محمد البلادي
الممثل الراحل (إسماعيل ياسين) كان أول ممثلٍ عربي ينتج سلسلة من الأفلام باسمه الصريح: (إسماعيل ياسين في الطيران، في البحرية، في مستشفى المجانين... إلخ)، تناول فيها أبرز مشكلات عصره بأسلوب كوميدي بارع. وأظن - وليس كل الظن إثمًا - أن لو امتد به العمر حتى وقتنا الحالي وشاهد (بعين أمه -على رأي الكابتن فهد الغشيان-) فصول الكوميديا السوداء التي نعيشها اليوم لأنتج لنا أفلامًا من نوع (إسماعيل ياسين والقاضي المسحور) و(إسماعيل ياسين والمواطن المقهور)!. غير أن المادة الأبرز والأخصب ستكون ولا شك في قضايا المعلمين، التي لو توجه إليها لشاهدنا أفلامًا غاية في الكوميديا المبكية من مثل: (إسماعيل ياسين وخريجو اللغة العربية العاطلون).. و(إسماعيل ياسين وضحايا النائي من التعيين)!
اعتقد -وأرجو أن أكون مخطئًا في اعتقادي هذا- أن ثمة خيطًا يربط بين شخصية الممثل الراحل الفنية؛ التي اشتهرت بالطيبة حد الاستغفال - لدرجة أن احدهم باع عليه العتبة الخضراء وهي أحد أهم ميادين القاهرة- وبين أحوال المعلمين أو قل -إن شئت- (كروتتهم).. فبغض الطرف عن قضية المستويات وفروقاتها المالية التي شغلت الرأي العام لسنوات ولم تُحلّ إلا بتدخل كريم من مقام خادم الحرمين.. ما زلنا ومنذ أكثر من عشرين عامًا نقرأ ونشاهد في الإعلام مطالبات بضرورة إيجاد مستشفى خاص بالمعلمين، يقيهم جور المستشفيات الخاصة، وإذلال الحكومي منها.. لكن دون جدوى!!. فالمشافي الخاصة التي يبدو أن لديها إحصاءات دقيقة عن أعداد ضحايا أكثر المهن الإنسانية مشقة؛ تصر على أن تبيعهم (العتبة الخضراء) كل يوم، وأن تتعامل معهم بطريقة العصا والجزرة؛ حين تستدرجهم باسم التخفيضات لتستنزف جيوبهم، بعد أن تخلت عنهم وزارة التربية بتخليها عن الوحدات الصحية التي لم تكن -في أحسن أحوالها- أكثر من استراحات صغيرة لصرف المسكّنات ومنح الإجازات المرضية بسبب وبدون سبب!
بالمقابل.. لا اعرف كيف يفكر القائمون على الاستثمار في الصناديق الحكومية، وخصوصًا في المؤسسة العامة للتقاعد.. لكن ما أنا أكيدٌ منه أن المسؤولية الاجتماعية؛ والاستثمار فيما يعود على المواطن بالنفع هو آخر اهتماماتهم، وإلا كيف يمكن تفسير تجاهلهم لمشروعات وطنية كهذه؛ رغم أن المليارات التي أغرقوا بها سوق الأسهم أو تلك التي يستثمرونها في العقار هي في الأصل أموال مقتطعة من رواتب أولئك الموظفين (المتمرمطين) على عتبات المستشفيات الخاصة.. والذين غالبًا ما يموتون -والأعمار بيد الله- بعد سنوات قليلة من التقاعد!
يقولون في أدبيات التنمية “إذا أردت معرفة مدى تقدم دولة.. فانظر إلى مدى اهتمامها بالتعليم”.. ونحن أيها السادة لا نطالب بنقابة للمعلمين تدافع عن حقوقهم، ولا بأندية خاصة تجمع لهم بين الترفيه والتدريب، ولا حتى بمكاتب تليق بمهنتهم المقدسة، فهذا قد يُعدّ في نظر البعض نوعًا من الترف غير المبرر! بل نطالب فقط بالحد الأدنى من الحق الإنساني للمعلم، المتمثل في توفير تأمين صحي؛ أو حتى مستشفى صغير يحوي قسمًا لعلاج أمراض القلب والسكري والضغط والمرارة، وقسم آخر لعلاج الاكتئاب وهي الأمراض الأكثر شيوعًا بين المعلمين والمعلمات.. مع قسم آخر للطوارئ مهمته استقبال كل من تهشّمت عظامه منهم إما بسبب حوادث الطرق التي يجازفون يوميًا بقطعها ذهابًا وإيابًا.. أو بسبب حوادث الضرب المبرح التي تنامت أخيرًا على أيدي الطلاب وأولياء أمورهم!
أعزائي المعلمين/ات: بقي أن أقول لكم أن إحدى أشهر مسرحيات إسماعيل ياسين مسرحية اسمها (في المشمش)!
محمد البلادي
http://www.al-madina.com/node/270448

الممثل الراحل (إسماعيل ياسين) كان أول ممثلٍ عربي ينتج سلسلة من الأفلام باسمه الصريح: (إسماعيل ياسين في الطيران، في البحرية، في مستشفى المجانين... إلخ)، تناول فيها أبرز مشكلات عصره بأسلوب كوميدي بارع. وأظن - وليس كل الظن إثمًا - أن لو امتد به العمر حتى وقتنا الحالي وشاهد (بعين أمه -على رأي الكابتن فهد الغشيان-) فصول الكوميديا السوداء التي نعيشها اليوم لأنتج لنا أفلامًا من نوع (إسماعيل ياسين والقاضي المسحور) و(إسماعيل ياسين والمواطن المقهور)!. غير أن المادة الأبرز والأخصب ستكون ولا شك في قضايا المعلمين، التي لو توجه إليها لشاهدنا أفلامًا غاية في الكوميديا المبكية من مثل: (إسماعيل ياسين وخريجو اللغة العربية العاطلون).. و(إسماعيل ياسين وضحايا النائي من التعيين)!
اعتقد -وأرجو أن أكون مخطئًا في اعتقادي هذا- أن ثمة خيطًا يربط بين شخصية الممثل الراحل الفنية؛ التي اشتهرت بالطيبة حد الاستغفال - لدرجة أن احدهم باع عليه العتبة الخضراء وهي أحد أهم ميادين القاهرة- وبين أحوال المعلمين أو قل -إن شئت- (كروتتهم).. فبغض الطرف عن قضية المستويات وفروقاتها المالية التي شغلت الرأي العام لسنوات ولم تُحلّ إلا بتدخل كريم من مقام خادم الحرمين.. ما زلنا ومنذ أكثر من عشرين عامًا نقرأ ونشاهد في الإعلام مطالبات بضرورة إيجاد مستشفى خاص بالمعلمين، يقيهم جور المستشفيات الخاصة، وإذلال الحكومي منها.. لكن دون جدوى!!. فالمشافي الخاصة التي يبدو أن لديها إحصاءات دقيقة عن أعداد ضحايا أكثر المهن الإنسانية مشقة؛ تصر على أن تبيعهم (العتبة الخضراء) كل يوم، وأن تتعامل معهم بطريقة العصا والجزرة؛ حين تستدرجهم باسم التخفيضات لتستنزف جيوبهم، بعد أن تخلت عنهم وزارة التربية بتخليها عن الوحدات الصحية التي لم تكن -في أحسن أحوالها- أكثر من استراحات صغيرة لصرف المسكّنات ومنح الإجازات المرضية بسبب وبدون سبب!
بالمقابل.. لا اعرف كيف يفكر القائمون على الاستثمار في الصناديق الحكومية، وخصوصًا في المؤسسة العامة للتقاعد.. لكن ما أنا أكيدٌ منه أن المسؤولية الاجتماعية؛ والاستثمار فيما يعود على المواطن بالنفع هو آخر اهتماماتهم، وإلا كيف يمكن تفسير تجاهلهم لمشروعات وطنية كهذه؛ رغم أن المليارات التي أغرقوا بها سوق الأسهم أو تلك التي يستثمرونها في العقار هي في الأصل أموال مقتطعة من رواتب أولئك الموظفين (المتمرمطين) على عتبات المستشفيات الخاصة.. والذين غالبًا ما يموتون -والأعمار بيد الله- بعد سنوات قليلة من التقاعد!
يقولون في أدبيات التنمية “إذا أردت معرفة مدى تقدم دولة.. فانظر إلى مدى اهتمامها بالتعليم”.. ونحن أيها السادة لا نطالب بنقابة للمعلمين تدافع عن حقوقهم، ولا بأندية خاصة تجمع لهم بين الترفيه والتدريب، ولا حتى بمكاتب تليق بمهنتهم المقدسة، فهذا قد يُعدّ في نظر البعض نوعًا من الترف غير المبرر! بل نطالب فقط بالحد الأدنى من الحق الإنساني للمعلم، المتمثل في توفير تأمين صحي؛ أو حتى مستشفى صغير يحوي قسمًا لعلاج أمراض القلب والسكري والضغط والمرارة، وقسم آخر لعلاج الاكتئاب وهي الأمراض الأكثر شيوعًا بين المعلمين والمعلمات.. مع قسم آخر للطوارئ مهمته استقبال كل من تهشّمت عظامه منهم إما بسبب حوادث الطرق التي يجازفون يوميًا بقطعها ذهابًا وإيابًا.. أو بسبب حوادث الضرب المبرح التي تنامت أخيرًا على أيدي الطلاب وأولياء أمورهم!
أعزائي المعلمين/ات: بقي أن أقول لكم أن إحدى أشهر مسرحيات إسماعيل ياسين مسرحية اسمها (في المشمش)!
محمد البلادي
http://www.al-madina.com/node/270448