المعلم بين المطرقة والسندان
فوزية أحمد العقيل*
إن وزير التربية والتعليم من أحد الرجال الذين اختارهم خادم الحرمين للنهوض بأكبر وأهم وزارة في الدولة؛ لما يمتلكه من مرونة تستطيع قراءة التحولات المطلوبة والتواؤم معها، بقرارات تتزامن مع التطلعات العليا لمرحلة التغيير التي يقودها خادم الحرمين حفظه الله.. ونحن في قطاع التعليم نعلم عظم المسؤولية الملقاة على عاتق سعادة الوزير ونوابه الكرام.. فهموم التعليم كبيرة وتفرعاتها الأخطبوطية ممتدة على مدى مدن وقرى مملكتنا الحبيبة.
وتعقيباً على كلمات ذكرها أحد رجالات وزارة التربية والتعليم: «إن تقاعد المعلمين والمعلمات قد ارتفع في العامين الماضيين، وأن تقاعد المعلمات يرجع إلى ظروف أسرية واجتماعية، وليس له ارتباط بمهام المعلمة لأنها لم تتغير».
سأتطرق في هذا التعقيب لموضوع مهم قد يغفل عنه من هم في أعلى الهرم الوزاري..
* هل فعلاً البيئة التعليمية محققة لطموحات المعلم والمعلمة؟
* هل تلمسنا احتياجات المعلم والمعلمة وهمومهما وحاولنا تفهمها ووضع الحلول لها؟
* هل وفرنا للمعلم جميع متطلبات العملية التعليمية؟
* هل أعطت الوزارة المعلم بقدر ما تأخذ منه؟
هناك أبواب كثيرة مغلقة تتراكم خلفها كثير من الهموم والأماني والاحتياجات التي يتمنى المعلم من وزارته تحقيقها، كنا وما نزال نتمنى أن يأتي مسؤول له ثقله في الوزارة ليسأل: «أيها المعلم: ماذا تأمل من وزارتك»؟
وسوف نرى القلوب المغلقة قد تفتحت ونفست عما يجول بها.. نريد أن تكون رسائل التواصل سلسلة المرور بين قمة الهرم وأسلفه لا أن تقف في الوسط لمحوها أو تلميعها!!
وأنا هنا من موقعي مديرة مدرسة سأتحدث عن أحد هموم المعلمات.. قد يكون بسيطاً لمن هم في الخارج، ولكنه يعني كثيرا لمن هم في الميدان.. سأتحدث عن نصاب المعلمة من الحصص الأسبوعية.
لقد شددت أنظمة الوزارة على ألا يقل نصاب المعلمة عن ٢٤ حصة وفي حال تغيب المعلمة لتمتعها بإجازة (مرضية أو وضوع أو تقاعد) فإن جدولها يوزع على زميلاتها المعلمات حتى يكملن النصاب ٢٤ حصة وإن تبقى حصص توزع على المساعدات في نفس التخصص وأن تبقى حصص تعطى لرائدة النشاط أو مشرفة المصلى والمرشدة الصحية، إذا لم يكن لديها خطاب تخفيض نصاب!!! (يعني ذلك إلغاء النشاط اللاصفي وأنشطة المصلى)؛ لأنه يستحيل تحقيقها في ظل ارتفاع نصاب المعلمة.
لاحظوا ماذا حدث بعد صدور هذا التعميم.
١ - زادت معدلات التقاعد لدى المعلمات للانهاك النفسي والجسدي.
٢ - أقدم كثيرون على تقديم إجازة رعاية مولود.
٣ - انحدر مستوى عطاء المعلمة.
٤ - تغيبت المعلمات وكثرت الاجازات المرضية.
٥ - توقفت الأنشطة اللامنهجية داخل المدرسة (لأنه لا يوجد معلمات شبه مفرعات للإشراف عليها حيث يكون نصاب رائدة النشاط ومشرف المصلى عادة بين ٦ - ١٢ حصة.
تخيلوا معي إذا كان عدد حصص الملعمة ٢٤ حصة تدريس في الأسبوع ويضاف لها حصتان نشاط أو ريادة وعدد من حصص التقوية وحصص الواجبات في المرحلة الابتدائية فإنها تصل إلى ٣٠ حصة!!
أي أن المعلمة تعطي في اليوم ٦ حصص من مجمل ٧ حصص يومياً وهذا يعني أن المعلمة تنتقل بين الفصول من الساعة السابعة إلى الساعة الثانية عشرة والنصف أو يزيد - لها زمن حصة واحدة لتتناول قهوتها وإفطارها فقط.
هل تخيلتم هذا يا أصحاب الرأي السديد؟؟ هذا إضافة إلى حصص الانتظار عند تغيب بعض المعلمات وما أكثرهن في هذه الظروف وكذلك تكليفها بالمناوبة الصباحية ومناوبة بعد الظهر وقد يؤذن لصلاة العصر وهي مع طالبة متأخرة!! نحن نتعامل مع بشر أيها السادة وليس مع آلات فقدت الحس.
ماذا تأملون من معلم أو معلمة منهك طوال اليوم من الركض بين فصول مكتظة في جو حار صيفاً ما أطوله من صيف.. متى يجهز المعلم درسه؟ متى يعد أوراق العمل والأنشطة؟ متى يصحح كراسات تلاميذه؟ متى يضع نماذج الاختبارات الدورية ويصححها؟ متى وكيف يكتشف تدني مستويات طلابه الذين يزيد عددهم على ٤٠ طالباً وطالبة، ومتى وكيف يعالج ضعفهم؟ متى يتواصل مع أولياء الأمور؟ كيف ومتى يقيم تلاميذه؟ في ظل تعدد المناهج وكثرة الطلاب وزيادة النصاب؟
ومع هذه الضغوطات يلطب من المعلم أن يكون من أول النهار إلى آخره نشيطاً حيوياً بشوشاً حليماً.
أيها السادة أصحاب الرأي والحكم هل اطلعتم على معايير المعلم المتميز والمعلم المبدع؟؟
في ظل هذه الظروف التي يعيشها المعلم والمعلمة هل سيكون بيننا معلم مبدع ومتميز؟؟
الأن ونحن نواكب التطور في التعليم وبدأنا بمشروع الرياضيات والعلوم وطبق هذا العام مشروع التطوير الشامل للمناهج كيف سينجح التطوير والمعلم منهك ومحبط؟
نحن لا نريد أن ندرس أبناءنا بالطرائق التقليدية القديمة التي درسنا نحن بها.. نريد من المعلم والمعلمة الإبداع، نريد تطبيق الاستراتيجيات الحديثة في التدريس، نريد معلماً معلمة يجيدان التعامل مع التقنية الحديثة.
ولكن تريد وزارتنا الجليلة أن ترتقي بالمتعلم والتعليم من جهة، وتخذل المعلم والمعلمة من جهة أخرى.
من واقع تجربتي كمعلمة ثم وكيلة ثم مديرة لكي تعطي المعلمة أجمل ما لديها وتبدع يجب ألا تزيد حصصها على ١٦حصة.
أيها السادة..
إذا أردتم معلمين متميزين ومبدعين..
إذا أردتم أن يقل عدد المتسربين من المدارس..
إذا أردتم الارتقاء بالتعليم ورفع كفاءة المتعلمين..
انصفوا المعلم والمعلمة ووفروا لهما بيئة عمل مريحة، مزودة بوسائل التقنية الحديثة.
والله يحفظكم.
* مديرة «الابتدائية ٦١»
http://www.alriyadh.com/2010/12/13/article584647.html
فوزية أحمد العقيل*
إن وزير التربية والتعليم من أحد الرجال الذين اختارهم خادم الحرمين للنهوض بأكبر وأهم وزارة في الدولة؛ لما يمتلكه من مرونة تستطيع قراءة التحولات المطلوبة والتواؤم معها، بقرارات تتزامن مع التطلعات العليا لمرحلة التغيير التي يقودها خادم الحرمين حفظه الله.. ونحن في قطاع التعليم نعلم عظم المسؤولية الملقاة على عاتق سعادة الوزير ونوابه الكرام.. فهموم التعليم كبيرة وتفرعاتها الأخطبوطية ممتدة على مدى مدن وقرى مملكتنا الحبيبة.
وتعقيباً على كلمات ذكرها أحد رجالات وزارة التربية والتعليم: «إن تقاعد المعلمين والمعلمات قد ارتفع في العامين الماضيين، وأن تقاعد المعلمات يرجع إلى ظروف أسرية واجتماعية، وليس له ارتباط بمهام المعلمة لأنها لم تتغير».
سأتطرق في هذا التعقيب لموضوع مهم قد يغفل عنه من هم في أعلى الهرم الوزاري..
* هل فعلاً البيئة التعليمية محققة لطموحات المعلم والمعلمة؟
* هل تلمسنا احتياجات المعلم والمعلمة وهمومهما وحاولنا تفهمها ووضع الحلول لها؟
* هل وفرنا للمعلم جميع متطلبات العملية التعليمية؟
* هل أعطت الوزارة المعلم بقدر ما تأخذ منه؟
هناك أبواب كثيرة مغلقة تتراكم خلفها كثير من الهموم والأماني والاحتياجات التي يتمنى المعلم من وزارته تحقيقها، كنا وما نزال نتمنى أن يأتي مسؤول له ثقله في الوزارة ليسأل: «أيها المعلم: ماذا تأمل من وزارتك»؟
وسوف نرى القلوب المغلقة قد تفتحت ونفست عما يجول بها.. نريد أن تكون رسائل التواصل سلسلة المرور بين قمة الهرم وأسلفه لا أن تقف في الوسط لمحوها أو تلميعها!!
وأنا هنا من موقعي مديرة مدرسة سأتحدث عن أحد هموم المعلمات.. قد يكون بسيطاً لمن هم في الخارج، ولكنه يعني كثيرا لمن هم في الميدان.. سأتحدث عن نصاب المعلمة من الحصص الأسبوعية.
لقد شددت أنظمة الوزارة على ألا يقل نصاب المعلمة عن ٢٤ حصة وفي حال تغيب المعلمة لتمتعها بإجازة (مرضية أو وضوع أو تقاعد) فإن جدولها يوزع على زميلاتها المعلمات حتى يكملن النصاب ٢٤ حصة وإن تبقى حصص توزع على المساعدات في نفس التخصص وأن تبقى حصص تعطى لرائدة النشاط أو مشرفة المصلى والمرشدة الصحية، إذا لم يكن لديها خطاب تخفيض نصاب!!! (يعني ذلك إلغاء النشاط اللاصفي وأنشطة المصلى)؛ لأنه يستحيل تحقيقها في ظل ارتفاع نصاب المعلمة.
لاحظوا ماذا حدث بعد صدور هذا التعميم.
١ - زادت معدلات التقاعد لدى المعلمات للانهاك النفسي والجسدي.
٢ - أقدم كثيرون على تقديم إجازة رعاية مولود.
٣ - انحدر مستوى عطاء المعلمة.
٤ - تغيبت المعلمات وكثرت الاجازات المرضية.
٥ - توقفت الأنشطة اللامنهجية داخل المدرسة (لأنه لا يوجد معلمات شبه مفرعات للإشراف عليها حيث يكون نصاب رائدة النشاط ومشرف المصلى عادة بين ٦ - ١٢ حصة.
تخيلوا معي إذا كان عدد حصص الملعمة ٢٤ حصة تدريس في الأسبوع ويضاف لها حصتان نشاط أو ريادة وعدد من حصص التقوية وحصص الواجبات في المرحلة الابتدائية فإنها تصل إلى ٣٠ حصة!!
أي أن المعلمة تعطي في اليوم ٦ حصص من مجمل ٧ حصص يومياً وهذا يعني أن المعلمة تنتقل بين الفصول من الساعة السابعة إلى الساعة الثانية عشرة والنصف أو يزيد - لها زمن حصة واحدة لتتناول قهوتها وإفطارها فقط.
هل تخيلتم هذا يا أصحاب الرأي السديد؟؟ هذا إضافة إلى حصص الانتظار عند تغيب بعض المعلمات وما أكثرهن في هذه الظروف وكذلك تكليفها بالمناوبة الصباحية ومناوبة بعد الظهر وقد يؤذن لصلاة العصر وهي مع طالبة متأخرة!! نحن نتعامل مع بشر أيها السادة وليس مع آلات فقدت الحس.
ماذا تأملون من معلم أو معلمة منهك طوال اليوم من الركض بين فصول مكتظة في جو حار صيفاً ما أطوله من صيف.. متى يجهز المعلم درسه؟ متى يعد أوراق العمل والأنشطة؟ متى يصحح كراسات تلاميذه؟ متى يضع نماذج الاختبارات الدورية ويصححها؟ متى وكيف يكتشف تدني مستويات طلابه الذين يزيد عددهم على ٤٠ طالباً وطالبة، ومتى وكيف يعالج ضعفهم؟ متى يتواصل مع أولياء الأمور؟ كيف ومتى يقيم تلاميذه؟ في ظل تعدد المناهج وكثرة الطلاب وزيادة النصاب؟
ومع هذه الضغوطات يلطب من المعلم أن يكون من أول النهار إلى آخره نشيطاً حيوياً بشوشاً حليماً.
أيها السادة أصحاب الرأي والحكم هل اطلعتم على معايير المعلم المتميز والمعلم المبدع؟؟
في ظل هذه الظروف التي يعيشها المعلم والمعلمة هل سيكون بيننا معلم مبدع ومتميز؟؟
الأن ونحن نواكب التطور في التعليم وبدأنا بمشروع الرياضيات والعلوم وطبق هذا العام مشروع التطوير الشامل للمناهج كيف سينجح التطوير والمعلم منهك ومحبط؟
نحن لا نريد أن ندرس أبناءنا بالطرائق التقليدية القديمة التي درسنا نحن بها.. نريد من المعلم والمعلمة الإبداع، نريد تطبيق الاستراتيجيات الحديثة في التدريس، نريد معلماً معلمة يجيدان التعامل مع التقنية الحديثة.
ولكن تريد وزارتنا الجليلة أن ترتقي بالمتعلم والتعليم من جهة، وتخذل المعلم والمعلمة من جهة أخرى.
من واقع تجربتي كمعلمة ثم وكيلة ثم مديرة لكي تعطي المعلمة أجمل ما لديها وتبدع يجب ألا تزيد حصصها على ١٦حصة.
أيها السادة..
إذا أردتم معلمين متميزين ومبدعين..
إذا أردتم أن يقل عدد المتسربين من المدارس..
إذا أردتم الارتقاء بالتعليم ورفع كفاءة المتعلمين..
انصفوا المعلم والمعلمة ووفروا لهما بيئة عمل مريحة، مزودة بوسائل التقنية الحديثة.
والله يحفظكم.
* مديرة «الابتدائية ٦١»
http://www.alriyadh.com/2010/12/13/article584647.html
