جريدة الحياة
http://ksa.daralhayat.com/ksaarticle/154874
رهينات البند 105
الإثنين, 21 يونيو 2010
منى العبدالعزيز
تتنوع الأنظمة السائدة في صرح التربية والتعليم بحسب المصلحة المقتضية لسير العمل، التي تصب في مصلحة الطالبة ومن بعدها الطوفان وبعض هذه الأنظمة صارمة ومستبدة، وتقف حجر عثرة في طريق المعلمة «المجهدة»، التي لم تجن من ذلك النظام القاهر سوى الألم والمآسي التي لا تزال تتجرع من كأسها حتى الثمالة وتقاسي من ويلاتها.
ومن ضمن هذه الأنظمة الجائرة والقديمة التي أكل عليها الدهر وشرب «بند 105» الذي يقتضي العمل وفق نظام معين وسنوات محددة، ولكن ليس بشكل رسمي، ثم بعد استنزاف الجهود وامتصاص العافية والصحة وهدر الوقت، فجأة يرأف بالمعلمات رهينات المحبسين «البند والظروف» فيصدر قرار سامٍ يقضي بالترسيم ولكن بإجحاف شديد، فلا تحسب لها السنوات السابقة من الخدمة وتذهب جهودها وكفاحها سدى وتضيع كل حقوقها هباءً منثوراً.
فأين سياسة العدل والإنصاف التي تتشدق بها وزارتنا الموقرة في المحافل؟ وتتباهى بتطبيقها وهي تطفف في كيلها: فإذا اكتالت من المعلمة استوفت حقها كاملاً مكملاً، أما إذا وزنتها فهي تخسر في الميزان كثيراً وتبخس أدنى حقوقها وهو استيفاء سنوات خدمتها التي قضتها بالطول والعرض، ومع ذلك تنتقص من راتبها المستحق مقارنة بزميلاتها في العام نفسه أو الذي قبله، ومن ثم تتوالى سلسلة الانتهاكات الوظيفية المرتكبة بحق المعلمة المظلومة، التي تنتظر بفارغ الصبر احتساب خدمتها ووضعها في عين اعتبار الوزارة، التي ما زالت تماطل وتتهرب من مسؤوليتها، وتحمل نظام «بند 105» تبعات الجور الواقع على معظم المعلمات. يا مقام الوزارة المصونة، من باب رد المعروف والإحسان أن تنسبي الفضل إلى أهله وتعترفي بوافر التقدير والإجلال لمربية الأجيال! التي أفنت زهرة شبابها وكرست وقتها وضحت بأعز ما لديها «بيتها وأبنائها» بأن تبقي لها سنوات خدمتها محفوظة ومحسوبة بدقائقها وثوانيها ولا تبخسي منها شيئاً، فلا تشعر بالظلم أو الاضطهاد واقعاً عليها من أبناء وطنها الذين ناصبوها العداء ووقفوا لها بالمرصاد، لمجرد طلبها حقاً من حقوقها الوظيفية، أليست هي من ربت أبناءهم وأخلصت وتفانت في تعليمهم؟
وكان جزاء سنمار بحقها اجتثاث مرحلة مهمة من حياتها الوظيفية كانت زاخرة بالعمل الدؤوب والكفاح، لتبتر بالكلية هذه المرحلة الحاسمة ولا تحسب لها، فتظل البائسة في دوامة وصراع نفسي ما بين احتساب السنوات الضائعة مع زميلاتها السابقات وعدم إصغاء الوزارة لصوت الحق وهو يدوي عالياً صارخاً بإنصافها وإرجاعها حقها المسلوب. ولكن يبقى الحق ظاهراً كالشمس، ولا يضيع حق وراءه مطالب، وليس ما يتم الآن في أروقة المعلمات من تدشين حملة العدل الإنسانية للمساواة في الحقوق الوظيفية إلا بداية حراك لم تعهده الوزارة من قبل، إذ ستنجلي بإذن الله كل السحائب التي تحجب ظهور الشمس.
نعم هي قضية ليست ذات بال بالنسبة للوزارة، وتدير لها ظهرها كثيراً، ولكنها بالنسبة إلي وإلى غيري مسألة حق يجب أن يعود، فنحن مظلومات في بلد استؤمنت فيه على عقول أجيالها، ولكن لا أجد من أستأمنه على إرجاع حقي.
تركت منزلي وأبنائي حتى إني انشغلت بقضيتي عن عملي، فهل هذا هو المطلوب؟
أصبحت بالنسبة لي قضية كرامة.
هل هذه هي المخرجات التي تبحثون عنها؟ أم أن هنالك تخطيطاً خفياً في ابتعاث طلبتنا منذ الصغر ولا حاجة للمعلم لدينا؟... الأمر خطر ولا يهمله واعٍ. التعليم يقوم على المعلم، والمعلم مقهور، والنتائج وخيمة... اللهم بلغت، اللهم فاشهد.
http://ksa.daralhayat.com/ksaarticle/154874
رهينات البند 105
الإثنين, 21 يونيو 2010
منى العبدالعزيز
تتنوع الأنظمة السائدة في صرح التربية والتعليم بحسب المصلحة المقتضية لسير العمل، التي تصب في مصلحة الطالبة ومن بعدها الطوفان وبعض هذه الأنظمة صارمة ومستبدة، وتقف حجر عثرة في طريق المعلمة «المجهدة»، التي لم تجن من ذلك النظام القاهر سوى الألم والمآسي التي لا تزال تتجرع من كأسها حتى الثمالة وتقاسي من ويلاتها.
ومن ضمن هذه الأنظمة الجائرة والقديمة التي أكل عليها الدهر وشرب «بند 105» الذي يقتضي العمل وفق نظام معين وسنوات محددة، ولكن ليس بشكل رسمي، ثم بعد استنزاف الجهود وامتصاص العافية والصحة وهدر الوقت، فجأة يرأف بالمعلمات رهينات المحبسين «البند والظروف» فيصدر قرار سامٍ يقضي بالترسيم ولكن بإجحاف شديد، فلا تحسب لها السنوات السابقة من الخدمة وتذهب جهودها وكفاحها سدى وتضيع كل حقوقها هباءً منثوراً.
فأين سياسة العدل والإنصاف التي تتشدق بها وزارتنا الموقرة في المحافل؟ وتتباهى بتطبيقها وهي تطفف في كيلها: فإذا اكتالت من المعلمة استوفت حقها كاملاً مكملاً، أما إذا وزنتها فهي تخسر في الميزان كثيراً وتبخس أدنى حقوقها وهو استيفاء سنوات خدمتها التي قضتها بالطول والعرض، ومع ذلك تنتقص من راتبها المستحق مقارنة بزميلاتها في العام نفسه أو الذي قبله، ومن ثم تتوالى سلسلة الانتهاكات الوظيفية المرتكبة بحق المعلمة المظلومة، التي تنتظر بفارغ الصبر احتساب خدمتها ووضعها في عين اعتبار الوزارة، التي ما زالت تماطل وتتهرب من مسؤوليتها، وتحمل نظام «بند 105» تبعات الجور الواقع على معظم المعلمات. يا مقام الوزارة المصونة، من باب رد المعروف والإحسان أن تنسبي الفضل إلى أهله وتعترفي بوافر التقدير والإجلال لمربية الأجيال! التي أفنت زهرة شبابها وكرست وقتها وضحت بأعز ما لديها «بيتها وأبنائها» بأن تبقي لها سنوات خدمتها محفوظة ومحسوبة بدقائقها وثوانيها ولا تبخسي منها شيئاً، فلا تشعر بالظلم أو الاضطهاد واقعاً عليها من أبناء وطنها الذين ناصبوها العداء ووقفوا لها بالمرصاد، لمجرد طلبها حقاً من حقوقها الوظيفية، أليست هي من ربت أبناءهم وأخلصت وتفانت في تعليمهم؟
وكان جزاء سنمار بحقها اجتثاث مرحلة مهمة من حياتها الوظيفية كانت زاخرة بالعمل الدؤوب والكفاح، لتبتر بالكلية هذه المرحلة الحاسمة ولا تحسب لها، فتظل البائسة في دوامة وصراع نفسي ما بين احتساب السنوات الضائعة مع زميلاتها السابقات وعدم إصغاء الوزارة لصوت الحق وهو يدوي عالياً صارخاً بإنصافها وإرجاعها حقها المسلوب. ولكن يبقى الحق ظاهراً كالشمس، ولا يضيع حق وراءه مطالب، وليس ما يتم الآن في أروقة المعلمات من تدشين حملة العدل الإنسانية للمساواة في الحقوق الوظيفية إلا بداية حراك لم تعهده الوزارة من قبل، إذ ستنجلي بإذن الله كل السحائب التي تحجب ظهور الشمس.
نعم هي قضية ليست ذات بال بالنسبة للوزارة، وتدير لها ظهرها كثيراً، ولكنها بالنسبة إلي وإلى غيري مسألة حق يجب أن يعود، فنحن مظلومات في بلد استؤمنت فيه على عقول أجيالها، ولكن لا أجد من أستأمنه على إرجاع حقي.
تركت منزلي وأبنائي حتى إني انشغلت بقضيتي عن عملي، فهل هذا هو المطلوب؟
أصبحت بالنسبة لي قضية كرامة.
هل هذه هي المخرجات التي تبحثون عنها؟ أم أن هنالك تخطيطاً خفياً في ابتعاث طلبتنا منذ الصغر ولا حاجة للمعلم لدينا؟... الأمر خطر ولا يهمله واعٍ. التعليم يقوم على المعلم، والمعلم مقهور، والنتائج وخيمة... اللهم بلغت، اللهم فاشهد.