المعلمات: قهوة وحلا وقرود
هادي الفقيه
«خلاص.. انتهت السوالف». جملة بعد ملل طويل مع رفع اليدين للأعلى، ليس استسلاما لقرارات وزارة التربية والتعليم بل لـ«التمطط».. هذا هو حال أم يوسف، المعلمة منذ 27 عاما، وزميلاتها في مدرسة ابتدائية جنوب غربي المملكة.
أنهت أم يوسف وزميلاتها عاما دراسيا مثقلا بالعمل، والوقوف أمام السبورة لساعات لم تقطعها إلا الدقائق الخمس بين الحصص وفترات الراحة، لا تعلم وزميلاتها لماذا يحضرن إلى المدرسة حتى اليوم، إلا أنهن يستحققن الراحة، خصوصا أن النظام الدراسي الجديد تقويم مستمر لا يحوي اختبارات أو دورا ثانيا.
تحضر أم يوسف وزميلاتها يوميا لقضاء ساعات لاحتساء القهوة مع بعض لقيمات من الحلويات ومواضيع لا تنتهي، فلا عمل لديهن، تتحدث عما يدور يوميا بين جدران المدرسة: «أصبحنا نحكي عن أي شيء، حتى وصلنا مرحلة الحديث عن أنواع الحيوانات وخصائصها، كدنا نموت من الضحك عندما تحدثنا عن القرود وأنواعها وأشكالها؛ لأننا تطرقنا لمعظم الأشياء التي نعرفها».
تترك أم يوسف الضحك لتتكلم في رسالتها بألم: «تخيل أنني أرملة وأم لبنت وولد كل منهما في جامعة تختلف عن الأخرى في أبها ومكة، وكانت فرصة عظيمة لو أعطينا إجازة مع نهاية توزيع نتائج الفصل الدراسي، إذ كنت سأقضي أسبوعين مع أبنائي، لكن للأسف سيعودان للتطبيق العملي مع أول يوم إجازة لي».
مثل أم يوسف مئات المعلمات، فرحن بأن تكون على رأس الهرم امرأة مثقفة وأما مثلهن؛ هي الإدارية الخبيرة نائبة وزير التربية والتعليم للبنات نورة الفايز، فرحن لأنهن يعرفن أن المرأة هي التي تعرف ألم بنت جنسها وقدرتها الجسدية والنفسية على تحمل العمل.
اعتقد أن من اتخذ قرار أن تمنح معلمات ومعلمو الصفوف الأولية إجازة مبكرة تحت مظلة الحوافز يستطيع أن يعطي المعلمات والمعلمين، خصوصا الذين خدموا فترات طويلة، أولوية في الإجازة المبكرة؛ لا سيما أن وجودهن لا داعي له ولا حاجة مبررة وحقيقية لوجودهم، بل بالعكس استهلاك للكهرباء والماء ومرافق المدرسة.
أتمنى على «معالي النائبة» أن تحسم هذا الأمر عاجلا -وهي المعروفة بتفهمها وقدراتها على دراسة الوضع حقيقة، وتقصيه على الأرض ميدانيا- للخروج بقرار حكيم مبني على رؤية واضحة وقراءة عميقة للوضع، فالهدف الذي يسعى إليه الجميع الارتقاء بجهاز التعليم في البلاد. وإذا عرفنا كيف نتعامل مع أم يوسف وزميلتها سندرك يقينا أننا نبني جيلا يرتقي بأمة عظيمة.
http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20100713/Con20100713361300.htm
هادي الفقيه
«خلاص.. انتهت السوالف». جملة بعد ملل طويل مع رفع اليدين للأعلى، ليس استسلاما لقرارات وزارة التربية والتعليم بل لـ«التمطط».. هذا هو حال أم يوسف، المعلمة منذ 27 عاما، وزميلاتها في مدرسة ابتدائية جنوب غربي المملكة.
أنهت أم يوسف وزميلاتها عاما دراسيا مثقلا بالعمل، والوقوف أمام السبورة لساعات لم تقطعها إلا الدقائق الخمس بين الحصص وفترات الراحة، لا تعلم وزميلاتها لماذا يحضرن إلى المدرسة حتى اليوم، إلا أنهن يستحققن الراحة، خصوصا أن النظام الدراسي الجديد تقويم مستمر لا يحوي اختبارات أو دورا ثانيا.
تحضر أم يوسف وزميلاتها يوميا لقضاء ساعات لاحتساء القهوة مع بعض لقيمات من الحلويات ومواضيع لا تنتهي، فلا عمل لديهن، تتحدث عما يدور يوميا بين جدران المدرسة: «أصبحنا نحكي عن أي شيء، حتى وصلنا مرحلة الحديث عن أنواع الحيوانات وخصائصها، كدنا نموت من الضحك عندما تحدثنا عن القرود وأنواعها وأشكالها؛ لأننا تطرقنا لمعظم الأشياء التي نعرفها».
تترك أم يوسف الضحك لتتكلم في رسالتها بألم: «تخيل أنني أرملة وأم لبنت وولد كل منهما في جامعة تختلف عن الأخرى في أبها ومكة، وكانت فرصة عظيمة لو أعطينا إجازة مع نهاية توزيع نتائج الفصل الدراسي، إذ كنت سأقضي أسبوعين مع أبنائي، لكن للأسف سيعودان للتطبيق العملي مع أول يوم إجازة لي».
مثل أم يوسف مئات المعلمات، فرحن بأن تكون على رأس الهرم امرأة مثقفة وأما مثلهن؛ هي الإدارية الخبيرة نائبة وزير التربية والتعليم للبنات نورة الفايز، فرحن لأنهن يعرفن أن المرأة هي التي تعرف ألم بنت جنسها وقدرتها الجسدية والنفسية على تحمل العمل.
اعتقد أن من اتخذ قرار أن تمنح معلمات ومعلمو الصفوف الأولية إجازة مبكرة تحت مظلة الحوافز يستطيع أن يعطي المعلمات والمعلمين، خصوصا الذين خدموا فترات طويلة، أولوية في الإجازة المبكرة؛ لا سيما أن وجودهن لا داعي له ولا حاجة مبررة وحقيقية لوجودهم، بل بالعكس استهلاك للكهرباء والماء ومرافق المدرسة.
أتمنى على «معالي النائبة» أن تحسم هذا الأمر عاجلا -وهي المعروفة بتفهمها وقدراتها على دراسة الوضع حقيقة، وتقصيه على الأرض ميدانيا- للخروج بقرار حكيم مبني على رؤية واضحة وقراءة عميقة للوضع، فالهدف الذي يسعى إليه الجميع الارتقاء بجهاز التعليم في البلاد. وإذا عرفنا كيف نتعامل مع أم يوسف وزميلتها سندرك يقينا أننا نبني جيلا يرتقي بأمة عظيمة.
http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20100713/Con20100713361300.htm