِذا وَلَّى الصَّديقُ بِوُدِّهِ،
بمُنْطَلِق آثُو عليه وأَكْذِبُ
قال ابن بري: والمُؤْتَثي الذي يُكْثِر الأَكلَ فيعطَش ولا يَرْوى.
@أحا:
(* قوله «أحا إلخ» هكذا في الأصل بالحاء، وعبارة القاموس وشرحه:
أجي أجي كذا في النسخ بالجيم وهو غلط، والصواب بالحاء وقد أهمله الجوهري،
وهو دعاء للنعجة، يائي، والذي في اللسان: احو احو كلمة تقال للكبش إذا أمر
بالسفاد وهو عن «ابن الدقيش» فعلى هذا هو واوي). أَحُو إَحُو: كلمة
تقال للكبش إِذا أُمِر بالفساد.
@أحيا: ابن الأَثير: أَحْيا،بفتح الهمزة وسكون الحاء وياء تحتها نقطتان،
ماء بالحجاز كانت به غَزْوة عُبيدة ابن الحرث بنِ عبد المُطَّلب، ويأْتي
ذكره في حيا.
@أخا: الأَخُ من النسَب: معروف، وقد يكون الصديقَ والصاحِبَ، والأَخا،
مقصور، والأَخْوُ لغتان فيهِ حكاهما ابن الأَعرابي؛ وأَنشد لخُليجٍ
الأَعْيَويّ:
قد قلتُ يوماً، والرِّكابُ كأَنها
قَوارِبُ طَيْرٍ حان منها وُرُودُها
لأَخْوَيْنِ كانا خيرَ أَخْوَيْن شِيمةً،
وأَسرَعه في حاجة لي أُريدُها
حمَل أَسْرَعه على معنى خَيْرَ أَخْوَين وأَسرَعه كقوله:
شَرّ يَوْمَيْها وأَغْواهُ لها
وهذا نادرٌ. وأَما كراع فقال: أَخْو، بسكون الخاء، وتثنيته أَخَوان،
بفتح الخاء؛ قال ابن سيده: ولا أَدري كيف هذا. قال ابن بري عند قوله تقول في
التثنية أَخَوان. قال: ويَجيء في الشعر أَخْوان، وأَنشد بيت خُلَيْج
أَيضاً: لأَخْوَيْن كانا خيرَ أَخْوَين. التهذيب: الأَخُ الواحد، والاثنان
أَخَوان، والجمع إِخْوان وإِخْوة. الجوهري: الأَخُ أَصله أَخَوٌ،
بالتحريك، لأَنه جُمِع على آخاءٍ مثل آباء، والذاهب منه واوٌ لأَنك تقول في
التثنية أَخَوان، وبعض العرب يقول أَخانِ، على النقْص، ويجمع أَيضاً على
إِخْوان مثل خَرَب وخِرْبان، وعلى إِخْوةٍ وأُخْوةٍ؛ عن الفراء. وقد يُتَّسَع
فيه فيُراد به الاثنان كقوله تعالى: فإِن كان له إِخْوةٌ؛ وهذا كقولك
إِنَّا فعلنا ونحن فعلنا وأَنتُما اثنان. قال ابن سيده: وحكى سيبويه لا
أَخا، فاعْلَمْ، لكَ، فقوله فاعْلم اعتراض بين المضاف والمضاف إِليه، كذا
الظاهر، وأَجاز أَبو علي أَن يكون لك خبراً ويكون أَخا مقصوراً تامّاً غير
مضاف كقولك لا عَصا لك، والجمع من كل ذلك أَخُونَ وآخاءٌ وإِخْوانٌ
وأُخْوان وإِخْوة وأُخوة، بالضم؛ هذا قول أَهل اللغة، فأَما سيبويه فالأُخْوة،
بالضم، عنده اسم للجمع وليس بِجَمْع، لأَن فَعْلاً ليس مما يكسَّر على
فُعْلة، ويدل على أَن أَخاً فَعَلَ مفتوحة العين جمعهم إِيَّاها على
أَفْعال نحو آخاء؛ حكاه سيبويه عن يونس؛ وأَنشد أَبو علي:
وَجَدْتُم بَنيكُم دُونَنا، إِذْ نُسِبْتُمُ،
وأَيٌّ بَني الآخاء تَنْبُو مَناسِبُهْ؟
وحكى اللحياني في جمعه أُخُوَّة، قال: وعندي أَنه أُخُوّ على مثال
فُعُول، ثم لحقت الهاء لتأْنيث الجمع كالبُعُولةِ والفُحُولةِ. ولا يقال أَخو
وأَبو إِلاّ مُضافاً، تقول: هذا أَخُوك وأَبُوك ومررت بأَخِيك وأَبيك
ورأَيت أَخاكَ وأَباكَ، وكذلك حَموك وهَنُوك وفُوك وذو مال، فهذه الستة
الأَسماء لا تكون موحَّدة إِلاَّ مضافة، وإِعرابُها في الواو والياء والأَلِف
لأَن الواو فيها وإِن كانت من نفْس الكلمة ففيها دليل على الرفع، وفي
الياء دليل على الخفض، وفي الأَلف دليل على النصْب؛ قال ابن بري عند قوله
لا تكون موحَّدة إِلاّ مضافة وإِعرابُها في الواو والياء والأَلِف، قال:
ويجوز أَن لا تضاف وتُعْرب بالحرَكات نحو هذا أَبٌ وأَخٌ وحَمٌ وفَمٌ ما
خلا قولهم ذو مالٍ فإِنه لا يكون إِلاَّ مضافاً، وأَما قوله عز وجل: فإِن
كان له إِخْوةٌ فَلأُمِّه السُّدُسُ، فإِنَّ الجمع ههنا موضوع موضِع
الاثنين لأَن الاثنين يُوجِبان لها السدُس. والنسبةُ إِلى الأَخِ أَخَوِيّ،
وكذلك إِلى الأُخت لأَنك تقول أَخوات، وكان يونس يقول أُخْتِيّ، وليس
بقياس. وقوله عز وجلّ: وإِخْوانُهُم يَمُدُّونَهم في الغَيِّ؛ يعني بإِخوانهم
الشياطين لأَن الكفار إِخوانُ الشياطين. وقوله: فإِخْوانكم في الدين أَي
قد دَرَأَ عنهم إِيمانُهم وتوبتُِم إِثْمَ كُفْرهم ونَكْثِهم العُهودَ.
وقوله عز وجل: وإِلى عادٍ أَخاهم هُوداً؛ ونحوه قال الزجاج، قيل في
الأَنبياء أَخوهم وإِن كانوا كَفَرة، لأَنه إِنما يعني أَنه قد أَتاهم بشَر
مثلهم من وَلَد أَبيهم آدم، عليه السلام، وهو أَحَجُّ، وجائز أَن يكون
أَخاهم لأَنه من قومهم فيكون أَفْهَم لهم بأَنْ يأْخذوه عن رجُل منهم.
وقولهم: فلان أَخُو كُرْبةٍ وأَخُو لَزْبةٍ وما أَشبه ذلك أَي صاحبها. وقولهم:
إِخْوان العَزاء وإِخْوان العَمل وما أَشبه ذلك إِنما يريدون أَصحابه
ومُلازِمِيه، وقد يجوز أَن يَعْنوا به أَنهم إِخْوانه أَي إِخْوَتُه الذين
وُلِدُوا معه، وإِن لم يُولَد العَزاء ولا العمَل ولا غير ذلك من
الأَغْراض، غير أَنَّا لم نسمعهم يقولون إِخْوة العَزاء ولا إِخْوة العمَل ولا
غيرهما، إِنما هو إِخْوان، ولو قالوه لجَاز، وكل ذلك على المثَل؛ قال
لبيد:إِنَّما يَنْجَحُ إِخْوان العَمَلْ
يعني من دَأَبَ وتحرَّك ولم يُقِمْ؛ قال الراعي:
على الشَّوْقِ إِخْوان العَزاء هَيُوجُ
أَي الذين يَصْبِرُون فلا يَجْزَعون ولا يَخْشعون والذين هم أَشِقَّاء
العمَل والعَزاء. وقالوا: الرُّمْح أَخوك وربما خانَك. وأَكثرُ ما يستعمل
الإِخْوانُ في الأَصْدِقاء والإِخْوةُ في الوِلادة، وقد جمع بالواو
والنون، قال عَقِيلُ بن عُلَّفَة المُرِّيّ:
وكان بَنُو فَزارةَ شَرَّ قوم،
وكُنْتُ لهم كَشَرِّ بَني الأَخِينا
قال ابن بري: وصوابه:
وكانَ بَنُو فَزارة شرَّ عَمّ
قال: ومثله قول العبَّاس بن مِرْداس السلميّ:
فقُلْنا: أَسْلموا، إِنَّا أَخُوكُمْ،
فقد سَلِمَتْ من الإِحَنِ الصُّدورُ
التهذيب: هُمُ الإِخْوةُ إِذا كانوا لأَبٍ، وهم الإِخوان إِذا لم يكونوا
لأَب. قال أَبو حاتم: قال أَهلُ البَصْرة أَجمعون الإِخْوة في النسَب،
والإخْوان في الصداقة. تقول: قال رجل من إِخواني وأَصْدِقائي، فإِذا كان
أَخاه في النسَب قالوا إِخْوَتي، قال: وهذا غلَط، يقال للأَصْدِقاء وغير
الأَصْدِقاء إِخْوة وإِخْوان. قال الله عز وجل: إِنَّما المُؤْمنون
إِخْوةٌ، ولم يعنِ النسب، وقال: أَو بُيُوتِ إِخْوانِكم، وهذا في النسَب، وقال:
فإِخْوانُكم في الدين ومواليكمْ. والأُخْتُ: أُنثى الأَخِ، صِيغةٌ على
غير بناء المذكر، والتاء بدل من الواو، وزنها فَعَلَة فنقلوها إِلى فُعْل
وأَلحَقَتْها التاءُ المُبْدَلة من لامِها بوزن فُعْل، فقالوا أُخْت،
وليست التاء فيها بعلامة تأْنيث كما ظنَّ مَنْ لاخِبْرَة له بهذا الشأْن،
وذلك لسكون ما قبلها؛ هذا مذهب سيبويه، وهو الصحيح، وقد نصَّ عليه في باب
ما لا ينصرف فقال: لو سمَّيت بها رجلاً لصَرَفْتها مَعْرِفة، ولو كانت
للتأْنيث لما انصرف الاسم، على أَن سيبويه قد تسمَّح في بعض أَلفاظه في
الكتاب فقال هي علامة تأْنيث، وإِنما ذلك تجوُّز منه في اللفظ لأَنه أَرْسَله
غُفْلاً، وقد قيَّده في باب ما لا ينصرف، والأخْذُ بقوله المعلّل أَقْوى
من الأَخْذ بقوله الغُفْل المُرْسَل، ووجه تجوُّزه أَنه لمَّا كانت
التاء لا تبدَل من الواو فيها إِلا مع المؤنث صارت كأَنها علامة تأْنيث،
وأَعني بالصيغة فيها بناءها على فُعْل وأَصلها فَعَل، وإِبدال الواو فيها
لازم لأَنَّ هذا عمل اختص به المؤنث، والجمع أَخَوات. الليث: تاء الأُخْت
أَصلُها هاء التأْنيث. قال الخليل: تأْنيث الأَخِ أُخْت، وتاؤها هاء،
وأُخْتان وأَخَوات، قال: والأَخُ كان تأْسِيس أَصل بنائه على فَعَل بثلاث
متحرِّكات، وكذلك الأَب، فاستثقلوا ذلك وأَلْقَوُا الواو، وفيها ثلاثة
أَشياء: حَرْف وصَرْف وصَوْت، فربَّما أَلْقَوُا الواو والياء بصرفها
فأَبْقَوْا منها الصوْت فاعتَمد الصوْت على حركة ما قبله، فإِن كانت الحركة فتحة
صار الصوت منها أَلفاً لَيِّنة، وإِن كانت ضمَّة صار معها واواً ليِّنَة،
وإِن كانت كسرة صار معها ياء لَيِّنة، فاعتَمد صوْتُ واوِ الأَخِ على
فتحة الخاء فصار معها أَلِفاً لَيِّنة أَخا وكذلك أَبا، فأَما الأَلف
الليِّنة في موضع الفتح كقولك أَخا وكذلك أَبا كأَلف رَبا وغَزا ونحو ذلك،
وكذلك أَبا، ثم أَلْقَوا الأَلف استخفافاً لكثرة استعمالهم وبقيت الخاء على
حركتها فجَرَتْ على وُجوه النحو لقِصَر الاسم، فإِذا لم يُضِيفُوه
قَوَّوْهُ بالتنوين، وإِذا أَضافوا لم يَحْسُن التنوين في الإِضافة فَقَوَّوْهُ
بالمدِّ فقالوا أَخو وأَخي وأَخا، تقول أَخُوك أَخُو صِدْقٍ وأَخُوك أَخٌ
صالحٌ، فإِذا ثَنَّوْا قالوا أَخَوان وأَبَوان لأَن الاسم متحرِّك
الحَشْو، فلم تَصِرْ حركتُه خَلَفاً من الواو الساقِط كما صارت حركةُ الدالِ
من اليَدِ وحركة الميم من الدَّمِ فقالوا دَمان ويَدان؛ وقد جاء في الشعر
دَمَيان كقول الشاعر:
فلَوْ أَنَّا على حَجَرٍ ذُبِحْنا،
جَرى الدَّمَيان بالخَبَر اليَقِينِ
وإِنما قال الدَّمَيان على الدَّمَا كقولك دَمِيَ وَجْهُ فلان أَشَدَّ
الدَّما فحرَّك الحَشْو، وكذلك قالوا أَخَوان. وقال الليث: الأُخْت كان
حدُّها أَخَةً، فصار الإِعراب على الهاء والخاء في موضع رفْع، ولكنها
انفتحت بِحال هاء التأْنيث فاعتَمدتْ عليه لأَنها لا تعتمد إِلا على حَرْف
متحرِّك بالفتحة وأُسكنت الخاء فحوِّل صَرْفُها على الأَلف، وصارتِ الهاء
تاء كأَنها من أَصل الكلمة ووقعَ الإِعرابُ على التاء وأُلزمت الضمةُ التي
كانت في الخاء الأَلفَ، وكذلك نحوُ ذلك، فافْهَمْ. وقال بعضهم: الأَخُ
كان في الأَصل أَخْوٌ، فحذفت الواوُ لأَنَّها وقعَتْ طَرَفاً وحرِّكت
الخاءُ، وكذلك الأَبُ كان في الأَصل أَبْوٌ، وأمَّا الأُخْتُ فهي في الأَصل
أَخْوة، فحذِفت الواو كما حُذِفَتْ من الأَخِ، وجُعِلتِ الهاءُ تاءً
فنُقلَتْ ضمَّة الواو المحذوفة إِلى الأَلف فقيل أُخْت، والواوُ أُختُ
الضمَّة. وقال بعضُ النحويِّين: سُمِّي الأَخُ أَخاً لأَنَّ قَصْده قَصْد
أَخيه، وأَصله من وَخَى أَي قَصَد فقلبت الواو همزة. قال المبرّد: الأَبُ
والأَخُ ذَهَبَ منهما الواوُ، تقول في التثنية أَبَوانِ وأَخوانِ، ولم
يسَكِّنوا أَوائلهما لئلاَّ تدخُل أَلفُ الوَصْل وهي همزة على الهمزة التي في
أَوائلهما كما فعلوا في الابْنِ والاسْمِ اللَّذَيْنِ بُنِيا على سكون
أَوائلهما فَدَخَلَتْهما أَلفُ الوَصْل. الجوهري: وأُخْت بَيِّنة
الأُخُوَّة، وإِنما قالوا أُخْت، بالضم، ليدلّ على أَن الذاهِبَ منه واوٌ، وصحَّ
ذلك فيها دون الأَخِ لأَجل التاء التي ثَبَتَتْ في الوَصْل والوَقف كالاسْم
الثلاثيّ. وقالوا: رَماه الله بلَيْلةٍ لا أُختَ لها، وهي ليلة يَموت.
وآخَى الرجلَ مُؤَاخاةً وإِخاءً ووخاءً. والعامَّة تقول وَاخاهُ، قال
ابن بري: حكى أَبو عبيد في الغَرِيب المصنَّف ورواه عن الزَّيْدِيِّين
آخَيْتَ وواخَيتَ وآسَيْتَ ووَاسَيْتَ وآكَلْتَ وواكَلْتَ، ووجه ذلك من جِهة
القِياس هو حَمْل الماضي على المُسْتقبل إِذ كانوا يقولون يُواخِي، بقلب
الهمزة واواً على التخفيف، وقيل: إِنَّ وَاخاهُ لغة ضعيفة، وقيل: هي بدل.
قال ابن سيده: وأَرَى الوِخاءَ عليها والاسم الأُخُوَّة، تقول: بيني
وبينه أُخوَّة وإِخاءٌ، وتقول: آخَيْتُه على مثال فاعَلْته، قال: ولغة طيِّء
واخَيْته. وتقول: هذا رجل من آخائي بوزن أَفْعالي أَي من إِخواني. وما
كنتَ أَخاً ولقد تأَخَّيْت وآخَيْت وأَخَوْت تَأْخُو أُخُوَّة وتآخَيا،
على تفاعَلا، وتأَخَّيْت أَخاً أَي اتَّخَذْت أَخاً. وفي الحديث: أَن
النبي، صلى الله عليه وسلم، آخَى بين المُهاجرين والأَنصار أَي أَلَّف بينهم
بأُخُوَّةِ الإِسلامِ والإِيمانِ. الليث: الإِخاءُ المُؤَاخاةُ
والتأَخِّي، والأُخُوَّة قَرابة الأَخِ، والتأَخِّي اتّخاذُ الإِخْوان. وفي صفة
أَبي بكر: لو كنتُ مُتَّخِذاً خليلاً لاتَّخَذت أَبا بكر خليلاً، ولكن
خُوَّة الإِسلام؛ قال ابن الأَثير: كذا جاءَ في رواية، وهِي لغة في
الأُخُوَّة. وأَخَوْت عشرةً أَي كنت لهم أَخاً. وتأَخَّى الرجلَ: اتَّخذه أَخاً
أَو دعاه أَخاً. ولا أَخا لَك بفلان أَي ليس لك بأَخٍ؛ قال النَّابغة:
وأَبْلغْ بني ذُبيان أَنْ لا أَخا لَهُمْ
بعبْسٍ، إِذا حَلُّوا الدِّماخَ فأَظْلَما
وقوله:
أَلا بَكَّرَ النَّاعِي بأَوْسِ بن خالدٍ،
أَخِي الشَّتْوَةِ الغَرَّاء والزَّمَن المَحْلِ
وقول الآخر:
أَلا هَلَك ابنُ قُرَّان الحَمِيدُ،
أَبو عمرو أَخُو الجُلَّى يَزِيدُ
قال ابن سيده: قد يجوز أَن يعنيا بالأَخ هنا الذي يَكْفِيهما ويُعِينُ
عليهما فيَعودُ إِلى معنى الصُّحْبة، وقد يكون أَنهما يَفْعَلان فيهما
الفِعْل الحسَن فَيُكْسِبانه الثناء والحَمْد فكأَنه لذلك أَخٌ لهما؛
وقوله:والخَمْرُ ليستْ من أَخيك ولـ
ـكنْ قد تَغُرُّ بآمِنِ الحِلْمِ
فَسَّره ابن الأَعرابي فقال: معناه أنَّها ليستْ بمحابيَتِك فتكفَّ عنك
بَأْسَها، ولكنَّها تَنْمِي في رأْسِك، قال: وعندي أَن أَخيك ههنا جمع
أَخ لأَنَّ التَّبعِيض يقتضي ذلك، قال: وقد يجوز أن يكون الأَخُ ههنا
واحداً يُعْنى به الجمعُ كما يَقَعُ الصديقُ على الواحد والجمع. قال تعالى:
ولا يسأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً يُبَصَّرونَهم؛ وقال:
دَعْها فما النَّحْوِيّ من صَدِيقِها
ويقال: تركتهُ بأَخِي الخيَر أي تركتهُ بِشَرٍّ. وحكى اللحياني عن أَبي
الدِّينار وأَبي زِىاد: القومُ بأَخِي الشَّرِّ أي بِشَرٍّ. وتأَخَّيْت
الشيء: مثل تحَرَّيْتُه. الأَصمعي في قوله: لا أُكَلِّمُه إلا أَخا
السِّرار أي مثل السِّرار. ويقال: لَقِي فلان أَخا الموت أَي مثل الموت؛
وأَنشد:لقَدْ عَلِقَتْ كَفِّي عَسِيباً بِكَزَّةٍ
صَلا آرِزٍ لاقَى أَخا الموتِ جاذِبُهْ
وقال امرؤ القيس:
عَشِيَّة جاوَزْنا حَماةَ، وسَيْرُنا
أَخُو الجَهْدِ لا يُلْوِي على مَن تَعذَّرا
أي سَيرنُا جاهِدٌ. والأَرْزُ: الضِّيقُ والاكْتِناز. يقال: دخَلْت
المسجد فكان مأْرَزاً أَي غاصّاً بأَهْلِه؛ هذا كله من ذوات الألف، ومن ذوات
الياء الأَخِيَة والأَخِيَّةُ، والآخِيَّة، بالمدّ والتشديد، واحدة
الأَواخي: عُودٌ يُعَرَّض في الحائط ويُدْفَن طَرَفاه فيه ويصير وسَطه
كالعُروة تُشدُّ إليه الدابَّة؛ وقال ابن السكيت: هو أن يُدْفَن طَرَفا قِطْعَة
من الحَبْل في الأَرض وفيه عُصَيَّة أو حُجَيْر ويظهر منه مثل عُرْوَةٍ
تُشدُّ إليه الدابة، وقيل: هو حَبْل يُدْفن في الأَرض ويَبْرُزُ طَرَفه
فيشَدُّ به. قال أَبو منصور: سمعت بعضَ العرب يقول للحبْل الذي يُدْفَن في
الأَرض مَثْنِيّاً ويَبْرُز طَرفاه الآخران شبه حلقة وتشدّ به الدابة
آخِيَةٌ. وقال أَعرابي لآخر: أَخِّ لي آخِيَّة أَربُط إليها مُهْرِي؛ وإنما
تُؤَخَّى الآخِيَّةُ في سُهولةِ الأَرَضِين لأنها أَرْفق بالخَيل من
الأَوتاد الناشزة عن الأَرض، وهي أَثبت في الأرض السَّهْلة من الوَتِد. ويقال
للأَخِيَّة: الإدْرَوْنُ، والجمع الأَدارِين. وفي الحديث عن أَبي سعيد
الخُدْرِي: مَثَلُ المؤمن والإيمان كمثَل الفَرس في آخِيَّتِه يحول ثم
يرجع إلى آخِيَّته، وإن المؤمن يَسْهو ثم يرجع إلى الإيمان؛ ومعنى الحديث
أَنه يبعُد عن رَبِّه بالذُّنوب، وأَصلُ إيمانه ثابت، والجمع أَخايَا
وأَواخِيُّ مشدّداً؛ والأَخايَا على غير قياس مثل خَطِيّة وخَطايا وعِلَّتُها
كعلَّتِها. قال أبو عبيد: الأَخِيَّة العُرْوة تُشَدُّ بها الدابة
مَثْنِيَّةً في الأرض. وفي الحديث: لا تَجْعَلوا ظهورَكم كأخايا الدوابِّ، يعني
في الصلاة، أي لا تُقَوِّسُوها في الصلاة حتى تصير كهذه العُرى. ولفُلان
عند الأمير آخِيَّةٌ ثابتة، والفعل أخَّيْت آخِيَّة تأْخِيةً. قال:
وتأَخَّيْتُ أنا اشتقاقُه من آخِيَّة العُود، وهي في تقدير الفعل فاعُولة،
قال: ويقال آخِيَةٌ، بالتخفيف، ويقال: آخى فلان في فُلان آخِيَة فكَفَرَها
إذا اصْطَنَعه وأَسدى إليه؛ وقال الكُمَيْت:
سَتَلْقَوْن ما آخِيّكُمْ في عَدُوِّكُم
عليكم، إذا ما الحَرْبُ ثارَ عَكُوبُها
ما: صِلَةٌ، ويجوز أن تكون ما بمعنى أيّ كأَنه قال سَتَلْقَوْن أيُّ شيء
آخِيُّكم في عَدوِّكم. وقد أَخَّيْتُ للدابَّة تَأْخِيَة وتَأَخَّيْتُ
الآخِيَّةَ. والأَخِيَّة لا غير: الطُّنُب. والأَخِيَّة أَيضاً: الحُرْمة
والذِّمَّة، تقول: لفلان أَواخِيُّ وأَسْبابٌ تُرْعى. وفي حديث عُمر:
أَنه قال للعباس أَنت أَخِيَّةُ آباءِ رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ أَراد
بالأَخِيَّةِ البَقِيَّةَ؛ يقال: له عندي أَخِيَّة أيب ماتَّةٌ
قَوِيَّةٌ ووَسِيلةٌ قَريبة، كأنه أراد: أَنت الذي يُسْتَنَدُ إليه من أَصْل رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، ويُتَمَسَّك به. وقوله في حديث ابن عُمر:
يتأَخَّى مُناخَ رسول الله أي يَتَحَرَّى ويَقْصِد، ويقال فيه بالواو أيضاً،
وهو الأَكثر.
وفي حديث السجود: الرجل يُؤخِّي والمرأَة تَحْتَفِزُ؛ أَخَّى الرجلُ إذا
جلس على قَدَمه اليُسرى ونَصَبَ اليُمْنى؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في
بعض كتب الغريب في حرف الهمزة، قال: والرواية المعروفة إنما هو الرجل
يُخَوِّي والمرأَة تَحْتَفِزُ. والتَّخْويةُ: أَن يُجافي بطنَه عن الأَرض
ويَرْفَعَها.
@أدا: أَدا اللَّبَنُ أُدُوّاً وأَدَى أُدِيّاً: خَثُرَ لِيَرُوبَ؛ عن
كراع، يائية وواوية. ابن بُزُرْج: أَدا اللَّبَنُ أُدُوّاً، مُثقَّل،
يأْدُو، وهو اللَّبَنُ بين اللَّبَنَيْنِ ليس بالحامِض ولا بالحُلْو. وقد
أَدَتِ الثمرةُ تأْدو أُدُوّاً، وهو اليُنُوعُ والنُّضْجُ. وأَدَوْتُ
اللَّبَن أَدْواً: مَخَضْتُه. وأَدى السِّقاءُ يأْدي أُدِيّاً: أَمْكن
ليُمْخَضَ. وأَدَوْتُ في مَشْيِي آدُو أَدْواً، وهو مَشْيٌ بين المَشْيَيْنِ ليس
بالسَّريع ولا البَطِيء. وأَدَوْت أَدْواً إذا خَتَلْت. وأَدا السَّبُعُ
للغزال يأْدُوا أَدْواً: خَتَلَه ليَأْكُله، وأَدَوْتُ له وأَدَوْتهُ
كذلك؛ قال:
حَنَتْني حانِياتُ الدَّهْر، حَتَّى
كأني خاتلٌ يَأْدُو لِصَيدِ
أبو زيد وغيره: أَدَوْتُ له آدُوا له أَدْواً إذا خَتَلْته؛ وأَنشد:
أَدَوْتُ له لآخُذَهُ؛
فَهَيْهاتَ الفَتى حَذِرا
نَصَبَ حَذِراً بفِعْلٍ مُضْمَر أي لا يزال حَذِراً؛ قال: ويجوز نصبه
على الحال لأَن الكلام تَمَّ بقوله هيهات كأَنه قال بَعُدَ عني وهو حَذِر،
وهو مثل دَأَى يَدْأَي سواء بمعناه. ويقال: الذئب يأْدُو للغَزال أي
يَخْتِلُه ليأْكُلَه؛ قال:
والذئب يأْدُو للغَزال يأْكُلُهْ
الجوهري: أَدَوْتُ له وأَدَيْتُ أي خَتَلْتُه؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
تَئِطُّ ويأْدُوها الإفالُ، مُرِبَّةً
بأَوطانها مِنْ مُطْرَفاتِ الحَمائل
قال: يأْدوها يَخْتِلُها عن ضُرُوعِها، ومُرِبَّة أَي قلوبها مُرِبَّة
بالمواضع التي تَنْزِعُ إليها، ومُطْرَفات: أُطْرِفوها غَنيمةً من غيرهم،
والحمَائل: المحتَمَلة إليهم المأْخوذة من غيرهم، والإداوَةُ:
المَطْهَرة. ابن سيده وغيره: الإداوَةُ للماء وجمعها أَداوى مثل المَطايا؛
وأَنشد:يَحْمِلْنَ قُدَّامَ الجَآ
جِئ في أَداوى كالمَطاهِر
يَصِف القَطا واسْتِقاءَها لفِراخِها في حَواصلها؛ وأنشد الجوهري:
إذا الأَداوى ماؤُها تَصَبْصَبا
وكان قياسه أَدائيَ مثل رِسالة ورَسائِل، فتَجَنَّبُوه وفعلوا به ما
فعلوا بالمَطايا والخطايا فجعلوا فَعائل فَعالى، وأَبدلوا هنا الواو ليدل
على أَنه قد كانت في الواحدة واو ظاهرة فقالوا أَداوى، فهذه الواو بدل من
الأَلف الزائدة في إداوَة، والألف التي في آخر الأَداوى بدل من الواو في
إداوَة، وأَلزموا الواو ههنا كما أَلزموا الياء في مَطايا، وقيل: إنما
تكون إداوة إذا كانت من جلدين قُوبِلَ أَحدهما بالآخر. وفي حديث المغيرة:
فأَخَذْتُ الإداوَة وخَرَجْتُ معه؛ الإداوَةُ، بالكسر: إناء صغير من جلد
يُتَّخَذُ للماء كالسَّطِيحة ونحوها. وإداوة الشيء وأَداوته: آلَتُه. وحكى
اللحياني عن الكسائي أَن العرب تقول: أَخَذَ هَداته أي أَداته، على
البدل. وأَخَذَ للدهر أَداتَه: من العُدَّة. وقد تَآدى القومُ تَآدِياً إذا
أَخذوا العدَّة التي تُقَوِّيهم على الدهر وغيره. الليث: أَلِفُ الأَداةِ
واو لأن جمعها أَدَواتٌ. ولكل ذي حِرْفة أَداةٌ: وهي آلته اتلتي تُقيم
حرفته. وفي الحديث: لا تَشْرَبوا إلا من ذي إداء، بالكسر والمد: الوِكاءُ
وهو شِدادُ السِّقاء. وأَداةُ الحَرْبِ: سِلاحُها. ابن السكيت: آدَيْتُ
للسَّفَر فأَنا مُؤْدٍ له إذا كنت متهيِّئاً له. ونحن على أَدِيٍّ للصَّلاة
أَي تَهَيُّؤٍ. وآدى الرجلُ أيضاً أي قَويَ فهو مُؤْدٍ، بالهمز، أي شاكِ
السِّلاح؛ قال رؤبة:
مُؤْدين يَحْمِينَ السَّبيل السَّابلا
ورجل مُؤدٍ: ذو أَداةٍ، ومُؤدٍ: شاكٍ في السلاح، وقيل: كاملُ أَداةِ
السلاح. وآدى الرجلُ، فهو مُؤدٍ إذا كان شاكَ السلاح، وهو من الأَداة. وتآدى
أَي أَخذ للدهر أَداةً؛ قال الأَسود بن يَعْفُر:
ما بَعْدَ زَيدٍ في فَتاةٍ فُرِّقُوا
قَتْلاَ وسَبْياً بَعْدَ حُسْنِ تَآدي
وتَخَيَّروا الأَرضَ الفَضاء لِعِزِّهم،
ويَزيدُ رافِدُهم على الرُّفَّادِ
قوله: بعد حُسْنِ تَآدي أي بعد قُوَّة. وتَآدَيْتُ للأَمر: أَخذت له
أَداتَه. ابن بُزُرْج: يقال هل تآدَيْتُم لذلك الأَمر أي هل تأَهَّبْتم. قال
أَبو منصور: هو مأْخوذ من الأَداة، وأَما مُودٍ بلا همز فهو من أَوْدى
أَي هَلَك؛ قال الراجز:
إني سَأُوديك بسَيْرٍ وَكْنِ
قال ابن بري: وقيل تَآدى تَفاعَل من الآدِ، وهي القُوَّة، وأَراد
الأَسود بن يَعْفُر بزيد زَيْدَ بن مالك ابن حَنْظَلة، وكان المنذر خطب إليهم
امرأَة فأَبوا أَن يزوجوه إياها فغزاهم وقتل منهم. ويقال: أَخَذْت لذلك
الأمر أَديَّه أي أُهْبَتَه. الجوهري: الأَداةُ الآلة، والجمع الأَدَوات.
وآداهُ على كذا يُؤْدِيهِ إيداءً: قَوَّاه عليه وأَعانَه. ومَنْ يُؤْدِيني
على فلان أي من يُعِينني عليه؛ شاهده قول الطِّرِمَّاح ابن حكيم:
فيُؤْدِيهِم عَليَّ فَتاءُ سِنِّي،
حَنانَكَ رَبَّنا، يا ذا الحَنان
وفي الحديث: يَخْرجُ من قِبَل المَشْرق جَيْش آدَى شَيءٍ وأَعَدُّهُ،
أَمِيرُهُم رَجُلٌ طُوالٌ، أَي أقوى شيء. يقال: آدِني عليه، بالمد، أي
قَوِّني. ورجل مؤْدٍ: تامُّ السلاح كاملُ أَداةِ الحرب؛ ومنه حديث ابن مسعود:
أَرأَيْتَ رجلاً خرَج مُؤْدِياً نَشِيطاً؟ وفي حديث الأَسود بن يزيد في
قوله تعالى: وإنَّا لَجَمِيعٌ حَذِرُونَ، قال: مُقْوُون مُؤْدون أَي
كاملو أَداة الحَرْب. وأَهل الحجاز يقولون آدَيْتُه على أَفْعَلْته أي
أَعَنْته. وآداني السلطانُ عليه: أَعْداني. واسْتأْدَيْته عليه: اسْتَعْدَيته.
وآدَيْته عليه: أَعَنْتُه، كله منه. الأَزهري: أهل الحجاز يقولون
اسْتأْدَيت السلطانَ على فلان أي اسْتَعَدَيَتْ فآداني عليه أي أَعْداني
وأَعانَني. وفي حديث هِجْرة الحَبَشة قال: والله لأَسْتَأْدِيَنَّه عليكم أَي
لأَسْتعدِيَنَّه، فأَبدل الهمزة من العين لأَنهما من مخرج واحد، يريد
لأَشْكُوَنَّ إليه فِعْلَكُم بي لِيُعْدِيَني عليكم ويُنْصِفَني منكم. وفي
ترجمة عدا: تقول اسْتَأْداه، بالهمز، فآداه أي فأَعانه وقَوَّاه. وآدَيْتُ
للسفر فأَنا مؤْدٍ له إذا كنت متهيئاً له. وفي المحكم: اسْتعدَدْت له
وأَخذت أَداتَه. والأَدِيُّ: السَّفَر من ذلك؛ قال:
وحَرْفٍ لا تَزالُ على أَدِيٍّ
مُسَلَّمَةِ العُرُوق من الخُمال
وأُدَيَّة
(* أديَّة هي أم مرداس وقيل جدته). أَبو مِرْداس
الحَرُورِيُّ: إما أَن يكون تصغير أَدْوَة وهي الخَدْعَة، هذا قول ابن الأَعرابي،
وإما أَن يكون تصغير أَداة. ويقال: تآدَى القومُ تآدِياً وتَعادَوْا
تَعادِياً أَي تَتابَعُوا موتاً.
وغَنَمٌ أَدِيَّةٌ على فَعِيلة أَي قليلة. الأَصمعي: الأَدِيَّة تقدير
عَدِيَّة من الإبل القليلة العَدَد.
أَبو عمرو: الاداءُ
(* قوله «أبو عمرو الاداء» كذا في الأصل من غير ضبط
لأوله. وقوله «وجمعه أيدية» هكذا في الأصل أيضاً ولعله محرف عن آدية،
بالمد، مثل آنية). الخَوُّ من الرمل، وهو الواسع من الرمل، وجمعه
أَيْدِيَةٌ. والإدَةُ: زَماعُ الأَمر واجْتماعُه؛ قال الشاعر:
وباتوا جميعاً سالمِينَ، وأَمْرُهُم
على إدَةٍ، حتى إذا الناسُ أَصْبَحوا
وأَدَّى الشيءَ: أَوْصَلهُ، والاسم الأَداءُ. وهو آدَى للأَمانة منه،
بمد الأَلف، والعامةُ قد لَهِجوا بالخطإ فقالوا فلان أَدَّى للأَمانة، وهو
لحن غير جائز. قال أَبو منصور: ما علمت أَحداً من النحويين أَجاز آدَى
لأَن أَفْعَلِ في باب التعجب لا يكون إلا في الثلاثي، ولا يقال أَدَى
بالتخفيف بمعنى أَدَّى بالتشديد، ووجه الكلام أَن يقال: فلان أَحْسَنُ أَداءً.
وأَدَّى دَيْنَه تَأْدِيَةً أَي قَضاه، والاسم الأَداء. ويقال:
تأَدَّيْتُ إلى فلان من حقِّه إذا أَدَّيْتَه وقَضَيْته. ويقال: لا يَتَأَدَّى
عَبْدٌ إلى الله من حقوقه كما يَجِبُ. وتقول للرجل: ما أَدري كيف
أَتَأَدَّى إليك مِنْ حَقّ ما أَوليتني. ويقال: أَدَّى فلان ما عليه أَداءً
وتَأْدِيةً. وتَأَدَّى إليه الخَبرُ أَي انْتَهى. ويقال: اسْتأْداه مالاً إذا
صادَرَه واسْتَخْرَجَ منه. وأَما قوله عز وجل: أَنْ أَدُّوا إليَّ عبادَ
الله إني لَكُم رسول أَمين؛ فهو من قول موسى لِذَوِي فرعون، معناه
سَلِّموا إليَّ بني إسرائيل، كما قال: فأَرسل معي بني إسرائيل أَي أَطْلِقْهم من
عذابك، وقيل: نصب عبادَ الله لأَنه منادى مضاف، ومعناه أَدُّوا إليَّ ما
أَمركم الله به يا عباد الله فإني نذير لكم؛ قال أَبو منصور: فيه وجه
آخر، وهو أَن يكون أَدُّوا إليَّ بمعنى استمعوا إليَّ، كأَنه يقول أَدُّوا
إليَّ سمعكم أُبَلِّغكم رسالة ربكم؛ قال: ويدل على هذا المعنى من كلام
العرب قول أَبي المُثَلَّم الهُذَلي:
سَبَعْتَ رِجالاً فأَهْلَكْتَهُم،
فأَدَّ إلى بَعضِهم واقْرِضِ
أَراد بقوله أَدَّ إلى بعضهم أَي استمع إلى بعض من سَبَعْت لتسمع منه
كأَنه قال أدِّ سَمْعَك إليه. وهو بإدائه أَي بإزائه، طائية. وإناءٌ
أَدِيٌّ: صغير، وسِقاءٌ أَدِيٌّ: بَينَ الصغير والكبير، ومالٌ أَدِيٌّ ومتاع
أَدِيٌّ، كلاهما: قليل. ورجلٌ أَدِيٌّ ومتاع أَدِيٌّ، كلاهما: قليل. ورجلٌ
أَدِيٌّ: خفيف مشمِّر. وقَطَع الله أَدَيْه أَي يَدَيه. وثوب أَدِيٌّ
ويَدِيٌّ إذا كان واسعاً. وأَدَى الشيءُ: كَثُر. وآداهُ مالُه: كَثُرَ عليه
فَغلَبَه؛ قال:
إذا آداكَ مالُكَ فامْتَهِنْه
لِجادِيه، وإنْ قَرِعَ المُراحُ
وآدَى القومُ وتَآدَوْا: كَثُروا بالموضع وأَخصبوا.
@أذي: الأَذَى: كل ما تأَذَّيْتَ به. آذاه يُؤذِيه أَذىً وأَذاةً
وأَذِيَّةً وتَأَذَّيْت به. قال ابن بري: صوابه آذاني إيذاءً، فأَما أَذىً فمصدر
أَذِيَ أَذىً، وكذلك أَذاة وأَذِيَّة. يقال: أَذِيْت بالشيء آذَى أَذىً
وأَذاةً وأَذِيَّةً فأَنا أَذٍ؛ قال الشاعر:
لقَدْ أَذُوا بِكَ وَدُّوا لو تُفارِقُهُم،
أَذَى الهَراسةِ بين النَّعلِ والقَدَم
وقال آخر:
وإذا أَذِيتُ ببَلْدَةٍ فارَقْتُها،
ولا أُقيم بغَيرِ دَارِ مُقام
ابن سيده: أَذِيَ به أَذىً وتَأَذّى؛ أَنشد ثعلب:
تَأَذِّيَ العَوْدِ اشْتكى أن يُرْكَبا
والاسم الأَذِيَّةُ والأَذاة؛ أَنشد سيبويه:
ولا تَشْتُم المَوْلى وتَبْلُغْ أَذاتَهُ،
فإنَّك إن تَفْعَلْ تُسَفَّهْ وتَجْهَل
وفي حديث العَقيقة: أَمِيطوا عنه الأَذى، يريد الشعر والنجاسة وما يخرج
على رأْس الصبي حين يولد يُحْلَق عنه يوم سابعه. وفي الحديث: أَدْناها
إماطةُ الأَذَى عن الطريق، وهو ما يؤْذِي فيها كالشوك والحجر والنجاسة
ونحوها. وفي الحديث: كلُّ مُؤْذٍ في النار، وهو وعيد لمن يُؤْذِي الناس في
الدنيا بعقوبة النار في الآخرة، وقيل: أَراد كلّ مُؤذٍ من السباع والهوام
يُجْعَل في النار عقوبةً لأَهلها. التهذيب: ورجل أَذيٌّ إذا كان شديد
التأَذِّي، فِعْلٌ له لازمٌ، وبَعيرٌ أَذيٌّ. وفي الصحاح: بَعيرٌ أَذٍ على
فَعِلٍ، وناقة أَذِيَةٌ: لا تستقر في مكان من غير وجع ولكن خِلْقَةً كأَنها
تشكو أَذىً. والأَذِيُّ من الناس وغيرهم: كالأَذِي؛ قال:
يُصاحِبُ الشَّيطانَ مَنْ يُصاحِبُه،
فَهْوَ أَذيٌّ حَمَّةٌ مَصاوِبُه
(* قوله «حمة» كذا في الأصل بالحاء المهملة مرموزاً لها بعلامة
الإهمال).وقد يكون الأَذِيٌّ. وقوله عز وجل: وَدَعْ أَذاهم؛ تأْويلُه أَذى
المنافقين لا تُجازِهِمْ عليه إلى أَن تُؤْمَرَ فيهم بأَمر. وقد آذَيْتُه
إيذاءً وأَذِيَّةً، وقد تَأَذَّيْتُ به تَأَذِّياً، وأَذِيتُ آذى أَذىً، وآذى
الرجلُ: فَعَل الأَذى؛ ومنه قوله، صلى الله عليه وسلم، للذي تَخَطَّى
رِقاب الناس يَوْم الجُمُعَة: رأَيْتُك آذَيْتَ وآتَيْتَ.
والآذيُّ: المَوْجُ؛ قال امرؤ القيس يصف مطراً:
ثَجَّ، حَتَّى ضاق عن آذِيِّه
عَرْضُ خِيمٍ فحِفاف فَيُسُر
ابن شميل: آذيُّ الماء الأَطباق التي تراها ترفعها من مَتْنهِ الريحُ
دونَ المَوْج. والآذيُّ: المَوْجُ؛ قال المُغِيرة بن حَبْناء:
إذا رَمى آذِيُّهُ بالطِّمِّ،
تَرى الرِّجالَ حَوْلَه كالصُّمِّ،
من مُطْرِقٍ ومُنْصِتٍ مُرِمِّ
الجوهري: الآذيُّ مَوْجُ البحر، والجمع الأَواذيُّ؛ وأَنشد ابن بري
للعَجّاج:
طَحْطَحَهُ آذيُّ بَحْرٍ مُتْأَقِ
وفي حديث ابن عباس في تفسير قوله تعالى: وإذ أَخَذَ رَبُّك من بَني آدم
من ظُهورهم ذُرِّيَّاتِهم، قال: كأَنَّهم الذَّرُّ في آذِيِّ الماء.
الآذيُّ، بالمد والتشديد: المَوْجُ الشديد. وفي خُطْبَة علي، عليه السلام:
تَلْتَطِمُ أَو اذيُّ مَوْجِها. وإذا وإذْ: ظَرْفان من الزمان، فإذا لِمَا
يأْتي، وإذْ لِمَا مضى وهي محذوفة من إذا.
@أري: الأَصمعي: أَرَتِ القِدْرُ تَأْري أَرْياً إذا احترقت ولَصِقَ بها
الشيء، وأَرَتِ القِدْرُ تَأْري أَرْياً، وهو ما يَلْصَق بها من الطعام.
وقد أَرَتِ القِدْرُ أَرْياً: لَزِقَ بأَسفلها شيء من الاحتراق مثل
شاطَتْ؛ وفي المحكم: لَزِقَ بأَسفلها شِبْهُ الجُلْبَة السوداء، وذلك إذا لم
يُسَطْ ما فيها أو لم يُصَبَّ عليه ماء. والأَرْيُ: ما لَزِقَ بأَسفلها
وبقِي فيه من ذلك؛ المصدرُ والاسم فيه سواءٌ. وأَرْيُ القِدْرِ: ما
الْتَزَقَ بجوانبها من الحَرَق. ابن الأَعرابي: قُرارَة القِدر وكُدادتُها
وأَرْيُها. والأَرْيُ: العَسَلُ؛ قال لبيد:
بأَشْهَبَ مِنْ أَبكارِ مُزْن سَحابةٍ،
وأَرْيِ دَبُورٍ شارَهُ النَّحْلَ عاسلُ
وعَمَلُ النَّحْلِ أَرْيٌ أَيضاً؛ وأَنشد ابن بري لأَبي ذؤيب:
جَوارِسُها تَأْري الشُّعُوفَ
تَأْري: تُعَسِّل، قال: هكذا رواه عليّ بن حمزة وروى غيره تَأْوي. وقد
أَرَتِ النَّحْلُ تَأْري أَرْياً وتَأَرَّتْ وأْتَرَتْ: عَمِلَت العَسَل؛
قال الطرماح في صفة دَبْر العسل:
إذا ما تَأَرَّتْ بالخَليِّ، بَنَتْ به
شَريجَيْنِ مِمّا تَأْتَري وتُتِيعُ
(* قوله «إذا ما تأرت» كذا في الأصل بالراء، وفي التكملة بالواو).
شَريجَيْن: ضربين يعني من الشَّهْدِ والعسل. وتأْتري: تُعَسِّلُ،
وتُتِيعُ أَي تقيء العسلَ. والْتِزاقُ الأَرْي بالعَسَّالة ائْتِراؤه، وقيل:
الأَرْيُ ما تجمعه من العسل في أَجوافِها ثم تَلْفِظه، وقيل: الأَرْيُ
عَمَلُ النحل، وهو أَيضاً ما التَزَقَ من العسل في جوانب العَسَّالة، وقيل:
عَسَلُها حين تَرْمي به من أَفواهها؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
إذا الصُّدورُ أَظْهَرَتْ أَرْيَ المِئَر
إنما هو مستعار من ذلك، يعني ما جَمَعَتْ في أَجوافها من الغيظ كما
تَفْعَلُ النَّحْلُ إذا جمَعَتْ في أَفواهها العَسَل ثم مَجَّتْه. ويقال
للَّبَنِ إذا لَصِق وَضَرهُ بالإناء: قد أَرِيَ، وهو الأَرْيُ مثل
الرَّمْي.والتَّأَرِّي: جَمْع الرجل لِبَنِيه الطَّعامَ. وأَرَتِ الريحُ الماءَ:
صَبَّته شيئاً بعد شيء. وأَرْيُ السماءِ ما أَرَتْه الريح تَأْرِيه
أَرْياً فصَبَّته شيئاً بعد شيء، وقيل: أَرْيُ الريح عَمَلُها وسَوْقُها
السحابَ؛ قال زهير:
يَشِمْنَ بُرُوقَها، ويَرُشُّ أَرْيَ الـْ
جَنُوب، على حَواجِبها، العَماءُ
قال الليث: أَرادَ ما وقع من النَّدى والطَّلِّ على الشجر والعُشْب فلم
يَزَلْ يَلْزَقُ بعضهُ ببعض ويَكْثُرُ، قال أَبو منصور: وأَرْيُ الجَنوبِ
ما اسْتَدَرَّتْه الجَنوبُ من الغَمام إذا مَطَرَت. وأَرْيُ السحاب:
دِرَّتُه، قال أَبو حنيفة: أَصل الأَرْيِ العَمَل. وأَرْيُ النَّدى: ما وقع
منه على الشجر والعُشْب فالتزَق وكَثُر. والأَرْيُ: لُطاخةُ ما تأْكله.
وتَأَرَّى عنه: تَخَلَّف. وتَأَرَّى بالمكان وأْتَرى: احْتَبَس. وأَرَتِ
الدابَّةُ مَرْبَطَها ومَعْلَفَها أرْياً: لَزِمَتْه. والآرِيُّ والآري:
الأَخِيَّةُ. وأَرَّيْتُ لها: عَمِلْتُ لها آريّاً. قال ابن السكيت في
قولهم للمَعْلَف آرِيٌّ قال: هذا مما يضعه الناس في غير موضعه، وإنما
الآرِيُّ مَحْبِس الدابة، وهي الأَواري والأَواخِي، واحدتها آخِيِّةٌ، وآرِيٌّ
إنما هو من الفعل فاعُولٌ. وتَأَرَّى بالمكان إذا تَحَبَّس؛ ومنه قول
أَعشى باهِلة:
لا يَتَأَرَّى لِمَا في القِدْرِ يَرْقُبُه،
ولا يَعَضُّ على شُرْسُوفهِ الصَّفَر
(* قوله «لا يتأرى البيت» قال الصاغاني: هكذا وقع في أكثر كتب اللغة
وأخذ بعضهم عن بعض، والرواية:
لا يتأرى لما في القدر يرقبه
ولا يزال أمام القوم يقتفر
لا يغمز الساق من أين ولا نصب
ولا يعض على شرسوفه الصفر).
وقال آخر:
لا يَتَأَرَّوْنَ في المَضِيق، وإنْ
نادَى مُنادٍ كَيْ يَنْزِلوا، نَزَلوا
يقول: لا يَجْمَعون الطعام في الضِّيقة؛ وقال العجاج:
واعْتَادَ أَرباضاً لها آرِيُّ
من مَعْدِن الصِّيرانِ عُدْمُليُّ
قال: اعْتادَها أَتاها ورَجَع إليها، والأَرْباضُ: جمع رَبَضٍ وهو
المأْوى، وقوله له آرِيٌّ أَي لها آخِيَّةٌ من مَكانِس البقر لا تزول، ولها
أَصل ثابت في سكون الوحش بها، يعني الكِناس. قال: وقد تسمى الآخِيَّة
أَيضاً آرِيّاً، وهو حبل تُشَدُّ به الدابة في مَحْبِسها؛ وأَنشد ابن السكيت
للمُثَقِّب العبدي يصف فرساً:
داوَيْتُه بالمحْض، حتَّى شَتا
يَجْتَذِبُ الآرِيَّ بالمِرْوَد
أي مع المِرْوَدِ، وأَرادَ بآرِيِّه الرَّكاسَةَ المدفونةَ تحت الأَرض
المُثْبتةَ فيها تُشَدُّ الدابةُ من عُرْوتَها البارزة فلا تَقْلَعُها
لثباتها في الأَرض؛ قال الجوهري: وهو في التقدير فاعُولٌ، والجمع الأَوارِي،
يخفف ويشدّد. تقول منه: أَرَّيْتُ للدابة تَأْريَةً، والدابة تَأْري إلى
الدابَّة إذا انضمت إليها وأَلِفَتْ معها مَعْلَفاً واحداً، وآرَيْتُها
أَنا؛ وقول لبيد يصف ناقته:
تَسْلُبُ الكانِسَ لم يُوأَرْ بها
شُعْبَة السَّاقِ، إذا الظِّلُّ عَقَل
قال الليث: لم يُوأَرْ بها أَي لم يُذْعَرْ، ويروى لم يُورأْ بها أَي لم
يُشْعَرْ بها، قال: وهو مقلوب من أَرَيْتُه أَي أَعلمته، قال: ووزنه
الآن لم يُلْفَعْ، ويروى لم يُورَا، على تخفيف الهمزة، ويروى لم يُؤرَ بها،
بوزن لم يُعْرَ، من الأَرْي أي لم يَلْصَق بصدره الفَزَعُ، ومنه قيل: إن
في صَدْرِكَ عَليَّ لأَرْياً أَي لَطْخاً من حِقْد، وقد أَرى عليَّ
صَدْرُه. قال ابن بري: وروى السيرافي لم يُؤْرَ من أُوار الشمس، وأَصله لم
يُوأَرْ، ومعناه لم يُذْعَرْ أَي لم يُصِبْه حَرُّ الذُّعْر. وقالوا: أَرِيَ
الصَّدْرُ أَرْياً، وهو ما يثبت في الصدر من الضِّغْن. وأَرِيَ صدرُه،
بالكسر، أَي وَغِر. قال ابن سيده: أَرَى صَدْرُه عليَّ أَرْياً وأَرِيَ
اغتاظ؛ وقول الراعي:
لهَا بَدَنٌ عاسٍ ونارٌ كَرِيمةٌ
بمُعْتَلَجِ الآرِيِّ، بَيْنَ الصَّرائم
قيل في تفسيره: الآرِيُّ ما كان بين السَّهْل والحَزْن، وقيل: مُعْتَلَج
الآَرِيّ اسمُ أَرض. وتأَرَّى: تَحَزّن
(* قوله «وتأرّى تحزن» هكذا في
الأصل ولم نجده في كتب اللغة التي بأَيدينا). وأَرَّى الشيءَ: أَثبته
ومَكَّنه. وفي الحديث: اللهم أرِّ ما بَيْنَهم أَي ثَبِّت الوُدَّ ومَكِّنْه،
يدعو للرجل وامرأَته. وروى أَبو عبيدة: أَن رجلاً شكا إلى رسول الله،
صلى الله عليه وسلم، امرأَته فقال اللهم أَرِّ بَيْنَهما؛ قال أَبو عبيد:
يعني أَثبت بينهما؛ وأَنشد لأَعشى باهلة:
لا يَتَأَرَّى لِمَا في القِدْرِ يَرْقُبُه
البيت. يقول: لا يَتَلَبَّث ولا يَتَحَبَّس. وروى بعضهم هذا الحديث: أَن
النبي، صلى الله عليه وسلم، دعا بهذا الدعاء لعليّ وفاطمة، عليهما
السلام، وروى ابن الأَثير أَنه دعا لامرأَة كانت تَفْرَك زَوْجها فقال: اللهم
أَرِّ بينهما، أَي أَلِّف وأَثبت الوُدَّ بينهما، من قولهم الدابة
تَأْرِي للدابة إذا انضمَّت إليها وأَلِفَت معها مَعْلَفاً واحداً، وآرَيْتُها
أَنا، ورواه ابن الأَنباري: اللهم أَرِّ كلَّ واحد منهما صاحبَه أَي احبس
كل واحد منهما على صاحبه حتى لا ينصرف قلبه إلى غيره، من قولهم
تَأَرَّيْت بالمكان إذا احْتَبَسْت فيه، وبه سمِّيت الآخِيَّة آرِيّاً لأَنها
تمنع الدوابّ عن الانفلات، وسمي المَعْلَف آرِيّاً مجازاً، قال: والصواب في
هذه الرواية أَن يقال اللهم أَرِّ كل واحد منهما على صاحبه، فإن صحت
الرواية بحذف على فيكون كقولهم تَعَلَّقْتُ بفلان وتَعَلَّقتُ فلاناً؛ ومنه
حديث أَبي بكر: أَنه دفع إليه سيفاً ليقتل به رجلاً فاسْتَثْبَتَه فقال:
أَرِّ أَي مَكِّن وثَبِّتْ يدي من السيف، وروي: أَرِ مخففة، من الرؤْية
كأَنه يقول أَرِني بمعنى أَعْطِني. الجوهري: تَأَرَّيْت بالمكان أَقمت به؛
وأَنشد ببيت أَعشى باهلة أَيضاً:
لا يَتأَرَّى لِمَا في القِدْر يَرْقُبُه
وقال في تفسيره: أَي لا يَتَحَبَّس على إدراك القِدْر ليأْكل. قال أَبو
زيد: يَتَأَرَّى يَتَحَرَّى؛ وأَنشد ابن بري للحُطيئة:
ولا تَأَرَّى لِمَا في القِدْرِ يَرْقُبه،
ولا يَقُومُ بأَعْلى الفجر يَنْتَطِق
قال: وأَرَّيْت أَيضاً وإلى مَتى أَنت مُؤَرٍّ به. وأَرَّيْته:
اسْتَرْشَدَني فغَشَشْته. وأَرَّى النارَ: عَظَّمَها ورَفَعَها. وقال أَبو حنيفة:
أَرَّاها جَعَل لها إرَةً، قال: وهذا لا يصح إلا أَن يكون مقلوباً من
وَأَرْتُ، إمَّا مستعمَلة، وإما متوهَّهمة. أَبو زيد: أَرَّيْتُ النارَ
تَأْرِيَةً ونَمَّيتها تَنْمِيَةً وذكَّيْتها تَذْكِيَةً إذا رَفَعْتها.
يقال: أَرِّ نارَك. والإرَةُ: موضع النار، وأَصله إرْيٌ، والهاء عوض من
الياء، والجمع إرُونَ مثل عِزُون؛ قال ابن بري: شاهده لكعب أَو لزهير:
يُثِرْنَ التُّرابَ على وَجْهِه،
كلَوْنَ الدَّواجِن فَوْقَ الإرِينا
قال: وقد تجمع الإرَةُ إرات، قال: والإرةُ عند الجوهري محذوفةُ اللام
بدليل جمعها على إرِين وكَوْنِ الفعل محذوف اللام. يقال: أَرِّ لِنارِك أَي
اجْعَل لها إرَةً، قال: وقد تأْتي الإرَةُ مثل عِدَة محذوفة الواو،
تقول: وَأَرْتُ إرَةً. وآذاني أَرْيُ القِدْرِ والنَّارِ أَي حَرُّهُما؛
وأَنشد ثعلب:
إذا الصُّدورُ أَظْهَرَتْ أَرْيَ المِئَر
أَي حَرَّ العَداوَة. والإرةُ أَيضاً: شَحْم السَّنامِ؛ قال الراجز:
وَعْدٌ كَشَحْمِ الإرَةِ المُسَرْهَد
الجوهري: أَرَّيْتُ النارَ تَأْرِيَةً أَي ذَكّيتها؛ قال ابن بري: هو
تصحيف وإنما هو أَرَّثْتها، واسم ما تلقيه علي الأُرْثَة. وأَرِّ نارَك
وأَرِّ لنارك أَي اجْعَل لها إرَةً، وهي حُفْرة تكون في وسط النار يكون فيها
معظم الجَمْر. وحكي عن بعضهم أَنه قال: أَرِّ نارَك افتح وسطها ليتسع
الموضع للجمر، واسم الشيء الذي تلقيه عليها من بَعَر أَو حَطَب الذُّكْىة.
قال أَبو منصور: أَحسب أَبا زيد جَعَل أَرَّيْت النار مِنْ وَرَّيْتَها،
فقلب الواو همزة، كما قالوا أكَّدْت اليمين ووَكَّدْتها وأَرَّثْت النار
ووَرَّثْتها. وقالوا من الإرَة وهي الحفرة التي توقد فيها النار: إرَةٌ
بَيّنة الإرْوَة، وقد أَرَوْتها آرُوها، ومِنْ آرِيِّ الدابة أَرَّيْت
تَأْرِيَةً. قال: والآرِيُّ ما حُفِر له وأُدْخِل في الأَرض، وهي الآرِيَّة
والرَّكاسَة. وفي حديث بلال: قال لنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم:
أَمعَكم شيءٌ من الإرَة أَي القدِيد؛ وقيل: هو أَن يُغْلَى اللحمُ بالخل
ويحمل في الأَسفار. وفي حديث بريدةَ: أَنه أَهْدى لرسول الله، صلى الله عليه
وسلم، إرَةً أَي لحماً مطبوخاً في كرش. وفي الحديث: ذُبِحَت لرسول الله،
صلى الله عليه وسلم، شاةٌ ثم صُنِعَتْ في الإرَة؛ الإرَةُ: حفرة توقد
فيها النار، وقيل:هي الحفرة التي حولها الأَثافيُّ. يقال: وَأَرْتُ إرَةَ،
وقيل: الإرَةُ النارُ نَفْسُها، وأَصل الإرَة إرْيٌ، بوزن عِلْم، والهاء
عوض من الياء. وفي حديث زيد بن حارثة: ذبحنا شاة وصنعناها في الإرَة حتى
إذا نَضِجت جعلناها في سُفْرَتنا. وأَرَّيْت عن الشيء: مثل وَرَّيْت
عنه.وبئر ذي أَرْوانَ: اسم بئر، بفتح الهمزة. وفي حديث عبد الرحمن
النَّخَعي: لو كان رأْيُ الناس مثْلَ رَأْيك ما أُدِّيَ الأَرْيانُ. قال ابن
الأَثير: هو الخَراجُ والإتاوة، وهو اسم واحد كالشيطان.
قال الخطابي: الأَشبه بكلام العرب أَن يكون بضم الهمزة والباء المعجمة
بواحدة، وهو الزيادة عن الحق، يقال فيه أُرْبان وعُرْبان، قال: فإن كانت
الياء معجمة باثنتين فهو من التَّأْرِيَة لأَنه شيء قُرِّرَ على الناس
وأُلْزِموه.
@أزا: الأَزْوُ: الضيِّق؛ عن كراع. وأَزَيْتُ إليه أَزْياً وأُزِيّاً:
انضممت. وآزاني هو: ضَمَّني؛ قال رؤبة:
تَغْرِفُ من ذي غَيِّثٍ وتُوزي
وأَزى يأْزي أَزْياً وأُزِيّاً: انقبض واجتمع. ورَجُل مُتَآزي الخَلْق
ومُتَآزِف الخَلْق إذا تَدانى بعضهُ إلى بعض. وأَزى الظِّلُّ أُزِيّاً:
قَلَص وتَقَبَّض ودنا بعضه إلى بعض، فهو آزٍ؛ وأَنشد ابن بري لعبد الله بن
رِبْعي الأَسدي:
وغَلَّسَتْ والظِّلُّ آزٍ ما زَحَلْ،
وحاضِرُ الماء هَجُودٌ ومُصَلّْ
وأَنشد لكثير المحاربي:
ونابحة كَلَّفْتُها العِيسَ، بَعْدَما
أَزى الظِّلُّ والحِرباءُ مُوفٍ على جِذْل
(* قوله «ونابحة» هكذا في الأصل من غير نقط، وفي شرح القاموس: نائحة،
بالنون والهمز والمهملة، ولعلها نابخة بالنون والباء والمعجمة وهي الأرض
البعيدة. وقوله بعد «إذا زاء محلوقاً إلى قوله الليث» هو كذلك في الأصل
وشرح القاموس).
ابنُ بُزُرْج: أَزى الظِّلُّ يَأْزُو ويَأْزي ويَأْزَى؛ وأَنشد:
الظِّلُّ آزٍ والسُّقاةُ تَنْتَحي
وقال أَبو النجم:
إذا زاء مَحْلُوقاً أَكَبَّ برأْسه،
وأَبْصَرْته يأْزي إليَّ ويَزْحَل
أَي ينقبض لك ويَنْضَمُّ. الليث: أَزى الشيءُ بعضهُ إلى بعض يأْزي، نحو
اكتناز اللحم وما انضَمَّ من نحوه؛ قال رؤبة:
عَضّ السِّفار فهو آزٍ زِيَمهُ
وهو يومٌ أَزٍ إذا كان يَغُمُّ الأَنفاسَ ويُضَيِّقها لشدَّة الحر؛ قال
الباهلي:
ظَلَّ لها يَوْمٌ مِنَ الشِّعْرى أَزي،
نَعُوذُ منه بِزرانِيقِ الرَّكي
قال ابن بري: يقال يَوْمٌ آزٍ وأَزٍ مثل آسِنٍ وأَسِنٍ أَي ضَيِّق قليل
الخير؛ قال عمارة:
هذا الزَّمانُ مُوَلٍّ خَيْرُه آزي
وأَزى مالُه: نَقَصَ. وأَزى له أَزْياً: أَتاه لِيَخْتِلَه. الليث:
أَزَيْتُ لفلان آزي له أَزْىاً إذا أَتَيته من وجه مَأْمَنِه
لِتَخْتِله.ويقال: هو بإزاء فلان أَي بِحِذائه ممدوادن. وقد آزَيْتُه إذا
حاذَيْتَه، ولا تقل وازَيْتُه. وقعَدَ إزاءه أَي قُبالَتَه. وآزاه: قابَلَه. وفي
الحديث: اختلف مَنْ كان قَبْلنا ثنتين وسبعين فِرْقةً نَجا منها ثَلاثٌ
وهلك سائرُها. وفِرْقةٌ آزَتِ الملُوكَ فقاتَلَتْهم على دِين الله أَي
قاوَمَتْهم، مِنْ آزَيْتُه إذا حاذَيْتَه. يقال: فلان إزاءٌ لفلان إذا كان
مُقاوماً له. وفي الحديث: فرَفَع يديه حتى آزَتا شَحْمة أُذُنيه أَي
حاذَتا. والإزاءُ: المُحاذاةُ والمُقابَلة؛ قال: ويقال فيه وازَتا. وفي حديث
صلاة الخوف: فَوازَيْنا العَدوَّ أَي قابلناهم، وأَنكر الجوهري أَن يقال
وازَيْنا. وتَآزى القَوْمُ: دَنا بعضُهم إلى بعض؛ قال اللحياني: هو في
الجلوس خاصة؛ وأَنشد:
لَمَّا تآزَيْنا إلى دِفْءِ الكُنُفْ
وأَنشد ابن بري لشاعر:
وإنْ أَزى مالُه لم يَأْزِ نائِلُه،
وإنْ أَصابَ غِنىً لم يُلْفَ غَضْبانا
(* قوله «وإن أزى ماله إلخ» كذا وقع هذا البيت هنا في الأصل، ومحله كما
صنع شارح القاموس بعد قوله فيما تقدم: وأزى ماله نقص، فلعله هنا مؤخر من
تقديم).
والثوب يَأْزي إذا غُسِل، والشَّمْسُ أُزِيّاً: دَنَتْ للمَغيب.
والإزاء: سبب العيش، وقيل: هو ما سُبِّبَ من رَغَدِه وفَضْلِه. وإنَّه لإزاءُ
مالٍ إذا كان يُحْسِنُ رِعْيَته ويَقُومُ عليه؛ قال الشاعر:
ولَكِني جُعِلْت إزاءَ مالٍ،
فأَمْنَع بَعْدَ ذلك أَو أُنِيل
قال ابن جني: هو فِعالٌ من أَزى الشيءُ يأْزي إذا تَقَبَّض واجتمع،
فكذلك هذا الراعي يَشُِحُّ عليها ويمنع مِنْ تَسَرُّبِها، وكذلك الأُنثى بغير
هاء؛ قال حُمَيْدٌ يصف امرأَة تقوم بمعاشها:
إزاءٌ مَعاشٍ لا يَزالُ نِطاقُها
شَديداً، وفيها سَوْرةٌ وهي قاعِدُ
وهذا البيت في المحكم:
إزاءُ مَعاشٍ ما تَحُلُّ إزارَها
مِنَ الكَيْس، فيها سَوْرَةٌ وهْي قاعد
وفلان إزاءُ فلان إذا كان قِرْناً له يُقاوِمه. وإزاءُ الحَرْب:
مُقِيمُها؛ قال زهير يمدح قوماً:
تَجِدْهُمْ على ما خَيَّلَتْ هم إزاءَها،
وإن أَفْسَدَ المالَ الجماعاتُ والأَزْلُ
أَي تجدهم الذين يقومون بها. وكلُّ من جُعِل قَيِّماً بأَمر فهو إزاؤه؛
ومنه قول ابن الخَطِيم:
ثَأَرْتُ عَدِيّاً والخَطِيمَ، فلم أُضِعْ
وَصِيَّةَ أَقوامٍ جُعِلْتُ إزاءَها
أَي جُعِلْتُ القَيِّم بها. وإنِّه لإزاءُ خير وشرٍّ أَي صاحبه. وهم
إزاءٌ لقومهم أَي يُصْلِحُون أَمرهم؛ قال الكميت:
لقدْ عَلِمَ الشَّعْبُ أَنَّا لهم
إزاءٌ، وأَنَّا لهُم مَعْقِلُ
قال ابن بري: البيت لعبد الله بن سليم. وبنو فلان إزاءُ بني فلان أَي
أَقْرانُهم. وآزى على صَنِيعه إيزاءً: أَفْضَلَ وأَضْعَفَ عليه؛ قال
رؤبة:تَغْرِفُ من ذي غَيِّثٍ وتُوزي
قال ابن سيده: هكذا روي وتُوزي، بالتخفيف، على أَن هذا الشعر كله غير
مُرْدَفٍ أَي تُفْضِل عليه. والإزاءُ: مَصَبُّ الماء في الحوض؛ وأَنشد
الأَصمعي:
ما بَيْنَ صُنْبُور إلى إزاء
وقيل: هو جمع ما بين الحوض إلى مَهْوى الرَّكِيَّة من الطَّيّ، وقيل: هو
حَجَرٌ أو جُلَّةٌ أَو جِلْدٌ يوضع عليه. وأَزَّيْته تأَزِّياً
(* قوله
«وأزيته تأزياً إلخ» هكذا في الأصل. وعبارة القاموس وشرحه: تأزى الحوض
جعل له إزاء كأزاه تأزية: عن الجوهري، وهو نادر). وتَأْزِيَةً، الأَخيرة
نادرة، وآزَيْتُه: جعلت له إزاءً. قال أَبو زيد: آزَيْتُ الحوضَ إيزاءً على
أَفْعَلْت، وأَزَّيْتُ الحوض تأْزِيَةً وتوزِيئاً: جعلت له إزاءً، وهو
أَن يوضع على فمه حَجَر أو جُلَّةٌ أو نحو ذلك. قال أَبو زيد: هو صخرة أَو
ما جَعَلْت وِقايةً على مَصَبِّ الماء حين يُفَرَّغ الماء؛ قال امرؤ
القيس:
فَرَماها في مَرابِضِها
بإزاءِ الحَوْضِ أو عُقُرِه
(* قوله «مرابضها» كذا في الأصل، والذي في ديوان امرئ القيس وتقدم في
ترجمة عقر: فرائصها).
وآزاهُ: صَبَّ الماءَ من إزائه. وآزى فيه: صَبِّ على إزائه. وآزاه
أَيضاً: أَصلح إزاءه؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
يُعْجِزُ عن إيزائه ومَدْرِه
مَدْرُه: إصلاحه بالمَدَر. وناقة آزِيَةٌ وأَزِيَةٌ، على فَعِلة، كلاهما
على النَّسب: تشرب من الإزاء. ابن الأَعرابي: يقال للناقة التي لا
تَرِدُ النَّضِيحَ حتى يخلو لها الأَزيَةُ، والآزِيةُ على فاعلة، والأَزْيَة
على فَعْلة
(* قوله «والازية على فعله» كذا في الأصل مضبوطاً والذي نقله
صاحب التكملة عن ابن الأعرابي آزية وأزية بالمد والقصر فقط)، والقَذُور.
ويقال للناقة إذا لم تشرب إلا من الإزاء: أَزِيَة، وإذا لم تشرب إلا من
العُقْر: عَقِرَة. ويقال للقَيِّم بالأَمر: هو إزاؤه؛ وأَنشد ابن بري:
يا جَفْنَةً كإزاء الحَوْضِ قد كَفَؤُوا،
ومَنْطِقاً مِثْلَ وَشْي اليُمْنَةِ الحِبَرَه
وقال خُفاف بن نُدْبة:
كأنَّ محافين السِّباعِ حفاضه،
لِتَعْريسِها جَنْبَ الإزاء المُمَزَّق
(* قوله «كأن محافين السباع حفاضه» كذا في الأصل محافين بالنون، وفي شرح
القاموس: محافير بالراء، ولفظ حفاضه غير مضبوط في الأصل، وهكذا هو في
شرح القاموس ولعله حفافه أو نحو ذلك).
مُعَرَّسُ رَكْبٍ قافِلين بصَرَّةٍ
صِرادٍ، إذا ما نارُهم لم تُخَرَّق
وفي قصة موسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: أَنه وقف بإزاءِ الحوْض،
وهو مَصَبُّ الدَّلْو، وعُقْرُه مُؤِّخَّرُه؛ وأَما قول الشاعر في صفة
الحوض:
إزاؤه كالظَّرِبانِ المُوفي
فإنما عَنى به القيِّم؛ قال ابن بري: قال ابن قتيبة حدثني أَبو
العَمَيْثَل الأَعرابي وقد روى عنه الأَصمعي قال: سأَلني الأَصمعي عن قول الراجز
في وصف ماء:
إزاؤه كالظَّرِبانِ المُوفي
فقال: كيف يُشَبِّه مَصَبَّ الماء بالظِّرِبان؟ فقلت له: ما عندك فيه؟
فقال لي: إنما أَراد المُسْتَقِيَ، من قولك فلان إزاءُ مال إذا قام به
وولِيَه، وشبَّهه بالظِّرِبانِ لدَفَر رائحته وعَرَقِه؛ وبالظِّرِبانِ
يُضْرَبُ المثل في النَّتْن. وأَزَوْتُ الرجلَ وآزَيْته فهو مَأْزُوٌّ ومُؤزىً
أَي جَهَدته فهو مَجْهُود؛ قال الطِّرِمَّاح:
وقَدْ باتَ يَأْزُوه نَدىً وصَقِيعُ
أَي يَجْهَده ويُشْئِزه. أَبو عمرو: تَأَزَّى القِدْحُ إذا أَصاب
الرَّمِيَّة فاهْتَزَّ فيها. وتَأَزَّى فلان عن فلان إذا هابه. وروى ابن السكيت
قال: قال أَبو حازم العُكْلي جاء رجل إلى حلقة يونس فأَنشدَنا هذه
القصيدة فاستحسنها أَصحابه؛ وهي:
أُزِّيَ مُسْتَهْنئٌ في البديء،
فَيَرْمَأُ فيه ولا يَبْذَؤُه
وعِنْدي زُؤازِيَةٌ وَأْبةٌ،
تُزَأْزِئُ بالدَّات ما تَهْجَؤُه
(* قوله «بالدات» كذا بالأصل بالتاء المثناة بدون همز، ولعلها بالدأث
بالمثلثة مهموزاً).
قال: أُزِّيَ جُعلَ في مكان صَلَح. والمُسْتَهْنئُ. المُسْتعطي؛ أَراد
أَن الذي جاء يطلب خَيري أَجْعلهُ في البَديء أَي في أَوَّل من يجيء،
فيَرْمَأُ: يقيم فيه، ولا يَبْذَؤُه أَي لا يَكْرَهه، وزُؤَازِيَةٌ: قِدْرٌ
ضَخْمة وكذلك الوَأْبَةُ، تُزَأْزِئُ أَي تَضُمُّ، والدات: اللحم
والوَدَك، ما تَهْجَؤُه أَي ما تأْكله.
@أسا: الأَسا، مفتوح مقصور: المُداواة والعِلاج، وهو الحُزْنُ أَيضاً.
وأَسا الجُرْحَ أَسْواً وأَساً: داواه. والأَسُوُّ والإساءُ، جميعاً:
الدواء، والجمع آسِيَة؛ قال الحطيئة في الإساء بمعنى الدواء:
هُمُ الآسُونَ أُمَّ الرَّأْس لَمَّا
تَواكَلَها الأَطِبَّةُ والإساءُ
والإساءُ، ممدود مكسور: الدواء بعينه، وإن شئت كان جمعاً للآسي، وهو
المُعالِجُ كما تقول رَاعٍ ورِعاءٌ. قال ابن بري: قال علي بن حمزة الإساء في
بيت الحطيئة لا يكون إلا الدواء لا غير. ابن السكيت: جاء فلان يَلْتَمِس
لجراحِه أَسُوّاً، يعني دواء يأْسُو به جُرْحَه. والأَسْوُ: المصدر.
والأَسُوُّ، على فَعُول: دواء تَأْسُو به الجُرْح. وقد أَسَوْتُ الجُرح
آسُوه أَسْواً أَي داويته، فهو مأْسُوٌّ وأَسِيٌّ أَيضاً، على فَعِيل. ويقال:
هذا الأَمرُ لا يُؤْسى كَلْمُه. وأَهل البادية يسمون الخاتِنَة آسِيةً
كناية. وفي حديث قَيْلة: اسْتَرْجَع وقال رَبِّ أُسني لما أَمضَيْت
وأَعِنِّي على ما أَبْقَيْت؛ أُسْني، بضم الهمزة وسكون العين، أَي عَوِّضْني.
والأَوْس: العَوْضُ، ويروى: آسِني؛ فمعناه عَزِّني وصَبِّرْني؛ وأَما قول
الأَعشى:
عِنْدَه البِرُّ والتُّقى وأَسا الشَّقْـ
قِ وحَمْلٌ لمُضْلِع الأَثْقال
أراد: وعنده أَسْوُ الشَّقِّ، فجعل الواو أَلفاً مقصورة، قال: ومثل
الأَسْوِ والأَسا اللَّغْوُ واللَّغا، وهو الشيء الخَسيس والآسي: الطَّبِيب،
والجمع أُساةٌ وإساء. قال كراع: ليس في الكلام ما يَعتَقِب عليه فُعلة
وفِعالٌ إلا هذا، وقولهم رُعاةٌ ورِعاءٌ في جمع راع. والأَسِيُّ:
المَأْسُوُّ؛ قال أَبو ذؤيب:
وصَبَّ عليها الطِّيبَ حتى كأَنَّها
أَسِيٌّ على أُمِّ الدِّماغ حَجِيجُ
وحَجِيجٌ: من قولهم حَجَّة الطبيبُ فهو مَحْجُوجٌ. وحَجِيجٌ إذا سَبر
شَجَّتَه؛ قال ابن بري: ومثله قول الآخر:
(* قوله «ومثله قول الآخر» أورد
في المغني هذا البيت بلفظ: أسيّ إنني من ذاك إنه
وقال الدسوقي: أسيت حزنت، وأسيّ حزين، وإنه بمعنى نعم، والهاء للسكت أو
إِن الناسخة والخبر محذوف).
وقائلةٍ: أَسِيتَ فقُلْتُ: جَيْرٍ
أَسِيٌّ، إنَّني مِنْ ذاكَ إني
وأَسا بينهم أَسْواً: أَصْلَح. ويقال: أَسَوْتُ الجُرْحَ فأَنا آسُوه
أَسْواً إذا داويته وأَصلحته. وقال المُؤَرِّج: كان جَزْءُ بن الحرث من
حكماء العرب، وكان يقال له المُؤَسِّي لأَنه كان يُؤَسِّي بين الناس أَي
يُصْلِح بينهم ويَعْدِل.
وأَسِيتُ عليه أَسىً: حَزِنْت. وأَسِيَ على مصيبته، بالكسر، يأْسى أَسً،
مقصور، إذا حَزِن. ورجل آسٍ وأَسْيانُ: حزين. ورجل أَسْوان: حزين،
وأَتْبَعوه فقالوا: أَسْوان أَتْوان؛ وأَنشد الأَصمعي لرجل من
الهُذَلِيِّين:ماذا هُنالِكَ من أَسْوانَ مُكْتَئِبٍ،
وساهِفٍ ثَمِل في صَعْدةٍ حِطَمِ
وقال آخر:
أَسْوانُ أَنْتَ لأَنَّ الحَيَّ مَوْعِدُهم
أُسْوانُ، كلُّ عَذابٍ دُونَ عَيْذاب
وفي حديث أُبيّ بن كعب: والله ما عَلَيْهِم آسى ولكن آسى على مَنْ
أَضَلُّوا؛ الأَسى، مفتوحاً مقصوراً: الحُزْن، وهو آسٍ، وامرأَة آسِيةٌ
وأَسْيا، والجمع أَسْيانون وأَسْيانات
(* قوله «وأسيانات» كذا في الأصل وهو جمع
اسيانة ولم يذكره وقد ذكره في القاموس). وأَسْيَيات وأَسايا. وأَسِيتُ
لفلان أَي حَزِنْت له. وسَآني الشيءُ: حَزَنَني؛ حكاه يعقوب في المقلوب
وأَنشد بيت الحرث ابن خالد المخزومي:
مرَّ الحُمُولُ فما سَأَوْنَك نَقْرةً،
ولقد أَراكَ تُساءُ بالأَظْعان
والأُسْوَةُ والإسْوَةُ: القُدْوة. ويقال: ائتَسِ به أي اقتدَ به وكُنْ
مثله. الليث: فلان يَأْتَسِي بفلان أَي يرضى لنفسه ما رضيه ويَقْتَدِي به
وكان في مثل حاله. والقوم أُسْوةٌ في هذا الأَمر أَي حالُهم فيه واحدة.
والتَّأَسِّي في الأُمور: الأُسْوة، وكذلك المُؤَاساة. والتَّأْسِية:
التعزية. أسَّيْته تأْسِيةً أَي عَزَّيته. وأَسَّاه فَتَأَسَّى: عَزَّاه
فتَعزَّى. وتَأَسَّى به أَي تعزَّى به. وقال الهروي: تَأَسّى به اتبع فعله
واقتدى به. ويقال: أَسَوْتُ فلاناً بفلان إذا جَعَلْته أُسْوته؛ ومنه قول
عمر، رضي الله عنه، لأَبي موسى: آسِ بين الناس في وَجْهك ومَجْلِسك
وعَدْلِك أَي سَوِّ بَينَهم واجْعل كل واحد منهم إسْوة خَصْمه. وتآسَوْا أَي
آسَى بعضُهم بعضاً؛ قال الشاعر:
وإنَّ الأُلَى بالطَّفِّ من آلِ هاشمٍ
تَأَسَوْا، فسَنُّوا للكِرامِ التَّآسِيا
قال ابن بري: وهذا البيت تَمَثَّل به مُصْعَب يوم قُتِل. وتَآسَوْا فيه:
من المُؤَاساة كما ذكر الجوهري، لا من التَّأَسِّي كما ذكر المبرد،
فقال: تآسَوْا بمعنى تَأَسَّوْا، وتَأَسّوْا بمعنى تَعَزَّوا. ولي في فلان
أُسْوة وإسْوة أَي قُدْوَة. وقد تكرر ذكر الأُسْوة والإسْوة والمُواساة في
الحديث، وهو بكسر الهمزة وضمها القُدْوة. والمُواساة: المشاركة
والمُساهَمة في المعاش والرزق؛ وأَصلها الهمزة فقلبت واواً تخفيفاً. وفي حديث
الحُدَيْبِيةَ: إن المشركين وَاسَوْنا للصُّلْح؛ جاء على التخفيف، وعلى
الأَصل جاء الحديث الآخر: ما أَحَدٌ عندي أَعْظَمُ يَداً من أَبي بكر آساني
بنفسه وماله. وفي حديث عليّ، عليه السلام: آسِ بَيْنَهم في اللَّحْظَة
والنَّظْرة. وآسَيْت فلاناً بمصيبته إذا عَزَّيته، وذلك إذا ضَربْت له
الأُسَا، وهو أَن تقول له مالَك تَحْزَن. وفلان إسْوَتُك أَي أَصابه ما أَصابك
فصَبَر فَتأَسَّ به، وواحد الأُسَا والإسَا أُسْوَة وإسْوة. وهو إسْوَتُك
أَي أَنت مثله وهو مثلك. وأْتَسَى به: جَعَله أُسْوة. وفي المثل: لا
تَأْتَسِ بمن ليس لك بأُسْوة. وأَسْوَيْته: جعلت له أُسْوة؛ عن ابن
الأَعرابي، فإن كان أَسْوَيْت من الأُسْوة كما زعم فوزنه فَعْلَيْتُ كَدَرْبَيْتُ
وجَعْبَيْتُ. وآساهُ بمالِه: أنالَه منه وجَعَله فيه أُسْوة، وقيل: لا
يكون ذلك منه إلا من كَفافٍ، فإن كان من فَضْلةٍ فليس بمؤَاساة. قال أَبو
بكر: في قولهم ما يؤَاسِي فلان فلاناً فيه ثلاثة أَقوال؛ قال المفضل بن
محمد معناه ما يُشارِك فلان فلاناً، والمؤَاساة المشاركة؛ وأَنشد:
فإنْ يَكُ عَبْدُ الله آسَى ابْنَ أُمِّه،
وآبَ بأَسْلابِ الكَمِيِّ المُغاوِر
وقال المُؤَرِّج: ما يُؤَاسِيه ما يُصِيبه بخير من قول العرب آسِ فلاناً
بخير أَي أَصِبْه، وقيل: ما يُؤَاسيه من مَوَدَّته ولا قرابته شيئاً
مأْخوذ من الأَوْسِ وهو العَوْض، قال: وكان في الأَصل ما يُؤَاوِسُه،
فقدَّموا السين وهي لام الفعل، وأَخروا الواو وهي عين الفعل، فصار يؤَاسِوهُ،
فصارت الواو ياء لتحركها وإنكسار ما قبلها، وهذا من المقلوب، قال: ويجوز
أَن يكون غير مقلوب فيكون يُفاعِل من أَسَوْت الجُرْح. وروى المنذري عن
أَبي طالب أَنه قال في المؤاساة واشتقاقها إن فيها قولين: أَحدهما أَنها من
آسَى يُؤاسِي من الأُسْوة وهي القُدْوة، وقيل إنها من أَساه يَأْسُوه
إذا عالجه وداواه، وقيل إنها من آسَ يَؤُوس إذا عاض، فأَخَّر الهمزة
ولَيَّنهاولكلٍّ مقال. ويقال: هو يؤاسِي في ماله أَي يساوِي. ويقال: رَحِم
اللهُ رَجُلاً أَعْطى من فَضْلٍ وآسَى من كَفافٍ، من هذا. الجوهري: آسَيْتُه
بمالي مُؤاساةً أَي جعلته أُسْوتي فيه، وواسَيْتُه لغة ضعيفة. والأُسْوة
والإسْوة، بالضم والكسر: لغتان، وهو ما يَأْتَسِي به الحَزينُ أَي
يَتَعَزَّى به، وجمعها أُساً وإساً؛ وأَنشد ابن بري لحُرَيْث بن زيد
الخيل:ولَوْلا الأُسِى ما عِشتُ في الناس ساعة،
ولكِنْ إذا ما شئْتُ جاوَبَني مِثْلي
ثم سُمِّي الصبر أُساً. وَأْتَسَى به أَي اقتدى به. ويقال: لا تَأْتَسِ
بمن ليس لك بأُسْوة أَي لا تقتد بمن ليس لك بقدوة. والآَسِيَة: البناء
المُحْكَم. والآسِيَة: الدِّعامة والسارية، والجمع الأَواسِي؛ قال
النابغة:فإنْ تَكُ قَدْ وَدَّعْتَ، غيرَ مُذَمَّمٍ،
أَواسِيَ مُلْكٍ أَثْبَتَتها الأَوائلُ
قال ابن بري: وقد تشدّد أَواسِيّ للأَساطين فيكون جمعاً لآسِيٍّ، ووزنه
فاعُولٌ مثل آرِيٍّ وأوارِيّ؛ قال الشاعر:
فَشَيَّدَ آسِيّاً فيا حُسْنَ ما عَمَر
قال: ولا يجوز أَن يكون آسِيٌّ فاعِيلاً لأَنه لم يأْت منه غير آمِين.
وفي حديث ابن مسعود: يُوشِك أَن تَرْمِيَ الأَرضُ بأَفلاذ كبدها أَمثال
الأَواسِي؛ هي السَّواري والأَساطينُ، وقيل: هي الأَصل، واحدتها آسِيَة
لأَنها تُصْلِحُ السَّقْفُ وتُقيمه، من أَسَوْت بين القوم إذا أَصلحت. وفي
حديث عابد بني إسرائيل: أَنه أوْثَق نَفسه إلى آسِيَةٍ من أَواسِي
المَسْجِد. وأَسَيْتُ له من اللحم خاصة أَسْياً: أَبقيت له. والآَسِيَةُ، بوزن
فاعلة: ما أُسِّسَ من بنيان فأُحْكِم، أَصله من ساريةٍ وغيرها.
والآسِيَّة: بقية الدار وخُرْثيُّ المتاع. وقال أَبو زيد: الآسِيُّ خُرْثِيُّ الدار
وآثارُها من نحو قِطْعة القَصْعة والرَّماد والبَعَر؛ قال الراجز:
هَلْ تَعْرِف الأَطْلالَ بالحويِّ
(* قوله «بالحوي» هكذا في الأصل من غير ضبط ولا نقط لما قبل الواو، وفي
معجم ياقوت مواضع بالمعجمة والمهملة والجيم).
لم يَبْقَ من آسِيَّها العامِيِّ
غَيرُ رَمادِ الدَّارِ والأُثْفِيِّ
وقالوا: كُلُوا فلم نُؤَسِّ لَكُم، مشدد، أَي لم نَتَعَمَّدكم بهذا
الطعام. وحكى بعضهم: فلم يُؤَسَّ أَي لم تُتَعمَّدوا به.
وآسِيَةُ: امرأَة فرعون. والآسِي: ماء بعينه؛ قال الراعي:
أَلَمْ يُتْرَكْ نِساءُ بني زُهَيْرٍ،
على الآسِي، يُحَلِّقْنَ القُرُونا؟
@أشي: أَشى الكلامَ أَشْياً: اخْتَلَقَه. وأَشِيَ إليه أَشْىاً:
اضْطُرَّ. والأَشاءُ، بالفتح والمد: صِغار النَّخْل، وقيل: النخل عامَّةً، واحدته
أَشاءَةٌ، والهمزة فيه منقلبة من الياء لأَن تصغيرها أُشَيٌّ، وذهب
بعضهم إلى أَنه من باب أَجَأَ، وهو مذهب سيبويه. وفي الحديث: أَنه انطلق إلى
البَراز فقال لرجل كان معه ائتِ هاتَيْنِ الأَشاءَتَيْنِ فقُلْ لهما حتى
تجتمعا فاجتمعتا فقَضى حاجتَه، هو من ذلك. ووادي الأَشاءَيْنِ
(* قوله
«ووادي الاشاءين» هكذا ضبط في الأصل بلفظ التثنية، وتقدم في ترجمة أشر
أشائن وهو الذي في القاموس في ترجمة أشا، والذي سبق في ترجمة زهف أشائين بزنة
الجمع): موضع؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
لِتَجْرِ المَنِيَّةُ بَعْدَ امْرِئٍ،
بوادي أَشاءَيْن، أَذْلالَها
ووادي أُشَيّ وأَشِيّ: موضع؛ قال زيادُ بنُ حَمْد، ويقال زياد بن
مُنْقِدٍ:
يا حَبَّذا، حِينَ تُمْسي الرِّيحُ بارِدَةً،
وادي أُشَيٍّ وفِتِيانٌ به هُضُمُ
ويقال لها أَيضاً: الأَشاءَة؛ قال أَيضاً فيها:
يا لَيْتَ شِعْريَ عنْ جَنْبَيْ مُكَشَّحَةٍ،
وحَيْثُ يُبْنى مِن الحِنَّاءَةِ الأُطُمُ
عَنِ الأَشاءَة هَلْ زالَتْ مَخارِمُها؟
وهَلْ تَغَيَّرَ من آرامِها إرَمُ؟
وجَنَّةٍ ما يَذُمُّ الدَّهْرَ حاضِرُها،
جَبَّارُها بالنَّدى والحَمْلِ مُحْتَزِمُ
وأَورد الجوهري هذه الأَبيات مستشهداً بها على أَن تصغير أَشاء أُشَيٌّ،
ثم قال: ولو كانت الهمزة أَصلية لقال أُشَيءٌ، وهو واد باليمامة فيه
نخيل. قال ابن بري: لام أَشاءَة عند سيبويه همزة، قال: أَما أُشَيّ في هذا
البيت فليس فيه دليل على أَنه تصغير أَشاء لأَنه اسم موضع. وقد ائْتَشى
العَظْمُ إذا بَرَأَ من كَسْرٍ كان به؛ هكذا أَقرأَه أَبو سعيد في
المصنَّف؛ وقال ابن السكيت: هذا قول الأَصمعي، وروى أَبو عمرو والفراء: انْتَشى
العَظْمُ، بالنون. وإشاء: جبل؛ قال الراعي:
وساقَ النِّعاجَ الخُنْسَ بَيْني وبَيْنَها،
برَعْنِ إشاءٍ، كلُّ ذي جُدَدٍ قَهْد
@أصا: الأَصاةُ: الرَّزانة كالحَصاة. وقالوا: ما له حَصاةٌ ولا أَصاةٌ
أَي رأْيٌ يرجع إليه. ابن الأَعرابي: أَصى الرجلُ إذا عَقَلَ بعد رُعُونة.
ويقال: إنَّه لَذُو حَصاةِ وأَصاةٍ أَي ذو عقل ورأْي؛ قال طرفة:
وإنَّ لِسانَ المَرْءِ، ما لم تَكُنْ له
أَصاةٌ، على عوراته، لَدَلِيلُ
والآصِيَةُ: طعام مثل الحَسا يُصْنَعُ بالتمر؛ قال:
يا رَبَّنا لا تُبْقِيَنَّ عاصِيَه،
في كلِّ يَوْمٍ هِيَ لي مُناصِيَه
تُسامِرُ اللَّيلَ وتُضْحي شاصِيَه،
مثل الهَجِينِ الأَحْمرِ الجُراصِيه،
والإثْر والصَّرْب معاً كالآصِيَه
عاصِيَةُ: اسم امرأَته، ومُناصِيَة أَي تَجُرُّ ناصيتي عند القتال.
والشَّاصِيَةُ: التي تَرْفَع رجليها، والجُراصِيَة: العَظيمُ من الرجال،
شبهها بالجُراصِيَة لعِظَم خَلْقها، وقوله: والإِثْرُ والصَّرْب؛ الإثْرُ:
خُلاصة السَّمْن، والصَّرْب: اللبن الحامض، يريد أَنهما موجودان عندها
كالآصِيةَ التي لا تَخْلو منها، وأَراد أَنها مُنَعَّمَة. التهذيب: ابن آصَى
طائر شبه الباشَق إلا أَنه أَطول جناحاً وهو الحِدَأُ، ويسميه أَهل
العراق ابن آصَى، وقضى ابنُ سيده لهذه الترجمة أَنها من معتل الياء، قال: لأَن
اللام ياء أَكثرُ منها واواً.
@أضا: الأَضاةُ: الغَدير. ابن سيده: الأَضاةُ الماء المُسْتَنْقِعُ من
سيل أَو غيره، والجمع أَضَواتٌ، وأَضاً، مقصور، مثل قَناةٍ وقَناً، وإضاءٌ،
بالكسر والمد، وإضُونَ كما يقال سَنَةٌ وسِنُونَ؛ فأَضاةٌ وأَضاً كحصاةٍ
وحَصىً، وأَضَاةٌ وإضَاءٌ كرَحَبَةٍ ورِحاب ورَقَبَةٍ ورِقاب؛ وأَنشد
ابن بري في جمعه على إضِينَ للطِّرِمَّاح:
محافِرُها كأَسْرِيَةِ الإضِينا
وزعم أَبو عبيد أَن أَضاً جمع أَضاةٍ، وإضاء جمع أَضاً؛ قال ابن سيده:
وهذا غير قوي لأَنه إنما يُقْضى على الشيء أَنه جَمْع جمعٍ إذا لم يوجد من
ذلك بدٌّ، فأَما إذا وجدنا منه بدّاً فلا، ونحن نجد الآن مَنْدوحةً من
جمع الجمع، فإن نظير أَضاة وإضاء ما قَدَّمناه من رَقَبة ورِقاب ورَحَبَة
ورِحاب فلا ضرورة بنا إلى جمع الجمع، وهذا غير مصنُوع فيه لأَبي عبيد،
إنما ذلك لسيبويه والأَخفش؛ وقول النابغة في صفة الدروع:
عُلِينَ بكِدْيَوْن وأُبْطِنَّ كُرَّةً،
فَهُنَّ إضاءٌ صافِياتُ الغَلائل
أَراد: مثل إضاء كما قال تعالى: وأَزْواجُه أُمَّهاتُهم؛ أَراد مثل
أُمهاتهم؛ قال: وقد يجوز أَن يريد فهُنَّ وِضاء أَي حِسانٌ نِقاءٌ، ثم أَبدل
الهمزة من الواو كما قالوا إساد في وساد وإشاح في وِشاح وإعاء في وِعاء.
قال أَبو الحسن: هذا الذي حكته من حَمْل أَضاة على الواو بدليل أَضَوات
حكايَةُ جميع أَهل اللغة، وقد حمله سيبويه على الياء، قال: ولا وجه له
عندي البَتَّة لقولهم أَضَوات وعدم ما يستدل به على أَنه من الياء، قال:
والذي أُوَجِّه كلامه عليه أَن تكون أَضاة فَلْعة من قولهم آضَ يَئِيضُ، على
القلب، لأَن بعض الغَدير يَرْجِعُ إلى بعض ولا سيما إذا صَفَّقَته
الريح، وهذا كما سُمِّيَ رَجْعاً لتراجُعه عند اصطفاق الرياح؛ وقول أَبي
النجم:وَرَدْتُه ببازِلٍ نَهَّاضِ،
وِرْدَ القَطا مَطائطَ الإياضِ
إنما قلب أَضاة قبل الجمع، ثم جَمَعَه على فِعال، وقالوا: أَراد الإضاء
وهو الغُدْران فقَلَب. التهذيب: الأَضاة غَدير صغير، وهو مَسِيلُ الماء
(* قوله «وهو مسيل الماء إلخ» عبارة التهذيب: وهو مسيل الماء المتصل
بالغدير). إلى الغَدير المتصلُ بالغَدير، وثلاث أَضَواتٍ. ويقال: أَضَيات مثل
حَصَيات. قال ابن بري: لام أَضاة واو، وحكى ابن جني في جمعها أَضَوات،
وفي الحديث: أَن جبريل، عليه السلام، أَتى النبي، صلى الله عليه وسلم، عند
أَضاة بني غِفارٍ؛ الأَضاة، بوزن الحَصاة: الغَدير، وجمعها أَضاً وإضاء
كأَكَم وإكام.
@أغي: جاء منه أَغْيٌ في قول حَيَّان بن جُلْبة المحاربي:
فسارُوا بغَيْثٍ فيه أَغْيٌ فَغُرَّبٌ،
فَذُو بَقَرٍ فشَابَةٌ فالذَّرائِحُ
قال أَبو عليّ في التَّذْكِرة: أَغْيٌ ضرب من النبات؛ قال أَبو زيد:
وجمعه أَغْياء، قال أَبو عليّ: وذلك غلط إلا أَن يكون مقلوب الفاء إلى موضع
اللام.
@أفا: النضر: الأَفَى القِطَعُ من الغَيْم وهي الفِرَق يَجِئْنَ قِطَعاً
كما هي؛ قال أَبو منصور: الواحدة أَفاةٌ، ويقال هَفاة أَيضاً. أَبو زيد:
الهَفاة وجمعها الهَفا نحوٌ من الرِّهْمة، المَطَرِ الضعيف. العنبري:
أَفاً وأَفاةٌ، النضر: هي الهَفاة والأَفاة.
@أقا: الإقاةُ: شجرة؛ قال؛ وعسى
(* قوله «شجرة قال وعسى إلخ» هكذا في
الأصل). أن يكون له وجه آخر من التصريف لا نعلمه. الأَزهري: الإقاء شجرة؛
قال الليث: ولا أَعرفه.
ابن الأَعرابي: قَأَى: إذا أَقرَّ لخصمه بِحَقٍّ وذَلَّ، وأَقَى إذا
كَرِه الطعامَ والشراب لِعَلَّة، والله أَعلم.
@أكا: ابن الأَعرابي: أَكَى إذا اسْتَوثَق من غَرِيمه بالشهود. النهاية:
وفي الحديث لا تَشرَبوا إلاَّ من ذي إكاء؛ الإكاءُ والوِكاءُ: شِدادُ
السِّقاء.
@ألا: أَلا يَأْلو أَلْواً وأُلُوّاً وأُلِيّاً وإلِيّاً وأَلَّى
يُؤَِلِّي تََأْلِيَةً وأْتَلى: قَصَّر وأَبطأَ؛ قال:
وإنَّ كَنائِني لَنِساءُ صِدْقٍ،
فَما أَلَّى بَنِيَّ ولا أَساؤوا
وقال الجعدي:
وأَشْمَطَ عُرْيانٍ يُشَدُّ كِتافُه،
يُلامُ على جَهْدِ القِتالِ وما ائْتَلى
أَبو عمرو: يقال هُو مُؤَلٍّ أي مُقَصِّر؛ قال:
مُؤلٍّ في زِيارَتها مُلِيم
ويقال للكلب إذا قَصَّر عن صيده: أَلَّى، وكذلك البازِي؛ وقال الراجز:
جاءت به مُرَمَّداً ما مُلاَّ،
ما نِيَّ آلٍ خَمَّ حِينَ أَلاَّ
قال ابن بري: قال ثعلب فميا حكاه عنه الزجاجي في أَماليه سأَلني بعض
أَصحابنا عن هذا لبيت فلم أَدْرِ ما أَقول، فصِرْت إلى ابن الأَعرابي
ففَسَّره لي فقال: هذا يصف قُرْصاً خَبَزته امرأَته فلم تُنْضِجه، فقال جاءت به
مُرَمَّداً أَي مُلَوَّثاً بالرماد، ما مُلَّ أَي لم يُمَلَّ في الجَمْر
والرماد الحارّ، وقوله: ما نِيَّ، قال: ما زائدة كأَنه قال نِيَّ الآلِ،
والآلُ: وَجْهُه، يعني وجه القُرْصِ، وقوله: خَمَّ أَي تَغَيَّر، حين
أَلَّى أَي أَبطأَ في النُّضْج؛ وقول طُفَيل:
فَنَحْنُ مَنعَنْا يَوْمَ حَرْسٍ نِساءَكم،
غَدَاةَ دَعانا عامِرٌ غَيْرَ مُعْتَلي
قال ابن سيده: إنما أَراد غَيْرَ مُؤْتَلي، فأَبدل العين من الهمزة؛
وقول أَبي سَهْو الهُذلي:
القَوْمُ أَعْلَمُ لَو ثَقِفْنا مالِكاً
لاصْطافَ نِسْوَتُه، وهنَّ أَوالي
أَراد: لأَقَمْنَ صَيْفَهُنَّ مُقَصِّرات لا يَجْهَدْنَ كلَّ الجَهْدِ
في الحزن عليه لِيَأْسِهِنَّ عنه. وحكى اللحياني عن الكسائي: أقْبَل يضربه
لا يَأْلُ، مضمومة اللام دون واو، ونظيره ما حكاه سيبويه من قولهم: لا
أَدْرِ، والاسم الأَلِيَّة؛ ومنه المثل: إلاَّ حَظِيِّه فلا أَلِيَّه؛ أَي
إن لم أَحْظَ فلا أَزالُ أَطلب ذلك وأَتَعَمَّلُ له وأُجْهِد نَفْسي
فيه، وأَصله في المرأَة تَصْلَف عند زوجها، تقول: إن أَخْطَأَتْك الحُظْوة
فيما تطلب فلا تَأْلُ أَن تَتَودَّدَ إلى الناس لعلك تدرك بعض ما تريد.
وما أَلَوْتُ ذلك أَي ما استطعته.
وما أَلَوْتُ أَن أَفعله أَلْواً وأُلْواً وأُلُوّاً أَي ما تركْت.
والعرب تقول: أَتاني فلان في حاجة فما أَلَوْتُ رَدَّه أَي ما استطعت،
وأَتاني في حاجة فأَلَوْت فيها أَي اجتهدت. قال أَبو حاتم: قال الأَصمعي يقال
ما أَلَوْت جَهْداً أَي لم أَدَع جَهْداً، قال: والعامة تقول ما آلُوكَ
جَهْداً، وهو خطأ. ويقال أَيضاً: ما أَلَوْته أَي لم أَسْتَطِعْه ولم
أُطِقْه. ابن الأَعرابي في قوله عز وجل: لا يَأَلُونَكم خَبالاً؛ أَي لا
يُقَصِّرون في فسادكم. وفي الحديث: ما من وَالٍ إلاَّ وله بِطانَتانِ:
بِطانةٌ تأْمره بالمعروف وتَنْهاه عن المُنْكَر، وبِطانةٌ لا تَأْلُوه خَبالاً،
أَي لا تُقَصِّر في إفساد حاله. وفي حديث زواج علي، عليه السلام: قال
النبي، صلى الله عليه وسلم، لفاطمة، عليها السلام: ما يُبْكِيكِ فما
أَلَوْتُكِ ونَفْسِي وقد أَصَبْتُ لكِ خَيرَ أَهْلي أَي ما قَصَّرْت في أَمرك
وأَمري حيث اخترتُ لكِ عَلِيّاً زوجاً. وفلان لا يأْلُو خيراً أَي لا
يَدَعُه ولا يزال يفعله. وفي حديث الحسن: أُغَيْلِمَةٌ حَيَارَى تَفاقَدُوا
ما يَأْلَ لهم
(* قوله «ما يأل لهم إلى قوله وأيال له إيالة» كذا في الأصل
وفي ترجمة يأل من النهاية). أَن يَفْقَهوا. يقال: يالَ له أَن يفعل كذا
يولاً وأَيالَ له إيالةً أَي آنَ له وانْبَغَى. ومثله قولهم: نَوْلُك أَن
تفعل كذا ونَوالُكَ أَن تَفْعَله أَي انْبَغَى لك. أَبو الهيثم:
الأَلْوُ من الأَضداد، يقال أَلا يَأْلُو إذا فَتَرَ وضَعُف، وكذلك أَلَّى
وأْتَلى. قال: وأَلا وأَلَّى وتَأَلَّى إذا اجتهد؛ وأَنشد:
ونحْنُ جِياعٌ أَيَّ أَلْوٍ تَأَلَّتِ
معناه أَيَّ جَهْدٍ جَهَدَتْ. أَبو عبيد عن أَبي عمرو: أَلَّيْتُ أَي
أَبْطأْت؛ قال: وسأَلني القاسم بن مَعْن عن بيت الربيع بن ضَبُع
الفَزارِي:وما أَلَّى بَنِيّ وما أَساؤوا
فقلت: أَبطؤوا، فقال: ما تَدَعُ شيئاً، وهو فَعَّلْت من أَلَوْت أَي
أَبْطأْت؛ قال أَبو منصور: هو من الأُلُوِّ وهو التقصير؛ وأَنشد ابن جني في
أَلَوْت بمعنى استطعت لأَبي العِيال الهُذَلي:
جَهْراء لا تَأْلُو، إذا هي أَظْهَرَتْ
بَصَراً، ولا مِنْ عَيْلةٍ تُغْنِيني
أَي لا تُطِيق. يقال: هو يَأْلُو هذا الأَمر أَي يُطِيقه ويَقْوَى عليه.
ويقال: إنى لا آلُوكَ نُصْحاً أَي لا أَفْتُر ولا أُقَصِّر. الجوهري:
فلان لا يَأْلُوك نصْحاً فهو آلٍ، والمرأَة آلِيَةٌ، وجمعها أَوالٍ.
والأُلْوة والأَلْوة والإلْوة والأَلِيَّة على فعِيلة والأَلِيَّا، كلُّه:
اليمين، والجمع أَلايَا؛ قال الشاعر:
قَلِيلُ الأَلايَا حافظٌ لِيَمينِه،
وإنْ سَبَقَتْ منه الأَلِيَّةُ بَرَّتِ
ورواه ابن خالويه: قليل الإلاء، يريد الإيلاءَ فحذف الياء، والفعل آلَى
يُؤْلي إيلاءً: حَلَفَ، وتأَلَّى يَتأَلَّى تأَلِّياً وأْتَلى يَأْتَلي
ائتِلاءً. وفي التنزيل العزيز: ولا يَأْتَلِ أُولو الفَضْل منكم (الآية)؛
وقال أَبو عبيد: لا يَأْتَل هو من أَلَوْتُ أَي قَصَّرْت؛ وقال الفراء:
الائتِلاءُ الحَلِفُ، وقرأَ بعض أَهل المدينة: ولا يَتَأَلَّ، وهي مخالفة
للكتاب من تَأَلَّيْت، وذلك أَن أَبا بكر، رضي الله عنه، حَلَف أَن لا
يُنْفِقَ على مِسْطَح بن أُثَاثَةَ وقرابته الذين ذكروا عائشة، رضوان الله
عليها، فأَنزل الله عز وجل هذه الآية، وعاد أَبو بكر، رضي الله عنه، إلى
الإنفاق عليهم. وقد تَأَلَّيْتُ وأْتَلَيْت وآلَيْتُ على الشيء
وآلَيْتُه، على حذف الحرف: أَقْسَمْت. وفي الحديث: مَنْ يَتَأَلَّ على الله
يُكْذِبْه؛ أَي مَن حَكَم عليه وخَلَف كقولك: والله لَيُدْخِلَنَّ الله فلاناً
النارَ، ويُنْجِحَنَّ اللهُ سَعْيَ فلان. وفي الحديث: وَيْلٌ
للمُتَأَلِّينَ من أُمَّتي؛ يعني الذين يَحْكُمون على الله ويقولون فلان في الجنة
وفلان في النار؛ وكذلك قوله في الحديث الآخر: مَنِ المُتأَلِّي على الله.
وفي حديث أَنس بن مالك: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، آلى من نسائه
شهراً أَي حلف لا يدْخُل عليهن، وإنما عَدَّاهُ بِمِن حملاً على المعنى، وهو
الامتناع من الدخول، وهو يتعدى بمن، وللإيلاء في الفقه أَحكام تخصه لا
يسمى إيلاءً دونها. وفي حديث علي، عليه السلام: ليس في الإصلاح إيلاءٌ أَي
أَن الإيلاء إنما يكون في الضِّرار والغضب لا في النفع والرضا. وفي حديث
منكر ونكير: لا دَرَيْتَ ولا ائْتَلَيْتَ، والمحدّثون يروونه: لا
دَرَيْتَ ولا تَلَيْتَ، والصواب الأَول. ابن سيده: وقالوا لا دَرَيْتَ ولا
ائْتَلَىتَ، على افْتعَلْتَ، من قولك ما أَلَوْتُ هذا أَي ما استطعته أَي ولا
اسْتَطَعْتَ. ويقال: أَلَْوته وأْتَلَيْتُه وأَلَّيْتُه بمعنى استطعته؛
ومنه الحديث: مَنْ صامَ الدهر لا صام ولا أَلَّى أَي ولا استطاع الصيام،
وهو فَعَّلَ منه كأَنه دَعا عليه، ويجوز أَن يكون إخباراً أَي لم يَصُمْ
ولم يُقَصِّر، من أَلَوْت إذا قَصَّرت. قال الخطابي: رواه إبراهيم بن فراس
ولا آلَ بوزن عالَ، وفسر بمعنى ولا رجَع، قال: والصوابُ أَلَّى مشدداً
ومخففاً. يقال: أَلا الرجلُ وأَلَّى إذا قَصَّر وترك الجُهْد. وحكي عن ابن
الأَعرابي: الأَلْوُ الاستطاعة والتقصير والجُهْدُ، وعلى هذا يحمل قوله
تعالى: ولا يَأْتَلِ أُولو الفضل منكم؛ أَي لا يُقَصِّر في إثناء أُولي
القربى، وقيل: ولا يحلف لأَن الآية نزلت في حلف أَبي بكر أَن لا يُنْفِقَ
على مِسْطَح، وقيل في قوله لا دَرَيْت ولا ائْتَلَيْت: كأَنه قال لا
دَرَيْت ولا استطعت أَن تَدْري؛ وأَنشد:
فَمَنْ يَبتَغي مَسْعاةَ قَوْمِي فَلْيَرُمْ
صُعوداً إلى الجَوْزاء، هل هو مُؤتَلي
قال الفراء: ائْتَلَيْت افتعلت من أَلَوْت أي قَصَّرت. ويقول: لا
دَرَيْت ولا قَصَّرت في الطلب ليكون أَشقى لك؛ وأَنشد
(* امرؤ القيس):
وما المرْءُ، ما دامت حُشاشَةُ نفسه،
بمُدْرِك أَطرافِ الخُطُوب ولا آلي
وبعضهم يقول: ولا أَلَيْت، إتباع لَدَرَيْت، وبعضهم يقول: ولا أَتْلَيْت
أَي لا أَتْلَتْ إبلُك. ابن الأَعرابي: الأَلْوُ التقصير، والأَلْوُ
المنع، والأَلْوُ الاجتهاد، والأَلْوُ الاستطاعة، والأَلْو العَطِيَّة؛
وأَنشد:
أَخالِدُ، لا آلُوكَ إلاَّ مُهَنَّداً،
وجِلْدَ أَبي عِجْلٍ وَثيقَ القَبائل
أَي لا أُعطيك إلا سيفاً وتُرْساً من جِلْدِ ثور، وقيل لأَعرابي ومعه
بعير: أَنِخْه، فقال: لا آلُوه. وأَلاه يَأْلُوه أَلْواً: استطاعه؛ قال
العَرْجي:
خُطُوطاً إلى اللَّذَّات أَجْرَرْتُ مِقْوَدي،
كإجْرارِك الحَبْلَ الجَوادَ المُحَلِّلا
إذا قادَهُ السُّوَّاسُ لا يَمْلِكُونه،
وكانَ الذي يَأْلُونَ قَوْلاً له: هَلا
أَي يستطيعون. وقد ذكر في الأَفعال أَلَوْتُ أَلْواً. والأَلُوَّةُ:
الغَلْوَة والسَّبْقة. والأَلُوَّة والأُلُوَّة، بفتح الهمزة وضمها
والتشديد، لغتان: العُودُ الذي يُتَبَخَّر به، فارسي معرَّبٌ، والجمع أَلاوِيَة،
دخلت الهاء للإشعار بالعجمة؛ أُنشد اللحياني:
بِساقَيْنِ ساقَيْ ذي قِضِين تَحُشُّها
بأَعْوادِ رَنْدٍ أَو أَلاوِيَةً شُقْرا
(* قوله «أو ألاوية شقرا» كذا في الأصل مضبوطاً بالنصب ورسم ألف بعد شقر
وضم شينها، وكذا في ترجمة قضى من التهذيب وفي شرح القاموس).
ذو قِضين: موضع. وساقاها جَبَلاها. وفي حديث النبي، صلى الله عليه
وسلَّم، في صفة أَهل الجنة: ومَجامِرُهم الأَلُوَّة غير مُطَرَّاة؛ قال
الأَصمعي: هو العُود الذي يُتَبَخَّر به، قال وأُراها كلمة فارسية عُرِّبت. وفي
حديث ابن عمر: أَنه كان يَسْتَجمر بالأَلُوَّة غيرَ مُطَرَّاة. قال أَبو
منصور: الأَلُوَّة العود، وليست بعربية ولا فارسية، قال: وأُراها هندية.
وحكي في موضع آخر عن اللحياني قال: يقال لضرب من العُود أَلُوَّة
وأُلُوَّةٌ ولِيَّة ولُوَّة، ويجمع أَلُوَّةٌ أَلاوِيَةً؛ قال حسان:
أَلا دَفَنْتُم رسولَ اللهِ في سَفَطٍ،
من الأَلُوَّة والكافُورِ، مَنْضُودِ
وأَنشد ابن الأَعرابي:
فجاءتْ بِكافورٍ وعُود أَلُوَّةٍ
شَآمِيَة، تُذْكى عليها المَجامِرُ
ومَرَّ أَعرابي بالنبي، صلى الله عليه وسلم، وهو يُدْفَن فقال:
أَلا جَعَلْتُم رسولَ اللهِ في سَفَطٍ،
من الأَلُوَّةِ، أَحْوى مُلْبَساً ذَهَبا
وشاهد لِيَّة في قول الراجز:
لا يَصْطَلي لَيْلَةَ رِيح صَرْصَرٍ
إلاَّ بِعُود لِيَّةٍ، أَو مِجْمَر
ولا آتيك أَلْوَة أَبي هُبَيْرة؛ أَبو هُبَيْرَة هذا: هو سعد بن زيد
مَناة بن تميم، وقال ثعلب: لا آتيك أَلْوَةَ بنَ هُبيرة؛ نَصبَ أَلْوَة
نَصْبَ الظروف، وهذا من اتساعهم لأَنهم أَقاموا اسم الرجل مُقام
الدَّهر.والأَلْىة، بالفتح: العَجِيزة للناس وغيرهم، أَلْيَة الشاة وأَلْية
الإنسان وهي أَلْية النعجة، مفتوحة الأَلف، في حديث: كانوا يَجْتَبُّون
أَلَياتِ الغَنَم أَحياءً؛ جمع أَلْية وهي طَرَف الشاة، والجَبُّ القطع، وقيل:
هو ما رَكِبَ العَجُزَ من اللحم والشحم، والجمع أَلَيات وأَلايا؛
الأَخيرة على غير قياس. وحكى اللحياني: إنَّه لذُو أَلَياتٍ، كأَنه جعل كل جزء
أَلْيةً ثم جمع على هذا، ولا تقل لِيَّة ولا إلْية فإنهما خطأٌ. وفي
الحديث: لا تقومُ الساعةُ حتى تَضْطرِبَ أَلَياتُ نِساء دَوْسٍ على ذي
الخَلَصة؛ ذو الخَلَصَة: بيتٌ كان فيه صَنَمٌ لدَوْسٍ يسمى الخَلَصة، أَراد: لا
تقوم الساعة حتى ترجع دَوْسٌ عن الإسلام فَتَطُوفَ نساؤهم بذي الخَلَصة
وتَضْطَرِبَ أَعجازُهُنَّ في طوافهن كما كُنَّ يفعلن في الجاهلية.
وكَبْشٌ أَلَيان، بالتحريك، وأَلْيان وأَلىً وآلٍ وكباشٌ ونِعاجٌ أُلْيٌ مثل
عُمْي، قال ابن سيده: وكِباش أَلْيانات، وقالوا في جمع آلٍ أُلْيٌ، فإما
أَن يكون جُمِع على أَصله الغالب عليه لأَن هذا الضرب يأْتي على أَفْعَل
كأَعْجَز وأَسْته فجمعوا فاعلاً على فُعْلٍ ليعلم أَن المراد به أَفْعَل،
وإمّا أَن يكون جُمِع نفس آلٍ لا يُذْهَب به إلى الدلالة على آلَى، ولكنه
يكون كبازِلٍ وبُزْلٍ وعائذٍ وعُوذٍ. ونعجة أَلْيانةٌ وأَلْيا، وكذلك
الرجل والمرأَة مِنْ رِجالٍ أُلْيٍ ونساء أُلْيٍ وأَلْيانات وأَلاءٍ؛ قال
أَبو إسحق: رجل آلٍ وامرأَة عَجزاء ولا يقال أَلْياءُ، قال الجوهري: وبعضهم
يقوله؛ قال ابن سيده: وقد غلط أَبو عبيد في ذلك. قال ابن بري: الذي يقول
المرأَة أَليْاء هو اليزيدي؛ حكاه عنه أَبو عبيد في نعوت خَلْق
الإِنسان. الجوهري: ورجل آلَى أَي عظيم الأَليْة. وقد أَلِيَ الرجلُ، بالكسر،
يَأْلَى أَلىً. قال أَبو زيد: هما أَليْانِ للأَلْيَتَيْن فإِذا أَفردت
الواحدة قلت أَليْة؛ وأَنشد:
كأَنَّما عَطِيَّةُ بنُ كَعْبِ
ظَعِينةٌ واقِفَةٌ في رَكْبِ،
تَرْتَجُّ أَليْاهُ ارْتِجاجَ الوَطْبِ
وكذلك هما خُصْيانِ، الواحدة خُصْيَة. وبائعه أَلاَّء، على فَعَّال. قال
ابن بري: وقد جاء أَلْيَتان؛ قال عنترة:
مَتَى ما تَلْقَني فَرْدَيْنِ تَرْجُفْ
رَوانِفُ أَلْيَتَيْك وتُسْتَطارا
واللِّيَّة، بغير همز، لها مَعنيان؛ قال ابن الأَعرابي: اللِّيَّة قرابة
الرجل وخاصته؛ وأَنشد:
فَمَنْ يَعْصِبْ بِلِيَّتهِ اغْتِراراً،
فإِنَّك قد مَلأْتَ يَداً وشامَا
يَعْصِبْ: يَلْوِي مِنْ عصب الشيء، وأَراد باليد اليَمَن؛ يقول: مَنْ
أَعْطى أَهل قرابته أَحياناً خصوصاً فإِنك تعطي أَهل اليَمَن والشام.
واللِّيَّة أَيضاً: العود الذي يُسْتَجْمَر به وهي الأَلُوَّة.
ويقال: لأَى إِذا أَبطأَ، وأَلاَ إِذا تَكَبَّر؛ قال الأَزهري: أَلاَ
إِذا تَكبَّر حرف غريب لم أَسمعه لغير ابن الأَعرابي، وقال أَيضاً:
الأَليُّ الرجل الكثير الأَيْمان.
وأَليْة الحافر: مُؤخَّره. وأَليْة القَدَم: ما وقَع عليه الوَطءُ من
البَخَصَة التي تحت الخِنْصَر. وأَلْيَةُ الإبهام: ضَرَّتُها وهي اللَّحْمة
التي في أَصلها، والضرَّة التي تقابلها. وفي الحديث: فَتَفَلَ في عين
عليٍّ ومسَحَها بأَليْة إِبْهامه؛ أَليْة الإِبهام: أَصلُها، وأَصلُ
الخِنْصَر الضَّرَّة. وفي حديث البَراء: السُّجود على أَلْيَتَي الكَفِّ؛ أَراد
أَلْية الإِبهام وضَرَّة الخِنْصر، فَغَلَّب كالعُمَرَيْن
والقَمَرَيْن. وأَلْيةُ الساقِ: حَماتُها؛ قال ابن سيده: هذا قول الفارسي. الليث:
أَلْية الخِنْصَر اللَّحْمة التي تحتها، وهي أَلْية اليد، وأَلْية الكَفِّ
هي اللَّحْمة التي في أَصل الإِبهام، وفيها الضَّرَّة وهي اللَّحْمة التي
في الخِنْصَر إِلى الكُرْسُوع، والجمع الضَّرائر. والأَلْية: الشحمة.
ورجل أَلاَّءٌ: يبيع الأَلْية، يعني الشَّحْم. والأَلْية: المَجاعة؛ عن
كراع. التهذيب: في البَقَرة الوحشية لآةٌ وأَلاةٌ بوزن لَعاة وعَلاة. ابن
الأَعرابي: الإِلْية، بكسر الهمزة، القِبَلُ. وجاء في الحديث: لا يُقام
الرجلُ من مَجْلِسه حتى يقوم من إِلْية نفسه أَي من قِبَل نفسه من غير أَن
يُزْعَج أَو يُقام، وهمزتها مكسورة. قال أَبو منصور: وقال غيره قام فلان
مِنْ ذِي إِلْيةٍ أَي من تِلْقاء نفسه. وروي عن ابن عمر: أَنه كان يقوم له
الرجلُ مِنْ لِيةِ نفسه، بلا أَلف؛ قال أَبو منصور: كأَنه اسم من وَلِيَ
يَلي مثل الشِّية من وَشَى يَشِي، ومن قال إِلْية فأَصلها وِلْية، فقلبت
الواو همزة؛ وجاء في رواية: كان يقوم له الرجل من إِلْيته فما يَجْلِس في
مجلسه.
والآلاء: النِّعَمُ واحدها أَلىً، بالفتح، وإِلْيٌ وإِلىً؛ وقال
الجوهري: قد تكسر وتكتب بالياء مثال مِعىً وأَمْعاء؛ وقول الأَعشى:
أَبْيض لا يَرْهَبُ الهُزالَ، ولا
يَقْطَع رِحْماً، ولا يَخُونُ إِلا
قال ابن سيده: يجوز أَن يكون إِلا هنا واحد آلاء اللهِ، ويخُون:
يَكْفُر، مُخفَّفاً من الإِلِّ
(* قوله «مخففاً من الال» هكذا في الأصل، ولعله
سقط من الناسخ صدر العبارة وهو: ويجوز أن يكون إلخ أو نحو ذلك). الذي هو
العَهْد. وفي الحديث: تَفَكَّروا في آلاء الله ولا تَتَفَّكروا في الله.
وفي حديث عليّ، رضي الله عنه: حتى أَوْرَى قَبَساً لقابِسِ آلاء الله؛ قال
النابغة:
هُمُ الملوكُ وأَنْباءُ المُلُوكِ، لَهُمْ
فَضْلٌ على الناس في الآلاء والنِّعَم
قال ابن الأَنباري: إِلا كان في الأَصل وِلاَ، وأَلا كان في الأَصل
وَلاَ.
والأَلاء، بالفتح: شَجَر حَسَنُ المَنْظَر مُرُّ
الطَّعْم؛ قال بشر بن أَبي خازم:
فإِنَّكُمُ ومَدْحَكُمُ بُجيَراً
أَبا لَجَأٍ كما امْتُدِح الأَلاءُ
وأرْضٌ مأْلأَةٌ كثيرة الأَلاء. والأَلاء: شجر من شجر الرمل دائم الخضرة
أَبداً يؤكل ما دام رَطْباً فإِذا عَسا امْتَنَع ودُبغ به، واحدته
أَلاءة؛ حكى ذلك أَبو حنيفة، قال: ويجمع أَيضاً أَلاءَات، وربما قُصِر
الأَلاَ؛ قال رؤبة:
يَخْضَرُّ ما اخضَرَّ الأَلا والآسُ
قال ابن سيده: وعندي أَنه إِنما قصر ضرورة. وقد تكون الأَلاءَات جمعاً،
حكاه أَبو حنيفة، وقد تقدم في الهمز. وسِقاءٌ مَأْلِيٌّ ومَأْلُوٌّ:
دُبِغ بالأَلاء؛ عنه أَيضاً.
وإِلْياءُ: مدينة بين المقدس. وإِلِيَّا: اسم رجل. والمِئلاة، بالهمز،
على وزن المِعْلاة
(* قوله «المعلاة» كذا في الأصل ونسختين من الصحاح بكسر
الميم بعدها مهملة والذي في مادة علا: المعلاة بفتح الميم، فلعلها محرفة
عن المقلاة بالقاف): خِرْقَة تُمْسِكها المرأَة عند النَّوح، والجمع
المآلِي. وفي حديث عمرو بن العاص: إِني والله ما تَأَبَّطَتْني الإِماء ولا
حَمَلَتني البَغايا في غُبَّرات المآلي؛ المَآلِي: جمع مِئلاة بوزن
سِعْلاة، وهي ههنا خرقة الحائض أَيضاً
(* قوله «وهي ههنا خرقة الحائض أيضاً»
عبارة النهاية: وهي ههنا خرقة الحائض وهي خرقة النائحة أيضاً). يقال:
آلَتِ
المرأَة إِيلاءً إِذا اتَّخَذَتْ مِئْلاةً، وميمها زائدة، نَفَى عن نفسه
الجَمْع بين سُبَّتَيْن: أَن يكون لِزَنْيةً، وأَن يكون محمولاً في
بَقِية حَيْضَةٍ؛ وقال لبيد يصف سحاباً:
كأَنَّ مُصَفَّحاتٍ في ذُراه،
وأَنْواحاً عَلَيْهِنَّ المَآلي
المُصَفَّحاتُ: السيوفُ، وتَصْفِيحُها: تَعْريضُها، ومن رواه
مُصَفِّحات، بكسر الفاء، فهي النِّساء؛ شَبَّه لَمْعَ البَرْق بتَصْفِيح النساء
إِذا صَفَّقْنَ بأَيديهن.
@أما: الأَمَةُ: المَمْلوكةُ خِلاف الحُرَّة. وفي التهذيب: الأَمَة
المرأَة ذات العُبُودة، وقد أَقرّت بالأُمُوَّة. تقول العرب في الدعاء على
الإِنسان: رَماه الله من كل أَمَةٍ
بحَجَر؛ حكاه ابن الأَعرابي؛ قال ابن سيده: وأُراهُ
(* قوله «قال ابن
سيده وأراه إلخ» يناسبه ما في مجمع الامثال: رماه الله من كل أكمة بحجر).
مِنْ كل أَمْتٍ بحَجر، وجمع الأَمَة أَمَواتٌ وإِماءٌ وآمٍ وإِمْوانٌ
وأُمْوانٌ؛ كلاهما على طرح الزائد، ونظيره عند سيبويه أَخٌ وإِخْوانٌ: قال
الشاعر:
أَنا ابنُ أَسْماءَ أَعْمامي لها وأَبي،
إِذا تَرامى بَنُو الإِمْوانِ بالعار
وقال القَتَّالُ الكِلابي:
أَما الإِماءُ فلا يَدْعُونَني وَلَداً،
إِذا تَرامى بَنُو الإِمْوانِ بالعار
ويروى: بَنُو الأُمْوانِ؛ رواه اللحياني؛ وقال الشاعر في آم:
مَحَلَّةُ سَوْءٍ أَهْلَكَ الدَّهْرُ أَهْلَها،
فلم يَبْقَ فيها غَيْرُ آمٍ خَوالِفِ
وقال السُّلَيْك:
يا صاحِبَيَّ، أَلا لا حَيَّ بالوادي
إِلا عبيدٌ وآمٍ بين أَذْواد
وقال عمرو بن مَعْديكرب:
وكُنْتُمْ أَعْبُداً أَوْلادَ غَيْلٍ،
بَني آمٍ مَرَنَّ على السِّفاد
وقال آخر:
تَرَكْتُ الطيرَ حاجِلَةً عليه،
كما تَرْدي إِلى العُرُشاتِ آمِ
(* قوله «العرشات» هكذا في الأصل وشرح القاموس بالمعجمة بعد الراء،
ولعله بالمهملة جمع عرس طعام الوليمة كما في القاموس. وتردي: تحجل، من ردت
الجارية رفعت إحدى رجليها ومشت على الأخرى تلعب).
وأَنشد الأَزهري للكميت:
تَمْشِي بها رُبْدُ النَّعام
تَماشِيَ الآمِ الزَّوافِر
قال أَبو الهيثم: الآم جمع الأمَة كالنَّخْلة والنَّخْل والبَقْلَة
والبَقْل، وقال: وأَصل الأَمَة أَمْوَة، حذفوا لامها لَمَّا كانت من حروف
اللين، فلما جمعوها على مثال نَخْلَة ونَخْل لَزِمَهم أَن يقولوا أَمَة
وأَمٌ، فكرهوا أَن يجعلوها على حرفين، وكرهوا أَن يَرُدُّوا الواو المحذوفة
لما كانت آخر الاسم، يستثقلون السكوت على الواو فقدموا الواو فجعلوها
أَلفاً فيما بين الأَلف والميم. وقال الليث: تقول ثلاث آمٍ، وهو على تقدير
أَفْعُل، قال أَبو منصور: لم يَزد الليث على هذا، قال: وأُراه ذهب إِلى
أَنه كان في الأَصل ثلاث أَمْوُيٍ، قال: والذي حكاه لي المنذري أَصح وأَقيس،
لأَني لم أَرَ في باب القلب حرفين حُوِّلا، وأُراه جمع على أَفْعُل، على
أَن الأَلف الأُولى من آم أَلف أَفْعُل، والألف الثانية فاء أَفعل،
وحذفوا الواو من آمُوٍ، فانكسرت الميم كما يقال في جمع جِرْوٍ ثلاثة أَجْرٍ،
وهو في الأَصل ثلاثة أَجْرُوٍ، فلما حذفت الواو جُرَّت الراء، قال: والذي
قاله أَبو الهيثم قول حَسَنٌ، قال: وقال المبرد أَصل أَمَة فَعَلة،
متحركة العين، قال: وليس شيء من الأَسماء على حرفين إِلاَّ وقد سقط منه حرف،
يُسْتَدَل عليه بجمعه أَو بتثنيته أَو بفعل إن كان مشتقّاً منه لأَن
أَقلَّ الأُصول ثلاثة أَحرف، فأَمَةٌ الذاهب منه واو لقولهم أُمْوانٌ. قال:
وأَمَةٌ فَعَلة متحركة يقال في جمعها آمٍ، ووزن هذا أَفْعُل كما يقال
أَكَمَة وآكُم، ولا يكون فَعْلة على أَفْعُل، ثم قالوا إِمْوانٌ كما قالوا
إِخْوان. قال ابن سيده: وحمل سيبويه أَمَة على أَنها فَعَلة لقولهم في
تكسيرها آمٍ كقولهم أَكَمة وآكُم قال ابن جني: القول فيه عندي أَن حركة
العين قد عاقَبَتْ في بعض المواضع تاء التأْنيث، وذلك في الأَدواء نحو رَمِث
رَمَثاً وحَبِطَ حَبَطاً، فإِذا أَلحقوا التاء أَسكنوا العين فقالوا
حَقِلَ حَقْلةً ومَغِلَ مَغْلةً، فقد ترى إِلى مُعاقبة حركة العين تاءَ
التأْنيث، ومن ثم قولهم جَفْنة وجَفَنات وقَصْعة وقَصَعات، لَمَّا حذفوا
التاء حَرَّكوا العين، فلما تعاقبت التاءُ وحركة العين جَرَتا في ذلك مَجْرى
الضِّدين المتعاقبين، فلما اجتمعا في فَعَلة تَرافَعا أَحكامَهما،
فأَسقطت التاءُ حُكْمَ الحركة وأَسقطت الحركةُ حكمَ التاء، وآل الأَمر بالمثال
إِلى أَن صارَ كأَنه فَعْلٌ، وفَعْلٌ بابٌ تكسيره أَفْعُل. قال الجوهري:
أَصل أَمَة أَمَوَة، بالتحريك، لأَنه يُجْمع على آمٍ، وهو أَفْعُل مثل
أَيْنُق. قال: ولا يجمع فَعْلة بالتسكين على ذلك. التهذيب: قال ابن كيسان
يقال جاءَتْني أَمَةُ الله، فإِذا ثنَّيت قلت جاءَتني أَمَتا الله، وفي
الجمع على التكسير جاءَني إِماءُ الله وأُمْوانُ الله وأَمَواتُ الله،
ويجوز أَماتُ الله على النقص. ويقال: هُنَّ آمٌ لزيد، ورأَيت آمِياً لزيد،
ومرَرْت بآمٍ لزيد، فإِذا كَثُرت فهي الإِماء والإِمْوان والأُمْوان.
ويقال: اسْتَأْمِ أََمَةً غير أَمَتِك، بتسكين الهمزة، أَي اتَّخِذ،
وتَأَمَّيْتُ أَمةً. ابن سيده: وتَأَمَّى أَمَةً اتَّخَذها، وأَمَّاها
جعلَها أَمَة. وأَمَتِ المرأَةُ وأَمِيَتْ وأَمُوَتْ؛ الأَخيرة عن اللحياني،
أُمُوَّةُ: صارت أَمَةً. وقال مُرَّة: ما كانت أَمَةً ولقد أَمُوَت
أُمُوَّة. وما كُنْتِ أَمَةً ولقد تَأَمَّيْتِ وأَمِيتِ أُمُوَّة. الجوهري:
وتَأَمَّيتُ أَمَةً أَي اتَّخَذت أَمَة؛ قال رؤبة:
يَرْضَوْن بالتَّعْبِيدِ والتَّآمي
ولقد أَمَوْتِ أُمُوَّة.
قال ابن بري: وتقول هو يأْتَمِي بزيد أَي يَأْتَمُّ به؛ قال الشاعر:
نَزُورُ امْرأً، أَمّا الإِلَه فَيَتَّقي،
وأَمّا بفِعْل الصَّالحِينَ فَيَأْتَمِي
والنسبة إِليها أَمَويٌّ، بالفتح، وتصغيرها أُمَيَّة.
وبَنو أُمَيَّة: بطن من قريش، والنسبة إِليهم أُمَويٌّ، بالضم، وربما
فَتَحوا. قال ابن سيده: والنسب إِليه أُمَويٌّ على القياس، وعلى غير القياس
أَمَويٌّ. وحكى سيبويه: أُمَيِّيٌّ على الأَصل، أَجروه مُجْرى نُمَيْريّ
وعُقَيْلّي، وليس أُمَيِّيٌّ بأَكثر في كلامهم، إِنما يقولها بعضهم. قال
الجوهري: ومنهم من يقول في النسبة إليهم أُمَيِّيٌّ، يجمع بين أَربع
ياءَات، قال: وهو في الأَصل اسم رجل، وهما أُمَيَّتانِ: الأَكبر والأَصغر،
ابنا عَبْدِ شمس بن عبد منافٍ، أَولاد عَلَّةٍ؛ فمِنْ أُمَيَّة الكُبْرى
أَبو سفيان بن حرب والعَنابِسُ
والأعْياصُ، وأُمَيَّة الصُّغْرى هم ثلاثة إِخوة لأُم اسمها عَبْلَة،
يقال هم العَبَلات، بالتحريك. وأَنشد الجوهري هذا البيت للأَحْوَص
(* قوله
«وأنشد الجوهري هذا البيت للاحوص» الذي في التكملة: أن البيت ليس للاحوص
بل لسعد بن قرط بن سيار الجذامي يهجو أمه). وأَفرد عجزه:
أَيْما إِلى جنة أَيما إِلى نار
قال:وقد تكسر. قال ابن بري: وصوابه إِيما، بالكسر، لأَن الأَصل إِما،
فأَما أَيْما فالأَصل فيه أَمّا، وذلك في مثل قولك أَمّا زيد فمنطلق، بخلاف
إِمّا التي في العطف فإِنها مكسورة لا غير. وبنو أَمَة: بطن من بني نصر
بن معاوية.
قال: وأَمَا، بالفتح، كلمة معناها الاستفتاح بمنزلة أَلا، ومعناهما
حقّاً، ولذلك أَجاز سيبويه أَمَا إِنَّه منطلق وأَما أنه، فالكسر على أَلا
إِنَّه، والفتح حقّاً أَنَّه. وحكى بعضهم: هَما والله لقد كان كذا أَي
أَما والله، فالهاء بدل من الهمزة. وأَمَّا أَما التي للاستفهام فمركبة من
ما النافية وأَلف الاستفهام. الأَزهري: قال الليث أَمَا استفهام جحود
كقولك أَمَا تستحي من الله، قال: وتكون أَمَا تأْكيداً للكلام واليمين كقولك
أَما إِنَّه لرجلٌ كريم، وفي اليمين كقولك: أَمَا والله لئن سهرت لك
ليلة لأَدَعَنَّكَ نادماً، أَمَا لو علمت بمكانك لأُزعجنك منه. وقال الفراء
في قوله عز وجل: مِمّا خَطاياهم، قال: العرب تجعل ما صِلَةً فيما ينوى به
الجزاء كأَنه من خطيئاتهم ما أغرقوا، قال: وكذلك رأَيتها في مصحف عبد
الله وتأْخيرها دليل على مذهب الجزاء، ومثلها في مصحفه: أَيَّ الأَجَلَيْنِ
ما قَضَيْتُ؛ أَلا ترى أَنك تقول حَيْثُما تكن أَكن ومهْما تَقُلْ
أَقُلْ؟
قال الفراء: قال الكسائي في باب أَمَّا وإِمَّا: إذا كنت آمراً أَو
ناهياً أَو مخبراً فهو أَمّا مفتوحة، وإِذا كنت مشترطاً أَو شاكّاً أَو
مُخَيِّراً
أَو مختاراً فهي إِمَّا، بكسر الأَلف؛ قال: وتقول من ذلك في الأَول
أَمَّا اللهَ فاعْبُدْه وأَمّا الخمر فلا تشرَبْها وأَمّا زيد فقد خرج، قال:
وتقول في النوع الثاني إِذا كنت مشترطاً إِمّا تَشْتُمَنَّ فإِنه يَحْلُم
عنك، وتقول في الشك: لا أَدري من قام إِمَّا زيد وإِمَّا عمرو، وتقول في
التخيير: تَعَلَّمْ إِمَّا الفقه وإِما النحو، وتقول في المختار: لي دار
بالكوفة فأَنا خارج إِليها، فإِما أَن أَسكنها، وإِمّا أن أَبيعها؛ قال
الفراء: ومن العرب من يجعل إِمّا بمعنى أَمّا الشرطية؛ قال: وأَنشدني
الكسائي لصاحب هذه اللغة إِلاَّ أَنه أبدل إِحدى الميمين ياء:
يا لَيْتَما أُمَّنا شالت نَعامتُها،
إِيما إلى جنة إِيما إِلى نار
قال الجوهري: وقولهم إِيما وأَيْما يريدون أَمّا، فيبدلون من إِحدى
الميمين ياء. وقال المبرد: إِذا أَتيت بإِمّا وأَما فافتحها مع الأَسماء
واكسرها مع الأَفعال؛ وأَنشد:
إِمَّا أَقَمْتَ وأَمّا أَنت ذا سفر،
فاللهُ يَحْفَظُ ما تأْتي وما تَذَرُ
كسرت إِمّا أَقمتَ مع الفعل، وفتحت وأَمّا أَنت لأَنها وَلِيَت الاسم؛
وقال:
أَبا خُراشة أَمَّا أَنتَ ذا نَفَرٍ
المعنى: إِذا كنت ذا نَفَر؛ قال: قاله ابن كَيْسان. قال: وقال الزجاج
إِمّا التي للتخيير شبهت بأَن التي ضمت إِليها ما مثل قوله عز وجل: إِمّا
أَن تُعذبَ وإِما أَن تَتَّخذَ فيهم حُسْناً؛ كتبت بالأَلف لما وصفنا،
وكذلك أَلا كتبت بالأَلف لأَنها لو كانت بالياء لأَشبهت إِلى، قال: قال
البصريون أَمّا هي أَن المفتوحة ضمت إِليها ما عوضاً من الفعل، وهو بمنزلة
إِذ، المعنى إِذا كنت قائماً فإِني قائم معك؛ وينشدون:
أَبا خراشة أَمَّا كنت ذا نفر
قالوا: فإِن ولي هذه الفعل كسرت فقيل إِمَّا انطلقتَ انطلقتُ معك؛
وأَنشد:
إِمّا أَقمت وأَما أَنت مرتحلا
فكسر الأُولى وفتح الثانية، فإِن ولي هذه المكسورة فعل مستقبل أَحدثت
فيه النون فقلت إِمّا تذهبنَّ فإِني معك، فإِن حذفت النون جزمت فقلت إِما
يأْكلْك الذئب فلا أَبكيك. وقال الفراء في قوله عز وجل: انا هديناه السبيل
إِمّا شاكراً وإِمَّا كفوراً، قال: إِمّا ههنا جزاء أَي إِن شكر وإِن
كفر. قال: وتكون على إِما التي في قوله عز وجل: إِمّا يعذبهم وإِما يتوب
عليهم، فكأَنه قال خلقناه شقيّاً أَو سعيداً. الجوهري: وإِمّا، بالكسر
والتشديد، حرف عطف بمنزلة أَو في جميع أَحوالها إِلا في وجه واحد، وهو أَنك
تبتدئ بأَو متيقناً ثم يدركك الشك، وإما تبتدئ بها شاكّاً ولا بد من
تكريرها. تقول: جاءني إِمّا زيد وإِمّا عمرو؛ وقول حسان بن ثابت:
إِمَّا تَرَيْ رأْسي تَغَيَّر لونُه
شَمَطاً فأَصْبَح كالثَّغام المُمْحِل
(* قوله «الممحل» كذا في الأصل، والذي في الصحاح: كالثغام المخلس، ولم
يعز البيت لاحد).
يريد: إِنْ تَرَيْ رأْسي، وما زائدة؛ قال: وليس من إِمّا التي تقتضي
التكرير في شيء وذلك في المجازاة تقول: إِمّا تأْتني أُكرمْك. قال عز من
قائل: فإِمَّا تَرَيِنَّ من البشر أَحداً. وقولهم: أَمَّا، بالفتح، فهو
لافتتاح الكلام ولا بد من الفاء في جوابه تقول: أَما عبد الله فقائم، قال:
وإِنما احتيج إِلى الفاء في جوابه لأَن فيه تأويل الجزاء كأَنك قلت مهما
يكن من شيء فعبد الله قائم. قال: وأَمَا، مخفف، تحقيق للكلام الذي يتلوه،
تقول: أَمَا إِن زيداً عاقل، يعني أَنه عاقل على الحقيقة لا على المجاز.
وتقول: أَمَا والله قد ضرب زيد عمراً.
الجوهري: أَمَتِ السِّنَّوْرُ تَأْمو أُماء أَي صاحت، وكذلك ماءت
تَمُوءُ مُواء.
@أني: أَنى الشيءُ يأْني أَنْياً وإِنىً وأَنىً
(* قوله
«وأنى» هذه الثالثة بالفتح والقصر في الأصل، والذي في القاموس ضبطه
بالمد واعترضه شارحه وصوب القصر)، وهو أَنيٌّ. حان وأَدْرك، وخَصَّ بعضهم به
النبات. الفراء: يقال أَلمْ يَأْنِ وأَلَم يَئِنْ لك وأَلم يَنَلْ لكَ
وأَلم يُنِلْ لك، وأَجْوَدُهُنَّ ما نزل به القرآن العزيز، يعني قوله: أَلم
يَأْنِ للذين آمنوا؛ هو من أَنى يأْني وآنَ لك يَئين. ويقال: أَنى لك
أَن تفعل كذا ونالَ لك وأَنالَ لك وآن لك، كل بمعنى واحد؛ قال الزجاج:
ومعناها كلها حانَ لك يَحين. وفي حديث الهجرة: هل أَنى الرحيلُ أَي حانَ
وقتُه، وفي رواية: هل آنَ الرحيلُ أَي قرب. ابن الأَنباري: الأَنى من بلوغ
الشيء منتهاه، مقصور يكتب بالياء، وقد أَنى يَأْني؛ وقال:
. . . . . . . . . . بيَوْمٍ
أَنى ولِكُلِّ حاملةٍ تَمامُ
أَي أَدرك وبلغ. وإِنَى الشيء: بلوغُه وإِدراكه. وقد أَنى الشيءُ يأْني
إِنىً، وقد آنَ أَوانُك وأَيْنُك وإِينُكَ. ويقال من الأَين: آنَ يَئِين
أَيْناً.
والإِناءُ، ممدود: واحد الآنِية معروف مثل رداء وأَردية، وجمعه آنيةٌ،
وجمع الآنية الأَواني، على فواعل جمع فاعلة، مثل سِقاء وأَسْقِية وأَساقٍ.
والإِناءُ: الذي يرتفق به، وهو مشتق من ذلك لأَنه قد بلغ أَن يُعْتَمل
بما يعانَى به من طبخ أَو خَرْز أَو نجارة، والجمع آنِيَةٌ وأَوانٍ؛
الأَخيرة جمع الجمع مثل أَسقية وأَساق، والأَلف في آنِيَة مبدلة من الهمزة
وليست بمخففة عنها لانقلابها في التكسير واواً، ولولا ذلك لحكم عليه دون
البدل لأن القلب قياسيّ والبدل موقوف.
وأَنَى الماءُ: سَخُنَ وبلغ في الحرارة. وفي التنزيل العزيز: يطوفون
بينها وبين حَميم آنٍ؛ قيل: هو الذي قد انتهى في الحرارة. ويقال: أَنَى
الحميمُ أَي انتهى حره؛ ومنه قوله عز وجل: حميم آنٍ. وفي التنزيل العزيز:
تُسْقَى من عين آنِيَة؛ أَي متناهية في شدّة الحر، وكذلك سائر الجواهر.
وبَلَغ الشيءُ إِناه وأَناه أَي غايته. وفي التنزيل: غير ناظرين إِناهُ؛
أَي غير منتظرين نُضْجَه وإِدراكَه وبلوغه. تقول: أَنَى يَأْني إِذا
نَضِجَ. وفي حديث الحجاب: غير ناظرين إِناه؛ الإِنَى، بكسر الهمزة والقصر:
النُّضْج.
والأَناةُ
والأَنَى: الحِلم والوقار. وأَنِيَ وتَأَنَّى واسْتأْنَى: تَثبَّت. ورجل
آنٍ على فاعل أَي كثير الأَناة والحلم. وأَنَى أُنِيّاً فهو أَنِيٌّ:
تأَخر وأَبطأَ. وآنَى: كأَنَى. وفي الحديث في صلاة الجمعة: قال لرجل جاء
يوم الجمعة يتخطى رقاب الناس رأَيتك آنَيْتَ وآذَيْتَ؛ قال الأَصمعي:
آنَيْتَ أَي أَخرت المجيء وأَبطأْت، وآذَيْتَ أَي آذَيت الناس بتخطيك؛ ومنه
قيل للمتمكث في الأُمور مُتَأَنٍّ. ابن الأَعرابي: تَأَنَّى إِذا رَفَق.
وآنَيْت وأَنَّيت بمعنى واحد، وفي حديث غزوة حنين: اختاروا إِحدى الطائفتين
إِمَّا المال وإِمّا السبي وقد كنت استَأْنَيْتُ
بكم أَي انتظرت وتربَّصت؛ يقال: آنَيْت وأَنَّيْت وتأَنَّيْت
واسْتَأْنَيْتُ. الليث: يقال اسْتَأْنَيتُ بفلان أَي لم أُعْجِله. ويقال: اسْتأْنِ
في أَمرك أَي لا تَعْجَل؛ وأَنشد:
اسْتأْن تَظْفَرْ في أُمورِك كلها،
وإِذا عَزَمْتَ على الهَوى فتوَكلِ
والأَناة: التُّؤَدة. ويقال: لا تُؤنِ فُرْصَتَك أَي لا تؤخرها إِذا
أَمْكَنَتْك. وكل شيء أَخَّرته فقد آنَيْتَه. الجوهري: آناه يُؤنِيه إِيناء
أَي أَخَّره وحَبَسه وأَبطأَه؛ قال الكميت:
ومَرْضوفةٍ لم تُؤْنِ في الطَّبْخِ طاهِياً
عَجِلْتُ إِلى مُحْوَرِّها، حين غَرْغَرا
وتَأَنَّى في الأَمر أَي تَرَفَّق وتَنَظَّرَ. واسْتأْنَى به أَي انتظر
به؛ يقال: اسْتُؤْنيَ به حَوْلاً. ويقال: تَأَنَّيْتُكَ حتى لا أَناة بي،
والاسم الأَناة مثل قناة؛ قال ابن بري شاهده:
الرِّفْقُ يُمْنٌ والأَناةُ سَعادةٌ
وآنَيْتُ الشيءَ: أَخَّرته، والاسم منه الأَناء على فَعَال، بالفتح؛ قال
الحطيئة:
وآنَيْتُ العَشاءَ إِلى سُهَيْلٍ،
أَو الشَّعْرى، فطال بِيَ الأَناء
التهذيب: قال أَبو بكر في قولهم تَأَنَّيْتُ الرجل أَي انتظرته وتأَخرت
في أَمره ولم أَعْجَل. ويقال: إِنَّ خَبَر فلان لَبَطيءٌ أَنِيٌّ؛ قال
ابن مقبل:
ثم احْتَمَلْنَ أَنِيّاً بعد تَضْحِيَةٍ،
مِثْل المَخارِيف من جَيْلانَ أَو هَجَر
(* قوله «قال ابن مقبل ثم احتملن...» أورده ياقوت في جيلان بالجيم،
ونسبه لتميم بن أبي، وقال أنيّ تصغير إنى واحد آناء الليل).
الليث: أَنَى الشيءُ يَأْني أُنِيّاً إِذا تأَخر عن وقته؛ ومنه قوله:
والزادُ لا آنٍ ولا قَفارُ
أَي لا بطيء ولا جَشِبٌ غير مأْدوم؛ ومن هذا يقال: تَأَنَّى فلان
يَتَأَنَّى، وهو مُتَأَنّ إِذا تَمَكَّث وتثبت وانتظر. والأَنَى: من الأَناة
والتُّؤَدة؛ قال العجاج فجعله الأَناء:
طال الأَناءُ وَزايَل الحَقّ الأَشر
وهي الأَناة. قال ابن السكيت: الإِنَى من الساعات ومن بلوغ الشيء
منتهاه، مقصور يكتب بالياء ويفتح فيمدّ؛ وأَنشد بيت الحطيئة:
وآنَيْتُ العَشاءَ إِلى سُهَيْل
ورواه أَبو سعيد: وأَنَّيْت، بتشديد النون. ويقال: أَنَّيْتُ الطعامَ في
النار إِذا أَطلت مكثه، وأَنَّيْت في الشيء إِذا قَصَّرت فيه. قال ابن
بري: أَنِيَ عن القوم وأَنَى الطعامُ عَنَّا إِنىً شديداً والصَّلاةُ
أُنِيّاً، كل ذلك: أَبطأَ. وأَنَى يَأْنِي ويَأْنى أَنْياً فهو أَنِيٌّ إِذا
رَفَقَ.
والأَنْيُ والإِنْيُ: الوَهْنُ أَو الساعة من الليل، وقيل: الساعة منه
أَيَّ
ساعة كانت. وحكى الفارسي عن ثعلب: إِنْوٌ، في هذا المعنى، قال: وهو من
باب أَشاوِي، وقيل: الإِنَى النهار كله، والجمع آناء وأُنِيّ؛ قال:
يا لَيْتَ لي مِثْلَ شَرِيبي مِنْ نُمِيّْ،
وهْوَ شَرِيبُ الصِّدْقِ ضَحَّاكُ الأُنِيّْ
يقول: في أَيّ ساعة جئته وجدته يضحك. والإِنْيّْ: واحد آناه الليل وهي
ساعاته. وفي التنزيل العزيز: ومن آناء الليل؛ قال أَهل اللغة منهم الزجاج:
 

rahaal

تربوي
عضو ملتقى المعلمين
آناء الليل ساعاته، واحدها إِنْيٌ وإِنىً، فمن قال إِنْيٌ فهو مثل
نِحْيٍ وأَنحاء، ومن قال إِنىً فهو مثل مِعىً وأَمْعاء؛ قال الهذلي
المتنخِّل:السالك الثَّغْرِ مَخْشِيّاً مَوارِدُه،
بكُلِّ إِنْيٍ قَضاه الليلُ يَنْتَعِلُ
قال الأَزهري: كذا رواه ابن الأَنباري؛ وأَنشده الجوهري:
حُلْو ومرّ، كعَطْفِ القِدْحِ مِرَّتُه،
في كل إِنْيٍ قَضاه الليلُ يَنْتَعِلُ
ونسبه أَيضاً للمنتخّل، فإِما أَن يكون هو البيت بعينه أَو آخر من قصيده
أُخرى. وقال ابن الأَنباري: واحد آناء الليل على ثلاثة أَوجه: إِنْي
بسكون النون، وإِنىً بكسر الأَلف، وأَنىً بفتح الأَلف؛ وقوله:
فَوَرَدَتْ قبلَ إِنَى صِحابها
يروى: إِنَى وأَنَى، وقاله الأَصمعي. وقال الأَخفش: واحد الآناء إِنْوٌ؛
يقال: مضى إِنْيانِ من الليل وإِنْوانِ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي في
الإِنَى:
أَتَمَّتْ حملَها في نصف شهر،
وحَمْلُ الحاملاتِ إِنىً طويلُ
ومَضَى إِنْوٌ من الليل أَي وقت، لغة في إنْي. قال أَبو عليّ: وهذا
كقولهم جَبَوْت الخراج جِباوة، أُبدلت الواو من الياء. وحكى الفارسي: أَتيته
آيِنَةً بعد آينةٍ أَي تارة بعد تارة؛ كذا حكاه، قال ابن سيده: وأُراه
بني من الإِنَى فاعلة وروى:
وآيِنَةً يَخْرُجْنَ من غامر ضَحْل
والمعروف آوِنَة. وقال عروة في وصية لبنيه: يا بَنيّ إِذا رأَيتم
خَلَّةً رائعة من رجل فلا تقطعوا إِناتَكم
(* قوله «إناتكم» كذا ضبط بالكسر في
الأصل، وبه صرح شارح القاموس). وإِن كان الناس رَجُلَ سَوءٍ؛ أَي رجاءكم؛
وقول السلمية أَنشده يعقوب:
عَن الأَمر الذي يُؤْنِيكَ عنه،
وعَن أَهْلِ النَّصِيحة والوداد
قال: أَرادت يُنْئِيك من النَّأْي، وهو البعد، فقدمت الهمزة قبل النون.
الأَصمعي: الأَناةُ من النساء التي فيها فتور عن القيام وتأَنٍّ؛ قال
أَبو حيَّة النميري:
رَمَتْه أَناةٌ، من رَبيعةِ عامرٍ،
نَؤُومُ الضُّحَى في مَأْتَمٍ أَيِّ مَأْتَم
والوَهْنانةُ نحوها. الليث: يقال للمرأَة المباركة الحليمة المُواتِية
أَناة، والجمع أَنواتٌ. قال: وقال أَهل الكوفة إِنما هي الوَناة، من
الضعف، فهمزوا الواو؛ وقال أَبو الدُّقَيْش: هي المباركة، وقيل: امرأَة أَناة
أَي رَزِينة لا تَصْخَبُ ولا تُفْحِش؛ قال الشاعر:
أَناةٌ كأَنَّ المِسْكَ تَحْتَ ثيابِها،
ورِيحَ خُزامَى الطَّلِّ في دَمِثِ الرَّمْل
قال سيبويه: أَصله وَناةٌ مثل أَحَد وَوَحَد، من الوَنَى. وفي الحديث:
أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَمَر رجلاً أَن يزوج ابنته من
جُلَيْبِيبٍ، فقال حتى أُشاورَ أُمَّها، فلما ذكره لها قالت: حَلْقَى،
أَلِجُلَيْبيبٍ؟ إِنِيْه، لا لَعَمْرُ اللهِ ذكره ابن الأَثير في هذه الترجمة
وقال: قد اختلف في ضبط هذه اللفظة اختلافاً كثيراً فرويت بكسر الهمزة
والنون وسكون الياء وبعدها هاء، ومعناها أَنها لفظة تستعملها العرب في
الإِنكار، يقول القائل: جاء زيد، فتقول أَنت: أَزَيْدُنِيه وأَزَيْدٌ إِنِيه،
كأَنك استبعدت مجيئه. وحكى سيبويه: أَنه قيل لأَعرابي سكن البَلَدَ:
أَتخرج إِذا أَخصبت البادية؟ فقال: أَنا إِنيه؟ يعني أَتقولون لي هذا القول
وأَنا معروف بهذا الفعل؟ كأَنه أَنكر استفهامهم إِياه، ورويت أَيضاً بكسر
الهمزة وبعدها باء ساكنة، ثم نون مفتوحة، وتقديرها أَلِجُلَيْبيبٍ
ابْنَتي؟ فأَسقطت الياء ووقفت عليها بالهاء؛ قال أَبو موسى، وهو في مسند أَحمد
بن حنبل بخط أَبي الحسن بن الفُراتِ، وخطه حجة: وهو هكذا مُعْجَمٌ
مُقَيَّد في مواضع، قال: ويجوز أَن لا يكون قد حذف الياء وإِنما هي ابْنَةٌ نكرة
أَي أَتُزَوِّجُ جُلَيْبِيباً ببنتٍ، يعني أَنه لا يصلح أَن يزوج ببنت،
إِنما يُزَوَّجُ مثلُه بأَمة استنقاصاً له؛ قال: وقد رويت مثل هذه
الرواية الثانية بزيادة أَلف ولام للتعريف أَي أَلجليبيبٍ الابْنةُ، ورويت
أَلجليبيبٍ الأَمَةُ؟ تريد الجارية كناية عن بنتها، ورواه بعضهم أُمَيَّةُ
أَو آمِنَةُ على أَنه اسم البنت.
@أها: أَها: حكاية صوتِ الضَّحِك؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
أَهَا أَهَا عند زادِ القَوْمِ ضِحْكَتُهم،
وأَنتُمُ كُشُفٌ، عند الوغَى، خُورُ
@أوا: أَوَيْتُ مَنْزلي وإِلى منزلي أُوِيّاً وإِوِيّاً وأَوَّيْتُ
وتأَوَّيْتُ وأْتَوَيْتُ، كله: عُدْتُ؛ قال لبيد:
بصَبُوحِ صافِيةٍ وجَدْتُ كرِينَةً
بِمُوَتَّرٍ تَأْتَى له إِبْهامُها
إِنما أَراد تَأْتَوِي له أَي تفتعل من أَوَيتُ إِليه أَي عُدْتُ، إِلا
أَنه قلب الواو أَلفاً وحذفت الياء التي هي لام الفعل؛ وقول أَبي كبير:
وعُراضةُ السِّيَتَيْنِ تُوبِعَ بَرْيُها،
تَأْوِي طَوائفُها لعَجسٍ عَبْهَرِ
استعارَ الأُوِيّ للقِسِيّ، وإِنما ذلك للحيوان. وأَوَيْتُ الرجل إِليَّ
وآوَيْتُه، فأَما أَبو عبيد فقال أَوَيْته وآوَيْتُه، وأَوَيْتُ إِلى
فلان، مقصورٌ لا غير. الأَزهري: تقول العرب أَوَى فلانٌ إِلى منزله يَأْوِي
أُوِيّاً، على فُعول، وإِواءً؛ ومنه قوله تعالى: قال سآوي إِلى جبل
يعصمني من الماء. وآوَيْتُه أَنا إِيواءً، هذا الكلام الجيد. قال: ومن
العرب من يقول أَوَيْتُ فلاناً إِذا أَنزلته بك. وأَويْتُ الإِبل: بمعنى
آوَيْتُها. أَو عبيد: يقال أَوَيْتُه، بالقصر، على فَعَلْته، وآوَيْتُه،
بالمد، على أَفْعَلْته بمعنى واحد، وأَنكر أَبو الهيثم أَن تقول أَوَيْتُ،
بقصر الأَلف، بمعنى آوَيْتُ، قال: ويقال أَوَيْتُ فلاناً بمعنى أَوَيْتُ
إِليه. قال أَبو منصور: ولم يعرف أَبو الهيثم، رحمه الله، هذه اللغة، قال:
وهي صحيحة، قال: وسمعت أَعرابيّاً فصيحاً من بني نُمَير كان استُرْعِيَ
إِبلاً جُرْباً، فلما أَراحَها مَلَثَ الظَّلامِ نَحَّاها عن مَأْوَى
الإِبلِ الصِّحاحِ ونادَى عريفَ الحيّ فقال: أَلا أَيْنَ آوِى هذه الإِبلَ
المُوَقَّسَة؟ ولم يقل أُووِي. وفي حديث البَيْعة أَنه قال للأَنصار:
أُبايعكم على أَن تُؤْوُوني وتنصروني أَي تضموني إِليكم وتَحُوطوني بينكم.
يقال: أَوَى وآوَى بمعنى واحد، والمقصور منهما لازم ومتعدّ؛ ومنه قوله: لا
قَطْع في ثَمَرٍ حتى يَأْوِيَهُ الجَرِينُ أَى يَضُمه البَيْدَرُ ويجمعه.
وروى الرواةُ عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: لا يَأْوِي
الضالةَ إِلا ضالٌّ؛ قال الأَزهري: هكذا رواه فصحاء المحدّثين بالياء، قال:
وهو عندي صحيح لا ارتياب فيه كما رواه أَبو عبيد عن أَصحابه؛ قال ابن
الأَثير: هذا كله من أَوَى يَأْوي. يقال: أَوَيْتُ إِلى المنزل وأَوَيْتُ غيري
وآويْتُه، وأَنكر بعضهم المقصور المتعدّي، وقال الأَزهري: هي لغة فصيحة؛
ومن المقصور اللازم الحديثُ الآخر: أَما أَحدُهم فأَوَى إِلى الله أَي
رجع إِليه، ومن الممدود حديثُ الدعاء: الحمد لله الذي كفانا وآوانا؛ أَي
ردَّنا إِلى مأْوىً لنا ولم يجعلنا منتشرين كالبهائم، والمأْوَى: المنزلُ:
وقال الأَزهري: سمعت الفصيحَ من بني كلاب يقول لمأْوَى الإِبلِ
مَأْواة، بالهاء. الجوهري: مَأْوِي الإِبل، بكسر الواو، لغة في مَأْوَى
الإِبل خاصة، وهو شاذ، وقد ذكر في مأْقي العين. وقال الفراء: ذكر لي
أَنَّ بعض العرب يسمي مأْوَى الإِبل مأْوِي، بكسر الواو، قال: وهو نادر، لم
يجئ في ذوات الياء والواو مَفْعِلٌ، بكسر العين، إِلا حرفين: مَأْقي
العين، ومأْوِي الإِبل، وهما نادران، واللغة العالية فيهما مأْوى ومُوق
وماقٌ، ويُجْمَع الآوي مثل العاوي أُوِيّاً بوزن عُوِيّاً؛ ومنه قول
العجاج:فَخَفَّ والجَنادِلُ الثُّوِيُّ،
كما يُداني الحِدَأُ الأُوِيُّ
شبه الأَثافي واجتماعَها بحدإِ انضمت بعضها إلى بعض. وقوله عز وجل:
عندها جنة المأْوى؛ جاء في التفسير: أَنها جنة تصير إِليها أَرواح الشهداء.
وأَوَّيْتُ الرجلَ كآوَيْته؛ قال الهذلي:
قد حالَ دونَ دَريسَيْهِ مُؤَوِّيةٌ
مِسْعٌ، لها بِعضاهِ الأَرضِ تَهْزيزُ
قال ابن سيده: هكذا رواه يعقوب، والصحيح مؤوِّبةٌ، وقد روى يعقوب مؤوّبة
أَيضاً ثم قال: إِنها رواية أُخرى. والمَأْوى والمَأْواة: المكانُ، وهو
المأْوِي. قال الجوهري: المَأْوَى كل مكان يأْوي إِليه شيء ليلاً أَو
نهاراً. وجنة المأْوى: قيل جَنَّةُ المَبيت.
وتَأَوَّت الطير تَأَوِّياً: تَجَمَّعَتْ بعضُها إِلى بعض، فهي
مُتَأَوِّيَة ومُتَأَوِّياتٌ. قال أَبو منصور: ويجوز تَآوَتْ بوزن تَعاوَتْ على
تَفاعَلَتْ. قال الجوهري: وهُنَّ أُوِيٌّ جمع آوٍ مثل باكٍ وبُكِيٍّ،
واستعمله الحرثُ بن حِلِّزة في غير الطير فقال:
فتَأَوَّتْ له قَراضِبةٌ من
كلِّ حَيٍّ، كأَنَّهم أَلْقاءُ
وطير أُوِيٌّ: مُتَأَوِّياتٌ كأَنه على حذف الزائد. قال أَبو منصور:
وقرأْت في نوادر الأَعراب تَأَوَّى الجُرْحُ وأَوَى وتَآوَى وآوَى إِذا
تقارب للبرء. التهذيب: وروى ابن شميل عن العرب أَوَّيتُ بالخيل تَأْوِيَةً
إِذا دعوتها آوُوه لتَريعَ إِلى صَوْتِك؛ ومنه قول الشاعر:
في حاضِر لَجِبٍ قاسٍ صَواهِلُهُ،
يقال للخيل في أَسْلافِه: آوُو
قال أَبو منصور: وهو معروف من دعاء العرب خيلها، قال: وكنت في البادية
مع غلام عربي يوماً من الأَيام في خيل نُنَدِّيها على الماء، وهي
مُهَجِّرة تَرْوُدُ في جَناب الحِلَّة، فهبت ريح ذات إِعْصار وجَفَلَتِ الخيلُ
وركبت رؤوسَها، فنادى رجل من بني مُضَرّس الغلام الذي كان معي وقال له:
أَلا وأَهِبْ بها ثم أَوِّ بها تَرِعْ إِلى صوتك، فرفع الغلام صوته وقال:
هابْ هابْ، ثم قال: آوْ فراعَتِ الخيلُ إِلى صوته؛ ومن هذا قول عدي بن
الرِّقاع يصف الخيل:
هُنَّ عُجْمٌ، وقد عَلِمْنَ من القَوْ
لِ: هَبي واقْدُمي وآوُو وقومي
ويقال للخيل: هَبي وهابي واقْدُمي واقْدمي، كلها لغات، وربما قيل لها من
بعيد: آيْ، بمدة طويلة. يقال: أَوَّيْتُ بها فتأَوَّتْ تَأَوِّياً
إِذا انضم بعضُها إِلى بعض كما يَتَأَوَّى الناسُ؛ وأَنشد بيت ابن
حلِّزة:
فتأَوَّت له قراضبة من
كل حيٍّ، كأَنهم أَلقاءُ
وإِذا أَمرتَ من أَوَى يأْوِي قلت: ائْوِ إِلى فلان أَي انضمَّ إِليه،
وأَوِّ لفلان أَي ارْحمه، والافتعالُ منهما ائْتَوَى يأْتَوِي. وأَوى
إِليه أَوْيَةً وأَيَّةً ومأْوِيَةً ومأْواةً: رَقَّ ورَثى له؛ قال زهير:
بانَ الخَلِيطُ ولم يَأْوُوا لمنْ تَرَكُوا
(* عجز البيت:
وزودوك اشتياقاً أية سلكوا).
وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يُخَوِّي في سجوده حتى
كنا نأْوي له؛ قال أَبو منصور: معنى قوله كنا نَأْوي له بمنزلة قولك كنا
نَرْثي له ونُشْفِقُ عليه من شدَّة إِقلاله بَطْنَه عن الأَرض ومَدِّه
ضَبُعَيْه عن جَنْبَيه. وفي حديث آخر: كان يصلي حتى كنتُ آوي له أَي
أَرِقُّ له وأَرثي. وفي حديث المغيرة: لا تَأْوي من قلَّة أَي لا تَرْحَمُ
زوجها ولا تَرِقُّ له عند الإِعدام؛ وقوله:
أَراني، ولا كُفْرانَ لله، أَيَّةً
لنَفْسِي، لقد طالَبْتُ غيرَ مُنِيلِ
فإِنه أَراد أَوَيْتُ لنفسي أَيَّةً أَي رحمتها ورَقَقْتُ لها؛ وهو
اعتراض وقولُه: ولا كفران لله، وقال غيره: لا كفران لله، قال أَي غير مُقْلَق
من الفَزَع، أَراد لا أَكفر لله أَيَّةً لنفسي، نصبه لأَنه مفعول له.قال
الجوهري: أَوَيْت لفلان أَوْيَةً وأَيَّةً، تقلب الواو ياء لسكون ما
قبلها وتدغم؛ قال ابن بري: صوابه لاجتماعها مع الياء وسبقها بالسكون.
واسْتَأْوَيْنُه أَي اسْتَرحمته استِيواءً؛ قال ذو الرمة:
على أَمْرِِ من لم يُشْوِني ضُرُّ أَمْرِه،
ولو أَنِّيَ اسْتَأْوَيْتُه ما أَوى ليا
وأَما حديث وهب: إِن الله عز وجل قال إِني أَوَيْتُ على نفسي أَن
أَذْكُرَ من ذكرني، قال ابن الأَثير: قال القتيبي هذا غلط إِلا أَن يكون من
المقلوب، والصحيح وأَيْتُ على نفسي من الوَأْي الوَعْدِ، يقول: جعلته
وَعْداً على نفسي. وذكر ابن الأَثير في هذه الترجمة حديث الرؤيا: فاسْتَأَى
لها؛ قال: بوزن اسْتَقى، ورُوي: فاسْتاء لها، بوزن اسْتاق، قال: وكلاهما
من المَساءَة أَي ساءَتْه، وهو مذكور في ترجمة سوأَ؛ وقال بعضهم: هو
اسْتالَها بوزن اخْتارَها فجعل اللام من الأَصل، أَخذه من التأْويل أَي
طَلَبَ تأْويلَها، قال: والصحيح الأعول. أَبو عمرو: الأُوَّة الداهية، بضم
الهمزة وتشديد الواو. قال: ويقال ما هي إِلا أُوَّةٌ من الأُوَوِ يا فتى
أَي داهيةٌ من الدواهي؛ قال: وهذا من أَغرب ما جاء عنهم حتى جعلوا الواو
كالحرف الصحيح في موضع الإِعراب فقالوا الأُوَوُ، بالواو الصحيحة، قال:
والقياس في ذلك الأُوَى مثال قُوّة وقُوىً، ولكن حكي هذا الحرف محفوظاً عن
العرب. قال المازني: آوَّةٌ من الفعل فاعلةٌ، قال: وأَصله آوِوَةٌ فأُدغمت
الواو في الواو وشُدّت، وقال أَبو حاتم: هو من الفعل فَعْلةٌ بمعنى
أَوَّة، زيدت هذه الأَلف كما قالوا ضَربَ حاقَّ رأْسه، فزادوا هذه الأَلف؛
وليس آوَّه بمنزلة قول الشاعر:
تأَوَّه آهةَ الرجلِ الحَزينِ
لأَن الهاء في آوَّه زائدة وفي تأَوَّه أَصلية، أَلا ترى أَنهم يقولون
آوّتا، فيقلبون الهاء تاء؟ قال أَبو حاتم: وقوم من الأَعراب يقولون آوُوه،
بوزن عاوُوه، وهو من الفعل فاعُولٌ، والهاء فيه أَصلية.
ابن سيده: أَوَّ لَهُ كقولك أَوْلى له، ويقال له أَوِّ من كذا، على معنى
التحزن، على مثال قَوِّ، وهو من مضاعف الواو؛ قال:
فأَوِّ لِذِكراها، إِذا ما ذَكَرْتُها،
ومن بُعْدِ أَرضٍ دُونَنا وسماء
قال الفراء: أَنشدنيه ابن الجراح:
فأَوْه مِن الذِّكْرَى إِذا ما ذكرتُها
قال: ويجوز في الكلام من قال أَوْهِ، مقصوراً، أَن يقول في يَتَفَعَّل
يَتأَوَّى ولا يقولها بالهاء. وقال أَبو طالب: قول العامة آوَّهْ، ممدود،
خطأٌ إِنما هو أَوَّهْ من كذا وأَوْهِ منه، بقصر الأَلف. الأَزهري: إِذا
قال الرجل أَوَّهْ من كذا رَدّ عليه الآخرُ عليك أَوْهَتُك، وقيل: أَوَّه
فعلة، هاؤها للتأْنيث لأَنهم يقولون سمعت أَوَّتَك فيجعلونها تاء؛ وكذلك
قال الليث أَوَّهْ بمنزلة فعلة أَوَّةً لك. وقال أَبو زيد: يقال أَوْهِ
على زيد، كسروا الهاء وبينوها. وقالوا: أَوَّتا عليك، بالتاء، وهو
التهلف على الشيء، عزيزاً كان أَو هيناً. قال النحويون: إِذا جعلت أَوّاً
اسماً ثقلتَ واوها فقلت أَوٌّ حَسَنَةٌ، وتقول دَعِ الأَوَّ جانباً، تقول ذلك
لمن يستعمل في كلامه افْعَلْ كذا أَو كذا، وكذلك تثقل لَوّاً إِذا جعلته
اسماً؛ وقال أَبو زُبَيْدٍ:
إِنَّ لَيْتاً وإِنَّ لَوّاً عَناءُ
وقول العرب: أَوِّ من كذا، بواو ثقيلة، هو بمعنى تَشَكِّي مشقَّةٍ أَو
همٍّ أَو حزن.
وأَوْ: حرف عطف. وأَو: تكون للشك والتخيير، وتكون اختياراً. قال
الجوهري: أَو حرف إِذا دخل الخبر دلَّ على الشك والإِبهام، وإِذا دخل الأَمر
والنهي دل على التخيير والإباحة، فأَما الشك فقولك: رأَيت زيداً أَو عمراً،
والإِبهام كقوله تعالى: وأَنا أَو إِياكم لعلى هدى أَو في ضلال مبين؛
والتخيير كقولك: كل السمك أَو اشرب اللبن أَي لا تجمع بينهما، والإِباحة
كقولك: جالس الحسن أَو ابن سيرين، وقد تكون بمعنى إِلى أَن، تقول: لأَضربنه
أَو يتوبَ، وتكون بمعنى بل في توسع الكلام؛ قال ذو الرمة:
بَدَتْ مثل قَرْنِ الشمسِ في رَوْنَقِ الضُّحَى
وصُورَتِها، أَو أَنتِ في العَينِ أَمْلَحُ
يريد: بل أَنت. وقوله تعالى: وأَرسلناه إِلى مائة أَلف أَو يزيدون؛ قال
ثعلب: قال الفراء بل يزيدون، قال: كذلك جاء في التفسير مع صحته في
العربية، وقيل: معناه إِلى مائة أَلف عند الناس أَو يزيدون عند الناس، وقيل:
أَو يزيدون عندكم فيجعل معناها للمخاطبين أَي هم أَصحاب شارَةٍ وزِيٍّ
وجمال رائع، فإِذا رآهم الناس قالوا هؤلاء مائتا أَلف. وقال أَبو العباس
المبرد: إِلى مائة أَلف فهم فَرْضُه الذي عليه أَن يؤَدّبه؛ وقوله أَو
يزيدون، يقول: فإِن زادوا بالأَولاد قبل أَن يُسْلموا فادْعُ الأَولاد أَيضاً
فيكون دعاؤك للأَولاد نافلة لك لا يكون فرضاً؛ قال ابن بري: أَو في قوله
أَو يزيدون للإِبهام، على حدّ قول الشاعر:
وهَلْ أَنا إِلاَّ من ربيعةَ أَو مُضَرْ
وقيل: معناه وأَرسلناه إِلى جمع لو رأَيتموهم لقلتم هم مائة أَلف أَو
يزيدون، فهذا الك إِنما دخل الكلام على حكاية قول المخلوقين لأن الخالق جل
جلاله لا يعترضه الشك في شيء من خبره، وهذا أَلطف مما يُقَدَّرُ فيه.
وقال أَبو زيد في قوله أَو يزيدون: إِنما هي ويزيدون، وكذلك قال في قوله
تعالى: أَصلواتك تأْمرك أَن نترك ما يعبد آباؤنا أَو أَن نفعل في أَموالنا
ما نشاء؛ قال: تقديره وأَن نفعل. قال أَبو منصور: وأَما قول الله تعالى
في آية الطهارة: وإِن كنتم مَرْضى أَو على سفر أَو جاء أَحدٌ منكم من
الغائط أَو لمستم النساء (الآية) أَما الأَول في قوله: أَو على سفر، فهو
تخيير، وأَما قوله: أَو جاء أَحد منكم من الغائط، فهو بمعنى الواو التي تسمى
حالاً؛ المعنى: وجاء أَحد منكم من الغائط أَي في هذه الحالة، ولا يجوز
أَن يكون تخييراً، وأَما قوله: أَو لمستم النساء، فهي معطوفة على ما
قبلها بمعناها؛ وأَما قول الله عز وجل: ولا تُطِعْ منهم آثماً أَو كفوراً؛
فإِن الزجاج قال: أَو ههنا أَوكد من الواو، لأَن الواو إِذا قلتَ لا تطع
زيداً وعمراً فأَطاع أَحدهما كان غير عاص، لأَنه أَمره أَن لا يطيع
الاثنين، فإِذا قال: ولا تطع منهم آثماً أَو كفوراً، فأَوْ قد دلت على أَنّ
كل واحد منهما أَهل أَن يُعْصَى. وتكون بمعنى حتى، تقول: لأَضربنك أَو
تقومَ، وبمعنى إِلاَّ أَنْ، تقول: لأَضربنَّك أَو تَسْبقَني أَي إِلا أَن
تسبقني. وقال الفراء: أَو إِذا كانت بمعنى حتى فهو كما تقول لا أَزالُ
ملازمك أَو تعطيني
(* لعل هنا سقطاً من الناسخ، وأصله: معناه حتى تعطيني
والا إلخ). وإِلا أَن تعطيني؛ ومنه قوله عز وجل: ليس لك من الأَمر شيء أَو
يتوب عليهم أَو يعذبهم؛ معناه حتى يتوب عليهم وإِلا أَن يتوب عليهم؛
ومنه قول امرئ القيس:
يُحاوِلُ مُلْكاً أَو يَموتَ فيُعْذَرا
معناه: إِلا أَن يموت. قال: وأَما الشك فهو كقولك خرج زيد أَو عمرو،
وتكون بمعنى الواو؛ قال الكسائي وحده: وتكون شرطاً؛ أَنشد أَبو زيد فيمن
جعلها بمعنى الواو:
وقَدْ زَعَمَتْ ليلى بأَنِّيَ فاجِرٌ؛
لِنَفْسِي تُقاها أَو عَليها فُجُورُها
معناه: وعليها فجورها؛ وأَنشد الفراء:
إِِنَّ بها أَكْتَلَ أَوْ رِزامَا،
خُوَيْرِبانِ يَنقُفَان الْهامَا
(* قوله «خويربان» هكذا بالأصل هنا مرفوعاً بالالف كالتكملة وأنشده في
غير موضع كالصحاح خويربين بالياء وهو المشهور).
وقال محمد بن يزيد: أَو من حروف العطف ولها ثلاثة معان: تكون لأَحد
أَمرين عند شك المتكلم أَو قصده أَحدهما، وذلك كقولك أَتيت زيداً أَو عمراً،
وجاءني رجل أَو امرأَة، فهذا شك، وأَما إِذا قصد أَحدهما فكقولك كُلِ
السمَكَ أَو اشربِ اللبنَ أَي لا تجمعها ولكن اخْتَر أَيَّهما شئت، وأَعطني
ديناراً أَو اكْسُني ثوباً، وتكون بمعنى الإِباحة كقولك: ائْتِ المسجد
أَو السوق أَي قد أَذنت لك في هذا الضرب من الناس
(* قوله «ائت المسجد أو
السوق أي قد أذنت لك في هذا الضرب من الناس» هكذا في الأصل)، فإِن نهيته
عن هذا قلت: لا تجالس زيداً أَو عمراً أَي لا تجالس هذا الضرب من الناس،
وعلى هذا قوله تعالى: ولا تطع منهم آثماً أَو كفوراً؛ أَي لا تطع أَحداً
منهما، فافهمه. وقال الفراء في قوله عز وجل: أَوَلم يروا، أَوَلم يأْتهم؛
إِنها واو مفردة دخلت عليها أَلف الاستفهام كما دخلت على الفاء وثم ولا.
وقال أَبو زيد: يقال إِنه لفلان أَو ما تنحد فرطه ولآتِينك أَو ما تنحد
فرطه
(* قوله «أو ما تنحد فرطه إلخ» كذا بالأصل بدون نقط). أَي لآتينك
حقّاً، وهو توكيد.
وابنُ آوَى: معرفةٌ، دُوَيبَّةٌ، ولا يُفْصَلُ
آوَى من ابن. الجوهري: ابن آوَى يسمى بالفارسية شغال، والجمع بناتُ
آوَى، وآوى لا ينصرف لأَنه أَفعل وهو معرفة. التهذيب: الواوا صياح
العِلَّوْض، وهو ابن آوى، إِذا جاع. قال الليث: ابن آوى لا يصرف على حال ويحمل على
أَفْعَلَ مثل أَفْعَى ونحوها، ويقال في جمعه بنات آوى، كما يقال بناتُ
نَعْش وبناتُ أَوْبَرَ، وكذلك يقال بناتُ لَبُون في جمع ابن لبون ذَكَرٍ.
وقال أَبو الهيثم: إِنما قيل في الجمع بنات لتأْنيث الجماعة كما يقال
للفرس إِنه من بنات أَعْوَجَ، والجمل إِنه من بنات داعِرٍ، ولذلك قالوا
رأَيت جمالاً يَتَهادَرْنَ وبنات لبون يَتَوَقَّصْنَ وبناتِ آوى يَعْوينَ
كما يقال للنساء، وإِن كانت هذه الأَشياء ذكوراً.
@أيا: أَيّ: حرف استفهام عما يعقل وما لا يعقل، وقوله:
وأَسماء، ما أَسْماءُ ليلةَ أَدْلَجَتْ
إِليَّ، وأَصْحابي بأَيَّ وأَيْنَما
فإِنه جعل أَيّ اسماً للجهة، فلما اجتمع فيه التعريف والتأْنيث منعه
الصرف، وأَما أَينما فهو مذكور في موضعه؛ وقال الفرزدق:
تَنَظَّرْتُ نَصْراً والسِّماكَيْنِ أَيْهُما
عَليَّ من الغَيْثِ اسْتَهَلَّتْ مواطِرُهْ
إِنما أَراد أَيُّهما، فاضطر فحذف كما حذف الآخر في قوله:
بَكى، بعَيْنَيك، واكفُ القَطْرِ
ابنَ الحَواري العاليَ الذِّكْرِ
إِنما أَراد: ابن الحواريّ، فحذف الأَخيرة من ياءي النسب اضطراراً.
وقالوا: لأَضربن أَيُّهم أَفضلُ؛ أَيّ مبنية عند سيبويه، فلذلك لم يعمل فيها
الفعلُ، قال سيبويه: وسأَلت الخليل عن أَيِّي وأَيُّك كان شرّاً فأَخزاه
الله فقال: هذا كقولك أَخزى الله الكاذبَ مني ومنك، إِنما يريد منَّا
فإِنما أَراد أَيُّنا كان شَرّاً، إِلا أَنهما لم يشتركا في أَيٍّ، ولكنهما
أَخْلَصاهُ لكل واحد منهما؛ التهذيب: قال سيبويه سأَلت الخليل عن قوله:
فأَيِّي ما وأَيُّكَ كان شَرّاً ،
فسِيقَ إِلى المقامَةِ لا يَراها
فقال: هذا بمنزلة قول الرجل الكاذبُ مني ومنك فعل الله به؛ وقال غيره:
إِنما يريد أَنك شرٌّ
ولكنه دعا عليه بلفظ هو أَحسن من التصريح كما قال الله تعالى: وأَنا أَو
إِياكم لعلى هُدىً أَو في ضلال مبين؛ وأَنشد المُفَضَّلُ:
لقد عَلِم الأَقوامُ أَيِّي وأَيُّكُمْ
بَني عامِرٍ، أَوْفى وَفاءً وأَظْلَمُ
معناه: علموا أَني أَوْفى وَفاءً وأَنتم أَظلم، قال: وقوله فأَبي ما
وأَيك، أَيّ موضع رفع لأَنه اسم مكان، وأَيك نسق عليه، وشرّاً خبرها، قال:
وقوله:
فسيق إِلى المقامة لا يراها
أَي عَمِيَ، دعاء عليه. وفي حديث أَبي ذر أَنه قال لفلان: أَشهد أَن
النبي، صلى الله عليه وسلم، قال إِني أَو إِياك فرعونُ هذه ا لأُمة؛ يريد
أَنك فرعونُ هذه الأُمة، ولكنه أَلقاه إِليه تعريضاً لا تصريحاً، وهذا كما
تقول أَحدُنا كاذبٌ وأَنت تعلم أَنك صادق ولكنك تُعَرِّضُ به. أَبو زيد:
صَحِبه الله أَيَّا مّا تَوَجَّهَ؛ يريد أَينما توجه. التهذيب: روي عن
أَحمد بن يحيى والمبرّد قالا: لأَيّ ثلاثة أُصول: تكون استفهاماً، وتكون
تعجباً، وتكون شرطاً؛ وأَنشد:
أَيّاً فَعَلْتَ، فإِني لك كاشِحٌ،
وعلى انْتِقاصِك في الحَياةِ وأَزْدَدِ
قالا جزَمَ قوله: وأَزْدَد على النسق على موضع الفاء التي في فإِنني،
كأَنه قال: أَيّاً تفعلْ أُبْغِضْكَ وأَزْدَدْ؛ قالا: وهو مثل معنى قراءة
من قرأَ: فأَصَّدَّقَ وأَكُنْ، فتقدير الكلام إِن تؤخرني أَصَّدَّق وأَكن،
قالا: وإِذا كانت أَيٌّ استفهاماً
لم يعمل فيها الفعل الذي قبلها، وإِنما يرفعها أَو ينصبها ما بعدها. قال
الله عز وجل: لنَعْلَم أَيٌّ الحِزْبين أَحصى لما لبثوا أَمداً؛ قال
المبرد: فأَيٌّ رفع، وأَحصى رفع بخبر الابتداء. وقال ثعلب: أَيٌّ رافعهُ
أَحصى، وقالا: عمل الفعل في المعنى لا في اللفظ كأَنه قال لنعلم أَيّاً
من أَيٍّ، ولنَعْلم أَحَدَ هذين، قالا: وأَما المنصوبة بما بعدها فقوله:
وسيعلم الذين ظلموا أَيَّ مُنْقَلَبٍ ينقلبون؛ نصب أَيّاً بينقلبون. وقال
الفراء: أَيٌّ إِذا أَوْقَعْتَ الفعل المتقدّم عليها خرجت من معنى
الاستفهام، وذلك إِن أَردته جائز، يقولون لأَضْربنَّ أَيُّهم يقول ذلك، لأَن
الضرب على اسم يأْتي بعد ذلك استفهام، وذلك أَن الضرب لا يقع اننين
(*
قوله «لأن الضرب إلخ» كذا بالأصل). قال: وقول الله عز وجل: ثم لننزعنَّ من
كل شيعةٍ أَيُّهم أَشَدُّ على الرحمن عِتِيّاً؛ من نصب أَيّاً أَوقع عليها
النَّزْعَ وليس باستفهام كأَنه قال لنستخرجن العاتي الذي هو أَشدّ، ثم
فسر الفراء وجه الرفع وعليه القراء على ما قدمناه من قول ثعلب والمبرد.
وقال الفراء: وأَيّ إِذا كانت جزاء فهي على مذهب الذي قال وإِذا كان أَيّ
تعجباً
لم يجاز بها لأن التعجب لا يجازى به، وهو كقولك أَيُّ رجل زيدٌ وأَيٌّ
جاريةٍ زينبُ، قال: والعرب تقول أَيّ وأَيّانِ وأَيُّونَ، إِذا أَفردوا
أَيّاً ثَنَّوْها وجمعوها وأَنثوها فقالوا أَيّة وأَيْتان وأَيّاتٌ، وإِذا
أَضافوها إِلى ظاهرٍ أَفردوها وذكَّروها فقالوا أَيّ الرجلين وأَيّ
المرأَتين وأَيّ الرجل وأَيّ النساء، وإِذا أَضافوا إلى المَكْنِيّ المؤنث
ذكَّروا وأَنَّثوا فقالوا أَيهما وأَيتهما للمرأَتين، وفي التنزيل العزيز:
أَيَّا مَّا تَدْعوا؛ وقال زهير في لغة من أَنَّث:
وزَوَّدُوك اشْتياقاً أَيَّةً سَلَكوا
أَراد: أَيَّةَ وُجْهةٍ سلكوا، فأَنثها حين لم يضفها، قال: ولو قلت
أَيّاً سلكوا بمعنى أَيَّ وَجْه سلكوا كان جائزاً. ويقول لك قائل: رأَيتُ
ظَبْياً، فتجيبه: أَيّاً، ويقول: رأَيت ظبيين، فتقول: أَيَّين، ويقول:
رأَيت ظِباءً، فتقول: أَيَّات، ويقول: رأَيت ظبية، فتقول: أَيَّةً. قال:
وإِذا سأَلت الرجل عن قبيلته قلت المَيِّيُّ، وإِذا سأَلته عن كورته قلت
الأَيِّيُّ، وتقول مَيِّيٌّ أَنت وأَيِّيٌّ أَنت، بياءين شديدتين. وحكى
الفراء عن العرب في لُغَيَّة لهم: أَيُّهم ما أَدرك يركب على أَيهم يريد. وقال
الليث: أَيّانَ هي بمنزلة متى، قال: ويُخْتَلَف في نونها فيقال أَصلية،
ويقال زائدة. وقال الفراء: أَصل أَيان أَيَّ أَوانٍ، فخففوا الياء من أَي
وتركوا همزة أَوان، فالتقت ياء ساكنة بعدها واو، فأُدغمت الواو في
الياء؛ حكاه عن الكسائي، قال: وأَما قولهم في النداء أَيها الرجل وأَيتها
المرأَة وأَيها الناس فإِن الزجاج قال: أَيّ اسم مبهم مبني على الضم من أَيها
الرجل لأَنه منادى مفرد، والرجل صفة لأَيّ لازمة، تقول يا أَيها الرجل
أَقبل، ولا يجوز يا الرجل، لأَن يا تنبيه بمنزلة التعريف في الرجل فلا
يجمع بين يا وبين الأَلف واللام فتصل إِلى الأَلف واللام بأَيّ، وها لازمة
لأَيّ للتنبيه، وهي عوض من الإِضافة في أَيّ، لأَن أَصل أَيّ أَن تكون
مضافة إِلى الاستفهام والخبر، والمُنادى في الحقيقة الرجلُ، وأَيّ وُصْلَة
إِليه، وقال الكوفيون: إِذا قلت يا أَيها الرجل، فيا نداء، وأَيّ اسم
منادى، وها تنبيه، والرجل صفة، قالوا ووُصِلَتْ أَيّ بالتنبيه فصارا اسماً
تامّاً لأَن أَيا وما ومن الذي أَسماء ناقصة لا تتم إِلا بالصلات، ويقال
الرجل تفسير لمن نودي.
وقال أَبو عمرو: سأَلت المبرّد عن أَيْ مفتوحة ساكنة ما يكون بعدها
فقال: يكون الذي بعدها بدلاً، ويكون مستأْنفاً ويكون منصوباً؛ قال: وسأَلت
أَحمد بن يحيى فقال: يكون ما بعدها مُتَرْجِماً، ويكون نصباً بفعل مضمر،
تقول: جاءني أَخوك أَي زيد ورأَيت أَخاك أَي زيداً ومررت بأَخيك أَي زيد.
ويقال: جاءني أَخوك فيجوز فيه أَيْ زيدٌ وأَيْ زيداً، ومررت بأَخيك
فيجوز فيه أَي زيدٍ أَي زيداً أَي زيدٌ. ويقال: رأَيت أَخاك أَي زيداً، ويجوز
أَي زيدٌ.
وقال الليث: إِيْ يمينٌ، قال الله عز وجل: قل إِي وربي إِنه لحق؛
والمعنى إِي والله؛ قال الزجاج: قل إِي وربي إِنه لحق، المعنى نعم وربي، قال:
وهذا هو القول الصحيح، وقد تكرر في الحديث إِي واللهِ وهي بمعنى نعم، إِلا
أَنها تختص بالمجيء مع القسم إِيجاباً لما سبقه من الاستعلام.
قال سيبويه: وقالوا كأَيَّنْ رجلاً قد رأَيت، زعم ذلك يونس، وكأَيَّنْ
قد أَتاني رجلاً، إِلا أَن أَكثر العرب إِنما يتكلمون مع مِنْ، قال:
وكأَيَّنْ مِنْ قرية، قال: ومعنى كأَيِّن رُبَّ، وقال: وإِن حذفت من فهو
عربي؛ وقال الخليل: إِن جَرَّها أَحدٌ من العرب فعسى أَن يجرّها بإِضمار من،
كما جاز ذلك في كم، قال: وقال الخليل كأَيِّنْ عملت فيما بعدها كعمل
أَفضلهم في رجل فصار أَيّ بمنزلة التنوين، كما كان هم من قولهم أَفضلهم
بمنزلة التنوين، قال: وإِنما تجيء الكاف للتشبيه فتصير هي وما بعدها بمنزلة
شيء واحد، وكائِنْ بزنة كاعِنْ مغير من قولهم كأَيِّنْ. قال ابن جني: إِن
سأَل سائل فقال ما تقول في كائِنْ هذه وكيف حالها وهل هي مركبة أَو بسيطة؟
فالجواب إِنها مركبة، قال: والذي عَلَّقْتُه عن أَبي علي أَن أَصلها
كأَيَّنْ كقوله تعالى: وكأَيِّنْ من قرية؛ ثم إِن العرب تصرفت في هذه
الكلمة لكثرة استعمالها إِياها، فقدمت الياء المشددة وأَخرت الهمزة كما فعلت
ذلك في عِدّة مواضع نحو قِسِيّ وأَشْياء في قول الخليل، وشاكٍ ولاثٍ
ونحوهما في قول الجماعة، وجاءٍ وبابه في قول الخليل أَيضاً وغير ذلك، فصار
التقدير فيما بَعْدُ كَيِّئٌ، ثم إِنهم حذفوا الياء التانية تخفيفاً كما
حذفوها في نحو مَيِّت وهَيِّن ولَيِّن فقالوا مَيْت وهَيْن ولَيْن، فصار
التقدير كَيْئٌ، ثم إِنهم قلبوا الياء أَلفاً لانفتاح ما قبلها كما قلبوا
في طائيّ وحارِيٍّ وآيةٍ في قول الخليل أَيضاً، فصارت كائِنْ. وفي
كأَيِّنْ لغات: يقال كأَيِّنْ وكائِنْ وكأْيٌ، بوزنَ رَميٍ، وكإٍ بوزن عَمٍ؛
حكى ذلك أَحمد بن يحيى، فمن قال كأَيِّنْ
فهي أَيٌّ دخلت عليها الكاف، ومن قال كائِنْ فقد بيَّنَّا أَمره، ومن
قال كأْي بوزن رَمْي فأَشبه ما فيه أَنه لما أَصاره التغيير على ما ذكرنا
إِلى كَيْءٍ قدّم الهمزة وأَخر الياء ولم يقلب الياءَ أَلفاً، وحَسَّنَ
ذلك ضَعْف هذه الكلمة وما اعْتَوَرَها من الحذف والتغيير، ومن قال كإٍ بوزن
عَمٍ فإنه حذف الياء من كَيْءٍ تخفيفاً أَيضاً، فإِن قلت: إِن هذا
إِجحاب بالكلمة لأَنه حذف بعد حذف فليس ذلك بأَكثر من مصيرهم بأَيْمُن الله
إِلى مُنُ اللهِ ومِ الله، فإِذا كثر استعمال الحذف حسن فيه ما لا يحسن في
غيره من التغيير والحذف. وقوله عز وجل: وكأَيِّنْ من قرية؛ فالكاف زائدة
كزيادتها في كذا وكذا، وإِذا كانت زائدة فليست متعلقة بفعل ولا بمعنى
فعل. وتكون أَيٌّ جزاء، وتكون بمعنى الذي، والأُنثى من كل ذلك أَيّة، وربما
قيل أَيُّهن منطلقةٌ، يريد أَيَّتهن؛ وأَيّ: استفهام فيه معنى التعجب
فيكون حينئذ صفة للنكرة وحالاً للمعرفة نحو ما أَنشده سيبويه للراعي:
فأَوْمَأْتُ إِيماءً خَفيّاً لحَبْتَرٍ،
ولله عَيْنا حبتر أَيَّما فَتى
أَي أَيَّما فَتىً هو، يتعجب من اكتفائه وشدة غَنائه. وأَيّ: اسم صيغ
ليتوصل به إِلى نداء ما دخلته الأَلف واللام كقولك يا أَيها الرجل ويا
أَيها الرجلان ويا أَيها الرجال، ويا أَيتها المرأَة ويا أَيتها المرأَتان
ويا أَيتها النسوة ويا أَيها المرأَة ويا أَيها المرأَتان ويا أَيها
النسوة. وأَما قوله عز وجل: يا أَيها النملُ ادخلوا مساكنَكم لا يَحْطِمَنَّكم
سليمانُ وجنودُه؛ فقد يكون على قولك يا أَيها المرأَة ويا أََيها النسوة،
وأَما ثعلب فقال: إِنما خاطب النمل بيا أَيها لأَنه جعلهم كالناس فقال
يا أَيها النمل كما تقول للناس يا أَيها الناس، ولم يقل ادخلي لأَنها
كالناس في المخاطبة، وأَما قوله: يا أَيها الذين آمنوا، فيا أَيُّ نداء مفرد
مبهم والذين في موضع رفع صفة لأَيها، هذا مذهب الخليل وسيبويه، وأَما
مذهب الأَخفش فالذين صلة لأَيّ، وموضع الذين رفع بإِضمار الذكر العائد على
أَيّ، كأَنه على مذهب الأَخفش بمنزلة قولك يا من الذي أَي يا من هم الذين
وها لازمة لأَي عوضاً مما حذف منها للإضافة وزيادةً في التنبيه، وأَجاز
المازني نصب صفة أَي في قولك يا أَيها الرجلَ أَقبل، وهذا غير معروف،
وأَيّ في غير النداء لا يكون فيها ها، ويحذف معها الذكر العائد عليها، تقول:
اضرب أَيُّهم أَفضل وأَيَّهم أَفضل، تريد اضرب أَيَّهم هو أَفضلُ.
الجوهريّ: أَيٌّ اسم معرب يستفهم بها ويُجازَى بها فيمن يعقل وما لا يعقل، تقول
أَيُّهم أَخوك، وأَيُّهم يكْرمني أُكْرِمْه، وهو معرفة للإضافة، وقد
تترك الإضافة وفيه معناها، وقد تكون بمنزلة الذي فتحتاج إِلى صلة، تقول
أَيُّهم في الدار أَخوك؛ قال ابن بري: ومنه قول الشاعر:
إِذا ما أَتيتَ بني مالكٍ،
فَسَلِّمْ على أَيُّهم أَفضلُ
قال: ويقال لا يَعْرِفُ أَيّاً من أَيٍّ إِذا كان أَحمق؛ وأَما قول
الشاعر:
إِذا ما قيلَ أَيُّهمُ لأيٍّ،
تَشابَهَتِ العِبِدَّى والصَّمِيمُ
فتقديره: إِذا قيل أَيُّهم لأَيٍّ يَنْتَسِبُ، فحذف الفعل لفهم المعنى،
وقد يكون نعتاً، تقول: مررت برجل أَيِّ رجلٍ وأَيِّما رجلٍ، ومررت
بامرأَة أَيَّةِ امرأَة وبامرأَتين أَيَّتما امرأَتين، وهذه امرأَةٌ أَيَّةُ
امرأَةٍ وأَيَّتُما امرأَتين، وما زائدة. وتقول: هذا زيد أَيَّما رجل،
فتنصب أَيّاً على الحال، وهذه أَمةُ
الله أَيَّتَما جاريةٍ. وتقول: أَيُّ امرأَة جاءتك وجاءك، وأَيَّةُ
امرأَةٍ جاءتك، ومررت بجارية أَيِّ جاريةٍ، وجئتك بمُلاءةٍ أَيِّ مُلاءَةٍ
وأَيَّةِ مُلاءَةٍ، كل جائز. وفي التنزيل العزيز: وما تَدْرِي نفسٌ بأَيِّ
أَرضٍ تموتُ. وأَيٌّ: قد يتعجب بها؛ قال جميل:
بُثَيْنَ، الْزَمِي لا، إِنَّ لا، إِنْ لَزِمْتِهِ
على كَثْرَةِ الواشِينَ، أَيُّ مَعُونِ
قال الفراء: أَيٌّ يعمل فيه ما بعده ولا يعمل فيه ما قبله. وفي التنزيل
العزيز: لنعلم أَيُّ الحزبين أَحْصَى؛ فرفع، وفيه أَيضاً: وسيعلم الذين
ظلموا أَيَّ مُنْقَلب ينقلبون؛ فنصبه بما بعده؛ وأَما قول الشاعر:
تَصِيحُ بنا حَنِيفَةُ، إِذْ رأَتْنا،
وأَيَّ الأَرْضِ تَذْهَبُ للصِّياحِ
فإِنما نصبه لنزع الخافض، يريد إلى أَي الأَرض. قال الكسائي: تقول
لأَضْرِبَنّ أَيُّهم في الدار، ولا يجوز أَن تقول ضربت أَيُّهم في الدار، ففرق
بين الواقع والمُنْتَظَرِ، قال: وإِذا نادَيت اسماً فيه الأَلف واللام
أَدخلت بينه وبين حرف النداء أَيُّها، فتقول يا أَيها الرجل ويا أَيتها
المرأَة، فأَيّ اسم مبهم مفرد معرفة بالنداء مبني على الضم، وها حرف
تنبيه، وهي عوض مما كانت أَيّ تضاف إِليه، وترفع الرجل لأَنه صفة أَيّ. قال
ابن بري عند قول الجوهري وإِذا ناديت اسماً فيه ا لأَلف واللام أَدخلت
بينه وبين حرف النداء أَيها، قال: أَي وُصْلة إِلى نداء ما فيه الأَلف
واللام في قولك يا أَيها الرجل، كما كانت إِيَّا وُصْلَةَ المضمر في إياه
وإياك في قول من جعل إيَّا اسماً ظاهراً مضافاً، على نحو ما سمع من قول بعض
العرب: إِذا بلغ الرجل الستين فإِيَّاه وإِيَّا الشَّوابِّ؛ قال: وعليه
قول أَبي عُيَيْنَة:
فَدَعني وإِيَّا خالدٍ،
لأُقَطِّعَنَّ عُرَى نِياطِهْ
وقال أَيضاً:
فَدَعني وإِيَّا خالدٍ بعدَ ساعةٍ،
سَيَحْمِلُه شِعْرِي على الأَشْقَرِ الأَغَرّ
وفي حديث كعب بن مالك: فَتَخَلَّفْنا أَيَّتُها الثلاثة؛ يريد
تَخَلُّفَهم عن غزوة تَبُوكَ وتأَخُّر توبتهم. قال: وهذه اللفظة تقال في الاختصاص
وتختص بالمُخْبر عن نفسه والمُخاطَب، تقول أَما أَنا فأَفعل كذا أَيُّها
الرجلُ، يعني نفسه، فمعنى قول كعب أَيتها الثلاثة أَي المخصوصين بالتخلف.
وقد يحكى بأَيٍّ النكراتُ ما يَعْقِلُ
وما لا يعقل، ويستفهم بها، وإِذا استفهمت بها عن نكرة أَعربتها بإِعراب
الاسم الذي هو اسْتِثبات عنه، فإِذا قيل لك: مرَّ بي رجل، قلتَ أَيٌّ
ىا فتى؟ تعربها في الوصل وتشير إِلى الإِعراب في الوقف، فإِن قال: رأَيت
رجلاً، قلت: أَيّاً يا فتى؟ تعرب وتنوّن إِذا وصلت وتقف على الأَلف
فتقول أَيَّا، وإِذا قال: مررت برجل، قلتَ: أَيٍّ يا فتى؟ تعرب وتنوّن، تحكي
كلامه في الرفع والنصب والجر في حال الوصل والوقف؛ قال ابن بري: صوابه
في الوصل فقط، فأَما في الوقف فإِنه يوقف عليه في الرفع والجر بالسكون لا
غير، وإِنما يتبعه في الوصل والوقف إِذا ثناه وجمعه، وتقول في التثنية
والجمع والتأْنيث كما قيل في من، إِذا قال: جاءني رجال، قلتَ: أَيُّونْ،
ساكنة النون، وأَيِّينْ
في النصب والجر، وأَيَّهْ للمؤنث؛ قال ابن بري: صوابه أَيُّونَ بفتح
النون، وأَيِّينَ بفتح النون أَيضاً، ولا يجوز سكون النون إِلا في الوقف
خاصة، وإِنما يجوز ذلك في مَنْ خاصة، تقول مَنُونْ ومَنِينْ، بالإِسكان لا
غير. قال: فإِن وصلت قلتَ أَيَّة يا هذا وأَيَّات يا هذا، نوَّنتَ، فإِن
كان الاستثباتُ عن معرفة رفعتَ أَيّاً لا غير على كل حال، ولا يحكى في
المعرفة ليس في أَيٍّ مع المعرفة إِلا الرفع، وقد يدخل على أَيّ الكاف فتنقل
إِلى تكثير العدد بمعنى كم في الخبر ويكتب تنوينه نوناً، وفيه لغتان:
كائِنْ مثل كاعِنْ، وكأَيِّنْ مثل كعَيِّنْ، تقول: كأَيِّنْ رجلاً لقيت،
تنصب ما بعد كأَيِّنْ على التمييز، وتقول أَيضاً: كأَيِّنْ من رجل لقيت،
وإِدخال من بعد كأَيِّنْ أَكثر من النصب بها وأَجود، وبكأَيِّنْ تبيع هذا
الثوب؟ أَي بكم تبيع؛ قال ذو الرمة:
وكائِنْ ذَعَرْنا مِن مَهاةٍ ورامِحٍ،
بِلادُ الوَرَى لَيْسَتْ له بِبلادِ
قال ابن بري: أَورد الجوهري هذا شاهداً على كائن بمعنى كَمْ، وحكي عن
ابن جني قال لا تستعمل الوَرَى إِلا في النفي، قال: وإِنما حسن لذي الرمة
استعماله في الواجب حيث كان منفيّاً في المعنى لأَن ضميره منفي، فكأَنه
قال: ليست له بلاد الورى ببلاد.
وأَيَا: من حروف النداء يُنادَى بها القريب والبعيد، تقول أَيَا زيدُ
أَقْبِل.
وأَيْ، مثال كَيْ: حرفٌ يُنادَى بها القريب دون البعيد، تقول أَيْ زيدُ
أَقبل، وهي أَيضاً كلمة تتقدم التفسير، تقول أَيْ كذا بمعنى يريد كذا،
كما أَن إِي بالكسر كلمة تتقدم القسم، معناها بلى، تقول إِي وربي وإِي
والله. غيره أَيا حرف نداء، وتبدل الهاء من الهمزة فيقال: هيا؛ قال:
فانْصَرَفَتْ، وهي حَصانٌ مُغْضَبَهْ،
ورَفَعَتْ بصوتِها: هَيَا أَبَهْ
قال ابن السكيت: يريد أَيا أَبَهْ، ثم أَبدل الهمزة هاء، قال: وهذا صحيح
لأَن أَيا في النداء أَكثر من هَيَا، قال: ومن خفيفه أَيْ معناه
العبارةُ، ويكون حرف نداء. وإِيْ: بمعنى نعم وتوصل باليمين، فيقال إِي والله،
وتبدل منها هاء فيقال هِي.
والآيةُ: العَلامَةُ، وزنها فَعَلَةٌ في قول الخليل، وذهب غيره إِلى أَن
أَصلها أَيَّةٌ فَعْلَةٌ فقلبت الياء أَلفاً لانفتاح ما قبلها، وهذا قلب
شاذ كما قلبوها في حارِيّ وطائِيٍّ إِلا أَن ذلك قليل غير مقيس عليه،
والجمع آياتٌ وآيٌ، وآياءٌ جمعُ الجمع نادرٌ؛ قال:
لم يُبْقِ هذا الدَّهْر، من آيائِه،
غيرَ أَثافِيهِ وأَرْمِدائِه
وأَصل آية أَوَيَةٌ، بفتح الواو، وموضع العين واو، والنسبة إِليه
أَوَوِيّ، وقيل: أَصلها فاعلة فذهبت منها اللام أَو العين تخفيفاً، ولو جاءت
تامة لكانت آيِيَةً. وقوله عز وجل: سَنُريهم آياتنا في الآفاق؛ قال الزجاج:
معناه نريهم الآيات التي تدل على التوحيد في الآفاق أَي آثارَ مَنْ
مَضَى قبلهم من خلق الله، عز وجل، في كل البلاد وفي أَنفسهم من أَنهم كانوا
نُطَفاً ثم عَلَقاً ثم مُضَغاً ثم عظاماً كسيت لحماً، ثم نقلوا إِلى
التمييز والعقل، وذلك كله دليل على أَن الذي فعله واحد ليس كمثله شيء، تبارك
وتقدس. وتَأَيَّا الشيءَ: تَعَمَّد آيَتَهُ أَي شَخْصَه. وآية الرجل:
شَخْصُه. ابن السكيت وغيره: يقال تآيَيْتُه، على تَفاعَلْتُه، وتَأَيَّيْتُه
إِذا تعمدت آيته أَي شخصه وقصدته؛ قال الشاعر:
الحُصْنُ أَدْنَى، لو تَأَيَّيْتِهِ،
من حَثْيِكِ التُّرْبَ على الراكبِ
يروى بالمد والقصر؛ قال ابن بري: هذا البيت لامرأَة تخاطب ابنتها وقد
قالت لها:
يا أُمَّتي، أَبْصَرَني راكبٌ
يَسيرُ في مُسْحَنْفِرٍ لاحِبِ
ما زِلْتُ أَحْثُو التُّرْبَ في وَجْهِه
عَمْداً، وأَحْمِي حَوزةَ الغائِبِ
فقالت لها أُمها:
الحُصْنُ أَدنى، لو تأَيَّيته،
من حَثْيِك الترب على الراكبِ
قال: وشاهد تآيَيْتُه قول لَقيط بن مَعْمَر الإِياديّ:
أَبْناء قوم تآيَوْكُمْ على حَنَقٍ،
لا يَشْعُرونَ أَضرَّ اللهُ أَم نَفَعَا
وقال لبيد:
فَتآيا، بطَرِيرٍ مُرْهَفٍ،
حُفْرَةَ المَحْزِمِ منه، فَسَعَلْ
وقوله تعالى: يُخْرجون الرسول وإِياكم؛ قال أَبو منصور: لم أَسمع في
تفسير إِيا واشتقاقه شيئاً، قال: والذي أَظنه، ولا أَحقُّه، أَنه مأْخوذ من
قوله تآييته على تفاعلته أَي تعمدت آيته وشخصه، وكأَنَّ إِيا اسم منه على
فِعْلى، مثل الذِّكْرى من ذكرت، فكان معنى قولهم إِيَّاك أَردتُ أَي
قصدت قصدك وشخصك، قال: والصحيح أَن الأَمر مبهم يكنى به عن المنصوب. وأَيَّا
آيةً: وضع علامة. وخرج القوم بآيَتهم أَي بجماعتهم لم يَدععوا وراءهم
شيئاً؛ قال بُرْج بن مُسْهِر الطائي:
خَرَجْنا من النَّقْبَين، لا حَيَّ مِثْلُنا،
بآيتنا نُزْجِي اللِّقاحَ المَطافِلا
والآيةُ: من التنزيل ومن آيات القرآن العزيز؛ قال أَبو بكر: سميت الآية
من القرآن آية لأَنها علامة لانقطاع كلام من كلام. ويقال: سميت الآية آية
لأَنها جماعة من حروف القرآن. وآيات الله: عجائبه. وقال ابن حمزة: الآية
من القرآن كأَنها العلامة التي يُفْضَى منها إِلى غيرها كأَعلام الطريق
المنصوبة للهداية كما قال:
إِذا مَضَى عَلَمٌ منها بدا عَلَم
والآية: العلامة. وفي حديث عثمان: أَحَلَّتْهما آيةٌ وَحرَّمَتْهُما
آية؛ قال ابن الأَثير: الآية المُحِلَّةُ قوله تعالى: أَو ما ملكت أَيمانكم؛
والآية المحرّمة قوله تعالى: وأَن تجمعوا بين الأُختين إِلا ما قد سلف؛
والآية: العِبْرَة، وجمعها آيٌ. الفراء في كتاب المصادر: الآية من الآيات
والعبَر، سميت آية كما قال تعالى: لقد كان في يوسف وإِخوته آيات؛ أَي
أُمور وعِبَرٌ
مختلفة، وإِنما تركت العرب همزتها كما يهمزون كل ما جاءت بعد أَلف
ساكنة لأَنها كانت فيما يرى في الأصل أَيَّة، فثقل عليهم التشديد فأَبدلوه
أَلفاً لانفتاح ما قبل التشديد، كما قالوا أَيْما لمعنى أَمَّا، قال: وكان
الكسائي يقول إِنه فاعلة منقوصة؛ قال الفراء: ولو كان كذلك ما صغرها
إِيَيَّة، بكسر الأَلف؛ قال: وسأَلته عن ذلك فقال صغَّروا عاتكة وفاطمة
عُتَيْكة وفُطَيْمة، فالآية مثلهما، وقال الفراء: ليس كذلك لأَن العرب لا تصغر
فاعلة على فُعَيْلة إِلا أَن يكون اسماً في مذهب فُلانَة فيقولون هذه
فُطَيْمة قد جاءت إِذا كان اسماً، فإِذا قلت هذه فُطَيْمة ابْنِها يعني
فاطِمتَه من الرضاع لم يجز، وكذلك صُلَيْح تصغيراً لرجل اسمه صالح، ولو قال
رجل لرجل كيف بِنْتُك قال صُوَيْلِح ولم يجِز صُلَيْح لأَنه ليس باسم،
قال: وقال بعضهم آية فاعلة صيرت ياؤها الأُولى أَلفاً كما فعل بحاجة
وقامَة، والأَصل حائجة وقائمة. قال الفراء: وذلك خطأٌ لأَن هذا يكون في أَولاد
الثلاثة ولو كان كما قالوا لقيل في نَواة وحَياة نايَة وحايَة، قال: وهذا
فاسد. وقوله عز وجل: وجعلنا ابن مريم وأُمَّه آيَةً، ولم يقل آيَتَيْن
لأَن المعنى فيهما معنى آية واحدة، قال ابن عرفة: لأَن قصتهما واحدة، وقال
أَبو منصور: لأَن الآية فيهما معاً آيةٌ واحدة، وهي الولادة دون الفحل؛
قال ابن سيده: ولو قيل آيتين لجاز لأَنه قد كان في كل واحد منهما ما لم
يكن في ذكر ولا أُنثى من أَنها ولَدَتْ من غير فحل، ولأَن عيسى، عليه
السلام، روح الله أَلقاه في مريم ولم يكن هذا في وَلدٍ قط، وقالوا: افعله
بآية كذا كما تقول بعلامة كذا وأَمارته؛ وهي من الأسماء المضافة إِلى
الأَفعال كقوله:
بآيَة تُقْدِمُون الخَيْلَ شُعْثاً،
كأَنَّ، على سَنابِكِها، مُداما
وعين الآية ياء كقول الشاعر:
لم يُبْقِ هذا الدهرُ من آيائه
فظهور العين في آيائه يدل على كون العين ياء، وذلك أَن وزن آياء أَفعال،
ولو كانت العين واواً لقال آوائه، إذ لا مانع من ظهور الواو في هذا
الموضع. وقال الجوهري: قال سيبويه موضع العين من الاية واو لأن ما كان
مَوْضعَ العين منه واوٌ واللام ياء أَكثر مما موضع العين واللام منه ياءَان،
مثل شَوَيْتُ أَكثر من حَيِيت، قال: وتكون النسبة إليه أوَوِيُّ؛ قال
الفراء: هي من الفعل فاعلة، وإنما ذهبت منه اللام، ولو جاءت تامة لجاءت
آييَة، ولكنها خُففت، وجمع الآية آيٌ وآياتٌ؛ وأَنشد أَبو زيد:
لم يبق هذا الدهر من آيايه
قال ابن بري: لم يذكر سيبويه أَن عين آية واو كما ذكر الجوهري، وإنما
قال أَصلها أَيّة، فأُبدلت الياء الساكنة أَلفا؛ وحكي عن الخليل أَن وزنها
فَعَلة، وأَجاز في النسب إلى آية آييٌ وآئِيٌّ وآوِيٌّ، قال: فأَما
أَوَوِيٌّ فلم يقله أَحد علمته غير الجوهري. وقال ابن بري أَيضا عند قول
الجوهري في جمع الآية آياي، قال: صوابه آياء، بالهمز، لأَن الياء إذا وقعت
طرفاً بعد أَلف زائدة قلبت همزة، وهو جمع آيٍ لا آيةٍ.
وتَأَيا أَي توقَّف وتَمَكَّث، تقديره تَعَيَّا. ويقال: قد تَأيَّيت على
تَفَعَّلت أَي تَلَبَّثت وتَحَبَّست. ويقال: ليس منزلكم بدار تَئِيَّةٍ
أَي بمنزلة تَلَبُّثٍ وتَحَبُّس؛ قال الكميت:
قِفْ بالدِّيارِ وُقوفَ زائرْ،
وتَأَيَّ، إنَّك غَيْرُ صاغرْ
وقال الحُويْدِرة:
ومُناخِ غَيْرِ تَئِيَّةٍ عَرَّسْتُه،
قَمِنٍ مِنَ الحِدْثانِ نابي المَضْجَع
والتَّأَيِّي: التَّنَظُّر والتُّؤَدة. يقال: تأَيَّا الرجلُ بتأَيَّا
تَأَيِّياً إذا تأَنى في الأَمر؛ قال لبيد:
وتأيَّيْتُ عليه ثانياً،
يَتَّقِيني بتَلِيلٍ ذي خُصَل
أَي انصرفت على تُؤَدةٍ مُتَأَنيَّا؛ قال أَبو منصور: معنى قوله
وتأَيَّيت عليه أَي تَثَبَّتُّ وتمكَّثت، وأَنا عليه يعني في فرسه. وتَأَيَّا
عليه: انصرف في تؤدة. وموضع مأْبيُّ الكلإ أَي وَخِيمه. وإيا الشمس
وأَياؤها: نورها وضوءها وحسنها، وكذلك إياتها وأَياتُها، وجمعها آياء وإياء
كأكَمة وإكام؛ وأَنشد الكسائي لشاعر:
سَقَتْه إياةُ الشمس، إلاَّ لثاتِهِ
أُسِفَّ، ولم تَكْدِمْ عليه بإثْمِد
(* البيت للبيد).
قال الأَزهري: يقال الأَياء، مفتوح الأَول بالمد، والإيا، مكسور الأَول
بالقصر، وإياةٌ، كله واحدٌ: شعاع الشمس وضوءها؛ قال: ولم أَسمع لها
فعلاً، وسنذكره في الأَلف اللينة أَيضاً. وإيا النبات وأَيَاؤه: حسنه وزَهْره،
في التشبيه.
وأَيَايا وأَيايَهْ ويَايَهْ، الأَخيرة على حذف الفاء: زَجْرٌ للإبل،
وقد أَيَّا بها. الليث: يقال أَيَّيْتُ بالإبل أُأَيِّي بها تَأْيِيةً إذا
زجرتها تقول لها أَيَا أَيَا؛ قال ذو الرمة:
إذا قال حادِينا، أَيَا يَا اتَّقَيْنهُ
بمثْلِ الذُّرى مُطْلَنْفِئات العَرائِك
@أ: من شرطنا في هذا الكتاب أَن نرتبه كما رتب الجوهري صحاحه، وهكذا وضع
الجوهري هنا هذا الباب فقال باب الألف اللينة، لأن الألف على ضربين لينة
ومتحركة، فاللينة تسمى أَلفاً والمتحركة تسمى همزة، قال: وقد ذكرنا الهمزة
وذكرنا أَيضاً ما كانت الألف فيه منقلبة من الواو أو الياء، قال: وهذا
باب مبني على أَلفات غير منقلبات من شيء فلهذا أَفردناه. قال ابن بري :
الألف التي هي أَحد حروف المدّ واللين لا سبيل إلى تحريكها، على ذلك إجماع
النحويين، فإذا أَرادوا تحريكها ردّوها إلى أَصلها في مثل رَحَيانِ
وعَصَوانِ، وإن لم تكن منقلبة عن واو ولا ياء وأَرادوا تحريكها أَبدلوا منها همزة
في مثل رِسالة ورَسائلَ، فالهمزة بدل من الألف، وليست هي الألف لأن الألف
لا سبيل إلى تحريكها، والله أَعلم.
آ: الألف: تأْليفها من همزة ولام وفاء، وسميت أَلفاً لأنها تأْلف الحروف
كلها، وهي أَكثر الحروف دخولاً في المنطق، ويقولون: هذه أَلِفٌ
مُؤلَّفةٌ. وقد جاء عن بعضهم في قوله تعالى: أَلم، أن الألف اسم من أَسماء الله تعالى
وتقدس، والله أَعلم بما أَراد، والألف اللينة لا صَرْفَ لها إنما هي
جَرْسُ مدّة بعد فتحة، وروى الأَزهري عن أَبي العباس أَحمد بن يحيى ومحمد بن
يزيد أَنهما قالا: أُصول الأَلفات ثلاثة ويتبعها الباقيات: أَلف أَصلية
وهي في الثلاثي من الأَسماء، وأَلف قطعية وهي في الرباعي، وأَلِفٌ وصلية
وهي فيما جاوز الرباعي، قالا: فالأصلية مثل أَلِفِ أَلِفٍ وإلْفٍ وأَلْفٍ
وما أَشبهه، والقطعية مثل أَلف أَحمد وأَحمر وما أَشبهه، والوصلية مثل
أَلف استنباط واستخراج، وهي في الأفعال إذا كانت أَصلية مثل أَلف أَكَل، وفي
الرباعي إذا كانت قطعية مثل أَلف أَحْسَن، وفيما زاد عليه أَلف استكبر
واستدرج إذا كانت وصلية، قالا: ومعنى أَلف الاستفهام ثلاثة: تكون بين
الآدميين يقولها بعضهم لبعض استفهاماً، وتكون من الجَبّار لوليه تقريراً
ولعدوّه توبيخاً، فالتقرير كقوله عز وجل للمسيح: أَأَنْتَ قُلْتَ للناس؛ قال
أَحمد بن يحيى: وإنما وقع التقرير لعيسى، عليه السلام، لأَن خُصُومه كانوا
حُضوراً فأَراد الله عز وجل من عيسى أن يُكَذِّبهم بما ادّعوا عليه،
وأَما التَّوْبِيخُ لعدوّه فكقوله عز وجل: أَصطفى البنات على البنين، وقوله:
أَأَنْتُم أَعْلَمُ أَم اللهُ، أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرتها؛ وقال
أَبو منصور: فهذه أُصول الأَلفات. وللنحويين أَلقابٌ لأَلفات غيرها تعرف
بها، فمنها الأَلف الفاصلة وهي في موضعين: أَحدهما الأَلف التي تثبتها
الكتبة بعد واو الجمع ليفصل بها بين واو الجمع وبين ما بعدها مثل كَفَرُوا
وشَكَرُوا، وكذلك الأَلفُ التي في مثل يغزوا ويدعوا، وإذا استغني عنها
لاتصال المكني بالفعل لم تثبت هذه الألف الفاصلة، والأُخرى الألف التي فصلت
بين النون التي هي علامة الإناث وبين النون الثقيلة كراهة اجتماع ثلاث
نونات في مثل قولك للنساء في الأمر افْعَلْنانِّ، بكسر النون وزيادة الألف بين
النونين؛ ومنها أَلف العِبارة لأَنها تُعبر عن المتكلم مثل قولك أَنا
أَفْعَلُ كذا وأَنا أَستغفر الله وتسمى العاملة؛ ومنها الألف المجهولة مثل
أَلف فاعل وفاعول وما أَشبهها، وهي أَلف تدخل في الأفعال والأَسماء مما لا
أَصل لها، إنما تأْتي لإشباع الفتحة في الفعل والاسم، وهي إذا لَزِمَتْها
الحركةُ كقولك خاتِم وخواتِم صارت واواً لَمَّا لزمتها الحركة بسكون
الأَلف بعدها، والأَلف التي بعدها هي أَلف الجمع، وهي مجهولة أَيضاً؛ ومنها
أَلف العوض وهي المبدلة من التنوين المنصوب إذا وقفت عليها كقولك رأَيت
زيداً وفعلت خيراً وما أَشبهها؛ ومنها أَلف الصِّلة وهي أَلفٌ تُوصَلُ بها
فَتحةُ القافية، فمثله قوله:
بانَتْ سُعادُ وأَمْسَى حَبْلُها انْقَطَعا
وتسمى أَلف الفاصلة، فوصل أَلف العين بألف بعدها؛ ومنه قوله عز وجل:
وتَظُنُّون بالله الظُّنُونا؛ الألف التي بعد النون الأخيرة هي صلة لفتحة
النون، ولها أَخوات في فواصل الآيات كَقوله عز وجل: قَواريرا
وسَلْسَبِيلاً؛ وأَما فتحة ها المؤنث فقولك ضربتها ومررت بها، والفرق بين
ألف الوصل وأَلف الصلة أَن أَلف الوصل إنما اجتلبت في أَوائل الأسماء
والأفعال، وألف الصلة في أَواخر الأَسماء كما ترى؛ ومنها أَلف النون الخفيفة
كقوله عز وجل: لَنَسْفَعًا بالنَّاصِيةِ، وكقوله عز وجل: ولَيَكُوناً من
الصاغرين؛ الوقوف على لَنسفعا وعلى وَليكونا بالألف، وهذه الأَلف خَلَفٌ
من النون، والنونُ الخفيفة أَصلها الثقيلة إلا أَنها خُفّفت؛ من ذلك قول
الأعشى:
ولا تَحْمَدِ المُثْرِينَ والله فَاحْمَدا
أَراد فاحْمَدَنْ ، بالنون الخفيفة ، فوقف على الألف؛ وقال آخر:
وقُمَيْرٍ بدا ابْنَ خَمْسٍ وعِشْرِيـ
ـنَ، فقالت له الفَتاتانِ: قُوما
أَراد: قُومَنْ فوقف بالأَلف ؛ ومثله قوله :
يَحْسَبهُ الجاهِلُ ما لم يَعْلَما
شَيْخاً، على كُرْسِيِّه، مُعَمِّمَا
فنصب يَعْلم لأَنه أَراد ما لم يَعْلَمن بالنون الخفيفة فوقف بالأَلف؛
وقال أَبو عكرمة الضبي في قول امرئ القيس:
قِفا نَبْكِ مِن ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ
قال: أَراد قِفَنْ فأَبدل الأَلف من النون الخفيفة كقوله قُوما أَراد
قُومَنْ. قال أَبو بكر: وكذلك قوله عز وجل: أَلقِيَا في جَهَنَّم ؛ أَكثر
الرواية أَن الخطاب لمالك خازن جهنم وحده فبناه على ما وصفناه ، وقيل :
هو خطاب لمالك ومَلَكٍ معه، والله أَعلم؛ ومنها ألف الجمع مثل مَساجد
وجِبال وفُرْسان وفَواعِل، ومنها التفضيل والتصغير كقوله فلان أَكْرَمُ منكَ
وأَلأَمُ مِنْكَ وفلان أَجْهَلُ الناسِ ، ومنها ألف النِّداء كقولك
أَزَيْدُ ؛ تريد يا زَيْدُ، ومنها أَلف النُّدبة كقولك وازَيْداه أَعني
الأَلف التي بعد الدال ، ويشاكلها أَلف الاستنكار إذا قال رجل جاء أَبو عمرو
فيُجِيب المجيب أَبو عَمْراه، زيدت الهاء على المدّة في الاستنكار كما
زيدت في وافُلاناهْ في الندبة ، ومنها ألف التأْنيث نحو مدَّةٍ حَمْراء
وبَيْضاء ونُفَساء، ومنها أَلف سَكْرَى وحُبْلَى، ومنها أَلف التَّعايِي وهو
أَن يقول الرجل إن عُمر، ثم يُرْتَجُ عليه كلامُه فيقف على عُمر ويقول
إن عُمرا، فيمدها مستمداً لما يُفتح له من الكلام فيقول مُنْطَلِق، المعنى
إنَّ عمر منطلق إذا لم يَتعايَ، ويفعلون ذلك في الترخيم كما يقول يا
عُما وهو يريد يا عُمر، فيمدّ فتحة الميم بالأَلف ليمتدّ الصوت؛ ومنها ألفات
المدَّات كقول العرب لِلْكَلْكَلِ الكَلْكال، ويقولون للخاتَم خاتام،
وللدانَق داناق. قال أَبو بكر: العرب تصل الفتحة بالألف والضمة بالواو
والكسرة بالياء؛ فمِنَ وَصْلِهم الفتحة بالألف قولُ الراجز:
قُلْتُ وقد خَرَّتْ علَى الكَلْكَالِ: * يا ناقَتِي ما جُلْتِ عن مَجالِي
أَراد: على الكَلْكَلِ فَوَصَل فتحة الكاف بالألف، وقال آخر:
لَها مَتْنَتانِ خَظاتا كما
أَرادَ: خَظَتا ؛ ومِن وصلِهم الضمةَ بالواو ما أَنشده الفراء:
لَوْ أَنَّ عَمْراً هَمَّ أَنْ يَرْقُودا، * فانْهَضْ فَشُدَّ المِئزَرَ المَعْقُودا
أراد: أن يَرْقُدَ، فوصل ضمة القاف بالواو؛ وأَنشدَ أَيضاً:
اللهُ يَعْلَمُ أَنَّا في تَلَفُّتِنا، * يَومَ الفِراقِ، إلى إخْوانِنا صُورُ
(* قوله « إخواننا» تقدّم في صور: أحبابنا ، وكذا هو في المحكم.)
وأَنَّنِي حَيْثُما يَثْني الهَوَي بَصَرِي، * مِنْ حَيْثُما سَلَكُوا، أَدْنو فأَنْظُورُ
أَراد: فأَنْظُرُ ؛ وأَنشد في وَصْلِ الكسرة بالياء :
لا عَهْدَ لِي بِنِيضالِ ، * أَصْبحْتُ كالشَّنِّ البالِي
أَراد: بِنِضال ؛ وقال:
علَى عَجَلٍ مِنِّي أُطَأْطِئُ شِيمالِي
أَراد: شِمالِي، فوصل الكسرة بالياء ؛ وقال عنترة:
يَنْباعُ مِنْ ذِفْرَى غَضُوبٍ جَسْرةٍ
أراد: يَنْبَعُ ؛ قال: وهذا قول أَكثر أهل اللغة، وقال بعضهم:
يَنْباعُ يَنْفَعِل من باعَ يَبُوع، والأول يَفْعَلُ مِن نَبَعَ يَنْبَعُ؛ ومنها
الألف المُحوَّلة، وهي كل ألف أصلها الياء والواو المتحركتان كقولك قال
وباعَ وقضى وغَزا وما أشبهها؛ ومنها ألف التثنية كقولك يَجْلِسانِ
ويَذْهَبانِ، ومنها ألف التثنية في الأسماء كقولك الزَّيْدان والعَمْران . وقال
أَبو زيد: سمعتهم يقولون أَيا أَياه أَقبل ، وزنه عَيا عَياه. وقال
أَبو بكر ابن الأَنباري: أَلف القطع في أَوائل الأَسماء على وجهين :
أَحدهما أَن تكون في أَوائل الأَسماء المنفردة ، والوجه الآخر أَن تكون في
أَوائل الجمع، فالتي في أَوائل الأَسماء تعرفها بثباتها في التصغير بأَن
تمتحن الأَلف فلا تجدها فاء ولا عيناً ولا لاماً، وكذلك فحَيُّوا بأَحسن
منها، والفرق بين أَلف القطع وألف الوصل أن أَلف الوصل فاء من الفعل، وألف
القطع ليست فاء ولا عيناً ولا لاماً ، وأَما ألف القطع في الجمع فمثل
أَلف أَلوان وأزواج، وكذلك أَلف الجمع في السَّتَهِ، وأَما أَلفات الوصل في
أَوائل الأَسماء فهي تسعة: أَلفَ ابن وابنة وابنين وابنتين وامرئ
وامرأَة واسم واست فهذه ثمانية تكسر الأَلف في الابتداء وتحذف في الوصل،
والتاسعة الألف التي تدخل مع اللام للتعريف ، وهي مفتوحة في الابتداء ساقطة في
الوصل كقولك الرحمن ، القارعة ، الحاقَّة، تسقط هذه الألفات في الوصل
وتنفتح في الابتداء . التهذيب: وتقول للرجل إذا ناديته: آفلان وأَفلان وآ
يا فلان ، بالمد ، والعرب تزيد آ إذا أَرادوا الوقوف على الحرف المنفرد ؛
أَنشد الكسائي:
دَعا فُلانٌ رَبَّه فَأَسْمَعا
(* قوله «دعا فلان إلخ» كذا بالأصل ، وتقدم في معي: دعا كلانا .)
بالخَيْرِ خَيْراتٍ ، وإِنْ شَرًّا فآ،
ولا أُرِيدُ الشَّرَّ إلا أَنْ تَآ
قال: يريد إلا أَن تشاء، فجاء بالتاء وحدها وزاد عليها آ، وهي في لغة
بني سعد، إلا أَن تا بأَلف لينة ويقولن أَلا تا، يقول : أَلا تَجِيء،
فيقول الآخر: بَلَى فَا أَي فَاذْهَبْ بنا، وكذلك قوله وإن شَرًّا فَآ،
يريد: إن شَرًّا فَشَرٌّ. الجوهري: آ حرف هجاء مقصورة موقوفة ، فإن
جعلتها اسماً مددتها ، وهي تؤنث ما لم تسم حرفاً، فإذا صغرت آية قلت أُيَيَّة
، وذلك إذا كانت صغيرة في الخط، وكذلك القول فيما أَشبهها من الحروف ؛
قال ابن بري: صواب هذا القول إذا صغرت آء فيمن أَنث قلت أُيية على قول
من يقول زَيَّيْتُ زاياً وَذَيَّلْتُ ذالاً، وأَما على قول من يقول
زَوَّيْتُ زَاياً فإنه يقول في تصغيرها أُوَيَّة، وكذلك تقول في الزاي
زُوَيَّة.
قال الجوهري في آخر ترجمة أَوا: آء حرف يمد ويقصر ، فإذا مَدَدْتَ
نوَّنت، وكذلك سائر حروف الهجاء ، والأَلف ينادى بها القريب دون البعيد ،
تقول: أَزَيْدُ أَقبِل، بأَلف مقصورة والأَلف من حروف المدّ واللين ، فاللينة
تسمى الأَلف ، والمتحركة تسمى الهمزة ، وقد يتجوز فيها فيقال أَيضاً
أَلف، وهما جميعاً من حروف الزَّيادات ، وقد تكون الألف ضمير الأثنين في
الأفعال نحو فَعَلا ويَفْعَلانِ ، وعلامةَ التثنية في الأَسماء ، ودَليلَ
الرفع نحو زيدان ورجُلان، وحروف الزيادات عشرة يجمعها قولك :«اليوم
تَنْساه» وإذا تحرّكت فهي همزة، وقد تزاد في الكلام للاستفهام ، تقول: أَزَيْدٌ
عندك أَم عَمْرو، فإن اجتمعت همزتان فَصَلْتَ بينهما بأَلف ؛ قال ذو
الرمة:
أَبا ظَبْيةَ الوَعْساء بَيْنَ جُلاجِلٍ
وبيْنَ النَّقا ، آ أَنْتِ أَمْ أُمُّ سالِمِ؟
قال: والأَلف على ضربين أَلف وصل وأَلف قطع، فكل ما ثبت في الوصل، فهو
زلف القطع، وما لم يثبت فهو ألف الوصل، ولا تكون إلا زائدة، وألف القطع
قد تكون زائدة مثل ألف الاستفهام، وقد تكون أَصلية مثل أَخَذَ وأَمَرَ ،
والله أَعلم .
@إذا: الجوهري: إذا اسم يدل على زمان مستقبل ولم تستعمل إلاَّ مُضافة
إلى جملة ، تقول: أَجِيئُك إذا احْمَرّ البُسْرُ وإذا قَدِمَ فلان ، والذي
يدل على أَنها اسم وقوعها موقع قولك آتِيكَ يومَ يَقْدَمُ فلان ، وهي
ظرف ، وفيها مُجازاة لأَنّ جزاء الشرط ثلاثة أَشياء: أَحدها الفعل كقولك
إنْ تأْتِني آتِك، والثاني الفاء كقولك إن تَأْتِني فأَنا مُحْسِنٌ إليك،
والثالث إذا كقوله تعالى: وإنْ تُصِبْهم سيـئة بما قدّمتْ أَيديهم إذا
هُمْ يَقْنَطُون ؛ وتكون للشيء توافقه في حال أَنت فيها وذلك نحو قولك
خرجت فإذا زَيْدٌ قائمٌ ؛ المعنى خرجت ففاجأَني زيد في الوقت بقيام ؛ قال
ابن بري: ذكر ابن جني في إعراب أَبيات الحماسة في باب الأدب في قوله :
بَيْنا نَسُوسُ النَّاسَ ، والأَمْرُ أَمْرُنا ،
إذا نَحنُ فيهمْ سُوقةٌ نَتَنَصَّفُ
قال: إذا في البيت هي المَكانِيَّة التي تَجِيء للمُفاجأَة؛ قال :
وكذلك إذْ في قول الأَفوه:
بَيْنَما الناسُ عَلى عَلْيائِها ،
إذْ هَوَوْا في هُوَّةٍ فيها فَغارُوا
فإذْ هنا غير مضافة إلى ما بعدها كَإذا التي للمفاجأة، والعامل في إذْ
هَوَوْا ؛ قال: وأَمّا إذْ فهي لما مضى من الزمان ، وقد تكون للمُفاجأة
مثل إذا ولا يَلِيها إلا الفِعلُ الواجب، وذلك نحو قولك بينما
أَنا كذا إذْ جاء زيد ،وقد تُزادَان جميعاً في الكلام كقوله تعالى :
وإذْ واعَدْنا مُوسى ؛ أَي وَواعَدْنا ؛ وقول عبد مناف بن رِبْع
الهُذَليّ:حتَّى إذا أَسْلَكُوهم في قُتائِدةٍ ،
شَلاٌّ كما تَطْردُ الجمَّالةُ الشُّرُدا
أَي حتى أَسلكوهم في قُتائدة لأَنه آخر القصيدة ، أو يكون قد كَفَّ عن
خبره لعلم السامع ؛ قال ابن بري: جواب إذا محذوف وهو الناصب لقوله شَلاًّ
تقديره شَلُّوهم شَلاًّ، وسنذكر من معاني إذا في ترجمة ذا ما ستقف عليه
، إن شاء الله تعالى.
@إلا: الأزهري: إلا تكون استثناء، وتكون حرف جزاء أَصلها إن لا ، وهما
معاً لا يُمالان لأَنهما من الأَدواتِ والأَدواتُ لا تُمالُ مثل حتى وأَما
وأَلا وإذا ، لا يجوز في شيء منها الإمالة أَلف ليست بأَسماء، وكذلك
إلى وعلى ولَدَى الإمالة فيها غير جائزة. وقال سيبويه: أَلق إلى وعلى
منقلبتان من واوين لأَن الأَلفات لا تكون فيها الإِمالة، قال: ولو سمي به
رجل قيل في تثنيته أَلَوانِ وعَلَوانِ ، فإذا اتصل به المضمر قلبته فقلت
إلَيْكَ وْعَلَيْكَ ، وبعض العرب يتركه على حاله فيقول إلاك وعَلاك ؛ قال
ابن بري عند قول الجوهريّ لأَنَّ الأَلفات لا يكون فيها الإِمالة، قال :
صوبه لأَن أَلِفَيْهِما والأَلِفُ في الحروف أَصل وليست بمنقلبة عن ياء
ولا واو ولا زائدة، وإنما قال سيبويه أَلف إلى وعلى منقلبتان عن واو إذا
سميت بهما وخرجا من الحرفية إلى الاسمية، قال: وقد وَهِمَ الجوهري فيما
حكاه عنه، فإذا سميت بها لَحِقَت بالأَسماء فجُعِلَتْ الأَلف فيها منقلبة
عن الياء وعن الواو نحو بَلَى وإلى وعلى، فما سُمِع فيه الإمالة يثنى
بالياء نحو بَلَى، تقول فيها بَلَيانِ، وما لم يُسمع فيه الإمالة ثني بالواو
نحو إلى وعلى، تقول في تثنيتهما اسمين إلَوانِ وعَلَوانِ . قال الأَزهري: وأَما مَتَى وأَنَّى فيجوز فيهما الإمالة لأَنهما مَحَلاَّنِ
والمحالُّ أَسماء ، قال: وبَلَى يجوز فيها الإمالة لأَنها ياء زيدت في بل، قال: وهذا كله قول حذاق النحويين ، فأَما إلا التي أَصلها إنْ فإنها تلي
الأَفعال المُسْتَقْبَلَة فتجزمها ، من ذلك قوله عز وجل: إلا تَفْعَلوه
تَكُنْ فِتنة في الأرض وفساد كبير ؛ فَجَزْمُ تفعلوه وتكن بإلاَّ كما تفعل
إن التي هي أُمّ الجزاء وهي في بابها . الجوهري: وأَما إلا فهي حرف
استثناء يُستثنى بها على خمسة أَوجه: بعد الإيجاب وبعد النفي والمُفَرَّغِ
والمُقَدَّمِ والمُنْقَطِع؛ قال ابن بري: هذه عبارة سيئة، قال: وصوابها
أَن يقول الاستثناء بإلاَّ يكون بعد الإيجاب وبعد النفي متصلاً ومنقطعاً
ومُقَدَّماً ومؤخراً، وإلا في جميع ذلك مُسَلِّطة للعامل ناصِبة أَو
مُفَرَّغة غير مُسَلِّطة، وتكون هي وما بعدها نعتاً أَو بدلاً؛ قال الجوهري
فتكون في الاستثناء المنقطع بمعنى لكن لأَن المُسْتَثْنَى من غير جنس
المُسْتَثْنَى منه، وقد يُوصفُ بإلاَّ ، فإن وصَفْتَ بها جَعلْتها وما
بعدها في موضع غير وأَتبعت الاسم بعدها ما قبله في الإعراب فقلت جاءني القومُ
إلا زيدٌ ، كقوله تعالى: لو كان فيهما آلهةٌ إلاَّ اللهُ لَفَسَدَتا ؛
وقال عمرو بن معديكرب :
وكلُّ أخٍ مُفارِقُه أَخُوه، * لَعَمْرُ أَبِيكَ إلاَّ الفَرْقدانِ
كأَنه قال: غير الفَرْقَدَيْنِ. قال ابن بري: ذكر الآمِدي في المؤتَلِف
والمُخْتَلِف أَنّ هذا البيت لحضرمي بن عامر ؛ وقبله :
وكلُّ قَرينةٍ قُرِنَتْ بأُخْرَى ،
وإن ضَنَّت، بها سَيفَرَّقانِ
قال: وأَصل إلاَّ الاستثناء والصفةُ عارضةٌ ، وأصل غير صفةٌ والاستثناء
عارضٌ ؛ وقد تكون إلاَّ بمنزلة الواو في العطف كقول المخبل :
وأَرَى لها داراً بأَغْدِرةِ الـ
سِّيدان لم يَدْرُسْ لها رَسْمُ
إلاَّ رَماداً هامداً دَفَعَتْ ،
عنه الرِّياحَ ، خَوالِدٌ سُحَمُ
يريد: أَرَى لها داراً ورَماداً ؛ وآخر بيت في هذه القصيدة :
إنَّي وجَدْتُ الأَمْرَ أَرْشَدُه
تَقْوَى الإلهِ ، وشَرُّه الإِثْمُ
قال الأزهري: أَما إلاَّ التي هي للإستثناء فإنها تكون بمعنى غَيْر ،
وتكون بمعنى سِوَى ، وتكون بمعنى لَكِن ، وتكون بمعنى لَمّا ، وتكون
بمعنى الاستثناء المَحْضِ . وقال أبو العباس ثعلب: إذا اسْتَثْنَيْتَ بإلاَّ
من كلام ليس في أَوّله جَحْدٌ فانصب ما بعد إلا، وإذا استثنيت بها من
كلام أَوّلُه جحد فارفع ما بعدها ، وهذا أَكثر كلام العرب وعليه العمل ؛ من
ذلك قوله عز وجل: فشَرِبُوا منه إلاَّ قَلِيلاً منهم ؛ فنصب لأَنه لا
جحد في أَوّله ؛ وقال جل ثناؤه: ما فعَلُوه إلاَّ قَليلٌ منهم؛ فرفع لأن
في أَوّله الجحد ، وقس عليهما ما شاكلهما ؛ وأَما قول الشاعر :
وكلُّ أَخ مفارقه أَخوه، * لعَمر أَبيك إلا الفرقدان
فإن الفراء قال: الكلام في هذا البيت في معنى جحد ولذلك رفع بإلا كأَنه
قال ما أَحَدٌ إلا مُفارِقُه أَخُوه إلا الفَرْقَدانِ فجعلها
مُتَرْجِماً عن قوله ما أَحَدٌ ؛ قال لبيد :
لو كانَ غَيْرِي ، سُلَيْمَى ، اليومَ غَّيْرَه
وَقْعُ الحوادِثِ إلا الصَّارِمُ الذَّكَرُ
جعله الخليل بدلاً من معنى الكلام كأَنه قال: ما أَحد إلا يتغير من وقع
الحوادث إلاّ الصارمُ الذكَرُ، فإلاَّ ههنا بمعنى غير، كأَنه قال غيري
وغيرُ الصارمِ الذَّكرِ. وقال الفراء في قوله عز وجل: لو كان فيهما آلهة
إلا الله لفسدنا ، قال: إلا في هذا الموضع بمنزلة سوى كأَنك قلت لو كان
فيهما آلهةٌ سِوَى الله لفَسَدَنا ، قال أَبو منصور: وقال غيره من
النحويين معناه ما فيهما آلهةٌ إلا اللهُ ، ولو كان فيهما سِوَي الله لفسدنا ،
وقال الفراء: رَفْعُه على نِيَّةِ الوصل لا الانْقطاع من أوّل الكلام،
وأما قوله تعالى: لئلاّ يكونَ للناس عليكم حُجَّةٌ إلاَّ الذين ظلموا
منهم فلا تَخْشَوْهُم ؛ قال الفراء: قال معناه إلاّ الذين ظلموا فإنه لا
حجة لهم فلا تَخْشَوْهُم، وهذا كقولك في الكلام الناس كلُّهم لك حامدُون
إلاَّ الظالِمَ لك المعتدي، فإن ذلك لا يُعتدُّ بتركه الحمد لموضع
العداوة، وكذلك الظالم لا حجة له وقد سمي ظالماً ؛ قال أَبو منصور: وهذا صحيح،
والذي ذهب إليه الزجاج فقال بعدما ذكر قول أَبي عبيدة والأَخفش: القول
عندي في هذ واضح، المعنى لئلاَّ يكونَ للناس عليكم حجةٌ إلاَّ من ظلم
باحتجاجه فيما قد وضح له، كما تقول ما لَكَ عليَِّ حجةٌ إلاَّ الطلمُ وإلاَّ
أن تَظْلِمَني، المعنى ما لك عليَّ حجةٌ البتة ولكنك تَظلِمُني، وما لك
عليَّ حجةٌ إلاَّ ظُلمي، وإنما سَمَّى ظلمه هنا حجة لأن المحتج به سماه
حجةً، وحُجَّتُه داحضة عند الله ، قال الله تعالى: حُجَّتهم داحضةٌ عند
ربهم ؛ فقد سميت حجةً إلاَّ أَنها حجةُ مُبْطِل، فليست بحجة موجبة حقًّا،
قال: وهذا بيان شافٍ إن شاء الله تعالى. وأَما قوله تعالى: لا يَذُوقُون
فيها الموتَ إلاَّ المَوْتَةَ الأُولى، وكذلك قوله تعالى: ولا تَنْكِحوُا
ما نَكَح آباؤكم من النساء إلاَّ ما قد سَلَفَ ؛ أَراد سوى ما قد سلف .
وأَما قوله تعالى: فلولا كانت قريةٌ آمَنَتْ فنَفَعَها إيمانُها إلاَّ
قَوْمَ يُونُسَ ؛ فمعناه فهَلاَّ كانت قريةٌ أَي أَهلُ قرية آمنُوا ،
والمعنى معنى النفي أَي فما كانت قريةٌ آمنوا عند نزول العذاب بهم فنفعها
إيمانها ، ثم قال: إلا قومَ يونسَ ، استثناء ليس من الأَوّل كأَنه قال: لكن
قومُ يُونُسَ لمَّا آمنُوا انقطعوا من سائر الأُمم الذين لم يَنْفَعْهم
إيمانُهم عند نزول العذاب بهم ؛ ومثله قول النابغة :
عَيّتْ جَواباً ، وما بالرَّبْع من أَحدٍ
إلاَّ أَواريَّ لأْياً ما أُبَيِّنُها
(* قوله «عَيَّت جواباً إلخ هو عجز بيت صدره: وقفتُ فيها أَصَيلاناً
أُسائلها . وقوله: إلا الأَواريّ إلخ هو صدر بيت عجزه: والنُؤيَ كالحَوضِ
في المظلومةِ الجَلَدِ .)
فنصَب أَواريَّ على الانقطاع من الأَوّل ، قال: وهذا قول الفراء وغيره
من حذاق النحويين ، قال: وأَجازوا الرفع في مثل هذا ، وإن كان المستثنى
ليس من الأوّل وكان أَوّله منفيًّا يجعلونه كالبدل ؛ ومن ذلك قول الشاعر:
وبَلْدَةٍ ليس بها أَنِيسُ
إلا اليَعافِيرُ وإلاَّ العِيسُ
ليست اليَعافيرُ والعِيسُ من الأنِيس فرفَعَها ، ووجْهُ الكلام فيها
النَّصبُ. قال ابن سلام: سأَلت سيبويه عن قوله تعالى: فلولا كانت قريةٌ
آمَنَتْ فنَفَعَها إيمانُها إلاَّ قَومَ يُونُسَ ، على أَيّ شيء نصب؟ قال
إذا كان معنى قوله إلاَّ لكنْ نُصب ، قال الفراء: نُصب إلا قومَ يونس
لأَنهم منقطعون مما قبل إذ لم يكونوا من جِنْسه ولا من شَكْله ، كأَن قومَ
يونس منقطعون من قَوْمِ غيره من الأَنبياء ، قال: وأَمَّا إلاَّ بمعنى
لمَّا فمِثل قول الله عز وجل: إنْ كللٌّ إلاَّ كَذَّبَ الرُّسُلَ ؛ وهي
في قراءة عبد الله إنْ كُلُّهم لمَّا كذَّبَ الرُّسُلَ، وتقول: أَسأَلُك
باللهِ إلاَّ أَعْطَيْتَني ولَمَّا أَعطيتني بمعنى واحد. وقال أَبو العباس
ثعلب: وحرف من الاستثناء تَرفع به العربُ وتَنْصِبُ لغتان فصيحتان، وهو
قولك أَتاني إخْوَتُك إلاَّ أن يكون زيداً وزيدٌ، فمن نَصب أَراد إلاَّ
أَن يكون الأَمْرُ زيداً ، ومن رفع به جعل كان ههنا تامة مكتفية عن الخبر
باسمها، كما تقول كان الأَمر، كانت القصة. وسئل أَبو العباس عن حقيقة
الاستثناء إذا وقع بإلا مكرّراً مرتين أَو ثلاثاً أَو أَربعاً فقال :
الأَوّل حَطٌّ، والثاني زيادةٌ ، والثالث حَطٌّ، والرابع زيادة، إلا أَن تجعل
بعض إلاَّ إذا جُزْت الأَوّل بمعنى الأوّل فيكون ذلك الاستثناء زيادة لا
غير ، قال: وأَما قول أَبي عبيدة في إلاَّ الأُولى إنها تكون بمعنى
الواو فهو خطاً عند الحذاق. وفي حديث أنس، رضي الله عنه: أَن النبي ، صلى
الله عليه وسلم ، قال أَما إنَّ
(*قوله «أما إن» في النهاية: ألا ان.)
كلَّ بناءٍ وَبالٌ على صاحبه إلاَّ ما لا إلاَّ ما لا
(* قوله «إلا ما لا
إلخ» هي في النهاية بدون تكرار.) أَي إلاَّ ما لا بُدَّ منه للإنسان من
الكِنّ الذي تقُوم به الحياة.
@ألا: حرف يفتتح به الكلام ، تقول ألا إنَّ زيداً خارج كما تقول اعلم أن
زيداً خارج. ثعلب عن سلمة عن الفراء عن الكسائي قال: أَلا تكون تنبيهاً
ويكون بعدها أَمرٌ أَو نهي أَو إخبار ، تقول من ذلك: أَلا قُمْ، أَلا لا
تقم ، أَلا إنَّ زَيْداً قد قام ، وتكون عرضاً أَيضاً، وقد يكون الفعل
بعدها جزْماً ورفعاً، كل ذلك جاء عن العرب، تقول من ذلك: أَلا تَنْزِلُ
تأْكل، وتكون أَيضاً تَقْريعاً وتوبيخاً ويكون الفعل بعدها مرفوعاً لا غير،
تقول من ذلك: أَلا تَنْدَمُ على فِعالك، أَلا تسْتَحي من جِيرانِك، أَلا
تخافُ رَبَّكَ؛ قال الليث: وقد تُرْدَفُ أَلا بلا أُخرى فيقال: أَلا لا
؛ وأَنشد:
فقامَ يذُودُ الناسَ عنها بسَيْفِه
وقال: أَلا لا من سَبيلٍ إلى هِنْدِ
ويقال للرجل: هل كان كذا وكذا ؟ فيقال: أَلا لا ، جعل أَلا تنبيهاً
ولا نفياً. غيره: وألا حرف استفتاح واستفهام وتنبيه نحو قول الله عز وجل:
أَلا إنَّهم من إفْكِهم ليَقولون ، وقوله تعالى: أَلا إِنَّهم هُمُ
المُفْسِدون؛ قال الفارِسي: فإذا دخلت على حرف تنبيه خَلَصَتْ للاستفتاح
كقوله:
أَلا يا اسْلَمي يا دارَ مَيَّ على البِلى
فخَلَصَتْ ههنا للاستفتاح وخُصّ التنبيهُ بيا. وأَما أَلا التي للعَرْضِ
فمُرَكَّبة من لا وأَلف الاستفهام.
ألا: مفتوحة الهمزة مُثَقَّلة لها معنيان: تكون بمعنى هَلاَّ فَعَلْتَ
وأَلاَّ فعلتَ كذا، كأَنَّ معناه لِمَ لَمْ تَفْعَلْ كذا، وتكون أَلاَّ
بمعنى أَنْ لا فأُدغمت النون في اللام وشُدِّدت اللامُ، تقول: أَمرته
أَلاَّ يفعل ذلك ، بالإدغام، ويجوز إظهار النون كقولك: أَمرتك أَن لا تفعل
ذلك، وقد جاء في المصاحف القديمة مدغماً في موضع ومظهراً في موضع ، وكل ذلك
جائز. وروى ثابت عن مطرف قال: لأَنْ يَسْأَلني ربِّي: أَلاَّ فعلتَ،
أَحبُّ إلي من أَن يقول لي: لِمَ فعَلْتَ؟ فمعنى أَلاَّ فعَلْتَ هَلاَّ
فعلتَ، ومعناه لِم لم تفعل. وقال الكسائي أَنْ لا إذا كانت إخباراً نَصَبَتْ
ورَفَعَتْ، وإذا كانت نهياً جَزَمَت.
@إلى: حرف خافض وهو مُنْتَهىً لابتداء الغاية، تقول: خرجت من الكوفة إلى
مكة، وجائز أَن تكون دخلتها، وجائز أَن تكون بلغتها ولم تدْخُلْها لأَنّ
النهاية تشمل أَول الحدّ وآخره، وإنما تمنع من مجاوزته. قال الأزهري :
وقد تكون إلى انتهاء غايةٍ كقوله عز وجل: ثم أَتِمُّوا الصِّيامَ إلى
الليلِ. وتكون إلى بمعنى مع كقوله تعالى: ولا تأْكلوا أَموالهم إلى
أَموالِكم؛ معناه مع أَموالِكم، وكقولهم: الذَّوْدُ إلى الذَّوْدِ إبِلٌ. وقال
الله عز وجل: مَن أَنصاري إلى الله؛ أَي مع اللهِ. وقال عز وجل: وإذا
خَلَوْا إلى شياطينهم. وأَما قوله عز وجل: فاغسِلوا وجوهَكُم وأَيَدِيَكم
إلى المرافِق وامْسَحُوا برُؤوسكم وأَرْجُلِكم إلى الكعبينِ؛ فإن العباس
وجماعة من النحويين جعلوا إلى بمعنى مع ههنا وأَوجبوا غسْلَ المَرافِق
والكعبين ، وقال المبرد وهو قول الزجاج: اليَدُ من أَطراف الأَصابع إلى
الكتف والرِّجل من الأَصابع إلى أَصل الفخذين، فلما كانت المَرافِق
والكَعْبانِ داخلة في تحديد اليدِ والرِّجْل كانت داخِلةً فيما يُغْسَلُ
وخارِجَةً مما لا يُغسل ، قال: ولو كان المعنى مع المَرافِق لم يكن في المَرافِق
فائدة وكانت اليد كلها يجب أَن تُغسل، ولكنه لَمَّا قيل إلى المَرافِق
اقتُطِعَتْ في الغَسْل من حدّ المِرْفَق. قال أَبو منصور: وروى النضر عن
الخليل أَنه قال إذا اسْتأْجرَ الرجلُ دابَّةً إلى مَرْوَ ، فإذا أَتى
أَدناها فقد أَتى مَرْوَ، وإذا قال إلى مدينة مرو فإذا أَتى باب المدينة فقد
أَتاها. وقال في قوله تعالى: اغسلوا وجوهكم وأَيديكم إلى المرافق؛ إنَّ
المرافق فيما يغسل. ابن سيده قال إلى مُنتهى لابتداء الغاية. قال سيبويه:
خرجت من كذا إلى كذا، وهي مِثْلُ حتى إلاَّ أَن لحتى فِعلاً ليس لإلى.
ونقول للرجل: إنما أَنا إليك أَي أَنت غايتي ، ولا تكونُ حتى هنا فهذا
أَمْرُ إلى وأَصْلُه وإن اتَّسَعَتْ، وهي أَعمُّ في الكلام من حتى، تقول :
قُمْتُ إليه فتجعله مُنْتَهاك من مكانك ولا تقول حَتَّاه. وقوله عز وجل:
مَن أَنصاري إلى الله؛ وأَنت لا تقول سِرْتُ إلى زيد تريد معه، فإنما جاز
مَن أَنصاري إلى الله لما كان معناه مَن ينضافُ في نُصرتي إلى الله فجاز
لذلك أَن تأْتي هنا بإلى؛ وكذلك قوله تعالى: هل لَكَ إلى أَن تَزَكَّى؛
وأَنت إنما تقول هل لك في كذا، ولكنه لما كان هذا دعاء منه، صلى الله عليه
وسلم ، له صار تقديره أَدعوك أَو أُرْشِدُكَ إلى أَن تزكَّى؛ وتكون إلى
بمعنى عند كقول الراعي :
صَناعٌ فقد سادَتْ إليَّ الغوانِيا
أَي عندي. وتكون بمعنى مع كقولك: فلانٌ حليمٌ إلى أَدبٍ وفقْهٍ؛ وتكون
بمعنى في كقول النابغة:
فلا تَتْرُكَنِّي بالوَعِيدِ كأَنَّني
إلى الناسِ مَطْلِيٌّ به القارُ أَجْرَبُ
قال سيبويه: وقالوا إلَيْكَ إذا قلت تَنَحَّ، قال: وسمعنا من العرَب
مَن يقال له إلَيْكَ، فيقول إلي، كأَنه قيل له تَنَحَّ، فقال أَتَنَحَّى ،
ولم يُستعمل الخبر في شيء من أَسماء الفعل إلاَّ في قول هذا الأَعرابي.
وفي حديث الحج: وليس ثَمَّ طَرْدٌ ولا إلَيْكَ إلَيْكَ؛ قال ابن الأثير:
هو كما تقول الطريقَ الطريقَ، ويُفْعَل بين يدي الأُمراء، ومعناه تَنَحَّ
وابْعُدْ، وتكريره للتأْكيد؛ وأَما قول أَبي فرعون يهجو نبطية استسقاها
ماء:
إذا طَلَبْتَ الماء قالَتْ لَيْكا،
كأَنَّ شَفْرَيْها، إذا ما احْتَكَّا،
حَرْفا بِرامٍ كُسِرَا فاصْطَكَّا
فإنما أَراد إلَيْكَ أَي تَنَحَّ، فحذف الأَلف عجمة؛ قال ابن جني: ظاهر
هذا أَنَّ لَيْكا مُرْدَفة، واحْتَكّا واصْطَكا غير مُرْدَفَتَين، قال:
وظاهر الكلام عندي أَن يكون أَلف ليكا رويًّا، وكذلك الأَلف من احتكا
واصطكا رَوِيٌّ، وإن كانت ضمير الاثنين؛ والعرب تقول إلَيْكَ عني أَي
أَمْسِكْ وكُفَّ، وتقول: إليكَ كذا وكذا أَي خُذْه؛ ومنه قول القُطامي:
إذا التَّيَّارُ ذو العضلاتِ قُلْنا:
إلَيْك إلَيْك، ضاقَ بها ذِراعا
وإذا قالوا: اذْهَبْ إلَيْكَ، فمعناه اشْتَغِلْ بنَفْسك وأَقْبِلْ
عليها؛ وقال الأَعشى:
فاذْهَبي ما إلَيْكِ ، أَدْرَكَنِي الحِلْـ
ـمُ، عَداني عن هَيْجِكُمْ إشْفاقي
وحكى النضر بن شميل عن الخليل في قولك فإني أَحْمَدُ إلَيْكَ الله قال:
معناه أَحمد معك. وفي حديث عمر، رضي الله عنه، أَنه قال لابن عباس، رضي
الله عنهما: إني قائل قولاً وهو إلَيْكَ، قال ابن الأثير: في الكلام إضمار
أَي هو سِرٌّ أَفْضَيْتُ به إلَيْكَ. وفي حديث ابن عمر: اللهم إلَيْكَ
أَي أَشْكو إليك أَو خُذْني إليك. وفي حديث الحسن، رضي الله عنه: أَنه
رأَى من قَوْمٍ رِعَةً سَيِّئَةً فقال اللهم إلَيْكَ أَي اقْبِضْني إليْكَ؛
والرِّعَةُ: ما يَظهر من الخُلُقِ. وفي الحديث: والشرُّ ليس إليكَ أَي
ليس مما يُتقرَّب به إليك، كما يقول الرجل لصاحبه: أَنا منكَ وإليك أَي
التجائي وانْتمائي إليك. ابن السكيت: يقال صاهَرَ فلان إلى بني فلان
وأَصْهَرَ إليهم؛ وقول عمرو:
إلَيْكُم يا بني بَكْرٍ إلَيْكُم،
أَلَمّا تَعْلَموا مِنَّا اليَقِينا؟
قال ابن السكيت: معناه اذهبوا إليكُم وتَباعَدوا عنا. وتكون إلى بمعنى
عند؛ قال أَوس:
فهَلْ لكُم فيها إليَّ، فإنَّني
طَبيبٌ بما أَعْيا النِّطاسِيِّ حِذْيَما
وقال الراعي:
يقال ، إذا رادَ النِّساءُ: خَريدةٌ
صَناعٌ، فقد سادَتْ إليَّ الغَوانِيا
أَي عندي ، وراد النساء: ذَهَبْنَ وجِئن، امرأةٌ رَوادٌ أَي تدخل وتخرج.
@أولى: وألاء: اسم يشار به إلى الجمع، ويدخل عليهما حرف التنبيه، تكون
لما يَعْقِلُ ولِما لا يَعْقِل، والتصغير أُلَيّاو أُلَيَّاء؛ قال:
يا ما أُمَيْلَحَ غِزْلاناً بَرَزْنَ لنا
مِنْ هَؤلَيّائكُنَّ الضَّالِ والسَّمُرِ
قال ابن جني: اعلم أَن أُلاء وزنه إذاً مثل فُعال كغُراب ، وكان حكمه
إذا حَقَّرْتَه على تحقير الأَسماء المتمكنة أَن تقول هذا أُلَيِّئٌ
ورأَيت أُلَيِّئاً ومررت بأُلَيِّئ، فلما صار تقديره أُلَيِّئا أَرادوا أَن
يزيدوا في آخره الأَلف التي تكون عوضاً من ضمة أوّله، كما قالوا في ذا
ذَيّا، وفي تا تَيَّا، ولو فعلوا ذلك لوجب أَن يقولوا أُلَيِّئاً، فيصير بعد
التحقير مقصوراً وقد كان قبل التحقير ممدوداً، أَرادوا أَن يُقِرُّوه
بعد التحقير على ما كان عليه قبل التحقير من مدّه فزادوا الألف قبل
الهمزة، فالألف التي قبل الهمزة في أُلَيّاء ليست بتلك التي كانت قبلها في
الأصل إِنما هي الأَََلف التي كان سبيلها أَن تلحق آخراً فقدمت لما ذكرناه،
قال: وأَما أَلف أُلاء فقد قلبت ياء كما تقلب أَلف غلام إِذا قلت
غُلَيِّم، وهي الياء الثانية والياء الأُولى هي ياء التحقير. الجوهري: وأَما
أُلُو فجمع لا واحد له من لفظه واحده ذُو، وأُلات للإِناث واحدتها ذاتٌ،
تقول: جاءَني أُلُو الأَلْبْاب وأُلات الأَحْمال،قال: وأَما أُلَى فهو أَيضاً
جمع لا واحد له من لفظه، واحده ذا للمذكر وذه للمؤنث، ويُمد ويُقصر،
فإِن قَصَرْتَه كتبته بالياء، وإِن مددته بنيته على الكسر، ويستوي فيه
المذكر والمؤنث، وتصغيره أُلَيَّا، بضم الهمزة وتشديد الياء، يمدّ ويقصَر لأن
تصغير المبهم لا يُغَيَّرُ أَوَّله بل يُتْرَك على ما هو عليه من فتح أَو
ضم، وتدخل ياءُ التصغير ثانيةً إِذا كان على حرفين، وثالثة إِذا كان على
ثلاثة أَحرف، وتدخل عليه الهاءُ للتنبيه، تقول: هؤلاءِ؛ قال أَبو زيد:
ومن العرب مَن يقول هؤلاءِ قَوْمُك ورأَيت هَؤُلاءِ، فيُنَوِّن ويكسر
الهمزة، قال: وهي لغة بني عُقَيْل، ويَدخل عليه الكاف للخطاب، تقول أُولئك
وأُلاك، قال الكسائي: ومن قال أُلاك فواحِدُه ذاك، وأُلالِك مثل
أُولئك؛وأَنشد يعقوب:
أُلالِكَ قَوْمي لم يَكُونُوا أُشابةً،
وهَلْ يَعِظُ الضِّلِّيلَ إِلاَّ أُلالِكا؟
واللام فيه زيادةٌ، ولا يقال: هؤلاءِ لك، وزعم سيبويه أَن اللام لم
تُزَدْ إِلاَّ في عَبْدَل وفي ذلك ولم يذكر أُلالِك إِلاَّ أَن يكون استغنى
عنها بقوله ذلك، إِذ أُلالِك في التقدير كأَنه جَمْع ذلك، وربما قالوا
أُولئك في غير العقلاء؛ قال جرير:
ذُمّ المَنازِِلَ، بَعْدَ مَنْزِلة اللِّوَى،
والعَيْشَ، بَعْدَ أُولئكَ الأَيّامِ
وقال عز وجل: إِنَّ السَّمْع والبَصَر والفُؤادَ كلُّ أُولئكَ كان عنه
مسؤُولاً؛ قال: وأَما أُلى، بوزن العُلا، فهو أَيضاً جمع لا واحد له من
لفظه، واحده الذي. التهذيب: الأُلى بمعنى الذين؛ ومنه قوله:
فإِنَّ الأُلى بالطَّفِّ مِنْ آلِ هاشِمٍ
تآسَوْا، فسَنُّوا للكِرامِ التَّآسِيا
وأَتى به زياد الأَعجم نكرة بغير أَلف ولام في قوله:
فأَنْتُمْ أُلى جِئتمْ مَعَ البَقْلِ والدَّبى
فَطارَ، وهذا شَخْصُكُم غَيْرُ طائر
قال: وهذا البيت في باب الهجاءِ منَ الحماسة، قال: وقد جاءَ ممدوداً؛
قال خَلَف بن حازم:
إِلى النَّفَرِ البِيضِ الأُلاءِ كأَنَّهُمْ
صََفائحُ، يَوْمَ الرَّوْعِ، أَخْلَصَها الصَّقْلُ
قال: والكسرة التي في أُلاءِ كسرة بناء لا كسرة إِعراب؛ قال: وعلى ذلك
قول الآخر:
فإِنَّ الأُلاءِ يَعْلَمُونَكَ مِنْهُمُ
قال: وهذا يدل على أَن أُلا وأُلاء نقلتا من أَسماءِ الإِشارة إلى معنى
الذين، قال: ولهذا جاءَ فيهما المد والقصر وبُنِيَ الممدود على الكسر،
وأَما قولهم: ذهبت العرب الأُلى، فهو مقلوب من الأُوَل لأَنه جمع اولى مثل
أُخرى وأُخَر،وأَنشد ابن بري:
رأَيتُ مَواليَّ الأُلى يَخْذُلُونَني
على حَدَثانِ الدَّهْرِ، إِذ يَتَقَلَّبُ
قال: فقوله يَخْذُلونَني مفعول ثان أَو حال وليس بصلة؛ وقال عبيد بن
الأَبْرَص:
نَحْنُ الأُلى، فاجْمَعْ جُمو
عَكَ، ثمَّ وجِّهْهُمْ إِلَيْنا
قال: وعليه قول أَبي تَمَّام:
مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كانَتِ العَرَبُ الأُلى
يَدْعُونَ هذا سُودَداً مَحْدُودا
رأَيت بخط الشيخ رَضِيِّ الدين الشاطبي قال: وللشريف الرَّضِيِّ
يَمْدَحُ الطائع:
قد كان جَدُّكَ عِصْمةَ العَرَبِ الأُلى،
فالْيَوْمَ أَنت لَهُمْ مِنَ الأَجْذام
قال: وقال ابن الشجري قوله الأُلى يحتمل وجهين أَحدهما أَن يكون اسماً
بمعنى الذين، أَراد الأُلى سَلَفُوا، فحذف الصلة للعلم بها كما حذفها عبيد
بن الأَبرص في قوله:
نحن الأُلى، فاجمع جموعك
أَراد: نحن الأُلى عَرَفْتَهم، وذكر ابن سيده أُلى في اللام والهمزة
والياءِ، وقال: ذكرته هنا لأَن سيبويه قال أُلى بمنزلة هُدى، فمَثَّله بما
هو من الياءِ،وإِن كان سيبويه ربما عامل اللفظ.
@أنى: أَنَّى: معناه أَيْنَ.تقول: أَنَّى لك هذا أَي من أَيْن لك هذا،
وهي من الظروف التي يُجازى بها، تقول: أَنَّى تَأْتِني آتِكَ؛ معناه من
أَيّ جهة تَأْتِني آتِكَ، وقد تكون بمعنى كيفَ، تقول: أَنَّى لكَ أَنْ
تَفْتَحَ الحِصْنَ أَي كَيْفَ لكَ ذلك. التهذيب: قال بعضهم أَنَّى أَداةٌ
ولها معنيان: أَحدهما أَن تكون بمعنى مَتى؛ قال الله تعالى: قُلْتُمْ
أَنَّى هذا؛ أَي مَتى هذا وكيف هذا، وتكون أَنَّى بمعنى من أَيْنَ، قال الله
تعالى: وأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ من مَكانٍ بَعِيدٍ؛ يقول: من أَيْنَ
لهم ذلك؛ وقد جمعهما الشاعر تأْكيداً فقال:
أَنَّى ومّنْ أَيْنَ آبَكَ الطَّرَبُ
وفي التنزيل العزيز: قلتم أَنَّى هذا؛ يحتمل الوجهين: قلتم من أَيْنَ
هذا، ويكون قلتم كَيْفَ هذا. وقال تعالى: قال يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا
؛ أَيْ من أَيْنَ لك هذا. وقال الليث: أَنَّى معناها كيف ومِنْ أَيْنَ ؛
وقال في قول علقمة:
ومُطْعَمُ الغُنْمِ يَومَ الغُنْمِ مُطْعَمُهُ
أَنّى تَوَجَّه، والمَحْرُومُ مَحْرومُ
أَراد: أَينما توجه وكَيْفَما تَوَجَّه. وقال ابن الأَنباري: قرأَ
بعضهم أَنَّى صَبَبْنا الماءَ صَبّاً؛ قال: مَن قرأَ بهذه القراءَة قال
الوقف على طَعامه تامٌّ، ومعنى أَنَّى أَيْنَ إلا أَن فيها كِناية عن الوُجوه
وتأْويلها من أَيّ وجه صَبَبْنا الماء؛ وأَنشد:
أَنَّى ومن أَينَ آبَكَ الطَّرَبُ
@أيا: إيَّا من علامات المضمر، تقول: إيَّاك وإيَّاهُ وإيَّاكَ أَنْ
تَفْعَل ذلك وهِيَّاكَ، الهاء على البدل مثل أَراقَ وهَراقَ؛ وأَنشد
الأَخفش:فهيّاكَ والأَمْرَ الذي إنْ تَوسَّعَتْ
مَوارِدُه، ضاقَتْ عَلَيْكَ مَصادِرُهْ
وفي المُحكم: ضاقَتْ عليكَ المَصادِرُ؛ وقال آخر:
يا خالِ، هَلاَّ قُلْتَ، إذْ أَعْطَيْتَني،
هِيَّاكَ هِيَّاكَ وحَنْواءَ العُنُقْ
وتقول: إيَّاكَ وأَنْ تَفْعَلَ كذا، ولا تقل إِيَّاك أَنْ تَفْعَل بلا
واو؛ قال ابن بري: الممتنع عند النحويين إِياكَ الأَسَدَ، ولا بُدَّ فيه
من الواو ، فأَمَّا إِيَّاك أَن تَفْعل فجائز على أَن تجعله مفعولاً من
أَجله أَي مَخافةَ أَنْ تَفْعَل. الجوهري: إِيَّا اسم مبهم ويَتَّصِلُ
به جميع المضمرات المتصلة التي للنصب، تقول إِيَّاكَ وإِيَّايَ وإيَّاه
وإَيَّانا، وجعلت الكاف والهاء والياء والنون بياناً عن المقصود ليُعْلَم
المخاطَب من الغائب، ولا موضع لها من الإِعراب، فهي كالكاف في ذلك
وأَرَأَيْتَكَ، وكالأَلف والنون التي في أَنت فتكون إِيَّا الاسم وما بعدها
للخطاب، وقد صار كالشيء الواحد لأَن الأَسماء المبهمة وسائر المَكْنِيَّات
لا تُضافُ لأَنها مَعارفُ؛ وقال بعض النحويين: إنَّ إِيَّا مُضاف إِلى ما
بعده، واستدل على ذلك بقولهم إِذا بَلَغَ الرجل السِّتِّينَ فإِياهُ
وإِيَّا الشَّوابِّ، فأَضافوها إلى الشَّوابِّ وخَفَضُوها؛ وقال ابن كيسان:
الكاف والهاء والياء والنون هي الأَسماء ، وإِيَّا عِمادٌ لها، لأَنها لا
تَقُومُ بأَنْفُسها كالكاف والهاء والياء في التأْخير في يَضْرِبُكَ
ويَضْرِبُه ويَضْرِبُني، فلما قُدِّمت الكاف والهاء والياء عُمِدَتْ بإيَّا،
فصار كله كالشيء الواحد، ولك أَن تقول ضَرَبْتُ إِيَّايَ لأَنه يصح أَن
تقول ضَرَبْتُني، ولا يجوز أَن تقول ضَرَبْتُ إِيَّاك، لأَنك إنما تحتاجُ
إلى إِيَّاكَ إذا لم يُمكِنْكَ اللفظ بالكاف، فإِذا وصَلْتَ إلى الكاف
ترَكْتَها ؛ قال ابن بري عند قول الجوهري ولك أَن تقول ضَرَبْتُ إِيايَ
لأَنه يصح أَن تقول ضَرَبْتُني ولا يجوز أَن تقول ضَرَبْتُ إِيَّاكَ، قال:
صوابه أَن يقول ضَرَبْتُ إِيَّايَ، لأَنه لا يجوز أَن تقول ضَرَبْتُني،
ويجوز أَن تقول ضَرَبْتُكَ إِيَّاكَ لأَن الكاف اعْتُمِدَ بها على الفِعل،
فإذا أَعَدْتَها احْتَجْتَ إلى إِيَّا؛ وأَما قولُ ذي الإِصْبَعِ
العَدْواني:
كأَنَّا يومَ قُرَّى إِنْـ
ـنَما نَقْتُلُ إِيَّانا
قَتَلْنا منهُم كُلَّ
فَتًى أَبْيَضَ حُسَّانا
فإِنه إنما فَصلَها من الفعل لأَن العرب لا تُوقع فِعْلَ الفاعل على
نفسه بإيصال الكناية، لا تقول قَتَلْتُني، إنما تقول قَتَلْتُ نفسِي، كما
تقول ظَلَمْتُ نَفْسِي فاغفر لي، ولم تقل ظَلَمْتُني ، فأَجْرى إِيَّانا
مُجْرَى أَنْفُسِنا، وقد تكون للتحذير، تقول: إِيَّاك والأَسدَ، وهو بدل من
فعل كأَنك قُلْتَ باعِدْ، قال ابن حَرِّى: وروينا عن قطرب أَن بعضهم
يقول أَيَّاك ، بفتح الهمزة، ثم يبدل الهاء منها مفتوحة أَيضاً، فيقول
هَيَّاكَ، واختلف النحويون في إِيَّاكَ، فذهب الخليل إلى أَنَّ إِيَّا اسم
مضمر مضاف إلى الكاف، وحكي عن المازني مثل قول الخليل؛ قال أَبو عليّ: وحكى
أَبو بكر عن أَبي العباس عن أَبي الحسن الأَخفش وأَبو إسحق عن أَبي
العباس عن منسوب إلى الأَخفش أَنه اسم مفرد مُضْمر، يتغير آخره كما يتغير آخر
المُضْمَرات لاختلاف أَعداد المُضْمَرِينَ، وأَنَّ الكاف في إِيَّاكَ
كالتي في ذَلِكَ في أَنه دلالةٌ على الخطاب فقط مَجَرَّدَةٌ من كَوْنِها
عَلامةَ الضمير، ولا يُجيزُ الأَخفش فيما حكي عنه إِيَّاكَ وإِيّا زَيْدٍ
وإِيَّايَ وإِيَّا الباطِل، قال سيبويه: حدّثني من لا أَتَّهِمُ عن الخليل
أَنه سمع أَعرابيّاً يقول إذا بلَغ الرجل السِّتِّينَ فإِيَّاه وإِيَّا
الشَّوابِّ، وحكى سيبويه أَيضاً عن الخليل أَنه قال: لو أَن قائلاً قال
إِيَّاك نَفْسِك لم أُعنفه لأَن هذه الكلمة مجرورة، وحكى ابن كيسان قال :
قال بعض النحويين إِيَّاكَ بكمالها اسم، قال: وقال بعضهم الياء والكاف
والهاء هي أَسماء وإِيَّا عِمادٌ لها لأَنها لا تَقُوم بأَنفسها، قال: وقال
بعضهم إِيَّا ايم مُبْهَم يُكْنَى به عن المنصوب ، وجُعِلَت الكاف
والهاء والياء بياناً عن المقصود لِيُعْلَم المُخاطَبُ من الغائب، ولا موضع
لها من الإِعراب كالكاف في ذلك وأَرَأَيْتَك، وهذا هو مذهب أَبي الحسن
الأَخفش ؛ قال أَبو منصور: قوله اسم مُبهم يُكْنى به عن المنصوب يدل على أَنه
لا اشتاق له؛ وقال أَبو إسحق الزَّجاجُ: الكافُ في إِيَّاكَ في موضع جرّ
بإضافة إِيَّا إليها، إلا أَنه ظاهر يُضاف إلى سائر المُضْمَرات، ولو
قلت إِيَّا زَيدٍ حدَّثت لكان قبيحاً لأَنه خُصَّ بالمُضْمَر، وحكى ما رواه
الخليل من إِيَّاهُ وإِيَّا الشَّوابِّ؛ قال ابن جني: وتأَملنا هذه
الأَقوال على اختلافها والاعْتِلالَ لكل قول منها فلم نجِد فيها ما يصح مع
الفحص والتنقير غَيرَ قَوْلِ أَبي الحسن الأَخفش، أَما قول الخليل إِنَّ
إيّا اسم مضمر مضاف فظاهر الفساد، وذلك أَنه إِذا ثبت أَنه مضمر لم تجز
إِضافته على وجه من الوجوه، لأَن الغَرَض في الإِضافة إِنما هو التعريف
والتخصيص والمضمر على نهاية الاختصاص فلا حاجة به إلى الإِضافة ، وأَمَّا قول
من قال إنَّ إِيَّاك بكمالها اسم فليس بقويّ، وذلك أَنَّ إيّاك في أَن
فتحة الكاف تفيد الخطاب المذكر، وكسرة الكاف تفيد الخطاب المؤنث، بمنزلة
أَنت في أَنَّ الاسم هو الهمزة، والنون والتاء المفتوحة تفيد الخطاب
المذكر، والتاء المكسورة تفيد الخطاب المؤنث، فكما أَن ما قبل التاء في أَنت
هو الاسم والتاء هو الخطاب فكذا إيّا اسم والكاف بعدها حرف خطاب، وأَمّا
مَن قال إن الكاف والهاء والياء في إِيَّاكَ وإِيّاه وإِيَّايَ هي
الأَسماء، وإِنَّ إِيَّا إنما عُمِدَت بها هذه الأَسماء لقلتها، فغير مَرْضِيّ
أَيضاً، وذلك أَنَّ إِيَّا في أَنها ضمير منفصل بمنزلة أَنا وأَنت ونحن
وهو وهي في أَن هذه مضمرات منفصلة ، فكما أَنَّ أَنا وأَنت ونحوهما تخالف
لفظ المرفوع المتصل نحو التاء في قمت والنون والأَلف في قمنا والأَلف في
قاما والواو في قامُوا، بل هي أَلفاظ أُخر غير أَلفاظ الضمير المتصل، وليس
شيء منها معموداً له غَيْرُه، وكما أَنَّ التاء في أَنتَ، وإن كانت بلفظ
التاء في قمتَ، وليست اسماً مثلها بل الاسم قبلها هو أَن والتاء بعده
للمخاطب وليست أَنْ عِماداً للتاء، فكذلك إيّا هي الاسم وما بعدها يفيد
الخطاب تارة والغيبة تارة أُخرى والتكلم أُخرى، وهو حرف خطاب كما أَن التاء
في أَنت حرف غير معمود بالهمزة والنون من قبلها، بل ما قبلها هو الاسم
وهي حرف خطاب، فكذلك ما قبل الكاف في إِيَّاكَ اسم والكاف حرف خطاب ، فهذا
هو محض القياس، وأَما قول أَبي إسحق: إِنَّ إيّا اسم مظهر خص بالإِضافة
إلى المضمر، ففاسد أَيضاً، وليس إيّا بمظهر، كما زعم والدليل على أَنَّ
إيّا ليس باسم مظهر اقتصارهم به على ضَرْبٍ واحد من الإِعراب وهو النصب؛
قال ابن سيده: ولم نعلم اسماً مُظْهَراً اقْتُصِرَ به على النَّصْب البتة
إِلاَّ ما اقْتُصِرَ به من الأَسماء على الظَّرْفِيَّة، وذلك نحو ذاتَ
مَرَّةٍ وبُعَيْداتِ بَيْنٍ وذا صَباحٍ وما جَرى مَجْراهُنَّ، وشيئاً من
المصادر نحو سُبْحانَ اللهِ ومَعاذَ اللهِ ولَبَّيْكَ، وليس إيّا ظرفاً ولا
مصدراً فيُلحق بهذه الأَسماء، فقد صح إذاً بهذا الإِيراد سُقُوطُ هذه
الأَقوالِ، ولم يَبْقَ هنا قول يجب اعتقاده ويلزم الدخول تحته إلا قول أَبي
الحسن من أَنَّ إِيَّا اسم مضمر، وأَن الكاف بعده ليست باسم، وإنما هي
للخطاب بمنزلة كاف ذلك وأَرَأَيْتَك وأَبْصِرْكَ زيداً ولَيْسَكَ عَمْراً
والنَّجاك. قال ابن جني:وسئل أَبو إسحق عن معنى قوله عز وجل: إِيَّاكَ
نَعْبُد، ما تأْويله؟ فقال: تأْويله حَقيقَتَكَ نَعْبُد، قال: واشتقاقه من
الآيةِ التي هي العَلامةُ؛ قال ابن جني: وهذا القول من أَبي إِسحق غير
مَرْضِيّ، وذلك أَنَّ جميع الأَسماء المضمرة مبني غير مشتق نحو أَنا وهِيَ
وهُوَ، وقد قامت الدلالة على كونه اسماً مضمراً فيجب أَن لا يكون
مشتقّاً. وقال الليث: إِيَّا تُجعل مكان اسم منصوب كقولك ضَرَبْتُكَ، فالكاف اسم
المضروب ، فإِذا أَردت تقديم اسمه فقلت إِيَّاك ضَرَبْت، فتكون إيّا
عِماداً للكاف لأَنها لا تُفْرَد من الفِعْل، ولا تكون إيّا في موضع الرَّفع
ولا الجرّ مع كاف ولا ياء ولا هاء، ولكن يقول المُحَذِّر إِيّاكَ
وزَيْداً، ومنهم من يَجعل التحذير وغير التحذير مكسوراً، ومنهم من ينصب في
التحذير ويكسر ما سوى ذلك للتفرقة. قال أَبو إِسحق: مَوْضِع إِيَّاكَ في قوله
إِيَّاكَ نَعْبُد نَصْبٌ بوقوع الفعل عليه، وموضِعُ الكاف في إيَّاكَ
خفض بإضافة إِيّا إليها؛ قال وإِيَّا اسم للمضمر المنصوب، إِلا أَنه ظاهر
يضاف إلى سائر المضمرات نحو قولك إِيَّاك ضَرَبْت وإِيَّاه ضَرَبْت
وإِيَّايَ حدَّثت، والذي رواه الخليل عن العرب إذا بلغ الرجل الستين فإِيَّاه
وإِيَّا الشَّوابِّ، قال: ومن قال إنَّ إيّاك بكماله الاسم، قيل له: لم نر
اسماً للمضمر ولا للمُظْهر، إِنما يتغير آخره ويبقى ما قبل آخره على لفظ
واحد، قال: والدليل على إضافته قول العرب فإيّاه وإيّا الشوابِّ يا هذا،
وإجراؤهم الهاء في إِيّاه مُجراها في عَصاه، قال الفراء: والعرب تقول
هِيَّاك وزَيْداً إذا نَهَوْكَ، قال: ولا يقولون هِيَّاكَ ضَرَبْت. وقال
المبرد: إِيَّاه لا تستعمل في المضمر المتصل إِنما تستعمل في المنفصل،
كقولك ضَرَبْتُك لا يجوز أَن يقال ضَرَبْت إِياك، وكذلك ضَرَبْتهم
(* قوله
«وكذلك ضربتهم إلى قوله قال وأما إلخ» كذا بالأصل.) لا يجوز أَن تقول
ضَرَبْت إياك وزَيْداً أَي وضَرَبْتُك، قال: وأَما التحذير إذا قال الرجل
للرجل إِيَّاكَ ورُكُوبَ الفاحِشةِ ففِيه إضْمارُ الفعل كأَنه يقول إِيَّاكَ
أُحَذِّرُ رُكُوبَ الفاحِشةِ. وقال ابن كَيْسانَ: إذا قلت إياك وزيداً
فأَنت مُحَذِّرٌ مَن تُخاطِبهُ مِن زَيد، والفعل الناصب لهما لا يظهر،
والمعنى أُحَذِّرُكَ زَيْداً كأَنه قال أُحَذِّرُ إِيَّاكَ وزَيْداً،
فإيَّاكَ مُحَذَّر كأَنه قال باعِدْ نَفْسَك عن زيد وباعِدْ زَيْداً عنك، فقد
صار الفعل عاملاً في المُحَذَّرِ والمُحَذَّرِ منه، قال: وهذه المسأَلة
تبين لك هذا المعنى، تقول: نفسَك وزَيداً، ورأْسَكَ والسَّيْفَ أَي اتَّقِ
رَأْسَك أَن يُصِيبه السَّيْفُ واتَّقِ السَّيْفَ أَن يُصِيبَ رَأْسَك،
فرأْسُه مُتَّقٍ لئلا يُصِيبَه السيفُ، والسَّيْف مُتَّقًى، ولذلك جمعهما
الفِعْل؛ وقال:
فإِيَّاكَ إِيَّاكَ المِراءَ، فإِنَّه
إلى الشَّرِّ دَعَّاءٌ، وللشَّرِّ جالِبُ
يريد: إِيَّاكَ والمِراء، فحذف الواو لأَنه بتأْويل إِيَّاكَ وأَنْ
تُمارِيَ، فاستحسن حذفها مع المِراء. وفي حديث عَطاء: كان مُعاويةُ، رضي الله
عنه، إذا رَفَع رأْسَه من السَّجْدةِ الأَخِيرةِ كانَتْ إِيَّاها؛ اسم
كان ضمير السجدة، وإِيَّاها الخبر أَي كانت هِيَ هِيَ أَي كان يَرْفَع
منها ويَنْهَضُ قائماً إلى الركعة الأُخرى من غير أَن يَقْعُد قَعْدةَ
الاسْتِراحة. وفي حديث عمر بن عبد العزيز: إيايَ وكذا أَي نَحِّ عنِّي كذا
ونَحِّني عنه . قال: إِيّا اسم مبني، وهو ضمير المنصوب، والضمائر التي تُضاف
إليها من الهاء والكاف والياء لا مَواضِعَ لها من الإعراب في القول
القويّ؛ قال: وقد تكون إيَّا بمعنى التحذير. وأَيايا: زَجْرٌ؛ وقال ذو
الرمة:إذا قال حادِيِهِمْ: أَيايا، اتَّقَيْتُه
بِمِثْل الذُّرَا مُطْلَنْفِئاتِ العَرائِكِ
قال ابن بري: والمشهور في البيت :
إذا قال حاديِنا: أَيا ، عَجَسَتْ بِنا
خِفَافُ الخُطى مُطْلَنْفِئاتُ العَرائكِ
وإياةُ الشمسِ ، بكسر الهمزة: ضَوْءُها، وقد تفتح؛ وقال طَرَفةُ:
سَقَتْه إِياةُ الشمْسِ إِلا لِثاتِه
أُسِفَّ، ولم تَكْدِمْ عَلَيْهِ بإِثْمِدِ
فإن أَسقطت الهاء مَدَدْت وفتحت؛ وأَنشد ابن بري لمَعْنِ بن أَوْسٍ:
رَفَّعْنَ رَقْماً علَى أَيْلِيَّةٍ جُدُدٍ،
لاقَى أَيَاها أَياءَ الشَّمْسِ فَأْتَلَقا
ويقال: الأَياةُ لِلشَّمْس كالهالةِ للقمر، وهي الدارة حولها.

** وهكذا ننهي حرف الألف وسوف نبدأ في حرف الباء إن شاء اللـه تعالى الدرس القادم
 
أعلى