
اختبار الصف الأول الابتدائي من الوزارة... !!
بندر الشهري _ سبق
اختبار الصف الأول الابتدائي من الوزارة... !!
دقت وزارة التربية والتعليم المسمار الأخير في نعش علاقة الثقة والود التي يفترض أن تربطها مع معلميها وتحديدا معلمي الصفوف الأولية من خلال جملة من القرارات التي يمكن وصفها بـ" العشوائية" في السنوات الأخيرة .
هذه العلاقات المتوترة تفاقمت هذا العام تحديدا منذ نهاية الفصل الأول من خلال استصدار الوزارة في آخر أيام الدراسة قرارا بإضافة أسبوعين "مجانيين" للطلاب في فترة الامتحانات الرسمية للمراحل المتوسطة والثانوية رغم تقسيم المناهج على 16 أسبوعا المعتمدة من بداية العام الدراسي واكتمال تقييم الطلاب وانعدام الفائدة تماما من حضور الطلاب .غير ما ترتب على ذلك من إرباك لأولياء الأمور ومشاكل الله بها عليم أخطرها تزامن خروج هؤلاء الطلبة واحتكاكهم مع طلاب المرحلتين الثانوية والمتوسطة .
ولم تكتف الوزارة بهذا القرار المتسرع غير المدروس تماما لتأتي وكعادتها مؤخرا باستحداث كل ما هو غريب وعجيب نهاية كل فصل لتعلن نهاية الأسبوع الماضي عن إقرار اختبارات تحريرية ( لاحظوا اختبارات ) تحريرية تجرى لـ 8 إلى 10 طلاب فقط من كل فصل من الصفوف الأولية يتم اختيارهم بطريقة عشوائية . على الرغم من أن نظام التعليم كما يعلم الجميع للمرحلة الابتدائية وتحديدا الصفوف الأولية في المملكة ومنذ حوالي الـ 10 سنوات هو بنظام التقويم المستمر.
إن قرار وتصرف الوزارة الأخير لم يذهل المعلمين وأولياء الأمور فقط بل أذهل كل من له صلة بالعملية التعليمية والتربوية بالمملكة.
فلم يقتصر الأمر عند هذا الأمر الغريب، بل فوجئ المعلمون لاحقا وتحديدا مطلع هذا الأسبوع بأن المقصود بهذه الامتحانات ليس الطلاب وإنما هو اختبار لمعلميهم.. !
حيث أوضحت الوزارة أن تجاوز الطلاب للامتحان تعني تمتع معلم الصفوف الأولية بالحوافز أي التمتع بالإجازة بتاريخ 25 رجب وإذا لم يتجاوز الطلاب ذلك الامتحان فإن على المعلم البقاء في مدرسته حتى تاريخ 9 شعبان .!
هذه الحوافز التي كانت تعني سابقا تمتع المعلمين بالإجازة مع طلابهم أي قبل بداية الامتحانات للمراحل العليا المتوسطة والثانوية جعلت هؤلاء المعلمين يتسابقون لتدريس تلك المراحل بعد أن كان الكثير يهرب منها لصعوبة التعامل مع الطلاب صغار السن كما هو معروف وأصبحت لاحقا بعد أسبوع إلى أسبوعين إلى ثلاثة من إجازة طلابهم مما أضعف من مصداقية الوزارة مع معلميها .. !
ويبدو أن الوزارة أرادت من هذا الاختبار بالا يقتصر اختبار القياس على المعلمين الخريجين حديثا وإنما يتطور ليشمل وبطريقة غير مباشرة المعلمين المتواجدين بالميدان . وجاء يوم الاختبارات الموعود وأخرج معلم كل فصل من فصله وأدخل زميل له ليراقب الوضع عن كثب لعدم الثقة بنزاهته أو بمقدرته على إدارة الامتحان دون مساعدة طلابه .! وتم توزيع الأسئلة على الطلاب، وبالطبع الأسئلة لم تترك للمعلم وإنما تم الإتيان بها من الوزارة وسط مراقبة ومتابعة أيضا من إدارات المدارس ومن المشرفين التربويين ، في وضعية أشبه بالأمنية الصارمة التي لا تقل بأي حال من الأحوال عن اختبارات الوزارة للمرحلة الثانوية التي كانت تجرى سابقا والتي ألغيت أخيرا بعد ثبوت ما تسببه للطلاب من رهبة وغيرها فماذا عن طلاب الأول والثاني الابتدائي ؟؟.
المضحك المبكي أنه وبعد كل تلك الإجراءات الرسمية الصارمة لهذا الاختبار كان من المتوقع بديهيا أن يتم تصحيح أوراق الامتحانات في لجان تشكلها الوزارة مثلا أوفير ذلك إلا أنه تم الطلب من كل معلم أن يصحح أوراق طلابه ، في تناقض واضح ينم عن تصرفات ارتجالية غير مدروسة تماما وضعت الوزارة في موقف محرج جدا لاتحسد عليه .
إلى هنا والقصة لم تنته بعد فقد أشعر مدراء المدارس لاحقا بأن نتائج تلك الامتحانات لن تتوقف عليها إجازة المعلمين فقط بل سيترتب عليها 80% من درجة الأداء الوظيفي للمعلمين مما يعني بقاء 20 % فقط في يد مدراء المدارس .
وهنا لم تكتف الوزارة بالتشكيك في نزاهة ومجهود المعلمين طوال العام بل أضاعت ما تبقى لمدراء المدارس من هيبة وصلاحيات .
لن أتحدث هنا عن هذا التخبط وهذا التشكيك في المعلمين وهناك من أمضى السنوات الطوال في تدريس الطلاب حتى أصبح منهم الطبيب والمهندس والضابط ليأتي قرارا عشوائيا ليقيم أداءه في سنة في حصتين .
ولن أتحدث عن نظام تعليمي رسمي معتمد بأسلوب التقويم المستمر ليتغير مابين يوم وليلة الى نظام اختبارات وزارة !
ولن أتحدث عن الرهبة والربكة الذي أحدثها مجرد سماع كلمة اختبار بالنسبة للطلاب ولن أتحدث عن إجراء أربعة اختبارات في أربع مواد مختلفة في يوم واحد وفي حصتين فقط !
ولن أتحدث عن فرضية غياب طلاب مميزين في مثل الأسبوع الحالي الأخير وهو ما يتكرر دوما ليتم إجراء الاختبار على طلاب من الحاضرين قد تكون مستوياتهم متوسطة أو أقل من ذلك إلا أنهم بنظام التقويم يعتبرون متجاوزين للمهارات المرسبة "الحد الأدنى" ومنتقلين إلى الصفوف التالية ليتم لا حقا تقييم المعلم على ما حققوه في الامتحان التحريري والذي قد لا يتجاوزونه .
ولن أتحدث عن أغرب مراحل ذلك الامتحان إخراج المعلم من فصله ثم تسليمه لاحقا أوراق طلابه لتصحيحها ليصبح الجلاد والحكم وهل يجرؤ أحد على جلد نفسه بنفسه أو حرمان نفسه من حقه الذي يستحقه ووعد به وبقي في الصفوف الأولية من أجله ؟.
حقيقة أعتقد أن لدى وزارة التربية والتعليم ما هو أهم من مماحكة المعلمين بالقرارات العشوائية على غرار القرار الأخير من خلال إعادة الثقة والهيبة لهم والرفع من معنوياتهم وإيجاد حل نهائي لقضية المستويات والفروقات المادية التي يطالب بها الكثير من المعلمين والتأمين الطبي وتوفير السكن والمساواة بين المعلمين والمعلمات في المستويات والمرتبات والتقاعد، بل إن متابعة موضوع الإصرار على إجبار المدارس على الاشتراك بمجلة المعرفة برسم سنوي 600 ريال والإصرار على توريد عصير اوريجنال للمدارس دون غيره أهم وأولى ..!!
بندر الشهري
Bandr88@gmail.com


